Ads by Google X

رواية لأجلك انت الفصل الثامن و الثلاثون 38 - بقلم وداد جلول

الصفحة الرئيسية

   

 رواية لأجلك انت الفصل الثامن و الثلاثون 38 -  بقلم وداد جلول

مطالبة بعودة العشق
                                    
                                          
خُذني إليك 



إِنيّ ظَلامٌ يَرتَجي وجْهَ الضُّحى 



حنينٌ هامَ كَهمْسِ سَرابٍ بِوهْمٍ قَضى 



يُسابقُ وهْجَ صحوةٍ فيها الرَّجاء 



خُذني إليك 



نائمة تلك الفتاة بسلام، ولكن أظن أنها كانت تلعب المصارعة في نومها، فهي نائمة كالأموات، فقد كان نصف جسدها على الأرض وقدميها ممددة على السرير، تنام بعشوائية وشعرها منسدل على الأرض، استيقظ باسل ونهض بنصف جسده ليرى بوجهه قدمان صغيرتان، رمش عدة مرات ليمد رأسه ويرى ماريا نائمة بتلك الوضعية، جحظت عيناه بصدمة من ذلك المنظر وسؤال واحد يتردد في عقله پـ (من هذه)، لم يعلم بأن حبيبته وزوجته تلعب المصارعة وهي نائمة، نهض من على سريره ليتوجه للناحية الأخرى ويحمل زوجته ويعدل وضعية نومها العجيية مبتسماً على نومها الطفولي، مرر يده على أنحاء وجهها لتتململ بانزعاج وتتسع ابتسامته على منظرها، ظل يحرك يده على وجهها وهي تتململ وتهمهم بانزعاج، تذكر باسل ليلة أمس وماذا حدث لينظر لها بهيام ويقترب منها ويقبلها قبلة سطحية على فمها، لقد كانت أسعد ليلة في حياتهما، عندها علم ماهو معنى الحب والسعادة وهي بين أحضانه، حاول إيقاظها ولكن لا حياة لمن تنادي، حركها بعنف وقد بدأ يفقد أعصابه من نومها الثقيل، بدأت ماريا تهمهم لتفتح نصف عيناها وتنظر له، ضحك باسل على مظهرها ليقول وهو مقترب من وجهها:



"صباح الخير ياحبيبتي الباندا"



نهضت بنصف جسدها لتعقد حاجبيها وتتحدث بغضب طفولي ونبرة ناعمة:
"لست باندا بسبوسي، أهذا هو صباحي كـ عروس كانت ليلة زفافها في الأمس"



همهم باسل ليقول:
"ممم حقاً؟ وهذه الوضعية التي كنتي تنامينها تدل على أنكِ عروس جديدة"



عقدت حاجبيها باستغراب لتقول:
"أي وضعية؟ أنا أنام بهدوء ونومي خفيف كالريشة"



صعق باسل من جوابها لإنها لم ترى نفسها وهي نائمة، حرك رأسه بغيظ ليسمعها تقول: 
"أين الفطور بسبوسي" 



تحدث بتهكم: 
"حبيبتي هيا انهضي وجهزي الفطور لنأكل هيا" 



صرخت بوجهه: 
"لااا أنا عروس ويجب عليك أنت أن تجهز الفطور" 



أنهت جملتها وضمت ذراعيها لصدرها، نظر لها باسل بغيظ ليبتسم بخبث ويقول: 
"حبيبتي هل أعجبتكِ القطة التي تلد فئران" 



نظرت له بصدمة وبعدها أخفضت رأسها وتوردت وجنتيها خجلاً ولم تجب، ليردف لها مبتسماً بشغب: 

 
"بالنسبة لي لقد أعجبتني كثيراً، والآن مارأيكِ بجولة أخرى" 



جحظت عيناها بصدمة وصرخت: 
"لاااا لا أريد، منحرف" 



لم يسمعها ولم يدعها تكمل لإنه انقض على شفتيها بسرعة، لتبادله ماريا بعد محاولاتها التي باءت بالفشل ويحلقان سوياً في عالمهما الخاص.



---------- 



بينما من الجهة الأخرى 
تململ ليث في فراشه ليستيقظ وينظر لجانبه ويرى رنيم نائمة بجانبه بهدوء، ابتسم واقترب ليتحسس وجنتها ويتأمل شكلها اللطيف وهي نائمة، اقترب وطبع قبلة على وجنتها وهو مبتسم، لتتململ رنيم وتفتح عيناها وترى ليث مقترب منها، شهقت بخفة ليضحك عليها ويملس على شعرها ليقول: 
"صباح الخير يازوجتي الجميلة" 



ابتسمت بخجل لتقول: 
"صباح الخير" 



اتسعت ابتسامته وطبع قبلة سطحية على شفتيها لتدفعه مبتعداً عنها من شدة خجلها بينما ليث ضحك على خجلها، توجهت لحمام غرفتهما وغسلت وجهها ومن ثم توجهت للمطبخ لكي تعد الفطور لتشعر بيدان تحاوط خصرها، شعرت بأنفاس زوجها على رقبتها، توترت من قربه ولكنها مستمتعة بذلك الشعور، بينما ليث كان يدفن وجهه برقبتها ويقبلها قبلات متقطعة، جعلها تستدير له لينظر لوجنتيها المتوردة، ابتسم لها لتبادله بخجل وتحدثه: 



"سأعد الفطور" 



همهم لها ليتحدث: 
"هل تريدين المساعدة" 



تحدثت رنيم: 
"لا شكراً، هيا اخرج وانتظرني في الصالة" 



اقترب وطبع قبلة على وجنتها ليتحدث: 
"وإن لم أفعل" 



ابتسمت لتقول: 
"اذهب هيا، وسآتي بعد قليل" 



حرك رأسه بإيجاب ليقول متصنع البرائة: 
"مارأيكِ أن نتوجه لغرفتنا بدل الفطور" 



نظرت له بعينان جاحظة لتقول بتوتر: 
"هاا؟ لا لا سنبقى هنا أفضل" 



حرك رأسه نافياً ليقول: 
"لا سنذهب لغرفتنا هيا" 



ابتلعت ريقها وحاولت التملص من بين يديه ونجحت لتبتعد عنه وينظر لها بغيظ، تحدث بإصرار: 
"حسناً سنتناول الفطور ونصعد لغرفتنا" 



نظرت له وعبست لتكمل إعداد الفطور بهدوء تحت نظراته التي تأكلها، جلسا وتناولا فطورهما تحت مشاغبات ليث لها وظلت رنيم تماطل في أكلها فقط من أجل أن تنسيه الأمر، بينما ليث بدأ يمل وانزعج من مماطلتها ليقول بنفاذ صبر: 



"هيااا رنيم" 



نظرت له ببراءة لتقول: 
"ماذا" 




        
          
                
زفر بحنق ليقول: 
"ارحميني لم أعد أحتمل" 



تحدثت بتوتر: 
"اا مازلت أتناول فطوري مابك" 



نهض من على المائدة وأنهضها من على الكرسي ليحملها بين يديه ويقول: 
"سأطعمك ألذ فطور ولكن في غرفتنا" 



أنهى جملته واتجه بها لعالمهما الذي يمارسان فيه حبهما وجنونهما اللامنتهي. 



__________________ 



يجلس في غرفته بهدوء، ينظر للاشيء ببرود تام، شارد، كئيب، حزين، يتذكرها ويتذكر كل شيء يخصها، تذكر لقاءهما في البارحة وكيف عذبت فؤاده وتجاهلته ببرودها الذي كرهه ومقته، لم يستطع تحمل جفائها، في كل مرة كان يقسم بأن ينساها ولكنه يعود ويتذكرها ولا يستطع إخراجها من رأسه، ظل يتذكر مواقفهما جميعها وأولها برودها وجفاءها، كلماتها ليلة أمس تتردد في عقله وتتغلغل في داخله لتهشم قلبه، نهض من على سريره واحتدت نظراته، أمسك برأسه وأغمض عيناه على أمل أن يخرجها من رأسه، دخل بحالة هستيرية، يحطم ويكسر كل شيء يراه أمامه، لم يستطع التحكم بأعصابه، هي وحدها من تستطيع أن تقوضه للجنون وهي وحدها من تستطيع أن تهدأه بكلمة واحدة منها، أتلفت أعصابه وأحس بنيران تأكل صدره، لا يعلم من أين سيجدها، جفاء محبوبته التي يموت بها حباً، أم والداه اللذان ظلماه وفعلا به مافعلاه، ظل على نوبة جنونه هذه إلى أن دخلت عليه والدته ورأت ذلك المنظر، كل شيء كان محطم، الزجاج المتناثر، والغرفة التي قلبت رأساً على عقب، تصنمت في مكانها من ما رأته، بينما آسر عندما رأى والدته أمامه احتدت نظرته وأشاح بوجهه عنها، احترق قلبها لأجله وهبطت دموعها على وجنتها، اقتربت منه بحذر وجلست أمامه لتمد يدها وتمسح على شعره، بينما هو ساكن بمكانه لا يبدي أي ردة فعل ولا يسمع له صوت سوى أنفاسه المتسارعة، تحدثت أمينة بحنان: 



"حبيبي مابك ياقلب أمك" 



نظر لها ببرود ولم يجب لتبتلع ريقها وتردف له: 
"آسر حبيبي قل لي ما بك" 



تحدث بنبرة تحذيرية: 
"اخرجي من هنا حالاً، الزفاف انتهى، بإمكانكِ أن تعودين أنتِ وزوجكِ من حيث جئتما" 



اشتد بكائها لتقول: 
"ألم تسامح بعد؟ ماهذه القسوة يا آسر؟ لقد تعبت جداً، حباً بالله سامحني وسامح والدك، قلبي يحترق، أيهون عليك حرقة قلبي يا آسر" 



نظر لها بعتاب ليقول: 
"أنتما من تركتماني وحيداً يا أمي، لم تأبها لحالي أبداً، كيف تريدينني أن أسامحكما ها" 



ابتسمت بسرها وكم كانت متشوقة لسماع كلمة أمي من بين شفتيه، مسحت دموعها لتتحدث: 
"أجل نحن أخطئنا بحقك ولكن أقسم لك بأننا ندمنا كثيراً، نحن نحبك كثيراً، أنت ولدنا الوحيد ولن تهون علينا، لا تعلم كم الألم الذي كنا نعانيه بغيابك" 




        
          
                
نظر لها بضعف، لم يعد يستطع المكابرة، يحتاج حنان والدته وقوة والده، يحتاج حضنهما، تهدمت حصونه ولم يعد يستطع أن يخفي أوجاعه، أحس كم هو ضعيف في هذه اللحظة وارتمى بأحضان والدته، بينما هي لم تسعها الدنيا من فرحتها، ظلت تمسد على شعره، بعد وقت ليس بطويل تنهدت أمينة بقوة وقبلت جبين ولدها بحنان بالغ، كانت فرحة جداً بسكونه بين أحضانها، بينما هو شعر بأن أوجاعه قد خففت عنه قليلاً، لإنه كان يحتاج لهذا الحضن كثيراً، تحدثت والدته بنبرة حنونة: 



"ألن تقول لي ما بك؟ أعلم بأنك تخفي شيئاً عني، هل سبب نوبة جنونك هو تلك الفتاة التي كنت واقفاً معها البارحة" 



فصل العناق ليتنهد بقوة ليقول: 
"أجل أمي هي لا تشعر بي أبداً، أنا أحبها كثيراً صدقيني" 



ابتسمت بخفة لتقول: 
"حسناً اذهب واطلبها للزواج" 



ابتسم بسخرية ليقول: 
"أنتِ لا تعلمين شيئاً مما حدث بيني وبينها" 



همهمت والدته لتقول: 
"حسناً وأنا الحضن الحنون لك، بإمكانك أن تقول لي وتخرج كل مافي قلبك" 



نظر لها وابتسم من عيناه ليقترب ويطبع قبلة على رأسها، ابتسمت ابتسامة واسعة بفرحة كبيرة، وضع رأسه على قدميها ومدد جسده على الأريكة، يينما هي ملست على شعره لتقول: 



"هيا حبيبي قل ما في قلبك" 



حدثها بكل شيء حدث بينه وبين آسيل، منذ أول لقاء بينهما إلى ليلة أمس، بينما هي كانت تستمع له بتركيز وإمعان، احترق قلبها على حال ابنها والحالة التي وصل لها، أما آسر فقد أنهى حديثه وتنهد بقوة وصمت، تحدثت أمينة بهدوء: 



"أنا أشعر بك ولكن أنت تخليت عنها، هي كانت تريد مصلحتك، لماذا لا تفكر بروية؟ حبيبي أعلم بأن العتاب لا يجدي نفعاً الآن ولكنني أريدك أن تعلم بأنها ليست وحدها المخطئة، كلاكما أخطئتما ولم تعلمان كيف تحافظان على حبكما، لا تتركها يا آسر، اجعلها لك وحارب من أجلها، لقد رأيتها البارحة ورأيتها كيف كانت تحدثك بجمود، ولكن لمعة عيناها أكدت لي بأنها مازالت تحبك، لذلك لا تتخلى عنها، هي ظلمت كثيراً ورأت الكثير، كن سندها ورجلها، أنا متأكدة بأنها تحبك كما تحبها أنت" 



كلماتها جعلته يشعر بالراحة جداً، وكأنها وضعت يدها على جرحه لتخفف عنه آلامه بكلماتها الحنونة وحثها على تشجيعه بعدم الاستسلام، اعتدل بجلسته وابتسم لها ابتسامة واسعة وحرك رأسه بإيجاب، ليرتمي بأحضانها من جديد وهو يشعر براحة كبيرة، وكيف أن لا يشعر بهذه الراحة ووالدته التي حرم منها عشر سنوات عادت لتداريه وتوجهه وتبثه حنانها. 



ابتسمت له بحنان بالغ ليبادلها بسعادة، بينما جلال كان يقف ويستمع لحديثهما بالكامل، آلمه قلبه على ولده واحترق فؤاده لأجله، شجع نفسه ليدخل عليهما، بينما نظر له آسر بهدوء، وقف جلال بصمت ولم يتحدث ولم يعلم كيف ومتى أصبح ولده بأحضانه، صدم أولاً ولكن ما لبث وعاد لواقعه ليبتسم بسعادة بالغة، كل مايعلمه بأن ولده الوحيد قد سامحه بمجرد عناق، فصلا العناق ليبتسم له آسر بهدوء ويبادله والده، وضع يده على كتف ابنه ليقول: 




        
          
                
"ابني الوحيد أصبح شاباً وسيماً ووقع في الحب أيضاً" 



أحرج من هذه الكلمة، فها قد عاد آسر بشخصيته المرحة والضحوكة أمام والداه، وضع يده خلف رقبته بعفوية وإحراج ولم يتحدث، ليضحكان والداه على مظهره.
وها قد عاد شمل العائلة من جديد بعد طول انتظار وطوال عشر سنوات، ولكن بالنسبة لآسر لن تكتمل عائلته بعد إلا عندما يعيد محبوبته لأحضانه ويجعلها زوجة له، وهنا ستطيب جميع أوجاعه وتبدأ حياته بأخذ الجانب المحب والسعيد، وبهكذا يصبح لا يريد ولا ينقصه شيئاً من هذه الدنيا سوى دوام هذه السعادة عليه وعلى عائلته. 



_________________ 



جالسة في غرفتها تنظر أمامها ببرود تام، ولكن نظرة الحزن ظاهرة بعيناها، ندمت أشد الندم على حديثها البارد معه في ليلة أمس ولكن بالنسبة لها يستحق، فهي ذاقت الكثير منه، تعبت وتألمت بحق.
صدح صوت هاتفها في الأرجاء لترى المتصل ويكون آسر، هبط قلبها من مكانه وابتلعت ريقها بتوتر، أتجيبه أم لا؟ توترت بشدة ولم تعلم كيف تتصرف، تنهدت بثقل عندما صمت هاتفها ليعاود صدح صوت رنينه مرة أخرى، ابتلعت ريقها ونبضات قلبها تقرع كالطبول، شجعت نفسها لتمسك بهاتفها وتجيبه ببرود: 



"أهلاً" 



بينما من الجهة الأخرى عند آسر كان يدعي بسره بأن تجيبه ونبضات قلبه تدق بعنف، اتصل بها أول مرة ولم تجبه ولكنه لم يشعر باليأس ليعاود الاتصال مرة أخرى ويسمع صوتها تجيبه ببرود، ابتلع ريقه ليحدثها بتوتر: 



"اا كيف حالكِ آسيل" 



امتعضت قائلة: 
"بخير، من المتكلم" 



زفر بقوة ليتحدث بغضب: 
"حباً بالله كفاكِ، ألم تتعرفي على صوتي أم أنكِ تتعمدين ذلك؟ أنا آسر" 



همهمت لتقول: 
"مم أهلاً سيد آسر ماذا تريد" 



صك على أسنانه ليجيبها بحدة: 
"أريد أن أراكِ لأمر هام جداً، نصف ساعة وسآتي لأخذكِ، نصف ساعة ودقيقة سأدق الباب عليكِ هل تفهمين هيا لا تتأخري" 



أنهى جملته بأمر ليغلق الخط بوجهها، بينما هي نظرت للهاتف بغيظ وصدمة، تغلغلت من غيظها لتصرخ بأعلى صوتها (باااارد)، نهضت من مكانها لتأخذ غرفتها ذهاباً وإياباً، لا تنكر بأنها فرحة جداً كونه مازال يلاحقها ومصراً عليها، ولكنها خائفة من بعده عنها مرة أخرى، حدثت نفسها (أذهب أم لا؟ يا إلهي كيف سأذهب؟ ماذا سيفعل؟ هل سيضربني؟ أم يهزأني؟ أم ماذا؟ إن لم أذهب إليه سيأتي إلي هو بنفسه وعندها لن أنتهي من تحقيقات والداي، يا إلهي سأجن، كيف سيتعامل معي، هل يعقل بأن يحتضنني أم يقبلني) 
أنهت حديثها مع نفسها بصوت مسموع بابتسامة بلهاء، عقدت حاجبيها بغباء لتضرب على رأسها، وجدت باب غرفتها يفتح لترى والدها يدخل عليها وعلامات التعجب ظاهرة على وجهه، نظرت له لتسمعه يقول:




        
          
                
"ما الأمر آسيل؟ لما كنتي تصرخين" 



نظرت له بغباء لتقول: 
"ها لا، لا شيء أبي، فقط كنت أحدث نفسي لا شيء" 



ابتسم واقترب منها ليقول: 
"حبيبتي ما الأمر تحدثي" 



تحدثت بتوتر: 
"اا لا شيء أبي لا يوجد شيء" 



همهم لها ليقول: 
"حسناً هيا إلى الغداء، الساعة الثالثة هيا" 



حركت رأسها بابتسامة لتنظر له وتشهق بصدمة وتقول: 
"كم الساعة الآن؟ يا إلهي" 



نظر لها بصدمة ليقول: 
"ما الأمر؟ مابكِ" 



تحدثت بسرعة وهي تخرج ثيابها: 
"أبي يجب أن أذهب إلى شهد، أجل أجل هيا اخرج كي ارتدي ثيابي" 



نظر لها بعدم فهم ليقول: 
"حسناً ولكن انتظري حتى.." 



لم يكمل جملته لإنها حدثته بسرعة: 
"أبي المسألة بها حياة أو موت، هيا اخرج اخرج" 



أنهت جملتها وهي تجر أبيها للخارج وتغلق الباب بوجهه، التفتت سريعاً وارتدت ثيابها لترى الساعة ولم يتبقى على موعدها سوى خمسة دقائق، شهقت بقوة وعدلت من مظهرها ورتبت شعرها وخرجت مسرعة للخارج تحت نظرات والديها وأخوتها المتعجبة، خرجت لتراه يقف أمام السيارة ببرود وشموخ منتظرها، ابتلعت ريقها وحولت نظرتها للبرود لتتقدم له، اقتربت منه لتوشك على الحديث ولكنه قاطعها وعيناه مسلطة على ساعته ليقول: 



"متأخرة نصف دقيقة يا آنسة" 



نظرت له بصدمة وكاد فمها يصل للأرض، حاول آسر جاهداً أن يخفي ابتسامته فقط على مظهرها، تحولت نظرتها لغيظ لتقول: 



"يا إلهي ماهذا؟ ماذا تريد ها" 



أخذ نفس عميق وحاول التحكم بأعصابه وابتسم ابتسامة باردة وقال: 
"كل خير" 



أنهى كلمته وأمسكها من يدها متوجهاً بها إلى مقعد السيارة الأمامي، أركبها وركب بعدها ليتوجه بها إلى حيث يريد، ظلت طوال الطريق صامتة تدعي بسرها بأن لا تبدأ عليها نوبة غضبه، لإنها تعلم جيداً بأنها لن تسلم منه، بينما آسر كان يفكر بطريقة ما لإرضائها وكيف له بأن يصلح الأحوال بينهما، تنهد بقوة وبدأ يفكر بطريقة حديثهما سوياً وكيف ستبتعد عنه وستتركه، استبق الأحداث فوراً ليشد بقبضته على مقوض السيارة ونظر للأمام بحدة، أقسم بينه وبين نفسه بأن لا يعيدها إلا وهي موافقة على الزواج منه وإلا لن يعيدها للبيت وسيعقد قرانه عليها بالغصب، هو مجنون ويفعلها ولن يهمه شيء، لم يمر وقتاً طويلاً حتى وقف بسيارته بمكان شبه معزول، عقدت آسيل حاجبيها باستغراب لتقول: 




        
          
                
"لماذا وقفت هنا" 



تحدث بجمود: 
"يجب أن نتحدث" 



همهمت لتقول: 
"أجل ولكن ليس هنا، لنذهب إلى مكان عام" 



ابتسم بسخرية ليقول: 
"هل تخافين مني" 



رفعت حاجبيها لتتحدث باستنكار وبرود: 
"ولماذا أخاف منك؟ هل أنت ذئب مثلاً" 



همهم ليقول بهجوم: 
"آسيل أنا أحبكِ" 



تحدثت بسخرية: 
"حسناً وبماذا أخدمك مثلاً" 



كز على أسنانه ليقول: 
"آسيل لا تتباردي علي ولا تتحدثي بسخرية، كوني جدية ولو لمرة في حياتكِ، مالعنتكِ" 



أنهى جملته بصراخ لتتحدث بحدة: 
"ما الذي تريده مني" 



تحدث بغضب: 
"أريدكِ أنتِ" 



همهمت لتقول: 
"اها حسناً المسألة بسيطة وأنا لا أريدك" 



نظر لها بغضب ليقول: 
"أنا لم أجلبكِ إلى هنا كي آخذ رأيكِ وإنما جلبتكِ لكي آمركِ وتنفذين هل فهمتي" 



نبرته جعلت غضبها يثور لتتحدث بغضب: 
"وأنا لن أطيع أوامرك، لست عبدة لديك لكي تعطيني الأوامر، هل فهمت ياهذا" 



مسح على وجهه وحاول أن يتحكم بأعصابه ليقول بحدة: 
"آسيل لا ترفعي صوتكِ علي هذا أولاً، وثانياً لا داعي للنقاش لأنني قررت وانتهيت" 



تحدثت باستنكار وغضب: 
"اها وإلى ماذا توصلت" 



تحدث بجمود: 
"سنتزوج في الشهر القادم" 



ضحكت بسخرية لتقول: 
"في أحلامك عزيزي" 



نظر لها بتحدي ليقول: 
"سنرى" 



نظرت له بحدة وأشاحت بوجهها عنه وقد فعل المثل، تنهد كل منهما بقوة وعم الصمت لمدة، كسر الصمت ليقول: 



"آسيل دعينا نعطي لأنفسنا فرصة ثانية" 



همهمت بشيء من الغضب لتقول: 
"فرصة ثانية أليس كذلك؟ وكيف لي أن أثق بك؟ أنت لم تعد تطاق وأنا لم أعد أفهمك، لقد تركتني أذهب ولم تكترث أو تمنعني حتى، تخليت عني وهذه المرة الثالثة، ماذا تريد مني حباً بالله ما الذي تريده؟ لم أعد أفهم منك شيء أو كيف تفكر، كنت أحدثك بشأن والديك من أجلك لإنني أعلم جيداً بأنك تتألم من بعدهما عنك، أردت أن أكون وجه السعد عليك وتعود لوالديك كي يفرحان بنا سوياً ولكن أنت ماذا فعلت؟ لم تكترث لي وتركتني للمرة الثالثة، لقد أحببتك رغم كل شيء ولكن الآن ثق تماماً بأنني لم أعد أحمل لك أية ذرة مشاعر صدقني، أنا لم أعد أثق بك، سأعود إليك لتتركني مجدداً وهذا ما سيؤلمني كثيراً لذا الأفضل بأن تبحث لك عن فتاة أخرى" 




        
          
                
أنهت جملتها وهبطت دموعها بغزارة، كان يستمع لها والشرار يتطاير من عينيه، غير ذلك آلمه قلبه بشدة على ما فعله بها، تحدث بغضب وهجوم: 



"كيف لي أن أبحث عن فتاة أخرى وأنا أحبكِ أنتِ؟ لم أستطع نسيانكِ لحظة، لم تغيبي عن بالي أبداً، لا تظني بأنني تركتكِ وحيدة لا، لقد خصصت مجموعة رجال ليحمونكِ ويأتوني بأخباركِ، لم أستطع تحمل جفائكِ، آلمني قلبي ببعدكِ عني، في كل ليلة أتأمل صورتكِ وأنام وأنا أتخيلكِ بأحضاني، أجل لقد أخطأت بحقكِ ولكنني أستحق فرصة ثانية لإنني تعذبت عذابكِ أضعاف وأضعاف صدقيني، سامحت والداي وهما الآن يقيمان معي، حدثتهما عنكِ وشجعاني على استعادتكِ، لم أستطع التحمل آسيل ارحميني فقط" 



أخذ نفس عميق وزفر بقوة وأغمض عيناه بألم، بينما هي كانت تبكي وتشهق، لم تعد تفهمه أو تفهم طباعه، هي تريده وتحبه ولكنها خائفة منه وخائفة من أن يتركها مجدداً، في كل مرة يعود إليها يعطيها وداع أقسى من سابقه، مسحت دموعها لتتحدث بنبرة بها قليلاً من الضعف: 



"أنا لم أعد أثق بك، ولم أعد أحبك وانتهى أمرنا" 



همهم لها ليتحدث بحدة: 
"مم متأكدة بأنكِ لا تحبينني" 



تحدثت بجمود وهي تمسح دموعها: 
"أجل" 



حرك رأسه بإيجاب ليقترب منها وينظر لعيناها، بينما هي شعرت بأنفاسه الحارة تضرب وجهها، تحدثت بتلعثم: 



"اا أنت لماذا تقترب" 



لم يتحدث وإنما ظل صامتاً يتأمل عيناها بقوة، تجرأ واقترب ليطبق بشفتيه على شفتيها، توقف العالم من حولها وكم كانت متشوقة لتلك الشفاه، بينما آسر كان له هدف من قبلته هذه، فهو يريد أن يختبرها ويعلم إن كانت بالفعل لم تعد تحبه أم لا، فصلا القبلة بعد مدة قصيرة ولكنهما لم يبتعدا، ظلت آسيل مغمضة عيناها وكأنها تخدرت من قبلته ليقول آسر بشغب: 



"أقلتي بأنكِ لم تعودي تحبينني؟ إذاً لماذا بادلتيني القبلة" 



ابتعد آسر عنها وقد شعرت آسيل بابتعاده وسمعت كلماته التي نزلت عليها كالصاعقة لتفتح عينيها على وسعها، ابتسم لها آسر ابتسامة نصر بينما هي تمنت أن تنشق الأرض وتبتلعها، ابتلعت ريقها وحاولت الدفاع عن نفسها لتتحدث بتوتر: 



"ااا أنا كنت فقط أعني أنني لم أقصد و.." 



لم تكمل كلامها لتسمعه يقول: 
"آسيل لا تنكري وكفاكِ ألاعيب، أريدكِ زوجةً لي وسيحدث شئتي أم أبيتي" 



أنهى جملته لتبتلع ريقها بتوتر وتصمت، بينما هو نظر لها وقد كانت مخفضة برأسها ليمسك يدها ويقبلها بحنان بالغ ويضعها على وجنته وهو ينظر لها، بينما هي سرحت بملامحه ولم تعلم بماذا تتحدث، ظلت تتأمل تقاسيم وجهه الوسيم وابتسامته العذبة لتسمع صوته يقول: 




        
          
                
"لماذا أشعر بأنكِ مازلتي تريدين الكثير من قبلاتي" 



أنهى جملته بابتسامة لعوبة لتحدثه بتوتر: 
"ها ماذا تقصد؟ لا لا، لا أريد شيئاً" 



همهم لها بابتسامة ليقترب منها ويلامس شفتيها بشفتيه دون تقبيلها، تحدث ضد شفتيها بنبرة لعوبة وأشبه للهمس: 



"متأكدة" 



تخدرت بكل معنى الكلمة لتضغط بشفتيها على شفتيه، بينما هو كان يحلق من السعادة وابتسم أثناء القبلة، لم يفصلا القبلة مع أنهما كانا بحاجة للهواء، ولكن الابتعاد عن رحيق شفتيها كابتعاد طفل رضيع عن والدته، والابتعاد عن الجنة ذاتها، كانا كالمغناطيس، أحس بإنها بحاجة للهواء ليفصل القبلة وظلا مقتربان من بعضهما ليتحدث آسر بأنفاس لاهثة: 



"أعشقكِ" 



ابتسمت بحب لتقول: 
"وأنا أيضاً" 



ابتسم بسعادة ليعاود تقبيلها، لم يستطيعان الابتعاد عن بعضهما، كانا في أشد السعادة سوياً، يريدان أن تتوقف عقارب الساعة عند هذه اللحظة، يهيمان ببعضهما، يعزفان تناغيم الحب سوياً غير مكترثان للعالم الخارجي، كل شيء كان رائع، يحلقان في السماء بسعادة، يشعران بأنهما في النعيم، تلاقت أعينهما، عادا لبعضهما، ليتبادلان العشق والهوس والجنون بسعادة كبيرة، لم يظلا وقتاً طويلاً ًسوياً علماً بأنهما كانا يريدان قضاء وقت أطول من هذا ولكنهما ودعا بعضهما على أمل اللقاء في الغد وبهذه الأثناء سيأتي آسر بوالديه إليها ويطلبها رسمياً ليجعلها زوجته وحبيبته الأبدية. 



____________________ 



تجلس في غرفتها تلك الفتاة البريئة، شيء من الملل يتملكها، زفرت بقوة وفكرت في نفسها بأن تحدث يوسف ولكنها تخجل، تنهدت بغيظ مكتوم لتسمع صوت رنين هاتفها ويكون يوسف، اتسعت ابتسامتها عندما رأت اسمه يزين الشاشة لتجيبه بخجل: 



"أهلاً يوسف" 



تحدث بنبرة هائمة: 
"أهلاً ياقلب يوسف" 



ابتسمت بخجل ولم تتحدث، وكأنه شعر بخجلها ليقول ضاحكاً: 
"هل ظهرت الطماطم أم ماذا" 



ضحكت ضحكة رنانة وقد رقص قلبه فرحاً لسماع صوت ضحكتها لتحدثه بخجل: 
"أجل ظهرت" 



تحدث بنبرة حب: 
"أعشقكِ أيتها الطماطم، سألقبكِ بالطماطم من الآن فصاعداً" 



ضحكت ضحكة خفيفة لتقول: 
"لا مانع لدي، اها بالمناسبة هل حدثت ماريا أم لا" 



همهم ليقول: 
"أجل لقد حدثتها وطبعاً باسل سيقتل نفسه من جنونها، إنها مجنونة" 



ضحكت لتقول: 
"لا تقول عن ماري هكذا" 



همهم لها بابتسامة ليقول: 
"حسناً جلبت لكِ خبر مفرح" 



تحدثت بحماس: 
"وماهو أرجوك تحدث" 



"ضحك على حماسها ليقول: 
"مم آسر سيتقدم لخطبة آسيل في الغد" 



صرخت من سعادتها وفرحت كثيراً لتسمع يوسف يضحك عليها، تحدث بهدوء: 
"حسناً اهدأي حبيبتي لا تكوني مثل أختي أرجوكِ" 



همهمت ولم تتحدث لتسمعه يردف لها: 
"شهدي" 



ابتسمت بخجل لتقول: 
"نعم" 



تحدث بهيام: 
"أعشقكِ" 



أحست بحرارة وجنتيها من غزله معها، وكل هذا الغزل على الهاتف فما بالها إن كان أمامها؟ مؤكد بأنها ستنقلب إلى مزرعة طماطم، كان يبثها كل أنواع الغزل والحب بينما هي مستمتعة بكلماته، خجلة منه لأبعد حد، وفرحة عارمة في قلبها، ظلا يتحدثان سوياً مدة من الوقت، ليغلقان الخط ويتواعدان غداً بموعد يقضيانه سوياً وينسيان كل شيء، ليظلا فقط في عالمهما المغلف بغزل وحب وعشق يوسف لشهده. 



_____________________ 



جالسة في غرفتها وابتسامة بلهاء على محياها، تشعر بأنها خلقت من جديد، وكيف لا؟ وهي كانت مع من ملك قلبها وستصبح له عما قريب، تضحك بسرها وتتذكر محادثته معها، تذكرت عندما ودعها كيف طبع تلك القبلة المفاجئة على شفتيها ليقول بنبرة هائمة (اغتصاب القبلة ألذ من طلبها)، خجلت، توترت، وتوردت وجنتيها، لم تسعها الدنيا من الفرحة، تركته وهبطت من السيارة لتهرب منه وتتحكم بقلبها الذي يدفعها للجنون تجاهه دائماً، الآن ستضحك لها الدنيا وستكون برفقة محبوبها للأبد، ستعيش حياة هادئة وسعيدة، ستكون أسعد إنسانة في الوجود، انتشلها من شرودها صوت هاتفها، لترى المتصل ويكون رقم مجهول، عقدت حاجبيها باستغراب لتجيب بـ: 



"أهلاً" 



تحدث المتصل بجدية: 
"الآنسة آسيل" 



نبرتها كانت أشبه للسؤال وليس جواب لتقول: 
"أجل" 



همهم المتصل ليقول بجدية وثبات: 
"عفواً آنستي ولكن السيد آسر أصيب بطلق ناري في صدره وهو الآن في المستشفى" 




"تماسكي ﻓﻲ ﻫﺬﻩِ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕُ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ 



ﻓـَ عِندَما ﻳُﻘﺮﺭُ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮُ ﺃﻥ ﻳﺜﻘُﺐَ ﺑﺎﻟﺤﺮﻭﻑ ﺟﻠﺪُ ﺍﻟﻜﺮﺓِ 
ﺍﻷﺭﺿﻴﻪ 



ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥَ ﻗﻠﺒﻪُ ﺗﻔﺎﺣﺔً يَقضُمها ﺍﻷﻃﻔﺎﻝُ ﻓﻲ ﺍﻷﺯﻗﺔِ الشعبية 



ﻭﻋِﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺎﻭﻝُ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮُ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻞَ مِن ﺃﺷﻌﺎﺭﻩِ ﺃﺭﻏِﻔﺔً 



ﻳﺄﻛُﻠﻬﺎ ﺍﻟﺠﻴﺎﻉُ ﻟﻠﺨﺒﺰُ ﻭﻟﻠﺤﺮية 



ﻓـَ لن ﻳﻜﻮﻥَ ﺍﻟﻤﻮﺕُ ﺃﻣﺮﺍً ﻃﺎﺭﺋﺎً 



ﻷﻥَّ ﻣَﻦ ﻳﻜﺘﺐُ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ ﻳﺤﻤﻞُ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺍﻗﻪِ ذبحتهُ القلبية" 



_____________________ 




        

google-playkhamsatmostaqltradent