Ads by Google X

رواية جعفر البلطجي الجزء (3) الفصل السابع و العشرون 27 - بقلم بيسو وليد

الصفحة الرئيسية

     


 رواية جعفر البلطجي الجزء (3) الفصل السابع و العشرون 27 - بقلم بيسو وليد

غَدوتُ كالغر.يب في بلادي، لا أعلم أحدًا ولا أحد يعلمني، لا أجد هويتي، وكُنْتُ السـ ـيء في النها.ية في رواية أحدهم.
___________________
“الحاكمة الصغيرة”
____________
<“رد الحـ ـق حرفة لا يتقـ ـنها إلا صيا.دًا ماهرًا”>
ر.مق زوجة عمه نظراتٍ حا.دة ومتحـ ـدية ليراها تشتعـ ـل أمامه وهي تر.مقه بحقـ ـدٍ د.فين، أنحنىٰ “جـاد” نحوه وهتف بنبرةٍ هامسة إليه وقال:
«عاش عليك بجد انتَ را.جل مِن ضهر را.جل وبريمو عشان و.قفت فـ و.شها بس مش عايز أصد.مك وأقولك إنها مرات عمك “عـماد” اللي واقف جنب أبويا دلوقتي»
صُدِ.مَ “جـعفر” وبشـ ـدة ونظر إلى عمه “عـماد” القابع بجوار عمه “راضـي” وهو يشعر أنه قد أفسـ ـد كل شيء ولَكِنّهُ في كل الأحوال كان سيتحدث ويقـ ـف أمامها النـ ـد بالنـ ـد مدا.فعًا عن والدته التي صمتت حينما صُد.مت مِن وقا.حتها، إنه هدفٌ رائع ولَكِنّ في مرمانا
نظر “جـعفر” إلى “شـاهي” ثم أقترب مِنها بنصفه العلـ ـوي وهمس لها قائلًا:
«ما ترَسيني يا “ملكة” إيه الحوار أنا شكلي عكيـ ـت الدنيا خالص ويا دوبك أنا لسه عارف الرا.جل مِن خمس دقايق»
نظرت إليه بطرف عينها ثم أبتسمت أبتسامة خفيفة هادئة تطمئنه مِن خلالها، فيما نظروا إلى “زيـنات” أو كما يُلقبها “جـعفر” “ويـلات” التي تحدثت بنبرةٍ مليئـ ـة بالغضـ ـب وهي توجه حديثها إلى زوجها قائلة:
«شايف يا “عماد”، شايف ابن أخوك المحترم بيبجـ ـح فيا أزاي، هقول إيه ما أنتَ أصـ ـلك أصـ ـل شوا.رع»
أنهـ ـت حديثها المـ ـرتفع وهي توجهه إلى “جـعفر” الذي تشـ ـنجت عضلات فكه وكاد أن يو.بخها وينها.ل عليها بجميع ما يعرفه مِن سُبّا.بٍ ولَكِنّ أو.قفه عمه “عماد” الذي هتف بنبرةٍ عا.لية قائلًا:
«أنتِ اللي بدأتِ وغـ ـلطتِ فيه الأول يا “زيـنات” زعلانة ليه بقى لمَ ردّ عليكِ ولا أنتِ عايزة تبجـ ـحي وتقـ ـلي أد.بك على اللي قدامك مِن غير ما يتكلم، لأخر مرة هقولك ملكيش دعوة بابن أخويا ولا حتى بأ.مه، كأنك مش شيفاه أنا مش عايز مشا.كل أنا ما صدقت ابن أخويا يرجعلنا، خفـ ـي شوية بقى وأكبـ ـري»
كان حديثه قا.سيًا وبشـ ـدة عليها ومؤ.لمًا كذلك وخصيصًا أمام غر.يمتها التي كانت تنظر لها نظراتٍ متشـ ـفية وبجوارها و.لدها الذي كان ينظر لها نظرةٍ مليئـ ـة بالخـ ـبث والتشـ ـفي ومعها أبتسامته الصـ ـفراء التي جعلت نيرا.نها تتأ.جج بداخلها كالحـ ـمم البركا.نية
تركتهم وصعدت إلى غرفتها وهي تستشـ ـيط غـ ـضبًا بعد أن أخـ ـجلها زوجها أمامهم وجعلها في أكثر مراحلها غضـ ـبًا، نظر “جـعفر” إلى عمه وهو مذ.هولًا فقد كان يظن أنه سيو.بخه هو لأنه تو.اقح مع زوجته ولَكِنّهُ وجده يتولى ز.مام الأمور ويُكمل تو.بيخه لها
أقترب “عماد” مِنهم بخطىٰ هادئة أسفـ ـل نظراتهم جميعًا حتى وقف بالقرب مِنهم ووضع كفه على كتف ابن أخيه الر.احل وأبتسم إليه برفقٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
«حقـ ـك عليا يا “يـوسف” متز.علش مِنها، هي دايمًا عاملة مشا.كل مع الكل هنا، بس هنقول إيه غير ربنا يهـ ـديها»
«أو يهـ ـدها أفضل يا “عمي”»
نطق بها “جـاد” وهو ينظر إلى “عمه” الذي قام بضـ ـربه بقبـ ـضته في كتفه ليتأ.وه “جـاد” ضاحكًا وهو يضع كفه على موضع أ.لمه، فيما نظر إليه “جـعفر” وأبتسم، تحدث “عماد” وهو ينظر لهُ قائلًا:
«أحتـ ـرم نفسك، هي آه بو.مة وبتاعت مشا.كل بس مراتي برضوا»
«إيه التناقـ ـض الغر.يب دا ما هو يا إما يهـ ـدها ويريحنا مِنها عشان الواحد بصراحة مش هيقدر يكمل معاها يا إما تطلـ ـقها وتريحنا أنتَ مِنها وتشوفلك واحدة حلوة كدا لذيذة تصبحك على أبتسامة حلوة، شكل جميل، تقولك Bonjour “عماد” وتبقى ريـ ـحتها سوبيا كدا تفتـ ـح نفسك على الحياة، مش زَّي الغفـ ـير اللي بتصحيك كل يوم قا.طع الخـ ـلف لحد ما شَـ ـيبت شعرك وكبرتك بدري قال وأسمها “زيـنات” طب “زينة” مِن أنهي أتجاه عشان أبقىٰ عارف عشان يبقى أسمها “زيـنات” اللي هو أسم وصفة مع بعض، على رأي “يـوسف” أسمها الحقيقي لازم يبقى “عنايات”، أو “ويـلات” عشان هي مِن ساعة ما دخلت البيت دا وهي مش بتجـ ـيبلنا غير الويلات طول ما إحنا قاعدين معاها بنقعد نو.لول»
تعا.لت الضحكات مِن حوله على حديثه الموَّجه إلى زوجة عمه وتشبيهه لها وأقتراحاته الصحيحة لـ “عمه”، فيما ضحك “عماد” بيأ.سٍ وهو لا يستطيع التحدث فهم مُحقـ ـون فيما يقولوه، نظر إليه “جـعفر” وتحدث ضاحكًا:
«تصدق يا.ض طلـ ـعت بتفهم، لو على العروسة نجيبها وبدل ما يبقى عندنا “ويـلات” يبقى عندنا “دلال” وأهي تعوَّ.ض “عمك” عن المـ ـرار اللي شافه مع “ويـلات”، أنا عن نفسي بصراحة شايف إنك تطـ ـلقها بما يرضي الله وتستعو.ض ربنا فيها وتكـ ـسر وراها زيـ ـر مش قُـ ـلة، ولو عيالك بو.م زيها تاخدهم فـ سكـ ـتها وأنتَ لسه صغير يعني يا “عمدة” نجوزك واحدة حلوة كدا على رأي “جـاد” تصحيك على Bonjour “عماد” بصوت أنثو.ي ر.قيق وتـ ـهتم بيك وأهو عندك فرصة تخـ ـلف عادي مفيش مشـ ـكلة أهم حاجة سعادتك»
«بس أكيد “ويـلات” دي يا عيـ ـني بتصحيك كل يوم بخـ ـضة شكل، شَـ ـيبت شعرك بدري اللهي يشيبـ ـوكي يا بعيـ ـدة مطـ ـرح ما أنتِ قاعدة يارب، فكر فيها كدا ور.سيني صدقني هعيشك أحلى أيام حياتك واللي ضـ ـيعته مع “ويـلات” هتعو.ضه مع “دلال” طب أقولك عندنا واحد فـ الحارة أسمه “فريد” أكبر مِنك بـ سنتين تقريبًا بيحبّ أم صاحبي وكان بيبعتلها معايا جوابات غـ ـرام تخيَّل لحد ما بقى متجوزها دلوقتي وأنا اللي مجوزه كمان، أنا فرصة مبتتعو.ضش را.جع نفسك وإلحق اللي با.قي مِن عُمـ ـرك بدل ما البو.مة دي تفضل منـ ـكدة عليك على طول كدا»
مِن جديد تتعا.لى الضحكات وتنتشـ ـر البهـ ـجة في أنحاء المنزل، فيما كانت “شـاهي” تنظر إلى و.لدها طوال الوقت وهو يتحدث وتبتسم، مازالت لا تصدق أنه بعد تلك السنوات التي مضت عاد إليها مِن جديد وأصبح في أحضانها، كان قلبها يخفـ ـق بقو.ةٍ بين الفينة والأخرىٰ وهي تراه يتحدث بتلقائية “يـوسف” الطفل الصغير وليس “جـعفر” الذي نـ ـشأ داخله بشخصيةٍ جديدة
سقـ ـطت عبراتها دون أن تشعر على صفحة وجهها وهي تنظر إليه مبتسمة لينظر هو لها وينهض مِن موضعه مقتربًا مِنها أسـ ـفل نظرات الجميع، جلس بجوارها وضم رأسها إلى د.فئ أحضانه ممسّدًا على ذراعها بحنوٍ ثم لثم رأسها بـ قْبّلة حنونة، فيما ضمته هي تستشعر هذا الحنان الذي حُـ ـرِمَت مِنهُ بكل قسو.ة
«شوفت يا “عمدة”، أدي “شـاهي” بتستعطـ ـفك بدمعتين عشان تطـ ـلقها وتسمع كلامي، وأنا بصراحة بضعـ ـف قدام دموع “حـوا”»
نطق بها “جـعفر” في هذه اللحظة، أو دعونا نقول “يـوسف”، فهذه اللحظة المتحدث هو “يـوسف” والشخصية الحاضرة هي شخصية “يـوسف” وليست “جـعفر”، أبتسم “راضـي” أبتسامة هادئة وقال:
«”شـاهي” كانت محتا.جاك فـ حياتها يا “يـوسف”، “شـاهي” مرجـ ـعتش للحياة تاني غير بوجودك جنبها وحنيتك عليها»
أبتسم “يـوسف” ونظر إلى والدته التي تقبع داخل أحضانه وهو يريد إخبارهم أنه هو مَن كان يريدها في حياته، هو الذي عا.د للحياة مِن جديد في وجودها، وليس العكـ ـس، كلاهما كانا لا يحتاجان إلا بعضهما، والآن هما مع بعضهما.
_________________________
<“وقتٍ أكثر مِن مناسب للتحدث”>
كانت تجلس على الأريكة أمام التلفاز تضم صغيرتها إلى أحضانها تقوم بملا.عبتها بحما.سٍ كبير بينما كانت ضحكات الآخرة تتعا.لى بين الفينة والأخرىٰ، أبتسمت لها ثم لثمت وجنتها بـ قْبّلة حنونة وضمتها إلى أحضانها، صدح رنين هاتفها عا.ليًا يعلنها عن أتصالٍ هاتفي مِن رقمٍ مجـ ـهول، مدّت كفها وأخذته تنظر إلى الرقم قليلًا قبل أن تجيب عليه لتسمع صوت رجـ ـولي يأتي لها عبر الهاتف يقول:
«الأستاذة “بيلا عوض” معايا؟»
تعجبت “بيلا” كثيرًا ولَكِنّها أجابت بنبرةٍ هادئة حينها وهي مازالت تجهـ ـل هوية المتصل قائلة:
«أيوه أنا، مين معايا؟»
«أنا أسف لو أزعـ ـجتك بس أنا مِن طـ ـرف الأستاذة “چي چي” اللي عملتيلها ديكور مكتبها مِن فترة»
نطق بها بنبرةٍ هادئة معرفًا عن نفسه لها حينما شعر أنها تظن أنه متطـ ـفلًا، فيما سَمِعها تقول برسمية:
«أهلًا بحضرتك، أتفضل»
أبتـ ـلع غصته بهدوءٍ وتحدث بنبرةٍ هادئة يفسـ ـر لها سـ ـبب أتصاله قائلًا:
«في الحقيقة أنا بقالي خمس شهور بدور على مهندسين ديكور كويسين لأني كُنْت حابب أغير ديكور الڤيلا بتاعتي وبالصدفة البـ ـحتة الأستاذة “چي چي” قالتلي إنك مهندسة شاطرة جدًا ووقتها كُنْت فـ مكتبها وشوفت الديكور بتاعه وحقيقي عجبني جدًا ولقيت أنه مفيهوش غـ ـلطة، وقتها بصراحة طلبت رقمك مِنها بحيث أقدر أستفسر مِنك أكتر وأشوف شـ ـغلك، أنا شوفت كذا تصميم على صفحتك وحقيقي زوق حضرتك راقِ جدًا وخدت قرار إني أكلمك وأشوف السيستم بتاعك إيه»
وحينما أنهـ ـىٰ حديثه الهادئ والمهـ ـذب لها جاءه حديثها الذي كان رسميًا قائلة:
«شكرًا لحضرتك شهادة أعتـ ـز بيها، تمام أنا بعرض على حضرتك ملف فيه تصاميم كتير وحضرتك بتشوفه وتختار مِنُه التصميم اللي يعجب حضرتك وقتها بشوف المكان إذا كان كبير أو صغير عشان أعرف هياخد مِني وقت قد إيه وبناءًا عليه ببـ ـلغ حضرتك بالوقت اللي هحتاجه فـ الشغـ ـل، وبالنسبة للفلوس فـ باخد جزء قبل ما ابدأ شغـ ـل والباقي بعد ما أخلـ ـص خالص وأسـ ـلم لحضرتك المكان وممكن تسأل الأستاذة “چي چي” عن طبيعة شغـ ـلي»
أنهـ ـت حديثها وهي تتعـ ـمد قول ذلك لغـ ـرضٍ ما وحينها أتاها الردّ مِنهُ حينما قال بنبرةٍ هادئة:
«مصدقك يا أستاذة “بيلا” طبعًا مِن غير ما أر.جع للأستاذة “چي چي”، تمام حضرتك ممكن تبلـ ـغيني بالميعاد اللي هتبدأي فيه لأن أكيد حضرتك ور.اكِ شغـ ـل تاني فـ أي وقت حضرتك تبلـ ـغيني بيه أنا معنديش فيه مشـ ـكلة والمدام كمان هتكون موجودة لأنها هي اللي هتختار الديكور»
أنهـ ـت حديثها معه بقولها الهادئ حينما قالت:
«تمام حضرتك ممكن تصورلي الڤيلا بتاعت حضرتك وأنا هشوفها زي ما قولت لحضرتك وهردّ عليك بالوقت اللي هحتاجه»
أنهـ ـت حديثها وأغـ ـلقت الهاتف وتركته كما كان ثم نظرت إلى صغيرتها التي كانت تُمسك بخصلا.تها بين أناملها الصغيرة تنظر لها لتبتسم وتقول ممازحةً إياها:
«چينات “جـعفر” طا.فحة ما شاء الله، إن ما خدتي مِني حاجة حتى، أنا أحمل ٩ شهور وأتعـ ـب وأخد حـ ـقن قد كدا وأو.لد وفـ الآخر تطلعي شبه أبوكِ، مش كفاية عليا واحدة لا بقوا الأتنين، حسـ ـرة عليا واللهِ»
أنهـ ـت حديثها وهي تنظر إلى صغيرتها التي كانت مند.مجة باللعـ ـب في خصلاتها لتبتسم هي وتُلثم وجنتها الصغيرة بـ قْبّلة حنونة وقد قررت أنتظار “بشير” الذي أخذ صغيرتها “ليان” وذهب للتنزه رفقتها.
_________________________
<“الماضي لا يمو.ت، بل يقتـ ـل صاحبه”>
كان يجلس معها في غرفتها الوا.سعة مستلقيًا على الفراش واضعًا رأسه على فخـ ـذيها يسرد لها ما عا.شه منذ أن كان طفلًا صغيرًا حتى أصبح ر.جلًا كبيرًا الآن، يسرد لها بعقـ ـلٍ شار.د يعود لتذكر ما.ضيه الأسو.د يقـ ـص عليها ما عا.ناه في غيا.بها وعن تضـ ـحيته لكل شيءٍ لأجل شقيقته بقلبٍ دا.مي ومكـ ـسور، وحينما يتو.قف عن التحدث تد.فعه هي للتحدث وهي تمسّد على خصلاته ومو.ضع قلبه وهي تحتر.ق لأجله وتبكي بصمـ ـتٍ بين الفينة والأخرىٰ
«أنا أتدا.س عليا مِن الدنيا كلها يا “ماما”، كله جه عليا ودا.سني أكمني و.حيد مليش كبيـ ـر، أتربـ ـيت مع سـ ـت مش أُمّي، عيشت عُمري كله مذ.لول لدا ولدا، أنا حَـ ـرَمت نفسي مِن كل حاجة عشان خاطر أختي، قولت مش مهم أنا هي الأهم، هي بنـ ـت إنما أنا را.جل هستحمل، حَـ ـرَمت نفسي مِن أبسط حـ ـقوقي كإنسان عشان خاطر أختي، عيشت بتذ.ل لدا ودا عشان أو.فرلها مصاريف تعليمها، بتبهـ ـدل هنا وهنا عشانها، بدوق المُـ ـر عشانها، بحـ ـرم نفسي مِن حلاوة الدنيا عشان أدو.قهالها هي، أشتغـ ـلت فـ كل حاجة عقـ ـلك ممكن يتخيلها، مكُنْتش بقول للشغـ ـل لا أي حاجة بعرف أعملها»
«حياتي كلها كانت فـ الشارع، يعتبر فعلًا تر.بية شو.ارع، اللي قدامك دا مجاش مِن قليل، أنا شوفت كتير أوي، كبرت وأتر.بيت فـ الحارة اللي إمبارح كُنْت فيها غر.يب والنهاردة بقيت كبير، الحارة دي هي اللي كَو.نت شخصيتي دي، هي اللي كَو.نت “جـعفر”، هي اللي علمته أزاي يجيب حـ ـقه مِن عين التـ ـخين، هي اللي علمته أزاي يردّ ويبجـ ـح ويـ ـقل أد.به ويبقى إنسان جا.مح، أنا عارف إن أنا دلوقتي مش هو أنا وأنا صغير، وعارف إنك لسه مستنية شخصية “يـوسف” تظهر تاني»
أكمل حديثه حينما أضطـ ـرب صوته وبدأ يبكي ر.غمًا عنه كلما تذكر ما عاش بهِ ورآه على أيديهم وحر.مانه مِن كل شيءٍ:
«بس “يـوسف” الطفل الصغير اللي كان موجود على طول وقدام عينك أربعة وعشرين ساعة أتسجـ ـن، مسجو.ن مش عارف أخـ ـرجه ولا قا.در إني أخـ ـرجه، أنا عايز أخـ ـرج “يـوسف” بس مش عارف، كل ما أحاول مبعر.فش شخصيتي اللي عيشت بيها بتسـ ـيطر عليا وتمنعـ ـني، كل ما أحاول أر.جع “يـوسف” ألاقيني “جـعفر”، اللي حصلي دا كان د.رس كبير أوي على عيل صغير زيي، در.س قا.سي أوي الدنيا علمتهولي يا “شـاهي”، بس أتعلمـ ـته على حساب مستقبلي وحُـ ـريتي، أنا كل ما كُنْت بفتكر نفسي زمان وأبص لنفسي دلوقتي بتقهـ ـر»
سقـ ـطت عبراتها على صفحة وجهها وهي تمـ ـسح على مو.ضع قلبه الد.امي بحنوٍ علّها تستطيع إصلا.ح ما أفـ ـسده البشر بحـ ـق و.لدها، أ.لمها قلبها وهي تستمع إليه وتتخيل ما يقوله وكم تجـ ـرع القسو.ة والو.جع وظل صا.متًا، لَم يشكـ ـو، ولَم يعتر.ض، بل كان أكثر مِن مُرحبًا بها، أعتدل هو في جلسته وهو ينظر إليها ليراها تبكي لأجله، وتتأ.لم أيضًا لأجله
مدّت كفيها وأز.الت عبراته عن صفحة وجهه بحنوٍ ثم جذ.بته لأحضانها تضمه بحنوٍ ممسّدةً على رأسه برفقٍ قائلة بنبرةٍ باكية:
«حقـ ـك على قـ ـلبي يا رو.ح قلبي، أنا أسفة بالنيا.بة عنهم كلهم، ميعرفوش إن الدنيا دو.ارة وكل واحد جه عليك وأذا.ك هيدو.ق مِن نفس الكاس، الدنيا د.وارة يا حبيبي وربك كبير مبينساش، ربك أسمه “العادل” يا حبيبي وعُمره ما يرضى بالظـ ـلم بين عباده، ربك منتقـ ـم جبا.ر، وبعدين أنتَ رجـ ـعت لحضني أهو وأنا بطبطب على “يـوسف” حبيبي الصغير، عارف لمَ قولت لعمك تحت يطلـ ـق الحيز.بونة دي فكرتني بمين؟»
أنهـ ـت حديثها متسائلة وهي تنظر إليه لتراه نظر لها منتظرًا أستكمال حديثها لتبتسم هي إليه وتُكمل حديثها قائلة:
«فكرتني بيك وأنتَ صغير»
أستنـ ـكر قولها كثيرًا وقد ز.اد فضو.له أكثر للأستماع إلى بقية حديثها ولذلك أكملت هي حديثها بعد أن أستطاعت جـ ـذب أنتبا.هه لها:
«زمان كُنْت لمَ تحب تنا.كشني أو تضا.يقني كُنْت تجـ ـري على “عدنان” وإحنا قاعدين تقوله على فكرة يا “بابا” السـ ـت دي مش مناسـ ـباك أنا بقول تطـ ـلقها أحسن وأنا هخلّيك تتجوز “سوسو”، يقوم أبوك ضاحك أوي وأنا أتعـ ـصب، ألاقيك تقوله أسمع مِني وأشتري باقي الكلام دي سـ ـت حلوة أوي وفرفو.شة را.جع نفسك، أقوم أنا بقى متعصـ ـبة عليك أكتر وعشان عارف إني بجـ ـيبك على طول كُنْت تتحا.مى فـ حضن “عدنان” وهو يدا.فع عنك، دي أكتر ذكرىٰ مبقد.رش أنسا.ها، الظاهر كُنْت قليـ ـل الأد.ب مِن صغرك يعني مش طبع جديد فيك»
أبتسم هو بسمةٍ وا.سعة وهو ينظر إليها لتلـ ـتمع عينيه بو.ميضٍ بـ ـراق فور أن ذكرت أسم والده ليسألها قائلًا:
«مين “سوسو” دي بقى؟»
جاوبته بنبرةٍ مليئة بالغيـ ـظ وهي تتذكر تلك السيدة التي كانت جارتهم في المكان قائلة:
«دي كانت جارتنا زمان، كانت سـ ـت إيه، جميلة جمال، لدرجة إني كُنْت بغيـ ـر مِنها كل ما أشوف أبوك خا.رج وهي بـ ـره، كُنْت خا.يفه عينه تز.وغ»
تعا.لت ضحكات “يـوسف” عا.ليًا وهو يرىٰ الضـ ـيق يسيـ ـطر على معالم وجه والدته التي ما إن تذكرت تلك السيدة بات الغيـ ـظ واضـ ـحًا على معالم وجهها، فيما أقترب مِنها هو ونظر إلى معالم وجهها أبتسم إليها وقال بمرا.وغة:
«مهما كانت جميلة وملكة جمال العا.لم وبشهادة الكل، فـ مش هتيجي جنبك حاجة يا بطـ ـل الأبطا.ل، ولا عندك شـ ـك يا جميل»
أبتسمت هي أبتسامة هادئة ونظرت إليه تخـ ـتبره بقولها:
«يعني أنا أحلى واحدة شوفتها يا “يـوسف” لحد دلوقتي ولا في الأحلى؟»
أبتسم هو أكثر وأقترب مِنها يُلثم وجنتها بـ قْبّلة حنونة ثم أجابها بصدقٍ تا.م حينما قال:
«عيني مشا.فتش أنثـ ـى حلوة مِن بعدك يا سـ ـت الكل، يعني يبقى معاه واحدة حلوة الحلا.وة دي كلها ويبص بـ ـره برضوا، مينـ ـفعش هيظـ ـلمك»
أتسـ ـعت أبتسامتها أكثر ونظرت إلى معالم وجهه التي كانت تشبه معالم وجه “عدنان” بطريقةٍ مرعـ ـبة لتقول:
«تعرف يا “يـوسف”، كل ما أبص فـ وشك كأني شايفة “عدنان” قدامي بالظبط، نفس النظرة ونفس الابتسامة، نسـ ـخة مصغرة مِنُه، بس هو كان محترم»
تعا.لت ضحكاته على تفوهات والدته لينظر لها مِن جديد وقال مبتسمًا:
«طب ما تحكيلي لو فاكرة أنا كُنْت عامل أزاي وأنا صغير»
صمتت قليلًا تستذكر هيئة و.لدها منذ الصغر أسفـ ـل نظراته التي كانت متلهـ ـفة وبشـ ـدة منتظرًا الأستماع إلى حديثها عنه قد.يمًا، نظرت إليه وأبتسمت مِن جديد حينما بدأت تقول:
«كُنْت زي القمر يا “يـوسف”، زي دلوقتي كدا بس دلوقتي أحلى وأحلى كمان، كُنْت حنين أوي زَّي دلوقتي برضوا، ومَكُنْتش بتحب حدّ يز.علني مهما كان مين هو، وعلى طول تيجي تطـ ـبطب عليا وتبو.س خدي وتقولي البحـ ـر بيعيـ ـط ليه يا “شـاهي”، مين ز.عله، كُنْت بقى يا سيدي تصحىٰ الصبح كدا تقوم تاخـ ـد شاور وتتوضىٰ وتصلي كل فروضك، وتقعد تعلم أختك وتحفظها القرآن، أكيد مبتصليش دلوقتي يا “يـوسف” صح، نسيـ ـت فروضك ونسـ ـيت كل حاجة كُنْت بعلمهالك وأنتَ صغير»
أبتـ ـلع “يـوسف” غصته بهدوءٍ شـ ـديدٍ دون أن يتحدث وقد أشا.ح ببصره بعيـ ـدًا عن مرمـ ـى عيني والدته التي كانت ترا.قبه حتى أنها تلقت الإجابة دون أن يتحدث هو مِن إضطـ ـرابه وتو.تره الواضح على معالم وجهه وحركاته، أبتـ ـلعت غصتها ووضعت كفها على يده وقالت بنبرةٍ هادئة:
«طب قولي، أتعرفت أزاي على صاحبك “رمزي” الشيخ دا، مستغربة لسه لحد دلوقتي قصتكم، أحكيلي بحبّ أسمعك»
أستطاعت جذ.ب أنتبا.هه مِن جديد لها لينظر لها بهدوءٍ دون أن يتحدث لبرهة، فيما كانت هي تنظر إليه تنتظر سماعه بفـ ـراغ الصبر، فيما ر.حمها هو وتحدث كي يرضي فضو.لها قائلًا بنبرةٍ هادئة:
«”رمزي” أنا أعرفه مِن زمان، مِن ساعة ما كُنا عيال صغيرة، أنا وهو و “حـسن” و “سـراج” و “مُنصف” و “لؤي”، إحنا كلنا مع بعض صحاب بقالنا حاجة وعشرين سنة، يعني عِشرة قد.يمة أوي، “رمزي” جت عليه فترة وأبوه ما.ت، بعد مو.ته بفترة سافر هو وأمه السعودية وقعد عشر سنين هناك، مَكُنْتش أعرف عنه حاجة طول السنين دي كلها، بعدين سافر الكويت عشان جاله شغـ ـل حلو هناك فـ راح وقعد خمس سنين، بعدها حصلت معاه مشـ ـكلة ومرتحـ ـش فـ ر.جع تاني السعودية قعد خمس سنين وبعدين ر.جع تاني»
«أنا أول ما شوفته معرفتهوش، كان متغـ ـيَّر خالص، معر.فتهوش غير لمَ قالي إنه ساكن فـ الحارة وسأل على أسمي ووقتها أفتكرته، ومِن بعدها وهو يعتبر مش بيسبنـ ـي ومعايا فـ أي حاجة، هو اللي د.خلني بيت ربنا أول مقابلة بينا، ونصحني وقالي أر.جع وشـ ـجعني، بس أنا اللي ر.جعت تاني زَّي ما أنا، “رمزي” مِن زمان وهو كدا، محترم جدًا وبيكـ ـره يسمع لفـ ـظ كدا أو كدا، لسه فاكر أول مرة أتقابلنا كلنا كان “مُنصف” عامل عـ ـملية فـ ضهره وكُنا بنزوره وقعد ير.خم على “مُنصف” وقتها ويتكلم باللغة العربية الفصحى»
أبتسم حينما تذكر هذا اليوم رغم أنه كان مؤ.لمًا عليهم جميعًا إلا أن “رمزي” قد جعله لطيفًا، أكمل حديثه وقال:
«”مُنصف” بيكر.ه “رمزي” يتكلم كدا، بس “رمزي” كان دا.رس ومتعـ ـمق فـ الد.ين أوي وكان بيدرس لغة عربية، بس أنا على طول أقوله أنتَ البذ.رة الصا.لحة اللي فينا كلنا، أنتَ نقـ ـطة بيـ ـضة وسط شـ ـلة فاسـ ـدة، هو بيحاول معانا وساكت ومتحمـ ـل بصراحة، ودي حاجه تتحـ ـسبله»
أبتسمت “شـاهي” وعادت تضم رأسه مرةٍ أخرىٰ إلى د.فئ أحضانها وقالت بنبرةٍ هادئة:
«وأنا كمان حبيب قلبي “يـوسف” بذ.رة صا.لحة، لولا الأيام بهـ ـدلته وو.لاد السو.ء شو.هوا نقا.ءه، أنا جايبة بذ.رتين صا.لحين وهيفضلوا صا.لحين دايمًا، وخلاص أديك ر.جعتلي أهو وأنا بقى هخليك تمشـ ـي زَّي الألف لا تروح يمـ ـين ولا شـ ـمال ماشي مستـ ـقيم كدا»
أبتسم “يـوسف” ولذلك ضمها بـ كلىٰ ذراعيه دون أن يتحدث فقط يريد الأستمتاع بد.فئ أحضانها وحنانها الذي حُرِ.مَ مِنهُ، مسّدت على خصلاته النا.عمة برفقٍ وهي تتلـ ـو عليه بعض آيات الذِكر الحكيم، فيما ظل هو هادئًا مسـ ـتكينًا داخل أحضانها، ينعم بالهدوء الذي كان مفتـ ـقده دومًا
فيما ظلت هي تتلـ ـو عليه آيات الذِكر الحكيم لبعض الوقت حتى شعرت بأنتظا.م أنفا.سه دا.خل أحضانها، نظرت إليه لتراه قد ذهب في ثباتٍ عميـ ـقٍ وهو متشـ ـبثًا بها كـ الطفل الصغير الذي يخشـ ـىٰ ضيا.عها، لثمت رأسه بـ قْبّلة حنونة ولَم تتحدث، ولَكِنّ رنين هاتفه صدح عا.ليًا يعلنه عن أتصالٍ هاتفي
مدّت “شـاهي” كفها وأخر.جته مِن جيب بِنطاله لترىٰ المتصل “بيلا”، أجابتها فورًا حتى لا ينز.عج و.لدها ويستيقظ مِن جديد، وضعت الهاتف على أذنها وقالت بنبرةٍ هادئة:
«لا يا ستي أنا مش “جـعفر”، حبيبتي الله يسلمك طمنيني عليكِ أنتِ والبنا.ت، يارب دايمًا بخير يا حبيبتي يستا.هل الحمد، لا يا حبيبتي “يـوسف” عندي هو مقالكيش ولا إيه؟ لا يا حبيبتي جه يقعد معايا شويه، معلش ولا تز.علي نفسك أنا هقر.صهولك مِن ودنه، لا ما أنا مسيـ ـطرة برضوا وليا وضـ ـعي يعني، متقلـ ـقيش هو معايا حتى لسه نايم مكملش رُبع ساعة، متقلـ ـقيش يا حبيبتي أول ما يصحى إن شاء الله هقوله يكلمك أهم حاجة تاخـ ـدي بالك مِن نفسك ومِن البنا.ت، مع السلامة يا حبيبتي»
أنهـ ـت مكالمتها مع زوجة و.لدها وقبل أن تتر.كه رأت صورتها معه سويًا حينما قام بالإلـ ـحاح عليها كي يلتـ ـقط صورةٌ برفقتها هي وشقيقته، تتذكر أن هذه الصورة منذ شهرين مازال يضعها ويحتفظ بها على شاشة هاتفه، وضعته جانبًا ثم نظرت إلى و.لدها مِن جديد وأبتسمت تمسّد على ظهره برفقٍ شا.ردة الذهن.
________________________
<“ثر.ثراتٍ سا.مة لا تتو.قف”>
كانت “زيـنات” تد.ور حول نفسها في غرفتها كالنحـ ـلة لا تتو.قف عن الد.وار حول منزلها وهي تستـ ـشيط غضـ ـبًا تكاد تُحطـ ـم الغرفة مِن شـ ـدة غـ ـضبها، تعا.لت طرقاتٍ هادئة على الباب ثم يليها ولوج و.لدها الأكبر “عامر” الذي أغـ ـلق الباب خلفه واقترب مِنها قائلًا بنبرةٍ هادئة:
«مالك يا “ماما” بس متعـ ـصبة كدا ليه، إيه اللي حصل؟»
ألتفتت إليه والدته كالإعصـ ـار وسريعًا أنفجـ ـرت بهِ بغـ ـضبٍ جا.م وهي تصـ ـرخ بهِ قائلة:
«مش شايف أبوك بيعمل إيه يا “عامر”، ولا البيه التاني عد.يم الر.باية دا اللي أسمه “يـوسف” كانت نقـ ـصاه هي كمان، تخيل يا “عامر” عيـ ـل عد.يم الر.باية زَّي دا يهـ ـزقني ويقـ ـل أد.به عليا قدام الكل، أنا بعد دا كله ييجي عيـ ـل زَّي ابن “شـاهي” يشوف نفسه عليا، ولا أبوك اللي خـ ـد صفه وو.قف ضـ ـدي، أنا أتقـ ـل مِني يا “عامر” أوي»
أنهـ ـت حديثها وبدأت تبكي بكاءٍ ز.ائفٍ أمام عينان و.لدها الذي كان ينظر إليها بهدوءٍ، وحينما رآها تبكي أ.لمه قلبه ولذلك أقترب مِنها وضمها إلى د.فئ أحضانه ممسّدًا على ظهرها برفقٍ دو.ن أن يتحدث، فيما كان “عماد” يقـ ـف أمام باب الغرفة يستمع إلى سمو.مها التي تقوم ببـ ـخها في أذني و.لدها كي تخـ ـلق بينه وبين ابن عمه الحقـ ـد والكر.اهية
تلك الما.كرة التي لا تفقه سوى لـ المال والمجوهرات التي يجـ ـلبها لها “عماد” فقط مضـ ـطرًا في المناسبات الخاصة بالعائلة حتى لا تشعر أنها أقـ ـل مِن بقية زوجات إخوتهِ، زفـ ـر “عماد” بعمـ ـقٍ ثم ولج إلى الداخل ليراها في أحضان و.لده تبكي، أو تد.عي البكاء، نظر إليه “عامر” لير.مقه “عماد” نظرةٍ ذات معنى
«في إيه؟»
نطق بها متسائلًا مد.عي الغبا.ء وهو ينظر إلى زوجته التي أبتعـ ـدت عن أحضان و.لدها وهي تر.مقه نظرةٍ حا.قدة ثم نا.طحته بحديثها قائلة:
«لا واللهِ وبتسأل بعد اللي حصل دا، يعني محضرتش اللي حصل؟»
قرر التر.يث وعد.م الصر.اخ بها حتى لا يلاحظ أحد مِن أفراد العائلة شيئًا، نظر إليها نظرةٍ با.ردة وقال بنبرةٍ أكثر برو.دة:
«لا عارف، وحضرت، وبصراحة تستا.هلي عشان أنتِ اللي بدأتِ وقلـ ـيتي أد.بك على أ.مّه و “يـوسف” د.مه حا.مي مبيتفا.همش خصوصًا مع أ.مّه فـ ياريت يا “زيـنات” تخفـ ـي شوية وشيـ ـلي نقـ ـرك مِن نقـ ـر “شـاهي” وسيبـ ـيها تعمل اللي تعمله مكانتش بتأكله مِن جيـ ـبك يعني كله مِن خير أبوه الله يرحمه يعني ملكـ ـيش حاجة عنده، أنا مش ناقـ ـص مشا.كل وخفـ ـي عشان متلا.قينيش جاي فـ مرة را.مي عليكِ يمـ ـين الطلا.ق، أنا بدأت أجـ ـيب أخري معاكِ فـ أعقـ ـلي»
أنهـ ـىٰ حديثه معها بنبرةٍ حا.دة مفعـ ـمة بالغـ ـضب ثم نظر بعدها إلى و.لده البكـ ـري وقال بنبرةٍ هادئة غير التي كانت يُحاد.ث بها “زيـنات”:
«تعالى يا “عامر” عايزك شويه»
أنهـ ـىٰ حديثه ثم تر.كهما وخر.ج دون أن يتفوه بحرفٍ واحدٍ ليبـ ـتعد عنها “عامر” ويلـ ـحق بوالده منصا.عًا لهُ، فيما كانت هي تـ ـقف مكانها مصد.ومة مِمَّ تسمعه خصيصًا حينما هـ ـددها بطريقةٍ مباشرة وصـ ـريحة عمَّ ينتو.ي فعله.
في الحديقة الخاصة بالمنزل
جلس “عماد” وبرفقتهِ “عامر” و “محمود” ولده الثانِ وشقيق “عامر” الذي يصغرهُ بـ عامين، نظرا إلى والدهما الذي تحدث بنبرةٍ هادئة وهو ينظر لهما قائلًا بنبرةٍ هادئة وهو ينظر لهما قائلًا بنبرةٍ هادئة:
«طبعًا أنتوا عارفين أسطوا.نات أ.مّكم التـ ـعبانة اللي بتقعد تعملها كل يوم على الفا.ضي والمليا.ن وأديكم شايفين بعيـ ـنكم إنها بتعمل مشا.كل مع عمامكم ومراتتهم وأخر.هم مرات عمكم “عدنان” الله يرحمه، عايزكم تعرفوا حاجات كتير أتغـ ـيَّرت خلاص، أولهم رجو.ع ولاد عمكم “عدنان”، “يـوسف” و “مها” الحمد لله رجعوا لحضن أ.مّهم تاني بس أ.مّكم طبعًا مش سا.كتة»
«ليه يا “بابا”، وبعدين إحنا مشو.فناهوش ولا أتعا.ملنا معاه قبل كدا عشان نحـ ـكم عليه بحاجة»
هكذا كان جواب ولده الثانِ “محمود” الذي كان يستمع إلى حديث والده بهدوءٍ يريد معرفة ما الذي يحدث حوله، زفـ ـر “عماد” بعمـ ـقٍ وأجابه بنبرةٍ هادئة وقال:
«”يـوسف” قلبه أبيـ ـض وطيب وبيحبّ الكل، أنا أول مرة أشوفه وأتكلم معاه النهاردة، هو كويس بس البيئـ ـة اللي كان عا.يش فيها مش قد كدا وخلّته بيعرف ير.دّ ويبجـ ـح وياخـ ـد حـ ـقه مِن اللي قدامه مهما كان مين هو»
«زَّي ما حصل مِن شوية كدا مع “ماما”؟»
هكذا كان ر.دّ “عامر” على أبيه الذي حرك رأسه برفقٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
«بالظبط كدا، هي اللي بدأت الأول وهو ر.دّ عليها لأنها جـ ـرحته برضوا وضا.يقت “شـاهي”، أوعىٰ يا “عامر” تسمع كلام أ.مّك واللي بتزر.عهولك، بتخـ ـلق بينك وبينه كرا.هية أنا مش عايز كدا»
كان حديثه محـ ـملًا بالتحذ.ير وهو ينظر إلى و.لده البكـ ـري الذي هتف بنبرةٍ هادئة وقال:
«متقـ ـلقش يا “بابا” أنا فاهم كل حاجة حواليا وعارف “ماما” عايزة إيه وبتفكر فـ إيه وأنا كبير كفاية وفاهم اللي بيحصل حواليا، متخا.فش محدش هيقـ ـدر يعمل حاجة ولا يو.لد بيني وبين ابن عمي كرا.هية، “يـوسف” زَّي أخويا بالظبط»
أبتسم “عماد” براحةٍ كبيرة ثم مدّ كفه وربت على فخـ ـذ ولده مفتـ ـخرًا بهِ والذي بادله بسمته بهدوءٍ، نظر بعدها إلى و.لده الآخر “محمود” الذي أبتسم لهُ كذلك دون أن يتحدث، نظر لهما قليلًا ثم قال:
«”يـوسف” دلوقتي قاعد مع أ.مّه، عايزكم أول ما يخرج ويقعد وسطنا تتكلموا معاه وتاخدوا عليه زي ما “جـاد” عمل كدا بقىٰ أقرب واحد لِيه، “يـوسف” طيب وابن حلا.ل بس لسه مخا.دش على الكل فرصتكم تحتو.وه وتتكلموا معاه، يمكن يتعـ ـصب شويه ويضا.يق عشان أبوه مش موجود بس فـ إيدينا نحتو.يه ونعو.ضه، أتفقنا يا رجا.لة؟»
أنهـ ـىٰ حديثه مبتسم الوجه ليبتسما لهُ حينها ووافقوه على حديثه، خرج في هذه اللحظة أخيه “راضـي” الذي جلس رفقتهم وأند.مجوا سر.يعًا مع بعضهم البعض يتحدثون في أمورٍ عديدة.
________________________
<“عاد طفلٌ صغيرٌ مرةٍ أخرىٰ”>
كان يسير في إحدىٰ مدن الألعاب الكبيرة ممسكًا بيدها، فيما كانت هي تسير وهي تحمـ ـل لعبتها الصغيرة بيدها، نظر إليها “بشير” وهتف بنبرةٍ عا.لية بعض الشيء قائلًا:
«مبسوطة يا أستاذة “ليان”؟»
ر.فعت رأسها عا.ليًا تنظر إليه مبتسمة الوجه لتقول بنبرةٍ مليـ ـئةٍ بالسعادة:
«أوي أوي يا “خالو”»
أبتسم إليها ثم أنحنـ ـىٰ بجذ.عه العلـ ـوي نحوها حا.ملًا إياها على ذراعه يُلثم وجنتها بـ قْبّلة حنونة وتحدث قائلًا:
«قوليلي محتاجة أي حاجة تاني، مش عايزة أي حاجة، شا.وري عـ ـقلك دي فرصة مِن دهب»
فكرت هي قليلًا تستـ ـجمع ما إن كانت تحتاج إلى شيءٍ أسفـ ـل نظرات “بشير” الذي كان ينظر لها ينتظر جوابها، نظرت إليه وهتفت بحما.سٍ طغـ ـىٰ عليها:
«كان في عروسة لعبة حلوة أوي عجبتني»
«بس كدا، تعالي وريني أنهي واحدة»
نطق بها ثم أتجه إلى متجر الألعاب الخاصة بالأطفال الصغار والذي كان مكد.سًا بجميع الألعاب المختلفة سوا.ء كانت للفتـ ـيات أو الصـ ـبية، ولج إلى الداخل وتوجه نحو قسـ ـم الفـ ـتيات وتحديدًا عند العرائس الصغيرة التي تحتوي على متعلقا.تها وقال:
«أنهـ ـي واحدة عايزاها بقى؟»
أشارت هي إلى إحدىٰ العرائس لينظر هو لها ثم أنحنـ ـىٰ نحوها وأخذها قائلًا بتساؤل:
«دي اللي عايزاها؟»
حركت رأسها برفقٍ وهي تنظر إليه مبتسمة الوجه ليبتسم هو ويُلثم وجنتها بـ قْبّلة حنونة، ذهب وقام بد.فع ثـ ـمنها ثم أخذها وخر.ج قائلًا:
«حاجة تاني يا عسل؟»
حركت رأسها تنـ ـفي حديثه قائلة بنبرةٍ سعيدة مبتسمة الوجه:
«لا خلاص كدا»
توجه بها إلى سيارته ليقوم بإنزا.لها أولاً ثم أخر.ج مفتاح سيارته وفتـ ـح الباب المجاور لمقعده لتصعد هي وتستقر بجواره، فيما أغـ ـلق هو الباب خلفها وتوجه إلى الباب الخلـ ـفي وقام بو.ضع الأغرا.ض التي جلبها ثم توجه إلى الجهة الأخرىٰ وجلس بجوارها، أدا.ر سيارته وتحرك عائدًا إلى البيت ليسمعها تقول بنبرةٍ هادئة طفولية:
«شكرًا يا “خالو”»
نظر إليها وأبتسم بخفة ثم مدّ يده وداعـ ـب وجنتها قائلًا بأبتسامة:
«يا حبيبتي متشكرنيش أنا معملـ ـتش حاجه، وبعدين إحنا الأتنين كُنا محتاجين اليوم دا وأنا كُنْت واخد عهـ ـد على نفسي إني هعملك أي حاجة عشان تكوني مبسوطة، عشان أنا مش بفرح بجد غير لمَ أشوفك مبسوطة»
كان حديثه صادقًا وبشـ ـدة، يعلم أنها طفلةٌ صغيرة ولربما لا تفهم حديثه بشـ ـكلٍ كبير ولَكِنّها نهضت وعانقته بسعادةٍ طا.غية تُلثم وجنته قائلة:
«لا “بابا” قالي لمَ حدّ يجيبلك حاجه قوليله شكرًا»
أبتسم هو وضمها بذراعه الأيمـ ـن ولثم وجنتها قائلًا:
«واللهِ أبوكِ دا را.جل فهمان»
نظرت إليه ثم هتفت بحما.سٍ شـ ـديدٍ وهي تنظر لهُ قائلة:
«خلّيني أسو.ق»
نظر لها قليلًا بعد أن توقـ ـف بسـ ـبب إشارة المرور التي كانت تُنير باللو.ن الأحمـ ـر ليقوم بجذ.بها نحوه وأجلسها على قد.ميه ووضع كفيها الصغيران على مقو.د السيارة وقال:
«وليه تسو.قي لوحدك ما نسو.ق إحنا الأتنين أحسن»
نظرت إليه وأبتسمت ليبادلها أبتسامته ثم لحظات وتحر.ك بسيارته وهو يضع كفيه على كفيها الصغيران يقو.د سيارته بسر.عةٍ متوسطة فيما كانت هي سعيدة وبشـ ـدة وهي تنظر إليه بين الفينة والأخرىٰ تضحك بسعادة، بينما كان هو يبتسم لها أيضًا في بعض الأوقات حتى بعد مرور الوقت وصل إلى المنزل
صف سيارته أسـ ـفل البِنْاية المنشو.دة ثم أغـ ـلق سيارته وفتـ ـح الباب لتتر.جل الصغيرة أولًا مِنها ثم يليها “بشير” الذي أغـ ـلق الباب خلفه وتوجه إلى الجهة الأخرىٰ حتى يجلب لها أغراضها فيما كانت هي تقف تنتظره
جاء في هذه اللحظة “لؤي” مِن خلفها ثم حاوطها على حين غـ ـرّة بذراعيه يُلثم وجنتها فيما تفا.جئت هي وحينما رأته صديق أبيها ضحكت، نظر إليها وقال بأبتسامة:
«جاي منين يا جميل ومتشَّـ ـيك كدا، هو الحج يعرف إن بنـ ـته بتصـ ـيع لحد ١٢ بليل كدا مع را.جل غـ ـريب»
أنهـ ـىٰ حديثه وهو ينظر إلى “بشير” الذي جاء مؤخـ ـرًا وهو يقول:
«أبوها متغـ ـفل وأنا بتصـ ـرمح مع بنـ ـته لحد نص اللـ ـيل عندك ما.نع!»
نظر إليه وأبتسم أبتسامة وا.سعة وأعتد.ل في وقـ ـفته وقال بنبرةٍ هادئة:
«مش ظا.هر لا أنتَ ولا أخوك ليه يا.ض؟»
«أنا مسحـ ـول فـ الشغـ ـل وهو يا إما مسحـ ـول فـ شغـ ـله أو فـ البيت مع التوأ.م المشاغـ ـب»
هكذا جاوبه “بشير” بنبرةٍ هادئة وهو ينظر إليه، في هذه اللحظة أقترب “جـعفر” مِنهما قائلًا:
«خير، واقـ ـفين كدا ليه، الساعة ١٢ دلوقتي؟»
«”بابا!”»
نطقت بها “ليان” بسعادةٍ وهي تنظر إلى أبيها الذي أبتسم لها ثم أنحـ ـنىٰ بجذعه نحوها وحمـ ـلها على ذراعه يُلثم وجنتها بـ قْبّلة عميـ ـقة قائلًا:
«وحشتيني وحشتيني وحشتيني، ينفع كدا مشو.فكيش كل دا»
أبتسمت لهُ ثم لثمت وجنته بحنوٍ وعانقته ليُمسّد على ظهرها برفقٍ ثم نظر إلى رفيقه وشقيق زوجته الذي قال:
«رجـ ـلك بقت بـ ـره الحارة كتير يا ابن “المحمدي” وشكلك بتلعب بد.يلك وبتغفـ ـل أختي»
نظر إليه “جـعفر” بطـ ـرف عينه وأبتسم ساخـ ـرًا، فيما أجابه “لؤي” بنبرةٍ هادئة قائلًا:
«ما براحـ ـة يا عم على الرا.جل شويه إيه، وبعدين هو لو هيخو.نها هيخو.نها مع مين يعني، هييجي يقولي الأول عشان أشوفله واحدة مش أي حاجة والسلام، إحنا ناس برضوا بتفهـ ـم»
قام بتد.مير كل شيءٍ بدلًا مِن إصلا.حه لير.مقه “جـعفر” نظرةٍ قا.تلة وصـ ـق على أسنا.نه بغـ ـيظٍ شـ ـديدٍ قائلًا:
«بس، بس، إيه يا أخي أنتَ ليه دايمًا مسو.دها عليا، إن ما نصـ ـفتني فـ مرة حتى»
«يا حبيبي أنا فا.عل خير صدقني أنتَ لسه مش عارفني»
نطق بها “لؤي” وهو ينظر إلى صديقه الذي أغـ ـتاظ أكتر ثم قال بنبرةٍ مليئة بالغيـ ـظ:
«”لؤي”، أنا بحاول أبقى محترم، لِـ ـم نفسك شويه معايا وخلّيني محتر.م»
«إيه، شويه وهنقولك يا شيخ “جـعفر” ولا إيه»
هتف بها “لؤي” ساخرًا وهو ينظر لهُ ليبتسم إليه “جـعفر” أبتسامة جانبية وقال:
«وليه مَكونش “الشيخ يـوسف المحمدي”، يهـ ـدي مَن يشاء يا “لؤي”»
«يا عم ياريت وربنا المعبود هفرحلك مِن قلـ ـبي أعملها أنتَ بس ومـ ـلكش دعوة»
نطق بها “لؤي” بحما.سٍ طغـ ـىٰ على نبرة صوته وهو ينظر إلى صديقه فيما كان “بشير” يتابعهما بهدوءٍ مبتسم الوجه وهو يتخـ ـيل رفيقه بهيئـ ـته الجديدة تلك، مدّ “جـعفر” يده وربت على كتف رفيقه ثم قال:
«قريبًا إن شاء الله، لمَ ييجي وقتها يا صاحبي»
أنهـ ـىٰ حديثه ثم نظر إلى “بشير” وأشار إليه كي يسـ ـبقه إلى الأ.على فيما و.دع هو رفيقه الذي أبتسم لهُ وذهب وهو لا يعلم ما الذي جعله يتفوه بمثل تلك الكلمات، هل هذا الحديث قد صَدَ.رَ مِن شخصية “يـوسف” المسجـ ـون بدا.خله، تلك الشخصية الحنونة والمهـ ـذبة والملتز.مة، أم مِن شخصية “جـعفر” الذي يجاهـ ـد ويسعـ ـىٰ للتغيـ ـر وأن يكون أفضل مِمَّ هو عليه، بات لا يعلم أين الصواب وأين الخـ ـطأ ولَكِنّ قريبًا سيجد نفـ ـسه على يـ ـديها هي وحينها يعلم أنه سيصبح آخـ ـرًا وسيكون الفضل لربه أولًا ثم لها.

google-playkhamsatmostaqltradent