رواية صعود امرأة الفصل الخامس عشر 15 - بقلم اية طه
وعد: “يا نجاة مالك ياختي؟ إيه اللي حصل؟ ليه بتعيطي بالشكل دا؟”
نجاة وهي بتبكي بحرقة: “مش قادرة خلاص يا وعد… تعبني… مش حاسة إن ليه مكان هنا، كل حاجة بقت غلط… حتى أبية فيصل، اللي كنت فاكرة إنه كبيرنا واللي كان على طول حنين، بقى زي باقي الرجالة… بيزعق ويشك فيا.”
وعد وهي بتطبطب عليها: “اهدي يا نجاة، دا بس سوء تفاهم، فيصل مهوش كدا على طول، انتي عارفة كتر الضغط عليه هو اللي مخليه يتصرف بالشكل دا.”
نجاة وهي تدمع: “مش بس كدا يا وعد، أنا حسيت إني فعلاً بخاف منه… مش عارفة أتعامل معاه، بقى زي سائر الرجالة اللي بيحاولوا يسيطروا علينا… واحنا اللي دايماً بنسكت وبنسكت لحد ما نوصل لنقطة الغليان.”
وعد بتزفر بصوت منخفض: “عارفة يا نجاة، الدنيا مش سهلة علينا، والناس بتتغير مع الوقت، بس مش معني إن فيصل غلط مرة يبقى خلاص بقي زيه زي باقي الرجالة. ادي له فرصة يفهمك، ومش لازم تفهمي إن كل كلمة أو تصرف ضدك. انتي قوية، وأنا معاكي… وبكرة هتشوفي الأمور هتتحسن إزاي.”
نجاة وهي بتسمح دموعها: “مش عارفة يا وعد، كل اللي عايزاه إني أكون مرتاحة، وأني أعرف أعيش بكرامة.”
وعد وهي بتحاول تهدي الجو: “وهتعيشي بكرامة يا نجاة… إحنا اللي بنرسم حدودنا، محدش له علينا حاجة إلا بقدر اللي نسمحله بيه. لو فيصل غلط، هيعتذر… هو مش من النوع اللي بيضيع حق الناس، بس إنتي اللي لازم تعطيه فرصة.”
تقوم نجاة تمسح دموعها وتاخد نفس عميق، وبعدين تقول: “طيب يا وعد، خلينا ننزل نشوف أمورنا… وميهمكيش حد تاني.”
نزلوا هما الاتنين للجنينة، والهوى العليل بيرطب الجو وبيخليهم يهدوا شوية من توترهم. نجاة ابتدت تجمع أفكارها وهي بتبص للسماء، وحست إن فيه طاقة بتغمرها… يمكن كانت محتاجة الهدوء دا من بدري.
وفجأة، نسمع صوت سعاد بتنادي من بعيد: “وعد، نجاة، تعالوا ساعدوني في ترتيب الغدا.”
وعد بصوت مرح: “حاضر يا امى، جايين حالاً.”
نجاة تبتسم بخفة وترد: “يلا يا وعد نساعد امى سعاد، ونخلص من دوشة الحاجات دي.”
وهما في المطبخ بيشتغلوا وبيساعدوا، تحس نجاة إن الأمور بتهدي شوية، لكن جواها لسه في حاجة مضايقاها… العلاقة مع فيصل مش زي الأول، مش زي ماكانت بتتمنى.
—
في الليل، وبعد ما خلصت كل شغل البيت، قعدت نجاة في غرفتها وهي بتحاول ترتب أفكارها. قعدت تفكر في كل اللي حصل النهارده، وفيصل اللي فجأة بقى عصبي وشكله مش عارف يتصرف معاها صح.
وفجأة بتسمع طرق خفيف على الباب…
فيصل بصوت هادي: “نجاة… ممكن أدخل؟”
نجاة ترد وهي بتحاول تسيطر على مشاعرها: “أيوة… اتفضل.”
دخل فيصل وهو متردد، بيبص ليها بحنان واهتمام، وقال بصوت هادي: “أنا عارف إني زعلتك النهارده… وعايز أقولك إن كل اللي حصل كان غلطة مني.”
نجاة ترد بقوة: “مش بس النهارده يا أبية، دا بقالنا فترة وكل حاجة بينا مش زي الأول… مش عارفة ليه كل حاجة بقت غلط؟”
فيصل يقرب منها ويقعد جنبها على الأرض: “يا نجاة، أنا فعلاً متأسف… الحياة بتاخدني في دوامات كتيرة، وبنسى إني مش لازم أتعامل معاكم كأني الراجل اللي لازم يتحكم في كل حاجة… بس صدقيني أنا مش عايزك تخافي مني.”
نجاة تبص ليه بعمق: “مش عايزة أخاف منك يا أبية، بس اللي حصل خلاني أفكر في حاجات كتير… أنا مش هسمح لحد يتحكم في حياتي بالطريقة دي، مش بعد اللي شفته في الدنيا.”
فيصل يهز راسه بموافقة: “معاكي حق يا نجاة، وأنا بوعِدك إني مش هكرر دا تاني. انتِ مهمة عندي، وعمري ما هسمح إنك تبتعدي عني أو تحسي إنك مش في مكانك الطبيعي… بس أرجوكِ ماتخفيش مني، أنا هنا علشانك.”
نجاة تاخد نفس عميق وتقول: “أنا محتاجة وقت يا أبية… مش بسهولة أقدر أرجع زي ما كنت.”
فيصل بابتسامة خفيفة: “وأنا هديكي كل الوقت اللي تحتاجيه… بس خليكي عارفة إني هنا وجنبك، دايماً.”
—
الوقت عدى، والأمور بدأت تهدى شوية في البيت. وعد كانت دايماً جنب نجاة، بتحاول تهديها وتفهمها إنها لازم تعطي الدنيا فرصة إنها تتصلح. أما فيصل، فكان بيراقب من بعيد ويحاول يتغير ببطء، يدي مساحة لنجاة ويخليها تحس إنها متحكمة في حياتها.
وفي يوم، كانت العيلة كلها مجتمعة على العشا. الجو كان مريح، وكل واحد بيتكلم في موضوع مختلف. فجأة، بص فيصل لنجاة وقال بصوت هادي: “نجاة، ممكن بعد العشا نتكلم شوية؟”
نجاة ترد بدون تردد: “أيوة، طبعاً.”
بعد العشا، جلسوا هما الاتنين في الجنينة، والهوى العليل بيهفهف عليهم. فيصل كان قاعد بارتياح وبيحاول يفتح كلام: “كنت بفكر في اللي قولتيهلي من فترة، عن الخوف والسيطرة… وحبيت أقولك إني بفهمك دلوقتي أكتر من الأول.”
نجاة بتبتسم بخفة: “أنا مش عايزة منك حاجة غير إنك تفهمني يا أبية… مش عايزة تحكم أو سيطرة، عايزة بس أحس إني حرة.”
فيصل يهز راسه بتفهم: “وأنا بوعدك، هحترم حريتك، وهحاول أكون سند ليكي، مش مصدر خوف.”
الحديث بينهما استمر، وكل واحد فيهم كان بيحاول يفتح قلبه للتاني، علشان يرجعوا علاقتهم لمكانتها الطبيعية.
وفي يوم تاني، كانوا قاعدين في الصالة، وعد بتقول بصوت فرحان: “الجو النهارده حلو، ماتفكري يا نجاة نطلع نتمشى شوية؟”
نجاة ترد بابتسامة خفيفة: “أيوة يا وعد، فكرة حلوة… بقالنا كتير ما غيرناش جو.”
طلعوا هما الاتنين يتمشوا في الحديقة الكبيرة اللي قدام البيت، وكانوا بيتكلموا في حاجات خفيفة، لحد ما وعد قالت: “نجاة، عارفة إنك بتحبي فيصل من زمان، بس اللي بينكوا دلوقتي فيه توتر… فكرتي إنكم تتكلموا بصراحة أكتر؟”
نجاة توقف لحظة وتبص لوعد: “ما بيني وبين أبية فيه حاجات كتيرة، يا وعد. حاسة إني مش فاهمة كل حاجة اللي بتحصل حواليا. ساعات بحس إنه لسه بيحبني وساعات بحس إنه بعيد.”
وعد ترد بحكمة: “الحب ساعات بيحتاج صبر وفهم. لازم تديه فرصة يثبتلك إنه فعلاً مهتم بيكي.”
في اللحظة دي، وصل فيصل من بعيد، وكان سامع جزء من الكلام. دخل عليهم وهو بيحاول يظهر بمظهر هادي: “إنتي دايماً بتعرفي إزاي تشجعيها يا وعد.”
نجاة تلتفت ليه بحذر، لكنه قرب منها وقال: “نجاة، عايز أقولك إني ما زلت ملتزم بالوعد اللي قولته ليكي. وهفضل جنبيكي لحد ما تحسي بالأمان مرة تانية.”
نجاة تبص ليه بعمق وتقول: “أنا عايزة أثق فيك تاني يا أبية، بس محتاجة وقت… محتاجة أشوف إنك فعلاً بتتغير.”
فيصل يهز راسه بتفاهم ويقول: “هتاخدي الوقت اللي تحتاجيه… وأنا هنا، مش هبعد.”
الأيام كانت بتمشي ببطء، وكل يوم كان فيه خطوة جديدة بتاخدها نجاة في رحلتها مع فيصل. كان عندها دايماً دعم من وعد وأمها، وده اللي كان بيخليها تحس إنها مش لوحدها.
وفي يوم تاني، قررت نجاة إنها تاخد خطوة كبيرة. راحت لفيصل وقالت له: “أبية، أنا جاهزة أديك فرصة تانية… بس لازم تبقى معايا في كل خطوة، ومافيش حاجة هتتصلح إلا لو كنا مع بعض.”
فيصل ابتسم وقال بحنان: “أنا معاكِ يا نجاة، دايماً.”
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية صعود امرأة ) اسم الرواية