Ads by Google X

رواية ظلمها عشقا الفصل التاسع عشر 19 - بقلم فرح صالح

الصفحة الرئيسية

 رواية ظلمها عشقا الفصل التاسع عشر 19 - بقلم فرح صالح

♡ الفصل _ التاسع عشر  ♡

جلس على الفراش بعد ان تركها بالخارج زافر بعمق وهو يحاول ان يهدء من ثورة مشاعره ونبضات قلبه المتراقصة بفرحة عودتها له واحساسه بعودة كل شيئ لطبيعته لمجرد وجودها معه فى نفس المكان  ،  تتنفس الهواء ذاته معه  ،  فبرغم محاولته اظهار الثبات والقوة امامها وصراخ كبريائه عليه بأنها تستحق عقابه على ما فعلته لكنه لم يجد فى نفسه القدرة على ذلك. 

يختفى غضبه منها رويداً رويداً بمرور الايام  ،  وخاصة بعد ذهاب والدته اليها لمحاولة معرفة سبب خلافهم وارجاعها للمنزل مرة اخرى بعد رفضه هو الحديث  ،  ليعلم لاحقا بأنها ر فضت اخبارها عن السبب هى الاخرى لكنه وقتها ارجع ذلك لخجلها من فعلتها وخوفها من لوم والدته لها  ،  ولكن ما اربكه حقا هو حديثه الاخير مع شقيقتها سماح عند اتصاله لاطمئنان على حالها لتفاجئه بسؤالها الخجول المرتبك عن سبب الخلاف بعد يأسها من اخبار فرح لها مع وعد منها بأنها ستحاول الاصلاح بينهم وبأنها ستحاول بث التعقل فى شقيقتها  . 

ليتسلل اليه الشك لاول مرة بأنه قد اساء فهم محادثتها مع شقيقتها يومها وغضبه الشديد بعد حديثه مع ذلك الحقير يومها  ،  ولكنه استمر على عناده يقف كبريائه بينهم مرة اخرى حتى يتبين الحقيقة تماماً..

 لكن انهار كل شيئ حين علم من شقيقه بوجود ذلك الحقير عندها يهرع فوراً وبدون تفكير الى هناك وفى نيته سؤالها فقط عن سبب وجوده ولكن انهارت حصونه تحت اقدامها فور رؤيته لها بعيونه المشتاقة والمتلهفة لها  ، فيصر وقتها على عودتها معه ويرفض رفضا قاطعاً ابعادها عنه مرة اخرى حتى لو اضطر لممارسة لعبة القط والفأر حتى يفوز بها  . 

خرج من افكاره على صوت رنين جرس الباب الملح  يزداد الحاحا عند تأخرهم فى الاجابة ولم يجد من بالخارج استجابة له  ،  فينهض فوراً ليتسأل لما لم لا تجيبه يهرع خارجا من الغرفة بقلق وقد ارعبته فكرة ان تكون قد غادرت وتركته مرة اخرى..

 لكن تنفس الصعداء خفية حين وجدها تجلس كما تركها تماما و مازال الغضب على وجهها تلتمع عينيها بنظرة متحدية تسمع رنين جرس الباب لكنها تجاهلته بلا مبالاة ليسألها صارخاً بها بحنق
: ايه مش سامعة الباب وكل الخبط ده  ! 

بوجه بارد وعيون متحدية اجابته
: انت مش قولت مجيش ناحيته ولا ايدى تلمسه وانا بقى بحب اسمع الكلام. 

هجم بتهديد ناحيتها خطوتين لتهب واقفة تصرخ به بصوت باكى طفولى ويدها تفرك مكان صفعاته السابقة لها
: والله لو قربت منى لا اصوت واخلى اللى على الباب يسمعوا صويتى .. حرام عليك والله انا مبقتش قادرة. 

توقف مكانه يحاول كبح ابتسامته وعينيه تراقب حركة يدها فوق جسدها بسخرية مرحة  ،  لكن فجأة تغيرت طبيعة نظراته واصبحت بعيدة كل البعد عن السخرية تشتعل بمشاعر اخرى للحظات اذابتها وجعلت قدميها كالهلام لا تقوى على حملها..

 فتوقفت فوراً عن حركتها تعاود الجلوس بأدب فوق المقعد قائلة بتلعثم وانفاس لاهثة
: على فكرة الجرس لسه بيرن .. وانا مش ناوية اقوم افتحه . 

رفع عينيه لتلتقى بعينيها ترى عودة نظرة الوعيد بهم مرة اخرى وهو يقوم بفرك ذقنه بسبابته بحدة قد نفذ صبره يتوعدها بالعقاب لكنها جلست مكانها تتظاهر بالبرود ولا مبالاتها بوعيده هذا برغم انها تود الفرار هربا حتى تختفى من امامه تماماً  ،  قبل ان يبتعد اخيرا بأتجاه الباب بخطوات سريعة حانقة يتركها مكانها مرتجفة بقلق ترقبا لما هو اتى. 

راقبته بأهتمام وهو يقوم بفتح الباب لتدلف من خلاله والدته وهى تهتف بسعادة وعينيها تجول بالمكان بلهفة  
: حقا بصحيح اللى سمعته ده يا صالح فرح رجعت معاك ؟
 
لم تنتظر اجابته بل هتفت بسعادة طاغية تهرع نحوها بعد رؤيتها لها 
: حبيبة قلبى .. نورتى بيتك يا عين خالتك. 

ضمتها لصدرها بسعادة وحنان تستكين فرح بين ذراعيها كأنها تتشبع من حنانها هذا وتشعر بذراعيها كملجأ امان لها ولم تشعر غير ودموعها تندفع من عينيها كالشلال وتصاحبها شهقات بكائها التى وما ان وصلت اليه  ،  حتى كاد ان يهرع ناحيتها ليختطفها من بين ذراعى والدته حتى يحتضنها هو  .. 

لكنه اجبر نفسه على الثبات ويتحرك من قدم لاخرى بنزق كأنه لا يطيق وقوفه الثابت هذا يستمع الى والدته وهى تغمغم لها بحنان بكلمات مهدئة تمنى لو كانت من شفتيه هو لها. 

لاعنا بصمت كل ما حدث مراقبا بقلق الوضع حتى هدئت أخيراً شهقات بكائها  ، فجذبتها والدته نحو الاريكة تجلس وتجلسها معها اما هو فقد وقف يستند الى الحائط بكتفه فى وقفة تظهره مسترخى غير مبالى ، على عكس تلك الوثبات بدقات قلبه ونظرات عينه المهتمة.

 يرى والدته تربت فوق شعرها تزيح عن وجهها خصلات شعرها المبللة قائلة بحنان وتروى
: خلاص بقى حصل خير ده شيطان ودخل بينكم  .. وهو الحمد لله رجعتى نورتى بيتك من تانى.

ثم غمزتها بخبث وهى تشير ناحية صالح 
: انتي بس كنتى عاوزة تشوفى غلاوتك عنده .. بس اطمنى طول الاسبوع ده كان لا اكل ولا شرب لحد ما بقى زى ما انتى شايفة كده. 

رفعت فرح عينيها سريعا نحوه بلهفة تتحقق مما قالته ليرفرف قلبها حين لاحظت بالفعل شحوبه ونقصان وزنه الملحوظ والتى لم تلاحظه فى ظل كل ما حدث ، تلتقى نظراته به لتشعر به يتململ فى مكانه بحرج قبل ان يعتدل فى وقفته قائلا بخشونة فى محاولة منه لتمرير الامر
: ابويا فين ياما .. وحسن كمان مختفى فين. 

اجابته والدته وهى تنهض من مقعدها قائلة بلهفة
: كلهم تحت وقاعدين مستنين علشان نتغدى كلنا سوا .. يلا هات مرات وتعالى. 

لكنه هز رأسه بالرفض قائلا بحزم 
: لاا معلش كلوا انتوا ... احنا هنتغدى هنا انا عاوز اكل من ايد مراتى النهاردة. 

اتسعت عينى فرح من رده يزحف اللون الاحمر لوجنتيها يشعلها خجلاً تخفض رأسها أرضاً ،  حين صدحت ضحكة انصاف عالية وهى تهتف بسعادة
: بقى كده يا سيدى مش عاوز تدوق اكل امك بس مااشى انا موافقة وعلى قلبى زى العسل. 

ثم التفتت الى فرح قائلة لها بمزاح وابتسامة سرور
: ليكى حق يا بت مترضيش تيجى معايا وتستنيه علشان يجى ياخدك هو... 

عاودت النظر الى صالح تقترب منه تربت فوق كتفه بحنان وهى تهمس برجاء ومحبة 
:براحة عليها يا حبيبى .. ومتخليش الشيطان يدخل بينكم تانى. 

امسك بكفها ينحنى عليه مقبلاً اياه بحنان هى تبتسم له ثم اسرعت فوراً تغادر المكان بخطوات سريعة وهى تدعو لهم بالهداية  ، ثم تقوم بغلق الباب خلفها بهدوء. 

ليسود الصمت التام المكان بعدها وقد وقف كل منهما مكانه يتطلع الى الاخر هو بثبات شديد وهى بأرتباك وقلق حتى قطعه هو قائلا بهدوء وهو يشير لها براسه
:يلا ... روحى اسبقينى .. وانا جاى وراكى احصلك. 

عقدت حاجبيها بشدة تتوتر فى وقفتها وهى تسأله بخشية
:يلا على فين بالظبط..! 

التوت شفتيه بأبتسامة ساخرة بطيئة وقد ادرك الى اين ذهبت بتفكيرها
:على المطبخ ... هيكون على فين يعنى! 

اتسعت بسمته حين رأى خيبة املها والتى ظهرت رغم عنها على ملامحها برغم تظاهرها بالعكس حين قالت مستهجنة
:مطبخ ايه اللى عاوزنى ادخله .. وبعدين ما هى امك كانت بتقولك تنزل تاكل تحت عندها ولا هى فرهدة فيا وخلاص. 

اشعلت كلماتها الفتيل بينهم مرة اخرى يصرخ بها بحنق وهو يندفع نحوها
: اسمها امك برضه ... انت ايه لسانك ده مبرد ملهوش حاكم. 

صرخت بفزع تجرى مبتعدة عن مرمى يده فور ان رأته يتحرك نحوها ينقض عليها ولكنها لم تستطع سوى التحرك خطوتين بعد ان امسكها من خصرها يوقف هروبها  ،  يلفها لمواجهته فاخذت تعافر للفرار من بين يديه ،  بينما هو يحاول احكام قبضته عليها وتفادى ضرباتها..

 يتراجع بها للوراء بتعثر وصعوبةحتى ارتطم بالطاولة من خلفه فيسقط أرضاً بعنف ويسقطها معه وقد الصقها بصدره يلفها بحماية بين ذراعيه يتلقى جسده صدمة السقوط كلها  ،  يتأوه بألم حين ارتطمت رأسه بالارض لترفع رأسها اليه صارخة برعب ولهفة
: صالح حصلك حاجة ... اتخبط فين .. جسمك اتعور ... صالح رد عليا طمنى  ! 

كانت يديها المرتعشة تجوب جسده بخوف وتلهف تحاول الاطمئنان عليه  ،  بينما استلقى هو اسفلها مغمض العينين جسده مستسلم للمساتها تماماً  ، حتى ظنت  لوهلة انه قد فقد الوعى. 

ولكن عنف وسرعة انفاسه تحت يديها المستندة على صدره بعثت فيها الراحة والطمأنينة  ،  والتى سرعان ما اختفت تشهق عاليا حين فتح عينيه فجأة ينظر اليها بعيون كالوهج  ،  تشتعل حرفيا كالحمم السائلة هو يدس انامله فى مؤخرة رأسها يجذبها اليه ثم ينقض عليها كالظمأن سنين طوال ، و أخيراً وجد نبع من الماء العذب ينهال منه فلا يترك لها فرصة سوى لمقاومة واهية. 

سرعان ما سحقها خلف هجومه الضارى على حواسها يتأوه بقوة فوق شفتيها حين اخذت اناملها تمر فوق عضلات صدره بلمسات 
 كانت كل لمسة منها كنعيم وجده بين اناملها  ، يعود اليها مرة اخرى ولكن ليحتضن شفتيها برقة ونعومة اذابتهم معا كقطعة من الثلج القيت للنيران.

 يغيب العالم ويغيب كل تفكير فى تلك اللحظات بينهم يتقلب بها لتصبح هى اسفله دافنا وجهه بين حنايا عنقها مستنشقا عبيرها كالملهوف  ،  هامسا بأسمها بصوت متحشرج ملهوف فتهمم له تجيبه بضعف وهى تحاول اخراج عقلها من دوامة المشاعر التى تغيبه فى انتظار اعتذاره لها عن كلماته القاسية لها..

 لكنه امرها بخشونة وصوت لاهث 
:اياكى تسبيني .. 

تردد صوته للحظة يكمل بعدها 
: تسيبى البيت مرة تانية وتمشى. 

تجمد جسدها بترقب فى انتظار الباقى من حديثه وتلك الكلمات التى تنتظرها منه منذ دخولها من هذا الباب  ،  لكن خاب املها حين طال صمته..

 يعاود تقبيل عنقها بنعومة واستمتاع لكنه لم يجد استجابة منها هذه المرة بل سألته بصوت محبط متألم مستنكرة 
:بس كده .. هو ده كل اللى عاوز تقوله .. مفيش مثلا انا اسف يا فرح ومتزعليش منى .. مش هزعلك تانى .. اى حاجة زى كده مثلا..! 

حين طال صمته عليها يستمر كالمغيب فى اغراقها بقبلاته كأنها لم تقل شيئ يعكر عليه صفو ما يفعله  ، ليشتعل جسدها ولكن هذه المرة بالغضب تدفعه من فوقها بقوة كأن غضبها منه امدها بقوة عشر رجال  ،  تسقطه فوق ظهره ثم تسرع بالنهوض على قدميها تتطلع اليه بغضب حانقة حين وجدته يستلقى أرضاً  ،  وقد وضع كفيه خلف رأسه ينظر اليها بأستمتاع زاد من غضبها. 

تبحث فى عقلها عن كلمات حتى تفرغ بها عنها غضبها المشتعل منه  ،  لكنها وقفت عاجزة عن الكلام لتضرب الارض بقدميها بحنق وعجز ثم تلتفت مغادرة المكان حتى لا تفعل شيئ تندم عليه لاحقا  ،  ولكن اوقفها سؤاله المسترخى فى مكانه حين قال بهدوء وبنبرة مزاح اشعلتها اكثر واكثر
:على فين مش هتعملى ليا غدا .. انا جعان اووى على فكرة. 

التفتت ببطء نحوه تتسع عينيها ذهولا تراه مازال على حالة الاسترخاء وتلك الابتسامة المستفزة فوق شفتيه كأنهم فى اكثر ايامهم طبيعية لتضغط فوق اسنانها بغيظ تضغط على قبضتيها بشدة صارخة
:انت رخم .. بجد رخم اووى ومستفز .. وشوف....

اخذت تحاول استجماع الكلمات تبحث عن كلمه تشفى بها غليها وغيظها  ، لكن لم يسعفها عقلها لتدب الارض مرة اخرى بغيظ صارخة ثم تسرع مغادرة بخطوات سريعة حانقة.

 راقبها هو بأستمتاع ترق نظراته بعد نهوضه على قدميه يراها تندفع لداخل غرفة النوم تغلق خلفها بعنف لم يهتز له  ،  يعلم جيداً انه اغضبها واصابها بالاحباط بعد تجاهله لطلبها لكن لكل شيئ اوانه ووقته.. 

 ولم يحن بعد وقته فيجب اولاً ان تتضح له الصور كاملة حتى يقف باقدام ثابتة ولا يغرق مرة اخرى فى تلك الرمال المتحركة لتدفنه اسفلها. 

تحرك باتجاه المطبخ حتى يقوم بتحضير شيئ للغداء لها قبل خروجه  ،  فهو يعلم ان ترك الامر لها ستقوم بأيجاع نفسها تحدياً له فقط  ، لكنه توقف حين وجدها تخرج من الغرفة بوجه هادئ مستسلم تسأله بخفوت مسالم
: تحب تتغدى ايه علشان اعمله ليك على الغدا ؟ 

لايعلم لم ادفئ سؤالها قلبه وجعله يخفق بين جنباته من السعادة لأهتمامها هذا به برغم غضبها الشديد منه ليهمس لها يجيبها برقة
: اى حاجة يافرح .. ولو مش عاوزة تعملى بلاش خالص انا كده كده نازل المغلق ابقى اكل هناك اى حاجة. 

هزت رأسها برفض قاطع تسرع للمطبخ وهى تهتف بتأكيد وحزم
:لا متنزلش وانت جعان انا ثوانى وهكون محضرة كل حاجة. 

وبالفعل اختفت داخل المطبخ وتركته خلفها يلعن نفسه بعنف لشكه ولو للحظة واحدة بها  ،  فاستحالة بعد كل مارأه منها ان تكون قد افشت سره الى خالها او حتى شقيقتها.. 

وهذا ما تأكد منه بنفسه اكثر من مرة رغم تجاهله لتلك المؤشرات بسبب كبريائه وغضبه الاعمى وقتها ولكن الان اصبح هناك سؤال ولابد الاجابة عليه ولن يهنئ له باله حتى يحصل على اجابته تلك. 

*************************

جلست معه فى احدى المطاعم الشهيرة تراقبه بنزق وهو يقلب طعامه فى الصحن امام دون اهتمام شاردا عن حديثها  ،  حتى هتفت به بحدة وقد شعرت بالاهانة لتجاهله هذا لها وهى ليست معتادة على الا يتم الاهتمام بها وبراحتها ممن حولها 
: عادل انت مالك النهاردة قاعد سرحان ولا كانى بكلمك. 

اجابها ببطء وهو مازال على حالته الشاردة 
: سماح عاوزة تسيب الشغل وتمشى كمان اسبوعين. 

صرخت بحنق برغم تلك الاخبار المفرحة لها 
: وده بقى اللى قالب حالك بالشكل ده ومخليك قاعد مضايق  ؟ 

زفر بحدة يضع شوكته بغضب 
: مانا استحالة اخليها تمشي وتسيب المكتب .. حتى ولو اضطريت اقعدها غصب عنها 

ياسمين وقد طفح بها الكيل ووصل غضبها لاقصى حالته
: ياسلام ليه ان شاء الله .. كانت نابغة ولا معجزة زمانها علشان كده مش عاوز تمشيها ... بقولك ايه يا عادل انت ايه حكايتك مع البت دى بالظبط ؟ 

عادل وقد كسى وجهه الاحمرار يرتسم فوقه الذنب هاتفا بها بحدة وارتباك
:حكاية ايه يا ياسمين انتى اتجننتى .. كل الحكاية انى مش لسه هجيب واحدة وادربها من اول وجديد على شغل المكتب .. انا مش فاضى للكلام الفارغ ده. 

تجهمت ملامحها تسكن عينيها شياطين الغيرة والحقد تنظر اليه بثبات وحدة  ،  ليعاود الاهتمام بطعامه هربا من نظراتها تلك وقد شعر انه اصبح مكشوف امامها يتأكله الاحساسه بالذنب..

 الذى اصبح ملازم له من بعد اعترافه الاخير لنفسه   ،  يعاود مهاجمته دون رحمة فقد اتى اليوم لتلك المقابلة كمحاولة اخيرة منه لانقاذ ما يمكن انقاذه فى علاقتهم  ،  ولكنها بائت بالفشل فمنذ جلوسه ولم تغادر اخرى تفكيره. 

صفاء تلك العنين ولا الطيبة والحنان بهم ولا تلك الابتسامة المشرقة فوق تلك الشفاه الرقيقة   ، لينسى لما هو هنا الان ومن معه  ،  بل ينسى نفسه وكل جوارحه هناك فى مكتبه مع من سرقت افكاره ومشاعره.. 

يشعر كمراهق صغير يذوق العشق لاول مرة  ،  لذا تنفس بعمق يحسم امره فلا هروب بعد الان ولابد من وضعه النقاط فوق الحروف ،  ليرفع وجهه اليها قائلا بحسم وهو يراقبها مازالت تسلط عينيها عليه كأنها كانت بأنتظار كلماته
: ياسمين كان فيه موضوع كنت عاوز اتكلم فيه بس.. 

لكنها قاطعته وهى تنهض عن مقعدها بسرعة قائلة بصوت حاد تختطف حقيبتها بعنف 
:عن اذنك ثوانى هروح الحمام .. وراجعة حالا. 

مشت فوراً من امامه بظهر متصلب وخطوات سريعة وفور اختفائها بعيدا عن انظاره رمت حقيبتها أرضاً بعنف تضغط فوق اسنانها وهى تطلق صرخة مكتومة يحتقن وجهها من شدة الغيظ قائلة بصوت كالفحيح 
: اااه يابنت الـ**** بقى انتى يا جر.بوعة عاوزة تخطفيه منى زى ما عملت اختك الحية مع اخويا. 

انحنت على حقيبتها تمسكها ثم اخذت تبحث بداخلها  تكمل بغل
: بس وحياة امك ما يحصل ولا تنوليها ومبقاش ياسمين اما عرفتك مقامك ايه. 

أخيراً وجدت ضالتها داخل الحقيبة والتى لم تكن سوى هاتفها تضغطه للقيام بأتصال ثم ترفعه الى اذنها هاتفة بعد لحظة بصوت امر
: عوزاكى فى شغلانة وهتاخدوا فيها الضعف... ااه نفس المرة اللى فاتت .. لااا .... انتى تسمعينى كويس وتفتحى مخك معايا علشان المرة دى مش هتبقى على اد كلام وبس....   

اخذت تخبر محدثها بما تريده منه تنفيذه ثم انهت المحادثة زافرة بقوة وعمق وفجأة ارتسمت على ملامحها الالم الشديد تعاود الرجوع لمكانهم مرة اخرى بخطوات مترنحة وبصعوبة قالت بعد ان نهض عن مقعده بقلق وخوف حين رأى حالتها تلك 
:عادل عاوزة اروح مش قادرة هموت من المغص. 

اسرع يمسك بها بعد كادت تسقط أرضاً قائلا بصوت مهتم قلق
: طيب نروح المستشفى الاول نشوف عندك ايه  ؟ 

هزت رأسها بقوة رافضة قائلة بألم مصطنع وضعف تمثيلى قد تحسدها عليه افضل الممثلات 
: لااا انت عارف مش بحب المستشفيات ولا بحب ادخلها روحنى البيت احسن. 

اومأ لها بالموافقة بعد لحظات مترددة يغادر هو وهى المكان بخطوات بطيئة تشيعهم نظرات رواد المقهى وهمهماتهم الفضولية. 

**************************

مر بها الوقت وقد وقفت امام الموقد تقوم بتقليب الطعام داخل الاناء بحركات غاضبة عنيفة تدمدم لنفسها بكلمات حانقة سريعة
: غبية .. وقلبك ده هيوديكى فى داهية .. اتفضلى ياختى حضرى الغدا ليه .. قال ايه صعبان عليكى ينزل من غير اكل ... غبية وهو كمان رخم. 

صرخت بكلمتها الاخيرة بصوت عالى حانق تلقى بالمعلقة بغضب ليأتيها صوته المرح وهو يسحب المقعد جالسا امام طاولة المطبخ قائلا بصوت عابث مرح
: طيب ليه الغلط ده؟!
 مانا قولتلك هاكل ايه حاجة انتى اللى صممتى. 

عاودت الامساك بالمعلقة تلتفت بها نحوه ترفعها فى وجهه بتهديد قائلة بغضب
: ملكش دعوة لو سمحت بيا دلوقت .. واتفضل روح اقعد على السفرة لحد ما احضر الاكل. 

رفع يديه يحمل بين اصابعه ابرة للحياكة وفى الايد الاخر زر من الازرار قميصه قائلا ببراءة مستفزة لها 
: طيب ممكن لو سمحتى تخيطى ليا ده اصل مش عارف اعمله لنفسى. 

لاول مرة تنتبه بانه يجلس وقد فتح قميصه الى منتصف صدره وتظهر عضلاته القاسية بوضوح امام عينيها  ،  لترتفع حرارة جسدها كما لو كانت اصابتها الحمى ترتعش قدمها وهى تقترب منه ببطء وعينيها اسيرة لتلك اللمعة بعينيه  ،  تناول من يده الزر بأنامل مرتعشة تهمس بخشية وتردد 
:طيب روح اقلع القميص وهاته وانا هركبه .. علشان مش هعرف وانت لبسه. 

امسك بيدها يسحبها اليه برقة تطاوعه كالمغيبة وهو يجلسها فوق ركبتيه هامسا لها
:طب وكده مش هينفع برضه ؟!

حركت رأسها تنفى بقوة وهى تحاول ان لا تدعه يرى كيف يؤثر عليها حين يكون بهذا القرب منها  ،  ترتعش اناملها تحاول التركيز على تلك المهمة الصغيرة بين يديها  ،  حتى تخرج سريعا من هذا الموقف المربك لحواسها.

 تعد داخل رأسها الارقام بطريقة معكوسة لشتيت انتباهها عن رائحة عطره الرجولى الخلاب ولا تدعها تؤثر على تركيزها تطلق انفاسها المحبوسة بعد انتهائها أخيراً تنحنى لامام حتى تستطيع قطع الخيط بأسنانها  ،  فيحتك جبينها ببشرة صدره الدافئة.. 

 تستمع الى دقات قلبه المتعالية بصخب لتعيث بمشاعرها الفساد فتبتعد عنه بسرعة وبحركة خرقاء فينغرز طرف الابرة فى اصبعها تصرخ متألمة ليهتف صالح بها يطالبها بقلق
: كده يافرح مش تاخدى بالك ... ورينى صابعك حصل فيه ايه ! 
امسك بيدها رغم معارضتها الضعيفة يتفحص اصبعها بأهتمام وعناية وقد خرج من طرفه نقطة من الدماء على اثر وخز الابرة له  ،  ثم فجأة وضعه بين شفتيه يمتصه برقة غير مبالى بتململها ولا شهقة رفضها اللاهثة..

 وقد سرقت منها الانفاس حتى انتهى اخيرا فحاولت سريعا النهوض عن قدميه  ،  لكنه اسرعت ذراعه تلتف خلف خصرها يثبتها مكانها يثقل الهواء بينهم للحظة مشحونة بالمشاعر وعينيه تقع فوق شفتيها هامسا بصوت مرتعش مبحوح وبدون مقدمات
: وحشتينى يا فرح .. وحشتينى اوى .. اوعى تانى تسبينى لوحدى وتمشى . 

اتسعت عينيها بذهول تلجمها صدمة اعترافه تفتح فمها للتحدث وسؤاله ان كان ما سمعته صحيح ولم يكن خدعة اختلقها عقلها عليها  ،  لكنه لم يمهلها الفرصة ينحنى برأسه عليها يسحق شفتيها بق.بلة متطلبة شغوف جعلتها تمسك بذراعيه حتى تدعم نفسها ولا تسقط أرضاً.. 

تتصاعد حدة المشاعر بينهم ويديه تنتقل لخصرها تدعمها عليه يتأوه بصوت مكتوم قبل ان ترتفع يده الى ظهرها يدفعها الى صدره يلصقها به يحتـ.ضنها بقوة فى لحظات سرقت منهم الانفاس  ،  حتى صرخت رئتيهم طلبا للهواء..

 ليبتعدا بصعوبة عن بعضهم بانفاس عالية لاهثة للحظة واحدة قبل ان يهم بالعودة اليها  ،  لكن اتى صوت رنين هاتفه يوقفه فى منتصف الطريق.

 فيغمض عينيه يسب المتصل وهو يخرج الهاتف من جيبه وذراعه تشتد من حولها تمنعها عن الحركة بعد ان حاولت النهوض بعيدا عنه  ،  ثم يجيب المتصل بغضب بصوت حانق
: عاوز ايه يا زفت دلوقت ... يعنى تغيب تغيب وترجع تتصل بيا فى وقت زى وشك. 

تجمد جسده وهو يستمع الى محدثه يعقد حاجبيه بشدة قلقا  .. 

يسقط قلبها بين قدميها هالعا حين قال وهو ينهض على قدميه وينهضها معه 
: وانتوا فى انهى مستشفى دلوقت يا عادل .. طيب تمام عشر دقايق وهنكون عندك. 

 
_________________

  •تابع الفصل التالي "رواية ظلمها عشقا" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent