Ads by Google X

رواية ارهقني عشقها الفصل الثاني و العشرون 22 - بقلم وداد جلول

الصفحة الرئيسية

   

رواية ارهقني عشقها الفصل الثاني و العشرون 22 -  بقلم وداد جلول

وجعي منكِ
                                    
                                          
" طويتُ عمراً مضى شوقًا لمغتربٍ



ياليتَهُ ساعةً بالشوقِ يلقاني



ياقاسيَ القلبِ هلْ طيفي يمرُّ بك



أمْ غمَّهُ الهجرُ ممتدَّاً بنسيانِ



أنا التي مااشترتْ سلوى بحرقتِها



علِّي ألاقي بها قبراً لأحزاني



فخذْ فؤاداً بنبضٍ قد غدا قلِقاً



وعدْ بهِ زاهياً يازهرَ بستاني



لاتهجرِ القلبَ إنْ أهداكَ خافقَهُ



اِرحمْ بهِ دمعةً فاضتْ بتحنانِ



أما أنا ، يا فلذتي قد صرتُ عاجزة ً



عن التصبَّرِ فارحمْ نارَ حرماني "



كانت ليلى تخط بيدها هذه الكتابات في دفترها الصغير والذي كان مرافقاً لها طيلة الأربع سنوات التي غابتها عن جبل ، فهي كل ما كانت تريد أن تشكي أوجاعها منه تلتجأ إلى هذا الدفتر الصغير وتكتب مافي بالها ..



أليس عليها أن تكتب تلك الكتابات من أجله وهو الذي لم يعيرها أي اهتمام عندما قابلته منذ ثلاثة أيام ، في حينها ظل ينظر لها مطولاً ببرود ودون أن يرف له رمش ، ظل يحدق بها ويتمعن بشكلها المتغير عليه فهي لم تعد ليلى البريئة وإنما أصبحت ليلى المثقفة والواعية والمثيرة ، أصبحت امرأة بكل معنى الكلمة ، كان في حالة ذهول في حينها فهو لم يتوقع أن يقابلها فورا ، أجل هو فرح كثيراً برؤيتها وتوقفت الدنيا من حوله عندما رآها ولوهلة كان سوف يركض لها لكي يحتضنها ويشم رائحتها التي تسكره ، ولكنه تذكر فوراً مافعلته به هي ووالدته لذلك ظل يناظرها ببرود من رأسها إلى أخمص قدميها ومن ثم خرج من المنزل بأكمله ..



ومنذ ثلاثة أيام هي لم تراه ولم تقابله ، ربما هو لا يريد مقابلتها وربما لم ينسى بعد وربما لم يعد يريدها ، هي حزينة كثيراً على ردة فعله الباردة التي أبداها تجاهها ، فهي كانت متوقعة بأنه سيأخذها بعناق يسحق عظامها به أو لربما كان سيهزأها ويشتمها ويضربها لإنها ابتعدت عنه طيلة هذه الفترة ، ولكن أن يعاملها بجفاء وبرود ولا يعيرها أي اهتمام هذا ماكانت لا تتوقعه أبداً ..



على كلن هي سوف تعود من حيث أتت لإنه واالظاهر في الأمر بأنه لا يريدها ولا يحبذ وجودها لذلك سوف تنسحب من حياته مجدداً دون أن تفتعل أيةُ مشاكل ولكننن !! ليس قبل أن يطلقها ويخلصها من الرابط الذي بينها وبينه ، أجل هي لازالت تحبه ولازالت تعشقه وتريده ولكنها لن تفرض نفسها عليه أبداً ..



كم كانت متلهفة لإن ترتمي في أحضانه وتشم رائحته الرجولية ولكن بروده وجفائه هو من منعها أن تتخذ هذه الخطوة ، فهي لم ترى سوى نظرة البرود في عينيه ، لم ترى نظرة الحب لها ، لم ترى نظرة اللهفة والاشتياق لها ، لم ترى نظرة الفرحة والسعادة عندما رآها وكل هذا كان من صنع يدها وبسببها ..

 
          
                
"أليس علي أن أهجرَ قلباً لم يرحم فؤادي بغيابه"



هذا ماكان يحدث به نفسه جبل وهو واقفاً في شرفة منزله الثاني ، كان ممسكاً في يده كأسه ونسمات الهواء تلفح وجهه الوسيم ، لم يكن يريد أن يكون لقائه بها بهذا الشكل ، كان ومازال وسيظل يعشقها ويريدها ، كان ينظر لها ببرود ولكن في داخله نيران مشتعلة ، تلك اللحظة التي مرت عليه عندما رآها كانت الأجمل في حياته كلها ، كم كان جميل لقائه بها بعد فراق وبعد سيلٍ من الأشواق ، وكأن هذه اللحظة ترسم لوحة ربيع العمر ، لحظة يزداد بها نبض القلب وتتجمد المشاعر من فرح القلوب ، فما أجمل لقاء يجمعك بمن تحب فهو ينسيك حنين الأمس و ذكريات الغد ، ومن شده شوقه لها كان يبحث عن النوم في غير أوقاته لعل لقائه بها يكون في المنام ..



يقولون أن لقاء الحبيب هو العلاج للقلوب ، وهو الطبيب ..



ويقول نجيب محفوظ :
ليس أمامنا سوى الصبر الجميل حتى ينطوي دهر الفراق ويتصل حبل اللقاء ..



وهاهو جبل قد صبر كثيراً وفي الأخير اتصل حبل اللقاء ولكن لقائه بها كان مختلفاً كثيراً ، فهو لم يكن ذاك اللقاء الذي يستحق أن يفرحا لأجله ، كان يود أن يحتضنها ويقبلها ويبثها حنانه ، كان يود أن يشم رائحتها التي تسكره ، ولكن !! هناك ضربةً قاضيةً أتته لتوقظه من أحلامه الوردية وأوقظت ذاك الكبرياء الذي لديه ليمارسه عليها ويبتعد عنها دون أن يفعل كل ماسبق ، فهو إلى الآن لم ينسى كيف تآمرت هي ووالدته ضده وابتعدت عنه بكامل إرادتها ، لطالما كان يظن بأن ليلى الصغيرة تفهم عليه وتحفظه عن ظهر قلب كما يفعل هو ، لطالما كان يتمنى أن تحتويه وتتفهم غيرته وهوسه بها وتمد له يد المساعدة لكي تخلصه من مرضه ولكن لم تفعل ، كل مافعلته هو أن هجرته وابتعدت عنه ..



والآن ألا يحق له أن يفعل مافعله بها ويتجاهلها ولو كان هذا على حساب نيران الشوق التي بداخله !.



ذلك الشرود وهذه الدوامة التي كان بها استفاق منهما عندما سمع صوت رنين هاتفه ليرى اسم المتصل وقد كان منير ، أجابه بصوته الرجولي :



"أهلاً منير ، ماذا هناك"



أجابه بكلمتان فقط :
"سيدي ، آدم يبكي و.."



قاطعه قائلاً :
"أنا قادم فوراً"



أنهى اتصاله وتوجه إلى وجهته ومن ثم عازماً على تنفيذ مايجول في خاطره ...



_______________________



بعد قليلٍ من الوقت 



في المنزل عند سلمى والدة جبل
كانت جالسة ومعالم القلق بادية على وجهها من بعد ما أتاها ذلك الاتصال من ابنها جبل وقد حدثها بشيء صعقها ولطالما كانت خائفة أن يحدث منذ زمن ، قطعت شرودها دخول ليلى وعلامات الحزن بادية على وجهه ، انضمت لها وجلست بصمت ، نظرت لها سلمى بقلق لتقول :




        
          
                
"ما الأمر ليلى مابكِ يا ابنتي"



تنهدت ليلى بحزن لتقول :
"لا شيء عمتي ولكن أنا.."



قطعت جملتها وعلقت الغصة في حلقها لتنظر لها سلمى بقلق أكبر وتقول :
"مابكِ حبيبتي تحدثي"



تحدثت ليلى ببكاء :
"إما أن يطلقني وأعود من حيث أتيت أو يعود جبل الذي يحبني وأحبه ، لقد تعبت جداً عمتي ، ظننت أن بعودتي سيتغير كل شيء ولكنه لم يتغير أي شيء بل زاد الطين بلة ببروده وجفائه معي"



أنهت جملتها ببكاء لتنفجر بالبكاء مجدداً ، أرادت أن تتحدث وتجيبها لتطمئنها ولكن أتاهما ذلك الصوت الرجولي البارد ليقول :



"ألا تظنين بأنكِ تستحقين ذلك"



نظرت لمصدر الصوت لترى جبل واقفاً أمامها ممسكاً بيد طفل صغير على مايبدو بأن عمره الآن خمسة سنوات ، لم تلتفت ليلى له وإنما صبت كل تركيزها على ذاك الطفل البريئ الذي كان يمرر بصره بينها وبين والدة جبل ويناظرهما ببراءة ، حدقت به ليلى بتمعن وعلى وجهها علامات الاستفهام ، بينما والدة جبل ظلت واقفة مكانها وهي تمرر بصرها بين ليلى وذلك الطفل داعية لربها أن لاتعود وتخسر ليلى مجدداً بسبب شرط ابنها الذي حدثها به لكي يسامحها ، فهو قد اشترط عليها بأمر لكي يسامحها وهي لم يكن بيدها حيلة سوى أن تقبل بذلك الشرط ، ثواني من الهرج والمرج وما لبثت حتى استفاقت من صدمتها وتساؤلاتها على صوت الطفل وهو يركض لأحضان سلمى وهو يصرخ :



"هييي جدتي اشتقت لكِ"



هذه الجملة بالتحديد لم تزيد على ليلى سوى القلق والرعب ، مخافةً وظناً منها بأن هذا الطفل من المحتمل أن يكون ابن جبل ، عقدت حاجبيها بخفة ونظرت لجبل بتساؤل ليبتسم ببرود ويقول موجهاً حديثه للطفل ولكن نظره موجه إلى ليلى قائلاً :



"آدم تقدم من خالتك ليلى وارمي التحية عليها هيا بني تعال"



نظرت له بعينان جاحظة لتقول :
"هل هو ابنك"



تنهد جبل بقوة مشيحاً بوجهه عنها لكي لا يضعف أمام نظرة الانكسار التي بعينيها ليقول :
"أجل هو ابني"



ابتلعت ريقها بصعوبة حالما سمعت بجملته وظلت تنظر له بانكسار لتشعر بآدم وهو يضرب فخذها بخفة ويقول ببرائة وصوتٍ ناعم :



"أهلاً خالتي ليلى كيف حالكِ"



لم تستطع ان لا تنظر إليه ، ابتسمت له من بين دموعها بانكسار لتحرك رأسها موافقة وتقول بصوتٍ خافت :



"أنا بخير"



ابتسم لها ببرائة ليقترب ويقبلها من وجنتها جاعلاً من جبل منغاظاً وشاعراً بالغيرة تسري في عروقه بسبب فعلته ، تحدث جبل بحزم :




        
          
                
"آدم تعال إلى هنا"



نظر لجبل ببرائة ليتقدم منه ويقول ببرائة :
"أبي من هذه ، هل هي ماما الخاثة بي"



____________________________________
(بدكم تنتبهوا
آدم عندو لدغة بحرف السين لهيك انتبهوا)
____________________________________



نظر له جبل مطولاً ليهمهم ببرود ويقول :
"دعك من هذا الحديث الآن وهيا إذهب مع الخادمة لكي تغير ثيابك وتعود لكي نتناول العشاء سوياً"



ابتسم آدم باتساع ليقول :
"هذا يعني بأنني ثوف أثكن عندك ولن تتركني بعد الآن أليث كذلك"



ابتسم جبل بخفة ليحرك رأسه موافقاً ويقول :
"أجل لن أتركك بعد الآن هيا إذهب وعد سريعاً"



هتف آدم بمرح وبراءة ومن ثم توجه مع الخادمة إلى غرفته الخاصة التي قام جبل بتجهيزها له ..



دقائق من الصمت الرهيب والنظرات المتسائلة من ليلى والنظرات الباردة والجامدة من جبل ، بينما سلمى كانت تمرر بصرها بين جبل وليلى بقلق واضح عليها ، صدح صوت جبل والذي تحدث وهو مثبت عينيه على ليلى ليقول لوالدته :



"أمي أريد أن أحدث ليلى على انفراد"



ابتلعت ريقها سلمى لتقول بتوتر :
"حسناً بني"



أرادت أن تنهض ولكن جبل اوقفها بكلامه وهو يهم بالنهوض :
"أو انتظري يتهيأ لي بأنه لا يزال هناك غرفة على اسم ليلى والتي كنا نتشاركها سوياً لذلك سنتحدث بغرفتنا"



نظرت له ليلى ببرود لتقول بثقة :
"لنتحدث وننهي كل شيء تفضل"



أنهت جملتها وتوجهت إلى غرفتهما القديمة والتي جمعت ذكريات كثيرة بينهما منها الجميلة ومنها المرة ، ومما أثار غضب جبل من جملتها الباردة ، ابتسم بسخرية ليلحق بها ويدخلان سوياً إلى الغرفة بحيث وجدت ليلى بأن أثاثها لم يتغير بها شيء ومازالت على وضعها وكما تركتها ، استدارت لتحدثه بثقة وبرود :



"يتهيأ لي بأنك قضيت حياتك ولم تتوقف عندي وها أنت الآن لديك طفل صغير ومن قبل أن تتزوجني أيضاً أليس كذلك"



ابتسم ببرود واضعاً يديه في جيوبه ليتوجه لها بخكوات واثقة ومن ثم يمرر بصره على كامل أنحاء وجهها ويبتلع ريقه ، اخفى عشقه وهيامه واشتياقه وحل محل كل ذلك البرود ليقول :



"وما المانع"



ابتسمت بسخرية لتقول :
"لا مانع أبداً لذلك لننهي هذه المسألة وتطلقني لإنني سأعود من حيث أتيت"



ابتسم بثقة ليقول :
"هل لهذا السبب عدتي ، فقط من أجل أن أطلقكِ"



ابتسمت بسخرية لتقول :
"هل علي أن أجيبك أم أنك ستسأل السؤال وستجيب عليه من تلقاء نفسك كما السابق ، اتذكر كيف كنت تشكك بي وتتهمني بأنني أحب شخصاً آخراً غيرك ، أخبرني هل ستقوم باتهامي الآن كما السابق"




        
          
                
همهم لها ببرود ليقول :
"لا ومن قال لكِ هكذا ، فهذا الأمر متعلق بكِ ولكِ كامل الحرية فلتفعلي ماشأتي يا ليلى"



أدار لها ظهره منهياً جملته بنبرة يتخللها بعض الالم حالما نطق باسمها لتبتسم هي بدورها وتتحدث باستنكار :
"وأين كانت هذه الحرية عندما كنت بين يديك"



تحدث مصححاً لها :
"كنت بين يدي ومازلتي"



أجابته وهي تضم يديها إلى صدرها :
"ولكنني ابتعدت"



استدار لها ليقول ببرود :
"وأنا انتظرت لكي تعودي بإرادتكِ وليس غصباً عنكِ ، آن الأوان لكي تكفرين عن أخطائكِ بحقي"



عقدت حاجبيها بعدم فهم لتقول :
"ماذا تقصد"



تنهد بقوة ولم يجيبها لتردف له ببرود :
"لقد كنت أظن بأنك ستحتويني وستفرح كثيراً بعودتي ولكنني كنت مخطئة ، حتى أنك تزوجت وأنجبت ولم تسأل عني"



أنهت جملتها بسخرية ليبتسم ببرود ويقول :
"أجل وهذا الطفل ابني ولقد أنجبته قبل زواجي منكِ أيضاً وستظلين هنا لكي تعتني به"



همهمت له لتقول :
"وأين والدته لما لاتدعها هي من تعتني به"



تحدث ببرود :
"لا شأن لكِ ستفعلي ما أمرتكِ به"



استفزها بكلامه لتكز على أسنانها وتقول :
"لن أفعل شيء جبل بل أنت الذي سيفعل"



همهم لها ليقول :
"وما الذي سأفعله"



تحدثت ببرود :
"ستطلقني"



ابتسم ببرود ليقول :
"أتذكرين في السابق كانت هذه المشكلة التي نتشاجر عليها دائماً ، أنتِ بدوركِ تطلبين الطلاق وأنا بدوري كنت أرفض فقط لكي أحافظ على زواجنا وحبنا ، هناك فرق كبير بيننا أليس كذلك"



ابتسمت بألم لتقول :
"أنت الذي أوصلتنا إلى هده المرحلة ، لم أكن أود تركك أبداً جبل ولكنني كنت مجبرة فأنا لم أستطع تحملك وتحمل جنونك"



كلماتها هذه جعلته يصل لأعلى مراحل جنونه ، صرخ بها صوتا زلزل بكيانها ليقول :
"لم تستطيعين تحمل جنوني ها ، إذاً لماذا قبلتي الزواج بي ، لماذا زعمتي بأنكِ تحبيني وأنت سوف تتركيني في يوم من الأيام ، لماذا أرهقتني وأرهقتي قلبي في حبكِ لماذااا"



بادلته بنفس النبرة ونفس الصراخ :
"ما الذي علي أن أفعله لكي تصدق بأنني أحببتك وعشقتك ، لماذا لا تصدقني ، أنسيت كم كنت تضربني وتهزأني ، أنسيت كم من المرات أبكيتني ، ألا تريدني أن أهجرك وأتركك ، أنسيت كيف قتلت منال أمام عيناي وبكل دمٍ بارد منك ، ومع ذلك كله لقد عدت لك من بعد كل شيء عدت لك لإنني لازلت أحبك وأعشقك ولكنك لم تستحق حبي لك ياجبل و.."




        
          
                
قاطعها بكلامه وصراخه :
"منال لم تمت ، ثم أنه لم يكن عليكِ أن تفعلي مافعلتيه بي ، لقد أرتكبتي خطأً فادحاً بحقي ويجب عليكِ أن تصححي خطأكِ معي"



لم تتحدث ولم تجيبه فقد صدمتها حقيقة منال صراحة لإنها عندما رأتها غارقة في دمائها ظنت بأنها لن تفيق بعد الآن ، ابتلع ريقه جبل وحاول تهدأة نفسه ليردف لها ببرود :



"كان بإمكانكِ تغيري للأفضل ، كان بإمكانكِ إعطائي فرصة أخيرة فقط ، كان بإمكانكِ أن تتفهمي وضعي ولا تعانديني بكل شيء وبهدا الشكل لن أضربكِ واهزئكِ ، كان بإمكانكِ أن تظلين معي وتغيريني أنتِ بنفسكِ لا ان تعاقبيني بهجركِ وابتعادكِ عني"



صمت قليلاً ليردف لها بقهر وصراخ :
"كان بإمكانكِ أن تدعيني أعيش وأهنأ في حياتي وأنتِ بجانبي لا أن تعاقبينني بهذا الشكل وتدعيني أقضي طيلة الأربع سنوات بالبكاء والآلام والمعاناة"



هدأ من روعه قليلاً واستعاد أنفاسه المتسارعة بينما هي كانت تتابعه بصدمة ودموعها تبلل وجنتها ، لوهلة شعرت بالندم بسبب تركها له ولكن هي حقاً كان لديها أسبابها بفكرة ابتعادها عنه وهجرها له ، لم يكن يجدر بها الابتعاد ولكنه هو من اوصلها إلى هذه المرحلة ، مرحلة اليأس والملل والوجع والألم ، وجهت نظرها له لتراه جالساً على الأرض وهو يحدق بالفراغ بشرود لتسمعه يقول بهدوء :



"لم يكن يجدر بكِ تركي منذ البداية يا ليلى ، أنتِ حتى لم تعطيني أيةُ فرصة لتعرفين سبب خوفي وتملكي لكِ ، كنت دائماً أخاف من فكرة ابتعادكِ عني وقد حدث وابتعدتي عني ومازلت خائفاً"



شهقت ببكاء لتتوجه له بخطوات بطيئة وتجلس بجانبه وتضع يدها على وجهه ، نظر لها بجمود وظل يظر لها مطولاً وهو يرى تفاصيل وجهها الملائكي والذي اشتاق له ولرؤيته ، الآن حقاً لا يصدق بأنها بجانبه وتنظر له بأسف واعتذار ، كم كان يقضي الليالي وهو حزين وبائس ولم يكن بوسعه فعل أي شيء ، اقترب لكنها دون سابق إنذار ليمتلك شفتيها بقبلة عميقة جعلتها تبادله فوراً دون أدنى تفكير منها ، قربها له أكثر فأكثر وهو يروي عطش قلبه من رحيق شفتيها التي تسكره وتثمله ، لم يكن يشعر بشيء سوى هي لا يفكر بشيء سوى بها ، فقط هي ، هي من هجرته وابتعدت عنه وقسيت عليه ومع ذلك كله لم يستطع أن يكابر أكثر من ذلك ففي كلا الأحوال حياته إما ليلى أو ليلى ، فصل القبلة لينظر لعيناها المغمضة وشفتيها التي اصطبغت باللون الأحمر أكثر من قبل من شغف قبلته وقساوتها ، ابتسم من عيناه ليستفيق على نفسه ومن ثم أبعدها عنه ونهض من مكانه وهو ينظر للاشيء ببرود ، تعجبت من فعلته لتنهض وتضع يدها على كتفه وتقول :



"مابك"



استدار لينظر لها ببرود ويقول :
"وجعي منكِ يفوق الحد يا ليلى"




        
          
                
ترقرقت عيناها بالدموع عندما سمعت بجملته لتبتلع غصتها وتقول :
"لقد سامحتك كثيراً ياجبل ألن تسامحني أنت هذه المرة ، ها أنا أعتذر لك وأطلب منك العفو ، سأتحمل كل شيء من أجلك وسأظل بجوارك حتى لو كان لديك طفل من امرأة أخرى سأظل إن كان هذا يجعلني أكفر عن خطئي معك"



ظل يتابعها ببرود ليشيح بوجهه عنها ويقول :
"حسناً لكِ هذا ولكن فليظل كل واحد منا في حاله ودون أن يتدخل أحدٌ منا في شؤون الآخر ريثما أسامحكِ ما رأيكِ"



نظرت له بعينان دامعة لتقول :
"لماذا تفعل كل هذا بي جبل لا تكن قاسي إلى هذا الحد"



ابتسم بسخرية ليقول :
"هذا ماعندي وإن لم يعجبكِ عودي من حيث أتيتي ولا تفكري بالعودة إلى هنا في حياتكِ كلها"



نظرت له بصدمة وعينان دامعة لتبتلع غصتها وتقول :
"حسناً كما تريد جبل"



صمتت لتبتسم بسخريت وتردف له :
"كنت أظن بأنني سأعود لكي أكون سعيدة بجوارك وننسى الماضي ولكن يبدو بأنني سوف أعاني كثيراً وسنعود إلى نقطة الصفر من جديد"



ابتلع ريقه ليقول وهو مشيحاً بوجهه عنها :
"هذا ماستحصليه عندما تبتعدين عني"



حركت رأسها موافقة لتبتسم بسخرية من بين دموعها وتقول :
"وماذا عن زوجتك ألن تجلبها لكي تسكن معنا"



نظر لها ببرود ليحرك رأسه رافضاً ويقول :
"والدة آدم ماتت عندما ولدته وأنا لم أكن متزوجاً بها أصلاً"



همهمت له لتحرك رأسها موافقة وصمتت ، شعر بالدم يغلي في عروقه ولا يعلم لماذا ، كل مايعلمه أنه لا يريد أن يعود للكذب عليها مجدداً ، لا يريد ان يخسرها مجدداً علماً بأنه قد طلب منها الرحيل إن لم تقبل بشروطه وفي الواقع كان واضعاً يده على قلبه في حينها مخافةً من أن تقبل بالفكرة وتستسلم وتعود من حيث أتت ، لا يعلم كيف يقسو عليها وينطق بكلمات قاسية أمامها ولكنه حقاً وجعه عميق ولا يمحى بهذه السهولة ، نظر لها بعينان حادة وغاضبة ليصرخ بوجهها دون سابق إنذار :



"اللعنة عليكِ وعلى قلبي الذي أحبكِ ، اللعنة علي إذ أنني لم أعد أستطيع أن أكذب أو أن أكابر ، حسناً آدم ليس ابني وأنا لا أريدكِ أن تبتعدين عني وكل كلامي الذي حدثتكِ به منذ قليل أنا أسحبه ارتحتي الآن"



نظرت له بعدم فهم وعينان دامعة لتحرك رأسها بعدم فهم ليردف لها بصراخ :
"هل ستتفضلين علي وتبقين بجانبي أم أنكِ ستعودين من حيث أتيتي ها ، هل ستبقين زوجتي أم أنكِ ستعاندين وتطلبين الطلاق هيا أجيبي"



ظلت تنظر له بصدمة لتهم بالحديث ولكنه قاطعها بقوله الساخر :
"أنا لماذا آخذ رأيكِ ها ، حسناً أنتِ تريدين البقاء معي وبجواري حسناً أعلم ، أريد طفلاً منكِ والآن"



أمسكها من رسغها ليجرها خلفه ويرميها على السرير ومن ثم اعتلاها لينظر لعيناها الجاحظة مباشرة ويقول بهمس :



"أتذكرين هذا السرير على ماذا شهد فيما بيننا ، أتذكرين كم كنا ننشر الكثير من الحب هنا ، أنا أريد أن أذكركِ بكل هذا وأدعكِ تشعرين بي أيضاً"



أنهى جملته ومن ثم امتلك شفتيها بقبلة عميقة ومتلهفة لتبادله بعد ثواني وتحديداً عندما استوعبت كلامه وفعلته ، تركت نفسها له وسلمت جسدها له بكل أريحية ، لم تفكر بالنتائج ولم تفكر بأي شيء حينها سوى بقبلاته ولمساته التي ماتت شوقاً لها ، قضيا ليلتهما وهما بأحضان بعضهما يمارسان الحب وينشران الكثير والكثير في غرفتهما التي شهدت الكثير من مواقفهما القديمة بها ....



"وها أنا أكبر ُبمجيئكِ عاماً مِنَ الفرح
لِذا امنحيني لحظةً مِن قلبكِ
لِأتوسد أحلامي وأنام"



_________________________




        




google-playkhamsatmostaqltradent