رواية ارهقني عشقها الفصل التاسع عشر 19 - بقلم وداد جلول
جنونهُ وهوسهُ وتملكهُ
عند الساعة الثانية عشر ليلا ً
بثمالة وتخبط دخل إلى غرفته ليبحث عن جسد صغير كان قد اشتاق له ، مسح بعيناه الغرفة ولكنه لم يجد ليلى ، بحث عنها بكامل الغرفة وفي حمام الغرفة ولم يجدها ، جن جنونه عندما ظن بأنها قد تكون هربت ، بدأ بالصراخ والتحطيم وقد استفاق على نفسه قليلاً من أثار الشرب ، خرج من الغرفة ليصرخ بإسمها بصوته الجهوري ومسبباً باستيقاظ والدته ، خرجت والدته وهي مفزوعة لتنظر له بفزع وتقول :
"مابك بني ما الذي حدث"
كز على أسنانه وعيناه حمراء كالدماء ليصرخ بها :
"أين ليلى أمي أين هي"
عقدت حاجبيها باستغراب لتقول :
"وما أدراني ، أليست في غرفتها"
صرخ بأعلى صوته :
"ليست بالغرفة اللعينة أين هي أجيبي"
هذه الجلبة وهذا الصوت وصل للخارج وتحديداً إلى ليلى التي كانت جالسة بحديقة المنزل على العشب لتشم رائحة الهواء قليلا ً، اقتحمت المكان ليلى لتقف وراء جبل ، نظرت لها سلمى لتقول لابنها وهي تنظر لها باستغراب :
"بني ليلى ورائك"
ابتلع ريقه بصعوبة ليستدير ويراها تناظره بجمود ، اعتلت ملامحه الابتسامة العريضة عندما رآها ليقترب منها ويعانقها عناق قاسي ومتلهف ، بدأ يهمهم ويقبلها على أنحاء وجهها قبل متلهفة ومشتاقة بينما هي مستسلمة له ولا تبدي أي ردة فعل ، تارة يحتضنها وتارة يقبلها وتارة يبتسم وعيناه تترقرق بالدموع ، تعجبت والدة جبل من هيئته وتصرفاته ولكنها لم تحبذ أن تحرج ابنها وتحرج زوجة ابنها لذلك ابتسمت بخفة ودخلت إلى غرفتها مغلقة الباب على نفسها ، بينما عاشقنا المتملك كور وجه صغيرته بين يديه ليحدثها بلهفة :
"أين كنتي حبيبتي لقد ظننت أنكِ .."
قاطعته بكلامها الجامد :
"أنني هربت أليس كذلك"
نظر لها بوهن وتعجب ليبتلع ريقه ويقول :
"حبيبتي اشتقت لكِ جدا ً، اا حسناً سأعاقبكِ فيما بعد لإنك ِأخفتني عليكِ وفعلتي مافعلتيه اتفقنا"
نظرت له بصدمة لتحرك رأسها بيأس وتبعد يديه عنها وتتوجه راكضة إلى غرفتها ، نظر لمكان فراغها بشرود لتحتد نظرته ويلحق بها إلى أن دخل وأغلق الباب خلفه بقوة ، نظر لها بحدة وقد كانت جالسة على سريرها ، توجه نحوها بخطوات سريعة ليمسكها من معصمها ويدفعها ليحاصرها ضد الحائط ويتحدث بهمس وآثار ثمالة مازالت عليه :
"لما أخفتني بهذا الشكل ها"
نظرت له ببرود لتبتسم بسخرية وتشيح بوجهها عنه ولم تجبه بينما استفزته بهذه الحركة ليمسكها من شعرها ويقول :
"أجيبي أيتها اللعينة"
هطلت دموعها على وجنتها لتتحدث ببكاء :
"اتركني جبل أرجوك أنت تؤلمني"
ابتسم بسخرية ووهن ليقول :
"أجيبي وإلا سأريك ِالجحيم"
احتدت نظرتها لتدفعه عنها بعنف وتصرخ به :
"ما الذي تفعله أنت هل جننت ، لقد تعبت منك ومن انفصامك هذا ، حباً بالله ارحمني أنا تعبت جداً يا جبل جدا"ً
أنهت جملتها وجلست على ركبتيها لتضع يديها على وجهها وتجهش بالبكاء ، بينما جبل كان يتابعها بصدمة وعينان زائغة ، ابتلع ريقه بصعوبة ليقترب منها وينهضها ويجلسها على السرير ، مسح على شعرها وبدأ يحدثها بكلمات تهدأها ، ابعدت يداه عنها لتسمح دموعها بعنف وتقف أمامه لتقول بحدة :
"اسمعني جبل حقا ًنحن الاثنان لا يمكن أن نكمل مع بعضنا ، أريدك أن تطلقني لتنتهي هده العلاقة وانا بدوري سأسافر لأبتعد عنك ولكي لا أعذبك أيضاً ، لقد انتهينا وأنا لم أعد أستطيع العيش معك"
وقف أمامها وهو يناظرها بعينان زائغة ليحرك رأسه رافضاً يعنف ويمسكها بين يديه ويقول بصراخ :
"لا لا لم ننتهي نحن لم ننتهي ستبقين معي هل فهمتي ، أنت ِلي منذ أن دخلتي إلى هذا المنزل وستبقين لي مهما حدث ، لن تبتعدين عني ولن تخرجين من هدا المنزل إلا على قبركِ ، أرجوكِ حبيبتي لا تتركيني أنا لا شيء بدونكِ انا ضعيف جداً بدونكِ صدقيني"
انهى جملته ببحة رجولية باكية وعينان مترقرقة بالدموع بينما هي كانت تتابعه بعينان دامعة وبكاء ، لا تعلم أتظل معه وتتحمل نوبات جنونه وغضبه أم تبتعد عنه لتريح بالها وقلبها الدي يتمزق بسببه وسبب أفعاله ، ولكن لا تنكر بأن روحها معلقة فيه وغير ذلك هي تشعر بالشفقة عليه ولا تعلم ما الذي تصنعه ، ابتلعت ريقها لتغمض عيناها محاولة تهدأة نفسها لتقول :
"حسنا ًحسنا ًاهدأ جبل"
ابتسم بسخرية من بين دموعه ليقول :
"كيف تريدينني أن أهدء وأنتِ تريدين الابتعاد عني"
صرخت بأعلى صوتها :
"تتكلم وكأنك ستسمح لي بالابتعاد عنك"
ابتسم ببلاهة ليقول :
"لا لن أسمح لكِ أبداً لذلك لا تحاولي الابتعاد لإن أخرتكِ ستكون الموت"
حركت رأسها بحدة لتقول :
"إن بقيت على تصرفاتك الجنونية هذه عندها سأختار الموت على أن أبقى على ذمتك وبجانبك"
سقطت على الأرض بسبب تلك الصفعة التي نزلت على وجنتها ، أمسكها من شعرها ليرفعها ويتحدث بقهر :
"لا يمكنكِ فعل هذا بي ، أنتِ لن تموتين ستظلين بجانبي هل فهمتي"
أنهى جملته ودفعها على السرير بينما هي ابتسمت بسخرية لتقول باستفزاز :
"لا لم أفهم وصدقني إن لم تتغير يا جبل سيكون لدي إما الموت أو الابتعاد"
صرخ بأعلى صوته بقهر :
"أيتها اللعينة كلاهما الجحيم لدي"
همهمت له لتقول :
"إذا ًتغير للأفضل جبل ، لا تجعلني أندم على زواجي منك وحبي لك ، دعنا نمارس حياتنا بطبيعية"
ابتسم بسخرية ليقول :
"هل تتحدثين بهذا الشكل وهذا الأسلوب لكي أدعكِ على حريتك"ِ
نظرت له ببرود ولم تتحدث بينما هو ابتسم بوهن ليقترب منها ويقبلها من رقبتها قبل رطبة ، تارة يقبلها وتارة يعضها وتارة يمتص شحمة أذنها ، همس بأذنها :
"أريدكِ الآن حبيبتي ، دعينا نقضي ليلتنا بسعادة"
عقدت حاجبيها بانزعاج لتبعده عنها وتقول :
"ابتعد عني جبل أنا لا أريدك وليس لي مزاج لشيء لا أريد شيء"
كز على أسنانه ليقول :
"ما الذي يحدث معكِ ها ، هل لمساتي وقبلاتي لم تعد تؤثر بكِ ليلى ، لما أصبحتي هكذا"
ابتسمت بسخرية لتقول :
"كل هذا من صنع يدك جبل ، في اول زواجنا كنت أنتظرك بفارغ الصبر لكي أقضي أجمل الأوقات معك وأتدلل عليك ولكن الآن حقاً لا أرغب بك ولا بقربك مني حتى"
كز على أسنانه ليمسكها من معصمها ويحدثها بحدة :
"لماذا ها لماذا هل أحببتي غيري أم ماذا ، هل تعلقتي بغيري أجيبي"
حركها بعنف بأخر جملته لتناظره بصدمه وتتحدث بصراخ :
"أيها الأحمق كيف سأحب غيرك وأنت تحتجزني في المنزل لكي لا أرى أحد ولا أحد يراني ها"
نظر لها نظرة مميتة ليحرك رأسه بعينان زائغة ويقول :
"هذا يعني لو كنتي على حريتكِ كنتي أحببتي غيري وليس بعيد أن تخونيني أيضاً أليس كذلك"
نظرت له بعينان جاحظة لتقول بتقطع :
"ما الذي تقوله أنت ، كيف تفكر بهذه الطريقة ، كيف تشكك بي وبحبي لك"
ابتسم بشر ليقول :
"أنت ِمن تجعليني أفكر بهذه الطريقة ، لن أدع لك ِأي فرصة لتفعلي على مزاجكِ ، سأتحكم في الهواء الذي تستنشقينه أيضاً"
هبطت دموعها بصمت على وجنتيها وهي مازالت مصدومة من حديثه ، راقبته وهو يبحث بناظريه عن شيء ما لتقع عيناه على هاتفها المحمول ويمسكه ويحطمه ليصبح مئة قطعة ، استدار ليناظرها بحدة ويقول :
"حتى الهاتف ممنوع من الآن فصاعدا"ً
توجه نحوها ليدفعها على السرير ويمزق ملابسها ويقول :
"أنا زوجكِ ولي حقٌ عليكِ وسأفعل ما يحلو لي هل تفهمين ولو كان غصبا ًعنكِ ليس مهم"
أنهى جملته واعتلاها ليبدأ ويطبع قبلاته على سائر جسدها وهو يهمهم بانتشاء ومتعة ، بينما هي استسلمت له ولم تبادله بأي شيء وظلت جامدة وهي تبكي بصمت لتقضي ليلتها مع جنونهُ وهوسهُ وتملكهُ ...
----------
صباح اليوم التالي استيقظت ليلى والأوجاع تأكل جسدها فهي لم تقوى على الحركة والنهوض من السرير حتى ، ظلت تحدق بالسقف والدموع تترقرق في عينيها مستذكرة أحداث ليلة أمس كيف هزأها وضربها وصرخ بوجهها والأهم من ذلك كم كان عنيف معها ، هي تعلم جيدا ًبأنها لن تستطيع أن تكمل حياتها معه بهذا الشكل ، لذلك يجب أن تضع حد لهذه المهزلة بأسرع وقت والابتعاد عنه قدر الإمكان ، تنهدت بقوة وهي تمسح دموعها لتنهض بصعوبة وتتوجه إلى الحمام لتأخذ حماما ًساخنا ًتريح أعصابها به ..
من الجهة الأخرى
السيد جبل كان جالس في مكتبه والأفكار تأخذه وتجلبه بشأن محبوبته ، لا يعلم لما يتصرف معها بهذا الشكل العنيف ، فهي لا تستحق كل مايفعله بها ، لقد وعدها بالحياة الهنيئة والمريحة ولكنه لم يفي بوعده لها ، أصبحت حياته مملة بشكل لا يطاق ولقد تعب من المشاكل والشجارات المستمرة بينه وبين زوجته ، لا يمر يوم إلا وهما يتشاجران ويتنازعان والأهم من ذلك ينتهي بهما المطاف بغضبه وجنونه وضربه لها ، ولكن صدقاً لن يكل ولن يمل حتى يلتقى بتلك الشمطاء التي خربت عليه حياته وفعلت مافعلته ، هو لن يستسلم ولن يتخلى عن زوجته ، سيظل محافظا ًعليها إلى الأبد ولن يدعها تتنفس بدونه ، وكيف لا وهو من يتنفس وجودها بجانبه ..
________________________
حالما انتهت ليلى من حمامها خرجت لترتدي ملابسها وجلست أمام المرأة لتقوم بتسريح ضعرها وعلامات الحزن ظاهرة على وجهها ، سمعت طرقات على الباب لتأذن للطارق بالدخول وقد كانت عمتها ، حالما رأتها التفتت لها لتحتضنها بقوة وكأنها كانت منتظرة هذا الحضن لتطلق سراح دموعها التي كانت تكبحها ، تعجبت سلمى من حالة ليلى ولكنها لم تتحدث بل استقبلتها بأحضانها وظلت تمسد على شعرها وتحدثها بكلمات حانية لتهدأ ، بعد وقت قصير من البكاء والشهقات ابتعدت ليلى عن عمتها لتناظرها بعينان دامعة وصمت بينما سلمى نظرت لها نظرة حانية وتحسست وجنتها برقة لتقول :
"ما بك ِياقلبي لماذا تبكين"
شهقت ليلى بخفة لتقول :
"أريد الطلاق"
نظرت لها بصدمة لتقول :
"ما الذي تقولينه يا ليلى ، ما الذي حدث ، لما تريدين الطلاق"
تحدثت ببكاء :
"لقد تعبت جدا ًعمتي ، كنت أظن بأنني سأحظى بالحياة الهنيئة بجانبه ولكنني كنت مخطئة جداً"
احتد بكائها لتحاول تهدأ نفسها وتردف لها ببكاء :
"إنه يضربني كل يوم ، لم أعد أستطيع تحمل نوبات جنونع ومزاجه المتقلب ، وغير ذلك هو خان ثقتي وكذب علي وخدعني صدقيني"
أنهت جملتها لتجهش بالبكاء المرير بينما عمتها كانت تتابعها بحزن وشفقة على الحال الذي وصلت له هذه الصغيرة بسبب ابنها ، هي تعلم ما الذي يحدث وتعلم أيضا بأنه يضربها ولكنها حقا ما بيدها حيلة ، تنهدت بقوة لتطبطب عليها وتهدأها قليلاً ، لم تستطع ليلى التحكم بنفسها لذلك تركت عمتها وتوجهت إلى الحمام وتغلق الباب على نفسها ، بينما سلمى ظلت تنظر للاشيء بحزن لتتنهد وتنهض متوجهة للأسفل وقلبها وعقلها مع تلك الصغيرة التي ذاقت العذاب من ابنها ...
________________________
دخل زيد إلى المنزل ليراه ساكن وهادئ ، تعجب من هذه وعقد حاجبيه باستغراب لإنه بحث في المنزل ولم يجد رهام ، هبط قلبه من مكانه عندما ظن بأنها قد تركت المنزل ، توجه لغرفة النوم ليدخل ويفتح الخزانة ولكنه وجد ملابسها معلقة ، هذا يعني بأنها لم تذهب ، سمع صوت في الخارج ليتوجه إلى الخارج ويرى رهام تدخل إلى المنزل ، عقد حاجبيه باستغراب ليقول :
"أين كنتي"
تنهدت بقوة لتقول بلامبالاة :
"كنت في المقابر"
نظر لها باستغراب ليقول :
"ومن هو الذي كنت تزورين قبره مثلا"ً
أجابته بذلك الاسم الذي نزل عليه كالصاعقة :
"سيف"
نظر لها بعينان جاحظة ومن ثم احتدت نظرته ليقول :
"حقاً كنت تزورين قبره رهام"
حركت رأسها موافقة بلا مبالاة ولم تتحدث ، في الواقع هي لم تكن في المقابر ولم تزور قبر سيف ولم تعد تفكره به أصلاً ، هي كانت تتمشى في الطرقات لتشم الهواء النقي فقط ، ولكنها تحدثت هكذا أمامه لتجعله يطلقها فهو لا ذنب له ليقضي حياته مع فتاة مثلها فعلت مافعلته ومارست الزنا مع شخص لم يستحق أن يقال عنه كلمة رجل ، ابتلع غصته ليقول بهدوء :
"مازلتي تحبيه"
ابتسمت بسخرية بسرها لتقول :
"أجل"
كز على أسنانه ليمسكها من معصمها ويقول :
"ما أسفلك ِوما أحقرك ِيافتاة ألا تخجلين من حديثكِ وكلامكِ ، أنسيتي بأنكِ تتحدثين مع زوجك ِالذي انخدع بكِ"
ابتسمت بألم لتقول :
"لست مضطر لتتحملني طلقني وتخلص مني"
نظر لها بحدة وهو يحرك رأسه موافقا ًويقول :
"تتحدثين بهذا الشكل وتفعلين هذه الأفعال لكي تتخلصين مني وتتطلقين مني أليس كذلك"
نظرت له بجمود ليحرك رأسه موافقا ًويردف لها :
"سأجعلكِ تنسين اسمه وتنسين الأوقات التي قضيتينها معه"
أمسكها من معصمها وجرها خلفه إلى غرفة النوم بينما هي كالبلهاء لا تعلم مايجول في خاطره ، دخل بها إلى الغرفة ليغلق الباب خلفه بقوة ويقول بهمس :
"سأجعلك ِتنطقين بإسمي أنا فقط ، سأنسيكِ ذلك التافه وسترين"
أنهى جملته ليمتلك شفتيها بقبلة عميقة وحادة نوعاً ما ، خارت قواها أمام قبلته لتبادله بهدوء ، لم تستطع أن تقاوم رغبتها به وهي أصبح لديها بعض المشاعر تجاهه ، تعلم بأنه رجل شهم ويعتمد عليه ، تعلم كم هو حريص عليها وكم يحبها ، تعلم كم هو يحترمها ويضحي لأجلها بالرغم من الذي فعلته في السابق ، ولكنها لم تكن تريد أن تظلمه فهي لا تستحق شاب بصفات زيد وأخلاقه ، ولكن الآن ستنسى مشاكلها وستنسى أوجاعها لتترك نفسها له لعل وعسى يستطيع بأن يخفف آلامها وأوجاعها وبالمقابل ستفعل هي المثل أيضاً ، مددها على السرير ليعتليها وتبدأ جولتهما التي أنستهما نفسهما وهما بأحضان بعضهما راحلين سويا ًإلى عالمهما الخاص بمشاعر مختلطة ومخاوف عدة ...
_______________________
دخلت عليه وهو في مكتب منزله لتراه مريحاً بجسده على الكرسي ومرجعا ًرأسه للخلف ومغمض العينين ، ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تدعي في نفسها بأن تخرج بأقل الخسائر من هذه الجلسة بينها وبينه ، ظلت واقفة في مكانها مرتبكة ومتخبطة في نفسها وظنت بأنه لم يشعر بوجودها بعد ، ماهي إلا ثواني حتى تحدث جبل وهو مازال على وضعيته :
"ما الأمر كيف جرى وأتت البرنسس ليلى إلي"
جفلت من صوته لتحمحم وتقول :
"جئت لكي أتحدث معك"
همهم لها ليعتدل بجلسته ويقول :
"أنا أستمع"
ابتلعت ريقها بصعوبة وأخذت نفساً عميقا ًلتزفر بقوة ومن ثم تقدمت بخطواتٍ ثابتة لتقدم له ورقة ، وضعت الورقة أمامه على المكتب لتقول بتوتر :
"أريد الطلاق وهذه الورقة التي ستنهي زواجنا ، لم يتبقى سوى توقيعك"
لم ينزاح نظره عنها وظل كل تركيزه لها وهو ينظر لها تلك النظرة المميتة ليقول بحدة وهمس :
"أطلقك ِلكي تذهبين وتعيشين بحريتكِ التي لطالما طالبتني بها ، ستقيمين العلاقات وتخرجين على مزاجكِ أليس كذلك"
ابتلعت ريقها بصعوبة من ذلك الحديث الذي سمعته لتقول :
"ليس الأمر كما تظن وإنما أريد أن أرتاح فقط لإنني تعبت من المشاكل والمشاجرات الدائمة لذلك الحل الأنسب هو الطلاق"
همهم لها وهو مازال على نظرته المميتة لينهض ويتوجه إليها بخطوات بطيئة جعلتها ترتجف من الخوف ، لإنها هي تعلم جيدا ًبأن هذا ما يسمى هدوء ماقبل العاصفة ، ظل يتقدم بخطواته وهي بدورها تعود للوراء إلى أن حاصرها ضد الحائط ليتحدث بهمس :
"حسنا ًليلى لا بأس ، ولكن أريدكِ أن تودعيني ونقضي هذا اليوم سويا ًبأحضان بعضنا ما رأيك"ِ
ابتلعت ريقها لتقول :
"لم أفهم"
بلل شفتيه ليقول :
"أريد أن نقضي هذه الليلة معا ًوسوياً بسعادة وهناء وغداً ًسأوقع على ورقة الطلاق اللعينة ، ماذا قلتي"
أنهى جملته وهو يناظرها بحدة لتحرك رأسها موافقة بخوف وتقول بتوتر ومن دون وعي وإدراك منها :
"حسنا ًكما تريد"
ابتسم لها ابتسامة شر ليحرك رأسه موافقا ًويجرها من يدها إلى غرفتهما ولكي يتفنن في عذابها على هذه الخطوة التي تجرأت وتقدمت عليها ..
---------
كانت في غرفتها ممددة على سريرها وهي عارية تماماً تبكي من شدة ألمها ووجعها ، لا يدري لما يفعل هذا بها ولكن كل ما يعلمه هو أنه لن يخسرها ولن يدعها تبتعد عنه حتى لو كلفه الأمر حياته ، للحقيقة هي تعجبت من استسلامه المفاجئ عندما طالبته بالطلاق ولكنها لوهلة ظنت بأنه حقاُ ًسيدعها وشأنها ويطلقها ، ولكن !!! حدث ما هو أسوأ من الطلاق وأسوأ من أن يتركها ، وها هي الآن تبكي وتصرخ من وجع جسدها وقلبها منه ، جملته تلك التي رماها على مسامعها بعد ما انتهى منها لم تنساها إلى حد الآن ، والتي كانت :
(لن أسمح لكِ بالذهاب ولا بالابتعاد عني ليس حبا ًبكِ فقط وإنما لإنني أهوى تعذيبكِ طالما أنتِ تهوين تعذيبي ، قولي عني ما شئتي ، استغلالي ، مسيطر ، محتال ، مخادع ، لا يهمني المهم بأن تظلين بجانبي)
في حينها طبع قبلة على رأسها ومن ثم خرج من المنزل بأكمله ولم تراه أبدا ًمن بعدها ، كانت تريد أن تصلح الأمور بينها وبينه ، كانت تريد أن يمنعها عن قرارها بالطلاق ولكن بالتروي والحكمة ، كانت تريده أن يحتويها ويطبطب عليها لا أن يستغلها ويخدعها ، ولكن صدقا ًهي لم تعد تستطيع تحمل العذاب والألم من قبله ، سترحل !! أجل سترحل وستبتعد عنه لتدعه يعلم أن الله حق ...
______________________
يومان مروا على جبل كالدهر وهو فاقد لـ زوجته وحبيبته ليلى ، عاد في يومها إلى المنزل ولم يجدها ، تخبط في نفسه وتملكه الذعر عندما ظن بأنها قد هربت وهي بالفعل هربت منه ، جن جنونه يومها وافتعل الضجة وصب جحيمه على كل من كان حوله ، بينما والدة جبل لم تعلم ماسبب جنون ابنها ولم تعلم بأن ليلى قد هربت لذلك تعجبت من جنونه ولكنها اكتشفت فيما بعد هروب ليلى وسبب هروبها أيضاً ، وهو يبحث عنها منذ يومان وإلى الآن لم يجدها ، لا يصدق كيف استطاعت الهرب منه بهذه السهولة ، للصراحة هو لم يأخذ احتياطاته بشأن هروبها فالذي زرعه بها من خوف وألم جعله يظن بأنها لن تتجرأ على اتخاذ هذه الخطوة ، ولكن حدث وهربت منه ، هو حزين ويائس من حياته ، يريدها فقط أن تعود له لكي يلقنها درسا ًقاسيا ًومن ثم سيعدها وسيقطع عهداً على نفسه بأنه لن يعود ويكرر مافعله بها ..
----------
كان جالساً في مكتبه بالشركة وهو شارد الذهن بحال صغيرته المفقودة منذ يومان ، لم يترك مكاناً إلا وبحث به ولكنه لم يجدها ، يرتشف من كأسه بين الحين والآخر وهيئته مبعثرة كليا ًوالهالات السوداء تحيط بعيناه ووجهه متعب وشاحب ، دخل عليه ذلك المدعو منير ليلقي التحية على جبل ويسمح له جبل بالجلوس ، تنهد منير بقوة ليقول :
"سيدي ألم تأتيك أية أخبار عن السيدة الصغيرة بعد"
ابتسم جبل بسخرية ليقول :
"لا وأظن بأنه لن يأتيني أي خبر عنها ، صغيرتي تخلت عني وابتعدت ولم تعد تريدني"
أنهى جملته بملامح يائسة وحزينة ليبتسم منير بخفة أولاً ًعلى سذاجة سيده وثانيا ًعلى عشقه لصغيرته فهو يبدو كالمراهق ، تنهد منير بقوة ليقول :
"وماذا تقول لـ الذي يأتيك بخبر عنها"
جحظت عينان جبل وابتلع ريقه بصعوبة ليقول بلهفة :
"أين أين هي أرجوك أخبرك وأعدك بأنني سأطمرك بالأموال سأعطيك ما تريد فقط أخبرني بمكانها منير هيا تحدث"
نظر له منير بحزن على الحال الذي وصل له ليقول :
"سيدي أنا لا أريد سوى رضاك علي فقط لا تهمني الأموال لا يهمني سوى أنت صدقني"
ابتلع ريقه جبل بصعوبة وهو منتظر جواب منير على أحر من الجمر ليردف له منير :
"السيدة الصغيرة تمكث الآن في شقة صغيرة وتلك المدعوة منال تتردد عليها" ...
" لو كُنتِ أنتِ معي والناس غائبة عني
لما ضرني من غابَ أو هجرا
إن كُنتِ حولي فكلُ الناس حاضرة حولي
وإن غُبتِ لم أشعرُ بمن حضرا "
________________________
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية ارهقني عشقها) اسم الرواية