رواية قتلني قلبي الفصل السادس عشر 16 - بقلم خلود بكري
اجتمعت القلوب بعد شتاتها وصِراعِها من قال أن الحُب سهلًا فسلامًا عليه ، ومن قال إنه صعًبا فلم يجد لذة الفوز بالحربِ من أجل محبوبه ، قرأنا مقولات عدة منها يقول:
“قاتل من اجل من تُحب ولاتفكر بالهزيمة كن أنت المنتصر
في الحب فليس هناك أجمل من النصر في الحب وليس هناك
خسارة أقسى من خسارة الحب….
وقرأتُ شعرًا أيضًا يقُولُ كاتبهُ:
إني لا أؤمن في حب، لا يحمل نزق الثوار، لا يكسر كل الأسوار، لا يضرب مثل الإعصار…
جميعهم حاربوا لأجل نهاية سعيدة تُرضي الطرفين لا شك أن هناك قلوب كسرت بل وقُتلت لكن سيعالج الحُب ما فقدناه…
___________
دقت الساعة السابعة صباحًا يوم الجمعة فاستيقظ الجميع لبداية العمل لهذا اليوم العظيم، حيث بدأت صفية بتجميع الفتيات حولها ترمى عليهم بعض نصائح الأم الحنونة فتبسمت في وجوههم قائلة :
ـ النهارده كل واحدة فيكم هتُكتب على أسم زوجها ونصيبها اللي ربنا أختاره ليها ، قبل أي حاجه كلكم ولاد عم ولازم قلبكم يبقى على قلب بعض وتبدأو حياتكم بصفحة بيضه تكتبوا أنتم عنوانها، ومتخلوش الشيطان يأثر على حياتكم
ابتسم الجميع فهتفت رغد قائلة :
ـ إن شاء الله يا ماما صفية كفايه دعواتك الطيبة لينا
جذبتها إلى أحضانها وهي تقول بفرحه :
ـ ده أنا ربنا بيحبني يا رغد عشان انتى هتبقى مرات يامن
عروسة ابني الغالية ، وبنتي حبيبتي
ابتسمت بمحبة ثم قبلت رأسها قائلة:
ـ ربنا يبارك لنا في عمرك يا ماما
ربتت على كتفها بحنانٍ وتحدثت للجميع :
ـ ياله يا بنات قوموا جهزوا نفسكم كده لحد ما نجهز الغدا
اجتمع الثلاث سلايف في المطبخ بعدما قرر رأفت والد يامن أن يكون البيت عاديًا ونسوته هم من يقومون بكل شيء فيه ولا داعي للخدم بعد اليوم فالكل سيساعد الأخرى لتحظى حياتهم بالبركة والبساطة، والألفة والمحبة …
هتفت نرمين بضيق وتعب :
ـ تعالي يا صفية علميني الحمام ده بيتحشي ازاي ؟
ضحكت فيروز بمكر قاصدة تمرح معها فقالت بنبرة ساخرة :
ـ زي ما بتحطي المونكير ده ولا اسمه مناكير
نظرت لها بضيق ثم هتفت قائلة :
ـ مش وقته تريقه يا فيروز
مطت شفتيها بسخطٍ ثم تحدثت:
ـ ياما قولنا ليكي تعالي نعلمك قولتي لأه
تحدثت صفية بقلة صبر :
ـ وبعدين إنتم صغيرين للكلام ده سبتوا إيه للأطفال ولا للمراهقين ..
نظرت نرمين لفيروز قائلة:
ـ هى اللي بدأت يا صفية عشان بطلب تعلموني الحمام أحشيه ازاي
اقتربت تجلس جوارها ثم مسكت إحدى فِرد الحمام وأخذت تشرح لها بهدوء كيف تملأه بالأرز حتى أتمت أول واحدةٌ فأخذت نرمين تقلدها حتى استطاعت أن تُكمله كله تحت نظرات إعجاب صفية بقوة استيعابها…
ضحكوا سويًا وترابطوا كأسرة واحدة تُريد السعادة ، والخير لأبنائها …
_________________
في الطابق الثاني وفي غرفة رغد تحديدًا إجتمعوا الفتيات يتبادلن أطراف الحديث ويجهزون ملابسهم تحت فرحة البعض منهم والأخرى خائفة وهناك غير مُباليه ..
هتفت روان قائلة بثبات وبداخِلها ضجيج يئن قهرًا والمً :
ـ ياله يا بنات قوموا إفرحوا اليوم يومكم وإرضوا باللي ربنا كاتبه و انسوا بقى الحزن ده ..
اقتربت منها رغد تحتضنها وهي تُحدثها بحنان :
ـ عقبال فرحتنا بيكي يا روني
قامت ألاء بتشغيل إحدى النغمات الخاصة بالأفراح وجذبتهم لكي يتراقصوا عليها ..
تمايلت سلمى وملك تحت ضحكات رغد وروان فصاحت روان متحدثه بمكر :
ـ ياحلاوتك ولا صافيناز في زمانها..
ضيقت نظرها بغضب ثم هتفت قائلة:
ـ ومالوا يا اختي مش عيب ما احنا كده كده مش هينفع نرقص قدام الرجالة فنطلع العفاريت هنا ولا إيه يا ملوكه ؟
ثم تابعت بمكر أشد :
ـ ولا إكمنك مبتعرفيش ترقصي يعني
مطت شفتيها بسخطٍ ثم جلبت شيء يشبه الحزام وربطت بهِ خصرها وأخذت تتمايل بحرفية شديده تحت دهشتهم وإعجابهم بها
فهتفت رغد بصدمة :
ـ لا ده انتي محترفه
ضحكت روان وقالت بثبات وغرور :
ـ اومال ايه مش روان السيوفي
ثم جذبتها والاء وأخذوا يتمايلون بسعادة على أصوات الدفوف والنغمات الراقية وبعد قرابة النصف ساعة صاحت ملك مسرعة :
ـ ياله يا بنات الوقت اتأخر لازم نجهز
لكزتها رغد قائلة بضيق:
ـ أنتم السبب في التأخير ده
ردت ألاء بهدوء :
ـ مفيش تأخير ولا حاجه المهم إن إحنا انبسطنا أنتم عارفين إن إحنا اتربينا على مبادئ وكلنا صعب نتخطاها ومنها إننا منرقصش في أفراح ولا قدام رجاله تحل لينا واهو كل واحدة خرجت طاقتها وفرحت وبعد كده تبقي ترقص في بيتها لجوزها ..
اعتلى الخجل قسمات وجوههم فور تذكر حياتهم القادمة وتمنوا أن يرزقهم الله الرضا والحب والسعادة الصافية ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حل المساء بأُمسية هادئة ناعمة ، أضواء خلابة مُلئت بهو القصر بترتيبٍ مبهج، صوت النغمات الناعمة أحدث في القلوب دقات مُزهره ، الضحكات ارتسمت على وجوههم الثلاثة فخرجوا كدرعٍ واحد يقولون للعالم نحنُ أخوة بالدم
كانت ملامحهم هادئة شرقية تقترب من بعضها نظرًا لتوافق سنهُما معًا..
ارتدا يامن حلةٌ بيضاء وبنطال أسود فظهرت جاذبيته المفرطة لما يمتلكها من عيون تُشبه إتحاد السماء مع أمواج البحر وجسد رياضي ووقار يؤكد أنه في عامه الأربعين وهو لم يتخطى الثلاثين بعد …
وكذلك مالك ظهر بحلةٌ من اللون الكحلى الغامق و صفف شعره بعناية أظهرت وسامته الشرقيه ببشرته الحنطية وابتسامته الدائمة على مُحياه فكان يعرف وسط الجميع بالوسيم الفرفوش..
أما مروان فقرر أن يبتعد عن تلك التحفظات والملابس التي تناسب رجال الأعمال فظهر بقميص من اللون الأسود على بنطال من اللون الرمادي ، وغير قصة حلاقته لأخرى فظهر مختلفًا لكنه ذات طابع ووجه خلوق يجذب من يراه …
اجتمعوا ثلاثتهم حول الطاولة وبجوارهم كان يجلس رأفت والد يامن ومحمود والد مالك …
اجتمع الضيوف حولهم وبدأ المأذون في كتب كتاب يامن ورغد ..
كانت الفتيات يجلسن بالداخل وكلٌ منهم تدعوا الله في سرها أن يتم الله عليهم بالخير
ذهب مروان وأحضر رغد لكي تمضي على العقود فبدأت بيد متوترة تمضي ودموع الفرح تُغرق وجنتيها ..
وعلت الزغاريد فور سماع كلمة المأذون بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير..
أتم المأذون كتابة الثلاث عقود وبدأت المُباركات تملأ القصر بأكمله والفرح يحتل أخيرًا مكانًا في قلوبهم ..
————————-
أخذ مالك ملك وجلس بعيدًا وعيناه تأبى البعد عنها حتى هتف لها بسعادة :
ـ مش مصدق النهاردة بجد بنتي انكتبت على أسمي..
فاكره يا ملك كنت في أولى أبتدائي وأنتى لسه مولوده قولت ليهم سموها ملك عشان هتبقي عروستي وأبقى أنا أسمى مالك وهي ملك ..
خفضت وجهها بحياء فجذب كفها بين راحته قائلًا بنبرةٍ عاشقة لها منذُ الصغر :
ـ كنت بحلم باليوم ده يا ملاكي والنهارده الحلم بقى حقيقي
تسمحيلي..
نظرت له بتساؤل وحيرة فجذبها إلي أحضانه وأخذ يدور بها حتى أدمعت عيناها فهمست له :
ـ كنت خايفه لا مكونش ليك ، عارف يا مالك لما تتعلق بحاجة من وانت صغير وتخاف تضيع منك أنت كنت بالنسبالى كده أنا طفلة وانت لعبتي اللي بحبها وبخاف تضيع كنت أماني .
نظر لها غاضبًا ثم هتف بها :
ـ لعبه يا ملك
ضحكت ملء فمها حتى ظهرت غمازات ثغرها فقالت بتفهمٍ:
ـ مش القصد يا حبيبي المعني إنك كنت أغلى حاجة
عندي وهتفضل ..
تبسم ضاحكًا ثم غمز لها :
ـ أخيرًا قولتي حبيبي
ألجم الخجل لسانها فنظرت له بهدوء وخجًلا قائلة:
ـ بس بقى يا مالك الله
قبل رأسها ثم تحدث بجدية وحبٍ:
ـ انتى أحلى هدية من ربنا ليا يا ملاكي
لم تتمالك نفسها من الخجل فقامت مسرعة من أمامة فركض وراءها يقول :
” أحببتُ صبيه على هيئة ملاك
في السماءِ ضياء وفي الأرض بَهَاء ”
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتظرها مروان قرابة النصف ساعة فلم تأتي فقررالذهاب ظنًا منه أنها لا تُريد لُقاه فشحب وجهه بحزنٍ ثم استدار ليذهب فأوقفته قائلة:
ـ لحقت تزهق ؟
تطلع بها بدهشةٍ عندما رأى فستانها الزهري الجذاب وحجابها الابيض خالى وجهها من أي مساحيق عيناها الكحيلة تأخذه لعالم أخر وتلك دقت الحسن التي تميز وجهها جعلته يُغرم بها فخطى ببطء يتمعن النظر بها حتى حمله بين احضان والدمعات تسبق همساته لها قائلًا :
ـ كنت مستني اليوم ده عشان أضمك لقلبي وانتي حلالي يمكن دلوقتي تعرفي انا حبيتك قد ايه …
امتلأت عيناها بالدموع فتحدثت بهمس :
ـ كل شيء كان غريب بس دلوقتي بقي كل شيء واضح
انا عمري ما حبيت غيرك يا مروان ولا فكرت بس دي نفسي لازم أحافظ عليها أولًا لنفسي وثانيًا ليك ..
ثم تابعت وهي تزيل أثر دموعه قائله :
ـ قرب الحلال غير وأنا حبيت أول إعتراف مشاعري ليك يكون وانا مكتوبة بإسمك ..
جلس وأجلسها بجواره قائلًا بنبرة هائمة:
ـ انتى أجمل حاجة ممكن ربنا يرزقني بيها وأنا أفكر ولا هلاقي فين تاني حد يخاف ربنا في حبيبه
اخفضت بصرها خجله فرفعها لتنظر له قائلًا :
ـ وعد منى لاخلى عيونك وقلبك فرحانين دايمًا
ابتسمت بهدوء ثم همست قائلة:
ـ ربنا يباركلي فيك ويتمها علينا بخير يا رب
“دق قلبي منذُ ريعان شبابي عشقًا له، فقفِلتُ باب قلبي خوفًا من أن يحرمني الله حلاله ، ومكثتُ سنيناً أدعو الله سرًا أن يجعله لي، وها أنا اليوم أفوزُ باستجابة الله لدعاءٍ بتُ ليالي أقول يارب إرزقني به …”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلست روان بجوار رغد تحتضنها بفرح وهي تقول لها :
ـ مُبارك فرحتنا بيكِ يا زوجة أخي العزيز
ابتسمت رغد فقالت مشاكسه لها :
ـ مُبارك عليا أنتى يا عمتو
ضحكت روان ملء فمها فقالت بهزار :
ـ عمتو الحر*با*ية
لكزتها رغد في كتفها بهدوء قائلة بعتاب :
ـ هو أنا عمري هقول عليكي كده انتى اختي يا هبله
احتضنتها بحنان ثم غمزت لها وهي تذهب مشيرة إلى مكانٍ ما قائلة:
ـ طب أسيبك انتى مع قابض الأنفاس
استدارت تنظر مكان إشارتها فوجدته يقترب منها وعيناه هائمة في ضحكتها الفاتنة فقال بغزلٍ صريح :
ـ ضحكت يعني قلبها مال
أغمضت عيناها بتوتر واحتل الخجل قسمات وجهها فاقترب أكثر وهو يقول :
ـ خلاص مفيش هروب بقيتي على أسمي
رفعت بصرها له فغمز لها فابتسمت حتى قال :
ـ أنا كا يامن هطير من الفرحه
ثم أشار لموضع قلبه قائلًا:
حتى شوفي بيدق ازاي
همست بهدوء وقالت :
ـ مُبارك علينا الحلال يا يامن وربنا يجعل ايامنا كلها فرح
اقترب حتى وقف أمامها مباشرةً قائلًا بتساؤل:
ـ تسمحيلي
ضيقت بين حاجبيها بعدم فهم فاحتضنها ودار بها والسعادة تملأ قلبه حتى همس لها :
ـ بحبك يارغد
تمسكت بهِ وزرفت عيناه الدموع فهلع قلبه خوفًا فأزل برفق أثر دمعاتها قائلًا :
ـ بتعيطي ليه؟
تحدثت وسط شهقات بكائها قائلة:
ـ كان نفسي ما يحصلش كل ده وكان نفسي بابا يكون موجود
لسه في نغزه في قلبي مش قادره اكون مبسوطة.
ربت على كفيها بحنان وهو يقبلهم قائلًا :
ـ وعد منى يارغد انى ارجعلك بابا، واني انسيكى الحزن ده
ابتسمت بحبٍ ثم أردفت:
ـ ربنا يباركلي فيك يا حبيبي
نظر بعمق لعينيها متحدثًا بنبرةٍ عاشقة :
” كيف السبيل للهرب من عينيكِ، أنا أمامها دائمًا أهزمُ “
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية قتلني قلبي ) اسم الرواية