رواية امنيات وان تحققت الفصل الرابع عشر 14 - بقلم ليلة عادل
'''~_* روايه أمنيات وإن تحققت♥️🥀
بقلمي_ليلةعادل✍️ 🌹*_~'''_~
الفصل الرابع عشر🥀💞
ـ منزل خالد في الثامنة مساءً
ـ غرفة خالد.
ـ نشاهد خالد وهو يرتدي ملابس منزلية بنطلون وتيشرت وهو متسطح على الفراش ويمسك بين يديه هاتفه، ويبدو عليه أنه يقوم بالحديث مع أحدهم عن طريق تطبيق من تطبيقات التواصل الاجتماعي،وحين نقترب نشاهده يتحدث مع منة عن طريق رسائل الواتساب، وكانت ترتسم على وجهه ابتسامة عريضة..وأثناء ذلك رن هاتفه، كانت شروق..
بعث رسالة لمنة، وقال لها:
ثواني، في مكالمة وأرجع أكلمك.
ثم قام بالرد على شروق بتهذب:
آلو، السلام عليكم، إزيك يا شروق؟
أتاه صوت شروق من الطرف الآخر:
الحمد لله، ازيك أنتَ يا خالد؟
خالد:
الحمد لله تمام.
شروق:
بقولك إيه؟ مش أنتَ عايز تتعرف على أم منة؟
خالد:
ياريت.
شروق:
خلاص، منة بعد بكرة رايحة المستشفى مع طنط عشان هتعمل شوية تحاليل وأشعات، أنتَ بقى قابلها هناك صدفة، كإنك رايح تزور حد، أو تعمل حاجة كده يعني.
خالد تبسم:
خلاص تمام، ابعتلي بس اسم المستشفى، وهتروح الساعة كام بالضبط، وأنا هبقى هناك في نفس الميعاد، شكرًا يا شروق على اهتمامك.
شروق:
لا مفيش أي حاجة.
خالد تسأل:
هو عمرو قالك على الحوار اللي حصل ما بينا؟
شروق:
آه قالي وأنا اتصدمت، بس كويس إنك خلاص أخيرًا فهمت مشاعرك رايحة في أنهي اتجاه.
خالد بتأكيد:
آه فهمت، وزي ما أنا وعدت أستاذ عمرو إن شاء الله في أقرب وقت كل العك ده هيتظبط.
شروق بعقلانية:
هو ده الصح، ما دام مشاعرك واخدة اتجاه تاني غير اتجاه الأخوة والصداقة لازم الموضوع ياخد شكل تاني بقى.
خالد:
عندك حق.
شروق:
ابقى عرفني بقى عملت إيه وأنا هعرفك الميعاد بالظبط وها بعتلك.
خالد:
تمام سلام.
شروق:
سلام.
أغلق الخط وهو يفكر فيما يحدث وهو يمسح
بأطراف أصابعه على جبينه بحيرة..
طرق الباب.
خالد:
اتفضل.
دخلت أيتن ترتسم على وجهها ابتسامة جميلة.
أيتن وهي تقترب باهتمام.
إيه يا خلوود قاعد لوحدك ليه؟
تبسم خالد وهو يعدل من جلسته:
تعالي يا أيتن.
اقتربت أيتن وجلست على الفراش أمامه..
أمسك خالد هاتفه وقام بإرسال رسالة أخرى الى منة وهو يقول:
منة سوري أنا خلصت المكالمة، بس أيتن دخلت تقعد معايا، هتكلم معاها ونرجع نتكلم تاني تمام.
بعد ثواني قامت منة بإرسال رسالة لها:
ـ تمام مفيش مشكلة سلملي عليها، سلام.
خالد:
ـ سلام.
وضع خالد هاتفه بجانبه ونظر لأيتن باهتمام وتركيز.
خالد:
ـ عاملة إيه ياحبيبتي؟
أيتن:
ـ تمام، وأكملت بخبث وهى تغمز بعينيها:
إيه قاعد لوحدك ليه؟ وكل ما آجي ألاقيك قاعد لوحدك؟ واحنا لازم يبقى اسمنا منة؛ عشان تقعد معانا؟ حتى بطلت تجيلي!
تبسم خالد وقال بتوضيح ممزوج بحيرة:
ـ والله مش كده، بس كنت بفكر، موضوع منة ده واكل دماغي جامد، مكنتش عارف آخذ أي قرار فيه، كل ما كنت أخذ قرار أخاف، من يومين قابلت صاحبتها شروق تعرفت عليها هي وزوجها عمرو..
قعد يتكلم معايا إني لازم أخد خطوة واللي إحنا فيه ده ما ينفعش خصوصا إن الموضوع فيه مشاعر مش مجرد صداقة، حتى أسمهان قالتلي كده، وماما كمان ضغوط من كل اتجاه، أنا نفسي مش عاجبني اللي بيحصل، انتِي عارفة إني أصلًا مليش في المواضيع دي، وأكيد يعني مش بعد كل السنين دي هعمل كده، بس كان غصب عني هي مش مدياني فرصة.
أيتن بعقلانية:
ـ بصراحة هما عندهم حق إنت ليه مش عايز تاخد خطوة معاها؟ أنا حاسة إن مشاعرك حقيقية يا خالد يعني معلش إيه اللي يخليك تتحمل اللي هي بتعمله معاك؟ ده غير اهتمامك الملحوظ بيها، وإنك بعد شغلك كل يوم لازم تروح عربية القهوة ويا تشوفها يا ما تشوفهاش! بدل ما تروح ترتاح من تعب الشغل، لا بتروحلها، ده أنت مبقيتش تقدر تعدي يوم من غير متكلمها ولو متكلمتش في يوم بتبقى متضايق ولو تليفونها اتقفل أو مش بترد عليك عشان في الموقع أو في أي حتة بتتصل تسألني.. هي منة كويسة؟ عايز تفهمني كل اللي أنتَ فيه ده مجرد انجذاب وإعجاب مش مشاعر حب؟ لا يا حبيبي إنت بتموت فيها ومغرم صبابة كمان، وضحكت.
تنهد خالد هو يمد وجهه بحيرة:
ـ جايز! جايز يكون فعلًا حب، بس هي مش دي المشكلة.
أيتن بتساؤل:
ـ أمال إيه هي المشكلة؟
خالد بتوضيح ممزوج بخوف وتوتر:
ـ المشكلة إني خايف من رد فعلها، عمرو إداني فرصة لحد آخر الشهر، حتى ماما اديتني شهر، أنا نفسي زهقت من العلاقة دي، عايز اتكلم معها براحتي من غير حدود من غير خوف..
واصل بانزعاج ممزوج بضيق، وبغضب خنق نبرة صوته:
ـ بعدين امبارح اللي اسمه عمرو ده، قعد يهزر معاها ويقول لها انتِ شكلك حلو وخسيتي، واللون ده عليكِ جميل كإنه قاصد يعصبني، رغم إنه كان لسه مكلمني في الموضوع، وعرف إني معجب بيها وفي مشاعر، مش يحترم مشاعري ويحترم نفسه؟ حتى هي قعدت تقوله إنتي كمان الطقم اللي إنت لابسه جميل وتسأله عامل إيه في شغلك؟ وإحنا بنلعب يضحكوا مع بعض ويبصروا مع بعض، والله العظيم مبتعمل معايا كده، دي عمرها ما قالت لي اللي إنت لابسه ده شكله حلو عليك، عمرها ما بلت ريقي بكلمه حلوة، وحياة ربنا أنا بس عشان مليش حق عليها، كنت أخدتهم هما الاثنين ضربتهم في بعض.
ضحكت أيتن بمزاح:
ـ إنت بتغير ياخالود؟
صمت خالد ثواني، ثم حمحم:
ـ لا، مش بتغير، بس هو ينفع؟
أيتن وهى تضحك:
ـ والله بتغير، وتقول لي مبتحبهاش؟ أمال لو بتحبها هتعمل إيه؟ ممكن يكون اللي اسمه عمرو ده عمل كده؛ عشان خاطر يضايقك ويشوفك هتعمل ايه؟ طب هي أخذت بالها إنك اتضايقت؟
هز خالد رأسه بإيجاب وقال:
ـ آه خدت بالها، وتاني يوم كلمتني وسألتني إنت ليه بصتلي كده؟ أنا بصراحة عملت نفسي مش فاهم، سألتها إزاي يعني؟ قالتلي بصتلي بصة رخمة!
قولتها بتهيألك، استعباط باستعباط بقى.
أيتن بتوضيح:
ـعلى فكرة منة مابتستعبطش، منة فاكراك بتتعامل معاها عادي، لان منة لو حست للحظة إنك معجب بيها وبتحبها مش هتعرفك تاني.
خالد بتوتر ونبرة مكتومة:
ـ هي قالتلك كده؟
أيتن:
ـ مش محتاجة تقول، شخصيتها واضحة.
خالد بضيق:
ـ هو إنتِ بتخوفيني أكتر ليه؟
أيتن بعقلانية:
ـ بقولك إيه، إنت لو عايزها إتكلم معاها بقلب جامد، وفهمها حقيقة مشاعرك بكل صراحة ووضوح، ولو رفضتك يا خالد ما تيأسش من أول مرة، حاول مرة واثنين وثلاثة، بص يا خالد لوهي بترفضك بسبب كلامها معاك بكل الصراحة دي وإنك عرفت عنها حاجات مكنش ينفع تعرفها، وإنك بتعمل معاها كده جدعنة أو.. يعني، أنا والله مش قادرة ألاقيلها مسمى!
بتعجب وعدم اقتناع أكملت بانزعاج: أصل مفيش حاجة اسمها كده في الدنيا، إنت أصلًا إيه اللي خلاك تفكر الفكرة دي ومتأكد منها؟ هو في كده؟
خالد بتوضيح هز رأسه بتأكيد:
ـ شروق أكدتلى المعلومة دي.
تنهدت أيتن بتعجب من تلك الشخصية الغريبة التي ليس لها مثيل، ومتعبة بشدة في التعامل:
ـ لا منة دي صعبة، مفيش كده أصلًا عمومًا إنت هتتكلم معها عن حقيقة مشاعرك زى ما قولتك، ولو بترفضك عشان أفكار دي مش مشكلة يا خالد اتحمل، إنت اتحملت كتير لو بتحب لازم تتحمل لكن لو هي رفضتك بقى، عشان مش عاجبها، أو مش إنت الراجل اللي هي بتحلم بيه، مش انت الراجل اللي تملى عنيها، مش إنت الراجل اللي تكمل معها بقية حياتها أو ما يتحبكش تفرق، ووقتها مينفعش تحاول لازم تاخد بعضك وتبعد.
خالد بتساؤل:
ـ طب ودي بقى هاعرفها منين! لأنها أكيد مش هتقول لي رفضتني ليه؟
أيتن:
ـ لا هيبان أوي وهي بترفضك، يعنى من كلامك بنسبة كبيرة ها ترفض أول مرة، فلازم تبقى رايح وإنت متحضر نفسيًا إن هي هترفضك.
قلبه خالد وجهه بحزن بنصف ابتسامة حزينة وهو يهز رأسه بإيجاب قال بنبرة مخنوقة:
ـ عارفة أنا اللي مش مخليني آخد الخطوة دي حاجة واحدة، أنا بجد مش عايزة أخسرها، بقيت بحب وجودي معها، بافرح جدًا وهي معايا، الوقت بيعدي بسرعة غريبة، إحنا بنقعد نتكلم بالساعات، واحنا مش حاسين، بنتكلم في أي حاجة، حتى لما بنتقابل، أنا اتعلقت بيها بوجودها، ومش متقبل فكرة إن هي متبقاش موجودة في حياتي، عشان كده خايف آخد أي خطوة، بس هو خلاص لازم بقى أعمل حاجة عشان فات وقت كتير، وكده مش هينفع!
أيتن وهي تربت على يده:
ـ بص يا خالد، أوعى تخاف، قول اللي في قلبك وسيبها على ربنا، إنت نويت امتى؟
خالد:
ـ يعني شوية عشان الموضوع مقابلة عمرو لسه كانت أول امبارح، وكمان عندها مشروع هتسلمه أول الأسبوع الجاي مش عايز أعمل لها أي مشكلة أو أي حاجة تخليها تفقد توازنها أو تفقد تركيزها عشان شغلها، أنا كان نفسي أستنى شوية لحد متخس شوية كمان وتحقق حلمها، أنا عايز أطلب منك طلب، لو يعني الموضوع مكملش واضطريت أبعد عنها، خليكِ معاها وافضلي شجعيها لحد متحقق اللي هي عايزاه ممكن.
تبسمت أيتن بلطف:
ـ من غير متقول يا خالد منة بقت حد عزيز عليَّ، هي فعلًا حد جميل جدًا، وأنا متاكدة إن الموضوع ده آخرته هتبقى حاجة حلوة وفرح جميل.
نظر خالد لأعلى بعينه:
يا رب.
أيتن بفضول:
ـ طب متحكي لي كده عن اللي هي قالتهولك يمكن أقدر أساعدك في موضوع الخوف ده.
خالد وهو يهز رأسه برفض:
ـ تفتكري أنا ممكن أقولك سر حد حكهولي!
أيتن:
ـ أنا عارفة إن مش شخصيتك،وإن اللي بيقول لك على حاجة ما بتطلعش برة وإنك مخزن الأسرار، بس أنا أقصد تحكي لي عشان أقدر أساعد.
خالد وهو يهز رأسه برفض:
ـ مش هينفع يا أيتن، هي تبقى تقولك إنتم أصحاب، لو عايزة تقولك هتقولك، لكن أنا كفاية أوي اللي أنا معرفكم بيه، ده أنا حاسس أصلًا إن مكنش ينفع إني أعرفكم حاجة زى كده.
أيتن بتوضيح:
ـ متقلقش مش محتاج تعرفنا، وبعدين هو إنت قلت حاجة؟ إنت قلت حاجات ملهاش لازمة أصلًا، أنا من تعاملي معاها أنا وأسمهان فهمنا كل حاجة، هي واضحة أوى والمشكلة إن هي فاكرة نفسها إن هي مش واضحة، شوف أختك المجنونة إنت أهو مش قايل لها حرف، بس عايزة أقولك قعدت معايا إمبارح وحللت شخصية منة ولا أجدعها دكتور نفسي، كان نفسي أقول لها أقعدي مع خالد، عشان إنتم الاثنين تقعدوا سوا وتحلوا مشكلتها، بس مقدرتش، أنا أصلًا مرعوبة من رد فعلها.
خالد:
ـ سيبك من نادين أنا هاعرف أتصرف معاها بس هي علاقتها كده حلوة بمنة؟
أيتن:
ـ جدًا، قريبين من بعض وبيتكلموا كتير. وبيخرجوا أصلًا سوا، خرجوا مع بعض وجابوا لبس حتى نادين حاولت تغير لها استايلها وتقنعها، بس منة رفضت، غيرت الألوان شوية من غامق لفاتح، بس على فكرة ذوقها حلو أوي في الستايلات (الفورمال).
خالد:
ـ أول مرة تاخدي بالك؟ لبسها جميل جدًا، وغالي.
أيتن:
ـ لا أخذت بالي، بس أنا كنت فاكرة إن حد بيجيبلها اللبس، بس لما نزلنا مع بعض فهمت إنه ذوقها، أنا سبتلها نفسي تختار لي لبس.
خالد:
ـ أنا مبسوط إنكم قريبين من بعض.
أيتن:
ـ أنا مش عايزة أقولك، أنا وأسمهان بنتعامل معاها على إن هي مراتك خلاص!
ضحك خالد:
ـ ماما بتقولي نفس الجملة، دي قالتلي أنا باتعامل دلوقتي مع منة على إنها مراتك.
أيتن:
ـ أيوا إضحك كده، سيبها على ربنا ومتقلقش، إحنا معاك وإن شاء الله النهاية سعيدة.
خالد وهو يرفع عينيه لأعلى:
ـ أتمنى.
💞ـــــــــــــــــــــــــبقلمي-ليلةعادل。◕‿◕。
ـ في أحد المستشفيات الخاصة بالعاشرة صباحًا.
ـ المظهر العام للمستشفى من الداخل والخارج مع حركة المارة من الأطباء والممرضين والمرضى والعاملين بها، ثم نشاهد منة ووالدتها مفيدة يقومان بعمل تحاليل وأشعات لوالدتها، وبعد وقت
وأثناء تحرك منة في الممر وهي تمسك بيد والدتها التقت بخالد بالصدفة المدبرة كما نعلم.
كان خالد يرتدى بنطال جينز، وقميص وحذاء رياضي في منتهى الأناقة، ويزين يده ببعض الحظاظات.
خالد وهو ينظر باستغراب وتصنع المفاجأة وهو يقترب منها بقلق:
منة؟ خير في حاجة؟
نظرت منة له وهي تضيق عينيها باستغراب:
ـ خالد؟
خالد بقلق مصطنع:
خير في حاجة؟
منة وهي تهز رأسها بالنفي:
لا مفيش، ماما بس بتعمل تحاليل وشوية أشعات كده.
خالد:
ها ألف سلامة.
توقفت مفيدة وهي تنظر إلى خالد من أعلى لأسفل باستغراب ممزوج بإعجاب فهو شاب جميل رياضي، يبدو من مظهره الطبقة التى ينخرط منها.
خالد وهو ينظر لمفيدة بإحترام مد يديه:
إزي حضرتك ياطنط؟
مفيدة وهي تصافحه تسألت بتودد:
الحمد لله ياحبيبي إنت زميلها في الشركة؟
كاد أن يجيبها خالد، أجابتها منة بسرعة وقالت بتوضيح:
ـ لا يا ماما مستر خالد اشتغلنا سوا في مشروع خاص بيه وبقينا زملاء، كمان أخواته أصحابي أيتن وأسمهان ونادين.
مفيدة وهي تهز رأسها بنعم بابتسامة عريضة وعينيها على خالد:
آه البنات الحلوة اللي كنتي متصورة معاهم دول؟ شبههم والله، إزيك ياحبيبي، إنت عامل إيه؟
خالد برقي:
الحمد لله، ألف سلامة على حضرتك، إن شاء الله كل الأمور تكون تمام.
نظرت له مفيدة بابتسامة وتحدثت معه بتودد عكس طريقتها التي نعلمها جيدًا:
الله يسلمك ياحبيبي، وإنت جاي ليه بقى؟ تعبان ولا حاجة؟
خالد بتوضيح:
لا الحمدلله، بس المصنع عندي متعاقد مع المستشفى هنا، فـكنت جاي أشوف شوية حاجات.
منة بتساؤل متعجبة:
بس الحاجات دي المفروض اللي بيشوفها ناس تانية، إنت ملكش دعوة!
خالد:
لا ماهو كان في حاجات كده لازم أنا أباشرها بنفسي، طب إنتوا خلصتوا؟
كادت أن تجيبه منة لكن سبقتها مفيدة وقالت:
آه خلصنا.
خالد بمكر:
طب لو حابين أوصلكم أوديكم في حتة معنديش مانع.
منة بجمود:
لا معايا عربية ياخالد، شكرًا.
نظر خالد بطرف عينيه إلى والدتها التي لم ترفع عينيها من عليه من بداية اللقاء.. فهو شعر أن والدتها أعجبت به من تلك النظرات، فحاول أن يكسب الموقف لصفه، فهو يريد ان يتعرف عليها أكثر كما نعلم.
خالد بمكر مبطن قال بابتسامة جميلة مهذبة:
طب نشرب حاجة سوا في الكافتيريا، أنا أول مرة أشوف طنط، وكنت مشتاق أتعرف عليها، فلو مش هاعطلكم إيه رأيكم حتى نتغدى سوا؟ إيه رأيكم؟ أنا جعان جدًا.
كادت أن تجيبه منة لكن سبقتها مفيدة وقالت بسرعة فهي كانت تعلم جيدًا أن ابنتها لن توافق على هذا لكنها تريد ذلك بشدة- تريد أن تعرف من هذا الشاب الجميل الذي تعرفه ابنتها.
فهزت رأسها بالموافقة وقالت:
والله إحنا فعلًا كنا رايحين نتغدى، خلاص أنا موافقة، حتى أتعرف عليك، أنا برده لازم أعرف أصحاب بنتي.
كانت منة تضغط على أسنانها وهي تنظر لخالد بضيق، فهي لم يعجبها ما يحدث..
بينما خالد كان ينظر لها بلا مبالاة.
خالد بتهذب وهو يشير بيده:
طب اتفضلوا معايا.
منة برفض وجدية وهى تضغط على اسمه:
أستاذ خالد مش هينفع إحنا متأخرين، ماما محتاجة ترتاح عشان الأشعات اللي عملتها.
مفيدة باستهجان ونفي:
ـ لا أنا كويسة، وبعدين عايزة أتعرف على خالد روحي إنتِي لو متضايقة، وهو هيبقى يروحني، مش إنتي عندك عربية؟
خالد:
آه طبعًا عندي عربية.
مفيدة:
خلاص ابقى روحني انت.
خالد برقي:
بس كده؟ عيني ليك يا طنط، لحد باب البيت كمان.
مفيدة بلطف:
تسلم عينك ياحبيبي، بعدين أنا حاسة أنا شفتك قبل كده؟
خالد:
حقيقي؟ مش عارف ممكن.
مفيدة بتساؤل وذكاء:
هو إنت وصلت بنتي قبل كده عند البيت؟
خالد وهو يهز رأسه بإيجاب:
آه كانت مرة منة تعبانة ووصلتها.
مفيدة:
أيوه افتكرتك.
خالد:
طب يلا بينا.
أثناء ذلك كانت منة تتواقف، و وهى تستمع للحديث المتبادل بين خالد ومفيدة بتعجب، فلأول مره تكون مفيدة بهذا التودد وهذا اللطف، مما يعاكس شخصيتها الحقيقية.
منة باعتراض:
يا ماما حضرتك تعبانة، وبعدين إحنا مش عايزين نعطل أستاذ خالد، ولا إيه يا أستاذ خالد؟ مش إنت أكيد عندك شغل دلوقت؟
(نظرت له بمعنى: قول آه أنا عندي شغل عشان مش هينفع نيجي)
خالد وكأنه لم يفهم نظراتها قال بنفي:
لا أنا معنديش شغل ومش هاتعطل ولا حاجة.
مفيدة بتهكم خفيف:
مالك يا بت مش عايزاني أتعرف على الراجل ليه؟
شعرت منة أن والدتها سوف تعود لشخصيتها القديمة، ومن الممكن أن توبخها أمام خالد، فحاولت تدارك الموقف وتقبلت تلك العزومة.
هزت رأسها بإيجاب وقالت بقلة حيلة:
يا ستي أتعرفي، اتفضلوا.
في الخارج عند موقف السيارات في الثالثة مساءً..
خالد بتساؤل:
إيه رأيكم تركبوا العربية معايا وإنتم راجعين أرجعكم هنا ومنة تاخد عربيتها.
كادت تنطق منة لكن سبقتها مفيدة بسريعة وقالت:
آه طبعًا كده أحسن حتى أشوف عربيتك الحلوة.
منة:
طب ليه يا ماما؟ ما أنا معايا عربيتي؟ هامشي ورا خالد عادي.
مفيدة:
خلاص اركبي إنتِي عربيتك وتعالي ورانا، وأنا هاركب مع خلودة.
منة بتعجب وقد ارتفع أحد حاجبيها لأعلى:
تركبي مع خلوده؟ لا أنا هاركب معاكم.
فـبالطبع منة لا تستطيع أن تترك مفيدة مع خالد بمفردها فمن الممكن أن تقول أي شيء يجعل مظهرها سيئ أمام خالد.
ــ في إحدى البواخر النيلية الكبرى في الرابعة مساءً
ــ هبط خالد من سيارته والتفت سريعًا، وقام بفتح باب السيارة لوالدة منة التي كانت تجلس بجانبه، ومنة تجلس في الخلف برقي.
ثم قامت مفيدة بالتعلق على ذراع خالد والتحرك حتى باب الباخرة وهي تنظر بعينيها بانبهار.
مفيدة:
تصدق ياخالد؟ أنا كنت باشوف الحاجات دي وأنا معدية بالعربية بتاعة منة أو بالميكروباص واقول إيه الأماكن الحلوة دي.
منة بعجب:
وإنتِي يا ماما قلتيلي قبل كده نفسك تدخلي بواخر من دي وأنا قلتلك لا؟
مفيدة باستهجان:
مش لازم أقول لك ياحبيبتي.
خالد حاول إصلاح الموقف بذكاء:
خلاص يا ماما ما تقلقيش، منة بعد كده هتجيبك هنا على طول صح يا منة؟
منة:
أكيد إن شاء الله.
خالد:
وبعدين ياطنط ده حلو برده، إن أول مرة تبقى معايا، ولا إيه؟
مفيدة:
صح عندك حق.
دخلوا وجلسوا على أحد الطاولات، وجاء النادل، وأخذ الطلبات وانصرف.
مفيده بفضول:
وإنت بقى يا خالد عندك كم سنة؟
خالد:
أنا عندي سبعة وتلاتين.
نظرت له مفيدة باستغراب:
سبعة وتلاتين؟ شكلك صغير عن كده يعني قلت تلاتين سنة.
خالد تبسم:
لا، سبعة وتلاتين.
مفيدة بمكر:
متجوز على كده وعندك عيال طبعًا.
خالد:
لا، لا أنا مش متجوز.
مفيدة بتعجب:
وليه ما اتجوزتش لحد دلوقتي ياحبيبي؟ يعني ماشاء الله، الله أكبر، شكلك حلو وعندك مصنع الله أكبر يعني مقتدر، ليه مش متجوز لحد دلوقت؟ شكلك شقي عشان كده مش عايز تتجوز.
ضحك خالد:
لا والله خالص، مش شقي، ماليش في السكة دي، الموضوع كله نصيب مش أكتر حصل قبل كده وخطبت بس الموضوع مكملش.
مفيدة:
ربنا ياحبيبي يكرمك ببنت الحلال اللي تسعدك.
خالد:
إن شاء الله، على فكرة ياطنط، منة بتكلمني كتير عن حضرتك وكان نفسي جدًا أتعرف عليكِي، وكنت مستني فرصة مناسبة، واهي جت، حقيقي صدفة خير من ألف ميعاد.
منة وهى تتحدث مع نفسها:
سبحان الله طلبتها ونولتها.
انتبه خالد وقال معلقًا:
أنا اللي بطلبه، ربنا بيديهوني على طول عشان قلبي طيب.
مفيدة:
أنا هاخد رقمك وقت متحب تشوفني إبقى تعالى، إنت لازم تيجي البيت عندي عشان أعمل لك بط ومحشي وحمام، إسال منة، أنا في المحشي مقولكش.
خالد :
أنا موافق، أنا أصلًا باحب ورق العنب أوي.
مفيدة:
خلاص شوف إمتى تاخد أجازة وتيجي تنورنا في البيت، وإحنا هنا قريبين، يعني في السلام مش بعيد، إنت ساكن فين؟
خالد:
هنا في المعادي.
مفيدة:
خلاص إحنا بيننا مفيش، هتيجي اوعدني عشان حتى تتعرف على أبو منة.
خالد:
خلاص والله، إن شاء الله هاجي.
كانت تنظر لهم منة باستغراب وهما يتبادلان الأحاديث كأنهما يعرفان بعضهما منذ زمن، خاصة طريقة والدتها الغريبة مع خالد.
خالد وهو ينظر إلى منة متسائلًا باطمئنان:
طب طمنيني يا منة على طنط، الأشعات والتحاليل إيه؟
منة:
والله كل حاجة تمام، بس هو الدكتور قال الشريان بتاع القلب فيه مشكلة بسيطة محتاجة إنها تبطل تعمل الأكل بسمن كتير وبدهون وتظبط نوعية الأكل.
خالد بتوعية واهتمام:
لا ياطنط خدي بالك من صحتك حاولي تخفي الأكل شوية، يعني اعملي الأكل بنفس الطريقة اللي إنتي بتعمليه بيها بس حاولي تخففي كميات السمنة والدهون عشان صحتك.
مفيدة:
هو الأكل بيبقى حلو الا لما تحط السمنة البلدي كده؟
خالد بتودد:
أكيد لا، بس أهم حاجة صحتك، وبعدين صدقيني مش بكثر السمنة، كفاية نفسك إنتِي، مجرد ما تحطي إيدك كده الأكل هيروح في حتة ثانية خالص.
مفيدة:
حبيبي كلك ذوق ورقة، بتفكرني بكلام عمك محمود زمان.
خالد:
هو عمي محمود زمان كان بيقول لك كده؟
مفيدة:
ياه كان بيقول لي تحطي إيدك في الشاي يا مفيدة وهو مر يبقى مسكر.
خالد:
وهو عنده حق، حضرتك زي القمر وأنا برده عمال أقول منة طالعة زي القمر كده لمين أكيد ليكِ.
مفيدة:
تسلمي ياحبيبي.
جاء النادل ووضع الطعام على الطاولة وانصرف.
خالد:
اتفضلوا إن شاء الله الأصناف اللي أخترتها لكم هتعجبكم جدًا.
منة باتهام:
انت النهارده خليتني بوظت خالص نظام الأكل بتاعي.
خالد:
معلش يا منة مجتش من يوم ما أنا زيك.
مفيدة يتهكم:
أنا معرفش إيه النظام بتاعك ده، ميجيبش أي نتيجة، أديك بقالك شهر ونص ولا شفنا أي حاجة.
نظرت منة وهي لا تعرف ماذا تقول، فإذا دخلت معها في أي نقاش الآن فـسوف تكون خاسرة، وسوف تقوم بإهانتها بوجود خالد.
انتبه خالد جيدًا لنظرة منة، شعر إنها انزعجت من طريقة والدتها فحاول أن يحسن موقف منة وأن يدافع عنها بطريقته الخاصة.
خالد بعقلانية وتهذب:
بالعكس النظام ده ممتاز، ياريت حضرتك كمان تمشي عليه، صدقيني هيفرق جامد جدًا، أنا اللي اقترحت على منة النظام ده، عشان خاطر الأرق اللي عندها، حقيقي بيفرق جامد جدًا سواء في النوم أو المعدة، وفي كل شيء.
مفيدة باعتراض:
أنا بصراحة ماليش في الأكل بتاعكم ده، بتاع الناس العيانة ده.
خالد بتعجب حاول إقناعها بذكاء بأن ذلك الطعام وذلك النظام تتبعه أرقى العائلات:
ناس تعبانة؟ مين قال لحضرتك كده؟ تعرفي إن النظام ده أو الطريقة دي في تناول الوجبات محدش بياكلها غير الطبقة الأرستقراطية؟ طبقة الناس الغنية يعني والممثلين عشان يحافظوا على أجسامهم وراشاقتهم ويحافظوا على تركيزهم وكل الكلام ده.
وصل خالد وهو يركز النظر في ملامح مفيدة لكي يؤكد المعنى بأنه هو من قام بإقناع منة ليس لكي ينقص وزنها، ليس لأن جسمها لم يعجبه، بل لصحتها فقط:
لما اقترحته على منة كان عشان خاطر موضوع الأرق اللي كان بيجيلها لكن منة ما شاء الله جسمها جميل، أنا مش بعاكس أنا باقول حقيقة.
فور نطق خالد آخر كلماته قامت منة بالسعال والشعور بالإحراج، ثم قامت بوضع يديها أسفل ذقنها بالوعيد له..
انتبه خالد لتلك النظرات لكنه لم يعطي لها اهتمام.
نظرت له مفيدة بإعجاب شديد، لأنه قال بان منة تعجبه في هذا الجسد وهذه الملامح وقالت:
خلاص إن شاء الله لما تيجي تاكل معانا هاعملك الأكل بالطريقة اللي إنت بتحبها، هاتعلمها من منة.
خالد باعتراض مصحوب بمزاح محبب:
لا، وكمان عشان صحتك، اوعديني إنك تنظمي أكلك شوية، وتعملي الأكل بالطرق الجديدة دي، لو عايزة حد يشجعك ويكلمك كل يوم يقولك إيه نظام الأكل وصوريهولي أنا معنديش مانع، ممكن كمان ندخل مسابقة بيني وبينك، نشوف مين فينا بيعرف يعمل أكل أحلى.
مفيدة بتعجب:
بتعرف تطبخ؟
خالد:
بعرف أطبخ وباعرف أعمل ورق عنب كمان، وعليَّا لفة تستاهل بقك.
منة اكملت بنبرة هامسة بمزاح:
ولا أجدعها حشاش.
استمع لها وتبسم وقال بنظرة عين بمعنى:
(مامتك قاعدة بس) لكن لم تنتبه مفيدة.
مفيدة:
لا، بس إنت مستحيل تعرف تلف زي لفي.
خالد:
خلاص إنتِي هتعملي حلة وأنا هاعمل حلة، وعمي محمود هو اللي يقول مين أحسن.
مفيدة:
هو محمود يقدر يقول إن أنت الأحلى؟
والله ما أنيمه فيها.
ضحك خالد:
وأنا ميهونش عليَّا عم محمود ينام بره، أنا خسران، أكمل بتهذيب: يا ريت تفضلوا تاكلوا، مش عايزين الكلام ياخدنا.
مفيدة بإعجاب:
والله إنت قعدتك حلوة وكلامك سكر.
خالد:
ميرسي ياطنط.
أثناء تناولهم الطعام أمسك خالد هاتفه فهو يريد أن يتحدث مع والدتها أكثر لكنه لا يعرف سبب تواجد منة.
فقام بارسال رسالة لأيتن لكي تتصل بمنة وتحاول أن تشغلها..
الرسالة:
باقول لك إيه اتصلي بمنة دلوقتي حالًا حاولي تشغليها قولي لها إنك متخانقة مع جوزك.. أي حاجة تخليها تكلمك حالًا وبعدين هاقول لك السبب.
أيتن:
ماشي.
بالفعل لم يمر سوى ثواني ورن هاتف منة كانت أيتن.
منة أمسكت منة هاتفها وهى تقول:
دي أيتن.
خالد:
طب ردي عليها.
منة:
الوو.
أتاها صوت أيتن من الطرف الآخر وهى تتصنع الحزن.
أيتن:
الو ايه يا منة بقولك إيه أنا عايزة اتكلم معاكِي أنا مخنوقة اوي.
منة بقلق:
خير؟مالك ؟
خالد بتصنع الدهشة:
في حاجة؟
أيتن
ده صوت خالد، باقول لك إيه اوعي تحسسيه بس عشان ميحصلش مشكلة.
منة بتمثيل:
مش سامعاكِي طيب، أنا هاقوم أكلمك عشان الشبكة.
خالد:
في حاجة؟
منة:
لا دي شبكة بس، ثواني وراجعة.
تحركت حتى سور الباخرة لكي تتحدث مع أيتن، وتركت خالد مع مفيدة.
أخذ ينظر لها خالد بتردد، وبأفكار مضطربة فهو
لا يعرف كيف يبدأ الحديث، ولا يعرف من الأساس ماذا يريد أن يقول، قاطعت مفيدة ذلك الصمت وقالت بتساؤل:
إنت تعرف منة بقى من زمان يا خالد؟
خالد هز رأسه بالإيجاب بابتسامة جذابة وقال بإكبار:
ــ تقريبًا حوالي عشر شهور، من وقت ما تعرفنا لما عملتلي المشروع، منة دي بنت ذكية جدًا وهايلة حقيقي، ومن أكثر وأعظم البنات اللي أناعرفتها في حياتي.
مفيدة بتعجب ممزوج بتقليل:
منة؟
خالد بتأكيد وهو يحاول أن يعظم من قدر منة أمامها بأقصى قوة عنده:
ـ آه والله يا طنط، منة، انا مش باجامل عشان حضرتك والدتها، بس صدقيني منة بنت جميلة جدًا ومحترمة، تسلم تربيتك حقيقي، ده غير بقى إن هي في شغلها الله اكبر عليها بنت ممتازة، وشاطرة، عارفة ياطنط؟ أنا كان عندي مشكلة كبيرة في المصنع، وكنت مهدد بالإفلاس والسجن، ولولا منة ووقفتها معايا بفكرتها، أنا كان زماني دلوقتي مسجون، ده غير كمان إن هي طيبة جدًا وجميلة حقيقي، يا بخت اللي هيتجوزها.
نظرت له مفيدة بتعجب شديد وقالت باستنكار مبطن:
آه منة! إن شاء الله، بس منة صعبة، يعني في التعامل، إزاي يعني بقيتم أصحاب؟
وحين قالت مفيدة هذه الكلمات شعر خالد بسعادة فهي سهلت عليه الأمر كثيرًا بعد سؤالها هذا السؤال
حاول خالد تغيير طريقة تعامل مفيدة مع منه قدر المستطاع، وجعلها تراها بشكل آخر.
خالد بلطف بذكاء:
ـ:بصي ياطنط هي مش صعبة في التعامل ولا حاجة، هي كل الحكاية إن هي محتاجة حد يكون بيتكلم معاها في موضوع يكون هادي ويسايسيها، يعني أنا مثلًا أوقات بابقى محتاج أتكلم معاها وأقنعها بحاجة تبع الشغل يعني، بتبقى مش مقتنعة، ولما أبدأ أتكلم معاها بهدوء بتقتنع، عارفة هي ليها مفتاح لوعرفتيه هتعرفي توصلي لها وتخليها تسمع كلامك.
مفيدة وضعت الشوكة وقالت بتعب:
والله منة تاعباني يا خالد، إنت زى إبنى ومش هاخبي عليك، مجنناني فى موضوع الجواز ده،
بيني وبينك يعني نفسي أفرح بيها، كل ميجيلها حد بتطلع فيه القطط الفاطسة، في التعليم وفي الفلوس ومظهره، بس إيد على إيد بتساعد، الراجل ميعيبوش ا إلا الأخلاق ولا إيه؟
خالد بحكمة حاول بأقصى قدر أن يغير من طريقة تفكيرها لتحسين علاقتها بمنة ولو بقدر قليل:
ـ بصي يا طنط، هو كل أم عايزة تفرح بأولادها، أنا كمان ماما بتقول كده، بس منة تتنازل ليه؟ وتاخذ واحد أقل منها في التعليم، هي مهندسة خمس سنين دراسة وإرهاق وتعب، ليه متاخدش واحد زيها معاه شهادة جامعية؟ مش هاقولك مهندس، عشان حتى أولاده في المستقبل يفتخروا بيه، تبقى مامتهم كده وهو كده؟! وبعدين ياطنط صدقيني الموضوع ده مع الرجالة بيبقى مشكلة كبيرة بيشوف نفسه قليل ويطلع عليها العقد، أناعندي صحابي كده متجوزين دكاترة ومهندسات مبهدلنهم، ومعلش موضوع الماديات ده ياطنط مهم، يعني ينفع مراتي تصرف عليَّا؟ دي حتى مش رجولة، وعلى الأقل يبقى مكفي بيته، ولا كلامي غلط؟ من رأيي بلاش حضرتك تضغطي عليها في الموضوع ده، ودايمًا اتكلمي معاها بهدوء، طبطبي عليها، وإن شاء الله هيجيلها نصيبها، منة بنت جميلة وألف راجل يتمناها.
مفيدة:
والله إنت عندك حق، بس كل أم نفسها تفرح ببنتها، وأنا نفسي أفرح بيها، الواحد بيكبر، وهي هتبقى لوحدها.
خالد:
ربنا يديك طولة العمر، متقلقيش، إن شاء الله ربنا هيكرمها بابن الحلال اللي يعوضها، زي مقولتك كده ياطنط سيبيها على ربنا بلاش تضغطي عليها في الموضوع ده، هي مالها؟ خليها معاكِي دلوقتي بدل ما تجيلك متطلقة، هتبقي مبسوطة؟
مفيدة باستهجان:
طلاق؟ إحنا ماعندناش طلاق، لا خليها قاعدة معايا كده، عندك حق.
أكلت مفيدة بخبث:
وفي بقى ناس معاكم في الشركة شايفين منة أمورة وحلوة زي ما إنت شايفها كده؟
خالد بتأكيد:
آه طبعا كلنا شايفينها أمورة وجميلة جدًا وهي فعلًا جميلة دي حقيقة؟
مفيدة:
أيوه طبعًا، بنتي حلوة وجميلة، حد يقدر يقول غير كده؟
خالد:
لا طبعًا، بس عارفة يا طنط؟ البنات دايمًا بيحبوا يسمعوا الكلمة دي في الرايحة والجاية، أنا عندي أختي نادين حضرتك أكيد شفتيها، مجنونة لو مقلناش إنتِي جميلة يحصل لها حاجة، لازم وإحنا رايحين وجايين نقولها إنتِي جميلة إنتِي حلوة بتخليهم كمان يثقوا فى نفسهم أكتر ويحبوا نفسهم أكتر، حتى لو حلوين لازم يسمعوها.
مفيدة:
واحنا فاضيين للكلام ده؟
خالد:
الكلام ده بيفرق جدًا في النفسية صدقيني، وبيقرب الناس من بعضها، الكلمة الحلوة بتدوب الحجر، صح مش بيقولوا كده؟
مفيدة بتنبيه:
آه والله عندك حق، طب اسكت بقى عشان منة جاية، باقولك إيه؟ الكلام ده سر ما بينا ها؟
خالد:
طبعًا.
منة وهى تجلس:
بتتكلموا في إيه بقى؟
خالد:
كنت باحكيلها اتعرفت عليكِي إزاي، وإنك إزاي أنقذتيني من السجن.
منة:
يا ابني إنت لسه بتتكلم في نفس الموضوع كل متشوف حد تقوله نفس الموضوع؟ حسستني إن أنا (هوجن)، إنت بس اللي اخترت شوية مهندسين فشلة، لكن صدقني أي مهندس شاطر كان هيعمل كده، محمد نفسه لو كنت حكيتله كان حللك الموضوع ده.
خالد:
محمد نفسه لما حكتله معملش حاجة قالي منة الوحيدة اللي هتنقذك.
منة بمزاح:
هو برده مكنش شاطر أوى كان بيجيب مقبول.
خالد بنظرات إعجاب:
انتِ بس اللي مش عارفة قيمة نفسك كويس.
تنحنح وقال:
بصوا بقى إحنا بعد ما ناكل ونخلص الأكل الجامد ده هاعزمكم في مكان ثاني بتاع حلويات تحفة.
منة:
هو إنت ما وراكش حاجة؟
خالد:
لا مفيش ورايا غيركم، أنا مبسوط إني شفت طنط مفيدة جدًا وعايز أقعد معاها أكتر من كده.
مفيدة:
وأنا كمان مبسوطة إني شفتك يا خالد مع إنك بكاش وكلامنجي، وأنا باخاف من الرجالة البكاشة الكلامنجية، بس إنت عاجبني.
خالد:
والله ياطنط أنا طيب، مش زي ماحضرتك فهمتي.
منة بدفاع:
فعلًا يا ماما متقلقيش خالد مش زى امين جوز ماهي، هو بس لسانه حلو وشخصية كده.
نظر لها خالد بسعادة وقال:
أول مرة تقولي كلمة حلوة في حقي، شكرًا شكرًا، أخيرًا بليتي ريقي بحاجة.
منة:
أي خدمة.
أكملوا طعامهم وقام خالد بالحساب فلم تستطيع منة أن تدفع الحساب بسبب والدتها واستغلال خالد الفرصة..
ثم قاموا بالذهاب إلى أحد المحلات الأخرى لتناول الحلويات، وقضوا وقتًا ممتعًا معًا قبل أن ينصرفوا..
كانت مفيدة معجبة جدًا بخالد وطريقته معها، فهو شاب مهذب يجعل كل أم تتمنى أن يتزوج ابنتها..
بينما خالد -خلال المقابلة- كان يحاول أن يغير طريقة وأفكار والدتها قدر المستطاع، وإن لم تتغير مفيدة في مقابلة واحدة، وفي عدة أحاديث خفيفة إلا أنها ربما انتفعت بشيء أو بداية شيء.
ــ في صالة منزل منة بالعاشرة مساءً.
ــ نشاهد مفيدة وهى تخرج من المطبخ وتمسك بكوب شاى كان محمود يجلس في الصالة.
محمود:
مالكيش دعوة بـمنة، متفتحيش معاها موضوع.
مفيدة بتهكم:
اسكت إنت، يارب بس يرضي بيها.
محمود بتعجب:
وميرضاش ليه؟ بنتي تستاهل أحسن الناس.
مفيدة:
آه أحسن، أصلك مشفتش عربيته ولا شكله، والا الساعة اللي لابسها، ولا الفلوس إللي دفعها ده دفعلوا تلات آلاف جنيه كإنه بيدفع تلتميت جنيه، وأبوه دكتور، يارب بس هو يبصلها.
محمود بتعب:
ربنا يهديكي يامفيدة وتشوفي منة أحسن البنات، وتبطلي تشوفيها قليلة.
مفيدة:
المهم متدخلش.
ــ تركته ودخلت الى غرفة منة.
ــ نشاهد منة وهي تقف أمام أحد اللوحات التصميم لمجموعة أبراج سكنية وبجانبها مكتبة، كانت تقوم بالقياس بالمسطرة، وتكتب بعض الأرقام في الأوراق بتركيز شديد، بعد قليل دخلت عليها مفيدة وهى تمسك بين يدها كوب من الشاي بابتسامة.
مفيدة:
بت يا منة عملتك شاى.
التفتت منة وهى تقول:
تسلم إيدك -وأخذته منها- شكرًا.. إوعى تكوني حطيتي سكر.
مفيدة:
معلقة، أنا بردو نفسي تخسي يمكن المعجزة تحصل.
نظرت إلى اللوحة وقالت: بتشتغلي؟
منة:
آه.
مفيدة:
طب تعالى عايزاكِ.
جلست مفيدة على الفراش وجلست منة بجانبها بتوجس، فهى لا تفعل هذا إلا وهناك شيء.
مفيدة:
ألا الواد خالد ده، مرتبط؟
منة بتعجب وهى تهز رأسها بالنفي:
تقريبًا لا.
مفيدة بتهكم:
يعني إيه تقريبا؟
منة:
معرفش، مش بادخل في خصوصياته.
مفيدة بشدة:
لأ، إعرفي عشان لو لأ، تتقربي منه، وآهو قمر، ومصنع، وأبوه دكتور كبير، خريج جامعة، وأكيد خاصة. مفيهوش غلطة.
منة تتنهد بضيق:
ماما خالد بالنسبة لى مجرد زميل فقط، مش هافرض نفسى، عليه وهدلل على نفسي يعني؟
مفيدة وهي تحاول أن تقنعها:
هو انتِ هتقوليله تعالى اتجوزني، هتتقربي منه، اتصلي بيه عامل إيه؟ مامتك كويسة؟ وقربي من مامته، شوفي بيحب ايه؟ وانا هعملهولك، وقوليله لما عرفت إنك بتحبه عملته، كده اتحركي إهتمي بيه.
منة بشدة:
لأ طبعًا، إيه اللي حضرتك بتقوليه ده؟
مفيدة وهي تنظر من أعلى لأسفل بتهكم:
تصدقي إنتِي جبلة خليكِ جتك القرف.
منة بحزن: شكرًا.
مفيدة توقفت باستهجان،
العفو ياختى هو أصلًا مش هيبصلك، أصلًا بشكلك ده، هو أحلى منك.
منة:
وأنا مش عايزة يبصلي أصلًا.
مفيدة بتهكم:
إنتِي تطولي إنه يبصلك؟ جتك داهية في شكلك.
تركتها وخرجت، توقفت منة بتعب وهى تحاول السيطرة على ألمها ودموعها التي على وشك السقوط، وأكملت عملها لكي لا تجعل أفكارها وغضبها يسيطران عليها.
💞ـــــــــــــــــــــــــــــــــ بقلمي ليلةعادل 。◕‿◕。
ــ في النادي،السابعة مساءً
ــ نشاهد منة وخالد وهما يجلسان على أحد المقاعد الحجرية، ويلتقطان أنفاسهما، يبدو أنهما قد انتهيا الآن من الركض.
خالد بتعب وهو يحاول أن يهدئ أنفاسه:
مش قادر.
منة بتعجب ممزوج بمزاح:
أول مرة تتعب كده، إيه؟ العضمة كبرت؟
خالد تبسم:
لا ياختي مكبرتش، بس قبل متيجى كنت في الجيم، والكوتش ضغط شوية عشان بقالى أسبوعين موقف تمارين.
منة:
المفروض العكس تجري الأول عشان تسخن العضلة، وبعدين تعمل تمارينك.
خالد:
غبي بقى، بس قوليلى طنط عاملة إيه؟
منة تبسمت:
بتسلم عليك.
خالد:
مامتك عسل أوى.
منة:
امممم.
خالد:
عقبال ماتعرف على عمو محمود.
منة بمزاح:
إدعى إنت ما شاء الله، سرك باتع، إللى بتطلبه بتلاقيه، صدفة مرة، شروق مرة ماما حتى أنا أتعرفت على أخواتك كده.
خالد بمزاح محبب:
عشان تعرفي مفيش مهرب مني، ربنا عمال يبعتلك رسايل إنك تحافظي عليَّ.
ضحكت منة بصمت، رن هاتفها.
قال خالد باستغراب وهو يضيق عينه:
في صوت رنة تليفون، بس ولا رنتك ولا رنتي؟
منه بتوضيح:
لا ده تليفوني.
أخرجت منه هاتف حديث وقامت بالرد.
منة:
إيه يا محمد عامل إيه.. تمام في النادي ههههه، إتلم.. لما أروح هابعتلك.. تمام.. سلام.
كان يستمع خالد للمكالمة، وهو يشعر بالغيرة ثم قال
خالد معلقًا وهو يحتسي الماء:
جبتي تليفون جديد؟ مبروك؟
منة بتوضيح:
الله يبارك فيك، قولت إيه بقى أنا باحتاج واتساب كتير للشغل، فـأخدت خط الشغل من التليفون الصغير وحطيته في التليفون القديم، وده بقى خليته خاص.
خالد بتأييد:
صح كده، لكن إنتِي محتاجة رقم مش تليفون.
منة بتفسير:
لا، ما أنا نقلت الرقم البريفت هنا بقى، وخليت الرقمين القدام للشغل بس.
نظر لها خالد بتعجب وهو يضيق عينه والتفت بجسده في ناحيتها وقال:
إنتِي معاكِي رقم خاص؟
منة بتلقائية:
آه من زمان معايا تلات أرقام يابنى.
خالد يبتلع ريقه بأسف:
امممم والله، إزاي.
منة بتلقائية:
هافهمك، بص أنا معايا رقم الشغل اللى مع مصر كلها تمام، ومعايا رقم بتاعي الشخصي من ثانوية كل أصحابي القدام معهم الرقم وأهلى وكده.
قاطعها خالد بتساؤل:
دول الأرقام اللى معايا المفروض، صح؟
منة بتأكيد مصحوب بتلقائية:
أها بالظبط ، لما اشتغلت بدأت كمان أستخدم رقمي الشخصي للشغل وأصبح رقم لكل حاجة، ولأنى كنت باحتاج واتس بتاعه، ف روحت مشترية خط ده مكالمات بس، وتس بتاعه عاملاه على الكمبيوتر المحمول، وخليته شخصي، بعدين فكرت ليه مجبش فون جديد وانقل الخط وأنزل وتس ويبقى خاص من كله، والتانى للشغل حلوة الفكرة؟
كان يستمع خالد لحديثها بضيق شديد لأنها تمتلك خط آخر لا يعرف عنه شيئًا، كان يشعر بالانزعاج والغضب الشديد داخله، كأن هناك نيران تأكل أحشاءه، لكن حاول تمالك نفسه قدر المستطاع ولم يجعلها تشعر بشيء وحافظ على حيادية ملامحه أمامها.. تبسم خالد بتصنع وهو يحاول أن يفهم أكثر قبل أن يصدر أحكام ظالمة، خاصة عن طريقة كلامها التي أعطته انطباع اللامبالاة لديها.
خالد بتساؤل ماكر:
ومين بقى معاه الرقم ده؟
منة بتلقائية:
الناس المقربين منى أوى، وبثق فيهم وغاليين عليَّ ويهموني بس.
حاول خالد تمالك نفسه أكثر، فهو ما زال يتمنى أن يكون منهم، ويكون مخطئًا فيما فهمه وجعله يظلمها.
خالد:
امممم زى مين؟
منة:
أهلى طبعًا، شروق، وحنين، محمد، عمرو وكام واحد تاني، هما ينعدو على الصوابع بس يستاهلوا اجبلهم خط مخصوص.
فور أن استمع خالد لتلك الكلمات تأكد بأنه ليس منهم، وأن ما وصل لفهمه كان حقيقى! فحتى بعد مرور كل تلك المدة وكل ما فعله خالد ما زال لم يصل لأي شيء، مازال يقف على تلك الدرجة فهى لم تحبه فقط، بل إنها لم تجعله حتى في خانة المقربين لديها، فهو مجرد رقم من ضمن الكثير من الأرقام على هاتفها.
ارتسمت على شفتي خالد نصف ابتسامة حزينة.
نظر وتساءل بنبرة مكتومة:
عشان كده محمد بيعرف يوصلك لما بتختفي.
منة وهى تضحك:
امممم فظيع.
خالد وهو مازال ينظر أمامه ويتحدث على نفس الوتيرة:
طبعًا إخواتي مش منهم.
منة بتأكيد:
لأ
نظر من حوله وهو ما زال يحاول أن يسيطر على حزنه وعلى تلك الغصة التي تشكلت في حلقه، والنخزة التي شعره بها في قلبه، فكان هذا إعلان واضح منها إنه ليس مهمًا أو ذو قيمة بالنسبة لها..
فزعم أن لديه موعد لكي ينصرف، لأنه لا يعرف إلى متى سيظل صامد متمكن من نيران غضبه أمامها.
نظر لها خالد بتساؤل:
هى الساعة كام؟
منة وهي تنظر في ساعة يدها:
سبعة ونص.
خالد يمثل أنه متفاجئ:
يا نهار! إتاخرت عندى معاد الساعة تمانية هامشى.
منة:
إن شاء الله تلحقه.
خالد نهض وهو ينظر لها باقتضاب:
قاعدة؟
منة:
إممم شوية بس.. خالد بقولك إيه صحيح متسبش إسمى يوم التلات ع البوابة.
خالد:
ليه مش هتيجى؟
منة بتوضيح:
لا هاجى بس هادخل بتيكت بعد كدة، كفاية كده عليك، أنا سألت عليها طلعت خمسين جنيه، مبلغ بسيط.
مسح خالد وجهه فهو الآن في حالة لا تجعله يتحمل تلك الطريقة، وتلك الأفكار، فبداخله إعصار هائج، لكنه كان قوي بما يكفي ليسيطر عليه.
خالد بجمود:
إنتِ مرتاحة كده؟
منة:
آه، مش إنت كنت عايزنى أنزل معاك بس عشان أشجعك؟
هز خالد رأسه بالإيجاب، فأكملت منة:
خلاص ملكش فيه أدخل إزاي، المهم أكون هنا وأشجعك وبعدين أنا كده مرتاحة.
خالد هز رأسه بجمود:
حاضر.
منة وقفت أمامه:
كمان عايزة أديلك الفلوس اللى أكلتنى بيها أنا وماما عشان معرفتش قصاد ماما إنت بردو عندت.
نظر لها خالد فهو لم يعد يستطيع كبح غضبه أكثرمن ذلك فتنهد وقال:
منة أنا هامشى متأخر.
منة:
لازم معلش خدهم.
ضغط خالد على أسنانه، وحاول الحفاظ على هدوئه قال:
منة أنا ثباتى الانفعالي بينخفض بس.
منة بعند:
بس مينفعش، لازم تاخد حق الفلوس اللي أكلتنا بيها.
خالد هو يضغط على الكلمة:
أكلتكم بيها؟ استغفر الله العظيم، إبقى إعزمينى بيهم.. سلام بجد.
تحرك خطوتين عاد
صح أنا مسافر.
منة بتعجب:
فجاة؟
خالد بجمود:
اممم شغل سلام.
تحرك خالد مسرعًا قبل أن يفقد السيطرة على غضبه وضيقه فهو تأكد أنها لا تحبه وأنه لا يعنى لها شيئًا مما أحزنه بشدة وجعله يتصنع أن هناك مقابلة، وما زاد الطين بلة هو ما قالته في آخر حديثهما.
وخلال خمسة أيام لم يتصل خالد بها، ولم يذهب للعمل فهو حزين بشدة، فقد تأكد أنه كان يحبها، وأنها ليست مجرد مشاعر انجذاب، لكن ما فعلته جعلته يشعر أنه بعيد كل البعد عنها، وما زاد حزنه أنها
خلال تلك الأيام لم تتصل به، أو تبعث رسالة واحدة.
ــ منزل خالد في السادسة مساءً:
ــ كانت لمياء تضع صحون الطعام على المائدة، وكانت أسمهان، وأيتن، وزين يجلسون على المائدة. اقتربت نادين يبدو على ملامح وجهها الحزن.
نادين بضيق:
بردو مش عايز ياكل؟ فضلت أرخم عليه شخط فيَّ.
زين:
يمكن عنده مشكلة في الشغل؟
أيتن:
أناهادخل له، تعالى ياسيمو معايا؟
تحركت أسمهان وأيتن كادت أن تتحرك نادين فأوقفتها لمياء.
نادين:
خليكِ.
نادين بضيق:
إشمعنى أنا؟
زين:
أقعدى واصبري إسمعي الكلام.
نادين بحزن:
أنا زعلانة على خالد أوي أول مرة أشوفه كده.
جلست لمياء:
انتِي عارفة لما يبقى عنده حاجة في الشغل بيزعل.
فهى تشعر أن منة هى السبب في الحالة التى يمر بها خالد، وتعرف أنه إذا عرفت نادين فمن الممكن أن تتصل بها وتوبخها، فهى تحب خالد ولا تتحمل أن يغضبه أحد.
ـ في غرفة خالد.
ـ دخلت أسمهان وأيتن بعد أن طرقتا الباب،
كان خالد يجلس على مقعد بوجهه الحزين بشدة وعينين دامعتين.
خالد بتهذب:
لو سمحت محتاج أكون لوحدى.
أسمهان بإصرار:
لا مش هتبقى لوحدك، حصل ايه؟
وقف خالد وقال بحدة خفيفة:
من فضلكم، سيبوني لوحدي.
اقتربت أيتن حتى توقفت أمامه وهى تربت على كتفه، وقالت بتفهم:
منة عملتلك إيه؟
نظر لها خالد وضحك بسخرية، وقال بحزن خنق نبرة صوته:
إسمها معملتليش إيه، عمومًا بالمختصر مطلعتش بتحبنى، ولا بتقدرنى ولا بتثق فيَّ طلعت ولا حاجة!
أسمهان بتعجب:
إزاى؟ إنت كلمتها في الموضوع؟
هز خالد رأسه بنفي وجلس:
لا.
جلست أيتن على المقعد بجانبه:
أمال؟
خالد بألم:
قالتها وهى مش واخدة بالها.
سحبت أسمهان المقعد ووضعته أمامه وجلست بحيرة وتابعت حديثها بهدوء:
قول طيب، حصل ايه؟ فهمنا.
بدأ خالد يروى لهم ما حدث.
أسمهان بعقلانية:
بص هى الحركة متزعلش، بس كلامها هو اللى يزعل، بس أكيد مكانتش تقصد.
خالد بتعجب:
إزاي يا أسمهان؟ أنا أعرفها من حاولى عشر شهور.
والفترة الأخيرة بقينا قريبين من بعض.
أسمهان بمقاطعة:
مظبوط بس قربت من حوالى تلات أو أربع شهور.
أيتن باستغراب:
بعدين هو ده اللى مزعلك؟ خالد إنت أعقل من كده مش حتة رقم هو اللى هيوضح قيمتك عندها.
خالد:
عارف، بس هي كمان محاولتش تتصل، أو تبعت رسالة تسأل عليَّ طول الفترة دي تشفني فين.
أيتن:
أكيد خايفة تشغلك عن شغلك.
خالد بعدم اقتناع:
أي مبرر.
أسمهان:
طب إنت قررت إيه؟
خالد بحيرة، وحزن، وبعينين اغرورقت بالدموع:
مش عارفة، متعصب منها أوى، عشان كده أخد قرار إني أبعد شوية، خايف يصدر منى رد فعل أندم عليه، لأن الزعل والغضب متملكين مني، هو موقف بسيط وتافه عارف، بس كشف لي إني بلا قيمة عندها وإتوجعت أوي، كنت فاكر إني خلاص عديت المراحل الصعبة، وإنها بتثق فيَّ وإني غالي، مش هقول حب! بس أكون ذو قيمة.
وقال بخذلان: بس طلعت مغفل أنا رقم ضمن أرقام كتير على تليفون مستحقش أكون مع المقربين.
أسمهان بعقلانية:
بص ياخالد، منة مش بنت عادية عشان نزعل من رد فعلها المتوقع أصلًا، هي عندها مشكلة وبنعالجها ما إحنا طلعنا زيك، بس مش فارق، بالعكس أنا هاشتغل على نفسى عشان أوصل للناس دي، أكيد دول موصلش لكد في يوم ولا في شهر، منة عندها مشكلة ثقه ياخالد.
أكملت أيتن بعقلانية ممزوجة بعتاب:
بعدين إنت لو داخل الموضوع ده عشان مستنى حاجة منها ومقابل للي بتعمله يبقى غلط، انت قربت منها ونيتك تعرف مشكلتها وتساعدها، لكنك وقعت في حبها، هتتخلى بقى عن مريضتك ومساعدتك ليها عشان مطلعتش بتحبك؟ لا طبعًا، أنت تكمل زى ما إنت لحد ما توصل لهدفك النبيل، ومينفعش تستنى مقابل من العلاقة دى، ولازم تفهم إنها هتبقى من إتجاه واحد لحد ما منة تخف.
نظر لها وقد اتسعت عيناه بحزن وقال بدهشة:
أنا اللي طلعت غلطان في الآخر؟!
أسمهان وهى تهز رأسها بالنفي:
لا، بس كبرت الموضوع، حقك تزعل إنها خبت عليك موضوع الرقم، والكلام اللى قالته بس أنا متأكدة إن مش قصدها هو إللي وصلك وفعلًا مينفعش تستنى منها أى حاجة دلوقت، إحسبها وإزعل وإعمل اللى إنت عايزه لما الموضوع يبقى خلاص معلن ما بينكم، وكل واحد عارف مسؤولياته وواجباته للتاني، والأهم الأستاذة تخف.
خالد:
والله فاهم وقابل، بس انصدمت مكنتش متوقع إن رصيد غلاوتى عندها صفر! مشفتيش كانت بتكلمنى إزاي.
أيتن بعقلانية:
خالد بص، إنت العاطفة غالباك أوى، والله حاسة بيك،
وكويس إنك فضلت كل ده مسيطر عليها، بس أنا عايزاك ترجع تفكر بالعقل، واحدة بشخصية منة اللي كلنا نعرفها وخصوصًا إنت، لو هي فعلًا مش بتعزك أو مش مهم ليها، ورصيد الغلاوتك صفر هتحكيلك أسرارها ليه؟ بتجري معاك وبتحكى معاك بالساعات ليه؟ في حاجة كبيرة، أصل مستحيل تعمل كل ده ومفيش حاجة من ناحيتها ليك.
أسمهان بتأكيد:
بالظبط هى ممكن لما كانت بتحكيلك بتوضحلك الفكرة، أكيد مش قصدها إنها مش بتثق فيك وإنك بلا قيمة عندها زي ما وصلك! لإن لو كده يبقى إيه جبرها تروح وتيجى معاك بشخصيتها الصعبة أوي دي، إهدى ياحبيبي وفكر، هتلاقي إنك غلطان، وإديت الموضوع أكبر من حجمه!
خالد بحزن غطى ملامح وجهه ونبرة صوته:
أنا حاسس إنى باجري في ماتش وكل ماقرب من الكورة تبعد، نفسى انقطع، تعبت كل ما افتكر إني قربت منها، يطلع إني لسه واقف فى صفارة البداية، وبدأت أشوف النهاية يمكن حلوة يمكن فيها فستان أبيض، بس مش مع خالد، بس عادي أنا هافضل معاها ومكمل في هدفي لحد ماتتغير وبعدين هانسحب بهدوء لإن الموضوع وصل لشغلي، مستحيل أسمح إن أي حاجة تهدم حلمي وتعب السنين.
أيتن بتأييد:
بالظبط متخليش الموضوع ده يأثر على شغلك وحلمك، والعلاقة اللى توجع قلبك ومترتحش فيها إبعد عنها، بس فكر قبل متقرر بردو.
خالد هز رأسه بالإيجاب:
المهم إنتم ملكمش دعوة بعلاقتي بيها، بلاش تأثر على علاقتكم بيها.
أسمهان:
هو إحنا عيال، إنت عارف إحنا أكبر من كده، والفستان ده هيبقى ليك.
ارتسمت على شفتي خالد نصف ابتسامة ألم، ترتسم على وجهه بيأس:
تفتكري أنا فاقد الأمل.
أسمهان بيقين وهى تمسك بيده:
لا، خالد مستحيل يفقد الأمل، خالد بيفضل ورا هدفه لحد ميحققه وأنا بثق فيك.
أيتن:
وأنا كمان -وأكملت بمزاح وضحك- الحب بهدلة صحيح، بعدين إعدل خلقتك، نادين على آخرها لو حست إن منة هي السبب مش بعيد تروحلها السلام تجيبها من شعرها.
خالد بمزاح:
والله أنا اللى عايز أمسكها من شعرها وأمسك دماغها دي أشوفها فيها إيه؟
أسمهان:
والله بتصعب عليَّا جدًا الأسي اللى واجهته واضح عليها.
أيتن باعتراض:
أنا معترضة، هى قوية وعندها ثقة في نفسها، وشخصية على فكرة، بس الموضوع ده بتاع الإهتمام نابع من صدمة مش عارفة تخرج منها.
خالد بتأكيد:
فعلًا، عشان كده لازم أهدى شوية ومخليش العواطف تتغلب عليَّا.
أسمهان:
هتكلمها؟
خالد:
هاكلمها.
أسمهان:
تعال بقى عشان ناكل.
(في الخارج)
خرج خالد إلى المائدة مع شقيقاته بابتسامة ترتسم على وجهه بصعوبة، فهو مازال يشعر بأنين في قلبه رغم اقتناعه التام أن منة لديها مشكلة، لكن قلبه يؤلمه.
نادين باعتراض:
إشمعنا بقى أنا بقالى خمس إيام باعملك قرد وأول ما الهوانم قعدوا معاك ربع ساعة خلاص؟
اقترب منها ووقف خلفها ومسح على شعرها من الخلف وقبلها من أعلى رأسها وقال:
حقك عليَّا.
وجلس بجانبها.
نادين بتساؤل:
كان مالك؟
أسمهان وهى تجلس:
مخنوق، نفسه يخلص قرض أنكل مدحت.
زين:
أنا ممكن أديك مبلغ.
أيتن:
أنا كمان ممكن آخد من نادر مبلغ.
خالد:
بابا لو سمحت حضرتك عارف رأيي.
لمياء بحدة:
ما لو الموضوع ده ممكن يعرضك للحبس وقتها مش هنسكت لو هنبيع هدومنا هندفعلك.
خالد بإبتسامة:
متقلقيش يا ست الكل هو بس عشان موقف الجدعنة ده أنا محرج منهم.
زين:
مدحت محترم مش كام مليون بتوعك هيأثروا معاه، هو بيعمل شغل ملايين متقلقش بس، بردو حاول تدفع ولو حاجة بسيطة.
خالد:
إن شاء الله.
نادين:
بكرة نبقى زيهم.
لمياء:
أهم حاجة بالحلال، يلا كلوا أنا هعملكوا كيك شوكولاته بعد الغدا.
خالد:
تسلم إيدك يا ست الكل.
ــ منزل شروق في السادسة مساءً،
ــ نشاهد شروق ومنة وهما تجلسان في الصال وتتبادلان الأحاديث، كان يبدو على ملامح وجه شروق الانزعاج.
منة:
بس كده، ده كل اللي حصل، من وقتها اختفي، عايز أكلمه بس مكسوفة لحسن أعطله، ولا يفتكر نفسه إنه وحشتنى.
شروق بتهكم:
هتنقطينى حرام عليكِي يا شيخة هيجيلي السكر منك.
منة:
في إيه؟
شروق بحدة:
يعنى الراجل انصدم إن معاكِي رقم برايفت، وحب يتأكد أن الرقم مثلًا في حاجة كده ولا كده، وكنتِي ناسية تديهوله، تروحي رامية في وشه طوبة أصل الرقم ده للغالين واللى باثق فيهم بس، أكيد فهم إنه ولا حاجة عندك.
منة بتوضيح:
بس مقصدش كده، أنا كنت بفهمه.
شروق بجدية:
منة هو مش هيدخل جوه نيتك، بعدين مالك مسروعة على الحساب كده ليه؟ وتذكرة إيه؟ يابت إهمدى.
منة بشدة:
أيوه، يدفعلى ليه؟
شروق تنهدت بتعب:
مش موضوعنا دلوقت، هو سافر، متتصلتيش تطمني عليه ليه؟ مش يمكن حصله حاجة؟
منة بتبرير:
إخواته معايا كل يوم على الجروب لو كان فيه حاجة كانوا قالوا.
شروق بمكر وهى تغمز لها:
يعنى موحشكش؟
صمتت منة لثواني وارتسمت على شفتيها ابتسامة جميلة:
يعنى، وحشنى هزاره السخيف.
شروق:
طب كلميه لإنه أكيد زعل من اللي عملتيه معاه.
منة بتعجب:
ليه متأكدة كده!
شروق:
حاسة، انا لو مكانه هزعل.
منة:
بس أنا فعلًا جوايا حاجة بتقولى لسه بدري إنك تديله الثقة والرقم.
شروق بعقلانية:
الموضوع مش رقم ولا ثقة، الموضوع أكبر من كده، إنك عارفة إنه مسافر والمفروض تكلميه تطمني عليه، زى ما هو بيكلمك دائمًا وبيسأل، إنتِي مقصرة في حقه جامد، ولو فضلتى كده هيبعد عنك، معلش هيقول أنا إيه إللي جابرني أكلم واحدة مش بتطمن عليَّا، والا بتقدرني، ده غير إنك قولتيها وش كده، أنا مش باثق فيك والا بتهمني، لما سألك الرقم مع مين.
منة باستهجان:
بس لو زعلان ليه ميقولش؟ ماواجهنيش ليه؟ إيه شغل الأطفال ده! أنا مش بحب كده، ده راجل كبير مش لسه عيل على العمايل دي.
شروق بتأييد:
إبقى قوليله لما تزعل عرفنى، وواجهني لكن تاخد جنب لأ، أنا بردو مش باحب الحركة دي، بس أنتِي تقلتى العيار، يمكن إللي خلى زعله يزيد إنك مسألتيش عليه طول الفتره دي.
منة بتوضيح برئ:
والله فعلًا اتكسفت، وكنت بادخل مخصوص أكلم أخواته عشان لو في حاجة هيقولوا.
شروق:
كلمي خالد مش إخواته يلا إتصلي دلوقت.
منة:
لأ
شروق:
إنتِي اللي مزعلاه.
منة:
بس كده هوضح إنه فارق لي.
شروق:
ليه ميفرقش؟
منة:
لأنى مش فارقة له.
شروق بتعجب:
بلاش إفترا! الواد كان عاملك خده مداس حرام كده.
(أمسكت الهاتف وأعطته لها) اتصلي، رني مرتين، رد خلاص، مردش يبقى عملتي اللي عليكِي.
منة بتردد:
طيب أنا بس هاكلمه لإنه بيكلمنى على طول، وفي بيننا عيش وملح مش أكتر.
شروق تاخدها على قد عقلها:
ــ أيوه طبعًا ده اللى أقصده.
وبالفعل قامت منة بالاتصال بخالد.
على الطرف الآخر:
نشاهد خالد وهو يجلس مع شقيقاته ووالده ووالدته فى الإستقبال يتناولون الكيك، رن هاتفه
مع تقاطع الشاشة بينه وبين منة.
أمسك خالد هاتفه باستغراب وهو يشاهد الإسم ارتسمت على وجهه إبتسامة عريضة كالأطفال.
انتبهت أسمهان ونظرت له: (بمعنى مين؟)
أطلعها على الإسم وبابتسامة مشرقة نهض وهو يجيب على هاتفه.
لمياء:
مين بيرن على أخوكِي واتنفض وجري كده!
أسمهان:
شخص كان مستني مكالمة منه من فترة.
نظرت لأيتن وغمزت لها.
دخل خالد غرفته مع تقسيم الشاشة بينه وبين منة التى تجلس على الأريكة وشروق أمامها وهى تفتح الميكروفون.
خالد بابتسامة:
آلو.
منة:
عاش من شافك، كل ده؟
خالد:
ده أنا بردو؟
منة:
آه سافرت ونسيتنا.
خالد:
المفروض حضرتك تتصلي تطمني عليَّا وصلت ولا لأ، صح؟
منة صمتت منة لثواني تفكر كيف تخرج من ذلك المأزق فقالت بتصنع التعب:
أصلي أصلي كنت تعبانة أوى خمس أيام دول، وماما تعبت، وبابا تعب، (كح كح ) شوف بكح جامد كح كح.
نظر خالد للهاتف بتعجب ثم وضعه مرة أخرى على أذنه فهو يشعر أنها تكذب لتجمل موقفها أمامه من طريقتها تلك ثم تصنعت منه الكحة والعطس.
خالد وهو يكتم ضحكته:
لا ألف سلامة عليكِي إنتِي أحسن؟ وماما وبابا أحسن؟
منة:
اممم، إنت جيت ولا لسه؟
خالد:
جيت النهارده
منة باهتمام:
طب مكنتش بتتصل ليه.
خالد بمبرر مصطنع:
بصراحه زعلت لما لقيتك مش بتكلمينى برغم انك كل شوية استوري وبوستات.
منة باتساع عينيها بتعجب وهى تحاول أن تصلح له المعلومة.
أنا أبدا دى ماهي، باقولك كنت تعبانة كح كح.
ضحكت خالد ضحكة مكتومة، أكملت منة:
ده صوتي مكنش طالع خالص مكتوم أول ما طلع كلمتك شوف أنا زعلانة منك.
كانت تنظر لها شروق وهى تضحك على طريقة منة الهبلة في الكذب فهو واضح عليها بشدة.
بينما خالد كان يعجبه هذا كثيرًا، فهو يعرف أنها تريد أن تعتذر عن عدم اتصالها به طول تلك الفترة.
خالد:
لا حقك عليَّا يا ست البنات أنا فعلًا غلطان متزعليش مني.
منة:
خلاص مش زعلانة.. هبقى أبعتلك من وتس تانى عشان هنا بيعلق.
خالد برخامة:
إيه ده؟ كنت فاكرة للناس اللى بتثقي فيهم بس.
عدلت منة صوتها وقالت بطريقتها المعتادة:
بطل سخافة وعدى يومك.
خالد بتعجب ممزوج بمزاح:
إيه ده؟ إيه حصل مالك؟
منه بشدة:
إنت فاهم.
خالد:
الشخصية التانية حضرت حاضر هتلم.
منة بلطف:
هتيجى بكرة عربية القهوة.
خالد:
طبعّا هاجي.
منة:
هستناك الساعة ستة.
خالد:
مش هتأخر عن الساعة ستة.
منة:
سلام.
خالد:
سلام.
أغلق خالد الهاتف والإبتسامة العريضة ترتسم على وجهه بسعادة غامرة وكأنه نسى كل شيء عن غضبه منها..
بينما منة كانت تبتسم بسعادة بعيون لامعة.
شروق علقت بسخرية:
كح كح.. أنتِي هبلة باين عليكي التحوير أوي، بس مش مهم هو وصل له إنك مهتمة، وحسيتي بغلطتك بس كبرياءك منعك تعترفي يا بتاعة كح كح.
منة:
انتِي عارفة مليش فيه، المهم بجد كويس اللى عملته؟
شروق بتعجب:
إممم بس متوقعتش إنك هتديله الرقم؟
منة:
أصلها مش من رقم زي ما قولتِي.
شروق:
ربنا يهدكي باقولك خالد هيطلع معاكم رحلة نوبيع؟
منة:
مش عارفة لو هيطلع كان قال لى؟
شروق باستهجان:
هيقولك إزاي؟ بقاله أسبوع ميعرفش عن جنابك حاجة إبقي إساليه؟
منة:
كنت فعلًا هسأله عمرو الرزل بردو رافض؟
شروق بحزن:
إممم.
منة:
حاولت معاه بس مقفل، قال فرح ابن عمى يا منة ميصحش.
شروق وهي تربت على يدها:
روحي انتِي وافرحي.
ـ فيلا محمد في السابعة مساءً:
نشاهد محمد وهو يجلس على الأريكة ويشاهد التلفاز وبجانبه إيمى، رن هاتفه وكانت شروق تنظر بإستغراب وهو يضيق عينه، خفض الصوت ورد بتعجب: آلووو
أتاه صوت شروق من الطرف الآخر:
محمد عامل إيه أنا شروق صاحبة منة.
محمد بتهذب:
أها طبعًا عارف إزيك.
شروق:
تمام، محمد هو خالد رايح الرحلة بتاعة نوبيع؟
محمد:
خالد مين؟
شروق بتوضيح:
خالد اللى منة عملت له المصنع بتاعه؟
محمد بمعرفة:
خالد زين؟ لا مش طالع بس ليه؟
شروق:
مش إنت نفسك تفرح بمنة فالكوشة بالفستان الأبيض؟
محمد بتأكيد:
طبعًا.
أكملت شروق:
وطبعًا نفسك بردو تفرح بخالد بالبدلة في الكوشة؟
تبسم محمد فيبدو إنه فهم ما تريد وأعجبته الفكرة.
محمد:
عجبتنى الفكرة.
شروق بحماس:
بس طلع خالد الرحلة يمكن يقربوا من بعض هو في بينهم شوية كلام كده على خفيف عايزينه يزيد.
محمد بثقة:
سيبى الموضوع ده عليَّا، خالد مش هيلاقي أحسن من منة، وهى كمان.
شروق:
هسيبلك الموضوع ده عايزاهم يرجعوا مرتبطين.
محمد:
إن شاء الله برغم إن صاحبتك صعبة، بس هاحاول.
شروق:
تمام لو في حاجة كلمنى بس قبل التمانية عشان عمرو ميطلقنيش.
محمد:
لا كلمينى أنتِي أسلم.
شروق بخجل:
تمام سوري يا محمد أزعجتك.
محمد بذوق:
خالص، أى وقت.
شروق:
سلام.
محمد:
باى.
أغلق محمد هاتفه ووضعه بجانبه.
إيمى بتساؤل:
عايزة إيه؟
محمد:
تظبط خالد مع منة
إيمى بتعجب:
خالد ده كل اللي خطبهم قمرات.
محمد بدفاع:
منة حلوة بردو.
إيمى بتفسير:
بس مش مع لخالد زين، برغم إنها عسل وطيبة بعزها، بس خالد !!؟ صعبه، طب نشوف حد تانى أسهل هنقنعه إزاى بيها؟
محمد بتوضيح:
أصل هو معجب بيها، بس مش عايز يقول.
إيمى باندهاش:
بتتكلم جد؟!
محمد بتأكيد:
إممم نظرات واهتمام.
إيمى بتعجب:
سبحان الله، صبرت صبرت وهتقع في خالد بقولك لما يحصل المراد إن شاء الله، لازم نقول ليسر عشان نقهرها عشان كانت بتقعد تتريق عليها.
محمد بمزاح:
وحياتك بنات الدفعة نفر نفر، هتساعديني؟
إيمى:
أساعدك ما دام هو متقبلها يبقى كدة إحنا ف السليم، نروح الرحلة ونظبط الدنيا هناك، كلم بس خالد عشان الرحلة.
محمد:
صح.
رفع هاتفه وقام بعمل مكالمة لخالد بعد قليل.
أتاه صوت خالد من الطرف الآخر.
خالد بحماس:
حبيبي عامل إيه.
محمد:
الحمد لله، وانت؟
خالد:
أهو تمام.
محمد:
باقولك إنت نظامك إيه الأسبوع الجاي؟
خالد:
شغل.
محمد:
طب فيه رحلة نويبع ودهب، جاى معانا أربع أيام ب تلات ليالي.
خالد:
مش هاعرف يا محمد الأسبوع ده منزلتش المصنع وواريا شغل كتير.
محمد باعتراض وشدة:
لا مفيش كلام، ده أنا حجزتلك.
خالد بتوضيح:
يا بنى مش هاعرف، بعدين مين طالع من الشلة؟
محمد :
لا مفيش، دى فالشركة.
خالد بتعجب:
إيه اللى هيطلعني مادام مفيش حد أعرفه؟
محمد:
أنا موجود، كمان مش انت تعرف منة؟ منة جاية.
فور نطق محمد تلك الكلمة صمت خالد لثواني وقال بنبرة حالمة:
منة طالعة!
محمد بخبث:
أها أنا ومنة مش كفاية؟
خالد ابتلع ريقه:
طبعًا كفاية، هى إمتى؟
محمد:
الخميس، اتفقنا؟
خالد:
اتفقنا.
محمد:
تمام هابعتلك التفاصيل واتس، سلم لى على الدكتور زين وطنط والبنات.
خالد:
حاضر.
محمد:
باى.
خالد:
باى.
أغلق محمد الخط وقال:
أول ماعرف إن منة طالعة قام وافق.
إيمى:
أوبا شكله واقع، والله ما مصدقة، خالد ومنة!
محمد:
منة تستاهل كل خير حقيقي.
إيمي:
فعلًا أنا فرحتلها من قلبي.
💞ـــــــــــــــــــــــــــــــــ بقلمي ليلة عادل 。◕‿◕。
ـ عند عربية القهوة السادسة مساءً..
ـ نشاهد خالد يجلس على طاولة في انتظار منة، بعد قليل جاءت فوقف لاستقبالها بابتسامة جميلة مشتاقة وهى أيضًا كانت تنظر له بابتسامة مشرقة.
خالد بشوق:
عاملة إيه؟
منة:
تمام.
جلسا متقابلان.
خالد بنظرات اشتياق:
ينفع أقول وحشتيني من غير شتيمة؟
منة:
ما انت قولتها، بس احترم نفسك.
خالد ضحك:
حاضر.
منة:
طلعت قماص أوي ياخالد.
خالد باندهاش:
أنا؟
منة بتأكيد:
آه إنت.
خالد بتعجب ممزوج بابتسامة:
ممكن أفهم.
منة بعقلانية وصراحة:
أنا فهمت إنك كنت زعلان وواخد موقف من موضوع الرقم، بس المفروض إننا ناس كبيرة بنواجه مش بنهرب ونعمل نفسنا مسافرين.
تبسم خالد فقد أعجبته صراحتها وطريقتها تلك:
عارفة أنا أكتر حاجة بحبها فيكِي إيه؟ الصراحة وإنك مش بتحبي التحوير.
منة:
صدقني حاجة مش حلوة خالص، الصراحة مهما كانت صعبة بس أفضل من الكدب والغش.
خالد بوضوح وصراحة:
طبعًا، بصي أنا كنت زعلان منك حسيت إنك مش بتثقي فيَّا، مش الرقم اللى زعلني، كلامك إن الرقم ده مع الناس اللي بتثقي فيهم، مع الناس القريبين منك حسستينى إني بلا قيمة قولت أبعد شوية أهدى، خوفت زعلي يخلينى أزعلك مني، يعني يصدر رد فعل مني مش في محله، واللي زاد وغطى إنك متصلتيش.
منة بعقلانية:
لو مش بثق فيك ياخالد مش هاقعد معاك كده ولا هتكلم معاك كده، حقيقي الكلام خرج مني بتلقائية.
خالد بحنان:
خلاص مش زعلان، وأتمنى كمان متكونيش زعلانة من رد فعلي.
تبسمت منة:
لا طبعًا مش زعلانة أنا مقدرة رد فعلك صافي يا لبن.
خالد:
حليب ياقشطة.
منة:
خالد، ممكن بقى لما تزعل تانى أو أعمل حاجة تزعلك تفهمني؟ لإن الحركة إللي عملتها دي بصراحة مضايقاني.
خالد تبسم وهز رأسه بالإيجاب:
حاضر وإنتِي كمان لما أعمل حاجة تزعلك قوليلي.
منة:
أكيد.
خالد بتساؤل:
ها طالعة الرحلة؟
منة:
إنت عرفت منين موضوع الرحلة كنت لسه هسألك.
خالد:
محمد قاللي.
منة:
طالع؟
خالد:
مش عايزاني آجي؟
منة:
براحتك.
خالد بمزاح:
بردو ماشي، أنا جاي بقى مش هاسيبك تروحي رحلة لوحدك، يمكن تحتاجي حاجة كده ولا كده.
منة:
لا والله.
خالد:
إممممم هاروح اجبلك قهوتك وأنا اسبرسو ونتكلم عن الرحلة متحمس لها أوى.
لو وصلت لهنا اتمنى تحط 20 كومنت ولايك جميل شبهك يا قمر لو انت بتقرا وتباد اتمنى ما تنساش تحط نجمه شبهك يا جميل وكومنت بين السطور كلامكم وتشجيعكم وتفاعلكم هو اللي بيديني حماس اني اكمل ليلةعادل
•تابع الفصل التالي "رواية امنيات وان تحققت" اضغط على اسم الرواية