رواية احببت حبيبة ابني الفصل الثالث و العشرون 23 - بقلم وداد جلول
تأجيل النطق بالحكم
يحدث كثيراً أن تتلقى صفعة قوية في لحظة من لحظات حياتك، أن يفاجئك شيئاً لم يكن بالحسبان، كرواية يموت بطلها في أول المشهد، أن تتلقى خبراً قد يكون هذا الخبر هو نهاية سعادتك وبداية تعاستك.
هو يحق له العيش بسعادة مع محبوبته الصغيرة ولكن الأناس الموجودين في حياته لا يسمحون له العيش في سعادة، ترى ما الذنب الذي اقترفه لكي يكون هكذا عقابه؟ عقاب الهجر والحرمان من السعادة.
برغم كل الصعاب وكل المشكلات التي واجهها في حياته إلا أن هذه المشكلة العصيبة أو لا، هذا البلاء الكبير الذي أصابه وليس مشكلة، لم يرى كهذا البلاء في حياته ولم يمر عليه، بعد محبوبته الصغيرة ورميها في السجن ظلماً وعدواناً.
عندما تلقى خبر القبض عليها من أخته لم يصدق ما سمعه منها، صغيرته لا تفعل شيء ولا تؤذي أحد فلماذا قبضوا عليها! عندها توجه فوراً إلى قسم مكافحة المخدرات كما قالت له أخته ليرى ما سر هذه المصيبة التي حلت عليه وعليها، فخديجة كانت هناك عند الحادثة فهي كانت تريد الذهاب إلى سارة إلى أن رأت رجال الأمن يحاوطون المكان وقد دخلوا إلى الصيدلية، أرادت أن تدخل لتعلم ماذا يحدث ولكنهم منعوها إلى أن رأتهم كيف يقبضون على سارة، ومن ثم لحقت بهم ولكنهم منعوها من رؤية سارة لإنها على ذمة التحقيق ولم تستطع التدخل وعندها اتصلت بسامح فوراً.
قابلها وهي تجهش بالبكاء المرير وتقسم له بأنها لا علاقة بها بالمخدرات التي في صيدليتها، حسناً هو جن جنونه عندما علم بأن الرجال قد وجدوا في صيدليتها مخدرات.
Flash back:
دخلت إلى مكتب رئيس قسم مكافحة المخدرات لترى سامح جالس على أعصابه منتظراً إياها بفارغ الصبر، حالما رأته حتى ارتمت في أحضانه باكية من الخوف والذعر والظلم الذي حل بها، جلس يهدأها ويفهم منها ما القضية ولكنها لم تجيبه سوى بالبكاء المرير، تنهد بقوة محاولاً تمالك أعصابه ليفهم القصة ويحاول إخراجها من هذا المأزق، استدار للضابط ليقول:
"أرجوك قل لي ما القضية؟ ولما زوجتي هنا؟ مؤكد بأن هناك خطأ ما صحيح"
نظر له الضابط بتعجب ليقول:
"هذه زوجتك، لقد ظننتها ابنتك"
كز سامح على أسنانه ليقول:
"إنها زوجتي وليست ابنتي"
همهم له الضابط ليقول:
"لقد وجدنا في صيدليتها كيس مليء بالمخدرات والحبوب المخدرة ألا تريد أن نقبض عليها ياسيد"
حرك رأسه رافضاً ليقول:
"زوجتي لا تفعل شيئاً كهذا مؤكد بأن هناك أحد ما قد ورطها بهذه القصة"
ابتسم الضابط بسخرية ليقول:
"ولكننا وجدنا المخدرات عندها وإلى الآن لم ينتهي التحقيق معها ولا تريد أن تعترف"
انتفض سامح صارخاً:
"تعترف على ماذا إن كان لا شأن لها ولا تعلم من أين أتت هذه المخدرات كيف ستعترف هيا قل لي"
نهض الضابط ليتحدث بحدة:
"اسمعني جيداً، أنت في قسم مكافحة المخدرات وليس في الشارع يجب عليك أن تحترم أسيادك هل تفهم"
نظر له بحاجب مرفوع ليبتسم بسخرية ويقول:
"أسياد من الذين تتحدث عنهم ومن أنت حتى تتحدث معي هكذا"
غضب الضابط من كلامه ولكن مع كل هذا يعطيه العذر فهو قد رأى مدى خوفه ولهفته على صغيرته ولكن ما بيده حيلة لشيء، تنهد الضابط ليجلس ويتحدث بهدوء:
"اسمعني يا سيد سامح زوجتك متهمة بمتاجرة المخدرات، نحن جائتنا شكوى بحقها من شخص مجهول لذلك توجه رجالنا وقد وجدوا عندها المخدرات لذلك جلبناها إلى هنا وكما قلت لك التحقيق لم ينتهي بعد وإن كانت زوجتك بريئة ولديها الأدلة الكافية لبرائتها فسوف تخرج من هنا لا تقلق، كما أننا أجرينا لها بعض الفحوصات وسحبنا منها دماء لكي نرى إن كانت تتعاطى أم لا"
ابتلع ريقه بصعوبة بينما سارة مازالت تبكي ليقول سامح بلهفة:
"حسناً بإمكانكم تحليل دمها مؤكد بأنها ستظهر النتيجة وستعلمون بأنها لا تتعاطى أنا متأكد"
ابتسم الضابط بسخرية ليقول:
"حتى وإن تبين لنا بأنها لا تتعاطى ستظل عندنا فهناك قضية أخرى والتي هي المتاجرة ياسيد سامح، فالمتاجرة اصعب من التعاطي وعقوبتها أشد"
أغمض سامح عيناه بقوة ولم يتحدث بينما الضابط ظل يتابعه ببرود ليقول:
"سأترك لك فرصة التحدث معها قليلاً"
أنهى الضابط جملته ليخرج من الغرفة ويظل سامح وسارة في المكتب، ظلت سارة تبكي بينما سامح محتضناً إياها بقوة مغمضاً عينيه بألم على حالها، ابتعدت عنه قليلاً لتقول ببكاء:
"صدقني لا شأن لي بالمخدرات ولم أراها في حياتي أرجوك صدقني سامح"
تحدث سامح بلهفة:
"ياروحي ياقلبي أنا أعلم جيداً بأنه لا ذنب لكِ، لا تخافي سأسعى جاهداً لكي تخرجين في أقرب وقت لا تقلقي حبيبتي"
احتد بكائها لتقول:
"لا لا أرجوك لا أريد أن أظل هنا أنا خائفة جداً هذا المكان مخيف والسجن مخيف والنسوة الموجودات به مخيفات أيضاً أرجوك"
أغمض عيناه بألم ليتنهد بقلة حيلة ويكوب وجهها بيديه قائلاً:
"أرجوكِ تماسكي حبيبتي أرجوكِ سأفعل مابوسعي وأقسم لكِ بأنني سأخرجكِ من هنا، أنا متأكد بأن جيداء هي وراء هذه الفعلة وسوف ترين ما أنا فاعل بها، سأوكل محامي ممتاز من أجل القضية لا تقلقي"
تحدثت سارة ببكاء:
"هناك محامي يدعى عماد ** وقد كان صديق والدي، هو محامي ممتاز لربما يساعدني أرجوك سامح"
تنهد بقوة ليحرك رأسه موافقاً ويقول:
"حسناً حبيبتي لا تقلقي ستخرجين من هنا وهذا وعد مني، فقط أنتِ تماسكي، تماسكي لأجلي"
ما إن أنهى جملته حتى دخل الضابط وخلفه عسكريان ليأمرهما بأخذها، ظلت سارة تتخبط وتصرخ وتتشبث بسامح ولكنهما أخذوها غصباً عنها، جلس سامح بعجز ليضع كلتا يديه على رأسه ويغمض عيناه بألم بينما الضابط ظل يتابعه بشفقة ليقول:
"إن كان لديكم دليل قاطع ستخرج بإذن الله"
نظر له سامح ليقول:
"سأوكل لها محامي وسأجلب لكم الذي فعل هذه الفعلة"
نظر له الضابط بانتباه ليقول:
"هل تشك بأحد سيد سامح"
حرك رأسه موافقاً ليقول:
"أجل زوجتي والدة أبنائي، أنا متأكد بأنها هي وراء هذه المصيبة"
عقد الضابط حاجبيه بقوة ليقول:
"حسناً إذاً كانت محور الشك فسنجلبها إلى هنا لكي نحقق معها"
همهم له سامح ليقول:
"أريد أن أتأكد فقط وعندها اقبضوا عليها أرجوك حضرة الضابط"
حرك رأسه بتفهم ليستأذن سامح منه ويخرج من المكتب ومن ثم من القسم بأكمله متوجهاً إلى ذلك المحامي الذي حدثته عنه سارة، قابله ببرود وحدثه بالقضية وحدثه بعلاقته بسارة، للصراحة لقد تفاجأ جداً السيد عماد بالقصة وبشأن زواج سارة من رجل يكبرها بأعوام كثيرة ولكنه لم يقف على هذه القصة لإن لهفته وخوفه على ابنة صديقه المرحوم فوق كل شيء لذلك قبل باستلام القضية ووعد سامح بأنه سيبذل قصارى جهده لكي يخرجها من التهمة ومن ثم توجه فوراً إلى قسم مكافحة المخدرات.
أما عن سامح فقد توجه إلى منزله فوراً ونظرة الشر ظاهرة في عينيه، دخل كالإعصار ليصرخ بأعلى صوته على جيداء، كان هناك جيداء وماسة وجميلة وخلود وإياس الذي كان جالساً في الصالة الثانية، عندما سمعوا بالصوت جفلوا جميعهم وخصوصاً جيداء التي تشجعت وخرجت أمامه ببرود لترى نظرة الشر في عينيه، تقدمت منه لتقول ببرود:
"ما الأمر لماذا تصرخ هكذا"
ابتسم بشر ليقترب منها بخطوات بطيئة ومن ثم أمسكها من شعرها بقوة لتصرخ هي بدورها، جرها ورائه من شعرها متوجهاً بها إلى غرفتهما السابقة ليرميها بعنف على السرير بينما هي ابتلعت ريقها وتماسكت أمامه ليقول سامح:
"ماذا فعلتي بسارة"
تحدثت بتوتر:
"لم أفعل لها شيئاً"
كز على أسنانه ليقول:
"ألستي أنتِ من وضعتي المخدرات في صيدليتها أم ماذا"
ادعت البرائة والتعجب لتقول:
"صدقني لم أفعل شيئاً بها ثم أنني كيف سأدخل إلى الصيدلية أنا لم أقترب منها صدقني"
حرك رأسه بإيجاب وهو ينظر لها بحدة ليقول:
"اسمعيني جيداء أنا على يقين تام بأنكِ وراء هذه الفعلة، سيأخذونكِ إلى قسم مكافحة المخدرات وسوف يحققون معكِ لإنني أنا الذي قلت لهم بأنكِ وراء هذه الفعلة، مثلما سارة في السجن فأنتِ أيضاً ستكونين في السجن وإلى الأبد، انتظري هناك وسوف تتلقين ورقة طلاقكِ أيضاً أيتها الساقطة"
أنهى جملته وخرج من الغرفة متوجهاً إلى الأسفل بينما جيداء ظلت في مكانها جاحظة العينين وقلبها يطرق بعنف من شدة خوفها، فهي لم تكن تتوقع بأن سامح سيشك بها ويقول لهم عنها، هي فعلت كل هذا من أجل أن تكسب زوجها وتدعه يكون لها فقط وها هي لربما ستخسر زوجها إلى الأبد بسبب أفعالها الدنيئة.
End flash back.
-------
مرت ثلاثة أيام ولا يوجد شيء جديد كما أنهم لم يتوصلوا إلى أي دليل إلى الآن، ذهب المحامي عماد إلى سارة منذ اللحظة التي حدثه بها سامح وقد فهم الأمر منها وجعل جيداء محور الشك.
كما أنهم حققوا مع جيداء ولكنهم لم يتوصلوا إلى أي شيء وقد أنكرت كل شيء وادعت بأنها لا تعرف شيء من الذي يتحدثون عنه، ولإن ليس لديهم دليل على اتهامها أطلقوا سراحها فوراً بعد التحقيق.
في الحقيقة المحامي عماد كان يطلب من سارة أن تحدثه بالتفصيل الممل ماحدث معها منذ أن خطبها إياس وحتى هذا اليوم، وهي بدورها لم تبخل عليه بذلك وحدثته بكل شيء، وطبعاً عماد وبعدما سمع بكلام سارة لم يرى بأن أحداً ما سيخطو خطوة أذيتها سوى جيداء، وكما نعلم على المحامي أن يتحرى ويسأل ليصل إلى طرف خيط وقد وصل إلى طرف الخيط عندما علم بأنه هناك سوبر ماركت مقابلة لصيدلية سارة ومؤكد بأنه يوجد كاميرات لذلك لم ينتظر نهائياً وقد توجه إلى هناك فوراً.
------
يبدو بأن الحظ لم يحالف سارة نهائياً ولم يحالف عماد أيضاً فهو لا يتعامل مع امرأة هينة وإنما جيداء خبيثة وذكية لذلك كانت قد سبقتهم جميعاً إلى السوبر ماركت وقد دفعت مبلغاً محترماً لصاحب السوبر ماركت وأمرته بأن يخفي كل شيء وبالفعل فعل هكذا ذلك الرجل عندما رأى الأموال الكثيرة وتغلب طمعه على صحو ضميره.
في هذه الأيام التي مرت صدقاً لا أستطيع أن أصف لكم حالة سامح وحزنه على صغيرته، هو عاجز كلياً عن إخراجها وتبرئتها من التهمة خصوصاً بعدما علم من عماد بآخر التطورات، قلبه ينزف ويحترق عليها إذ أنه زوجها ولم يستطع حمايتها، في هذه المشكلة بالتحديد هو لم يعتبر نفسه رجلاً إذ أنه كان عاجزاً وليس بيده حيلة ولكنه تحدث مع عماد وحدثه بأمر أن يأخذ التهمة عن سارة فقد سأله إن كان يستطيع ذلك أم لا والجواب طبعاً كان لا، لإن الصيدلية بإسم سارة ولديها شهادة صيدلية وأجل لقد سحبوا منها شهادة الصيدلية في الوقت الراهن.
------
جميع عائلة الأزهري علموا بموضوع سارة ولم يعجبهم ذلك الشيء وقد انهارت خديجة من أجلها وكانت تريد أن تذهب لجيداء لكي تحطم رأسها ولكن سامح منعها طالباً منها أن تصبر قليلاً لإن الحق لا بد أن يظهر في الأخير، كذلك إياس علم بالذي حدث مع سارة ولم يهون عليه ذلك وقد سمع من الجميع بأن والدته وراء هذه القضية ولكنه إلى الآن يشك بأن والدته لا ذنب لها، هو قام بمواجهتها ولكنها لم تجيبه سوى بالبكاء المصطنع والنحيب على أساس هي مظلومة والجميع واقف ضدها وهذا ماجعله يشكك بحديث والده والعائلة.
أيضاً ماسة علمت بالقصة وقد شمتت كثيراً بسارة وفرحت كثيراً لإنها سجنت ولن تعد تراها.
مازالت خلود تخطط وتسعى لكي تتقرب من إياس ولكنه لا يعطيها أية أهمية ودائماً ما يصدها ويبعدها عنه ولكن هي بقرة ولا تفهم.
-------
حسناً بعد يومين بالتحديد والذي يكون يوم الاثنين سوف تكون محاكمة سارة ولنرى ماذا سيحدث معها وماهو حكمها.
--------
في سجن النساء وبالتحديد حيث سارة موجودة، كانت جالسة ضامة ركبتيها إلى صدرها وهي تنظر للأمام بشرود، مذ أن دخلت لم تقترب من أحد علماً بأنها تعرضت للمشاحنات والأوامر والكلام الجارح والسخرية من البعض ولكنها لم تجب على أي منهم وظلت بحالها، إلا إمراة واحدة من بين النسوة التي كانت في السجن لم تسخر من سارة أو تضايقها وإنما تعاطفت معها وأرادت أن تعلم ما قصتها ولكن سارة لم تحدث أحد نهائياً، اقتربت هذه المرأة التي تدعى (غيداء) وجلست أمام سارة، لم تبتسم لها المراة ولم تمنحها أي نظرة حانية وإنما كانت باردة تنظر لها ببرود وجمود، نظرت لها سارة ببرود مماثل ومن ثم أشاحت بوجهها عنها، تنهدت غيداء بقوة لتقول:
"ما تهمتكِ يافتاة"
لم تجبها سارة وظلت صامتة لتردف لها غيداء:
"مذ أن دخلتي إلى هنا وأنتِ على هذه الحال لا تتحدثين ولا تقتربين من أحد لماذا ياترى ما الذي حدث معكِ"
نظرت لها سارة لتبتسم بسخرية وتقول:
"ولما علي أن أقترب من أحد أو أن أخالط أي واحدة منكن"
ابتسمت غيداء بسخرية لتقول:
"أولستي واحدة منا نحن سجينات وأنتِ سجينة أيضاً"
همهمت لها سارة لتقول:
"أجل باختلاف الأصول والتهم والتربية والأخلاق"
أطلقت غيداء ضحكة قوية لتقول:
"حسناً حسناً حدثيني ماتهمتكِ"
تنهدت سارة لتقول:
"متاجرة بالمخدرات"
تحدثت غيداء:
"أووه وهل أنتِ حقاً تتاجرين يافتاة"
نظرت لها سارة بحدة لتقول:
"أنا لم أرى المخدرات بعمري كلها وليس لي أي عمل بها"
همهمت لها غيداء لتقول:
"حسناً إذاً حدثيني كيف وصلت المخدرات إليكِ واتهمتي بها"
أغمضت سارة عينيها بقوة ومن ثم تنهدت لتقول:
"أرجوكِ دعيني وشأني لا أريد أن أتحدث في هذا الموضوع"
همهمت غيداء لتتنهد بقوة وتحرك رأسها بيأس، ثواني وأتت امرأة يبدو عليها من أصحاب السوابق والمشاكل، لكزتها لسارة على كتفها لتقول:
"انهضي من هنا هذا مكاني"
نظرت لها سارة بسخرية لتقول:
"منذ أن دخلت إلى هنا وأنا جالسة في هذا المكان الآن تذكرتي أنه مكانكِ"
أجابتها بغضب:
"لا تجادليني أيتها الحمقاء وهيا انهضي"
تدخلت غيداء في الحديث لتصرخ بالمرأة:
"هييي ماخطبكِ ابتعدي عن الفتاة وعودي إلى مكانكِ هيا"
امتعضت تلك المرأة لتنظر لسارة بحدة وتبتعد عنهما بصمت، نظرت سارة لغيداء بابتسامة واهنة لتبادلها غيداء الابتسامة وتقول:
"حسناً هل ستتحدثين أم لا، بالمناسبة متى محاكمتكِ"
تنهدت سارة لتقول:
"يوم الاثنين"
همهمت لها غيداء لتقول:
"حسناً هيا حدثيني بكل شيء وإن كنتي بريئة يجب عليكِ أن تواجهي كل شيء ولا تخافي صدقيني أنا عندما دخلت إلى السجن ظلماً لم أعرف ماذا أصنع او كيف سأتحدث ولإنني لم أعرف شيء ولم يوجهني احد إلى الطريق الصحيح انتهى بي المطاف هنا وحكموا علي عشرة سنوات ظلماً"
نظرت لها سارة بحزن لتحرك رأسها موافقة وتبدأ بسرد كل الأحداث التي حدثت معها بينما غيداء كانت تستمع لها بإنصات وبإمعان، لم تنقص سارة عليها حرفاً واحداً وقد حدثتها بكل شيء آملة بأن توجهها هذه المرأة إلى الصواب.
-------
وبينما كان عماد في مكتبه دخل عليه سامح ليعلم منه آخر التطورات بشأن القضية والأدلة، تنهد عماد بقوة ليقول:
"نسبة برائتها ضعيفة ياسيد سامح لقد ألبسوها التهمة لإنه لا يوجد ولا دليل لبرائتها"
نظر له سامح بقلق ليقول:
"ألم يحللوا دمها ألم تتوصلوا لأي شيء أقسم لك بأن سارة لا تفعل هذا الشيء نهائياً"
ابتسم عماد بحزن ليقول:
"أنا أعرف سارة منذ أن كانت صغيرة وأعرف كم أنها فتاة خلوقة ومهذبة وقوية ولكن المحكمة والضباط لن يسألوا عن قسمك وحديثك وإنما كل مايهمهم هو الدلائل التي سنقدمها لهم"
أغمض سامح عيناه بألم ليقول:
"حسناً ألم تتوصل لأي دليل بعد"
تنهد عماد بيأس ليقول:
"للأسف لقد كنت متأملاً أن تساعدنا كاميرات المراقبة في السوبر ماركت المقابلة لصيدلية سارة ولكنني لم أجد شيئاً يدل على برائتها ولم أرى أحداً قد دخل إلى هناك نهائياً"
تحدث سامح بلهفة:
"مؤكد بأنك سترى من فعل ذلك ودخل إلى الصيدلية أليس كذلك"
حرك رأسه رافضاً ليقول:
"الكاميرات كانت معطلة ولم أستطع رؤية أحد ولكنني أصريت على أن ألقي نظرة وقد وجدت بأن الكاميرات أصبحت تعمل بعد الحادثة"
تحدث سامح بترقب:
"أليس هذا يدّعي للاهتمام افرض بأن الذي وضع المخدرات في الصيدلية يكون قد طلب من صاحب السوبر ماركت أن يلغي الكاميرات ويعطيه الأموال"
ابتسم عماد بتهكم ليقول:
"لقد شككت بهذا الأمر ولكنني هددت على مسامع صاحب السوبر ماركت وهو لم يرف له رمش وقد حدثني بثقة ولم أرى أي محور للشك من قبله نهائياً"
تنهد سامح بيأس ليردف له عماد:
"أنت قلت لي بأنهم حللوا دمها وأجل النتيجة ممتازة ولا يوجد في دمها أي نسبة صغيرة للمخدرات أو الحبوب ولكن كونهم قد وجدوا المخدرات في صيدليتها فهذا سيعتبرونه متاجرة والمتاجرة أصعب من التعاطي"
تحدث سامح بترقب:
"حسناً عندما وجدوا كيس المخدرات ألم يرفعوا البصمات"
تنهد عماد بقوة ليقول:
"لم يجدوا أية بصمات وهذا الشيء لا يدعي للاهتمام إذ أنهم من المحتمل أن يفسروا بأن سارة هي مسحت البصمات وإن حدث ووجدوا شيئاً في صيدليتها ستدّعي بأنها لا تعلم من أين جاءت هذه المخدرات"
عقد سامح حاجبيه ليقول:
"حسناً وهذه هي الحقيقة"
حرك رأسه بإيجاب ليقول:
"انا وأنت نعلم ما الحقيقة ولكن لا يوجد لدينا أي دليل"
ترقرقت عيناه بالدموع ليقول:
"المعنى"
تنهد عماد ليقول:
"انتظر ليومين فقط وسنسمع ما الذي سيقوله ممثل النيابة العامة لربما يعترض هو من نفسه عندما يرى بأنه لا ذنب لها بشيء"
ضرب سامح المكتب بقبضته ليقول:
"إذاً سنظل تحت رحمة ممثل النيابة ذاك ونظل على أعصابنا أليس كذلك"
ابتسم عماد بحزن ليقول:
"لا تقلق سيكون كل شيء على مايرام ولكننا نحتاج لبعض الوقت، حتى وإن لم نجد الأدلة الآن وحتى إن حكموا على سارة بالسجن سأظل وراء الذي فعل هذه الفعلة وسأعود وأفتح القضية لأخرج سارة من السجن"
أغمض سامح عيناه بألم وزفر بقوة ليحرك رأسه موافقاً وكله أمل أن تخرج محبوبته بأسرع وقت ممكن.
________________________
وجاء اليوم الموعود والذي هو يوم الاثنين لكي تتم محاكمة سارة، الجميع كان موجود في قاعة المحكمة وهم منتظرين القضاة لكي يدخلون ومن بين الجميع جيداء وخلود وماسة وإياس قد حضروا أيضاً، كان سامح يشعر بانقباض في قلبه ولا يعلم ماسببه ولكنه ظل متماسكاً من أجل صغيرته فهو ومهما يكن يعلم جيداً بأن صغيرته سوف تخرج من هذا المأزق وتعود إلى أحضانه، دقائق وجلبوا سارة ليضعوها في القفص الكبير، نظر لها سامح وأحس بالنيران تأكل صدره على ماحل بصغيرته ومدللته فقد كانت حالتها مزرية ومتعبة جداً ووجهها شاحب مما جعل جيداء تبتسم بشماتة ومكر هي وخلود. ماسة عندما رأت سارة حزنت عليها ورأت كم أنها متعبة وأحست بأنها بريئة ولكن مع كل ذلك هي بنظرها تستحق كل مايحدث لها لإنها أخذت والدها منها. خديجة كانت تنظر لها بحزن وأسى كحال جومانة التي ترقرقت عيناها بالدموع لأجلها.
لم تنظر سارة لأي واحد منهم حتى سامح لم تنظر له وإنما جلست ووضعت يديها على رأسها منتظرة ومتقبلة كل الذي سوف يحل بها إن كانت ستخرج برائة أو ستحاكم.
دقائق ودخلوا القضاة الثلاثة ليجلس كل منهم في مكانه ويتقدم المحامي عماد ليقف في المنتصف أمام القضاة، وبعد الأسئلة الموجهة لسارة تدخل عماد ليتحدث بهدوء ورزانة:
"سيدي الرئيس إنني أطلب من محكمتكم الموقرة تبرئة موكلتي من التهمة المنسوبة إليها لانني أعرف عن قرب ماضي وحاضر تلك الفتاة الخلوقة، هذه الفتاة التي تربت وترعرعت في كنف عائلة كريمة لم يعرف عنها سوى الخير والفضيلة، وإنني إذ أطالب بتبرئة موكلتي أكون بذلك ألتمس العدالة والرأفة من محكمتكم الموقرة ودمتم ذخراً للعدالة والعدل"
تحدث كبير القضاة قائلاً:
"السيد ممثل النيابة العامة تفضل لإبداء المطالبة"
نهض ممثل النيابة ليحمحم ويقول بهدوء:
"سيدي الرئيس والسادة الحضرات المستشارين
إن المتهمة الماثلة أمامكم في قفص الإتهام هي مذنبة لذلك ياسيدي الرئيس نطلب الحكم وفق قرار الاتهام وتجريم المتهمة سارة سالم بجناية الاتجار بالمواد المخدرة وفقاً لقانون عقوباتنا وشكراً"
ما إن سمعوا بهذه الجملة حتى جحظت أعينهم ومن بينهم سارة، ظل القاضي والمستشارين يتشاورون فيما بينهم بهمس إلى أن تحدث القاضي:
"قررت المحكمة تأجيل النطق بالحكم للخميس القادم، رفعت الجلسة"
أنهى جملته لينهضوا ثلاثتهم ويخرجوا من القاعة بينما سارة أغمضت عيناها بقوة ووضعت رأسها على القضبان الحديدية، نهض سامح متوجهاً لها ليقف أمامها ويحدثها من وراء القضبان:
"لا تقلقي ياعمري ستخرجين فقط تماسكي"
تدخل عماد في الحديث ليقول:
"لا تقلقي ياسارة بما أن القضية قد تأجلت فهذا يعني بأنهم سينظرون للقضية جيداً ويقررون بالإفراج عنكِ"
حركت رأسها باستسلام وتقدمت خديجة وجومانة وسالم ليحدثوها ولكن الحارسان جاءا ليأخذانها وقد أخذاها وهي بدورها ذهبت معهما دون أن تلتفت لأحداً منهم، كز سامح على أسنانه ليوجه نظره لجيداء التي كانت تخرج من القاعة هي وخلود وماسة وقد أتى إياس إليه ليقول:
"لا تقلق أبي ستخرج بإذن الله"
نظر له سامح ببرود وحرك رأسه موافقاً ليقول لعماد:
"سيد عماد أريدك في أمرٍ هام"
حرك رأسه بإيجاب وخرجا معاً متوجهان إلى مكتب عماد ، وبعد الحديث الذي دار بينهما خرج سامح متوجهاً إلى منزله لكي يراجع ذكرياته مع صغيرته وحبيبة قلبه ...
______________________
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية احببت حبيبة ابني) اسم الرواية