رواية لأجلك انت الفصل الثالث عشر 13 - بقلم وداد جلول
عرض زواج
جلست بارتباك وتوتر لتجول بنظرها بأنحاء الغرفة وهي تفرك يديها بتوتر شديد، سمعت صوته الذي كان محبب إلى قلبها وهو يقول:
"هل أنتِ سعيدة مع زوجكِ الآن سمية"
حركت رأسها بإيجاب من دون النظر إليه وقالت:
"مم الحمد لله نعم سعيدة معه"
نظر لها بغيظ وغضب ليبدأ بتحريك قدمه بتوتر وحنق، سمع صوتها لتقول له:
"وأنت"
نظر لها وهو عاقد الحاجبين ليقول:
"أنا ماذا"
أجابته بتوتر:
"هل أنت سعيد مع زوجتك الآن"
ابتسم هشام على سؤالها هذا ليجيبها ببرود:
"لا"
نظرت له بصدمة واستغراب ليحدق بها بعينيه العسليتان وگأنه يقول لها الكثير والكثير من الحديث بعينيه، سرحت بعينيه وهو أيضاً ولم ينتبهان لذلك الذي يقف بصمت ينظر لهما هما الاثنان، حمحم وسيم ليلتفتان إليه ويجفلان من شرودهما، توترت سمية كثيراً من وسيم، ما الذي ستقوله له إذا سألها عن سبب جلوسها بمفردها معه؟ وبماذا تبرر سبب نظراتها وشرودها به! بينما هشام لعن وسيم مئات المرات لقطع لحظتهما هذه ودخوله المفاجئ، احتقن وجه هشام ليقف ويلقي السلام عليه ببرود ويجلس بمكانه، بينما وسيم اتجه وجلس بجانب سمية بصمت، غضب هشام جداً بجلوس وسيم بجانب سمية، ماذا! هل يغيظه بهذا الموقف أم ماذا؟ لعنه مئات المرات وتمنى لو أن تنشق الأرض وتبتلع هذا المعتوه ولكنه تصنع اللامبالاة وبداخله بركان سينفجر من الغيظ والغضب.
التفتوا جميعاً إلى صراخ آسيل التي ارتمت بأحضان عمها وسيم ليبتسم هو بسعادة وقلبه يرقص فرحاً لإنه رآها، واللعنة كم كان مشتاق لهذه الرائحة، جلست بجانبه لتقول:
"كيف حالك عمي"
ابتسم لها ليقول:
"بخير عزيزتي وأنتِ كيف حالكِ"
بادلته الابتسامة لتقول:
"أنا بخير وبأحسن حال"
حرك رأسه بإيجاب لينظر لها ويشرد بملامحها ليقطع شروده صوتها وهي تردف:
"وكيف حالك مع والدتي؟ هل تعذبها ها أجبني، لا أريدك أن تحزنها أبداً مفهوم"
ابتسم لها ابتسامة واسعة وقال:
"لا عزيزتي لا أستطيع أن أعذبها هي حبيبتي ونحن بأحسن حال مع بعضنا"
حركت رأسها بإيجاب وسعادة، بينما هشام يكاد ينهض ويخنق وسيم على كلامه الذي يجعله يجن جنونه منه، تجاهل الأمر وحاول مسك أعصابه وتنهد بغل ونظرات الغضب موجهة إلى وسيم.
في الواقع وسيم انتبه إلى نظرات هشام وهو يعلم بأنه لا زال إلى الآن يحب سمية ولكنه لا يعلم لما لم يشعر بالغضب أو الغيرة أو الغيظ كانت كل مشاعره متاحة لآسيل فقط، لم يعود مثل ما كان في السابق، كونه يعلم بأن هشام يغضب عندما يلاطف سمية أمامه لذلك استغل الفرصة ليغيظه أكثر وأكثر، نهضت سمية لتحضر القهوة ومن ثم تبعتها آسيل ليبقى هشام ووسيم بمفردهما، وجه وسيم حديثه لهشام بهجوم وسرعة كبيرة ليقول:
"هل مازلت تحبها"
عقد هشام حاجبيه بعدم فهم، ليحاول الاستيعاب ومن ثم يفهم عليه ويجيبه ببرود:
"لا شأن لك"
ابتسم وسيم ابتسامة جانبية ليقول:
"اه لا تعلم كم أحب زوجتي هي كل حياتي، أتعلم! قررنا أن ننجب طفل، أعلم أعلم بأنك ستقول لقد كبرتما ولكن قررنا وسننجب طفل ويكون لآسيل أخ"
استطاع وسيم أن يشعل فتيلة غضب هشام ليتحدث وهو يكز على أسنانه:
"اصمت واللعنة عليك ولا تتحدث بهذا الموضوع مرة أخرى أم أنك مستغني عن حياتك"
ضحك وسيم ليقول:
"لماذا؟ هل تحدثت بشيء خاطئ؟ إنها زوجتي وحبيبتي أعني أنه لا عيب ولا حرام"
نهض هشام بسرعة البرق باتجاه وسيم ليمسكه من ياقه قميصه ويتحدث بغل وغضب من بين أسنانه:
"أسمعني جيداً أيها الأحمق، أريدك أن تعد أيامك مع سمية لإنها لن تطال مدة مكوثها معك وعلى ذمتك لإنها ببساطة ستعود إلي، انتظر قليلاً أعدك بأن تراها وأنا أخذها منك من بين عيناك هاتان هل تفهم"
أنهى جملته وترك ياقة قميصه ودفعه للخلف ولكن وسيم كان وظل ينظر إليه ببرود ليبتسم له ابتسامة استفزاز ويقول:
"سنرى"
بادله هشام الابتسامة المستفزة ليحرك رأسه بإيجاب وينظر له بتحدي، حسناً هشام لن يصعب عليه بأن يخرب علاقة سمية بوسيم وسيفعل المستحيل لكي تعود إليه وحالما تعود الى ذمته سيتخلص من أحلام بأي شكلٍ من الاشكال، توجهت سمية وآسيل إليهما وهي تحمل بيديها القهوة والكعك، اتجهت سمية إلى هشام لكي تقوم بضيافته وعيناها كانت مركزة على عيناه لتحمحم وتقول:
"تفضل"
نظر لها وأخذ فنجانه وعيناه تتابعها ولا تنفك عنها، بينما قامت بضيافة الجميع وجلست بالقرب من آسيل، ابتسم هشام كون سمية لم تجلس بجانب وسيم الذي كان شارد بملامح آسيل، انتبهت آسيل إلى نظرات عمها وبدأت تشك بأمره ولكنها تجاهلته، بعد وقت ليس بقليل نهض هشام ليتحدث بجدية:
"والآن نستأذن، عزيزتي آسيل هيا"
كادت آسيل تبكي، لا تريد أن تفارق والدتها ولكن ماباليد حيلة، ودعت والدتها وعمها الذي احتضنها فجأة وهذا مازاد من حيرتها وشكها، ابتسمت بتكلف وتوجهت نحو والدها الذي كان يرميه بنظرات حارقة، وقف هشام ونظر إلى سمية التي كانت مرتبكة بشدة، نظر لها لوهلة وألقى عليها التحية ومن بعدها نظر لوسيم بسخرية وتحدي وخرج وبرفقته ابنته واستقلا السيارة ليعم الصمتقليلاً، كسر الصمت هشام وتحدث:
"مم عزيزتي آسيل، ألا تتمنين بأن نكون عائلة واحدة"
عقدت آسيل حاجبيها باستغراب وعدم فهم لينظر لها هشام ويردف:
"أقصد ألا تتمنين بأن تعود والدتكِ إلي ونكون عائلة واحدة"
صدمت من سؤاله ولكنها لا تعلم بماذا تجيبه، نظرت له لتقول:
"كل واحد منكم يقضي حياته بالجانب الذي يريحه لا نستطيع النقاش"
تحدث هشام:
"بلى نستطيع آسيل ظروف الحياة هي من أبعدتني عن والدتكِ، أنا مازلت أحبها يا ابنتي ولم أنساها يوماً ولكن صدقيني كنت مجبر على تركها"
ثاني صدمة تأتيها لتتحدث بعيون متوسعة:
"ماذا يعني هذا أبي، كيف تحب أمي وكيف كنت مجبر على تركها"
تنهد هشام بحرقة ليقول:
"لا عليكِ عزيزتي كل شيء في وقته، ولكن أريدكِ أن تعلمين جيداً بأنني لن يهدأ لي بال حتى أعيد والدتكِ على ذمتي وأتخلص من هذه اللعينة الموجودة عندي"
عقدت حاجبيها لتقول:
"هل تقصد خالتي أحلام"
حرك رأسه بإيجاب لتتحدث معارضة:
"لا أبي، أخوتي يحتاجان لوالدتهما وأنت أكيد لن تتخلى عنهما أليس كذلك"
أجابها هشام ببرود:
"والدتكِ ستكون والدتهما وطبعاً لن أتخلى عنهما"
تنهدت آسيل وأرجعت رأسها للخلف مغمضة عينيها سارحة بخيالها، تشعر بالضياع ولكن للحقيقة هي تريد أن تعود والدتها لوالدها وتعيش بسعادة بينهما، ولكن ماذنب عمها وسيم؟ هو يحب والدتها ولكن تصرفاته غريبة، وماذا عن خالتها أحلام؟ هي امرأة ولا تريد أن يكسر بخاطرها، ولكن مؤكد بأنها فعلت أشياء كثيرة تغضب أبيها لهذا يريد التخلص منها، لم تريد أن تفكر بشيء أكثر من ذلك، ظلت على حالها هذا وتركت نفسها للقدر لترى ما الذي سيحدث داعية ربها بأن يأتيها الخير هي وجميع أفراد عائلتها.
----------
بينما سمية كانت جالسة تفكر في زوجها وتصرفاته مع آسيل، بدأ الشك يراود قلبها، نعم هي مستعدة لصدمة ثانية لإنها مرت بتجربة فاشلة من قبل وتجاوزتها مثل ما ستتجاوز هذه الصدمة إن كان هناك من مزيد، ستحتمل كل شيء وتكون قوية وستتوقع حدوث كل شيء لإنها لم تعد تؤمن بأحد، أما عن هشام فتعجبت من تصرفاته معها ولم تفهم شيء من نظراته التي كانت تتلقاها منه، هي لن تتهاون معه ولن تسامحه، ستقف بوجهه إن حدث أي شيء وستكون مستعدة له، لن تنسى ولن تسامح، ستجعله يندم على تركه لها وهجرها ولكن لا تعلم لما كانت متلهفة لرؤيته منذ أن أخبرتها آسيل بأنها ستأتي هي ووالدها إليها، ولا تعلم إذا كانت مازالت تحبه ولم تفهم مشاعرها إلى حد الآن، ولكن مع كل ذلك لن تستسلم له ولن تضعف أمامه مهما حدث.
-------------------------
بعد مرور عدة أيام
قرر هشام السفر إلى الإمارات من أجل عمل طارئ وسافر فوراً، بينما ترك آسيل مع أحلام لترى الجحيم، بعد سفره بيومين بدأت أحلام تعامل آسيل معاملة قاسية وقد توقعت آسيل حدوث ذلك الشيء ولم تتعجب من الأمر ولكنها فضلت الصمت، وها قد حان موعد تنفيذ الخطة ولكن هناك من خرب مخططاتهم بقدومه وهو ساهر، أتى ساهر لزيارة عمته ولكن غرضه من هذه الزيارة هو آسيل لذلك أتى إليها، بينما أحلام كادت تجن منه ولكنها اكتفت بالصمت ولم تعلق على مجيئه واستقبلته بترحاب مزيف، ابتسم بوجهها ابتسامة باردة ليقول:
"أهلاً عمتي كيف حالكِ"
ابتسمت أحلام بتصنع لتقول:
"بخير يا ابن اخي وبأفضل حال"
هز رأسه موافقاً وصمت لوهلة ليتحدث بعدها:
"إذاً أين أولادكِ، وأين تلك الفتاة ابنة زوجكِ"
ابتسمت بسخرية لتقول:
"هل تظن بأنني لا أعلم بأنك قادم من أجلها، بالمناسبة ما الذي تريده منها"
ابتسم ابتسامة ذات مغزى ليقول:
"طوال عمركِ تفهمين علي يا عمتي الغالية، بصراحة الذي أريده منها أنتِ لا شأن لكِ به لذلك أرجو أن تخلي الغرفة قليلاً وتبعثيها إلي"
ابتسمت أحلام ابتسامة مستفزة لتقول:
"هل قال لك أحداً بأنني فتحت منزلي للموعيد الغرامية لك يا هذا، إذا كنت تريدها انصرف وانتظرها إلى أن تظهر خارج المنزل"
بقي ينظر لها ببرود تام وهذا ما أخاف أحلام لإنها تعلم ساهر جيداً وتعلم عند غضبه ما الذي يمكن أن يحدث، ابتسم ساهر بتهكم ليقول:
"حسناً أريد فقط رؤيتها والتحدث معها قليلاً ومن بعدها سأنصرف"
حدقت أحلام به مطولاً لتقول بعدها:
"ما الذي تريده من الفتاة، ابتعد عنها ولا تحاول أذيتها هي ليست مثل الفتيات اللاتي تعرفهن لذلك انسى أمرها"
ضحك على جملتها ليقول:
"وهل تريدنني أن أصدق مثلاً بأنكِ خائفة عليها، عمتي أنا أعرفكِ جيداً، أنتِ لاتطيقينها ولا تكنين لها سوى الكره والبغض لذلك لا تلعبي علي دور زوجة الأب الحنونة اتفقنا، هيا اذهبي واجلبيها"
كتمت غيظها لتهز رأسها وتنهض فوراً لتنادي على آسيل وتنزلها معها إلى حيث مجلس ساهر، آسيل لم تهرب من المواجهة وقررت أن تراه لتعلم ماذا يريد منها، اقتربت لتلقي التحية ومن بعدها جلست على الأريكة لتضم يديها إلى صدرها وتنظر له لترى بأنه ينظر لها بكل برود هو أيضاً ليقول لها:
"أهلاً آسيل، حسناً لن أدخل بمواضيع تافهة أريدكِ في موضوع مهم"
تحدثت آسيل ببرود تام وهذا مازاد غيظه لتقول:
"وما هو هذا الموضوع المهم"
تنهد بغضب ليقول:
"أريد الزواج منكِ"
نظرت له مطولاً وبعدم فهم لتقول له:
"ما الذي تهذي به يا هذا"
أجابها ببرود:
"قلت أريد الزواج منكِ، ها مارأيكِ"
تنهدت بقلة صبر لتقول:
"رأيي هو لا"
ابتسم ابتسامة جانبية ليقول:
"متوقع هذا الجواب ولكنني أريد أن أعلم لماذا"
أجابته ببرود:
"لا أفكر بالزواج الآن مطلقاً"
أجاب بهدوء:
"إذاً أريدكِ أن تفكري بهذا الموضوع لإنني جدي كلياً بهذا القرار، سآتي بعد يومين لإخذ منكِ الجواب وأتمنى بأن يعجبني، والآن إلى اللقاء"
أنهى جملته ورحل تاركاً إياها حائرة في أمرها ومتعجبة من طلبه، ولكن أياً كان لن تتيح له هذه الفرصة بتملكها لإن قلبها لم يرتاح له، بينما أحلام كانت تتجسس عليهما وتسمع حديثهما لتصاب بحالة صدمة وذهول من طلبه لآسيل وكانت تستشيط غضباً لإنه أراد آسيل بحوزته، نعم ياسادة إنها الغيرة، دخلت بكامل غضبها إلى آسيل وحدثتها:
"ما الذي فعلتيه له أيتها الحمقاء لكي يطلبكِ للزواج ها"
تعجبت آسيل من حالة خالتها لتجيبها:
"وما الذي سأفعله له ياخالتي، لم أفعل أي شيء"
تحدثت أحلام بحدة:
"كفاكِ تمثيل أيتها اللعينة، سترين الجحيم على يدي"
ذهلت آسيل من حديثها وصدمت لتتحدث بعصبية:
"اصمتي ها، أقسم لكِ بأنني سأقول لأبي كل شيء حالما يأتي، أنتِ التي سترين الجحيم على يدي أعدكِ بذلك"
أنهت جملتها ورحلت تاركة أحلام بحالة صدمة لإنها تجرأت وصرخت بوجهها، حدثت أحلام نفسها بحقد:
"لن يتوفر لكِ الوقت لكي ترينني الجحيم أيتها اللعينة"
توجهت أحلام إلى غرفتها لتتحدث مع مالك ويجيبها بـ:
"أهلاً، ما الذي حدث"
تحدثت أحلام بعصبية:
"يجب علينا أن نبدأ بتنفيذ الخطة ونتخلص منها فوراً"
أجابها بسرعة:
"ما الذي حدث؟ أجيبي"
أجابته بسخرية:
"هه لقد توعدت لي بالجحيم، يجب أن ننفذ حالاً"
أجابها بهدوء:
"حسناً حسناً ولكن ليس اليوم، هشام لديه ثلاثة أيام لكي يعود من سفره ونحن غداً سننفذ، ولكن أريدكِ أن تسجنيها في غرفتها ولا تدعيها تخرج أبداً كي لا تستطيع الهرب أو أي شيء"
أجابته بابتسامة:
"حسناً سأتولى أمرها، غداً سنتخلص منها لا تتأخر علي لإنني سأبعث بالأولاد إلى بيت جدهم"
أجابها:
"حسناً اتفقنا إلى اللقاء"
أنهت اتصالها وابتسمت بشر لإنها غداً ستتخلص منها إلى الأبد، بينما آسيل كانت جالسة في غرفتها تبكي بحرقة على نفسها وتلعن حياتها مئات المرات، تمنت العودة إلى منزل والدتها، على الأقل عمها وسيم لم يعاملها معاملة كهذه، توجهت إلى سريرها لتشرد قليلاً ومن بعدها دخلت في نوم عميق.
أما عند أحلام فكانت تنتظر إلى أن تنام آسيل لكي تستطيع أن تقفل الباب عليها، بعد مدة من الوقت توجهت أحلام إلى غرفة آسيل لتتسلل وتدخل إليها، تأكدت بأنها غارقة في نوم عميق لكي تبحث عن هاتف آسيل، وجدته بجانب آسيل لتأخذه وتخرج من الغرفة وتغلقها بالمفتاح وذهبت متوجهة إلى غرفتها لكي تغط بالنوم وعلى ثغرها ابتسامة شر ونصر.
-----------------------
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية لأجلك انت) اسم الرواية