رواية لأجلك انت الفصل الثالث و العشرون 23 - بقلم وداد جلول
واقع أليم
أجاب يوسف بغضب:
"أيها اللعين أين أنت، انقلبت الدنيا بغيابك واتصلت بك أكثر من مرة وأنت هاتفك مغلق والآن تجيبني بكل برود ها"
قلب آسر عينيه ليقول ببرود:
"ماذا حدث هل تحررت القدس أم ماذا قل ما لديك"
احتدت لهجة يوسف ليقول بصوت عالٍ:
"لعين، سافل، بارد، لقد تعرضت فتاة للإغتصاب من قبل سهيل رافع"
نهض آسر من مكانه بسرعة ليقول باهتمام:
"ماذا؟ كيف حدث ذلك"
تنهد يوسف بحدة ليقول:
"أتذكر تلك الفتاتان عندما جاءتا إلى القسم وقدمتا شكوى ضده"
جحظت عينان آسر وانقبض قلبه وتذكر آسيل ليقول:
"أجل مابهما"
أجاب يوسف:
"لقد تعرضت للأغتصاب واحدة منهما، اسمها شهد وهي الآن موجودة في المستشفى، اغتصبها بوحشية هذا اللعين"
تشتت تفكير آسر وجال بنظره بأرجاء المكان ليقول:
"أنا سآتي فوراً"
تحدث يوسف:
"حسناً وأنا سأكون بالفرع بعد ربع ساعة"
أنهى آسر اتصاله ليضع يده على جبينه تعبيراً عن قلقه وخوفه على آسيل عندما تعلم بصديقة عمرها ما الذي حدث معها، اتجه آسر وبدل ملابسه ليخرج فوراً متجهاً إلى الفرع وهو يفكر بحال آسيل وكيف سيخبرها بحال صديقتها، تنهد بغضب وضرب على مقود السيارة وقرر بأنه لن يحدثها بشيء في الوقت الحالي إلى أن تتحسن حالة شهد مبدئياً.
_________________
في مكان ما في باريس
يقف بملامح جدية، كمامة على فمه، يلبس الصدرية الخضراء، وبجانبه أدواته، ويقفون حوله باستعداد لإتمام عملية قلب مفتوح، تنهد بقوة ليبدأ عمله وبجانبه تلك الممرضة التي تناوله الأدوات اللازمة لإتمام العملية، أصبح العرق يتصبب منه بعد وقت طويل كون جهاز القلب قد بدأ يعطي خط مستقيم ويصفر، لم يفشل بحياته بأية عملية كانت، دائماً كان الطبيب المجدّ والناجح، تنهد بقوة وأصبح قلبه يطرق طرقات متزايدة وكأنه يعطي المريض من دقات قلبه السريعة المتزايدة، أصابه التوتر، أغمض عيناه بقوة ليعيد تركيزه المشتت ويعاود المتابعة بعمليته التي أصبحت خطيرة، شغل صدمات الكهرباء ليلصقها بجسد المريض، الضربة الأولى والثانية والثالثة إلى أن عاد نبضه إلى طبيعته، تنهد بقوة وعاود عمله ليكمل عمليته وتتم بنجاح، خرج من غرفة العمليات والدماء تملئ قميصه الأخضر، توجه إلى مكتبه ومن بعدها إلى حمام مكتبه ليغسل يديه ويلبس مريولته البيضاء ويجلس على كرسيه بتعب واضح، دخل إليه أحد الشبان والذي لا يعتبر مكانه بالمستشفى ليطل أمامه مبتسماً ليبادله الابتسامة باسل ويأتي ليث ويجلس أمامه ضاحكاً ويقول:
"ماذا أيها الطبيب؟ كيف كانت العملية"
تنهد بتعب ليقول:
"لقد فشلت"
جحظت عيناه ليقول:
"مستحيل، أنت لم تفشل في حياتك بأية عملية، ماذا أصابك"
ابتسم باسل ابتسامة صغيرة ليقول:
"معك حق"
تنهد ليث بارتياح ليقول:
"لقد أخفتني يارجل، إذاً كيف حال والدتك ورنيم"
أجاب باسل:
"بخير، ألن تأتي إلينا اليوم على الغداء أيها الأحمق"
ابتسم ليث ليقول:
"بلى بالطبع سآتي"
همهم باسل ليقول:
"جيد"
حرك ليث رأسه ليقول:
"ألم تتحدث مع آسر ويوسف"
تحدث باسل بجدية:
"اتصلت بهما عدة مرات ولا أحد منهما يجيب"
عقد ليث حاجبيه باستغراب ليقول:
"لماذا؟ هل حدث معهما شيء"
أجابه باسل:
"لا أعلم شيء عنهما"
همهم بتفهم ليقول:
"وماذا عن ماريا"
نظر باسل إلى ليث نظرة قوية ليقول:
"دعك من هذا الحديث"
صمت ليث ولم يرغب أن يضغط على باسل أكثر من ذلك لإنه يعلم مدى عشقه لها ومدى وجعه منها، ويعلم أيضاً بكل شيء عن ماريا كون ليث مخزن أسراره لباسل.
ليث هو الشاب الرابع للشلة وهو شاب طويل القامة بعيون زرقاء وشعر أشقر وجسد رياضي وكل الفتيات تتهافتن عليه، يحب أن يصادق الفتيات كثيراً وكان متعدد العلاقات كثيراً كحال يوسف وكان يتعاطى المخدرات وظل سنة ونصف يتعالج من مرضه وتعافى بشكلٍ كامل وترك كل شيء من وقتها لإنه متيم بفتاة ويحبها بجنون لدرجة أنه أصبح يتعاطى بسببها لإنها رفضته كونها تعلم بعلاقاته المتعددة لذلك رفضته وهي رنيم أخت باسل، وباسل يعلم بكل شيء وكان هو السبب الأساسي لمعالجة ليث من إدمانه كون أخته هي من كانت السبب باستدراجه لدخول هذا العالم الذي ليس له رجعة ولكن ليث تراجع في الوقت المناسب وأصبح شاب محترم وملتزم وابتعد عن كل شيء خاطأ، وهو الآن على حاله منذ سنة ونصف لم يتعاطى أبداً وابتعد عنه بلا رجعة وله من اعترافه بحبه لرنيم ثلاث سنوات وإلى الآن يعشقها ويتمناها زوجة له، عاد من ألمانيا بعد أن كان يعمل بشركته الخاصة بالهندسة التي تركها له والده مع أملاكه جميعها، ولكنه نقل جميع أملاكه إلى وطنه وقرر أن يأخذ باسل ووالدته وأخته معه بعد أن أخذ موافقته لعودتهم إلى الوطن، تنهد بقوة بعد أن كان شارد الذهن كحال باسل الذي كان يفكر بحبيبة قلبه لينتشله ليث من تفكيره ويقول:
"حسناً سأذهب الآن وسنتقابل في منزلك، لا تنسى أن تمد لي السجاد الأحمر اتفقنا"
ابتسم باسل بسخرية مجيباً:
"اغرب عن وجهي"
خرج ليث ضاحكاً وتاركاً باسل بشروده وعشقه لحبيبة قلبه التي عذبت فؤاده وشغلت باله.
___________________
يجلس كل من آسر ويوسف في غرفة المكتب، والقلق ينهش صدريهما، تنهد آسر ليتحدث بجدية:
"ماذا حدث؟ أخبرني، كيف يفلت منكم هكذا"
نظر يوسف لآسر بغضب مجيباً:
"وما شأني أنا؟، أنا وصلت بعدهم وأخبروني أنه فر هارباً، هؤلاء الحمقى لم يستطيون إيقافه"
تحدث آسر بتفكير:
"يجب أن نجده بأسرع وقت، هذا مجنون تماماً، لربما يحاول أذية الفتاة"
انتفض يوسف واقفاً ليقول بغضب:
"كيف سيؤذيها يعني؟ ألم يكفيه أنه اغتصبها! ماذا سيفعل بعد الآن هذا العاهر"
نظر له ببرود قائلاً:
"لا أعلم، شاب مثله اغتصبها بوحشية ربما يفعل أفظع من ذلك، يجب أن نحمي الفتاة ونضع عدة حراس في المستشفى ريثما يتم القبض عليه"
ابتلع يوسف ريقه وجلس ليقول:
"معك حق، يجب أن نحمي الفتاة ونتوقع كل شيء منه"
نظر له آسر بشك ليحمحم ويقول متصنعاً عدم المبالاة:
"أظن أنك متعاطف مع الفتاة ومهتم بها"
نظر له يوسف بغضب مجيباً:
"ألا تريدني أن أتعاطف معها؟ هذا الحقير دمر مستقبلها واغتصبها، ماذا تريدني أن أفعل؟ أأتشمت بها مثلاً"
ابتسم بررود ليقول:
"اهدأ قليلاً، لم أقصد ذلك يا رجل"
أشاح يوسف بوجهه عنه وزفر بضيق ليحرك رأسه موافقاً دون التفوه بحرف،
لا يعلم آسر إذا كان يجب عليه أن يقول ليوسف عن آسيل أم لا، ولكن لما يقول له عنها؟ لا لن يتفوه بحرف ولن يقول شيء، كان يفكر بآسيل ومكوثها معه، وما الذي سيحدث بعد حين؟ وكيف ستتقبله عندما يعلم بأنه يهيم بها؟ لعن نفسه ولعن الحب، هو يكابر، أجل يكابر ولن يتحدث أو يعترف لها بحبه في الوقت الحالي، أو بالأصح من الممكن أن لا يعترف بتاتاً ولكن لن يتركها أو يجعلها تضيع من يده مرة أخرى، بحث عبر مصادره الخاصة عن حال زوجها السابق وعلم بأنه مازال يبحث عنها وعن ذلك الرجل، هو خائف جداً بأن يجدها ويأخذها منه، لذلك سيبقى محافظاً عليها ومحتجزاً إياها في منزله وأمام عينيه مطمئناً نفسه بوجودها، فهو لن يتخلى عن حياته بعد أن وجدها.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية لأجلك انت) اسم الرواية