رواية خداع قاسي الفصل الثالث والعشرون 23 - بقلم ديانا ماريا
الجزء 23
صرخ أمجد بصوت جهوري: نورا!
صاحت به نورا: مش دي الحقيقة! هتفضل مخبي لحد امتى اللي عملته فيك!
قالت داليا بصوت مرتعش: ماما خاينة؟
تجمد أمجد مكانه ولم يلتفت فسارت داليا بخطوات ضعيفة وشدته من ذراعه إلا أنه رفض النظر إليها فتوسلته: رد عليا يا بابا ماما خاينة؟ قولي الحقيقة.
أدارت وجهها لعمتها ببكاء: أحكي لي أنتِ يا عمتو، حد يقولي متسيبونيش كدة!
وقفت علياء بجانب نورا ونهرتها بلوم: يا نورا مش وقته الكلام ده أنتِ مش شايفة حالة البنت!
كأن الحقد الذي غشى عينا نورا ينقشع الآن لترى داليا على حقيقتها وهيئتها المتعبة فهدأت لتخفض عيناها إلى الأرض.
ثارت داليا من صمتها فأمسكتها من ذراعيها وهزتها: لا متسكتيش طالما اتكلمتي لازم تكملي وتقولي لي الحقيقة لازم اعرف.
وضعت علياء يدها على كتف داليا بمواساة: يا داليا أهدي بس.
هزت داليا رأسها برفض هستيري: لا مش ههدى أنا لازم أعرف.
تابعت بتوسل لعمتها: ماما خانت بابا يا عمتو؟
رفعت نورا عيون مليئة بالدموع إلى داليا قبل أن تجيب هامسة: اه.
أغمضت داليا عيونها لتسقط مزيد من الدموع بحرقة، ترنحت لتسرع علياء إلى إمساكها بقلق: أنتِ كويسة؟
رمقت داليا نورا بألم: قولي لي على كل حاجة.
بدت نورا ضائعة وكأن طاقة الغضب والكره تلك قد غادرتها لتتركها تائهة وسط الفوضى التي أحدثتها.
بدأت كلماتها بعيون شاردة كأنها عادت بالزمن إلى الوراء: كان عندي عشرين سنة، كنت بطبعي خجولة ومليش صحابي كتير وكمان كنت تخينة فكنت ببعد عن الناس علشان محدش يتريق عليا لحد ما اتعرفت عليها، كانت ناقلة جديد للمنطقة هي وأهلها، كان الكلام عابر زي أي جيران لحد ما قربت مني وبقت صاحبتي كنت بحبها أوي لأنها ذكية وجميلة ولما أمجد اتقدم لها فرحت جدا واتجوزوا.
صمتت لوهلة قبل أن تتابع بصوت متألم: بعد جوازها من أمجد اتغيرت جدا، علطول بقت ترمي لي كلام من تحت لتحت أني مش حلوة وتخينة ومين هيبص لي كنت بكدب نفسي لحد ما كنت بعاتبها في مرة ليه بتتخانق مع أمجد كتير ساعتها قالت لي أبشع كلام ممكن واحدة تسمعه في حياتها واتريقت عليا، اتصدمت إزاي كانت عاملة نفسها صاحبتي وقدرت تقولي الكلام القاسي ده، أخدت جنب منها بعدها وقولت مليش دعوة كفاية تعاملها مع أخويا بس هي كانت بتعمل مشاكل كتير مع أمجد حتى بعد ولادتك.
توقفت نورا ابتلعت ريقها بصعوبة ثم أكملت وقد سقطت دمعة حارة على خدها: لحد ما اتخطبت لجوزي، شخص كويس وحبني رجع لي الثقة اللي خسرتها بسببها، كانت طول فترة الخطوبة تلمح بالكلام أنه مش هيكمل معايا وازاي خطبني وبص لي بس أنا كبرت دماغي منها واتجوزت، المشاكل كانت بتزيد بينها وبين أمجد بسببها وأمجد كان متحمل علشانك لحد ......لحد ما جوزي جه وقالي أنها بقالها مدة كبيرة بتحاول معاه وكان بيصدها بس ساكت علشان خاطر ميكسرش أمجد وميكسرنيش.
أخذت نفسًا عميقًا وتابعت: اتصدمت ومكنتش قادرة أصدق لحد ما وراني رسايلها اللي كانت بتبعتها له، كانت صعبة أوي وكسرني الكلام اللي كانت بتقولهوله زي أنت إزاي متجوزها وهي تخينة وشكلها وحش، أكيد مش مرتاح معاها، إزاي راجل زيك بص لواحدة زيها وفي نفس الوقت اكتشف أنها كانت بتخون أمجد مع واحد تاني، كانت صدمة كبيرة وصعبة أوي عليه، مكنش هاممها حاجة بس أمجد كان خايف عليكِ علشان كدة اشترط عليها تتنازل عن حضانتك وملهاش دعوة بيكِ وهي ما صدقت بس كان شرطها تاخد فلوس فأداها الفلوس علشان تمشي من حياتنا وتسيبنا.
شعرت داليا أنها على وشك الإغماء مما تسمعه فلم يخطر في بالها أبدا أن تكون والدتها سيئة إلى هذا الحد ويصل بها الأمر لخيانة والدها!
والدها! نظرت حولها فلم تجده فقالت بتشتت: بابا فين؟
تركتهم لتبحث عن والدها فدلفت لغرفته، كانت الغرفة شبه مظلمة يتخللها نور يدخل من فتحة شباك شبه مغلق يجلس أمجد أمامه على السرير معطي ظهره لداليا.
تقدمت داليا باكية وهي تناديه بجزع: بابا!
ركعت على الأرض بجانبه تتوسله: بابا رد عليا بالله عليك.
أدار أمجد وجهه ببطء لتهتف داليا بذهول: بابا أنت بتعيط!
راقبت داليا الدموع المنحدرة على وجه أمجد بصدمة كبيرة فهي لأول مرة في حياتها ترى والدها يبكي! والدها القوي المحب الآن أمامها ضعيف ونظرات الانكسار تسكن عيناه.
شهقت داليا باكية بحرقة وهي تتعلق بذراعه: سامحني يا بابا أنا آسفة حقك عليا.
تكلم أمجد بصوت حزين: كنت صغير لسة اتعرفت على علياء في الجامعة لحد ما عرفت أنها من منطقة جنبنا أعجبت بيها وبأخلاقها كانت إنسانة لبقة وراقية واتخرجت بعدها قولت لو لينا نصيب بإذن الله هخطبها لما أبقى جاهز، بعدها بسنتين حسناء حتى المنطقة مع أهلها، صاحبت نورا وبقت تيجي عندنا البيت كتير، أنا مكنتش مهتم بالنسبة لي عادي صاحبة أختي لحد ما في مرة طلبت تقابلني على انفراد استغربت جدا، يومها قالتلي أنها واقعة في مشكلة ومحدش غيري هيقدر يساعدها، أخوها جايب لها عريس واحد صاحبه وهو مش كويس ومش عايزاه بس أخوها مصمم وطلبت مني اتجوزها، أنا اتصدمت جدا حاولت أشوف لها حل بس هي رفضت وقالت مش هيقبل لأنه عايز يجوزها وأنها خايفة تروح البيت علشان ميجبرهاش، فكرت فيها ساعتها ليه لا؟ كان باين انها إنسانة كويسة وأنا أعزب وعلياء كان مجرد إعجاب يعني الموضوع مش فارق ليا للدرجة دي، واتكلمت مع أخوها يومها واتقدمت لها واتجوزنا.
أردف بنبرة يظهر فيها الاستغراب العميق: في أول كام شهر الأمور كانت عادية لحد ما بدأت المشاكل تحصل، كانت متحكمة جدا وبتحب تتحكم في كل حاجة على مزاجها ف طبعا حصلت مشاكل كتير شخصيتها اللطيفة اختفت وظهرت شخصية تانية مكانها غريبة وباردة وبتحب المشاكل، كنت قررت انفصل لأني مش هقدر أكمل كدة وساعتها هي بقت حامل فيكِ قولت خلاص هديها فرصة تانية بس بعد ولادتك الموضوع مختلفش، كانت مهووسة بالسيطرة ونرجسية ومش مهتمة غير بنفسها وبتسيبك أغلب الوقت عند نورا بس استحملت علشان خاطرك وقولت يمكن تتغير مكنتش عايزك تتربي بين أب وأم منفصلين، بس المشاكل زادت جدا وأنتِ بتكبري وبرضو مكنتش عايزك تشوفي كل المشاكل دي وتتعقدي لأنها كانت بتتخانق طول الوقت حتى لو على أتفه حاجة، جات لي فرصة في الشغل أني أشتغل بعيد وانزل إجازة كل فترة وافقت علطول علشان أبعد شوية وناخد راحة من المشاكل يمكن الأمور تتعدل بيننا، كنت بشتغل كام شهر وأرجع هنا إجازة وكانت الأمور عادية.
صمت وعيناه تشرد وتابع بنبرة تظهر فيها العذاب: كان خلاص فاض بيا وكنت قررت لأني حسيت إني مش متجوز مكنش موجود بيننا غير المشاكل ومفيش أي تفاهم ولا مودة مكنتش مرتاح بس لما رجعت قالتلي أنها حامل بس قولت هديها فرصة أخيرة علشان خاطر البيبي اللي جاي ولو فضل الوضع على حاله هننفصل على الأقل تتربوا بعيد عن المشاكل بس.....
توقف وكان يجد صعوبة بالغة في متابعة الحديث: وقعت على السلم ونقلناها المستشفى الدكتور قال إنه الحنين مات وعلى قد ما زعلت قولت الحمد لله خير يمكن ملوش نصيب يجي لكن لما الدكتور قال إنه الحنين كان مكتمل وعمر الحمل تسع شهور حسيت كأن حد جاب جردل مية ساقعة وصبه عليا، هي كانت قايلالي أنها حامل في سبع شهور ومكنتش بروح معاها مواعيد الدكتور لأنها كانت بتتحجج بأي حجة علشان مروحش وأنا مكنتش بركز، طلبت من الدكتور يتأكد قالي أنه متأكد والبيبي كان فاضله كام يوم ويتولد.
ظهر الألم جليا على وجهه: الدنيا كلها اسودت في وشي بس سكتت وكتمت في قلبي لحد ما روحنا البيت ومحسيتش بنفسي غير وأنا بواجهها في الأول حاولت تنكر بعدها اعترفت وبجحت في وشي حتى أنها......
ارتبك ثم أكمل:طعنت في رجولتي، كنت قرفان ومش عايز غير أني أطلقها مكنتش عايز فضائح تمس سُمعتي ولا سمعتك لما تكبري، وطلقتها، كانت جدتك ماتت من سنين وأخوها مشي ومنعرفش مكانه.
كانت علياء الواقفة عند الباب تبكي بصمت تستمع وقد عملت أن أمجد أخفى عن داليا أهم شيء والذي كان سيدمر داليا تمامًا، ما فعلته حسناء قبل مغادرتها كضربة أخيرة لأمجد كادت تقضي عليه حين شككته في نسب داليا مما جعل التساؤلات تعذب أمجد حتى قام بتحليل الأبوة وثبت أنها ابنته الحقيقية وهو ما يلوم نفسه عليه لأنه سمح لها بالتلاعب به بذلك الشكل مع أن داليا تشبهه كثيراً.
انخفض صوته ليصبح أقرب للهمس: كنت مكسور وحزين، مش هنكر كرجل حسيت بالنقص واتهزيت خصوصا لما عرفت اللي عملته مع نورا، كرهتها وكرهت نفسي أني قبلت ارتبط بيها في يوم من الأيام وعيشت أيام صعبة لحد ما قررت أقف على رجلي علشانك وقولت خلاص هعيش بقية حياتي ليكِ.
حدق إليها بنظرة اعتذار وندم: كنت عايزك تعيشي حياة كويسة حتى لو هتشوفيني الغلطان، كنت مستعد ترمي عليا اللوم بس تكبري زي أي بنت في سنك علشان كدة كنت بدلعك بزيادة بحاول اعوض غيابها اللي مقدرش أبرره، كنت بس مستني الوقت المناسب علشان أقولك لو جزء بسيط من الحقيقة، سامحيني أنا رميتك في النار بإيدي لما سيبتك عندها بس مقدرتش أقولك حاجة.
زفر بعمق: من سنة قابلت علياء صدفة وعرفت بعدها أنها اتجوزت بس حماتها مكنتش كويسة معاها بس هي حاولت تحافظ على بيتها وكانت بتضايقها كتير خصوصا في موضوع تأخير الخلفة لحد ما حملت بس كان بيحصل بينها وبين جوزها مشاكل كتير بسبب حماتها لحد ما سقطت من كتر الضغط النفسي ولأنه كان عندها مشاكل أصلا بقى صعب وشبه مستحيل تخلف تاني وحياتها بقت أسوأ حماتها بقت تعاملها أسوأ من الأول وتقولها كلام جارح كتير وتعايرها وجوزها اتغير عليها فقررت تطلق، لما اتقابلنا حسيت بالراحة اللي خسرتها زمان واللي كنت بدور عليها لسنين ولقيت أنه لو ربنا مقدر لي اتجوز تاني هيكون علياء، إحنا الاتنين متفاهمين وشبه بعض وفيه بيننا ارتياح ومودة ، اتنين عانوا وتعبوا ولقينا الونس في بعض، كنت عايز أقضي معاها بقية حياتي لأني لقيت اللي كنت محتاجه فيها، حبيت استنى وأمهد لك الموضوع الأول بس كنت عنيدة وأنا تعبت ومحتاج أرتاح ففكرت خلاص أنا هتجوز وأنتِ مع الوقت هتتقبلي الوضع تتعايشي.
لوى فمه بنصف ابتسامة غير راضي عن نفسه: بس كنت غلطان تاني لأنك كبرتي ومينفعش أفرض عليكِ حاجة زي دي لأنها قلبت برد فعل عكسي معاكِ، بعد ما قولت لنورا أني عايز اتجوز علياء قالتلي أنها في مرة من المرات قالت قدام حسناء أني معجب بيها وعايز اتجوزها ولما بفكر في الموضوع بحس أنها عملت كدة قصدًا رغم أنه مجرد إعجاب بس هي بتحب اللي في إيد غيرها هي محبتنيش أبدا بس الحاجة بتلمع في عينيها فجأة لما تكون مش بتاعتها.
قال بصوت متحشرج يظهر به آسفه العميق: سامحيني يا داليا اتصرفت بس ده اللي دماغي جابتني ليه يا بنتي كنت بحاول أحميكِ.
كانت داليا مع كل كلمة يتفوه بها أمجد تشعر بها كسكين يغرس في قلبها حتى أحست بأن قلبها تمزق كليًا وعقلها لا يستوعب ما تسمعه منها الآن، لقد فعلت والدتها كل هذا لتأتي هي أيضا لتؤذي والدها أشد الأذى!
بدأت داليا ترتعش فقال أمجد بخوف: مالك يا حبيبتي؟
كانت لا تسمعه وهي تقول بضياع: عمتو كان معاها حق أنا شبهها وزيها.
نفى حديثها بقوة: لا أنتِ مش شبهها يا داليا سمعاني؟ أنتِ شبهي أنا، أنتِ بنتي أنا!
ارتمت داليا في أحضان والدها تنتحب بصوت عالي: أنا آسفة يا بابا حقك عليا، متزعلش مني.
ضمها أمجد إليه بشدة: مش زعلان منك يا داليا أنتِ عارفة بحبك أد إيه.
زاد حديثه من عذابها فصرخت بقهر: لا لازم تبقى زعلان مني لأني سمعت كلامها وعملت كل اللي قالت عليه، أذيتك زيها أنا بكرهها أوي يارب تموت.
بدأت حالة داليا تتحول إلى الهستيريا ولم ينجح أمجد في تهدئتها فصاح وهو لا يطيق رؤيتها في هذه الحالة: ماتت يا داليا خلاص! حسناء ماتت!
بقلم ديانا ماريا.
إيه رأيكم يا حلوين ❤️؟
•تابع الفصل التالي "رواية خداع قاسي" اضغط على اسم الرواية