Ads by Google X

رواية ضروب العشق الفصل الخامس والثلاثون 35 - بقلم ندى محمود توفيق

الصفحة الرئيسية

 

 رواية ضروب العشق الفصل الخامس والثلاثون 35 - بقلم ندى محمود توفيق 

(( ضروب العشق ))

_ الفصل الخامس والثلاثون _

فتحت لها زوجة عمها الباب فانصدمت في بادىء الأمر من رؤيتها لها ، ولكن سرعان ما رسمت ابتسامة شيطانية على شفتيها وقالت بلؤم : 
_ اهلًا وسهلًا نورتينا 

شفق بنظرات مشتعلة وبغضب ملحوظ : 
_ عمي وجاسر موجودين ؟ 

ضحكت ساخرة وأجابتها بنظرات مستحقرة : 
_ موجودين ياحبيبتي .. ياجــاســـــر تعالى شوف بنت عمك جات 

كان بالمكتب يتحدث مع أبيه حول العمل وإذا بصياح أمه عليه وهي تخبرهم بقدوم " شفق " جعله يثب واقفًا بعد أن تبادل نظرات الدهشة مع أبيه ! .
هرول مسرعًا للخارج ولحق به كمال ، رأتهم شفق فدخلت خطوة للداخل وهي تقف بشموخ وقوة على عكس شخصيتها الضعيفة والهادئة وتحدثت موجهة حديثها لعمها متجاهلة وجود ذلك " الجاسر " ، كانت لهجتها تحمل التهديد والتحذير : 
_ أنا جيت بس عشان اقولك ياعمي خليك بعيد عني وعن كرم ، أنا عارفة كويس إنك ورا المخدرات اللي كانت في عربيته 

كمال ضاحكًا بازدراء منها : 
_ إنتي جاية بتهددي عمك في بيته ، بقى هي دي التربية اللي ربهالك اخويا وسيف

صاحت بصوت انوثي قوي ومريب بعض الشيء :
_ متجيبش سيرة بابا وسيف نهائي فاهم ولا لا .. وبعدين أنا مليش عم اهلي ماتوا واللي فاضلي جوزي ويمكن انا سكت بعد اللي عملتوه مع سيف ومعانا بس مش هسكت دلوقتي وصدقني لو حاولت بس تقرب من كرم هنهيك إنت وابنك نهائي وإنت فاهم أنا اقصد إيه ياكمال الحسيني ، أنا حذرتك أهو 

استدارت وهمت بالرحيل لولا يد جاسر التي قبضت على ذراعها تجذبها إليه وهو يقول بغضب : 
_ خدي هنا إنتي رايحة فين .. مش هتطلعي من البيت ده 

دفعته بعيدًا عنها بكامل قوتها ورفعت سبابتها في وجهه تهتف بنظرة نارية واستياء عاتي : 
_ إنت متلمسنيش أبدًا واحمد ربك إني مقولتش لكرم على اللي عملته معايا وإلا مكنتش هشوفك واقف قدامي على رجلك كدا 

قهقه بقوة وعاد يجذبها من ذراعها ولكن هذه المرة بإحكام شديد وقال باستهزاء وعدم مبالاة : 
_ وأنا بقولك أهو مش هتمشي ياشفق وخلينا نشوف Hero بتاعك هيعمل إيه 

ابعده كمال عنها وهو يقول بمكر رجولي وأعين شرانية لا تبعث على الخير أبدًا : 
_ جاسر مينفعش كدا .. سيبها تمشي هي مسيرها هتعرف أنها ملهاش غيرنا 

تركها على مضض فألقت هي عليهم نظرة مشمئزة وساخطة ثم انصرفت فورًا وبينما كانت تعبر الحديقة لتخرج إلى الشارع رأت كرم المتجه نحوها كالسهم تصلبت بأرضها برعب وجففت دموعها بسرعة .. وصل إليها وقال بلهجة آمرة وهو يتشعل غضبًا : 
_ اسبقيني على العربية 

كان سيهم بالذهاب لهم ولكنها جذبته من ذراعه وقالت بصوت متلعثم وخوف : 
_ كرم أنا اللي جيتلهم هما معملوش حاجة ليا .. جيت اتكلم مع عمي 

توقف واستدار برأسه لها لترى عيناه الحمراء والنظرات التي تعرفها حق المعرفة مع معالم وجهه المرعبة .
كرم بنبرة ارهبتها بشدة ونظرة مخيفة : 
_ الكلمة بتتقال مرة واحدة عندي وإنتي سمعتي قولت إيه 

تركت ذراعه ببطء وهي ترمقه برهبة وارتباك ، وقد ادركت أن عقابها سيكون عسير .. عصت أوامره حول عدم التدخل وكذبت عليه لتقنعه بأنها ستخرج لتشتري بعض الأشياء ، بالتأكيد سيكون لها من هذا الغضب الذي يستحوذه نصيب ! .
استقلت بالسيارة كما آمرها واخذت تفرك في اصابعها بتوتر وخوف تنتظر عودته ، بعد حوالي ثلاث دقائق رأته يتجه نحو السيارة ليستقل بمقعده بجوارها وينطلق بالسيارة فنظرت هي له وقالت بتردد في محاولة بائسة منها للدفاع عن نفسها : 
_ كرم اااا .....

رمقها بنظرة كانت كافية لجعل الكلمات تفر هاربة من الرعب ، ازدردت ريقها بصعوبة وثبتت نظرها على الطريق وهي تشعر بدقات قلبها المتسارعة من فرط التوتر ، لو لم تشهد على غضبه العاتي مرات عديدة لما خشيت انفعاله عليها لهذه الدرجة !! ....

                                ***
هاتفه بيده يقلبه يمينًا ويسارًا وعقله مشغول بها ، يجلس على مقعد هزاز وبأنامله يفرك لحيته الخفيفة .. يقلق عليها فهي لا تعرف المدينة جيدًا وقد تفقد طريقها ولا تعرف طريق العودة ،   لكنها كانت حقًا بحاجة للبقاء بمفردها قليلًا ، يقسم أنه لم يكن يقصد أن يكسر نفسها فقد اصرت الجدة على هذه الفكرة وبالأخص بعدما رأت أنه يحمل بعض الشك بداخله أنها تكذب ففعلت لكي تقضى علي جميع شكوكه ، وهو وجدها فرصة جيدة لكي يأخذ القرار الصائب بشأن زواجهم .
بدأت الاسئلة تنهش عقله نهش .. أين ذهبت ؟ .. وماذا تفعل ؟ .. هل هي بخير ؟ .. كلها اسئلة تدور في حلقة واحدة ، وهناط طريقة واحدة للتخلص منها فامسك بهاتفه واخرج رقمها من قائمة الاسماء ليضع الهاتف على أذنه ينتظر ردها ، اجابت بعد وقت من الانتظار باقتضاب : 
_ نعم 

علاء بصوت غليظ : 
_ إنتي فين ؟ 

_ وعايز تعرف ليه .. مهتم أوي مثلًا ، متخفش أنا وحدي 

كانت نبرتها ممتعضة وحزينة فيجيبها هو متنهدًا بعمق : 
_ قولي مكانك ياميار هيجيلك عايز اتكلم معاكي شوية

غمغمت بخفوت بائس : 
_ لما ارجع ياعلاء قول اللي تحبه أنا دلوقتي محتاجة اقعد وحدي شوية أو بعيد عنك بمعنى أصح

هدر برزانة وهدوء دون أن يضغط عليها : 
_ ماشي براحتك ياميار مش هاجي بس قوليلي برضوا إنتي فين عشان ابقى عارف 

زفرت بخنق فليس هناك مفر من إخباره لكي تتخلص من اصراره ، تمتمت بنبرة عادية : 
_ قاعدة في كافيه ( .... ) وممكن اروح اقعد مع رفيف في المطعم شوية 

صمت لثواني قصيرة مترددًا في قول جملته القادمة ، يقولها أو لا !! .. حتى وجد لسانه ينطق بها من دون أن يشعر : 
_ طيب ابقى خلي بالك من نفسك  

انزلت الهاتف من على أذنها وضغطت على إنهاء الاتصال ، لترتسم على ثغرها ابتسامة مستنكرة جملته السخيفة بالنسبة لها .. ففي نظرها قد تكون متكلفة وليست بدافع الاهتمام الحقيقي !! ........

                                  ***
صعدت الدرج هي أولًا وخلفها هو حيث كان يحمل الأكياس وهي تحمل البعض الآخر ، فتحت الباب ودخلت ثم هو .. اغلق الباب بقدمه واتجه إلى غرفتها ليضع الأكياس على الفراش وويلتفت بجسده ناحية الباب فيراها تدخل وتقول بابتسامة عذبة : 
_ شكرًا 

لاحت بشائر الابتسامة على شفتيه واقترب منها بخطواط واثقة وهو يقول بنظرة ليست بريئة : 
_ على إيه بظبط ؟ 

لم تتزحزح من مكانها وبقت كما هي تقف بثبات تهتف ببعض الجدية :
_ إنك جيت معايا 

توقف أمامها مباشرة وقال بخبث : 
_ بس أنا مش عايز شكر بس 

رمقته بتعجب وفضول ليبتسم هو ويسترسل حديثه بغزل صريح بها ومنحرف : 
_ أصل البيت هنا عاجبني أوي وعليه عيون تسرق العقل ولا جسم إنما إيه بطل ، والضحكة 
حكاية ولا الشفـ.....

توردت وجنتيها بخجل وارتباك من نظراته وكلماته المنحرفة ، فهدرت به شبه منفعلة : 
_ حسن احترم نفسك 

انطلقت منه ضحكة عالية ثم اجابها بمشاكسة جميلة : 
_ عشان كدا بفكر آجي اقعد مع البيت العسل ده ، لإني الصراحة عندي اكتئاب حاد وعلاجه إني اعيش مع بيت يحتويني ، وأنا واثق إني مش هلاقي حد يحتويني اكتر منك .. اقصد البيت !! 

فشلت في حجب ضحكتها حيث اجابته مبتسمة باتساع على مشاكته : 
_ لا ياحسن مش هتقعد معايا هنا .. غير لما اصفالك تمامًا 

سكت لبرهة من الوقت ثم غمز لها وتشدق بتصنع البراءة : 
_ طيب أنا عندي فكرة هتخليكي تصفيلي على الآخر

عقدت ذراعيها أمام صدرها مبتسمة بسخرية على طريقته المزيفة في الظهور ببراءة ، يستطيع خداع أي أحد ولكن هي تعرف داخله المنحرف فقالت وهي تلوي فمها مستهزئة : 
_ إيه هو ؟ 

انحني على أذنها وهمس بعدة كلمات صدمتها .. هي كانت متوقعة أنه سيقترح اقتراح منحرف ولكن ليس إلى هذه الدرجة !! ، استحت واستاءت بذات اللحظة فبتلقائية منها ضربته بكفها على كتفه في غيظ هاتفة : 
_ امشي ياوقح 

كتم ضحكته بصعوبة وقال مازحًا بطريقة كوميدية وهو يهم بالانصراف : 
_ براحتك إنتي الخسرانة 

قوست ثغرها بقوة حتى لا ينفرج عن ابتسامة وقالت بحزم مصتنع : 
_ برا ياحسن 

ولاها ظهرها ورحل وهو يضحك وكذلك هي التي تركت حرية شفتيها لتفتر عن ابتسامة واسعة وهي تهمس بحياء بسيط : 
_ وبيقولها ببجاحة مهو منحرف هيتكسف إزاي !! 

                              ***
نزل من السيارة وقاد خطواته الساخطة إلى داخل المنزل وهي تبعته بخطا متعثرة ومتوترة .. وجدته يقف بجواره الباب ينتظرها أن تدخل لكي يغلقه وفي عيناه تستقر نظرة قاتمة ، دخلت باضطراب ليغلق الباب بكامل الهدوء ويهتف في نبرة لا تزال شبه عادية حتى الآن : 
_ أنا كلامي كان واضح جدًا لما قولتلك إنتي مش هتدّخلي وملكيش دعوة بالموضوع ده نهائي صح ولا لا ؟

أماءت له بالإيجاب وهي تجفل نظرها أرضًا لا تقوى على رفعهم إليه ، ليسترسل هو حديثه بسؤال صريح وصارم : 
_ واللي حصل دلوقتي ده إيه ؟

لم تجد الكلمات التي ستبرر بها عن نفسها ففضلت الصمت وبقت ساكنة كالصنم لا تنظر له فقط تحدق بالأرض ، ولكن اجتاحتها نفضة عنيفة أثر صيحته القوية بها : 
_ أنا بكلمك ياشفق ردي  .. إيه اللي عملتيه ده ، كذبتي عليا وقولتيلي نازلة تشتري شوية حجات وروحتي لعمك الحيوان ده في بيته ، يعني مش كذبتي عليا وبس لا كمان عصيتي اوامري اللي هي لمصلحتك وعشان خايف عليكي ، إنتي إيه ضمنك إنهم ميأذوكيش عشان تروحليهم بنفسك 

ادمعت عيناها بالدموع الحارقة وهي كما هي لا تنظر له .. مما استفزه هدوءها المبالغ فيه حتى أنها لا تحاول الدفاع عن نفسها لعل ضجره منها يهدأ قليلًا .
صاح بصوت جهوري : 
_ متفضليش ساكتة كدا قولي إيه اللي وداكي هناك من غير ماتقوليلي .. هتفضلي لغاية امتي كدا عديمة مسئولية ومش بتفكري في نتائج اللي بتعمليه أنا بعمل كل حاجة عشان اخليكي في آمان ومفيش حاجة تأذيكي وإنتي اللي برجليكي بتروحي للأذي 

اجهشت في بكاء عنيف وقالت بصوت مرتجف ومبحوح : 
_ كفاية ياكرم من فضلك 

سكت تمامًا واطال النظر في وجهها الغارق في الدموع فكاد أن يخر مستسلمًا أمامها ويعتذر منها ولكن يجب عليها أن تعرف خطأها جيدًا حتى لا تكرره مرة أخرى ، وسيتوجب عليه أن يكون أكثر صلابة أمام قلبه الذي ينخ لها من مجرد كلمة أو ابتسامة أو حتى لمسة ! .. اتاها صوته الغليظ وهو يقول بنبرة لينة قليلًا  : 
_ أنا كل اللي عايزك تفهميه هو خوفي عليكي ، وإنتي عارفة أنا بخاف من أن شعرة واحدة بس منك تتأذي ، وفاهمة إن عصبيتي أحيانًا مش بأيدي فارجوكي ياشفق اللي اقوله يتنفذ ومتكسريش كلمتي تاني مش عشان حاجة ده عشان مصلحتك لأن أنا مش همنعك من حاجة إلا وأنا عارف أنها ممكن تأذيكي .. كفاية عياط .. روحي اغسلي وشك وحقك عليا مقصدش ازعقلك كدا 

رفعت نظرها له أخيرًا وطالعته بدموعها السابحة في عيناها مطولًا ثم استدارت ورحلت لتتركه يتأفف ويمسح على وجهه بزفير حار .. هو شخصيًا اصبح يتضايق من انفعاله المستمر على أقل واتفه الأشياء ، هو ليس برجل من هذا النوع .. ماذا يحدث له لا يفهم ! ، أهل هذا بسبب المشاكل التي تلاحقهم دومًا وتجعله دائم الخوف والقلق بشأن زوجته ؟ ، فتجعل منه سريع التحول والانفعال ! .. أم ماذا ؟! ، أي كان السبب فهو لا يعجبه هذا الوضع ويجب عليه أن يجد حلًا سريعًا له !! .........

                                 ***
في مساء ذلك اليوم ......
اتجهت هدى إلى الباب بعد أن سمعت صوت رنينه ، مسكت المقبض وادارته ثم جذبت الباب إليها لتقابل " زين " بوجهها ابتسمت بحنو وسعادة فانحنى هو ناحيتها وعانقها بدفء متمتمًا : 
_ عاملة إيه ياست الكل وحشاني 

نكزته في كتفه بتذمر مصتنع من ابتسامة محبة : 
_ وحشاك إيه بس ياكذاب .. هو أنت فاكر حد أساسًا في الفسحة اللي اخدتها مع مراتك 

دخل ونزع حذائه عنه مغمغمًا بمزاح وهو يضحك : 
_ يبقى ظلماني كدا يادودو .. اخبار تيتا إيه ؟ 

_ كويسة الحمدلله طلعت يدوب من ربع ساعة تنام 

دار بنظره في أرجاء المنزل متمتمًا : 
_ امال رفيف فين ؟ 

_ في اوضتها فوق إنت عايزها في حاجة ولا إيه ؟ 

_ آه اندهي عليها عشان عايز اتكلم معاكم في موضوع كدا 

عقدت حاجبيها باستغراب تجيبه بحيرة : 
_ خير موضوع إيه ده ياحبيبي ؟! 

_ خير إن شاء الله 

فعلت كما طلب وذهبت لتخبرها بمجيء أخيها وأنه يريد التحدث معها ، فخرجت رفيف خلف أمها فورًا ورحبت بأخيها وهو كذلك ، ثم جلست بجواره على المقعد ، ليأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يبدأ حديثه بجدية تامة : 
_ اسلام اتكلم معايا النهردا وطلب إيد رفيف مني 

الدهشة الأكبر كانت من نصيب هدى التي نقلت نظرها بين ابنتها وبينه باندهاش ، أما رفيف فلم يصبها من الصدمة بقدر والدتها وكان الأمر مفرح بالنسبة لها ، تصنعت الذهول أمام أخيها وكأنها لا تعرف بشيء وأخفت سعادتها ! .
زين بنبرة رزينة : 
_ إيه رأيك يا ماما ؟

هدى بابتسامة عذبة : 
_ والله ياحبيبي أنا على قد ما اندهشت بس فرحت يعني إسلام أنا عارفاه كويس أوي وماشاء الله عليه راجل ومحترم .. الرأى في الأول والآخر لاختك سواء موافقة أو رافضة 

انتقل بنظره إلى شقيقته التي كانت شبه خجلة وتتابعهم بصمت ثم غمغم بحنو : 
_ صلى استخارة ياحبيبتي وفكري وردي عليا .. ولا إنتي مش موافقة أصلًا من البداية ؟ 

هزت رأسها بالنفي وتمتمت بحياء بسيط : 
_ هفكر واستخير ربنا يازين واقولك قراري إن شاء الله 

ملس على كفها بلطف وهو يبتسم مهمهمًا : 
_ إن شاء الله 

                                *** 
اتجهت يسر إلى الباب بعد أن سمعت صوت رنين الجرس .. مسكت المقبض ووقفت لثواني قصيرة تبتسم بخبث ثم اخفت ابتسامتها بسرعة وفتحت الباب لتنظر له بسكون قبل أن يتحدث هو بريبة : 
_ في إيه يايسر .. إنتي كويسة ؟ 

اماءت بالإيجاب وتجيبه زامة شفتيها للأمام : 
_ إنت شايف إيه ؟!! 

_ امال ليه اتصلتي بيا وبتقوليلي اطلعلي فوق بسرعة !!؟ 

استندت بكتفها على جانب الباب وقالت مبتسمة  في برود مقصود وبنظرات ملتذذة : 
_ أصل أنا جعانة واكتشفت أن الأكلة اللي هعملها في مكونات ناقصة ، وكنت عايزاك تروح تجيبهم ليا 

رفع حاجبه مستنكرًا طلبها منه في هذا الوقت المتأخر : 
_ دلوقتي !!! 

اماءت برأسها وقد اتسعت ابتسامتها ولكنها اخفتها تدريجيًا واعتدلت في وقفتها وهي تقول باستياء مزيف  : 
_ أه دلوقتي بس لو مش عايز خلاص مفيش مشكلة 

همت بالاستدارة فقبض على ذراعها يستوقفها هاتفًا : 
_ خدي هنا استني هو أنا قولت حاجة .. قولي إيه اللي عايزاه يلا ؟ 

عادت ابتسامتها لشفتيها حيث اجابته باسمة وهي تملي عليه طلباتها التي تريدها .
لم تكن تريد شيء فكل شيء موجود لديها فقط فعلت ذلك كيدًا فيه ولتستمتع  ! .. ظلت بانتظاره لدقائق طويلة حتى عاد وحمل الطلبات ووضعها في المطبخ فقالت بخفوت : 
_ شكرًا 

ثم بدأت في إخراج الطعام وبدأت في تحضير وجبة عشائها ، فرأته يقترب ليقف بجوارها ويهمس برقة تليق بصوته الرجولي : 
_ مش محتاجة مساعدة ؟

هزت رأسها بالنفي وقالت في كامل الهدوء وهي مثبتة نظرها على الذي تفعله :
_ لا شكرًا ياحسن امشي إنت خلاص 

ضيق عيناه بتعجب واجابها بمرح وأعين تنضج بالعشق : 
_ امشي !! .. طيب اعزمي عليا حتى وقوليلي اقعد اتعشى معايا ياحبيبي ، أي حاجة .. بقى بزمتك مصعبتش عليكي من يوم ماجيت هنا وأنا نص أكلى من برا ، ده أنا حتى وحشني الاكل الحلو من إيدك ياحلو إنت 

لم يسعدها كلامه هذه المرة بل ظهر العبوس على محياها عندما عكرت صفوها ذكرى سيئة من ذكرياتهم ، فابتسمت بمرارة وقالت مستنكرة آخر جملة : 
_ وحشك !!! .. ليه مش على أساس أنا مبعرفش أعمل أكل وأنه قرف لدرجة إنك رميته في الزبالة ، فاكر ولا نسيت ! 

لم تنسى أي موقف جرحها فيه ، هي كانت تتناسى جميع مواقفه لكن بعدما ساءت علاقتهم لم تتمكن من التظاهر بالتناسي وكلما ترغب بمسامحته تتذكر أحد مواقفه القاسية معها فينمو بداخلها شعور الخوف من أن تعطيه الفرصة فتعود معاناتها من جديد ، والآن فقط هو فهم لماذا لا تسامحه بسهولة !! . 
اجفل نظره بخزي من نفسه وتمتم معتذرًا بصدق وضيق : 
_ أنا آسف.. عارف إني جرحتك كتير وكنت متخلف بس حقيقي أنا ندمان على كل حاجة قولتها وعملتها 

بذلت اقصى مجهود في أن تتحكم في دموعها ، لكن انسابت على وجنتيها بحرقة وهي تأبى النظر له حتى لا يراهم بوضوح ، شعرت به يلف ذراعه حول كتفها ويضمها لصدره وباليد الأخرى مسك بكفها يرفعه لشفتيه ويلثمه بعدة قبلات ناعمة هامسًا بعاطفة جيَّاشة وحب : 
_ أنا طلبت منك فرصة تاني عشان نبدأ من جديد وفي صفحة جديدة تمامًا ، واوعدك إني هخليكي تنسى كل حاجة وحشة ومش هتفتكري غير ذكرياتنا الحلوة مع بعض 

تسمح له بلمسها لأول مرة منذ انفصالهم ، اغمضت عيناها براحة وسكينة وهي تشعر بدفء أحضانه .. اشتاقت له أكثر مما يتخيل حتى ، الآن فقط احست بأن روحها التائهة قد سكنت في جسدها ووجدت مستقرها ، ودت لو تبقى بين ذراعيه وهو يحتضنها هكذا للأبد لكي تعوض أيام فراقها عنه ، لكن سحبت نفسها منه بهدوء وجففت دموعها متمتمة دون أن تنظر له : 
_ خلاص روح إنت وأنا لما اخلص الأكل هنزّلك منه 

" فيما كنت اتحدث وبماذا تجيبين إنتِ !! " قالها لنفسه مستنكرًا بضحك ثم هتف برفض وبمداعبة غامزًا : 
_ تؤتؤ مش همشي أنا عايز اساعدك ياستي إنتي مالك الله 

_ لا متساعدنيش 

ضحك وهتف بكامل اللطافة : 
_ خلاص هقف اتفرج عليكي 

زفرت بنفاذ صبر وقالت بجدية : 
_ قدامك حلين يا تنزل الشقة تحت ياتطلع وتنساني برا لغاية ما اخلص .. لكن متقفش معايا في المطبخ عشان مش برتاح

ابتسم ببساطة عندما فهم سبب رفضها لوجوده معها الذي سيوترها فغمغم باستسلام : 
_ طيب هطلع اتفرج على التلفزيون في الصالة برا 

ثم استدار وانصرف فتنهدت هي بقوة ولاحت على ثغرها ابتسامة مغرمة ومستكينة ! ......

                                   ***
ترجل من سيارته وقاد خطواته نحو المنزل ومن ثم صعد الدرج متجهًا إلى غرفته ، فتح الباب ودخل فرآها تجلس على الفراش بصمت وبيدها هاتفها تعبث به وتتصفح أحد مواقع التواصل الاجتماعي ، أصدر تنهيدة قوية ثم اغلق الباب ونزع عنه سترته هاتفًا : 
_ جيتي إمتى ؟ 

اجابته باقتضاب دون أن تنظر له : 
_ بعد العصر 

جلس على حافة الفراش بجانبها وبدأ في نزع حذائه عنه متمتمًا بهدوء تام وكأن كل شيء لم يكن : 
_ قاعدة صاحية ليه مش المفروض إن بكرا أول يوم كلية ليكي 

رغم كل ماحدث ويتصرف بطبيعية ويلقي عليها الأوامر أيضًا بدلًا من أن يعتذر منها أنه لم يصدقها وجرحها بموافقته على ما طلبته الجدة في فحصها عند طبيب ليتأكدوا من عذريتها !! .
هدرت بسخط وعنادًا به لكي تغضبه : 
_ لا ما أنا قررت إني مش هروح الكلية لإني هرجع المانيا وهكمل هناك في كليتي وده طبعًا بعد مانتطلق 

نجحت بجملتين فقط في اثارة غضبه كما كانت تريد حيث التفت برأسه نحوها وقال بغلظة وحدة : 
_ قولنا قبل كدا مليون مرة موضوع المانيا ده تنسيه تمامًا ، مفيش رجوع هناك حتى لو حصل واطلقنا 

ميار بكل برود أعصاب وعدم اكتراث لما يخرج ما شفتيها : 
_ وأنا بكرهكم مش عايزة اعيش معاكم ، وحقيقي أنت خلتني اندم إني حسيتك مختلف عنهم وهتقف معايا وهتدافع عني وهتصدقني بس طلعت زيهم مفيش حد عنده استعداد ياجي على نفسه شوية ويصدقني ، أنا مصدمتش في نينا النهردا قد ما اتصدمت فيك .. أنا عارفة إنك مش عايزاني وعايز تطلقني ومش بتحبني بس كنت متخيلة إنك صدقتني وطلعت غلطانة للأسف 

اطرق رأسه أرضًا بوجه بائس لتهتف هي بصوت مبحوح : 
_ ما تتكلم ساكت ليه ؟ 

أخذ نفسًا عميقًا ثم هتف بأسى : 
_ لما تيتا قالتلي كدا أنا مقدرتش ارفض يا ميار .. كان لازم اوافق عشان اقضي على أي ذرة شك جوايا حتى لو أنا مصدقك ففي صوت جوايا بيفضل يشكنني فيكي ، فوافقت عشان اثبت لنفسي إنك على حق .. وعشان أنا كمان مش عايز يفضل الشك ده جوايا وعايز نكمل في علاقتنا بطريقة أفضل واحلى

قالت باستهزاء وهي تبتسم بحزن :
_ ليه وهو إنت عايز نكمل مع بعض !!! 

لم تجد رد منه سوى الصمت  فاتسعت ابتسامتها وأجابت بجفاء : 
_ طيب أي كان ردك سواء بأيوة أو لا .. أنا مش عايزة أكمل ياعلاء وحتى مشاعري اللي كانت تجاهك مش عايزاها 

صدمته بجملتها الأخيرة حيث ضيق عيناه مدهوشًا وهتف بترقب لردها : 
_ مشاعرك تجاهي !!! 

ادركت السذاجة التي تفوهت بها فلعنت نفسها الحمقاء ألف مرة وحاولت التهرب من سؤاله بقولها : 
_ تصبح على خير 

مدت يدها على الغطاء وهمت بسحبه علي جسدها لكي تتمدد وتخلد للنوم كوسيلة للهرب منه ولكنه قبض على رسغها هاتفًا بفضول : 
_ قصدك إيه ياميار ، وياترى المشاعر دي كانت كره ولا حاجة تاني ؟ 

انفعلت ودفعت يده هاتفة بخنق : 
_ مش قصدي حاجة ياعلاء .. أنا عايزة انام ممكن ! 

تمددت على الفراش وولته ظهرها فبقى هو بنفس وضعيته يحملق بها بشرود للحظات يفكر فيما قالتها ، ثم وقف واتجه للحمام لكي يبدل ملابسه بعدما لم يصل لإجابة على حيرته ! .......

                                ***
انتهت من تحضير كوب القهوة الخاصة به .. لم يطلبها ولكنها فعلتها كاعتذار بسيط ولكي تجد سبب لتتحدث معه ، فهو منذ الصباح لا ينظر بوجهها ولا يتكلم معها ولم يعطيها مجرد ابتسامة رقيقة حتى !! .. هي مخطئة ومعترفة بخطأها وأيضٌا تضايقت من طريقته العنيفة وانفعاله عليها ، وبنفس ذات اللحظة تقول لنفسها أنه على حق فبالتأكيد قلق عليها وهي تعرف أنه لا يغضب هكذا إلا عندما يكون الأمر يخص سلامتها وخوفه عليها .. لم تعد تعرف اتعتذر له مباشرة أم تنتظر حتى يهدأ غضبه منها وستعود المياه لمجرايها !! .
وصلت أمام باب مكتبه وفتحته ببطء شديد ثم دخلت واقتربت منه لتضع الكوب على سطح المكتب أمامه ، رفع نظره لها وقال بجفاء غير متوقع منه : 
_ أنا مطلبتش منك قهوة ! 

لوت فمها بيأس ثم التقطت الكوب مجددًا وهي تهتف بنبرة قوية : 
_ آسفة 

سارت باتجاه الباب وبينما هي في طريقها لتنصرف .. انزلقت قدمها عن غير قصد وسكبت القهوة عليها فتركت الكوب من يدها ليقع على الأرض ويتناثر لأجزاء وتصدر هي تأوهات متألمة بشدة .. هب واقفًا مذعورًا وهرول إليها يمسك بيدها المحروقة وملابسها التي تلطخت بالقهوة فيهتف بزعر : 
_ مش تاخدي بالك ياحبيبتي .. وريني إيدك 

رفع يديها ينظر إليهم فيرى أحمرار شديد وهي تتألم بشدة فهتف بقلق : 
_ تعالي غيري هدومك بسرعة وهحطلك مرهم للحروق 

سارت معه حتى وصلا للغرفة وبحث هو بالادراج عن المرهم حتى عثر عليه واخرجه ثم اقترب منها وتمتم : 
_ تعالى هحطلك منه 

التقطته من يده وهدرت بحزم بسيط وضيق ملحوظ في نبرة صوتها ونظرتها :
_ خلاص ياكرم روح أنا هغير هدومي واحطه 

_ هساعدك مش هتعرفي تغير هدومك وإيدك كدا

_ لا هعرف متقلقش روح كمل شغلك 

لم يعيرها اهتمام واتجه إلى الخزانة ليخرج منها ملابس لها ثم عاد ومد يده لبلوزتها يفك ازارها فابعدت يده هاتفة باستياء بسيط : 
_ بتعمل إيه .. قولتلك هغير أنا و.... 

توقفت عندما لمست يدها يده فألمتها أكثر ومسكت بها تصدر أنينًا متوجعًا .. لوى فمه باستنكار وكأنه يقول " لقد اخبرتك ! " .
شفق بخفوت وهي تجذب من يده البلوزة : 
_ هات أنا هغير 

ولته ظهرها وأكملت فك الازار ونزعت ذراع البلوزة بحرص شديد حتى لا يؤلمها ولم يستمع لها رغم كل هذا حيث مسك بالملابس النضيفة وساعدها على ارتدائها ومن ثم اجلسها على الفراش وبدأ بوضع المرهم على الجزء المحترق في يدها ، فنسابت دموعها على وجنتيها بغزارة ليس بقدر تألمها ولكن بقدر حزنها من جفائه .. انتبه لها بعدما انتهى فعبس وجهه وهم بأن يتحدث فجففت هي دموعها فورًا وقالت بصوت مبحوح : 
_ ايدي بتألمني أوي عشان كدا عيطت .. أنا هنام تصبح على خير 

تمددت على الفراش بعد أن ارتدت قفازات على يدها موضع المرهم والحرق .. تنهد هو بعدم حيلة فقد فشل في الصمود أمام دموعها ولم يسمح له قلبه بأن يتركها تنام الليلة وهي تبكي .. مدد نصف جسده بجوارها وانحنى عليها من الخلف يطبع قبلة على وجنتها هامسًا بحنو : 
_ معاش ولا كان اللي يخلي أميرتي تعيط .. متزعليش ياروحي أنا اتعصبت عليكي لأنك فعلًا غلطانة ومكنش ينفع تكسري كلمتي صح ولا لا ، ورغم إنك غلطانة هتنازل واقولك صافي يالبن بس بشرط إنك تصالحيني 

التفتت له برأسها وقالت بعدم فهم : 
_ اعتذرلك يعني ؟ 

قال باسمًا بلؤم وهو يغمز لها : 
_ تؤتؤ الاعتذار ده كلام أنا عايز أفعال

فهمت مبتغاه المنحرف فتنهدت مغلوبة على أمرها واعتدلت في نومتها لتقترب وتطبع قبلة عميقة على وجنته هامسة برقة وحب :
_ أنا آسفة اوعدك مش هتتكرر تاني 

ابدى عن رفضه لطريقه مصالحتها له حيث قال بضيق : 
_ لا مش بتصالح بدي أنا 

_ امال بتتصالح بإيه ؟!!!

وجدته يقترب منها فتراجعت برأسها للخلف هاتفة بحيرة : 
_ هتعمل إيه ؟!

 كرم بابتسامة عريضة :
_ هوريكي بتصالح إزاي عشان تصالحيني بيها 

هزت رأسها بالنفي متمتمة بضحك : 
_ لا مش عايزة اشوف خلاص بكرا هبقى اصالحك 

قوس وجهه محتقنًا وهتف : 
_ بكرا إيه هو النهردا يا بلاش .. هاا تختاري إيه ؟ 

عادت تتمدد على الفراش مجددًا مغمغمة بابتسامة خجلة : 
_ يبقى بلاش احسن 

اغتاظ بشدة فمد يده واطفأ الضوء وتشدق بوعيد حقيقي :
_ شكلك كدا مش هتاجي بالذوق 

انطلقت منها ضحكة مرتفعة من بينها هتفت باسمه عندما اغار عليها ينل منها ما رفضت اعطائه ولكن على طريقته الخاصة !! ......

                               ***
ملاذ بنبرة مرحة ومعاتبة أيضًا : 
_ بقى كل ده يحصل ومحدش يقولي .. ماشي يا إسلام 

_ ما أنا قولتلك أهو .. أنا كنت بس منتظر لغاية ما أكون متأكد وافاتح زين بالموضوع الأول وأهو كلمته 

تصنعت الضيق والضجر وهي تجيبه : 
_ إيه يعني قصدك إني كنت هقول لزين مثلًا !!

إسلام ضاحكًا بمشاكسة : 
_ ده أكيد أنا عارف كدا .. من فرحتك مش هتقدري تمسكي لسانك فعشان كدا قولت لماما متقولكيش إلا لما اكلم زين 

قهقهت بقوة ثم أجابته برزانة وبعض الجدية : 
_ ده أنا طايرة من الفرحة .. واطمن أنا واثقة إن رفيف هتوافق إن شاء الله ياحبيبي 

_ إن شاء الله 

خرج زين من الغرفة ونظر لها باستفهام عندما سمعها تهتف بـ " حبيبي " فهمست دون أن يصل الصوت لمسمع أخيها :
_ إسلام 

أماء بتفهم واقترب ليجلس بجانبها بينما إسلام فسمعته يهتف بنبرة عادية : 
_ أنا هقفل بقى يازوزا عشان اروح انام معايا شغل الصبح بدري 

_ ماشي ياحبيبي تصبح على خير وابقى سلملي على بابا وماما 

انزلت الهاتف من على أذنها بعدما انهت اتصالها مع أخيها ، والتفتت للجالس بجوارها تقول بحماس : 
_ إنت شوفت رأى رفيف ولا لسا

زين بخفوت : 
_ كلمتها هتصلي استخارة وترد عليا بقرارها 

ملاذ بعذوبة وفرحة غامرة : 
_ خير إن شاء الله .. فرحانة جدًا والله بالخبر ده 

لم ينتبه لحديثها فقد كان عقله مشغولًا بشيء آخر .. يشعر بنفسه كأنه تائه في وسط غاب ولا يدري أهو بأولها أو آخرها أو منتصفها ، لا يعرف حتى إيه طريق النجاة !! .
تعجبت من شروده وسكوته الغريب فاقتربت منه أكثر هامسة بريبة ونظرات تحمل الحيرة : 
_ زين ! .. مالك إنت من وقت مارجعنا من الرياض وحاسة إن في حاجة مضيقاك ودايمًا ساكت وسرحان كدا ، احكيلي ياحبيبي 

نظر لها وغمغم بابتسامة منطفئة : 
_ مفيش حاجة مهمة ياحبيبتي .. مشاكل الشغل العادية  

استندت بكلتا كفيها على كتفه وهمست بدلال انوثي ورقة : 
_ طيب ولسا برضوا مش عايزني اروح لدكتورة 

تنهد الصعداء بصوت مسموع وتمتم بكامل اللطف : 
_ احنا مش اتكلمنا في الموضوع ده ياملاذ وقولتلك سيبه براحته وقت ما ربنا يريد هيتم 

انتصبت في جلستها وابتعدت قدر سنتي مترات عنه متمتمة في نعومة امتزجت ببعض الجدية : 
_ بس أنا مش مطمنة وخايفة يكون في مشكلة فعايزة اروح اطمن مش اكتر  

لن تفهمه ولن يستطيع شرح موقفه لها .. وسيظل وضعهم هكذا هي تريد وهو لا يتمكن من اخبارها ، حتمًا لابد من وجود حل لهذه المعضلة قبل أن يصلا لمفترق طرق مغلق ! .
هب واقفًا وقال شبه مختنقًا : 
_ اعملي اللي تعمليه ياملاذ مش فارقة 

تابعته وهو يرحل شبه منذهلة من ردة فعله المعاكسة والعجيبة ، ماذا يقصد بافعلي ما تريدين ؟!! .. كأن الطفل الذي ترغب في انجابه سيكوت طفلها بمفردها وليس طفلهم معًا ! ، ألا يريد هو أيضًا طفل ؟ .. باتت لا تفهم تصرفاته الغريبة ولكنها بدأت تغضبها وتسأم منها !! ........

                               ***
دخل كرم في غرفة مكتبة الخاصة واغلق الباب خلفه لكي يستطيع التحدث براحة أكثر بعيدًا عن آذان زوجته ! .. أجاب على هاتفه وتحدث بنبرة عادية : 
_ أيوة ياحسن 

_ هااا اديني اتصلت بيك ممكن بقى تفهمني إيه اللي بيحصل !! 

غمغم كرم بصوت رجولي أجشَّ : 
_ اللي بيحصل إن كمال الحسيني حطلي حشيش في العربية عشان يلبسني تهمة وادخل السجن بس من ستر ربنا إن الموضوع عدى على خير ومحصلش حاجة 

انطلقت من حسن ضحكة متغطرسة وهو يهتف : 
_ حشيش مرة واحدة !! .. وده طبعًا بسبب شفق ؟

_ بظبط ومن الآخر كدا الراجل ده مش هيتهد إلا لما ودنه تتقرص كويس أوي ، وعشان عقلهم ميوزهمش بس إنهم يقربوا من مراتي 

حسن بنبرة غليظة وحادة : 
_ شكلهم محرموش من أيام سيف .. ماعلينا طالما الموضوع كدا هبقى اعمل اللي اتفقنا عليه واكلمك ، بس بلاش تدخل معاهم في مشاكل دلوقتي خالص ياكرم لغاية ما اخلص كل حاجة 

هدر الآخر بنظرات شيطانية : 
_ متقلقش هتسلى عليهم بس بشويش

ضحك بخفة وأجابه مازحًا : 
_ يلا ربنا يرحمهم بقى بما إنك ناويت عليهم 

                              ***
بعد مرور ثلاث أيام .........
خرجت رفيف من غرفتها عندما رأت مجيء أخيها من الشرفة .. حسمت قرارها وستخبر أخيها عنه ! .
وقفت على آخر الدرج تنظر لهم كانوا يتبادلون الأحدايث بمرح كُل من الجدة وهدى وزين ! ، تحركت بخطواتها تجاههم ورحبت بأخيها ثم جلست على أحد المقاعد تنضم لهم .. تأخذ نفسًا عميقًا قبل أن تبدأ في حديث الذي كان كالآتي : 
_ زين أنا صليت استخارة الحمدلله وفكرت كويس و.....

توقفت عن الكلام ودارت بنظرها بينهم جميعًا فرأت علامات الاستفهام تعلو محياهم ، تحدث زين بصلابة : 
_ وموافقة ولا لا ؟! 

.................. نهاية الفصل ..............

 

#ندى_محمود

  •تابع الفصل التالي "رواية ضروب العشق" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent