Ads by Google X

رواية ظلمها عشقا الفصل العشرون 20 - بقلم فرح صالح

الصفحة الرئيسية

 رواية ظلمها عشقا الفصل العشرون 20 - بقلم فرح صالح

♡ الفصل  _ العشرون ♡

وقفت تتطلع لشقيقتها بلهفة ودموع الراحة  تغرق  وجنتيها  ،  تراها وقد جلست فوق اريكة منزلهم بعد عودتهم من المشفى .. تتحدث بخفوت وهى تقص على الحاضرين  ما حدث لها وكيف استطاعت النجاة من تحت ايدى تلك النسوة بتلك الاصابات البسيطة فى وجهها وجرح ذراعها فقط  ،  بعد صراخها القوى
واستجادها بأهل عادل قبل ان تسقط أرضاً مغشيا عليها. 

  ليصابوا  بعدها بالارتباك والرعب ثم يفروا سريعا من المكان قبل وصول الاهالى لنجدتها  ،  بينما جلسا والدى صالح فى الجهة المقابلة لها يستمعوا بأهتمام وفضول ومعهم كريمة،  اما عادل فقد وقف فى الجانب البعيد  منهم يتطلع نحو سماح وعلى وجهه ذلك التعبير الغامض تلتمع عينيه بتلك اللمعة المألوفة لها  ،  والتى لم تفارقه منذ خروجهم من المشفى.

 تلاحظ قلقه بل رعبه الشديد على شقيقتها عند استقباله لهم فى المشفى ينتابها القلق والخوف  وقتها من عواقب ما تراه وادركته بأحساسها  ،  تدعو الله الا يكون صحيحا. 

انتبهت من تأملاتها على يد قوية ادركت صاحبها فوراً تمسك بيدها وتسحبها برقة بعيدا عن مكان وقوفها فلتفتت نحوه تهم بالاعتراض ،  لكنها اسرعت بالصمت حين رأت صالح يغمز لها خفية وهو يشير لها ان تتبعه..

 وبالفعل طاوعته تسير معه للمطبخ بهدوء ودون ان ينتبه احد لاختفائهم فى ظل حديثهم الدائر. 

فور اختفائهم بعيدا عن الانظار وجدت نفسها مغمورة داخل احضانه وقد حاوطها بذراعيه بحماية ودون مقدمات ،  لتلف ذراعيها هى الاخرى حوله تتنعم بدفئه وحمايته للحظات هانئة يسودها الصمت فقد كانت كل ما تحتاجه حتى تستطيع التماسك..

 تتشبث اصابعها بظهر قميصه بقوة تمنعه من الابتعاد حين شعرت به تراجع عنها ببطء ،  لا تريد ان تخسر تلك اللحظات  ، ترفع عينيها الدامعة اليه برجاء لتأسرها نظرة عينيه وهى تموج بالدفء و الحنان. 

يمرر ابهامه برقة فوق شفتيها السفلى المرتجفة وهو يسألها بخفوت حنون
: تقدرى تقوليلى العياط ده كله ليه؟! 
ما هى اختك كويسة اهى ادامك واطمنا عليها يبقى ليه الدراما يا ملكة الدراما. 

قال اخر كلماته بطريقة مسرحية مرحة دفعتها للضحك بخفوت رغما عنها تخفض وجهها بخجل  ،  لكنه عاود رفعه اليه يمرر ابهاميه على وجنتيها يزيح عنهم دموعها وهو يبتسم لها برقة قائلا
: ايوه كده خلينى اشوف ضحكتك الحلوة دى.. اوعى اشوفك تعيطى تانى. 

اومأت له برأسها تتراقص نبضاتها بفرحة بكلماته وقد انارت ملامحها ببهجة كأنها زهرة تتفتح امامه من تأثير كلماته لها  ،  فلم يستطع مقاومة ان ينحنى نحوها يلثم شفتيها بنعومة شديدة جعلتها بعدها تصدر انين احتجاح لابتعاده عنها وافتقادها للمساته.. لكنه قاوم رغبته لتعميق قبلتهم خوفا من دخول احد عليهم. 

يهمس لها بصوت مرتعش بالرغبة والشوق لها مناقض لما يقول 
: لو عاوزة تخليكى هنا وتباتى النهاردة معها انا معنديش..

هتفت برفض ملهوف تقطع الباقى من حديثه وهى تهز رأسها بالنفى بقوة كتأكيد على كلماتها
: لااا .. مش عاوزة ابات .. انا بس هطمن عليها وهروح على بيتنا على طول. 

اخفضت عينيها عنه هامسة بخجل وتلعثم تكمل
:وبعدين ... انت .. مش قولت ليا .. اياك اسيبك .. لوحدك تانى! 

زفر بعمق يلف خصرها بذراعه يلصقها به دافنا وجهه فى عنقها يهمس فوق بشرتها بانفاس مشتعلة
: مين قالك انى كنت هخليكى تسبينى .. طبعا كنت هاجى وهبات معاكى هنا .. عبيطة انتى ولا ايه؟! 

تضخم قلبها بين جنبات صدرها تشعر كانها فوق السحاب من شدة سعادتها تقف مستسلمة بين ذراعيه وهو يكتسحها بلهيب عاطفته بعد ان فقد سيطرته واحساسه بالزمن والمكان.

 شفتيه تلتقى بشفتيها بقـ.بلة قوية تدل على مدى جوعه وحاجته البائسة لها يذوبان معا للحظات طوال كانت كالنعيم لهم حتى ابتعد عنها أخيراً ينهت بقوة يستريح بجبهته فوق جبهتها وهما مغمضين العينين قبل ان يتحدث بصعوبة وتحشرج 
: انا هروح واسبق على البيت .. وانتى خليكى براحتك .. بس متأخريش عليا يا فرح اتفقنا  ! 

اومأت له بضعف ليبتسم لها بدفء يلثم جبهتها بحنان ثم يبتعد عنها يعدل من وضع ملابسه وشعره بعد عبث اصابعها به يخرج بعدها من المطبخ بعد القى لها فى الهواء بقـ.بلة اعقبها طلبه الهامس الا تتأخر عليه. 

اخذت تتنفس بعمق بعد خروجه وهى تتطوح بيدها امام وجهها طلبا للهواء حتى تبرد من حرارته المشتعلة ، ثم تخرج خلفه بعدها تسمعه وهو يتحدث الى سماح يطمئنها بأنه سيجد تلك النسوة ويعلم من ورائهم.. 

لكنها عقدت حاجبيها بتفكير ودهشة حين هتفت سماح بحزع يشحب وجهها بشدة قائلة 
: لاااا .. انا عارفة دول مين .. دول الستات اللى اتخنقت معاهم قبل كده والظاهر كانوا جاين يكملوا معايا الخناقة .. اصل انا كنت قليلة الذوق معاهم قبل كده بصراحة. 

ودون ان تمهل الفرصة لاحد بالاعتراض التفتت الى عادل قائلة بصوت حازم رغم الارتعاشة به والتى لم يلاحظها احد سوى فرح المراقبة لها بأهتمام قلق
:معلش يا استاذ عادل .. انا كنت قولت لحضرتك انى عاوزة اسيب الشغل بعد اسبوعين  ،  بس لو مفيش عندك اعتراض انا هسيبه من النهاردة .. زى ما حضرتك شايف مش هقدر اكمل. 

ساد الصمت ارجاء المكان بعد حديثها الصادم لهم قبل ان يقطعه الحاج منصور يحاول اثنائها عن قرارها  ،  لكنها لم تتراجع بل زاد تصميمها بطريقة بعثت الشك داخل فرح بأن امر ما خلف قرارها هذا ويجب ان تعرف ماذا يجرى بداخل عقل شقيقتها لكن ليس الان فستنتظر ذهاب الجميع وبعدها فلتحصل على اجابتها. 

حين لم يستطع الحاج منصور ولا احد من الحضور حتى صالح اقناعها بالعدول عن قرارها حتى تحدث عادل أخيراً بوجوم وحدة بعد صمته الطويل و مراقبته الحديث الدائر دون مقاطعة منه 
:تمام يا سماح اللى تشوفيه .. مفيش مشكلة عندى .. المهم راحتك وانك تقومى بالسلامة. عن اذنكم علشان المكتب لوحده. 

وفى ثانية كان يفتح الباب مغادراً بسرعة يتبعه صالح فوراً مناديا عليه ان ينتظره يغادر خلفه فوراً هو الاخر يتركون المكان بعد مغادرتهما مشحون بالتوتر والوجوم..
 يسود الصمت بينهم مرة اخرى للحظات قال بعد الحاج منصور بأسف
: والله يا سماح يا بنتى خسارة الشغلانة دى ومش هتعرفى  تعوضيها تانى .. بس هقول ايه يابنتى ده قرارك وانتى حرة فيه. 

ثم نهض هو الاخر يلتفت لزوجته يسألها بهدوء
:مش يلا بينا يا حاجة احنا كمان ولا ايه؟

هزت انصاف رأسها بالرفض قائلة برجاء له
:لا روح انت يا حاج بالسلامة وانا هقعد معاهم شوية وبعدين هبقى ارجع انا وفرح على البيت..

هتفت كريمة بترحاب وسعادة 
:ااه روح انت يا حاج من غير شر وسيب الحاجة معانا  شوية اصلها وحشانى اووى. 

هز منصور رأسه بالموافقة يغادر بعدها بعد ان القى عليهم بالسلام لتندمج انصاف وكريمة فى الحديث غافلين عن حديث النظرات المبهم بين فرح وسماح والتى هربت بعينيها بعيدا هربا من تحديق شقيقتها النافذ لها  ، تندمج فى الحديث معهم هى الاخرى بأرتباك وتوتر جعل من شك فرح يقين بأن هناك ما تخفيه عنها وهى لن تتراجع حتى تعرف ما هو. 

************************

توقفت انصاف امام منزلها تمد يدها بالمفتاح الخاص بشقتها الى فرح بعد عودتهم قائلة بحنان  
: معلش يا فرح اطلعى انتى يا حبيبتى صحى ياسمين من النوم وخليها تجهز قبل ما صالح يرجع ومعاه عادل .. انتى عارفة نومها تقيل وميصحش يجى يلاقيها نايمة وانا هجيب حاجة من خالتك ام نبيل واحصلك. 

اومأت فرح رأسها لها بضعف تمسك بالمفتاح تدلف هى للداخل ثم تصعد درجات الدرج بتعب وارهاق وذهن شارد فى شقيقتها وما حدث لها  ،  ورفضها وتهربها منها ومن اسئلتها..

 ترحل  محبطة من هناك دون ان تحصل على اجابة منها لتسأولاتها  ،  لكنها لن تستسلم وستحصل عليها عاجلا ام اجلا مهما كلفها الامر. 

فتحت الباب تتقدم للداخل بأتجاه غرفة ياسمين تهم بفتح الباب لكن تجمدت يديها حين وصل لها صوت سمر وهى تهتف مستنكرة بصوت ساخر
:يخربيتك يا مجنونة .. ومخفتيش تتكشفى ولا البت تروح فيها وانتى تروحى وراها فى داهية. 

اصدرت ياسمين صوت من فمها يدل على استهزائها قائلة بصوت حاد مغلول
: ياريت كان حصل وكنت خلصت منها الجربوعة دى بس حظها حلو بنت ال*** وهى زى القرد محصلش ليها حاجة. 

سمر بأهتمام وتحذير 
:ااه بس خدى بالك مش هتعدى بالساهل كده زى المرة اللى فاتت اكيد مدام اخوكى عرف مش هيسكت وهجيب الستات دى من تحت الارض. 

ياسمين وقد احتقن وجهها بالغل قائلة 
:عارفة ياختى انه هيعمل كده علشان يرضى الجربوعة التانية مراته بس يبقى يقابلنى لو وصل لحاجة .. ما انت عارفة انهم مش من البلد ولا من هنا خالص. 

صدحت ضحكة سمر العالية تهتف بعدم تصديق 
:يخربيتك دانت مصيبة وانا اللى كنت فكراكى هبلة وهتودينا فى داهية وتقعى من الخوف اول ما اتفقنا مع الستات اول مرة لال.. طلعتى مش هينة لا واتفقتى معاهم المرة دى من ورايا. 

ياسمين بصوت حقود وهى تشتعل من نار غيرتها وغلها
: مانا مش هقف ساكتة و انا بشوف سماح دى بتخطفه منى .. مش ياسمين اللى حتة زبالة زى دى تعلم عليها وتاخد حاجة بتاعتها. 

كانت تقف خلف الباب مذهولة تزحف البرودة الى جسدها كله لاتستطيع تصديق كل هذا الشر والحقد فيما تسمعه  ،  حتى اتى اسم شقيقتها لتدب فى جسدها الحياة يغشى عينيها الغضب وهى تدفع فجأة الباب بعنف جعله يرتطم بالحائط بصوت مدوى جعلهم يشهقون عاليا وهم يتطلعون نحوها بصدمة وخوف ، بينما وقفت هى امامهم تتطلع اليهم بنظرات محتقرة صارخة بهم بأشمئزاز  
:اه يا شوية زبالة يا ولاد ال*** بقى انتم اللى ورا اللى حصل لاختى النهاردة .. والله لفرج عليكم خلقه واخلى اللى ميشترى يتفرج عليكم. 

وبالفعل اندفعت نحوهم يحركها غضبها المشتعل  ،  ولكن وقبل اقترابها منهم اسرعوا هم نحوها تحيطها كل واحدة من جهة وبرغم مقاومتها لهم استطاعت سمر ان تقيد ذراعيها خلف ظهرها  ،  بينما اسرعت ياسمين بوضع كفها فوق فمها تمنعها من الصراخ وهى تهتف برجاء واستعطاف 
:انت فهمتنا غلط يا فرح مش اختك خالص والله .. اسمعى بس واحنا هنفهمك كل حاجة. 

اخذت تحاول المقاومة وقد شعرت بالاختناق من اثر كف ياسمين الجاثم فوق انفاسها تقل مقاومتها شيئ فشيئ حتى كادت ان تسقط أرضاً لولا ذراع سمر المقيدة لها  .. 

حتى تعالى صوت رجولى مذهول فى  الغرفة يتسأل عما يجرى مما جعل ياسمين وسمر يتراجعان بعيدة عنها بخوف وارتعاب عند رؤيتهم لحسن متجمد على بابها وهى لحظة بعدها حتى اندفع اسرع صالح باقتحام الغرفة يدفع حسن بكتفه  يهتف بجزع  حين رأى فرح ساقطة أرضاً فى تلك الحالة يجثو على ركبتيه بجوارها يسألهم بخوف وارتعاب
:  مالها فرح .. حصل لها ايه ؟! 

رفع وجهه يهتف بهم بغضب شرس بعد ان ظلا على صمتهم 
:انطقى منك ليها .. حصل ايه؟

فز جسدهم برعب من مكانهم يتطلعون الى بعضهم بخوف يسارعون فى اجابته فى صوت واحد وبأجابات غير مترابطة  ،  حتى صرخ بهم حسن يوقفهم عن الكلام قائلا وعينيه مسلطة فوق زوجته يسألها بهدوء شديد ارعبها 
: انطقى يا سمر وقولى ايه اللى حصل وصلكم للمنظر اللى شوفته ده اول ما دخلت عليكم  ؟ 

كان صالح فى تلك الاثناء يربت فوق وجنتها يحاول ان يجعلها تفيق حتى فتحت عينيها أخيراً وفور ان رأت وجه صالح المنحنى فوقها بقلق حتى شهقت باكية ترفع ذراعيها تتعلق فى عنقه بلهفة مستنجدة به بخوف اشعل فى جسده الغضب وهو يرى حالتها وارتعابها شديد هذا.. 

ليصرخ بشراسة وهو يتطلع نحوهم بغضب شرس سحب الدماء من وجههم ليتركها شاحبة كالموتى
: انطقى انتى وهى عملتوا فيها ايه؟! 

اندفع والديهم ومعهم عادل الى داخل الغرفة بعد ان وصلتهم اصوات صراخهم العالية يتجمدون بصدمة وهم يطالعون المشهد امامهم  ،  وقد وقفت سمر ومعها ياسمين يذرفون دموع الخوف تهتف سمر بتلعثم بعد صراخ صالح الغاضب عليهم 
: أبداً الله ياخويا ماحصل حاجة .. كل الحكاية انها سمعتنا انا وياسمين بنتكلم عن واحدة صاحبتنا وافتكرتنا بنتكلم على اختها. 

اسرعت ياسمين تؤيد حديثها بلهفة وقد وجدت به طوق النجاة ولكن اتت صرخت فرح تقاطعها قائلة بصوت هستيرى باكى
:كدابين والله كدابين .. هما اللى عملوا كده فى سماح وبعتوا ليها الستات اول مرة كمان. 

لطمت انصاف خديها صارخة بجزع وهى تندفع الى الداخل تجذب ابنتها تسألها عن حقيقة ما 
حدث لكنه تجاهلتها تسرع بأتجاه عادل الشاحب وعيونه متسعة بصدمة  تمسك بذراعه هاتفة بتضرع
:مصدقش ياعادل .. دى كدابة والله كدابة..دى بتقول كده علشان طماعنة فيك للجربوعة اختها. 

وقف مكانه يتطلع اليها بأحتقار يهز رأسه بعدم تصديق قبل ان ينفض ذراعه عنها مغادرا المكان فوراً  ،  لتظل تتابعه بهزيمة وعيون مصدومة  للحظة ثم التفتت نحو فرح صارخة بغل تحاول الانقضاض عليها تسبها بأفظع الالفاظ..

ولكن اتت قبضة صالح تمسك بشعرها يجذبها بعيدا عن فرح الجالسة أرضاً وهو يصرخ بها 
: انتى اتجننتى عاوزة تمدى ايدك عليها وانا واقف؟

دفعها بعيدا بعنف حتى كادت ان تسقط ارضا لولا ذراع انصاف والتى التقطتها قبل سقوطها تحاول ان تجعلها تصمت  ،  لكنها لم تتراجع صارخة بغل تلتوى شفتيها بسخرية حاقدة
:طبعا لازم تدافع عن ست الحسن .. ما هو لو معملتش كده هتسيبك زى اللى قبلها .. وتعمل منك مسخة فى الحارة كلها بعد اما تعرف بعيبك .. علشان كده لازم تطاطى راسك ليها وتـ.....

صرخت بألم حين هوت انصاف على وجنتها بصفعة قوية اطارت وجهها للجانب الاخر بعنف وهى تصرخ بها بغضب ومعها زوجها هو الاخر تنهال عليها الضربات والصراخ حتى من حسن  ،  لتستغل سمر الفرصة تسرع بالهروب من المكان ترتطم فى تحركها بصالح.. 

لكنه لم يعيرها انتباه وقد وقف مكانه شاحب تتهدل اكتافه كأنه جسد ميت سحب منه الحياة ،  لتسرع فرح بالنهوض على قدميها بسرعة تقف امامه وعيونها تتطلع اليها بلهفة وتناديه به بتضرع وهى تحتضن وجنتيه بين كفيها  ،  تحاول التواصل مع عينيه بنظرة الالم والانكسار بهم بعد ان اختفى ووهجها المألوف..

 لكنها فشلت تماما فوقفت فوق روؤس اصابعها تلف ذراعيها حول عنقه تسحب جسده المتجمد الى جسدها فى عناق تمنت لو تستطيع من خلاله ان تسحب المه اليها هى حتى لا تراه فى تلك الحالة  ،  لكن ما أن  لمس جسده جسدها حتى انتفض كما لو مسكته الكهرباء يدفعها بعيدا عنه ثم يندفع مغادرا الغرفة فوراً يتركها خلفه هامسة بأسمه بصوت لم يغادر شفتيها لكن كان قلبها يصرخ به. 

**************************** 

جلست تضم ركبتيها معا تستند برأسها فوقهم وعيونها الباكية تتطلع نحو الباب بأمل فى انتظار عودته  ،  تشعر بروحها وقد فارقتها بحثا عنه ولن ترد اليها الا برجوعه لها..

 تمر بها الساعات وهى مكانها ثابتة لات تحرك كتمثال منحوت على هذا الوضع بعد ان انهت مكالمتها مع شقيقتها بدأتها بسؤال باكى متألم
:كنت عارفة ان هى اللى عملتها صح
 يا سماح؟ 

لتتنهد سماح بحرارة قبل ان تجيبها بعد لحظة تردد
: ايوه يا فرح كنت عارفة .. لما حصل اللى حصل مكنش مغمى عليا زى ما كانوا فاكرين  ،  وسمعتهم وهما بيتكلموا عن ياسمين .. بس دى اول مرة اعرف منك ان سمر كمان معاها. 

سألتها فرح بخفوت
:طب ومقولتيش ليا ليه ياسماح كان لازم تعرفينى انها...

قاطعتها سماح بحزم 
:علشان كنت عارفة انك مش هتسكتى .. والبيت هيتقلب حريقة ويولع نار واللى حسبته لقيته يا فرح. 

بكت فرحة بحرقة بعد كلماتها تدرك صدق حديثها  ،  فقد كانت اول من طالته النار بعد غيابه عن المنزل الى الان وقد اقترب الفجر ان يأذن وهو لم يعد بعد .. 

تجلس فى انتظاره منذ ان انهت مكالمتها مع سماح وهى تحاول ان تطمئنها بكلمات مهدئة لكن لم تفعل لها شيئ او تهدء من خوفها وهلعها عليه يمر عليها الوقت ببطء شديد قاتل لا تعلم مداه. 

حتى ردت اليها الروح  أخيراً حين سمعت أخيراً صوت المفتاح بالباب ينبهها لحضوره لتنهض واقفة بقلب مرتجف تتعالى دقاته بصخب فى انتظار رؤيته  ،  وما ان لمحته حتى اسرعت تجرى بلهفة تلقى بجسدها عليه تحتضنه بقوة مباغتة اياه  ،  وقد وقف بجسد متجمد غير متجاوب .. 

لكنها لم تستسلم بل رفعت نفسها على اصابع قدميها تقبله بكل ما تحمله من لهفة وشوق له  ،  ترتعش شفتيها وهى تحتضن شفتيه للحظات بثته فيها كل خوفها وقلقها عليه برغم بجسده المتجمد الا من رجفة ضعيفة لشفتيه اثر هجموها الكاسح عليه.

 تزحف بيدها على صدره تضعها فوق موضع قلبه يرتفع املها حين شعرت بنبضاته السريعة اسفلها لتبتعد انشاً واحداً هامسة بلهفة وعيونها تنطق بلوعتها تردد كلماته السابقة لها لعلها تخرجه بها من حالة الجمود تلك
:وحشتنى .. وحشتنى اوووى .. اياك تسيبنى لوحدى تانى وتمشى. 

شعرت بالرجفة التى اصابته وارتعاشة شفتيه كأنه يقاوم تأثير تلك الكلمات عليه   ،  لكنها لم تمهل الفرصة للمقاومة تواصل هجومها عليه عينيها تحدق فى ظلمة عينيه بثبات برغم الدموع بها وقد نوت الا تخرج من هذه المعركة الا وهى فائزة به 
: لما بتسبنى لوحدى بحس انى يتيمة
 ومليش ضهر ولا سند .. اياك تخلينى احس تانى بكده يا صالح .. اياك بعد ما بقيت كل دنيتى وناسى واهلى تتخلى عنى او تخلينى احس باليتم .. انا روحى بتنسحب منى لما بتبعد بعيد عنى ولو لثانية واحدة .. عارف ليه علشان انتى روحى يا صالح فاهم ولا لا ! 

عاودت احتضانه مرة اخرى بقوة ولم تنتظر هذه المرة منه استجابة ولا تبالى برد منه على اعترافها هذا .. فقط كل ما ارادت ان تجذبه خارج تلك الظلمة والتى تراها بعيونه والتى اجتذبته بداخلها يكفيها وجوده فقط بالقرب منها  ،  ولكنه وفجأة كما لو كانت كلماتها قد اخترقت الظلام الذى يحيط به تبدده فيرفع ذراعيه المتهدلة جانبه الى خصرها يتشبث به بقوة قبل ان يسحقها الى صدره فى عناق عنيف قاسى يكاد ان يسحق عظامها تحت ضغطه .. 

لكنها وقفت طائعة بترحاب وسعادة  بتلك الاستجابة منه لا يصدر عنها صوت معترض واحد وهو ينحنى عليها يحملها بين ذراعيه بخشونة يتجه بها ناحية غرفتهم  ،  تدس برأسها فى عنقه وهى تلف ذراعيها حوله متعلقة به فى اشارة ترحيب منها لعاصفة مشاعره القادمة. 

  •تابع الفصل التالي "رواية ظلمها عشقا" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent