رواية المتاهه القاتلة الفصل السادس و العشرون 26 - بقلم حليمة عدادي
فزعوا من صوت صرخاتها العالية، ركض “رام” سريعًا حتى كاد يقع، اقتحم الغرفة وقلبه يرتعد خوفًا، رأى الفتيات يجلسن بجانبها و”ماريا” تبكي، رفرف قلبه هلعًا، اقترب منها وجلس بجانبها هو الآخر وتحدث بقلقٍ ولهفة:
-في إيه؟ ماريا، أنتِ كويسة.
وضعت رأسها بين يديها، وزادت وتيرة بكائها، آلمه قلبه وزاد قلقه عندما لم يجد منها ردًا، فهو لا يعلم ما حدث لها، مسحت دموعها بأناملها، ورفعت رأسها وتحدثت قائلة:
-أنا شفت كابوس مخيف، شفته كأنه… كأنه حقيقة.
أكملت كلمتها وانفجرت في البكاء، كان جسدها يرتجف فزعًا من ذلك الحلم الذي رأته، كم يؤلمه قلبه كلما رآها في هذه الحال، تحدث بصوتٍ يبدو عليه الحزن، كان يحاول أن يخرجها من حالة الذعر التي سيطرت عليها وقال:
-دا مجرد حلم، امسحي دموعك ويلا قومي البسي علشان نخرج.
مسحت دموعها بأناملها، وحاولت أن تنسى هذا الحلم، انشغلت بالتحدث معه هو و”دينيز”، كانوا يتحدثون عن زفاف “جان”، وأنهم سوف يعلنون عنه في اجتماع المساء، وانضم إليهم “جان” عند سماع حديثهم، وأنه يخص حفل زفافه، اعترض في البداية لأنهم لا يملكون المال، وليس لديهم عمل، فكيف سيقيمون حفل زفافه هو و”رام” في هذا الوقت الصعب؟!
رفض لكن “ماريا” اعترضت، وطلبت منهم أن يتم عقد قرانهم لكي يعشيوا براحة، أما حفل الزفاف فغير مهم.
تحدث “رام”:
-ازاي يعني الفرح مش مهم، كتب الكتاب والفرح هيكونوا في يوم واحد.
أجابته “ماريا”:
-مينفعش نعيش مع بعض من غير ما يكون في بينا حاجة، لازم نكتب الكتاب، والفرح نبقى نعمله لما ظروفنا تتحسن.
وافق “رام” على حديثها واتفقوا بأن يُعلن عقد قرانهما في المساء، وأن تكتمل فرحتهم بين الجميع، عادت لهم السعادة من جديد وامتلأ البيت بالفرحة.
في المساء خرجوا من المنزل، وجدوا جميع أهالي الحي مجتمعين، وقد أعدوا الموائد البسيطة وسط فرحة الأطفال والكبار، كأن الذي عاد هو ابنهم.
نظر “رام” إليهم وكم هم سعداء بعودته، صحيح أنه لا أهل له، لكن ومنذ أن قدم إلى هذا الحي ونشأ بينهم أصبحوا يدًا واحدة.
اجتمعوا في ساحة الحي وقُدمت الوليمة، وبعد أن انتهوا من عشائهم وقف “رام” في المنتصف، وأخبرهم عن عقد قرانه هو و”جان”، تعالت التهاني من الجميع، فزادهم ذلك فرحًا لفرحهم وسعادة لسعادتهم.
بعد التهاني حدث ما لم يكن يتوقعه “رام” قط، حين أصر أهل الحي على أن يقيموا له ولـ”جان” حفل زفاف، حاول أن يرفض… لكن الأهالي أصروا على ذلك، دمعت عيناه من السعادة، فقد حُرم أشياء كثيرة، لكن الله عوضه بهؤلاء الناس الطيبين.
بعد يومين، في صباح اليوم المنتظر الذي أشرقت سماؤه بالأمل من جديد، أخيرًا اجتمع العشاق بالحلال، وبدؤوا حياةً جديدة بعد كل الألم والتعب الذي مروا به، في إحدى القاعات اجتمع جميع أهل الحي في أبهى حُلة، أمسك كل واحدٍ منهم يد زوجته بسعادة، بعد انتهاء عقد قرانهم وقفوا في المنتصف بفرحة يتلقون التهاني والتبريكات من الجميع.
نظر إليها “رام” بابتسامة زينت ثغره وتحدث:
-أنتِ وتيني.
تعجبت من كلمته تلك وسألته:
-أيه هو الوتين؟
قال لها:
-شريان متصل بالقلب، لو اتقطع الحياة تنتهي.
ابتسمت وقالت:
-يا ريتني عرفتها من زمان، كنت هقولها لك.
وقف “جان” أمام “دينيز” وقال:
-مراتي حبيبتي، أنتِ سندي وضلي ودفئي.
ستبقين قمرًا مضيئًا في حياتي، فأنتِ طفلتي المدللة، فكل السعادة لكِ ولقلبكِ الحنون.
طلبت منهم “إليف” و”نايا” أن يجتمعوا، وتحدثتا بصوتٍ واحد:
-كنتِ لينا السند، كنتِ لينا الأم والأب، أنتِ ملجأنا وشمسنا اللي بتنور طريقنا، ربنا يسعدك.
تمت بحمد الله.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية المتاهه القاتلة) اسم الرواية