رواية احببت حبيبة ابني الفصل الحادي و العشرون 21 - بقلم وداد جلول
هل تقبلين الزواج بي
_________________________
يوم جديد وعصيب وكئيب على عاشقنا الولهان والذي أصبحت حياته قاتمة ومعتمة من بعد ما ابتعدت عنه محبوبته الصغيرة، أيامه تتلوها أيام ولا شيء جديد عليه سوى التاريخ الذي يتغير فقط، لم يتغير فيه شيء لا شكله ولا مشاعره ولا شوقه ولا عشقه لتلك الصغيرة، هو مجبور على تقبل الواقع ومجبور تقبل ابتعاد صغيرته عنه.
يصبر نفسه برؤيتها من بعيد عندما تخرج وتتوجه إلى صيدليتها، وأحياناً يخطر على باله أن يذهب إليها ويراها ويضمها ويحدثها عن كم اشتياقه لها ولكنه يعود ويفكر بأفعال زوجته المجنونة.
يوم عن يوم يزيد شوقه لها ويزيد احتراق قلبه ببعدها، ويوم عن يوم تحاول جيداء التقرب منه بالحسنى أو بالإغراء أو بالعصبية وهو لا يلتفت لها أبداً، حسناً هو فعل ماطلبته منه وابتعد عن سارة ولكن معاقبته لها كانت على الشكل التالي ألا وهو هجرانه لها، لم يقترب منها ولم يلمسها منذ عودتها إلى منزله وهذا مازاد من غضبها وقهرها وغيظها، لم تترك وسيلة لإغرائه والاقتراب منه إلا وبائت بالفشل ولا تعلم ما هي الطريقة التي سوف تكسب وده بها، ظنت بأنها عندما تعود ستفرج عليها وستفتح جميع الأبواب لها، لا تعلم بأن هناك باب قد سد بوجهها وصعب جداً أن يفتح من جديد ألا وهو باب قلب سامح.
------
نهض من فراشه ومزاجه عكر إلى أبعد حد، فعل روتينه اليومي وبدل ملابسه ليخرج من غرفته ويتوجه إلى الأسفل بحيث الجميع مجتمعاً على مائدة الفطور، ألقى تحية الصباح على الجميع ببرود وجلس مقابلاً لجيداء ولم ينظر لها نهائياً وتجاهلها.
وبينما الجميع يتناول فطوره بصمت حمحم سالم ليقول:
"نحن في المساء سوف نرحل جميعنا ياسامح"
التفت سامح لكلام أبيه ولم يعجبه الأمر، كذلك جيداء التي نظرت له بصدمة فهي لا تريدهم أن يرحلوا في الوقت الحالي وإنما تريدهم أن يبقوا لإنها لم تأخذ حقها من جومانة وخديجة بعد، تحدث سامح بانزعاج:
"أبي مابالكم هل مللتم من البقاء هنا حتى تريدون الرحيل"
ابتسم بخفة ليقول:
"على العكس بني ولكننا يجب أن نعود إلى منازلنا وأيضاً شقيقاتك يجب أن تعود كل واحدة إلى منزلها وزوجها"
همهم له لتتدخل جيداء في الحديث وتقول:
"عمي نحن فرحين بمكوثكم عندنا فلتبقوا عدة أيام أيضاً"
نظر لها سالم ببرود ولم يتحدث، تدخلت خديجة في الحديث لتقول ببرود:
"تريدين منا أن نبقى محبةً بنا أم أنكِ تدبرين مكيدة جديدة في الوقت الحالي"
نظرت لها جيداء بحاجب مرفوع لتقول بلطافة مصطنعة:
"على العكس تماماً يا خديجة أنا فرحة جداً بكم وأريدكم أن تبقوا بجوارنا فقط هذا"
همهمت لها خديجة لتقول جومانة:
"المرأة التي تدبر المكائد وتفتعل الجنون بعمرها لن تحب أحد ولن تحب وجود أحد في منزل زوجها وستبقى على دنائتها وأساليبها الرخيصة مثلها تماماً"
شددت على حروف جملتها الأخيرة لتناظرها جيداء بحدة وتقول:
"يستحسن أن لاتضعين رأسكِ في رأسي ياجومانة ابقي بكامل أريحيتكِ فهناك حساب يجب علينا أن نصفيه أنا وأنتِ وخديجة وأخيراً تمارة"
ابتسمت جومانة ببرود وناظرتها بتحدي كحال خديجة، تدخلت تمارة في الحديث لتقول ببرود:
"ليس لدي أي حساب معكِ فلتهتمي بحالكِ وبزوجكِ والأفضل لكِ أن تسعين لكي تستعيدين مكانتكِ عنده وعند العائلة هذا إن كان لكِ مكانة عند أحد في الأساس أيتها المحترمة"
أنهت جملتها ونهضت متوجهة إلى الأعلى بينما جيداء كانت تنظر للاشيء بحدة، واكتفت جومانة وخديجة بالابتسام بشماتة، كما أن سامح كان بارد الأعصاب ويتابع الحديث بصمت كحال الجميع أيضاً، تنهدت جيداء بحدة لتهم بالنهوض وتقول:
"لا تتركون أحد يتهنئ في لقمة أووف"
توجهت إلى غرفتها بغضب بينما سالم نظر لابنه ببرود ليقول:
"لا داعي لبقائنا وهذه المرأة موجودة هنا ياسامح، وأيضاً لم أكن أتوقع بأنك بهذا العجز"
نظر لوالده بقهر وكز على أسنانه لينهض بعنف ويتوجه إلى عمله والشياطين تحوم حوله.
-----
وعادت العائلة إلى منازلهم في المساء وبعد أن ودعوا سامح وأولاده ولم يحبذ أحد من العائلة أن يودع جيداء أو ينظر لوجهها حتى، حاولت جيداء كثيراً أن تقنعهم بفكرة البقاء ولكنهم لم يستمعوا لها ولم يعطوها أية أهمية نهائياً.
_________________________
مضى عدة أيام على رحيل العائلة وبخلال هذه الأيام توجهت خديجة وجومانة وفرح وبسمة وراما لزيارة سارة بناءً على طلب سامح، وأيضاً خديجة وجومانة أحبتا الفكرة ولم تكن تريدان أن ينقطع حبل الود الذي بينهن وبين سارة مهما حدث.
في الحقيقة فرحت سارة بقدومهم إليها وشعرت بالسعادة إذ أنهم سألوا عنها ولا زالوا يحبونها ويطمئنون عليها ويخففون عنها وحدتها، حاولت سارة أن تطمئن على سامح وتسأل عنه بشكل غير مباشر وقد لمعت عينان كل من خديجة وجومانة بالحماس بسؤالها عنه وقد حدثتها خديجة عن أحواله وعن مايحدث به، لن ننكر بأن سارة قد شعرت بالحزن عليه وبالشوق له أيضاً ولكنها تحاملت على نفسها ولم تبين لهم أي شيء من مشاعرها.
كما أن إياس حاول أن يهاتف سارة ويحدثها وأيضاً ذهب إلى صيدليتها ولكنها تعاملت معه بكل رسمية ولم تعطيه أية فرصة للتحدث عن أي شيء يخصها ويخصه وقامت بصده فوراً، وعاد إياس إلى منزله مكسور الخاطر والأبواب كلها مغلقة في وجهه بعد أن باءت كل محاولاته مع سارة بالفشل.
_________________________
في منزل سالم الأزهري كان الأخوة جميعهم مجتمعين عند والدهم ومن ضمنهم سامح وتمارة، لم يكن هناك أحد من الفتيات أو الشبان وإنما فقط أولاد سالم، الصمت كان حليف المكان ولا يسمع صوت لأحد، كسرت حنان الصمت لتقول موجهة حديثها لوالدها ممازحة:
"ما رأيك أن نزوجك يا أبي"
ضحك على جملتها وقد شاركه أبناؤه الضحك ليقول سالم:
"اصمتي ياحنان أنا لن أتزوج من بعد والدتكِ وغير ذلك العمر مضى يا ابنتي"
ابتسمت خديجة لتقول:
"مازلت في عز شبابك يا أبي أطال الله في عمرك"
ابتسم بحنان وحرك رأسه موافقاً وعاد الصمت ليحمحم بسام بعد قليل من الوقت ويقول بمكر:
"حسناً لما لا نزوج أخينا الأصغر إذاً"
نظر الجميع لسامح بينما سامح نظر لأخيه ببرود ولم يتحدث ليقول سالم:
"كيف حال سارة ياسامح"
تنهد بحنق ليقول بانزعاج:
"لا أعلم عنها شيء"
همهم له سالم ليقول:
"هذا لإنك استمعت لكلام زوجتك المصون وأصبحت عاجزاً أمامها وضعيفاً أيضاً أليس كذلك"
تنهد بحدة ليقول:
"أبي أرجوك دعك من هذا الحديث لا أريد أن أتحدث بهذا الموضوع نهائياً"
أجابه سالم باستفزاز:
"قلت لك أنت ضعيف جداً"
أصبحت وتيرة تنفسه عالية مسح على وجهه ليهدأ من روعه ولم يجيب والده ليردف له سالم ويزيد الطين بلة عليه:
"ما الذي حدث لك ياسامح، امرأة بلهاء جعلتك عاجز وضعيف هكذا لماذا ها، طوال عمرك كنت تفعل المستحيل وتفتعل المصائب ولا يهمك أحد
، الآن أصبحت تشعر بالعجز أمام زوجتك الخبيثة"
وكأن والده وضع يده على جرحه لينتفض وينهض واقفاً ويحدثهم بصوته الجهوري:
"ما الذي بوسعي أن أفعله ولم أفعله، كيف تريدني أن أتصرف وهي تهدد وتتوعد بأنها سوف تقوم بأذية سارة وأنا على يقين بأنها سوف تفتعل الجنون بها إن حدث واقتربت منها، أنا أعرف جيداء جيداً هي لا تسأل عن شيء وتفعل كل الأشياء الجنونية عندما يتعلق الأمر بي، طوال هذه المدة أنا صامت ولم أتفوه بحرف ولم أقترب من سارة ليس مخافةً من جيداء وإنما مخافةً على سارة منها، ها هي خديجة أمامك سوف تحدثك بكل شيء حدث قبل مجيئكم إلى منزلي وستحدثكم كيف اعترفت بحبي لها أمام الجميع ولم أبالي لأحد ولكنها استطاعت أن تبعدني عنها في نهاية المطاف، أنا لست ضعيفاً ولست عاجزاً ولكنني خائف على سارة هي لا ذنب لها، منذ أن عرفتني والمصائب تهبط فوق رأسها لذلك ابتعدت لإنني لا أريدها أن تتأذى بسببي أكثر من ذلك"
أنهى كلامه الذي كان يخبئه في قلبه منذ زمن، شعر بالارتياح من بعد ما حدثهم بالذي في قلبه ولكنه أيضاً لم يعجبه تصرفه وصوته العالي في وجه أبيه، هدأ من روعه قليلاً ليمسح على وجهه ويقول:
"أنا أعتذر على انفعالي ولكنني سأمت من اتهامكم لي بالعاجز والضعيف، أنتم تعرفونني جيداً بأني لست ضعيف ولا يوجد شيء يضعفني"
أشاح بوجهه عنهم بينما الجميع منهم من ينظر له بذهول ومنهم بقهر، وفي الحقيقة تمارة كانت تنظر له بانكسار ودموعها في عينيها، نظر لهم سامح ليبتسم بسخرية وعيناه تلتمع بالدموع ليقول:
"لماذا سأكذب عليكم، حسناً سأعترف وأقول بأن سارة جعلتني ضعيف أجل أنا ضعيف أمامها هل ارتحتم الآن"
خرج من المنزل وهو يشعر بأن جبل يطبق على صدره، قاد سيارته إلى وجهة لا يعلمها، طوال طريقه وهو يفكر بها، يكاد يموت من شدة شوقه لها وأيضاً يكاد يموت من اتهامات والده له ونعته بالعاجز والضعيف، هو ليس ضعيف ولكنه لا يعلم كيف سيبدأ ومن أين سيبدأ وكيف سيصلح الأمور ويحصل على سارة دون أن تتأذى، حسناً سيذهب لرؤيتها ولن تتجرأ جيداء على فعل شيء لها لإنه سيكون لها دائماً بالمرصاد ولن يسمح لها بأذيتها نهائياً.
-------
وقف بسيارته أمام مبنى منزلها ليهبط من السيارة وينظر لشرفة منزلها بابتسامة عاشقة، حتى منزلها وشرفتها تجعله يبتسم، كل شيء منها ولها يعشقه، تنهد بقوة ليهم بالتوجه إلى المبنى، وقف فجأة وتوقفت الدنيا من حوله عندما رآها قادمة نحو المبنى تمشي وهي شاردة الذهن وذابلة الوجه، يبدو بأنها قد عادت من عملها الآن، نظر لها بشوق الدنيا كلها ولمعت عيناه ليبتسم باتساع ويتوجه نحوها، وقف بطريقها لتقف هي بالمقابل وترفع رأسها له وتجده أمامها، جحظت عيناها وتفاجأت بوجوده وعيناها تتلألأ بالدموع، ثواني من النظرات المتلهفة والمشتاقة والمتبادلة لتبتسم هي باتساع وتنسى نفسها وتحتضنه بقوة، وهنا طابت كل أوجاعه وأوجاعها وتركا نفسيهما لهذه اللحظة التي جعلتهما بأعلى مراحل السعادة والارتياح، شعرت بنفسها لتبتعد عنه دون سابق إنذار، ابتلعت ريقها بصعوبة لتقول بنبرة مهزوزة:
"ما الذي أتى بك"
ابتسم بحزن ليقول:
"أتيت لرؤيتكِ"
أشاحت بوجهها عنه لتقول:
"ولكن ماذا عن.."
قاطعها بكلامه:
"دعينا نصعد بالسيارة ونتحدث في مكانٍ ما أرجوكِ"
أنهى جملته بهمس لتنظر له وتبتلع ريقها وتحرك رأسها موافقة بتردد، ابتسم لها بخفة ليصعدان بالسيارة ويتوجهان إلى حيث لا يعلمان.
------
طوال الطريق وهما صامتان ولا أحد يحدث الآخر، وأيضاً هي لاتفعل شيء سوى النظر إليه بشوق بالغ والابتسامة لم تفارق ثغرها، نظر لها هو أيضاً لتشيح بوجهها عنه فوراً، ابتسم لفعلتها وأعاد نظره إلى الأمام، كانت الدنيا معتمة على ذلك الطريق الذي هما فيه، وقف بسيارته لتبتلع ريقها بصعوبة وتقول بحذر:
"لماذا وقفت هنا"
ابتسم باتساع ليقول:
"سأختطفكِ"
نظرت له بخوف ليضحك عليها ويقول:
"لا تخافي لن أؤذيكِ صدقيني، ألا تثقين بي"
عقدت حاجبيها بحزن لتقول بخفوت:
"لم أعد أثق بك"
نظر لها بحزن ليمسك يدها ويقبلها قبل دافئة ومطولة ليقول:
"صدقيني لن أحاول أذيتكِ وسأكون الأمان لكِ ثقي بي"
نظرت له بقوة والتمست الصدق بعيناه لتحرك رأسها موافقة وتقول:
"حسناً هيا واصل القيادة أريد أن أعود للمنزل"
ابتسم ليقول:
"ولكننا لم نتحدث بعد"
تنهدت بقوة لتقول:
"عن ماذا سنتحدث"
همهم لها باستمتاع ليمسك يدها ويقول:
"عن كمية اشتياقي لكِ"
ابتسمت بخجل ولكنها عبست مباشرة لتقول:
"أرجوك أنا لا أريد أن أسبب لك مشاكل، أعدني إلى منزلي لقد انتهى كل شيء"
تنهد بقلة صبر ليقول:
"قلت لكِ لا تخافي وأنا معكِ لن يحدث شيء، حسناً ما أسوء ماسيحدث أكثر من أن جيداء ستعلم بأننا معاً الآن ويجن جنونها ها"
أنهى جملته ببراءة لتنظر له بابتسامة ومن ثم ضحكت ليشاركها الضحك ويقبل يدها، عادت لقلقها لتقول بتردد:
"حسناً أكمل القيادة وسنتحدث هيا لا أحب العتمة ولنعد إلى الطريق العام"
أشعل أضواء السيارة من الداخل ليقول ببساطة:
"لم يعد هناك عتمة ها هي الأضواء"
ابتسمت لتقول:
"حسناً هذا جيد ولكن هيا واصل القيادة أرجوك"
نظرت له ببراءة لتسود عيناه ويعض على شفته السفلى ويحرك رأسه ببطئ وبلاهة، كتمت ضحكتها ليشعر هو بنفسه ويدور محرك السيارة ويواصل القيادة، دقائق من المرح والأحاديث المضحكة والسعادة بينهما ناسيان تماماً كل الأحداث السابقة التي حدثت معهما، وبينما سامح يقود وينظر لسارة وسحر ابتسامتها وضحكتها صدم شاب بسيارته ليسقط أرضاً وتجحظ عينان سارة وسامح، هبط سامح من السيارة ولحقت به سارة ليريان حال الشاب وإذ بهما يريان الدماء تسيل من رأسه، وليكمل حظهما المخزي مرت من جانبهم سيارة شرطة وقد رأت الحادث مما جعل سامح يضع كلتا يديه على رأسه بينما سارة شهقت ووضعت يدها على فمها.
_________________________
من الجهة الأخرى جيداء التي كانت تأخذ غرفتها ذهاباً وإياباً منتظرة قدوم زوجها أو بالأصح منتظرة أخبار زوجها فهو لم يعد إلى الآن والساعة قاربت على العاشرة مساءاً.
في الواقع هي وضعت أحد ما لكي يراقب كل تحركاته وهي تتصل بذلك الشخص منذ مدة ولكنه لا يجيبها نهائياً.
دقائق وصدح صوت هاتفها لتجيب بلهفة على ذلك الشخص والذي أتاها بكل الأخبار، أغلقت الهاتف في وجهه وهي تتنفس بحدة، من جهة وجود زوجها في السجن الآن ومن جهة وجوده المسبق مع سارة.
هه يالا هذا الحظ حتى في السجن ستكون مرافقةً له.
__________________________
نعود لسامح وسارة واللذان قبضا عليهما فوراً، اعترض سامح فكرة القبص على سارة معه وافتعل المشاكل ولكن رجال الأمن لم يستمعوا له وأخذوها معهم مما جعلها تخاف على نفسها وعلى سامح وتبكي بشدة.
كانا في مكتب الضابط والذي يحقق معهما عن افتعال هذا الحادث وقد شرح له سامح بالتفصيل الممل عن وقوع الحادث، ابتسم الضابط بسخرية ليقول:
"تركت قيادتك وأصبحت تنظر إليها"
تحدث سامح ببرود:
"أجل"
همهم له الضابط ليقول:
"حسناً وما صلة قرابتك بها"
أجابه ببرود:
"خطيبتي"
رفع الضابط حاجبيه ليبتسم بسخرية ويقول:
"ولكنها صغيرة عليك"
وضع قدم فوق الأخرى وأجابه ببرود:
"نحن متفقان جداً وسنتزوج بأقرب وقت"
نظر الضابط لسارة قائلاً:
"هل كلامه صحيح يا آنسة سارة"
نظرت للضابط بخوف لتحرك رأسها موافقة ومؤكدة كلام سامح مما جعل الضابط في حالة تعجب.
حسناً لم يكن هذا حديثهم والضابط لا شأن له بعلاقتهما الذي يهمه الآن هو وقوع الحادث وذلك الشاب المرمي في المسشفى والذي لا يعلمون عنه شيء إلى الآن ولم يتم تشخيص حالته بعد ولكنهم فعلوا له الأطباء الإجراءات اللازمة وهم منتظرين الصور الشعاعية لكي يعلمون إن كان خلل في الجمجمة أو نزيف داخلي فالضربة أتت على رأسه وهما يدعوان الله أن لا يتأزم وضعه فعندها لن يكون سامح وسارة محظوظان كثيراً.
تحدث سامح إلى الضابط بشأن إخلاء سبيل سارة ولكنه اعترض بذلك وطلب منه الهدوء ريثما يعلمان كيف حال الشاب.
وضع الحراس كل من سامح وسارة في زنزانة منفردة ريثما ينتهي الأمر ويعلمون أخبار الشاب، كانت سارة تشعر بالخوف وطوال وقتها تبكي وتنتحب على نفسها وعلى سامح فهي حقاً خائفة عليه كثيراً، تعلم جيداً بأنها ستخرج من هنا بسرعة ولكنها لا تعلم إن كان سامح سيخرج فوراً أم لا وأيضاً وللصراحة هي خائفة من جيداء كثيراً فإن علمت بما حدث ستؤذيها حتماً. بينما سامح كان جالساً في المنفردة المعتمة وراء تلك القضبان الحديدية ولا يفكر بشيء سوى سارة، كيف حالها؟ ماذا يحدث لها الآن؟ حتماً هي خائفة الآن، ليته بجانبها لكان قد طمئنها بوجوده، هو ليس خائفاً على نفسه ولا يهمه حاله بقدر مايهمه حال سارة، وليس خائف من علم جيداء بالموضوع وإنما هو خائف من أن يقضي وقتاً طويلاً في السجن وتخرج سارة ومن ثم جيداء تستغل الفرصة بوجوده في السجن وتقوم بأذية سارة، ظل طوال الوقت يصبر نفسه بالتفكير بالأشياء الإيجابية مذهباً من عقله كل الأفكار السلبية وقلبه وعقله مع محبوبته الصغيرة.
-------
في الواقع الحظ حالف سارة وسامح إذ أن الشاب وفي اليوم التالي استيقظ ولم يكن هناك أية خطورة عليه، وغير ذلك لم يقدم شكوى بحق سامح وأصفط عن حقه فوراً وقد وعده سامح بأنه سيتحمل كل أقساط علاجه.
كما أنهم أطلقوا سراح سارة ولكنها أبت الخروج دون سامح وكانت خائفة عليه جداً ولكنهم حدثوها بأنه لن يخرج الآن حتى وإن أصفط الشاب عن حقه لإن هناك حقٌ عام وسوف يأخذ جزائه والذي لم يكن ذلك الجزاء القاسي فقط بضعة أيام في السجن ومن ثم سيخرج.
توجهت إلى منزلها فوراً ولم تخرج منه مخافةً من تلك الشمطاء لإنها لن تفلت من يدها هذه المرة إن أمسكتها.
بينما سامح فقد تفاجأ بأنهم سيطلقون سراحه بنفس اليوم وبالفعل أطلقوا سراحه لإنه زوجته المصون أتت وقد دفعت الكفالة له ومن ثم عادت للمنزل، ابتسم بسخرية حالما علم بـ الذي فعلته جيداء ولكنه لم يبالي ليتوجه إلى منزل سارة فوراً، طرق عدة طرقات على الباب وقد أسمعها صوته لكي تطمئن وما إن سمعت صوته حتى فتحت الباب وارتمت في أحضانه باكية، ابتسم بسعادة لإنها خائفة عليه وظل يطبطب عليها ويحدثها بكلمات حنونة إلى أن هدأت وابتسمت من بين دموعها بسعادة، مسح دموعها ليكور وجهها بين يديه ويتحدث مبتسماً:
"ألن تسمحين لي بالدخول جميلتي"
حركت رأسها موافقة بسعادة ليدخلان إلى المنزل، جلسا في الصالة وقد حدثها سامح بكل شيء حدث معه وطمئنها بالنسبة لجيداء بأنها لن تتجرأ وتفعل لها شيء، التمست الصدق في كلامه وقد سعدت كثيراً بحديثه معها واهتمامه البالغ إذ أنه حالما خرج من السجن حتى توجه لها فوراً ولم يكلف نفسه للذهاب إلى منزله أبداً.
كان يريد أن يتحدث وينطق مافي داخله إلا أنه لم يكن يعلم كيف يجمع الكلمات المناسبة ولم يتجرأ على التحدث، بينما هي كانت تراقبه وتنظر له بقوة وقد رأت عليه الارتباك، تنهد سامح بيأس لينهض ويتحدث ببرود:
"حسناً لقد اطمئنيت عليكِ والآن سأذهب وداعاً"
ما إن سمعت بكلماته حتى اغرورقت عيناها بالدموع وابتلعت غصتها، نظر لها بطرف عينه ليهم بالرحيل ولكنه توقف عندما حدثته بصوتها الباكي:
"ابقى قليلاً معي أرجوك"
استدار لينظر لها ببرود وقد هبطت دموعها، هو لا يريد أن يغصبها على شيء ولا يريد أن يسبب لها الأذية ولن يضعف أمام دموعها، ابتلع ريقه ليتحدث ببرود:
"أريد منكِ شيئاً واحداً فقط والذي هو أن تختارين رجل صحيح في حياتكِ"
أنهى جملته وتوجه للباب إلا أنها أوقفته بندائها له:
"سامح"
استدار لتتقدم منه ودموعها على وجنتها لتخفض رأسها وتقول ببكاء:
"ولكنني إخترتُ الرجل الصحيح والذي هو أنت"
لانت ملامحه ليبتسم بسعادة ويرفعها عن الأرض ويحتضنها بقوة ويدفن رأسه برقبتها ليشم رائحتها التي يعشقها، بينما هي أصبحت تبكي وتبتسم في آن واحد وهي محتضنة إياه بسعادة بالغة.
ابتعدت عنه قليلاً لتنظر لها بابتسامة واسعة من بين دموعها كحاله هو ليقول:
"هل تقبلين الزواج بي"
ومن دون أدنى تفكير منها حركت رأسها موافقة وهي مبتسمة ليبتسم هو بسعادة ويحملها ويدور بها وسط ضحكاتهما التي عمت بأرجاء المنزل.
------
من الجهة الأخرى تلك التي نار الغيرة والقهر تشتعل في صدرها كلما تخيلته معها وبرفقتها، لقد علمت بأنه توجه إليها حالما خرج من السجن وهذا مازاد من قهرها وغليان قلبها، لقد باءت كل محاولاتها بالفشل ومع كل التهديدات التي وجهتها لسارة وسامح ومازالا مع بعضهما.
حسناً سارة تلعب معها وجيداء ستكسب اللعبة كما تظن، هي لن تصمت ويبدو بأن سارة تريد التخلي عن حياتها لذلك سوف تدبر لها مكيدة تليق بها وتبعدها عن زوجها ليبقى سامح لها وحدها، ولكن كل شيء بوقته ووقته قريب جداً بالنسبة لجيداء.
"يافتنةُ العُشاقِ يامحبوبتي
أنا من رآكِ وغابَ في شفتيكِ
أنا من يُعذبهُ الجمال وطالما
عصفَ الجمالُ بهِ فعادَ إليكِ"
_______________________
السلاااام عليكم
شو رأيكم بالبارت ؟!
رأيكم باللي صار مع سامح وسارة بسبب الحادث ؟!
شو رأيكم بقرارهما بشأن الزواج صح ولا خطأ ؟
ياترى آن الأوان ليتزوجوا ولا لسا ؟!
وياترى شو رح تعمل جيداء بسارة ؟!
أبدعوني بتفكيركم الإجرامي !!!
شو بتتوقعوا ردة فعل العائلة لما تعرف بزواجهما يعني إذا تزوجوا ؟!
توقعاتكم + اقتراحاتكم
دمتم بأمان الله ❤
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية احببت حبيبة ابني) اسم الرواية