Ads by Google X

رواية احببت حبيبة ابني الفصل الثلاثون 30 - بقلم وداد جلول

الصفحة الرئيسية

     

 رواية احببت حبيبة ابني الفصل الثلاثون 30 - بقلم وداد جلول


النهاية
          
                
أنا الآن امرأة الخامسة والعشرين من عمري أقول وأعترف بأن ذلك الرجل الصلب ذات الثمانية والأربعين من عمره قد كسرني وأوجعني، أجل لقد أوجعني كثيراً، لم أعد قوية، لم أعد صلبة، أصبحت امرأة ضعيفة لا حول لها ولا قوة، أجل ازداد عمري ولكن مع مرور الزمن ومع ازدياد عمري أصبح ضعيفة أكثر، لماذا أنا أكذب على نفسي؟ لماذا لا أقول بأنه كلما مر الزمن من دون سامح أصبح أكثر ضعفاً وأكثر خوفاً؟ لماذا أنكر سبب ضعفي الأساسي؟ 



هجرانهُ لي كان كلعنة إبليس عندما يحطُّ على الإنسان ويغويه ليدعهُ يرتكب الذنوب. 



------



أتعلمون كيف هجرني! حسناً. 



أتعلمون ذلك الشعور الذي يأتيكم عندما ترون الشخص الذي أنتم بحاجته وبحاجة احتضانه وهو أمامكم ولكنكم لا تستطيعون حتى أن تتحدثون معه؟ فا والله إنه لشعور مؤلم وقاسي يذبح بالقلب ويكون كالسكين القاطعة التي تطعن في الصدر. 



أجل هذا هو عقابي الذي عاقبني به، أن يأتي كل يوم ويجلس أمام منزلنا تحت ظل الشجرة المقابلة لمنزلنا لساعات وساعات دون أن يتفوه بحرف واحد، أو بالأصح الذي كان منزلنا أنا وهو، فمنذ سنة هو لم يخطو خطوة لداخل المنزل وإنما يأتي فقط ويجلس في الحديقة المقابلة لمنزلنا تحت ظل الشجرة منذ الصباح حتى منتصف الليل ومن ثم يرحل. 



لم أسمع صوته منذ يوم استيقاظي من الغيبوبة ولم يحدثني أو يخاطبني، لا أجد منه سوى الصمت والسكون والنظرات الباردة والمتعبة. 



تأتيني خديجة في بعض الأحيان هي وجومانة لتطمئنان علي، كما أنهما كثيراً ماتحدثان سامح وتوبخانه على أفعاله معي ولكنه حتى هما الاثنتان لا يجيبهما ولا يحدثهما وإنما يكتفي بالإستماع لهما والصمت دون الرد والإجابة.
حتى إياس يأتي ويطمئن علي كل عدة أيام ولا يتركني نهائياً، كما أنه لم يعجبه تصرف والده معي ولكن مابيده حيلة لفعل شيء، كذلك هو متألم ومجروح بسبب مافعلته به حنين من قبل، يأتي ليواسيني وهو يريد من أحد أن يواسيه.
حقاً إنني أشفق على نفسي وعلى الحالة التي وصلت لها والتي وصل لها الجميع. 



لقد حدثت أحداث جديدة تخص ماسة أيضاً ألا وهي أنها عندما علمت بموت الطفلة جن جنونها وبكيت وصرخت، في الواقع لم يستطع أحد تفسير مايحدث معها ولكنها ما لبثت ونطقت بكل شيء فعلته بي، وما كان من الجميع سوى الصدمة والغضب منها.
أجل لقد تجرأت وحدثت الجميع بما فعلته بي ومن ثم حدثت سامح وبكيت وتوسلت له أن يسامحها ولكنه لم يقابلها سوى بالصدمة أولاً ومن ثم بالجمود والتجاهل بعدها. 



كل هذا كان قد أثر عليه بشكلٍ سلبي، من جهة موت طفلتنا ومن جهة غيبوبتي ومن جهة الأحداث التي مرت علينا من قبل. 



اشتقت لكل شيء يتعلق به، لصوته، لرجولته، لقبلاته، لهمساته، لمشاكساته لي، لـ لمساته أيضاً، أصبحت أحلم به كل يوم وأراه في منامي وهو محتضناً إياي بكل حب، أحاول أن أشبع رغبتي وشوقي إليه في المنام، أستيقظ فزعة كل ليلة وأتمنى لو أنني لا أستيقظ فقط أظل واقعة في أحلامي برفقته. 




        
          
                
أنهض كل يوم صباحاً في تمام الساعة التاسعة لأراه يدخل من الباب الخارجي ومن ثم يتوجه ليجلس تحت ظل الشجرة والذي هو مكانه المعتاد، أحاول أحياناً أن أحدثه وأتكلم معه ولكنه لا يجيبني بحرف واحد فقط ينظر إلي بصمت، وفي آخر الليل يرحل عني. 



في الحقيقة حتى ولو كان لا يحدثني ولا يكترث لي ولكن وجوده أمام ناظري يطمئنني كثيراً، حالما ينهض ويرحل في المساء حتى تبدأ نوبة بكائي وخوفي وتنهمر دموعي وأبكي بحرقة، أجل أخاف بمفردي، أصبحت أشعر بالخوف كلما ذهب علماً بأنني أنا لا أخاف شيئاً ولم أكن أخاف ولكن بعد كل ذلك أصبحت أخاف من كل شيء وأصبحت ضعيفة جداً من دون ذلك الرجل الذي كنت أستمد كل قوتي منه. 



كل شيء كان جميل حتى أقبح الأشياء منه كنت أعتبرها جميلة، لقد أعاد لي الحياة من بعد موت والداي ولكنه أخذ مني الأمل بهجره لي، صرت مثل الأرض العطشى التي تنتظر المطر، ولكن لا أعلم إن كان هناك أمل. 



--------



«عندما أرى رِجالُ الدنيا أتركهم وأبحث عنك 
مامعنى هذا؟ 
عندما أراكَ أرى الدُنيا وكأني ولدتُ من جديد 
مامعنى هذا؟ 
عندما أراكَ أرى السواد نوراً والبحر غراماً والأمواج كلمات حب تملئُ قلبي 
مامعنى هذا؟ 
عندما تبتسم أنسى همومَ الدنيا وأفرحُ للقياك 
مامعنى هذا؟ 
عندما أنامُ أراكَ في أحلامي وردةً بيضاء تُنير حياتي وتغني بقلبي مايغنيه من الغرام 
مامعنى هذا؟ 
أحبكَ هل فهمتَ مامعنى هذا؟ أجيبني. أجيبني. فالحب بحر لا شواطئ لهُ. 
أحبكَ من كل قلبي وأقسمُ بأني أحبكَ وقسمي باﷲ وبأمي وبنجمي الذي أحبهُ وأقسم بكَ بأني أحبكَ 
فما معنى هذا.؟!» 



-------



#الكاتبة 



اكتفت سارة من الكتابة وتنهدت بقوة لتنهض متوجهة إلى الشرفة وتقف وإذ بها تراه كعادته جالساً بمكانه المعتاد، شارد الذهن وجامد الوجه، نظرت له بجمود متجاهلة طرقات قلبها العنيفة والتي تتراقص عندما تراه مقنعة نفسها بأنها لن تهبط إليه ولن تحدثه.
ظلت واقفة وهي تراقبه ممسكة نفسها بالغصب كي لا تهبط له ولكن! تهدمت حصونها كلها وتوجهت له فوراً وهبطت للأسفل ومن ثم خرجت إليه بحيث ركضت إلى أن وقفت أمامه تنظر له بعتاب ولوم، وما كان عليه إلا أن يبادلها بنظرات باردة وجامدة. 



تنهدت بحزن لتقول: 
"ألم تكتفي بعد من صمتك ياسامح" 



لم يجيبها ولم يتفوه بحرف بل ظل صامتاً ونظره موجه لها فقط، أغمضت عينيها بأسى لتناظره بعدها بلوم وتقول: 



"إلى متى حبيبي" 



هذه الكلمة كانت كفيلة بأن تجعل نظرته تتبدل للحزن ولكنه ما لبث وعاد لنظرة البرود، اقتربت سارة منه لتجلس على ركبتيها مقابلة له وتقول بهدوء: 
"ألم تشتاق لي سامح، ألا تريد أن أنام على صدرك كما كنت أفعل في السابق" 




        
          
                
أيضاً لم يجيبها ولكن إحساسه ومشاعره في هذه اللحظة حقاً صعب علي أن أشرحها لكم، هو مجرد أن يسمع صوتها يطرق قلبه بعنف فما باله إن جلست أمامه كما هي الآن، يكاد يجزم بأن طرقات قلبه العنيفة مسموعة لها الآن. 
ظلت تنظر لعيناه مباشر بعتاب ولوم وهو ينظر لها ببرود، ترقرقت عينيها بالدموع لتشهق وتقول ببكاء: 



"لقد تعبت منك جداً، إن كنت لا تريدني ولا تريد التحدث إلي فلماذا تأتي كل يوم إلى هنا، هل من أجل أن تعذبني أكثر أم لإنك تحب رؤيتي، هيا أخبرني أرجوك دع قلبي يرتاح ولو قليلاً" 



ظل ينظر لها ببرود وعيناه مترقرقة بالدموع ولم يجيبها لتردف له ببكاء: 
"أنا لن أسامحك على ماتفعله بي" 



أشاح بوجهه عنها ولم يتحدث لتنظر له بحزن وهي تبكي، ظلت مدة قصيرة وهي جالسة أمامه وتنظر له بينما هو ينظر للاشيء بشرود، مسحت دموعها لتبتسم ابتسامة خفيفة وتقول بمرح: 



"أتعلم حفل زفاف إياس في الأسبوع القادم ألن تحضره" 



نظر لها بطرف عينه ولم يجيبها لتردف له مغيظةً إياه: 
"سوف أرتدي ذلك الفستان الأحمر الفاضح، مارأيك" 



نظر لها بلؤم ولم يتحدث ليشيح بوجهه عنها بينما هي تنهدت بحزن وعادت لبكائها، ضربته بخفة على كتفه لتقول ببكاء: 
"أيها الأحمق لماذا تفعل بي هكذا، ألم تكتفي من إيلامي بعد، ألم يكفيك كل هذا ياسامح؟ ما الذي تريده حباً بالله أجبني؟ إن كنت تريد أن تظل على هذه الحالة فأنا لا أريدك أن تأتي إلى هنا بعد اليوم" 



شتقت ببكاء وابتلعت غصتها لتردف ببكاء: 
"اتركني وشأني وابتعد عني، أو أنا التي سوف تذهب من هنا لإن هذا المنزل لك، أنا التي سوف ترحل وتبتعد، أنت الآن أثبت لي بأنني كنت مخطئة عندما سلمت لك قلبي وعقلي وكياني وكنت زوجةً لك، تظن نفسك أنك المسؤول عن كل ماجرى لي ولكنك مخطئ كثيراً في ظنك، إن كنت مازلت تحمل في قلبك ذرة مشاعر تجاهي فقط أجبني وتحدث إلي وإن لم تكن كذلك فارحل ولا تعد إلى هنا أرجوك، أنا حقاً تعبت ومللت من جفائك وجمودك" 



نظر لها ببرود وعينان لامعة مخفياً وراء بروده براكين ونيران تتأجج في قلبه، مخفياً وجعه وألمه، مخفياً حرقة قلبه على وردة عمره وحبيبة قلبه ونور عينه.
هي لا تعلم بكم الأوجاع التي به الآن، لا تعلم عن تلك الحرب التي يخوضها كل يوم في داخله عندما يأتي إليها لكي يكون بهذا الثبات وهذا الجمود وهذا التجاهل. 



كان يريد أن يبتعد نهائياً عنها ويدعها وشأنها بعد كل الأوجاع التي بثها بها، ولكن لم ولن يستطيع أن يبتعد عنها، أن لا يراها كل يوم ويشبع ناظريه برؤيتها، أجل لا يحدثها ولا يتفوه بحرف معها ولكن رؤيته لها تكفيه نوعاً ما وتصبره قليلاً.
لا يعلم إلى متى سيظل هكذا ولا يعلم إن كان سيعود لها في يوم من الأيام أو لا، ولكن لا لا! هو لن يجرحها مرة أخرى ولن يوجعها، لقد اكتفت منه ومن أوجاعه، منذ أن عرفته وهو لم يقدم لها سوى الوجع فلماذا يعود لها!. 




        
          
                
أبعد نظره عنها وظل ساكناً مما سبب لها غضب كبير، كانت تظن بأنه يتأثر بدموعها يتأثر بسحرها وتعويذاتها الأنثوية ولكنها كانت مخطئة، حسناً هو كان هكذا يتأثر بحديثها ودلعها وغنجها فما الذي حدث الآن! بدأت تشك بحبه لها ومدى عشقه الذي لطالما كان يشعرها به، أحقاً هذه نهاية قصتهما؟ أحقاً سيأتي اليوم الذي تندم فيه على زواجها منه وتنعت نفسها بالحمقاء والساذجة؟ هي الآن غاضبة منه كثيراً. 



نهضت بعنف لتحتد نظرتها وتتحدث بقهر: 
"حسناً كما تشاء لا تجيبني ولا تحدثني ولكن أيضاً لا تريني وجهك بعد اليوم، أنا أطلب منك ذلك وأرجو أن تنفذ لي طلبي، ابتعد عني ودعني وشأني أنا أكرهك، لا أريد رؤيتك هيا إذهب من هنا" 



أنهت جملتها بصراخ وانفعال ومن ثم عادت وجلست على ركبتيها لتضع يديها على وجهها وتجهش بالبكاء، ظلت تبكي بمرارة وحرقة بينما هو ظل ساكناً وجامد الوجه ينظر لها ببرود فقط وداخله حقاً لا أستطيع وصفه. 
تفكيره المتزايد بها جعله كالميت الحي، يسير بلا روح، عقله شبه حي وجسده ميت بالكامل. 



أبعدت يديها عن وجهها وهدأت نفسها قليلاً بينما هو مازال ينظر إليها ببرود لتقول بنبرة خافتة ومتألمة: 



"تركت لي وجعاً يكفيني سبعون عاماً فأيّ كرماً هذا" 



قبض فكه وأغمض عيناه بألم ليتنهد بعدها بقوة وينهض واقفاً أمامها بشموخ، ألقى نظرة باردة عليها وتحرك بخطواتٍ متثاقلة خارج إطار المنزل ليقول بينه وبين نفسه: 



"أنا الذي ماتت أغصاني وجف ينبوعي، أنا الذي تحولت جنات عشقي مقابراً لدموعي" 



تابعته بنظراتها المنكسرة وهو يرحل ويبتعد لتنهمر دموعها مجدداً وتتوجه لتجلس مكانه، ظلت تبكي بحرقة ومرارة مفرغة كل أوجاعها لعلها ترتاح ولو قليلاً. 



هي لن تعد تكترث له ولا تريد أن تراه بعد اليوم، لقد خيب ظنها كثيراً، تريد الرحيل والابتعاد تريد أن تهجره مثلما هجرها لكي يعرف قيمتها، أصبحت تهوى الرحيل لإنها ترى بأن حلول البقاء كلها انتهت ولم تعد تجدي نفعاً، سترحل وستحمل أوجاعها على أكتافها برأس منخفض وخطواتٍ ثقيلة. 



لم يعد هناك سوى هذا الحل لكي تخفف عن نفسها قليلاً، أجل لربما تتناسى قليلاً وتحاول نسيان ذكرياتها ولكن غالباً الذكريات لا تموت بل تبقى حية في قلبها، بكل ما فيها من سعادة وألم، ولكن أيضاً لربما تدفنها الأيام بتراب التناسي ومرور الزمن، فنحن نجبر في بعض الأحيان أن ندفن مشاعرنا بأيدينا وهي على قيد الحياة خشيةً أن تُقتل أمام أعيننا. 



______________________ 



مر الكثير من الأحداث على هجرس ورامي ومن ضمنها أن هجرس قد عادت له زوجته المصون وأخيراً، أجل لقد تمكنت من مسامحته على ذلك الكلام الجارح الذي رماه على مسامعها في ذلك اليوم وأيضاً كان قد عاد لها بطريقة جعلتها تبكي من الفرحة، إذ أن لمى لم تصدق بأن حبيبها بهذا الجنون، كما أن هجرس لم يستطع أن يحتمل حزنها وقهرها منه لذلك تصرف فوراً في الوقت المناسب وأعادها إليه. 




        
          
                
في يومها كانت لمى في منزلها تتحدث إلى ملاك عبر الهاتف وقد كانت ملاك تحدثها بأنها قد تركت رامي وأنهت خطبتها منه، وطبعاً كان هذا أكثر شيء جميل ومفرح قد فعلته بالنسبة لـ شقيقها أحمد، إذ أنه لم تسعه الدنيا من الفرحة عندما علم بأنها تركت رامي وابتعدت عنه.
وبينما كانت لمى تتحدث مع ملاك وتوجه لها اللوم على ما اقترفته من ذنب بحق رامي، حاولت ملاك أن تغير الموضوع وضحكت لتقول لـ لمى: 



"عزيزتي لمى إخرجي إلى الشرفة هناك مفاجأة بانتظاركِ" 



عقدت لمى حاجبيها باستغراب لتقول: 
"ماذا تقولين أنتِ ملاك، أي مفاجأة التي تنتظرني" 



ضحكت ملاك بخفوت لتقول: 
"لا تسألي كثيراً وهيا اخرجي وستعلمين، فقط قفي في الشرفة وستعلمين كل شيء" 



تعجبت لمى كثيراً من طلب ملاك ولكنها خرجت ووقفت في الشرفة ومن ثم أخفضت بصرها للأسفل إذ أنها جحظت عيناها عندما رأت هجرس واقفاً بالأسفل مبتسماً لها ويناظرها بحب، كل شيء كان بكفة وتلك الكلمة التي كتبها بالورود بخط كبير على الأرض وزينها كانت بكفة، وقد كانت الكلمة (أتتزوجيني)، ابتسم بسعادة حالما رأى ابتسامتها ليصرخ بأعلى صوته ويقول متسائلاً: 



"أتتزوجيني لمى" 



ضحكت بسعادة والدموع تغطي وجنتيها لتحرك رأسها موافقة وتهبط فوراً إلى الأسفل بحيث هو واقفاً وتتوجه إليه راكضة وتحتضنه بسعادة، ظلا مدة قصيرة محتضنان بعضهما ومن ثم ابتعد عنها ليخرج الخاتم من جيبه ويضعه في إصبعها ومن ثم قبل يدها وهو ينظر لعيناها مباشرة بحب تحت تصفيقات جميع أهالي الحي والذين كانوا يقفون على شرفات منازلهم مراقبين هذا الموقف الجميل. 



وبعد مرور أسبوع كان هجرس ولمى متزوجان وقد عادت إليه بعد أن عانيا الاثنان معاً من الفراق والهجر الذي كانا يعيشانه، لقد وعدها بأنه لن يتخلى عنها بعد اليوم نهائياً كما أنه كان يقوي إيمانها بالله بشأن حملها وقد خصص لها طبيبة نسائية لتبدأ بجلسات علاجها عندها آملان كل الأمل أن يرزقهما الله بطفل واضعان أعينهما بعين الله سبحانه وتعالى. 



------- 



أما بالنسبة للسيد رامي والآنسة المشاغبة ملاك فهذان الاثنان حقاً أصبحا كالقط والفأر، لقد طلبت ملاك أن تنهي الخطبة بعد أن أحمد بث سمومه بعقلها. في الحقيقة لقد جن جنون رامي عندما علم بقرارها وافتعل المشاكل والضجة ولكن هجرس طلب منه التروي وأن يتركها على راحتها، لقد تعجب رامي كثيراً من طلبه وقد ظن بأن هجرس لم يعد يريده أن يكون زوجاً لشقيقته ولكنه ما لبث وفهم ما ينوي فعله هجرس وقد لمعت الفكرة بعقله ومن ثم بدأ ينفذ كما يقول له هجرس بالحرف الواحد. 



هجرس يعلم تماماً ماهي نقطة ضعف شقيقته، ملاك تحبذ وترغب أن تموت ولا أحد يتجاهلها أو يجلبها بأسلوب الاستفزاز، هاتان الصفتان تكرههما وتمقتهما مقتاً شديداً وهما نقطة ضعفها، إذ أنها حقاً أحياناً تصل لأعلى مراحل غضبها وجنونها وبكائها عندما أحد يتجاهلها أو يستفزها وهذا مافعله رامي بها، أصبح يتجاهلها كلما أتى إلى هجرس وحتى أحمد أصبح يتجاهله ولا يجيبه بأي حرف عندما يتشمت به بل يتجاهله ولا يرد عليه وهذا ماجعل من أحمد متعجباً كثيراً من رامي، فأحمد يعرف رامي عز المعرفة ويعرف كم أنه يغضب سريعاً وينفعل بسرعة وتجاهله هذا دليل على أنه يريد أن يصل لشيءٍ ما.
نعم ياسادة أحمد ليس من النوع القليل وهو ذكي جداً ويعرف ماينوي رامي فعله. 




        
          
                
وكتكفير عن ذنب أحمد وتصحيح خطأه من تلك القصة التي افتعلها بين رامي وبين شقيقته من أجل أن تنهي خطبتها كان قد تجاهل وضع رامي ولم يحدث ملاك بشيء عن ماينوي فعله رامي بل ظل يشاهد ردود الأفعال بصمت ولم يعد يضايق رامي نهائياً، هو لم يفعل ذلك من أجل رامي بل من أجل ملاك، خصوصاً بعدما كان يراها كيف تبكي بقهر على غبائها وسذاجتها عندما تركته لذلك خرج من القصة ولم يتدخل نهائياً وتركهما وشأنهما. 



كلما سنحت لرامي الفرصة ورأى ملاك يبدأ باستفزازها، إما يقول لها كان مع فتاة جميلة ولكن بطريقة غير مباشرة وإما يقول لها بطريقة لبقة لقد نسيتكِ ولن أعد أزعجكِ وسوف تتخلصين مني، وإما يقترح عليها أن لا يعد ويريها وجهه وإما يستفزها ويريها أي صورة لأي فتاة ويخبرها عن رأيها بها ويقول لها بأنه ينوي خطبتها، كل هذه الأفعال كانت تقهر ملاك بشكلٍ كبير.
إليكم في المفيد وسنعود قليلاً لكي تعلمون كيف عادت ملاك إلى رامي بعد عناءٍ طويل وبعد أن افتعلت الجنون بكل معنى الكلمة.



في يومها كانت ملاك جالسة في غرفتها وعلى سريرها تبكي بقهر وتعض يدها بقوة من ماتراه على هاتفها المحمول، فقد رأت صورة لرامي وهو مع فتاة شقراء كان قد نشرها على حسابه الشخصي منذ عدة ساعات وقد كتب بجانب الصورة (الحب).
حالما رأت هذه الصورة حتى بدأت تبكي بقهر وتشد شعرها وتعض أصابعها. 



في الواقع هذه الصورة ليست جديدة والفتاة الشقراء تكون شقيقة رامي في الرضاعة، ملاك تعلم بأن رامي لديه شقيقة في الرضاعة ولكنها لا تعرفها ولا تعرف شكلها وكان رامي يعدها دائماً بأنه حالما تأتي هذه الفتاة الشقراء من السفر سوف يعرفه عليها.
هذه الفتاة تدعى ريمة وهي متزوجة ولديها فتاة صغيرة عمرها سنة. 



سمعت ملاك صوت أخيها هجرس ورامي كانا قد أتيا في الوقت الحالي، احتدت نظرتها وأمسكت بهاتفها لتبعث له صورة لفتاة قبيحة ومظهرها مضحك، وقد كتبت بجانب الصورة: 



"هذه تناسبك أكثر ياحبيب الشقراء" 



وبينما كان رامي جالساً برفقة هجرس ولمى صدح صوت هاتفه معلناً عن وصول رسالة، رأى اسم ملاك ولكنه لم يتوقع بأن يرى هذه الماساة حالما رأى الصورة والجملة حتى صعق وجحظت عيناه ليقول: 



"ماهذا" 



تعجب هجرس من حاله واقترب منه ليرى ما القصة وإذ به يرى الصورة والجملة ومرسل الصورة أيضاً، لينفجر ضاحكاً هو ولمى، بعد مدة قصيرة أرسل لها رامي رسالة وقد كان مضمونها: 



"لا عزيزتي ملاك أنتِ لاتناسبيني بهذا الشكل" 



دقيقة وسمعوا صوت صراخ منبعث من غرفة ملاك، جفلوا ثلاثتهم ليقول رامي بذهول: 
"هجرس هل حدث زلزال ياترى" 



ضحك هجرس بقوة وقد شاركته لمى الضحك، دقائق وبعث لها صورة رجل قبيح ومضحك ليكتب بجانب الصورة: 




        
          
                
"يا إلهي ما أجملكِ مع هذا الشخص وشعره جميل أيضاً" 



بعث لها وضحك هو وهجرس لإنهما يعلمان بأنه سيجن جنونها، دقيقة وقفزت ملاك من على السرير لتصرخ وتشد بشعرها وتشتمه لتبعث له رسالة بأنامل مرتجفة: 



"لا أعتقد بأنك تناسبني هكذا أنت وشعرك الجميل أيها الوقح الحقير التافه اللعين السافل الساذج، اللعنة عليك ياحشرة، تبصق في وجهك" 



ما إن رأى رامي الرسالة حتى جحظت عيناه بينما هجرس ضحك بقوة ليقول له هجرس من بين ضحكاته: 
"أراهن بأن الزلزال الحقيقي سيحدث حالما تهبط إليك" 



نظر له بخوف ليقول: 
"سوف أهرب ما رأيك" 



ضحك كل من هجرس ولمى وقد دخلت عليهم والدة هجرس لكي تنضم لهم وطبعاً لم يكونوا عالمين بأن أحمد يراقبهم، دقائق وهبطت فوراً إلى الأسفل لتقف مقابلة لرامي الذي كان يضحك على هجرس بسبب مافعلته به زوجته لمى، حالما رآها ورأى دموعها حتى ضعف فوراً ولكنه تماسك وظل ثابتاً ينظر لها ببرود، صرخت بأعلى صوتها قائلة: 



"من هذه الفتاة التي في الصورة ومن تكون وماعلاقتك بها ها هيا أجبني" 



كتم هجرس ضحكته وأيضاً رامي كتم ضحكته بصعوبة ليمثل البرود أمامها ويقول: 
"أي فتاة تتحدثين عنها ياآنسة ملاك، هناك مائة فتاة أنا على معرفة بهن" 



نظرت له بابتسامة غير مصدقة ووجهها أحمر كالدماء لتقول بحدة: 
"ومن هذا الرجل الذي بالصورة التي بعثتها إلي" 



ابتسم بمكر ليقول: 
"جميل أليس كذلك" 



همهمت له ببرود لتقول: 
"أجل جميل جداً" 



ابتسم باستفزاز لتردف له: 
"كجمالك أنت تماماً" 



سقطت ابتسامته ونظر لهجرس الذي كتم ضحكته لينظر لها بابتسامة متوترة، ظلت تنظر له بغضب لتقول: 



"ها لم تجبني يازير النساء" 



كتم ضحكته ليقول: 
"ماذا تريدين مني، أنتِ لا شأن لكِ بي" 



نظرت له بحدة لتركله على منطقته مما جعله يطلق صرخة مكتومة ويتألم، أردفت له بحدة: 
"ألن تجيبني" 



حرك رأسه رافضاً ومعالم وجهه منكمشة لتبتسم ببرود وتقول: 
"هل تعرف حركة جون سينا يارامي" 



نظر لها بذهول ليقول بتوتر: 
"لا ولا أريد أن أعرفها" 



تراجعت عدة خطوات للوراء ومن ثم هجمت عليه لتبرحه ضرباً وتبدأ بشتمه وهي تصرخ وتقول: 
"سأقتلك أيها الحقير سأقطعك، سأقتلع عيناك اللعنة عليك، أنت لي هل تفهم أنت لي سأقتلك أنت وتلك الشقراء" 



وبينما كان رامي يأكل ضرباً مبرحاً من ملاك كان الجميع قد أغشي عليه من الضحك ومن بينهم أحمد الذي انضم لهم حالما بدأت ملاك بضرب رامي، تخلص رامي من ملاك بصعوبة وانسحب من أمامها ليبتعد ويختبئ خلف هجرس الذي كان واقفاً وهو يحاول تمالك نفسه من الضحك، نظرت له ملاك بشراسة لتقول: 




        
          
                
"هل تهرب مني، تختبئ خلف أخي حسناً سأريك" 



أمسكت بالفازة الموجودة أمامها لترميها بناحيته وماكان من هجرس ورامي سوى الصدمة والانخفاض سريعاً متفاديان الفازة، نظرا لها بذهول وهما جالسان على الأرض وملاك تناظره بغضب كبير كحاله هو. 
ظلت حرب العيون قائمة إلى أن تدارك رامي الأمر وهمس لهجرس: 



"أين ذهبت الفتاة البريئة والناعمة، ألم يكن لديكم فتاة رقيقة وناعمة تدعى ملاك" 



التفت له هجرس وقد كانا ومازالا جالسان على الأرض ليقول له هجرس: 
"لا أعلم ربما انتحرت، أو لربما ملاك قد سكنها جني" 



ضحك رامي عليها لتحتد نظرة ملاك وتقول: 
"أنا لا يسكنني سواك أنت وهو هل تفهمان" 



ازدادت ضحكاتهما عندما سمعا بجملتها لتزفر هي بضيق وتضع كلتا يديها على خصرها وهي عابسة، نظر لها رامي وسرح بها، فتاة صغيرة قصيرة بشعر طويل، مجنونة، غاضبة ولكنها رقيقة وحنونة، كانت واقفة وعابسة وحافية القدمين تذم شفتيها بقوة مما جعل رامي يرغب بتمزيق شفتيها أكثر من ذي قبل، نظر رامي لقدميها ليرى كم أن قدميها صغيرتين، ابتسم بعشق ليعض على شفته وينهض متوجهاً لها، حالما رأته يتوجه لها حتى احتدت نظرتها وقالت: 



"ماذا تريد" 



اقترب ووقف أمامها ليهمس لها: 
"أريدكِ أنتِ" 



نظرت له بغضب وكادت أن تفقد حصونها ولكنها ظلت ثابتة لتقول: 
"دعني وشأني واذهب إلى شقرائك أيها الغبي" 



كتم ضحكته ليقول: 
"هل تريدين أن تأخذني واحدة غيركِ" 



انفعلت وغضبت لتقول: 
"فلتذهب للجحيم أيها الذبابة" 



ضحك الجميع على جملتها ليضحك هو أيضاً ويمسك وجهها بكلتا يديه بخفة ويقبل جبينها، نظرت له بعينان دامعة لتقول ببكاء ونبرة ناعمة: 



"غبي حقير أنا كنت أربيك فقط لكي لا تحزنني مرة أخرى وتتسرع في حكمك علي لم أكن أريد تركك" 



ضحك وهو محتضناً إياها ليقول بهمس: 
"أعشقكِ صغيرتي" 



ضحكت بخجل وقد أراد أن يقبلها ولكن هجرس صرخ عليه لذلك جفل وابتعد عنها فوراً، نظرت ملاك إلى هجرس بغضب لينظر لها ببرود ويقول: 



"هيا اذهبي وبدلي ملابسكِ بدلاً من هذه الملابس التي ترتدينها وأنتِ حافية القدمين، تبدين كالمتشردين" 



تنهدت بحنق لتقول: 
"أريده أن يعتاد على هذا الوضع فأنا سأظل كما أنا" 



تدخل رامي بالحديث ليقول: 
"أنا سأذهب إلى شقرائي ياشباب" 



خطى خطوتان لتصرخ ملاك وتقول: 
"عااااا ما اللون الذي تحبني أن أرتديه رامي" 



ضحك الجميع على جملتها ومن بينهم ملاك التي ضحكت بطفولية وركضت لتحتضن رامي وقد بادلها الحضن غارقاً بها مشبعاً نفسه باحتضانها واشتمام عبير رائحتها التي اشتاق لها بحق. 




        
          
                
بعد قليل من الوقت كان الجميع جالساً في الصالة يتحدثون ويمزحون ويضحكون عدا أحمد الذي كان هادئ وساكن، نظر له هجرس ليلكز رامي ويشير لأحمد، فهم رامي على هجرس ليحمحم ويوجه حديثه لأحمد: 



"ما بك يامدلل" 



نظر له أحمد ببرود ولم يجيبه ليردف رامي: 
"هل أنت حزين لإنني عدت أنا وشقيقتك كما كنا أم ماذا" 



ابتسم بسخرية ليقول: 
"لا شأن لي بكما لست حزين ولا سعيد" 



همهم له رامي ولم يتحدث ليردف له أحمد: 
"أنت ستتزوج أختي فأنا أريد أن أتزوج أختك" 



نظر له رامي بصدمة ليقول: 
"ولكنها مازالت صغيرة لم تصبح بالرابعة عشر بعد" 



تحدث أحمد بلا مبالاة: 
"هذا أفضل أريدها صغيرة لكي أربيها على يدي" 



ضحك هجرس بقوة وقد شاركه الجميع الضحك ليقول رامي: 
"انتظرها حتى تكبر وعندها سأزوجها لك" 



حرك أحمد رأسه رافضاً ليقول: 
"لا، أريد أن أتزوجها الآن" 



نظر له رامي بذهول لينهض أحمد ويخرج من الصالة متوجهاً إلى غرفته.
تعجب الجميع من انسحابه لينهض رامي ويلحق به.
طرق عدة طرقات على باب غرفته ويدير مقبض الباب بهدوء ويدخل عليه ببرود.
كان جالساً على سريره وما إن رأى رامي حتى نهض ليقف مقابلاً له قائلاً:



"نعم! ماذا تريد"



ابتسم رامي بخفة ليقول:
"هل يأست واستسلمت ياترى"



تمعن النظر به وظل صامتاً ليردف رامي:
"أم أن هناك شيء آخر تخطط له"



أحمد ببرود:
"ما الذي تريده الآن"



رامي بهدوء:
"أريد أن أعلم لما فعلت كل هذا معي ومع ملاك؟ لماذا افتعلت المشاكل بيننا! هل من أجل ابنة خالتي ياترى"



استطاع أن يستفزه ليصرخ أحمد بنفاذ صبر:
"ما الذي تريدني أن أفعله وأنا أعلم أنك أنت السبب بابتعادها عني، بقيت تسمم عقلها إلى أن تركتني، أنا الذي يجب أن يسألك لماذا فعلت ذلك"



ابتسم رامي بهدوء مجيباً:
"أنا لم أسمم عقلها وإنما أعلمتها حقيقتك فقط، قلت كلمة حق فقط، خالتي وزوجها هما سألاني عنك وقتها وأنا أخبرتهما بـ الذي أعرفه عنك، لم أتبلى عليك"



حرك رأسه بانفعال ليقول:
"وأنت طبعاً صريح ويجب أن تعلمها بماضيي وما فعلته"



تنهد رامي مجيباً:
"لم يكن بوسعي سوى أن أتحدث"



همهم له أحمد بعصبية وعاد ليجلس مكانه، تقدم رامي وجلس بجانبه ليقول وهو موجه نظره للأمام:
"اسمعني أحمد، عندما كنت على علاقة مع جنى وعلم والدها بعلاقتكما سألني عنك وعن كل شيء يخصك بعد أن علم أني أعرفك، ولكني لم أحدثه بأنك كنت تذهب أنت وهي إلى شقة بعيدة عن الأعين.
عندها قررت أن أنهي هذه المهزلة وأخبرها بكل شيء عنك فأنت تعاملها كما تعامل باقي الفتيات، لو أنك تحبها ماكنت ستفعل مافعلته وتأخذها إلى شقة مفروشة كباقي الفتيات تماماً، حينها جنى قررت الابتعاد عنك وسافرت.
أعلم أن طريقة ابتعادها عنك مؤلمة خصوصاً أنها لم تعطيك أسباب للابتعاد وتركتك تتخبط بنفسك ولكني يجب أن أحميها منك، ولم يكن بوسعي فعل شيء سوى أن أخبرها في وقتها.
لإنني أؤكد لك لو علم والدها بطبيعة العلاقة بينكما لكان قتلك وقتلها.
لولاي أنا يا أحمد لتأزم الموضوع كثيراً، أنا تداركت الأمر وساعدتك أنت وجنى، لم أكن السبب بتفرقتكما.
ثم أنك أنت كنت تلعب بها ولم تكن تحبها، فـ الإنسان الذي يحب لا يفعل تلك الأفعال الرخيصة مع محبوبته"




        
          
                
كان يتابعه بصدمة لينهض بانفعال قائلاً:
"وما أدراك أني لم أكن أحبها، أنا أحببتها كثيراً وتعلقت بها وكنت أنوي أن أتزوجها عندما أنهي دراستي، ثم أني لم أكن أعلم أنها ابنة خالتك، لو كنت أعلم ما كنت تماديت بهذا الشكل"



نهض ليقف مواجهاً له قائلاً بثقة:
"أرأيت؟ أنت لم تحبها يا أحمد، كلامك هذا يدل على أنك كنت تريد تمضية الوقت معها فقط، لإنك تخبرني أنك لم تكن لتتمادى معها فقط لإنها ابنة خالتي ونسيت أهم أمر وهو أن تحافظ عليها سواء كانت قريبة لي أم لا"



نظر له بأعين دامعة ومن ثم أشاح بوجهه عنه ولم يجيبه، ليضع رامي يده على كتفه مردفاً له:
"بجميع الأحوال، الموضوع مر عليه فترة طويلة، وأنت مؤكد أنك نسيتها، لذلك ابدأ من جديد"



حرك رأسه موافقاً ولم يتحدث ليردف رامي:
"أنا لا أكرهك يا أحمد، وإنما لطالما كرهت أفعالك وطريقة كرهك لي واقترابي من ملاك، كنت أنت السبب بكل ماحدث ومع ذلك كنت كلما تراني تهاجمني وتضع كامل الحق علي، مع العلم أنا من يجب أن يغضب وليس أنت"



تنهد أحمد بقوة ليقول دون أن ينظر إليه:
"أعترف بأني كنت دائماً أحدثك بهجومية، ولكن كنت دائماً أقنع نفسي أنك أنت السبب بكل شيء، خصوصاً أنها ابتعدت وانقطعت أخبارها عني ولم أعلم ما السبب، كنت في حالة قهر كبيرة، أعتذر لك"



ابتسم رامي بخفة وهو يشد أحمد ليحتضنه مبادلاً له أحمد الحضن، ابتعدا عن بعضهما ليردف أحمد:
"أنا آسف عن كل مابدر مني في السابق أنت أفضل شاب يستحق أن يكون سنداً لأختي"



------



دخلا اثناهما للصالة وقد بدى عليهما علامات الرضا من كليهما لينهض هجرس متوجهاً نحوهما قائلاً:
"ها، ما الأخبار، هل ستعطيه أختك"



أجاب رامي مبتسماً:
"لا، ليس هذا موضوعنا، ولكن تستطيع القول أن الأمور قد هدأت نوعاً ما"



ابتسم أحمد وحرك رأسه بالإيجاب ليقول هجرس ممازحاً:
"لا لا هذا الحال لا يمشي معي، لقد تعودت على شجاركما كالقط والفأر أنا على من سأضحك الآن" 



ضحك الجميع على جملته لتقفز ملاك وتقول: 
"أريد حضن رمرومي" 



كتم هجرس ليسحبها رامي ويضمها لصدره، ابتعد عنها قليلاً وأراد أن يقبلها ولكن أحمد وهجرس صرخا بصوتٍ واحد: 
"راااامي" 



جفل رامي ليناظرهما بغضب ويقول: 
"مابكما لم أفعل شيء هي من كانت تريد أن تقبلني، حبيبتي ملاكي هذا عيب عيب لا يجب عليكِ أن تفعلي ذلك حتى نتزوج عندها إفعلي بي مايحلو لكِ" 



نظرت له ملاك بحدة وأحمد وهجرس نظرا له بذهول لتضع ملاك يديها على خصرها وتقول بحاجب مرفوع ونبرة ماكرة: 



"ألا تريد أيضاً أن أجعلك تحمل طفل في بطنك بدلاً مني عزيزي" 



انفجر الجميع ضاحكاً على جملتها بينما رامي نظر لها بذهول وما لبث حتى ابتسم بهدوء وحرك رأسه بيأس.




        
          
                
-------



بالنسبة لإياس فحالته كئيبة منذ اليوم الذي ابتعدت عنه حنين، عندها سافرت وابتعدت ولم تحدث أحداً بشيء ولكنها كانت قد تركت رسالة لإياس في غرفته وقد كان مضمونها: 



"أعدك بأنني إن شعرت بالاشتياق لك وافتقدتك سأعود، عندها سأكون تخلصت من كل جروحي وأوجاعي وألمي وسأعود لكي أجعل حياتك جنة ونعيم. حنين." 



تنهد بحرقة ليقول: 
"فلتذهبي أينما شأتي فأنكِ بين الضلوع تسافرين" 



أجل لقد ابتعدت عنه ولكنها عادت إليه، عادت بعد أن نسيت كل شيء، عادت بعد أن اكتشفت بأن إياس سيكون خير زوج لها وهو الذي يستحقها وهي واثقة بأنه سيحميها ويحرسها ويظل بجوارها دائماً وأبداً. 



وها هو حفل الزفاف سوف يتم بعد أسبوعين من الآن وفرحة حنين لا توصف إذ أن قلبها مطمئن بشكلٍ كبير، كذلك إياس تكاد الدنيا لاتسعه من فرحته بصغيرته الجميلة، هو حزين جداً لإن والده ليس بجواره ولا يشاركه فرحته وحاول كثيراً أن يخرجه من حالته ولكنه فشل. 



ماسة فرحة جداً بشأن أخيها وهي ترى حنين مناسبة جداً لإياس، مازالت حزينة ومكتئبة بسبب ما اقترفته يداها بحق والدتها وبحق سارة ولكن الذي أراحها هو أنها رأت سارة وطلبت منها الصفح والعفو ولم تبخل عليها بالمسامحة وعادتا صديقتان كما كانتا في السابق.
لا تريد شيئاً الآن سوى أن يسامحها والدها ويعود لسارة لكي تحصل على أخ وقد وعدت بأنها هي من ستعتني به إن حدث ورزق والدها بطفل آخر. 



جميع عائلة الأزهري تقضي حياتها بهدوء ولكن شيء ما ينقصهم ألا وهو سامح، الجميع حزين من أجله ولكن الحياة تمشي والكل يرى حياته، منهم من تزوج إن كان من الشبان والفتيات، ولكن دائماً قلوبهم عند سامح وهم دائماً ما يدعوا له بتهدأة البال والراحة والاطمئنان مع سارة. 



_____________________ 



يوم جديد وكئيب على سارة ولا يوجد شيء سوى أن سامح لم يأتي كعادته كل يوم، منذ الصباح وتحديداً منذ التاسعة صباحاً وهي كالبلهاء تنتظره لعله يأتي، أصبحت الساعة الثانية عشر إلى أن أصبحت الساعة السابعة مساءاً وأيضاً لم يأتي، لم تمل وظلت تنتظره ولكنها تنتظره ودموعها على وجنتها، ترى هل تخلى عنها؟ هل حقاً لن يعد يريها وجهه كما طلبت منه؟ غداً هو الذكرى الجميلة بينهما فهل ياترى سيتغيب عنها مثل اليوم أيضاً؟ ظلت جالسة إلى أن ملت ونهضت لتأكل شيئاً، دقائق ورن جرس الباب ابتلعت لقمتها بسرعة وركضت متوجهة لتفتح الباب وكلها أمل أن يكون هو، فتحت الباب ولم ترى أحد، عقدت حاجبيها باستغراب لتوجه نظرها إلى الأرض وإذ بها ترى صندوق صغير وورقة مطوية وموضوعة على الصندوق، ترقرقت عيناها بالدموع وامتدت يديها لتحمل الصندوق والورقة وتدخل إلى الداخل.
جلست ووضعت الصندوق بجانبها والورقة أيضاً وقلبها يقرع كالطبول، أخذت نفساً عميقاً وشجعت نفسها لتفتح الصندوق وترى محتواه، نظرت لداخله لترى عدة صور لها ولابنتها، ما إن رأتهم حتى هبطت دموعها بغزارة وبدأت تجهش بالبكاء، أجل منذ أن ولدت الطفلة وسامح يصورها كما أنه وضعها بجانب سارة عندما كانت في غيبوبتها وقام بتصويرهما سوياً، بدأت تقلب بينهما كانت أكثر من عشرة صور، إلى أن رأت صورة لها وهي بمفردها تضحك بخفة كان قد صورها سامح ثاني يوم من زواجهما، وجدت مكتوباً على الصورة من الخلف عبارة هي: 




        
          
                
"مُمتلئٌ بكِ جِلداً، دماً، وعِظاماً، وعقلاً وروحاً 
لا مساحةً لغيركِ ولا فراغاً منكِ" 



ابتلعت غصتها عندما قرأت الجملة لتعيد الصور للصندوق وتمسك الورقة بيدان ترتجف وتبدأ بقراءة محتواها: 



"لطالما تمنيتي قطعة مني تحملينها في أحشائكِ وتنجبينها لي، كنتي دائماً تقولين بأنكِ تريدين فتاة ولكنكِ لا تريدينها أن تكون شبيهةً لكِ، بل تريدينها أن تشبهني وتضاهيني بالجمال والثقة والغرور الذي أنا به، لقد رزقنا بفتاة ولكنها لم تحيى سوى ليومين، كل ماقاسيتيه من عذاب هو بسببي فلماذا أبقى؟ وحتى طفلتنا خسرناها بسببي وبسبب ابنتي، ألا يكفيكِ عذاب؟ ألا يكفيكِ آلام وجروح؟ لقد اكتفيت أنا عنكِ. 
أعلم بأنكِ تتألمين وأعلم بأنني أسبب لكِ الكثير من الآلام بهجراني لكِ، ولكن لم أعد أستطيع التحمل، جلُّ ما أريد التوصل إليه هو أن تتذكرين دائماً بأن سامح متيمٌ بكِ وسيظل هكذا إلى يوم مماته. سامحيني صغيرتي. أحبكِ. سامح. الوداع"



كانت تقرأ الورقة والدموع تغطي وجنتيها وما إن انتهت من قرائتها حتى انفجرت بالبكاء المرير.
حسناً كلامه مفهوم مائة بالمائة، هو سيرحل وسيبتعد عنها، لن يعد ويريها وجهه، لماذا؟ لماذا؟ أهذا جزائها لإنها صدقت قلبه وآمنت بحبه؟ كيف يفعل بها هكذا؟ كيف يدعها تتعلق به ومن ثم يرحل؟ ألم يعدها بالوعود الكثيرة وأولها أنه سيبقى بجانبها مدى الحياة! هل نسي عندما قالها بأنه عندما يموت لا يريد شيئاً من الدنيا سوى أن يموت بأحضانها وآخر ما يريد فعله هو تذوق رحيق شفتيها! حسناً إذاً لماذا لم يفي بالوعد لماذا؟ ماذنبها هي لتحتمل كل هذه الأوجاع ياترى؟. 



قضت ليلتها بالبكاء المرير إلى أن جفت دموعها ولم تعد تستطيع التحمل لتسقط في أحلامها الوردية لعل وعسى يحن قلبه عليها ويأتيها ولو حتى بحلمها. 



------



صباح اليوم التالي 
استيقظت سارة عند الساعة الحادية عشر، كانت عيناها متعبة ووجهها شاحب، لم تفعل شيء سوى أنها غسلت وجهها ومن ثم توجهت وجلست على سريرها وهي تنظر للأمام بشرود وبوجه جامد لمدة طويلة. 



بعد الكثير من الوقت كانت قد ملت من الجلوس في الغرفة، نهضت لتقف أمام الشرفة وألقت نظرة للخارج ولكنها لم تراه بمكانه المعتاد، هبطت دمعة بريئة على وجنتيها لتتنهد بحرقة.
أرادت أن تشعر به وتفعل مثلما يفعل لذلك هبطت إلى الأسفل وخرجت للحديقة لتجلس تحت ظل الشجرة التي كان يجلس سامح تحت ظلها، ظلت جالسة لمدة ليست بقصيرة وهي تفكر به هو فقط، أغمضت عيناها بأسى لتسمع صوت أتى من خلفها قائلاً:



"لم أستطيع"



فتحت عيناها على وسعها، أجل هي تعرف ذلك الصوت وتعرف صاحبه، نهضت بسرعة لتستدير وتراه واقفاً أمامها بحلته الرسمية وطلته البهية مرتدي السواد، واللعنة كم كان وسيم بهده البذلة السوداء التي يرتديها، هيبة ووقار وطلة محببة، تقدمت منه بضع خطوات لتقف مقابلة له وعينيها مترقرقة بالدموع لتبتسم بسخرية وتقول:




        
          
                
"وأخيراً تحدثت، ظننت أنك فقدت النطق"



ظل جامداً وواقفاً أمامها بوقار واضعاً يديه بجيوبه ليبتسم بخفة ويقول بهمس: 
"لم أستطيع التحمل"



واللعنة اللعينة كم أنها متشوقة لذلك الصوت الرجولي والبحة الرجولية التي لديه، تحدثت ببكاء: 
"لم تستطيع تحمل ماذا ها"



ابتلع ريقه ليقول:
"لم أستطيع السفر والابتعاد، حزمت أمتعتي ووصلت إلى المطار ولكنني لم أستطع أن أركب الطائرة وأرحل"



حركت رأسها بإيجاب لتبتلع غصتها وتقول: 
"حسناً وما الذي لديك لكي لا تستطيع وتأتي إلي"



ابتسم بخفة ليقول: 
"لدي جنتي، أنتِ جنتي"



هبطت دموعها بصمت ليكور وجهها بين يديه ويقول: 
"بالرغم من أنني لم أكن لكِ كما يجب ولم أحتضنكِ يوماً بشكلٍ كافي، ولم أتمسكِ بكِ كما وعدتكِ إلا أنكِ واللعنة اللعينة ظللتي مغروسة بثبات قلبي وفي عمق قلبي"



ما إن سمعت بجملته حتى بدأت تبكي وتضحك في آن واحد، لتندفع ناحيته وتحتضنه بقوة.
أحياناً يكون العناق أقوى من الكلام والإجابة أو بالأصح القبلات تكون أقوى من الكلام، من خلال القبلة لربما تعبر عن الكثير من الأشياء التي تعبرها والتي يعجز لسانك في بعض الأحيان أن ينطقها، كانت منتظرة منه شيء يجعلها تحلق بالسماء وتطير عالياً لتنسى كل ليالي القهر والوجع والحزن التي مرت عليها بدونه، بالمختصر قبلها وهما الآن غارقان في القبلات إلى أبعد حد.



-------



في المساء
نرى الأضواء الهادئة والأجواء الرومانسية والشموع والزينة في كل أرجاء المنزل، كان سامح قد وعد سارة بليلة لن تنساها وسوف يفي بوعده لها، لم يطلب منها سوى أن تجلس في الغرفة وتجهز نفسها براحتها وحالما ينتهي يخبرها لكي تهبط إليه، بعد الكثير من الوقت وتحديداً عند الساعة العاشرة مساءاً هبطت ملاكه البريئ بفستانها الوردي والذي كان يصل لكاحلها ومن دون أكمام، شعرها أسدلته بعناية على جانب كتفها ومساحيق التجميل الهادئة التي كانت تضعها على وجهها، كل هذا جعل سامح يبدأ بتفكيره وتخيلاته المنحرفة بشأنها.
لن ننسى طبعاً طلة السيد سامح البهية والتي كانت خاطفة للعقول فقد ارتدى بذلته السوداء بناءً على طلب سارة وهو قد نفذ طلبها.
تقدمت منه بابتسامة محبة ووقفت أمامه، ظل ينظر لها لمدة وعيناه تلتهمها حرفياً، أمسك يدها ليقبلها بكل رقة ومن ثم جلسا سوياً وراء الطاولة.



كانت سهرة مميزة جداً إذ أنه في هذا اليوم ومنذ سنتين قد تزوجا، أي أن اليوم عيد زواجهما الثاني، كانت قلقة وخائفة وحزينة وظنت بأنه لن يحتفلان بهذه المناسبة المميزة ولكنها ها هي تجلس بقربه تتبادل معه النظرات الهائمة، يخبران بعضهما عن مدى عشقهما ومدى اشتياقهما لبعضهما.



كانت جالسة في حضنه واضعة رأسها على كتفه وهي مغمضة العينين، بينما هو كان ينظر لها بعشق جارف واشتياق ومحبة، يمرر يده على طول ذراعها وإما على وجهها وإما على شفتيها التي يعشق طعمهما وهو يحدثها بكلمات الغزل والعشق المتبادل بينهما.




        
          
                
ظلا كثيراً من الوقت وهما جالسان على حالهما، لا يفعلان شيئاً سوى أنهما يهيمان ببعضهما أكثر فأكثر، دخل سامح بتفكيره المنحرف ومرر يده على صدرها ليقول بمكر وصوت خافت:



"لقد أصبح صدركِ ممتلئ أكثر من ذي قبل أحب ذلك" 



ابتسمت بخجل وهي مغمضة العينين لتقول: 
"ألم تتخلص من انحرافك بعد" 



نظر لها بهيام ليقول: 
"لا ليس بعد" 



ارتفعت قليلاً لتمسك وجهه بخفة وتقبله برقة وكأنها فراشة رقيقة قد حطت على شفتيه، بادلها القبلة بهدوء وهو مغمض العينين وقلبه يقرع كالطبول من فرط سعادته، همهم أثناء قبلته ليمرر يده على أنحاء جسدها بكل لهفة وتعمقا أكثر فأكثر في قبلتهما، ظل مدة ليست بطويلة على هذا الحال إلى أن فصلا القبلة وحملها بين يديه ليصعد بها إلى الغرفة. 



دخل بها إلى الغرفة ليضعها برفق على السرير وتمتد يده ليخلع لها حذائها ويمسك بقدمها الصغيرة ويقبلها، تنحنحت بحرج لتناديه بإسمه وبصوتها الخافت، ابتسم وظل يقبل قدمها لتبتعد وتنهض من على السرير، أرادت أن تخطي ولكنها أمسكها من معصمها وسحبها إليه، نظر لعينيها ليقول بهمس: 



"إلى أين هاربة" 



ابتسمت لتقول بخجل: 
"لست هاربة" 



همهم لها ليحتضنها بقوة ويغرس وجهه في رقبتها مستنشقاً عبيرها، شعرت بأنفاسه الساخنة ضد رقبتها وارتخت بين يديه ليهمس لها: 



"أريد أن أجردكِ من هذا الثوب فهو واقفٌ عالةً على قلبي صغيرتي" 



ابتسمت بخجل لتقول: 
"لا تقل بأنك تغار من ثوبي أيضاً سامح" 



ابتعد عن رقبتها ليكور وجهها ويقول بهيام: 
"أغار من كل شيء يقترب منكِ، أغار من شعركِ الذي يظل بجانبكِ، أغار من الحمرة التي تزينين بها شفتيكِ، أغار من الشجرة المقابلة لبيتكِ، لا أحد يسألها من منحها حظ جيرتكِ وحق العيش بمحاذاتكِ، أغار من جرس بابكِ لإنه ينبهكِ بأن أحدهم أتى" 



ذابت بكلماته المعسولة والعاشقة لتبتسم بخجل ويقترب هو ليلتقط شفتيها ويقبلها بكل هدوء، بادلته فوراً مقربة نفسها له أكثر، دقيقة وفصل القبلة لإنهما كانا بحاجة للهواء، ابتعد عنها قليلاً ليتحدث بأنفاس لاهثة: 



"أريدكِ" 



نظرت لعيناه مباشرة وابتسمت بخجل، ابتسم بوهن ليغرس وجهه في عنقها وهو يقبل ويهمهم ليفك لها سحاب فستانها وينزل الفستان من عليها، ابتعد قليلاً لينظر لجسدها المثالي بعينان مليئة بالرغبة وقد شعرت سارة بالخجل وعضت على شفتها السفلى، حملها بين يديه ووضعها برفق على السرير ليعتليها ويبدأ بطبع قبلاته على رقبتها ووجهها وكتفيها وهو يداعب صدرها مشعلاً بها الرغبة والشهوة.
حسناً هو يعلم نقطة ضعفها ويعلم ماهي مواطن إثارتها، بدأت وتيرة أنفاسها تتسارع وصدرها يعلو ويهبط وهي تهمهم بصوت خافت كالقطط مما جعل سامح يحتد بقبلاته أكثر، أبعدته عنها قليلاً لتفتح له أزرار قميصه بيدان مضطربتان وقد ساعدها في خلعه ومن ثم خلع بنطاله وأصبحا عاريين تماماً لتبدأ جولتهما التي كانا متلهفان لها بشوق بالغ. 




        
          
                
وبينما كانت نائمة على صدره وهو يمرر يده على خصلات شعرها تحدث هو بهدوء: 
"لم أشبع لازلت جائعاً صغيرتي" 



ابتسمت بخجل لتقول: 
"ارحم نفسك قليلاً" 



ابتسم بمكر ليمددها على السرير ويضع جبينه على جبينها ويقول: 
"أنتِ التي يجب أن ترحميني، كفاكِ إثارة كفاكِ جنوناً بي كفاكِ حلاوة كفاكِ جمالاً" 



ضحكت برقة لتقول: 
"وما شأني أنا" 



همهم ليلعق شحمة أذنها ويقول: 
"أنتِ لا ذنب لكِ ولكن لن أدعكِ تنامين الليلة، سأجعلكِ حاملاً بطفلي في هذه الليلة سترين" 



ابتسمت بخجل ليلتهم شفتيها ويعاود فعلته معها وقضيا ليلتهما بالقبلات والمداعبات والهمهمات مفرغان نار شهوتهما ونار اشتياقهما لبعضهما، مخلدان هذه الليلة التي تحتسب من العمر. 



"أعمق بيت قيل في الغزل؟ 
إني أغارُ فليتَ الناس ماخُلِقوا" 



______________________ 



مر شهر كامل وحياة سامح وسارة أقل مايقال عنها مثالية إذ أن الأمور بينهما ممتازة جداً، يعيشان في سعادة تامة والجميع رأى هذا الوضع بينهما كما أن الجميع يكاد لا تسعهم الدنيا من الفرحة لأجلهما وخصوصاً خديجة وجومانة. 



-------



ها هو اليوم الموعود قد أتى وأتت معه الفرحة للجميع، يوم فرحة إياس بحبيبته الصغيرة برفيقة دربه وزوجته، كانت حنين تشعر بالسعادة برفقة إياس، مرتاحة البال ومطمئنة جداً لقرارها ولوجودها مع إياس، كانت تبدو كالقمر كما أن إياس كان يبدو وسيماً جداً ببذلته السوداء. 



لن ننسى طبعاً وجود جميع عائلة الأزهري في حفل الزفاف وأيضاً راغب وتمارة اللذان تزوجا وهما الآن يعيشان في سعادة تامة، وأيضاً تمارة الصغيرة تعيش مع والدها وزوجته وتعتبر تمارة والدتها وتناديها أمي، أجل حياتهما جميلة وهما مطمئنان ومرتاحان البال ويزدادان عشقاً وجنوناً ببعضهما كل يوم أكثر فأكثر. 



وأيضاً طبعاً وجود سامح وسارة قد جعل الحفل مفرح أكثر بالنسبة للجميع وبالنسبة لإياس أيضاً، ولكن ماسة حالما أتت عينها بعين والدها حتى أخفضت رأسها خجلاً منه وندم مما بدر منها.
كذلك حضر رامي وملاك وهجرس ولمى وأحمد ووالدته، كلهم كانوا مدعويين وطبعاً هم لن يضيعو فرصة حفل زفاف إياس ومشاركته فرحته، وأيضاً كان يوجد شقيقة راغب وشقيقيه الثانيان. 



دقائق ودخلت حنين وقد كان إياس متلهفاً لدخولها، حالما رآها حتى ابتسم باتساع وعشق وتقدم منها ليستلمها من والده ويتوجهان للمنصة بحيث أنهما عُقد قرانهما على خير. 



الحفل كان رائع للغاية وكل شخص كان مهتم بما يخصه يرقصون ويمرحون، كذلك سارة ظلت مرافقة لسامح ولم تبتعد عنه أبداً، أتتصورون لقد شعرت بالغيرة من ابنة راغب فقط لإنها قالت لسامح أنه يبدو وسيماً، أجل يارفاق تلك المرأة العابثة المجنونة تغار من طفلة عمرها أربعة عشر عاماً.




        
          
                
وبينما كانت ماسة جالسة ولكنها لم تكن سعيدة إذ أنها كانت حزينة لإن والدها إلى الآن لا يحدثها، تنهدت بحزن لتشعر بشخص خلفها، استدارت لترى والدها خلفها يناظرها بابتسامة، تقدمت منه لتقف مقابلة له ونظرة الندم في عينيها، اقترب وهسهس في أذنها ليقول بمرح: 



"أترقصين معي يا أميرة" 



ابتسمت باتساع من بين دموعها لتحرك رأسها موافقة وتنقض على والدها وتحتضنه بقوة، ابتسم سامح باتساع وبادلها الحضن كذلك سارة وخديجة وجومانة ابتسمن اللاتي كانت مراقبن للوضع. 



دقائق وحضرت المفاجأة التي كان محضراً إياها إياس لحنين، إذ أنه قد جلب خالته جميلة والتي تكون والدة حنين، تقدمت جميلة من ابنتها وعيناها فائضة بالدموع وماكان من حنين سوى الدهشة لإنها آخر ماكانت تتوقعه هو حضور والدتها التي طردتها من المنزل في يوم من الأيام.
ابتسمت حنين بسعادة من بين دموعها لتحتضن والدتها بشوق بالغ كذلك جميلة التي احتضنت ابنتها وهي تذرف دموع الندم على مافعلته بابنتها في السابق وكيف أنها لم تكن الأم المثالية لها، ولكن جميلة قد وعدت نفسها بأنها ستبدأ حياة جديدة وأمور وتصرفات جديدة وستكون الأم المثالية لابنتها الصغيرة.
أجل جميلة قد خسرت ابنة واحدة فهي لا تريد أن تخسر ابنتها الثانية. 



بعد ذلك كانت ماسة جالسة مع بنات أعمامها ولم تكن منتبهة لجوز العيون التي كانت تراقبها، دقائق ونهضت ماسة لتتوجه إلى الحمام وقد غابت بضع دقائق وعادت ولكنه وقف بطريقها أحمد شقيق هجرس، نظرت له باستغراب لتبتسم بخفة من بعدها وتقول: 



"أهلاً أحمد" 



ابتسم ابتسامة جانبية ليقول: 
"أهلاً آنسة ماسة، تبدين جميلة جداً" 



ابتسمت بغرور وشكرته ليردف لها: 
"هل ترقصين معي" 



أمسكت خصلة من شعرها الذهبي لتحرك رأسها رافضة بغرور، ابتسم أحمد بسخرية ليقول: 
"يحق لكِ أن تمارسين الغرور ولكن ليس علي يا ماسة" 



ابتسمت بتكبر لتقول: 
"ولما لا يا سيد أحمد" 



حرك كتفيه بلامبالاة ولم يتحدث لتبتسم هي بمكر وتقول: 
"أنا لا أرقص مع أحد" 



همهم لها ليقول: 
"في الواقع لم أكن أعلم بأنكِ كبرتي وأصبحتي جميلة أكثر من ذي قبل فأنا لم أراكي منذ زمن" 



ضحكت برقة لتقول: 
"ها أنا أمامك كبرت وأصبحت أجمل ما المطلوب مني الآن" 



حرك رأسه رافضاً ليقول: 
"لا شيء كنت أريدكِ أن ترقصين معي فقط" 



همهمت له لتقول بمكر: 
"أشعر بأنك تريد التوصل لشيءٍ ما" 



حرك رأسه موافقاً ليقول بهمس: 
"أنتِ لم تمتلكين العينان الزرقاوان والشعر الذهبي وهذا الجمال فقط بل لديكِ عقلٌ كبير يفكر وذكية جداً أيضاً" 




        
          
                
ابتسمت بتكبر لتقول: 
"ابنة الأزهري فهذا شيءٌ طبيعي يا أستاذ" 



ابتسم باتساع ولكن ابتسامة ذات مغزى وهو ينظر لها من رأسها حتى أخمص قدميها، لاحظت نظراته واقتربت منه بجرأة لتتحدث بهمس: 



"إن كنت تريد أن تصل لشيء فعليك أن تسعى جاهداً للحصول عليه، أنا لا أحب الشبان الكسالا" 



أنهت جملتها وغمزت له لتبتسم بمكر وتتوجه إلى حيث كانت جالسة، بينما أحمد ظل واقفاً بمكانه منصدم من الموقف وماهي إلا ثواني حتى ابتسم باتساع وحرك رأسه موافقاً ليبدأ بعمله لكي يحصل على مايريد كما قالت له تلك الجميلة. 



______________________ 



تمر الأيام بسرعة وحياة أبطالنا مستمرة بحلوها ومرها، مرت أربع سنوات على الأحداث ولكن حدثت أحداث جديدة من ضمنها هو خروج خلود من السجن وسوف تعلمون ما الذي حدث معها فيما بعد. 



سامح وسارة لم يفترقان طيلة تلك الأعوام وظلا على عشقهما الذي لم يزله السنين بل ازداد أكثر فأكثر. 



-------



كانت تركض خلف جسد صغير ممسكة بكأس الحليب وهي تصرخ به، تنهدت بقوة لتقول بحدة: 
"جود أيها الصغير تعال إلى هنا، هيا تعال لكي تشرب كوب الحليب" 



نظر لها بابتسامة عابثة وطفولية ليحرك رأسه رافضاً ويقول بصوت طفولي ولكنة ثقيلة: 
"لا أريد مامي"



تنهدت بتعب لتقول: 
"حسناً سوف أعطي كوب الحليب لـ أختك جودي" 



صرخ جود وهرول ناحية أمه وهو يقول: 
"لا لا أتيت أتيت مامي" 



ضحكت عليه لتعطيه الكوب وتقول: 
"هيا اذهب إلى جودي واشرب كوب الحليب قبلها هيا اسبقها يابطل" 



حرك رأسه موافقاً بحماس وتوجه ناحية أخته وجلس بجانبها، بينما سارة توجهت إلى الأعلى بحيث رجلها نائماً بعمق، ابتسمت بمكر لتمسك منديل ورقي وتلفه وتبدأ بتمريره بداخل أذنه، ما هي إلا ثواني حتى أمسك سامح يدها وتحدث بصوتٍ ناعس: 



"أتعلمين بأنكِ لا تفرقين شيئاً عن صغيراي جود وجودي أنتِ طفلة مثلهما" 



ضحكت برقة لتقترب من وجهه وتقول: 
"ألست صغيرتك المدللة أيضاً" 



ابتسم ليقول: 
"صغيرتي وحبيبتي ومثيرتي وأميرتي ومليكتي وكل شيء في دنيتي" 



ابتسمت باتساع ومن ثم قبلته على شفتيه قبلة مطولة ليهمس لها: 
"أريدكِ الآن" 



ابتعدت وتحدثت بغنج ودلال: 
"لا لا صغيراي في الأسفل وأنت تعلم كم أنهما مشاغبان لربما يدخلان علينا" 



همهم لها بمكر ليقول: 
"لا بأس سنقفل الباب وندعهما يطرقان على الباب حتى يشبعان" 



ابتسمت بمكر لتمسك منطقته بقوة مما جعله يجحظ عيناه ويقول: 
"ما بكِ" 




        
          
                
تحدثت ببرود ولهجة آمرة: 
"هيا انهض ودع تفكيرك المنحرف جانباً" 



نظر لها بحاجب مرفوع ليحرك رأسه بتوعد ويمسكها من معصميها ويعتليها ليبدأ ويطبع قبلاته على وجهها بينما هي حاولت أن تبعده عنها وصرخت ولكنها لم تستطع مقاومته لتسقط في أحضانه ويبدأن جولتهما التي لا يكلان ولا يملان منها. 



-------



يينما عند الصغيران والتوأمان جود وجودي والبالغان من العمر ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، كانا جالسان في الصالة يشاهدان الرسوم الكرتونية، تأفأفت جودي بملل لتقول بطفولية: 



"أين مامي وأين الفطور أريد طعام"



أجابها جود بطفولية: 
"اثمتي ثتأتي بعد قليل يابلهاء"



ملاحظة: جود وجودي كلامهم تقيل وعندهم لدغة بحرف الراء والسين.



عبست بطفولية ومطت شفتها لتقول: 
"ثاثعد إليها وثأوقظ بابي أيضاً"



تأفأف جود وحرك رأسه بيأس كالكبار ليقول بصراخ ومعالم وجهه غاضبة: 
"حثناً تعالي لنراهما معاً أنا وأنتِ هيا"



نزلت جودي من على الأريكة وكذلك جود ليمسك بيد أخته ويتوجهان إلى الأعلى بحيث غرفة والدهما، طرقا على الباب بيداهما الصغيرتان ولكن لا حياة لمن تنادي، تأفأف جود ليقول: 



"نائمان" 



حركت رأسها جودي رافضة لتقول: 
"لا لا مثتيقظان ولكن بابي يقبل مامي هما يجلبان لنا بيبي ثغير"



حرك رأسه موافقاً ليقول: 
"كلامكِ ثحيح عندما بابا يقبل ماما يجلبان بيبي ثغير هكذا قال لنا بابا هيا تعالي اتركيهما" 



هبطا إلى الأسفل وظلا مدة طويلة يلعبان ويشاهدان التلفاز، بعد وقت هبط سامح إليهما وركضا إليه ومن ثم جلسا بأحضانه ليبدأ سامح بملاعبتهما والضحك معهما، وطبعاً جود كان قد سأل سامح إن كان يقبل والدته أم لا وجواب سامح كان: 



"كنت أفعل أكثر من القبلات صغيري عندما تكبر ستعلم ماقصدي" 



من الجهة الأخرى سارة التي قد خرجت من الحمام وهي تلف المنشفة حول جسدها، دخلت عليها جودي لتقول سارة: 



"ما بكِ أيتها الصغيرة" 



لم تجبها جوري ووقعت عيناها على حمالة الصدر الخاصة بسارة، أمسكتها بيديها الصغيرتين وقلبتها لتقول لأمها بطفولية: 



"مامي ماهذه" 



نظرت لها سارة بصدمة ومن ثم بعبوس لتسحبها من يدها وتقول: 
"لا شأن لكِ ياصغيرة عيب" 



نظرت لها جودي ببرائة ومن ثم ظلت واقفة تتابع والدتها وهي ترتب بعض الأغراض ولم ترتدي ثيابها بعد إذ أنها مازالت تلف المنشفة حول جسدها، عادت جودي وأمسكت حمالة الصدر لترتديها بعشوائية مقلدةً والدتها وابتسمت بطفولية لتهرب إلى الأسفل بحيث والدها جالساً، دخلت جودي إلى الصالة لتضع يديها الصغيرتين على خصرها وتبتسم بوجه أبيها، نظر لها سامح بذهول وما لبث حتى انفجر ضاحكاً على ابنته الصغيرة، هبطت سارة لاحقة بابنتها لتجحظ عيناها عندما رأت جودي مرتدية حمالة الصدر الخاصة بها، وضعت يدها على خدها وهي مازالت جاحظة العينين بينما سامح مازال يضحك بقوة و جود يصفق بيديه، نظرت سارة لابنتها بغضب وقالت بحدة: 




        
          
                
"مشاغبة وعديمة الأخلاق سترين وستنالين عقابكِ" 



ضحكت جودي بشغب ووجهت سارة حديثها لسامح لتقول بغضب: 
"أجل أجل أنت فقط اضحك حسناً" 



ازدادت ضحكات سامح لتتقدم سارة من ابنتها لتمسكها ولكن جودي قد هربت من والدتها ولحقت بها سارة وهي تصرخ بها بينما سامح مازال يضحك عليهما بقوة. 



-------



في المساء كان سامح جالساً برفقة ولديه الصغيرين وسارة، ثواني ورن هاتفه ليرى اسم المتصل وقد كان المحامي عماد، أجابه وحدثه عماد بما يريده ولم يكن من سامح سوى الجمود والبرود، أنهى اتصاله ونهض ليغير ثيابه وتوجه إلى الخارج تحت نظرات سارة المتعجبة ومناداتها له ولكنه لم يستمع لها ولم يجيبها. 



وصل سامح إلى مكتب عماد وبعد السلام والكلام تحدث سامح ببرود:
"كيف حدث ذلك ومنذ متى"



تنهد عماد ليقول:
"في الواقع لقد أخبروني أن أخبركم إن كان يهمك الأمر ياسامح، هي مريضة منذ مايقارب الخمسة أشهر تقريباً والمرض يأكل جسدها"



سامح ببرود:
"ألا تتلقى العلاج"



عماد بإيجاب:
"بلى ولكن وضعها سيء جداً ولا نظن بأنها ستنجو"



همهم له سامح ليقول:
"ألن يفرج عنها بما أنها مريضة بهذا المرض الخبيث"



عماد: 
"لا أعلم ولكنها هي موجودة في المستشفى الآن وتتلقى العلاج الكافي والخاص كما أنها تأخذ جرعات لذلك تغيرت وهزلت وشعرها تساقط كثيراً" 



تنهد سامح بقوة ولم يتحدث ليعود إلى المنزل وهذه القصة تشغل باله، عندما عاد حاولت سارة أن تعلم ما به ولكنها لم تفلح لذلك تركته على راحته لإنها تعلم بأنه سيحدثها بنفسه فيما بعد. 



______________________ 



عند راغب في منزله 
دخل إلى المنزل ومن ثم إلى المطبخ ليرى مالكة قلبه تحضر العشاء، ابتسم بحب وتقدم ليحتضنها من الخلف، شهقت بخفة ولكنها ما لبثت حتى ابتسمت ليهمس لها:



"ماذا تفعل حبيبتي" 



تمارة بابتسامة: 
"كما ترى أحضر العشاء" 



راغب: 
"وأين تلك الصغيرة لما لا تساعدكِ" 



ابتسمت بخفة لتقول: 
"دعها وشأنها لديها امتحانات ولا أريدها أن تعمل بشيء سوى أن تدرس وتنجح، ابنتي الجميلة أريدها من المتفوقين" 



ابتسم باتساع ليقول: 
"وأنا ألا تريدينني من المتفوقين" 



ابتسمت لتقول بجرأة: 
"عزيزي أنت لك مجالات أخرى" 



ضحك ضحكة رنانة لتدخل عليهما تمارة الصغيرة والتي أصبح عمرها ثمانية عشر عاماً، ابتسمت بمكر لتقول: 
"إذاً ياعصافير الحب ألن ننتهي من انحرافكما بعد" 




        
          
                
ابتسمت تمارة بخجل ليقول راغب: 
"وما شأنكِ أنتِ ياصغيرة فلتهتمي بدروسكِ فقط" 



ضحكت ضحكة رنانة لتحرك رأسها رافضة ليردف لها راغب بمكر: 
"إذاً سأتخلص منكِ وأزوجكِ لذلك الشاب أعمى القلب الذي تقدم لكِ" 



صرحت وتحدثت بانفعال: 
"عااااا لا أريد لا أريد أن أتزوج مازلت صغيرة أنتما لا تحباني تريدان أن تتخلصان مني حسناً سأنتحر اتركاني" 



قلبت شفتها السفلى وتوجهت إلى غرفتها بينما راغب وتمارة ضحكا عليها بقوة. 



"تفاصيلكِ الصغيرة جداً 
كابتسامتكِ مثلاً 
تجلب لي سعادة كفيلة 
بإبهاج أيامي القادمة كلها" 



_______________________ 



كان جالساً في صالة منزله وهو يلاعب صغيره البالغ من العمر سنة ونصف والذي يدعى سامي، يمرح برفقته ويضحك لضحكاته التي ترد له الروح، تقدمت منه زوجته بابتسامة لتجلس بجانبهما وتشاركهما ضحكهما ومرحهما. 



حسناً هذه العائلة الصغيرة لناصر، أجل لقد تزوج خلود شقيقة حنين من بعد خروجها من السجن بسنة، وخصوصاً أن خلود خرجت إنسانة ثانية وبأخلاق ثانية ولم تعد كما السابق، كذلك عادت لوالدتها ورأت شقيقتها وفرحت جداً لأجلها، لم تحزن لإن إياس حب حياتها قد تزوج من شقيقتها على العكس تماماً فهي فرحت جداً لها لإن حنين تستحق كل خير. 



الفترة التي مرت على خلود في السجن كانت كفيلة أن تجعلها ترى العجائب وتتغير كثيراً، لإنها تعرضت لظلم كبير في السجن وكانت النسوة اللاتي في السجن أقوى وأخبث منها، مما جعلها كالذليلة لمعظمهن.
هذه الفترة جعلتها تعيد حساباتها وتستعيد ذكرياتها المؤلمة وأفعالها الدنيئة التي فعلتها بالجميع، فلم تسلم منها حتى أختها وأخذت عقابها القاسي والعادل.



نعم ناصر كان يريد الانتقام وهذا كان انتقامه، أن يتزوج خلود ويتخذها زوجة له أولاً لأجل أن يقنع نفسه أن حنين لم تعد له وثانياً لأجل خلود التي فقدت عذريتها معه.
أحياناً لا يكون الانتقام بشكلٍ سلبي بل يكون انتقام بشكلٍ إيجابي، نفعل أعمال خير مع الذين كنا نحبهم ليعلموا بقيمتنا ولكي نثبت لهم عكس ما هم يروننا به ولكي نكفر عن أخطائنا بحقهم إن كان لنا أخطاء معهم. 



إياس وحنين يعيشان أجمل أوقات حياتهما برفقة بعضهما وبوجود كتلة البرائة ابنتهما الصغيرة جوري والبالغة من العمر ثلاث سنوات أصبحت حياتهما أجمل وأجمل.
الآن علمت حنين مامعنى الحب ومامعنى السعادة برفقة مالك قلبها وهي تحمد الله على هذه النعمة التي وهبها بها، أيضاً رأت خلود ورأت تغيرها الملحوظ وفرحت جداً لإنها استقرت في حياتها وتزوجت وأنجبت، كذلك خلود رأت سارة وسامح وعلاقتها بهما سطحية، حسناً لم يعد هناك حقد أو ضغينة أو غيرة بل هناك فقط الهدوء والاحترام.




        
          
                
طبعاً رامي تزوج ملاك وأنجب منها ليث وعمره ثلاث سنوات وهما يعيشان بسعادة تامة ولا يمنع من افتعال بعض الجنون من قبل ملاك بزوجها.



هجرس ولمى ينتظران مولودهما الجديد، أجل لقد منَّ عليهما الله بعد طول انتظار وبعد الكثير والكثير من العلاج سوف يرزقان وأخيراً بطفلة جميلة ولكن بقي على موعد ولادة لمى شهران أيضاً.



______________________ 



بعد مرور شهر كامل 
بهذا الشهر كان قد علم جميع عائلة الأزهري بمرض جيداء وبوجودها بالمستشفى وبأنها تعيش أيامها الأخيرة بسبب مرض السرطان الذي أصيبت به، لم يقبل سامح الذهاب إليها علماً أن سارة قد طلبت منه ذلك ولكنه لم يقبل، إياس وماسة حزنا جداً على والدتهما فمهما يكن تظل والدتهما التي ربتهما وذهبا لرؤيتها، وأيضاً عائلة الأزهري حزنوا لأجلها ولم يتشمتوا بها أو ما شابه فالموت والمرض ليس به شماتة أبداً.



--------



في منزل العائلة 
أصوات الضجة والضحكات تملأ المكان، يتسامرون ويضحكون ويتحدثون بأمور عدة ويترأسهم الجد سالم طبعاً.
خديجة كانت تطير من فرحتها إذ أنها علمت بأن ابنها الوحيد غسان سيعود إلى دياره برفقة زوجته الحامل في وقتها الحالي، لا تصدق خديجة بأنها ستصبح جدة وسيصبح لها حفيد صغير وقد كان الجميع يبارك لها ويهنئها. 



جومانة الجالسة بجانب ابنتها وتطبطب على بطنها المنتفخة وهي فرحة ومسرورة بحمل ابنتها. 



سامح الذي يضحك على تصرفات إياس وجود وجودي وهم يتشاجرون معاً وسارة تشاركهم أحياناً. 



الفتيات والشبان يتحدثون ويتسامرون والجد سالم يراقب عائلته وهو فرح ومسرور بوجود أولاده وأحفاده وأولاد أحفاده أمامه. 



لؤي ابن جومانة والذي حقاً وقع لابنة راغب وهو الآن يراقبها بعيناه بكل مكان تذهب إليه. 



وجود هجرس ولمى ورامي وملاك وابنتهما وناصر الذي أصبح أكثر تقرباً إلى العائلة، كان موجود هو وابنه ولكن خلود لم تأتي معه وأيضاً وجود جميلة التي أصبحت أكثر تقرباً لنسوة عائلة الأزهري ولم تعد على عداوة معهن.



ماسة التي دخلت والغضب يعميها حاملة ابنتها الصغيرة على يدها ذات السنة ونصف وتدعى سلام ودخل ورائها أحمد زوجها والذي هو شقيق هجرس، أجل أجل لقد سعى لكي يصل إلى مراده كما حدثته ماسة وقد وصل إليها وتزوجها بعد أن أخرجت عيناه من مكانها.



دخلت عليهم وهي تشتم وتلعن بزوجها بينما أحمد يضحك عليها، تحدث سامح:



"مابكِ ماسة" 



ماسة بغضب: 
"أبي سأشكوه لك سيجلب لي الجلطة سأموت منه" 



نظر سامح لأحمد بحدة بينما أحمد نظر له بذهول ليرفع يديه باستسلام ويقول سامح: 
"ماذا فعل لكِ تحدثي وأولاد أعمامكِ سوف يتولون أمره ويقطعون نسله صغيرتي" 




        
          
                
شهق أحمد وماسة معاً لتقول ماسة: 
"لااااا كل شيء إلا نسله أحب نسله أبي انظر إلى ابنتي ما أجملها هي منه" 



ضحك سامح بعدم تصديق ليقول: 
"أحقاً منه ظننت بأنها من ابن الجيران" 



ضحك الجميع على جملته ليقول سامح لأحمد: 
"ماذا فعلت لها ها وما سبب المشكلة بينكما حدثني ما القصة" 



تنهد أحمد ليقول: 
"شاب يقول لابنتي أنتِ جميلة وعيناكِ جميلة كوالدتكِ ماذا أفعل به" 



تحدث سامح وإياس بصوتٍ واحد: 
"تلكمه على وجهه وتوسعه ضرباً" 



أحمد ببساطة: 
"وهذا ماحدث" 



صفق كل من سامح وإياس له لتنظر لهما ماسة بذهول وتقول: 
"أنت غاضب وهمجي ولست حنون أنا لا أريدك هيا خذ ابنتك" 



أعطته سلام وتحركت لتخرج من الباب وإذ بها تشعر بشيء يسحبها من الخلف، لم تنظر للخلف بل ظلت تحاول أن تخطو خطواتها وهي تقول: 



"اتركني أحمد لا أريدك أنت همجي اتركني دعني وشأني لن أعود لك ولو طبقت السماء على الأرض لا تعتذر لي ولا تتمسك بي كفاك لما ممسكاً بي اتركني أمشي اتركني قلت لك اتركني" 



استدارت ماسة في آخر جملتها لترى أن التيشرت التي ترتديها قد علقت بمقبض الباب فقد كانت من نوع الدانتيل، فلم يكن أحمد ممسكاً بها بل كان الباب هو الذي ممسكاً بها، نظرت بذهول وخلصت نفسها لتنظر لأحمد الذي أصبح بالأرض يضحك بقوة والجميع قد أغشي عليه من الضحك بسبب هذا الموقف، خبئت وجهها وهي تقول: 



"يا إلهي فلتبتلعني الأرض يا الله" 



ازدادت ضحكاتهم عليها وسلام الصغيرة تقف بينهم واضعة إبهامها في فمها ولا تفهم شيء، تحدث جود بطفولية: 



"أنتِ غبية ماثة" 



نظرت له بعبوس لتقول: 
"اصمت أيها الصغير" 



تدخلت جودي لتقول: 
"أنتِ اثمتي ياحمقاء أنتِ لثتي ماما أنتِ ثغيرة جداً وبلهاء" 



ضحك الجميع على جملتها وانضمت ماسة وأحمد لهم وجلسوا يتسامرون إلى أن تحدث سالم مع سامح: 



"لقد علمت أن جيداء بالمستشفى ياسامح كيف أصبح حالها" 



تنهد سامح بقوة كذلك ماسة التي بدى على وجهها معالم الحزن ليمسك أحمد بيدها ويبتسم لها بحنان، أيضاً إياس الذي حزن لتبتسم له حنين وتطبطب على كتفه، تحدث سامح: 



"أجل أبي ولا أعلم عنها شيء في الحقيقة" 



تدخلت سارة لتقول: 
"اااه بالمناسبة هناك مفاجأة تنتظركم وستأتي بعد قليل" 



تعجب الجميع من هذه المفاجأة ومن ضمنهم سامح وبدأو يسألونها عن نوع المفاجأة ولكنها لم تتحدث بشيء. 



بعد وقت ليس بطويل دخلت تلك المرأة بكامل رقتها وأنوثتها، من يراها يقول أنها امرأة بالفعل راقية رزينة عاقلة وهادئة وجميلة، دخلت عليهم بابتسامة خفيفة وهي تجر الكرسي المتحرك لتلك المرأة المنكسرة والبائسة والتي تغيرت جداً وقد أكلها المرض، دقائق من الصدمة والجميع ينظرون لجيداء الجالسة على الكرسي بهيئة مختلفة تماماً وشكلٍ مختلف وورائها كانت واقفة خلود تناظرهم بابتسامة خفيفة. 




        
          
                
جيداء التي أصبحت هزيلة جداً تضع على رأسها شيء يخفي صلعتها لإنه لم يعد لديها شعر نهائياً تعلق المصل في يدها وتنظر للجميع بوهن وعينان دامعة، نهضت ماسة وتقدمت منها لتركع على ركبتيها وتمسك بيد والدتها وتقبلها وهي تبكي، إياس الذي تقدم بسرعة من والدته واحتضنها بقوة، الجميع وقف يراقب هذا المشهد الحزين، سامح الذي ترقرقت الدموع بعينيه كحال الجميع وسارة التي ابتسمت من بين دموعها لإنها حققت رغبة جيداء.



أجل سارة هي التي تحدثت مع عماد لكي يتكفل بقصة خروج جيداء من المستشفى ولو لبضع ساعات فقط لكي تحقق رغبة جيداء.
جيداء تلك المرأة التي أخذت كل الطباع السيئة الآن وفي آخر أيام حياتها تريد أن تطلب الصفح والعفو من الجميع وتريد أن تموت وهي مرتاحة البال والضمير، وقد تلقت المساعدة والدعم من أكثر امراة قد أذتها وحقدت عليها ودبرت لها المكائد.



أرادت سارة أيضاً أن تعطي فرصة لخلود لتدعها تثبت نفسها أمام جميع أفراد العائلة وطلبت منها أن تبادر وتصلح كل شيء لتكسب ود ومحبة الجميع وكان هذا أفضل شيء تفعله خلود، إذ أنها فرحت لإنها وجدت أكثر إنسانة قد كرهتها هي من تقف بجانبها وتكون لها صديقة لكي تدعها تصلح أخطائها ليصبح لها أكثر من صديقة في هذه العائلة.
الآن علمت خلود لما إياس كان يعشق سارة والآن علمت لما سامح عشقها وتمسك بها فكلما تقربت منها أكثر ازداد إعجابها بها وازدادت تعلقاً بها وازدادت يقين بنقاء قلب سارة وبأنها لا تستحق إلا الخير.



الجميع لم يستطع أن لا يسامح جيداء ليس حزناً عليها فقط بل ولإنها قد كبرت بأعين الجميع على هذه الخطوة التي أقدمت عليها.
جلست بينهم وتعرفت على كل من هو جديد في العائلة إن كان من زوجات الأبناء أو أزواج الفتيات وأيضاً رأت الأحفاد ورأت أولاد سامح وقد قبلتهما بحب وظلت تتحدث إليهما بوهن وتضحك معهما وأيضاً رأت ابنة ماسة وابنة إياس وأيضاً رأت أخيها راغب وتمارة التي اعتذرت لها عن كل مابدر منها.



خديجة التي كانت أكثر امرأة تحقد على جيداء ولا تطيقها هي الآن تحدثها وتضحك معها وكذلك جومانة وحنان وزوجة رأفت وزوجة بسام، كلهن كانت يحدثن جيداء ويضحكن برفقتها، كما أن خلود انضمت لهم وجلست بينهم واعتذرت لهم عن كل مابدر منها في السابق وتصافت القلوب فيما بينهم، وفي الواقع ناصر كان قد طار من فرحته لإن خلود أقدمت على هذه الخطوة واعتذرت من الجميع، الآن علم أنها تغيرت للأفضل والآن يمكنه أن يفتح قلبه لها. 



جيداء كانت تشعر وكأن الروح ردت لها إذ أنها كانت فرحة ومسرورة جداً بالجميع ولكن عيناها كانت مسلطة على سامح الذي كان ينظر لها بابتسامة خفيفة ونادمة، وجهت نظرها لسارة لتراها تتحدث مع خلود وتضحك معها، تنهدت لتقول بوهن: 



"أريد أن أتحدث مع سارة" 



نظرت لها سارة بابتسامة لتنهض وتجر كرسيها إلى الصالة الثانية، جلست أمامها لتقول: 
"أخبريني ماذا تريدين" 




        
          
                
تحدثت جيداء بوهن وعينان دامعة: 
"أنا حدثتكِ عن رغبتي وأنتِ لم تبخلي علي بالمساعدة، فقط أريدكِ أن تكملين معروفكِ معي لو سمحتي" 



ابتسمت سارة لتقول بهدوء: 
"أي شيء تطلبينه لكِ" 



ابتسمت جيداء بوهن لتقول: 
"أريد الأغلى على قلبك" 



نظرت لها سارة بهدوء لتبتسم بخفة وتقول: 
"فهمت عليكِ وسيحدث ماتريدين" 



تنهدت جيداء بقوة وهبطت دمعتان على وجنتيها لتقول: 
"لربما غداً أموت أو لربما بعد شهر أو بعد شهران ولكن أرجوكِ فقط أريد أن أقضي ماتبقى من عمري وأنا على ذمته أرجوكِ" 



ابتسمت سارة باتساع لتقول: 
"وأنا لا مانع لدي نهائياً" 



نهضت سارة لتجر كرسي جيداء وتعود إلى الصالة الكبيرة بحيث الجميع جالساً هناك، وقفت بالمنتصف وراء كرسي جيداء لتقول بابتسامة: 



"أريد أن أزوج سامح يا أعزاء" 



نظر لها سامح بقوة وقد فهم مقصدها ليبتسم بخفة والجميع نظر لها باستغراب لتردف سارة: 
"لقد وجدت له عروس جميلة جداً مارأيكم" 



تحدث سالم بابتسامة: 
"ومن هي ياترى" 



سارة بابتسامة مشيرة إلى جيداء: 
"هذه المرأة الجميلة ستصبح ضرتي" 



ضحك الجميع لتقول سارة موجهة حديثها لسامح: 
"ها مارأيك بهذه العروس ياسامح أليست جميلة" 



نهض سامح وتقدم من جيداء ليقول: 
"وأجمل عروس رأتها عيناي" 



أمسك بيد جيداء وقبلها برقة لتضحك جيداء وتبكي في آن واحد، اقترب سامح واحتضنها بقوة لتبادله الحضن والجميع هبطت دموعهم في هذه اللحظة، منهم من يمسح دموعه ومنهم من يبتسم باتساع ومنهم من ينظر بابتسامة محبة.



فصلا العناق ليبتعد سامح وهو يناظرها بابتسامة ليقترب إياس ويضع يده على كتف والده ويقول ممازحاً: 



"سيد سامح لن أزوجك والدتي قبل أن نسأل عنك وعن أخلاقك" 



هذه الكلمة جعلت الجميع يضحك بقوة وسعادة، تلاقت عينان سامح بعينان سارة لتحكي العيون الكثير من الكلام، هالة العشق تحيط بهما، نظراتهما لبعضهما واضحة كوضوح الشمس، مليئة بالمحبة والعشق والجنون، كل من يراهما يتمنى أن يتعلم العشق منهما، سامح يعلم جيداً أن الله قد من عليه بهذه النعمة فهو إن عاش ألف عام لن يجد امرأة رقيقة وجميلة وصبورة ونقية القلب كصغيرته سارة. 



"وجئتُ إليكَ لا أدري لماذا جئت 
فخلفَ الباب أمطار تطاردني 
شتاءٌ قاتم الأنفاس يخنقني 
وأقدامٌ بلون الليل تسحقني 
وليس لدي أحباب 
ولا بيتٌ ليؤويني من الطوفان 
وجئتُ إليكَ تحملني 
رياح الشك للإيمان" 



أحياناً نضطر أن نتنازل حتى نحصل على مانريد برضاً وقناعة تامة دون أن نخطأ. فلنكن دائماً مثل أولئك الدين يرتدون القبعات الصفراء متفائلين إيجابيين. على يقين أن غداً أحلى وأجمل. 



إلتقينا هنا بكل حب و إحترام و وفاء .. تعانقنا عبر الحروف والكلمات .. بكينا بين الفواصل و النقاط و إستقرّينا بين نبضات السطور .. 
دواخلنا هشة لا تحتاج لشيء خارق لكي تزهر بل لكلمة طيبة و موقف بسيط يخلق فينا ألف حياة ..
فهنيئاً للقلوب النقية البسيطة التي تعرف متى تُهدي الكلمات و كيف تُهديها وفي أيّ مكان تضعها ..
هنيئاً لمن يعرفون كيف يحتفظون بما يحبّون و يتمسّكون بهم برغم قساوة كل شيء ..
وهنيئاً لنا بهذا الكمّ من المحبة و السلام و الأمان الذي نحسّه على بساط هذا البيت الدافىء ..
و مهما بعدتنا المسافات و طالت الأماني و جفّت غصون الأحلام تبقى بقلوبنا نبضات وفاءٌ لكل قطعة دافئة لامست أعماقنا بصدق ...



النهاية



تمت بإذن الله
 
هي هية نهاية روايتي
بتمنى تكون عجبتكم وحبيتوها
وبتمنى تعطوني رأيكم بصدق وصراحة 
بتشكركم كتير على كل شي
بتشكركم على صبركم وانتظاركم لألي ومتابعة روايتي وآرائكم وحماسكم 

 
بالنسبة للجزء الثاني من الرواية هو عبارة عن ابطال غير سامح وسارة واياس وجيداء يعني غير شخصيات وباختلاف الاعمار تقريبا والعمل وهالاشياء وغير أحداث طبعا
بتمنى تقرأوها .. هية اسما أحببت زوجة ابني 
اتمنى ان تنال اعجابكم
   هية اسما أحببت زوجة ابني اتمنى ان تنال اعجابكم
   
google-playkhamsatmostaqltradent