Ads by Google X

رواية لأجلك انت الفصل السابع و العشرون 27 - بقلم وداد جلول

الصفحة الرئيسية

   

 رواية لأجلك انت الفصل السابع و العشرون 27 -  بقلم وداد جلول

بركان من الغضب
                                    
                                          
كانت تتنهد بحنق وغضب، كئيبة، حزينة، منغاظة، غاضبة منه، لا تعلم ما الذي غيره، كيف له أن ينساها وهو كان يموت بها عشقاً؟ هل تخلى عنها؟ هل مل منها ومن وجودها؟ ظنت بأنه سيكون مشتاقاً لها كثيراً مثلها تماماً، ولكنه لا يأبه لها ويتجاهلها، ما الذي فعلته له حتى يفعل هكذا بها؟ ولكن هي من تسببت بهذا الشيء، رفضته وأبعدته عنها، والآن تشعر بأن لا وجود لحياتها بدونه، تريده وبشدة، تشعر بتأنيب الضمير على مافعلته به، أخذت غرفتها ذهاباً وإياباً وهي ممسكة بهاتفها، وضعت يدها على زر الاتصال برقمه بتردد، تتصل أو لا؟ لا تعلم، كبريائها يمنعها وقلبها يصرخ طالباً لسماع صوته، تنهدت بعمق وشجعت نفسها لتضغط على زر الاتصال ويرن هاتفه، ومع كل رنة تزداد دقات قلبها، أجابها صوته الناعس الأجش ليقول:



"نعم"



ارتبكت ولم تستطع الحديث ليعقد حاجبيه باستغراب ويقول:
"نعم من معي"



هو لا يملك رقمها في هاتفه ولكنها هي أخذت رقمه من هاتف أخيها، تحدثت بتلعثم:
"ااا مرحباً ليث"



أتاه صوتها ليفتح عينيه باتساع ويعتدل بجلسته ليقول بهدوء:
"أهلاً من أنتِ"



امتعضت حين لم يعرف صوتها وقد أوشكت على أن تفقد الأمل منه وندمت على اتصالها له، هو يعرف صوتها ويميزه من بين مائة صوت ولكنه أراد استفزازها قليلاً، تحدثت بحنق:
"أنا رنيم"



ضحك بسره ليقول ببرود:
"أهلاً رنيم كيف أتيتي برقمي"



تنهدت بحنق بينما هو مستمتع بحنقها لتقول بغضب: 
"جلبته من باسل اللعين ارتحت الآن" 



ضحك بخفوت ليقول باستفزاز وبرود: 
"حسناً ولماذا تلعنين؟ وماذا تريدين؟ هل كل شيء بخير" 



صرخت به لتقول: 
"لا شكراً لا يوجد شيء مع السلامة" 



أنهت مكالمتها وأغلقت الهاتف بوجهه بينما هو ضحك عليها أشد الضحك لينظر لهاتفه ويحدث نفسه: 
"لم ترين شيئاً بعد ياحبيبتي الغاضبة" 



بينما رنيم تكاد تموت وتنفجر من شدة غيظها، لما يفعل معها ذلك؟ ولما يعاملها بهذه الطريقة؟ تنهدت بضيق وحسرة لتنهض وتشغل نفسها بأي شيء حتى لا تشغل تفكيرها به، ستحاول أن تعلن استسلام قلبها وتكابر وتتجاهله كما يتجاهلها، ستبدأ قصة حبهما من جديد ولكن حب يغلفه الكبرياء والكرامة، وسنرى من سينتصر على الآخر ومن سيتنازل للآخر أيضاً. 



___________________  



جالس بغرفته، ظلام كامل ودخان يتصاعد في الغرفة، الكثير والكثير من السجائر والخمر، يراها أمامه، يتذكر ضحكتها التي لم يرى لها مثيل، ابتسامتها البريئة، بكائها الذي يضعفه، وعذريتها التي فقدتها لتكسر ظهره بالظلم الذي حل بها، يحاول أن يأخذ منها الكلام ولكن لا يسمع منها سوى البكاء والصراخ، في آخر مرة كان عندها فرح كثيراً بتقدمه خطوة للأمام معها، تلك الصغيرة تجعله يشعر بتأنيب الضمير على ترك شاب سافل مثل سهيل ليسلب منها برائتها وضحكتها، منذ حادثة ماريا أخته لم يمس امرأة، أقسم بيومها أن لا يعود للنساء ولعلاقاته المتعددة، والآن أصر على أنه سيظل على قسمه ولن يمس امرأة سوى من دخلت قلبه، يحبها ويرى بها البرائة، وإن كانت بلا عذرية ولكن لن يكون متخلف إلى ذاك الحد، لديه أخت ويخاف عليها مثلما يخاف على شهد تماماً، سيخرجها من حالتها ولو كلفه الثمن عمره بالكامل. 
نهض ليجهز نفسه ويذهب إليها لتنفيذ ما يجول في خاطره عل وعسى تتجاوب معه، دخلت شقيقته عليه لتكح بشدة من الدخان المتصاعد، ابتسم لها وهو يخرج ثيابه ليسمع صوتها تحدثه بحنق:




      
                
"يا رجل ما كل هذا الدخان؟ ولماذا تشرب إلى هذا الحد" 



ابتسم بفتور ليقول : 
"ألم تعتادين بعد؟ اخرجي أريد أن أغير ثيابي" 



ضمت يديها إلى صدرها لتقول:
"وإلى أين ستذهب؟ لا تقل لي بأن لديك موعد غرامي"



امتعض ليقول:
"لا، سأذهب إلى المستشفى" 



عقدت حاجبيها لتقول بقليل من الخوف:
"ولما المستشفى؟ هل تعاني من شيء؟ ماذا حدث أجبني؟ حسناً سأتي معك انتظرني حتى ..."



قاطعها يوسف ضاحكاً:
"يافتاة اهدئي، لا أعاني من شيء، سأذهب لزيارة مريضة وأحقق بقضية" 



انتابها الفضول لتعرف ما سر ذهابه وما هي القضية لتقول بفضول: 
"ومن هي الفتاة وما بها؟ هل هي جميلة؟ من ماذا تعاني" 



نفخ خديه بملل ليقول: 
"ماريا اغربي عن وجهي لا شأن لكِ" 



تقدمت منه لتضع يدها على كتفه وتقول: 
"أرجوك قل لي من هي الفتاة وماذا أصابها وماهي القضية" 



تنهد بقوة ليقول بجمود وبرود عكس النيران التي تشتعل في صدره من الداخل: 



"اسمها شهد وقد تعرضت للأغتصاب وأنا أذهب لها كل يوم كي آخذ أقوالها ولكن لا تجيبني سوى بالبكاء والصراخ، حالتها النفسية سيئة جداً" 



شهقت ماريا بقوة وعقدت حاجبيها بحزن لتقول بنبرة حزينة: 
"مسكينة، كم عمرها" 



تنهد بقوة ليقول: 
"من عمركِ تقريباً" 



ظلت على حالها وتنهدت بحزن وهي تفكر بها وبحالتها وتشعر بها، التفتت لأخيها لتقول: 



"وأنت لما مهتم بها" 



نظر لها بقوة وامتعض وجهه ليقول: 
"ماريا ضعي نفسكِ مكانها، ألا تحتاج الشفقة والوقوف بجانبها" 



تحدثت بنبرة ذات مغزى: 
"وأنت تقف بجانبها شفقة عليها فقط" 



عقد حاجبيه باستغراب ولعن نفسه كونه قد فضح أمره بمشاعره الظاهرة ليقول بتهكم محاولاً قلب الوضع لصالحه: 
"لا، أقف بجانبها كي آخذ منها ميعاد" 



ضحكت لتقول: 
"أنا أعرفك جيداً فلا داعي لإن تخبئ مابداخلك، أنت لا تهتم لأي فتاة إلا إذا كنت تحبها" 



تنهد بقوة ليقول: 
"حسناً اخرجي الآن" 



ابتسمت له لتقول: 
"أريد أن أذهب معك أرجوك أريد أن أراها، لعل وعسى أستطيع أن أخرجها من حالتها وسأخذ لها الكثير من المخدرات، ها ما رأيك" 



أنهت جملتها بمرح ليضحك ضحكة صغيرة ويقول: 
"حسناً أذهبي وارتدي ثيابكِ ولكن لا تتفاجئي إن صرخت عليكِ اتفقنا" 



حركت رأسها موافقة بابتسامة لتقول بغرور: 
"لا تقلق سأستطيع التفاهم معها، شقيقتك مفعولها قوي، سنصبح أنا وهي أصدقاء وسنتبادل صور الممثلين المشهورين والوسيمين يسس" 




        
          
                
صفقت بمرح لتخرج راكضة من غرفته خلف ضحكات أخيها عليها، ارتدى ملابسه وهو على أمل بأن يستطيع التحدث إليها والتفاهم معها في هذا اليوم، أنتهى من ارتداء ملابسه ليخرج ويرى شقيقته تقف بابتسامة عريضة ويتجه بها إلى المستشفى، هبط يوسف وماريا من السيارة ليدخلان المستشفى ويتوجهان للغرفة التي تقنط بها شهد، تنهد يوسف بقوة وطرق طرقات خفيفة على الباب ليفتحه بهدوء ويدخل ليرى والديها وهشام وسمية عندها، ألقى التحية عليهم وعرفهم على شقيقته ليوجه نظره لها ويراها ممددة على سريرها بهدوء، شاردة الذهن تنظر إلى النافذة بجمود، عقدت ماريا حاجبيها بحزن ورغبة كبيرة أتتها بالبكاء على هذه الصغيرة، توجه يوسف إليها وجلب كرسي وجلس أمامها ليقول موجهاً حديثه لها: 



"كيف حالكِ يا شهد" 



نظرت له ولم تجبه ليقول بنبرة مرحة: 
"ممم انظري لقد جلبت معي شقيقتي كي تتعرفين عليها وتصبحين أنتِ وهي أصدقاء" 



ابتسمت ماريا باتساع وتقدمت من شهد لتجلس بجانب أخيها وتقول: 



"أهلاً أيتها الشاردة، حسناً حسناً سأعرفكِ عن نفسي، مم اسمي ماريا وعمري عشرون عاماً، جميلة ولطيفة وأحب التسالي كثيراً، بالمناسبة لقد جلبت لكِ منهم انظري" 



أنهت جملتها وهي تخرج التسالي من حقيبتها وعلى محياها ابتسامة مرح، لتنظر شهد لها وتهز رأسها، اتسعت ابتسامتها لتردف: 



"هيا عرفيني عليكِ، ماذا؟ ااه أجل أجل أعلم لما أنتِ صامتة لإنني قلت لكِ بأنني جميلة، حسناً هذه هي الحقيقة أنا جميلة وطيبة جداً ولكن أنتِ تتعدين صفاتي بأشواط، يافتاة أنتِ تسرقين مني الأضواء" 



ابتسمت شهد بفتور لتتسع ابتسامة ماريا وكذلك يوسف فرح جداً وأيضاً والدا شهد لأول مرة يبتسمان من بعد تلك الحادثة وكذلك هشام وسمية، وجهت ماريا نظرها ليوسف لتقول بابتسامة: 



"أرأيت لقد قلت لك، حسناً هيا اخرجوا جميعاً نريد أن نتحدث أنا وشهدي لوحدنا" 



رفع يوسف حاجبيه ليقول ضاحكاً: 
"ولما نخرج؟ تحدثا أمامنا" 



عبست ملامح ماريا لتقول: 
"لا لا هذه أحاديث فتيات وغير ذلك لقد جلبت مخدراتي معي كي أتقاسمها أنا وشهد، أنتم الآن تأكلونها كلها هيا هيا اخرجوا" 



ضحكوا جميعاً وشاركتهم شهد وماريا أيضاً ليقول يوسف: 
"سنبقى ولكن لا تخافي لن نقترب من المخدرات خاصتكِ" 



عبست ماريا وانتفضت لتقول: 
"اصمت واخرج يا أحمق" 



جحظ يوسف عيناه ليقول: 
"أيتها البقرة أقسم بأنني سأتدبر أمركِ في المنزل" 



وجهت ماريا حديثها لشهد لتقول: 
"شهد دافعي لي سيضربني أنا صديقتكِ حبيبتكِ هيا قولي له" 



ابتسمت شهد ولم تتحدث وهي توجه نظرها بينهما لتردف ماريا: 
"يا فتاة أنا لا أحب المستشفيات، انظري سأبعث بيوسف حتى يأخذ لكِ إذن كي تخرجين من المستشفى ونذهب أنا وأنتِ سوياً ونمرح على طريقتنا" 




        
          
                
أنهت جملتها غامزة لشهد ليرفع يوسف حاجبه ويقول: 
"إلى أين ستذهبا" 



امتعضت ماريا لتقول: 
"ها قد بدأنا، حباً بالله اغرب عن وجهي أريد أن أخطط مع الفتاة لنرى مشاريع اليوم" 



تحدث بحنق: 
"أيتها الغبية اصمتي، كيف للفتاة أن تخرج من المستشفى الآن، مازالت متعبة فقط اصمتي لإن صوتكِ النشاز يضرب على رأسها، هيا هيا اصمتي" 



امتعضت ماريا لتوجه حديثها لوالد شهد وتقول بتذمر: 
"عمي قل له أن يصمت قليلاً أوووف" 



نظر يوسف لها نظرة جانبية وصمت بينما الجميع يضحكون عليهما، تحدث يوسف موجهاً حديثه لشهد ممازحاً: 



"إذاً لم تقولي لي كيف حالكِ؟ لا لا يا إلهي أختي أخذتكِ مني سأنتحر اتركوني" 



أنهى جملته بمرح لتضحك شهد ويبتسم الجميع لإنها خرجت من حالتها قليلاً بسبب هذان الشقيقان، تحدث يوسف بابتسامة وقليل من الجدية: 
"حسناً ياشهد، ألا تريدين أن نتحدث أنا وأنتِ قليلاً"



أشاحت ببصرها عنه إلى اللاشيء لتقول ببرود:
"بماذا سنتحدث"



أجاب بهدوء:
"بالحادث"



ابتسمت بسخرية قائلة:
"ولماذا سنتحدث بما أنكم لم تقبضون عليه حتى الآن"



ابتلع ريقه بصعوبة كما أن ماريا استائت جداً لحالتها حيث استشفت الألم الذي بداخلها ليقول يوسف بحرج:
"أنا من أجل ذلك أريد التحدث معكِ، لعل وعسى أستطيع أن أتوصل إلى أي شيء يخصه وأعرف مكانه"



أجابت بتهكم ومازال نظرها بعيداً عنه:
"إذا أردت القبض عليه فقم بتشديد الحراسة هنا لإنه كان هنا في الأمس"



شهق كل من في المكان بأعين جاحظة ليقول يوسف بعدم فهم:
"ما ماذا قلتي شهد؟ من كان هنا في الأمس؟ هل تقصدين سهيل"



حركت رأسها بإيجاب ليردف لها بذهول:
"كيف أتى؟ كيف استطاع الدخول إلى هنا؟ ماذا قال لكِ"



نظرت له ببرود مجيبة:
"لا أعلم كيف دخل، ولا يهمني أمره، ولا أريد أن أتذكر ماقاله، أريدك فقط أن تقبض عليه، إذا كنت فعلاً تريد أن تساعدني"



كان يريد أن يتحدث ولكن ذهول الموقف أصمته وجعله يخرج من المكان مسرعاً تحت أنظار الجميع، تقدم إليها والدها ليقول بحنو:
"صغيرتي، أحقاً كان هنا؟ أم أنك رأيتي منام؟ أو أنه يهيأ لكِ ذلك"



تابعته شهد بصدمة لتنفعل وتقول بصراخ:
"هل حقاً لا تصدقني أبي؟ هل حقاً تظن أني مجنونة لكي لا أستطيع التفريق بين الواقع والحلم؟ هل أنت أيضاً أصبحت توافق الأطباء الذين يتابعون حالتي على أني مجنونة"



ارتبك جداً كحال كل من في الغرفة لتتدخل ماريا بالحديث:
"حبيبتي شهد، والدكِ لا يشكك بشيء، ولكن صعوبة الحادث قد تفرض عليكِ أشياء كثيرة وأحلام وكوابيس، لذلك هو يسألكِ لا أكثر"




        
          
                
انفعلت أكثر لتجيب بأعين دامعة:
"لا يهمني، ولا أريد أن أتحدث بهذا الأمر بعد الآن، إن كان لا بد من فشل أخيكِ ومن معه بالقبض عليه فدعوني وشأني، لن أخبركم بما حل بي لإنني لا أريد أن أراجع تلك الحادثة، هو أساساً متورط بعدة قضايا فلن تقف قضيتي عليه، حالما يقبضون عليه يقومون بإعدامه أو سجنه لا أعلم، المهم بعيداً عني"



وجهت نظرها وحديثها لوالدها مكملة:
"أريد أن أخرج من هذه المستشفى اللعينة أبي، لا أطيق رؤية وجهه مجدداً، لا أريد أن يأتي إلى هنا مجدداً، أريد أن أخرج لإن أولئك العساكر الذين في الخارج كـ قلتهم أتسمعني أيها الضابط؟ رجالك كـ قلتهم"



أنهت كلامها بصراخ موجهة إياه ليوسف الذي يقف في الخارج ويستمع لها، وما إن أزاحت عن صدرها هذا الكلام حتى بدأت بالبكاء والنحيب محاولاً كل من بالغرفة تهدأتها، أما يوسف فقد أدمعت عيناه وأخذ نفساً عميقاً ليزفر بضيق وداخله بركان من الغضب من رجاله ومن سهيل وسينفجر حتماً.



__________________



يجلس في منزله الواسع وكأنه يضيق على صدره هذا المنزل الكبير، لا يعلم لما بدأ يكره المكوث فيه، هل من أجلها هي أم ماذا؟ اشتاق لها، اشتاق لرؤية عينيها، اشتاق لشفتيها ولكل شيء بها، يحاول التحكم بنفسه بصعوبة مخافة من أن يسافر إليها ويبرحها ضرباً كي لا تبتعد عنه مرة ثانية ويعيدها معه ليتزوجها غصباً عنها، بلغت ذروة غضبه وحنقه، يريدها له ولكنه يكابر،، حسناً ولما المكابرة؟ لما الحماقة بالأساس؟ أليس من هو الذي تركها تسافر؟ أليس من هو الذي أبعدها عنه؟ حسناً إذاً لا تشتكي من لسعة النار وأنت من بدأ بإشعالها، ظن بأنه سيرتاح عندما تبعد عنه ولكنه هو الآن يتعذب أكثر من ذي قبل، يكاد يجن من فقدانها، لا يستطيع خسارة شخص آخر في حياته، ولكن كل هذا من صنع يده، لما يوجد في الدنيا شيء يسمى الفراق؟ ولما يوجد شيء اسمه كبرياء؟ واللعنة كم تجرح القلب وتحرق الصدر من جوفه.
منذ ليلة أمس حتى الآن وهو لا يكل ولا يمل عن الشرب والسجائر، لم يذق طعم النوم فقط يفكر بها، يكاد يبكي لفقدانها ولكنه يتحامل على نفسه كي لا يبين ضعفه أمام نفسه حتى، كم هو صلب ولعين لا يعرف مصلحته، أحس كم هو غبي وساذج عندما أبعدها عنه، لم يعلم بأنه سيحترق من داخله بهذه الطريقة البشعة، الآن عرف ماهو الحب وما هي لعنته، عرف ماهو الفراق وما هو العذاب، لم يرى يوماً أبيضاً في حياته كل حياته كانت باللون الأسود، قاتمة، مملة، إلى أن جائت تلك الفتاة ولونت حياته بالألوان الزاهية، لتبتعد عنه ويعود إلى الأسود فقط. يمسك كأسه بيد واليد الثانية يمسك سيجارته بها، هو حتى لم يذهب إلى عمله ويمارس روتينه اليومي، فقط على حاله منذ ليلة أمس ومنذ وقت رحيلها بالشرب والسجائر.
رمى الكأس من يده ليصتدم بالحائط ويتناثر ويتحول إلى قطع زجاج صغيرة، يريد أن يفرغ طاقته السلبية بأي شيء، كسر وحطم ولم يدع شيئاً في غرفته إلا وحطمه، يلعن فقط على غبائه الذي لم يعهده بنفسه من قبل، بدأ يتنفس بسرعة شديدة ويلهث بصعوبة بالغة، أمسك بالصورة التي أعطته إياها قبل رحيلها وبدأ يتأملها، صحيح بأنه يتأمل نفسه ولكن هذه الورقة التي بين يديه تذكره بها، كونها هي من أعطته إياها فهي منها ويتذكرها بها، تأملها بهدوء تام وهو يتحسر على نفسه وعلى والداه اللذان جعلان منه شخص قاسي كاره حياته غير مبالي لأحد، وغير مبالي لمشاعره الميتة التي استيقظت عندما دخلت آسيل لحياته، ليس له ذنب في الذي يحدث معه، لم يرتكب أي خطأ في حياته، كان كل همه أن يحقق حلمه، فقط حلمه، وبماذا كوفئ غير بالفراق والابتعاد، ولكنه قوي وسيظل كذلك إلى آخر نفس في حياته، سيكابر، أجل سيكابر ولن يتراجع عن قراره، يرى الصح له ولها في رحيلها، سيبقى يحترق من داخله بينه وبين نفسه، لن يعترف، ولن يذهب إليها، ولن يعشقها أبداً.



__________________ 



عند آسيل في بيتها الجديد 
تجلس تلك الفتاة شاردة الذهن، حزينة، كئيبة نوعاً ما تكاد تموت من شوقها له، لم تشعر بطعم الاشتياق إلا عندما فقدته وابتعدت عنه، تسأل نفسها، لم أبعدها عنه؟ لما قسي عليها إلى هذا الحد؟ هل تضايق من وجودها في منزله؟ هل يرى بها عيب كونها هربت من زوجها وظلم والدته؟ أسئلة كثيرة في عقلها لا يوجد لها جواب عندها، تحترق من الداخل، لقد مرت بأصعب من ذلك وستتجاوز هذه المحنة وتنسى كل شيء لتبدأ حياة جديدة بعيدة كل البعد عنه، ستكون بعيدة عن الحزن والألم لإنه لم يجلب لها سوى الحزن، تمنت أن يقف بجانبها ويساندها، ولكن لما؟ هو ليس مجبور على فعل ذلك، مجرد فتاة غريبة عنه تعرضت لعدة مشاكل في حياتها وهربت من بيت زوجها، هذا ما تفكر به وتقنع نفسها به أيضاً، تسخر من نفسها ومن تفكيرها الأحمق، تسخر من حياتها التي لم ترى فيها إلا الحزن في آخر فترة، تسخر من قلبها الذي تعلق برجل بارد لعين جامد، ستحاول نسيانه وتبدأ من جديد، هه لا أحد يموت على فراق أحد، ستظل تقنع عقلها وقلبها الأحمق بذلك الشيء إلى أن تلتقي بأمير يستحقها ويستحق برائتها وأنوثتها.



" وكأنني وُلدتُ على ظهرِ وترٍ 
تعزفُ الأيامُ على قلبي دونَ رحمةً 
ولا أملكُ حيلةً 
فكلما ابتسمتُ علمتُ أنّ حظي بعدها حُزن 
وما إن أرقصُ حتى تهوى الذكرياتُ كالمطر " 

 

google-playkhamsatmostaqltradent