رواية زواج وسيلة للفرار الفصل السادس 6 - بقلم مآب جاسور
تجيبي لمين الأمن؟ دي مراتي!
ردت البنت بَـ دهشة وخوف بسيط:
– أنا أسفة يا أُستـاذ سَلِيم
بصلها بنظرة مخيفة وهو بيقول بَـ غموض:
– بعدين، هنتكلم بعدين!
قرب مني ونزلت ياسمين على أثر صوتُه لما قال:
– إنتِ كويسة؟
هزيت راسي ووشي خالي مِن أي تعبير..
– مالِك يا لَيْلَى؟
– أنا.. أ.. أنا عايزة أمشي مِن هِنـا، مُمكن؟
مسكني وخرجنا وسط نظرات ياسمين وموظفة الإستقبال..
بعد نُص ساعة وقف بالعربية على جبل عالي، نزلت مِن العربية وأنا بحاول أتنفس بصعوبة، بصيت نحيتُه وكان نزل ووقف قُصادي.
تلقائياً وبدون مقدمات جريت وحضنتُه حُضن مفاجئ أدهشـُه هو شخصياً ، وأنا بحاول ماعيطش! حُضن كان كافي يوصف مشاعري نحيتُـه فـالوقت دَه.. جزء جوايا أتحرك تلقائي إتجاهُـه، كُنت لفة إيدي حوالين رقبتُه وجسمي مرفوع مِن عَـ الأرض، لقيت إيدُه اليمين بيملس بيها على شعري بَـ حنان غريب أول مرة أحسـُه مع حد والأيد التانية لففها حواليا كأنه خايف الزمن يعدي اللحظة دي!
لما أتكلم كانت نبرة صوتـُه حنينة أوي، ماينفعش تتوصف!:
– مش هتقوليلي مالِك بقى؟
مسكت فيه جامد وإلتزمت الصمت لمدة دقايق قبل ما أقول بصوت ضعيف:
– ليه كلهم مافكروش غير فَـ نفسهم؟ ليه محدش فيهم فكر فيا؟
خرجت من حُضنُه وبصتلـُه بإبتسامة مُريحة:
– إنتَ دايماً بتبقى أول واحد بقرر إني أروحلـُه، مِن ساعة ما عرفتَك وأنا بهرب ليك! بس مع الأسف كلها كام شهر وأسافر وكل ده يختفي، حياتي هِنـا كمان لازم تختفي!
بص بعيد ودارى وشُه عني، مسكت وشُه وبصيت ف عيونُه:
– هي دي الحقيقة، أنا عارفة إن علاقتنا أغرب من الخيال.. بس أنا إنهارده بس فهمت قد إيه إني لازم أمشي
– إنتِ شوفتي عَلِي يا لَيْلَى؟
هزيت راسي وإتنهدت بتعب:
– كان عارف إني متجوزة ورغم كل ده كان بيحاول، والأغرب إني قولتلـُه مش هسيب حياتي وجوزي بكل سهولة علشان خاطر عيونَك!
إبتسمت بَـوجع:
– وكأني كنت بتحمي فَـ قصة وهمية علشان بس أحس إني فعلاً تجاوزتـُه وعرفت أعيش وأتجوز وكده!
مسك إيدي وقربنا من حافة الجبل وقعدنا عليها..
صوت لَيْلَى مُراد خارج مِن راديو العربية وهي بتقول:
” أنا قلبي دليلي قالي هـ تحبي،
دايماً يحكيلي بصدق قلبي،
أنا قلبي دليلي..”
– تعرف إني إتسميت لَيْلَى على إسمها؟
إنتبه وبص نحية العربية ورجع بص ليا بإبتسامتُه المُريحة لما أنا كملت وقولت:
– ماما كانت بتحبها أوي وبتحب تسمعها، لما عرفت إنها حامل فيا قررت تسميني لَيْلَى! مع العلم إن أبويا كان مُرحب بالفكرة، قالتلي كمان إنها كانت سبب ف قربها ل بابا.. لإنه كان دايماً ليعبر بحبُه ليها ب أغاني لَيْلَى مُراد!
لقيت نفسي بسند بَـ راسي على كتفُه قبل ما يبتسم ويقول:
– تفتكري إيه هو معنى الحُب مِن وجهة نظرِك؟
إبتسمت أنا كمان وأنا ببُص على الفراغ حواليا ومنظر العماير البعيدة وقولت:
– الحُب بالنسبة لي ملوش معنى! علشان لو لي معنى أو صفات معينة مكانش هيبقى صادق، مكانش هيبقى حقيقي، مكانش هيبقى نقي بَـ أسباب مجهولة عند كل إتنين.. سواء حُب عاطفي أو عائلي، أو حتى الحُب الدارج بين إتنين صُحاب
– علشان كده لما حبيتي عَلي ماكُنتيش بتبُصي على معنى للعلاقة؟
إتعدلت وبصيت ف عيونُه:
– أنا لحد إنهاردة مافهمتش حُبي لَـ عَلي كان إيه!! أو كان حقيقي من البداية أصلاً ولا هروب من العالم إللي أبويا فرضُه عليا.. كلامي ملوش علاقة بيه أنا اتعودت أحب الناس إللي حواليا من غير شروط! حتى بابا ، حبيته رغم كل إللي عملُه فيا، مش علشان هو أبويا بس، حبيته علشان حاجات كتير فاكراها كان بيعملهالي وأنا صُغيرة.. معذور، من بعد وفاة ماما وهو شايل حاجات كتير
– ماتخلقلوش مُبرر لحُبِك يا لَيْلَى.. هو عمل حاجات كتير غلط، بس المهم إنتِ تحاولي تتخطي دَه..
– عارف إيه أكتر حاجة بتوجع السِـت بجد؟
– إية؟
– مِش خيانـة الراجل زي ما بنشوف.. في ناس كتير بتستحمل وتكمل رغم خيانة الطرف الآخر! ومش صح ف كل الأوقات، لكِـن إللي بيوجع السِـت بجد هو عدم أمان الراجل إللي بيتبخر مرة واحدة
– وليه متقوليش إنُه خذلان؟
– أو جايز هي كانت بتقنع نفسها من البداية إن هو الأمان وقررت ماتضحكش على نفسها أكتر من كده
فضلت باصة قُصادي ف صمت قبل ما أقرب منُه شوية ورجعت إبتسمت غصب عني:
– إنتَ الحاجة الوحيدة إللي هفتقدها لما أسافر..
– وإنتِ الحاجة الوحيدة إللي عُمري ما همل مِن وجودها ولا أنساها مهما حصل..
“الثامنة إلا ربع صباحاً – منزل دوايدار”
صحيت اليوم ده على صوت شيء غريب عند الباب، إتخضيت شوية ف الأول لكِـني قومت فاجأة وفتحت الباب مرة واحدة علشان أتفاجئ بـ أصغر كأن ف المجرة!
– إيه إللي جايبِك هِنـا الساعة دي يا مفعوصة؟ إنتِ مش المفروض ف مدرستِك؟
– لا ما خلاص!
قالتها وهي داخلة قبل ما تقعد على السرير مما آثار فضولي وروحت قعدت جنبها:
– خلاص إية؟
– أجازة انهاردة، ما الباص راح عليا!
– بمزاجِك ولا غصب عنِك!؟
ضحكت جامد:
– بمزاجي طبعاً
إبتسمت لها بخبث:
– لا ما إنتِ لو ماقولتليش السبب فَـ إحنا لسه معانا وقت وممكن وأنا نازلة الشغل أخدِك فَـ سكتي!
– بس أنا إنهاردة محتاجة أنزل مع زوزو علشان نجيب هدية عيدميلاد سولي!
برقت عيوني غصب عني من الذهول وأنا بقول:
– عيدميلاد مين!!!
“التاسعة مساءً – شركة دويدار”
إتحطت علبة من اللون الأسود متوسطة الحجم قُصادُه على المكتب، إنتباه سَلِيم للعِبلة وليها لما قالت:
– كُل سنة وإنتَ طيب يا سَلِيم
إبتسم بـوِد وهو بيهز رأسه:
– وإنتِ طيبة يا ياسو..
– إفتح يلا!
إتنهد بخفة قبل ما يمسك العلبة ويخرج مِنها ساعة شكلها مميز وقيمة بـالنسبة لُه، إبتسمتـُه وسعت أكتر:
– بجد مش عارف أقولَك إيـ..
قَطعتُه:
– ماتقولش، إنتَ هتعمل.. هاتيجي معايا إنهاردة نقضي اليوم سوا.
كان لسه هيرُد بس سمع صوت تليفونُه إللي رن بـإسمها مرتين تقريباً..
– دي لَيْلَى؟
هز راسُه وإلتزم الصمت في نفس الوقت إللي قامت وقفت فيه وحاولت تتحكم فَـ إنفعلاتها:
– مِش ملاحظ إنها زودتها شوية؟
وقف هو كمان وقال بـإستنكار:
– ياسمين! دي مراتي!
– هو كُل شوية مراتي مراتي! إنتَ صدقت ولا إية يا سَلِيم؟
– مِش فاهم!؟
– وهتفضل تتجاهل مشاعري لحد إمتى!؟
فنفس الوقت كُنت داخلة مِن بابا الشركة وأنا مُبتسمة وبمد بـخطوات سريعة علشان عايزة أشوفُه، عايزة أقولُه إنُه فارق!
يوم زي دَه كان إستحالة أفوتُه من غير ما أسيبلُـه ذكرى حلوة ومميزة يفتكرني بيها بعد ما أسافر!..
– ياسْمِين، بجد الموضوع إبتدى يزيد عن حدُه!
– يا سَلِيم أنا بَحبَك، ليه مش قادر تفهم دَه!؟
إبتسمت وهي بتجاهد ماتبكيش لكنها بكت ومازالت مُبتسمة بوجع:
– فاكر أيامنا سوا وإحنا صُغيرين؟ مِن الحضانة لإبتدائي ودروس إعدادي وثانوي وحتى الجامعة.. مِن وأنا صُغيرة مِش قادة أتخطاك، مِش قادرة أبعد ومِش عارفة..
– ياسْمِين، إنتِ مُدركة إنتِ بتقولي إيه ؟
– سَلِيم إديني فُرصة واحدة بَس..مِش بعد كُل دَه تيجي هي وتاخدَك على الجاهز!!
– لَيْلَى مأخدتش حد! إحنا من الأول لو كان ينفع نبقى سوا، كنا هنبقى
– إنت إتغيرت أوي، بقى عندك إستعداد تغير حاجات كتير أوي فَـ نفسَك، كل ده علشان إيه ؟ علشانها؟
– جايز.. جايز بس..
– وأنا ؟
قربتلهُم وإلتفتت ياسْمِين بصيتلي لما سَلِيم قال:
– لَيْلَى! إنتِ بتعملي إيه هِنـا؟
إبتسمت وأنا بحاول أداري خضتني:
– كُنت جاي أخدَك ونحتفل بـعيدميلادَك سوا! بس إظاهر إنَك مِش فاضي..
– لا أنا بس..
قطع كلامُه صوت ياسْمِين:
– هو فعلاً مِش فاضي، عندُه ميتينج مُهِم..
– ياسْمِين بَس بقى كفاية!!
قالها بـعصبية مكتومة، قربت وقفت قُصادها:
– مِن الواضح إنِـك فاهمة غلط، إحنا..
قطعتني بإبتسامة:
– اه مانا عارفة إني فاهمه غلط، والصح إن علاقتكوا دي مش حقيقية من الأول ، هو إنتَ صدقت يا سَلِيم إنها تشوفَك أول مرة صدفة يا سبحان الله وبعديها تطلبَك للجواز؟
إتكلم سَلِيم لما قال بعدم فهم:
– إنتِ عرفتي منين كل دَه؟
– إيه؟ فاكرني مش عارفة ولا عبيطة.. هصدق الصورة المثالية إللي كنت بتحاول تظهرهالي !
لفت وبصتلي:
– مسألتيش نفسِك هو ليه كان بيحاول يظهرلي ده؟ مش علشان وقع ف غرامِك على فكرة، لإن مهما تحاولي عُمره ما هيحبِك.. لا هو عمل كده علشان يثبتلي حاجة معينة..
تابعت كلامها بصريخ هِستيري:
– علشان يقولي ياسمين أنا ماينفعش أحبِك
يتبع…
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية زواج وسيلة للفرار) اسم الرواية