Ads by Google X

رواية جوازة ابريل الفصل الثالث 3 - بقلم نورهان محسن

الصفحة الرئيسية

  

رواية جوازة ابريل الفصل الثالث 3 - بقلم نورهان محسن


الفصل الثالث (خطيبته)
            
إنها مثل رصا.صة أندفعت دون تفكير ، ولا أمل لها في التراجع.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



قاربت الساعة على العاشرة مساءً



: افتحي البلكونة دي اوام يا تقي خلي الاوضة تتهوي شوية!!



أومأت تقى بموافقتها على كلام والدتها ، وهى تغلق فمها بإحدى يديها ، منطلقة نحو الشرفة لتفتحها على مصراعيها حتى يتسرب منها الدخان الكثيف ويتنفسون ، بينما كان الرجل ذو الشعر الأشيب جالسًا على أحد الكراسي ، وهو يسعل مختنقًا من الدخان الذي استنشقه ، ويضع بجانبه مطفأة الحر.يق التي إستخدمها لإخماد الحر.يق ، ويتذكر ذلك المشهد في ذاكرته عندما دخلوا الغرفة المليئة بالضباب الكثيف وصوت أجيج النا.ر يملأ المكان ، ثم قال بتنهيدة عميقة بعد ذلك الجهد الذي بذله : الحمدلله اننا لحقنا النا.ر قبل ما كانت تمسك في حاجة



جاءت خديجة من غرفة الملابس الصغيرة تضغط بيدها على قلبها ، وهى تهتف بصوت مختنق : يا ساتر استر يارب .. البت مش موجودة في الاوضة بحالها هتكون راحت فين دي يا عم سعيد؟



أجاب سعيد دون أن يتطلع إليها : اصبري عليا انا دماغي والله ما عارفة تفكر يا ام تقي



قالت تقى شارحة لهم : اول ما لاقيت النا.ر في الاوضة وهي مالهاش اي اثر .. قلبي وقع في رجلي وجريت جري اقولكوا



هز سعيد رأسه يمينًا ويسارًا غير راضٍ عما يسمعه ، ثم حدق في الأرض بإمعان ، ونهض من مكانه للسير نحو الفستان المحتر.ق ، ليجلس على عقبيه ، يلتقط قطعة من الذهب ليضعها على كفه ، مدققاً النظر إليها عن كثب ، ثم غمغم بنبرة منخفضة : اللي كنت قلقان منه حصل .. ليه كدا يا بنتي؟



أنهى سعيد كلامه ، وهو يقف مستقيماً ، وأخرج الهاتف من جيب بنطاله ، فتعجبت خديجة قائلة بدهشة : انت هتتصل بمين يا عم سعيد؟



وضع سعيد الهاتف على أذنه ، وهو يوليها ظهره ، مشيرًا إليها بيده ، ليقول على عجل وتوتر شديد عندما تلقى الرد من الطرف الآخر : ايوه يا جمال .. الحقنا بسرعة الله يخليك يا بني.. 



رد جمال بعلامات استغراب واضحة في لهجته : خير ان شاء الله يا عم سعيد!!



أجابه سعيد موضحاً : الست ابريل خرجت من البيت ومعرفش ناوية تروح علي فين .. خلي حد من الأمن اللي معاك يدور عليها وشوفها فى الكاميرات .. 


          
غضن جمال حاجبيه ، وقال متعجباً : هربت يعني !! عشان ايه يا عم جمال .. انا مش فاهم حاجة؟



زفر سعيد بضيق جراء فضوله ، قائلاً بنبرة مرهقة : اعمل اللي بقولك عليه الله يباركلك وخليك علي اتصال معايا واول ما تلاقيها هاتها علي هنا



أنهى إتصاله لتقول تقي بحسرة ، وقد خيم الحزن على وجهها وهي تتأمل بقايا الفستان على الأرض بأسف ، لأنها حتى في أحلامها لم تتخيل أنها سترتدي فستانًا بهذا الجمال : الفستان بقي فحمة خالص .. طيب هي مش عايزة تتجوزه تو.لع فيه بالمنظر دا عشان ايه..؟



عقبت والدتها متذمرة بصوت عالٍ : دا جنان مش طبيعي ابدا اللي عملته البت دي .. هي ايه مش خايفة علي روحها؟



نظر إليها ورأى علامات الغضب بادية عليها ، فنفى برأسه موضحًا لها : كنتي عايزاها تعمل ايه ؟ 



_ هما اللي وصلوها للي عملته دا .. بنت لسه بتفتح عينها علي الدنيا و مش عايزة تتجوز واحد متجوز  .. بدل ما كانوا يخبوا عليها خبر زي دا .. كان من الاول عرفوها وهي تختار بإرادتها



هدأت ملامحها تلقائيًا عند حديثه ، وأومأت برأسها فى تفهم ، ثم قالت بجدية بنبرة اقل حدة : انا بقول كدا من قلقي عليها يا عم سعيد .. هي يعني شايفة المؤذون واقف علي الباب .. طيب قولي هتروح فين دي بس وهي بحالتها دي؟



قالت خديجة ذلك بسؤال ، وحاجبيها مجعدين ، فأجابها سعيد بتعب وهو يجلس ، متكئاً بمرفقيه على فخذيه : ربنا يستر بقي احنا اللي علينا هنعملو .. احنا مش قد اننا نقع في مشاكل اكتر من اللي عندنا



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



أثناء ذلك



بأحد طرق المجمع السكني



ابريل يرتفع صوت دقات قلبها بسرعة ، وهي تسير بخطوات مهرولة ، لتتمكن من الوصول إلى بوابة المجمع السكني ، لكن قدميها توقفتا عن الحركة فجأة ، وهى تلهث بقوة عناء هذا المشي السريع ، وتعتصر بكفها على كتف حقيبة الظهر التي كانت ترتديها بعد أن رآتهم قادمون نحوها ، لتستنتج أنهم ليسوا هنا بمحض الصدفة.



عكست ابريل اتجاه طريقها لتطلق العنان لقدميها ، التى لحسن حظها ، أسعفتها بالجري دون الالتفاف خلفها ، غير عابئة بالألم في صدرها ، لأنها كانت متأكدة من أنهم سيلحقان بها حتمًا ، ولا تعرف كيف تتخلص منهم الآن؟



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



أمام المرآب




        
          
                
عند باسم



انتهت ريهام كلماتها بغـ*ـل رهيب ، وهي تصر على أسنانها ، بينما شعر الأخر بالدماء تجف في عروقه ، بمجرد أن رأى يديها ترتفعان مجددًا ، وتوجهان فوهة السلا.ح نحوه بعزم ، فشعر بالأدرينالين يندفع في جسده ، وقلبه ينبض بعنـ*ـف داخل ضلوعه ، حيث اندفع نحوها ليمسك يديها ، ويرفعهما بالتزامن مع ضغط الأخرى على الز.ناد ، فإنطلقت تلك الرصا.صة في الفضاء ، وبعد ذلك ساد صمت ثقيل في المكان.



تيبس جسده لعدة ثوان قبل أن يمسك معصميها في قبضتيه ، جاذباً اياها نحوه بقوة ، ليصرخ بغضب ممزوج بعدم التصديق ، وهو يهزها بغير وعي من شدة إنفعاله : انتي اتهبلتي !! عايزة تضيعيني وتضيعي نفسك .. ناسية ان عندك ابن كنتي عايزاه يتربي ازاي بعد عملتك دي..؟



صاح باسم الكلمة الأخيرة بعنـ*ـف ، وهو يراها تناظره بتيه وعدم استيعاب ، ثم دفعها بعيدًا عنه ، فاختل توازنها وسقطت ، بالتزامن مع خروج أنين بصوت عالٍ منها أثناء اصطدام جسدها بالأرض ، لتشعر بألم قاسً ممزوج بصدمة لا تقل عن صدمته شيئًا ، على العكس من ذلك ، بالكاد تصدق ما كانت ستفعله منذ لحظات ، لترفع رأسها وتنظر إليه بوجه شاحب ، بينما يقف على بعد خطوات قليلة منها ، يتطلع إليها بعينين واسعتين بغضب عاصف وو.حشية. 



لم يستغرق الأمر ثوانٍ ، لينحني بسرعة البرق بجذعه ، ويلتقط السلا.ح الذي سقط أمامه على الأرض قبل أن يستقيم ، وهو يسحب خزانة الذ.خيرة ، ليضعها في جيب سترته ثم ألقاه عليها ، مُصدرًا صوتًا قويًا ، لتغمض عينيها بقشعريرة باردة تمر عبر جسدها ، حيث أنها شعرت بانخفاض رهيب في نبضاتها.



رفعت ريهام أهدابها ، وهى تصرخ بسخط ، بعد أن استعادت أنفاسها قليلاً ، ودافعت عن نفسها ، رغم ظهور علامات الخوف على محياها : انت وصلتني لكدا ؟



اختلجت تعابيره سريعاً من جملتها ، الأمر الذي دفعه إلى الجلوس على عقبيه أمامها بغتة ، مشتعلة عيناه وهو يرمقها شرزاً ، فإرتدت بجسدها إلى الخلف ، لتصنع مسافة أمنة بينهما متطلعة إليه بنظرات حذرة ، فيما هتف الآخر إزدراء ، ملوحًا بكفه في وجهها : انتي عمولة من ايه يا شيخة .. مش نافعة في حاجة خالص؟



صمت باسم قليلاً يأخذ نفسا عميقا ، ثم أضاف بهدوء غريب لا يعكس المشاعر المستعرة في داخله : لولا اني مش عايز ابوظ خطوبة اختي واخر.ب عليها فرحتها كنت سلمتك بإيدي للشر.طة ولا مستشفي المجا.نين حتي



رفع باسم سبابته ، وهو يزمجر بحدة ، محذرًا إياها في نهاية جملته ، لكن الأصوات الصارخة في عقلها لم تظل صامتة ، بل اكفهرت ملامحها القاتمة من الحزن ، لتغمغم بصوت مبحوح : حرام عليك يا باسم .. ليه بتدو.س عليا بالشكل دا .. أنت ليه بتعمل فيا كدا؟ 




        
          
                
شقت الابتسامة شفتيها على الرغم من حزنها الطاغى على كيانها ، وأرسلت له نظرات معاتبة لتتساءل بمرارة : كل دا عشان بحبك ومش قادرة اشوفك مع واحدة غيري .. عشان خاطري اديني فرصه وصدقني هترجع تحبني زي الأول واكتر



جفلت آنظاره للحظة ، بينما كان يستمع إلى رجائها ، ويرى الشغف واضحًا في مقل عينيها ، فإعتصر قبضة يده بجانبه بإحكام ، محاولًا التحلي بالصبر معها ، ثم رد عليها مشددًا على كلماته : بطلي انا.نية وماتتضحكيش علي نفسك يا ريهام !! مانكرش اني حبيتك بس قدرت اعيش بعدك ومع الوقت نسيتك .. احفظي اللي باقي في كرا.متك وخليكي بعيدة عني عشان مش هتلدغ منك مرتين



أنهى باسم جملته بنظرات حازمة ، لتشق الدموع طريقها ، دون تمهيد ، وتندفع كالجمر على خديها ، وتكويهما بعذاب عشقها له ، فوضعت يدها على فمها وخرجت شهقة قوية من أعماق قلبها المحتر.ق ، ثم قالت بنبرة يائسة مليئة بالا.نكسار : معاك حق انا ماستاهلش اي حاجة حلوة يا باسم .. ابني ابوه عايز ياخده مني واللي بحبه عايز يتجوز غيري..



تنهدت ريهام بقوة وهي تغلق عينيها لثانيتين ثم فتحتهما ، فالتقت نظراتهما معًا ، لتهمس بحزن وصوتها يختلج بالمشاعر : هو لدرجادي انا وحشة ومستحقش اي حب في الدنيا .. يمكن عشان كدا اتصرفت من غير ما افكر ولا احسبها .. بس والله انا ما كان في نيتي أأذ.يك انا بحبك بجد..



لانت نظراته محدقاً في عينيها المليئة بكمية هائلة من المشاعر المتضاربة بين الضعف والحزن والندم والحب لعدة ثوان ، وهو لا يعرف بماذا يجيب عليها ، ليرفع ذراعيه ، وأمسك بكتفيها ، وضغط عليهما بقوة طفيفة وقال أمام وجهها بصوت هادئ ممزوج بالجدية : انتي اعصابك تعبانة محتاجة تهدي ولازم تفوقي لنفسك .. بلاش تصغري في عيني اكتر من كدا .. الأحسن تبعدي عن حياتي بالذوق وماتدخليش فيها ولا تحاولي تخر.بيها تاني .. عشان مخرجكيش منها علي نقاله بجد المرة دي وكفاية اللي حصل لحد كدا



أنهى باسم كلماته ، مرسلاً لها نظرات حاسمة ، لأنه يدرك جيدًا أن الأفعى التي قامت بلدغه في الماضي لن تتحول إلى حمامة بمرور الوقت.



استقام باسم واقفاً ، وهو يهندم ثيابه ، ثم توجه نحو سيارته بخطوات واسعة ، وأنطلق بها ، تاركاً الآخرى والألم يمزق قلبها ، عاقفة حاجبيها بتفكير ، وغير راضية عن الشعور بالهزيمة ، وأن تتركه يبتعد عنها ببساطة ، كيف تقنع نفسها بأن لا شيء في هذا العالم مقدر لنا أن نمتلـ*ـكه إلى الأبد.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



على احدى الطاولات 



فى الحفلة



جاءت منى تطل ، وخصلاتها البنية الفاتحة تنسدل على كتفيها ، وهى متألقة في فستاناً ناعماً بيج اللون بتصميم بسيط ضيقاً من فوق من دون أكمام يبرز صدرها قليلاً ، لينسدل نحو الأسفل على شكل تنورة فضفاضة بكسرات أنيقة ، معه وشاح رائعا يغطى منطقة الكتف والصدر ، وزيّنت رقبتها بقلادة رقيقة لتتناسب مع إطلالتها الساحرة ، لتجلس على كرسيها ، قائلة بإبتسامة : معلش يا ديدو اتأخرت شوية




        
          
                
أنهت منى عبارتها ، وهي تضع حقيبتها الصغيرة ، من نفس لون الفستان ، على الطاولة أمامها ، فيما ردت دعاء بتعجب : عادي .. هو انتي غيرتي فستانك امتي؟!



أربكها السؤال للحظة ، وقد زاغت أنظارها ، وهى تخبرها مبررة : من شوية .. اصله وقع عليه العصير فإضطريت اغيره من عند هالة



أومأت إليها دعاء بنظرات غير مبالية لتقول مستفهمة : اومال فين عز ؟



أجابت منى بإيضاح ، مشيرة إلى الهاتف كانت تحمله بيدها : لسه مكلمني كان مع اونكل صلاح وجاي علينا



شقت الابتسامة وجه الجالسة مقابلها ، ويبدو أنها في الأربعينيات من عمرها ، ثم قالت بنبرة ودودة : ما شاء الله يا مني انتي زي القمر كل مرة بشوفك فيها بتحلوي اكتر



بادلتها منى الابتسامة قبل أن تقوم بالرد عليها باحترام : ميرسي اوي .. انتي الاحلي يا نيڤو



ساد الصمت لبضع ثوان ، ثم إستطردت نيفين تسألها بنبرة ذات مغزي : انتي وعز بقالكم قد ايه متجوزين؟



أخبرتها منى بابتسامة ترتسم على شفتيها ، بعد أن أخفت تعجبها من السؤال ، حيث أنها تتذكر حضورها لحفل زفافها : يعني حوالي تلت سنين



أومأت نيفين إليها ، ثم غمغمت بابتسامة هادئة : ربنا يهنيكم يا حبيبتي و يسعدكم يارب.. 



ردت منى على كلماتها بإيماءة بسيطة ، وأصبحت الأخرى أكثر فضولًا ، ثم أردفت قائلة : لسه ماعندكمش ولاد لحد دلوقتي ليه!! لعل المانع خير؟



مالت منى رأسها إلى اليمين ، لتتمتم ، والابتسامة لم تفارق شفتيها : لسه ربنا ما ارادش



ارتفعت حواجبها في دهشة ، لكنها قالت بلطف : ربنا يبعتلك الخلف الصالح يا حبيبتي



استندت نيفين إلى كرسيها بارتياح شديد ، واستأنفت حديثها : بس هو مش هيجي لوحده لازم تبدأي تفكري انكو تجيبوا بيبي تفرحو بيه ويقربكو اكتر من بعض



استمعت إلى كلماتها دون أن تنظر إليها ، وهي تحتسي من كأس العصير أمامها ، بينما يختلجها شعوراً بعدم الارتياح من كلام المرأة ، ممَ جعلها تريد الصراخ ، ولكن لم يخرج صوت من فمها ، حيث أن روحها ممزقة ، وقلبها حزين ، وحتى تماسكها هشًا من خوض حديث بهذا الموضوع الحساس ، لكنها تمتمت بصوت منخفض مكررة : ان شاء الله لما ربنا يريد



قالت نيڤين بتصميم : ايوه يا حبيبتي بس لازم تشدي حيلك عشان تجيبي بيبي يسليكي .. انا اعرف دكتور شاطر جدا هقولك عليه وروحيلو



ختمت نيڤين حديثها تحثها على الموافقة تحت نظرات دعاء التي لم تكلف نفسها عناء التدخل في هذا الحوار ، بينما ابتلعت منى لعابها ، منذهلة من سلاسة تدخلها في شؤون الآخرين هكذا ، ثم أجبرت لسانها على الرد رغم إنزعاجها : تسلمي بس انا متابعة مع دكتورة صديقة لماما 




        
          
                
رفعت نيڤين كتفيها ووضعت قدم واحدة فوق الأخرى ، ثم قالت لها بإلحاح : ومالو روحي للدكتور اللي بقولك عليه مش هتخسري حاجة فكري وردي عليا



صدح هاتف منى بالرنين ، فأخبرتها بنبرة جعلتها هادئة ، ووقفت بسرعة شاكرة المتصل في سرها : أن شاء الله .. معلش عن اذنكم هرد علي التليفون



ردت نيفين بلطافة ، وهي تعدل سماعة الأذن الطبية فى أذنها : خدي راحتك يا حبيبتي



استدارت بجسدها ناحية دعاء ، وتطلعت إليها في حيرة ، ثم صاحت مستفسرة : ايه يا ديدو .. انتي مش نفسك تشوفي حفيد ليكي ولا ايه .. سايبة الموضوع دا كدا ازاي ..؟



رفعت دعاء كتفيها ، ثم قالت بإحباط : يعني هعمل ايه يا نيڤو ؟



تجعد جبين الآخري قائلة بغرابة وإصرار : انتي حماتها خليها تسمع كلامك وتشوف الدكتور اللي بقولك عليه وان شاء الله تحمل علي ايده صحباتي بيشكروا فيه اوي



هزت دعاء رأسها سلبًا ، لتقول بإستياء : والله انا ريقي نشف معاها بقالي كتير .. بس محدش فيهم بيسمع لكلامي لا عز ابني ولا هي اللي متمسكة بالدكتورة بتاعتها دي وكل ما اكلمها تقولي انا روحت لدكاترة كتيرة ومفيش نتيجة وجسمي باظ من الادوية صراحة بقت حساسة اوي من الكلام في الموضوع دا



برمت نيڤين شفتيها بتعاطف ، حيث أنها أرادت فقط المساعدة ، وقالت بنبرة هادئة : معلش هي معذورة .. بس جربي تاني واقنعيها .. وانا هديكي اسم الدكتور وعنوان المركز الطبي بتاعه واللي في الخير يقدمه ربنا



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



خلال هذا الوقت



عند ابريل



خرجت ابريل من خلف إحدى الأشجار التي كانت تختبئ وراءها بعد أن تأكدت من مغادرتهم ، وأنهم لم يروها ، لتواصل طريقها ، وهي تسعل بقوة بعد أن أصيبت رئتها بنوبة ربو نتيجة فرط توترها ، وعدم انتظام نبضاتها ، بينما بدأت دموعها تتساقط بغزارة من زوايا عينيها ، ممَ جعل الرؤية مشوشة أمامها ، وكلما أخذت نفسًا من صدرها بصعوبة خرج معه صفيراً حادًا ، فلمست بأصابعها تلقائيًا حقيبتها الصغيرة التي كانت ملفوفة حول رقبتها وكتفها.



استدارت ابريل لتنظر فوق كتفها ، بينما كانت لا تزال تجري ، لتتأكد من عدم وجود أحد خلفها ، فتوقفت كى تريح قدميها الهشتين ، وأخذت تلهث بشدة محاولة إلتقاط أنفاسها المسلوبة ، وهي تخفض بصرها إلى الحقيبة ، ثم فتحتها ، تعبث بها قليلاً ، لتخرج منها بخاخ الاستنشاق الصغير.



سعلت ابريل مرة أخرى ، وهي تستعد لاستخدامه ، لكن يدها تثبتت في الهواء ، وهي تدير رأسها إلى الجانب ، حينما التقطت أذنيها صوت ضجيجًا خلفها ، فعكست حدقيتها المتسعتان بر.عب ، المصابيح الأمامية للسيارة القادمة نحوها ، وأدركت بغبا.ء أنها كانت تقف في منتصف الطريق.




        
          
                
حاولت ابريل التحرك ، لكنها شعرت بجمود ساقيها من الخوف ، حيث أنها أوشكت تصطدم بها ، فغطت عينيها بكلتا يديها ، لترخي قدميها ، مستسلمة لإنهاكها وهي تهوى أرضاً.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



قبل ذلك بدقائق



عند باسم



أحاط باسم بمقود السيارة براحتيه المرتعشتين ، محاولاً السيطرة عليهم ، وهو لا يعرف إلى أين يجب أن يذهب ، لكنه يدرك فقط أنه بحاجة إلى الابتعاد عن هذا المكان على الفور حتى لا يراه أحد من عائلته في تلك الحالة ، وكان لا يزال يرن في أذنيه صفير مستمر ، وضربات قلبه تدوى بلا هوادة ، ليطلق من بين شفتيه زفيرًا طويلاً يخرج معه كل ما بداخله ، فما حدث ليس هيناً ، لقد كان على وشك أن يقتـ*ـل منذ فترة وجيزة.



خرج باسم من دوامة أفكاره القاتمة عندما ظهرت أمامه في منتصف الطريق ، فأوقف سيارته بقوة ، ممَ جعل المكابح تصدر صريرًا عاليًا أثر إحتكاك العجلات بالأرض في اللحظة الأخيرة ، ولم يفصل بين سيارته وبينها سوى بضعة إنشات فقط ، ليترجل من سيارته فورًا والتوتر مسيطراً عليه كلياً ، وركض باسم سريعًا نحو الملقية على الأرض الصلبة ، بينما كانت تشعر بالدوار وكأنها على وشك الإغماء ، فالأكسجين لم يعد يصل إلى رئتيها بشكل جيد.



: جرالك حاجة ..؟



خلل باسم أطراف أصابعه بشعره بتوتر ، ثم سألها بحذر ، وهو يدنو منها جالساً على عقبيها بجانبها ، وكاد القلق أن يفتك به ، بينما أنزلت الأخرى راحة يدها على الأرض ، واشتدت نوبة السعال معها ، ممَ جعلها تغلق فمها وأنفها باليد الأخرى ، فى حين كانت عيناها تبحثان عن شيء ما بلهفة.



دقق باسم النظر إليها عن كثب في الإضاءة شبه الخافتة ، وتذكر على الفور ملامحها ، ليغمغم في عدم تصديق : هو انتي ..!!



شرعت شهقات ابريل ترتفع مع تحريك رأسها في جميع الاتجاهات بجنون من السعال المفرط ، فيما سألها الأخر فوراً مندهشاً : بتدوري علي ايه طيب وانا اساعدك؟



أشارت ابريل إليه بإصبعها في اتجاه معين ، وهى تشعر بضيق شديد في التنفس ، لدرجة منعتها من التحدث ، فتبع المكان الذي كانت تشير إليه ، وقام بسرعة ووصل إليه ، وهو ينحني ليلتقط البخاخ من منتصف الطريق قبل أن يندفع نحوها ليعطيه إياها ، فأخذته من يده وفتحت غطائه لتضعه فى فمها ضاغطة على زر العبوة ، وأثناء إنشغلها إنتبه الأخر لتناثر محتويات حقيبتها المفتوحة على الأرض ، فبدأ في جمعها وإعادتها إلى الحقيبة التى ترتديها ، باستثناء شيء واحد وضعه في جيبه دون أن تلاحظه.




        
          
                
ضاقت نظراته عليها ، وتحدث في سره : انتي بتقعي فوق دماغي من انهي دا.هية بس يا شيخة؟ 



مرت عدة لحظات أغمضت عينيها بهم محاولة تنظيم أنفاسها ، وضربات قلبها ، ثم همست بتهدج : شكرا



رفعت ابريل رأسها ، لتلتقي رماديتيه الثاقبة مع فيروزيتها الآخاذة ، والتي اتسعت في صدمة عندما رأته ، لتغمغم بصوت خافت : هو انت!!



زفر باسم بارتياح ، ثم عاد إلى أسلوبه الساخر الذي لم يعد غريباً عليها ، قائلاً بابتسامة جانبية ، وبحة رجولية هادئة : شكلك شبه القطط بسبع أرواح .. الحمدلله انك لسه عايشة وبخير



أجهشت ابريل فى البكاء كالأطفال دون مقدمات ، لينظر إليها الآخر متعجباً لرد فعلها ، ثم خاطب نفسه قائلاً : مجنونة دي ولا ايه .. ايه اليوم العجيب دا بس يارب؟



هز باسم رأسه بيأس ، وكظم غيظه منها ، محاولًا التحلى بالهدوء ، ثم أضاف بحيرة : ما خلاص يا ماما .. ماحصلكيش حاجة وكويسة اهو .. ايه لازمة العياط ..؟



أخرج باسم محرمة من جيب سترته ، ثم قربه من وجهها ، وتابع بلهجة متسائلة : خديه نضيف .. طيب عايزاني اوصلك في حته؟



التقطتها ابريل منه ، وهي ترفع رأسها ، لتتطلع إلى الأمام ، فاضطربت دواخلها عندما رأت عدة أشخاص يأتون من ورائه نحوهم ، فمسحت دموعها على الفور ، وقالت ببحة ذات مغزي : ممكن تساعدني؟



أومأ باسم برأسه موافقًا ، بينما يمسك كلتا يديها رافعاً إياها للأعلى ، لمساعدتها على النهوض.



نهضت ابريل على قدميها المرتعشتين ، وتمتمت بتردد دون أن تنظر إليه : عارفة أن مينفعش اطلب منك كدا .. بس ممكن خدمة انسانية منك؟



ضيق ما بين حاجبيه ، وهو يحدجها ، قبل أن يستفسر بتوجس : ايه هي خدمة دي ؟



: بعد اذن حضرتك يا انسة ابريل..



انقطع حديثهم بواسطة صوت جاء من ورائهم يقول بجدية.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



في نفس الوقت



بالحفلة



عند هالة



حدقت هالة في الفراغ ، هائمة في أفكارها ، حتى صدح صوت رجولي جذاب من خلفها : مهما كانت ملامحك زي القمر بس باين علي وشك حرقة الدم واضحة زي الشمس



إلتفتت هالة نحوه ، لتسأله بعدم فهم : بتكلم عن ايه يا عز ؟



أمال عز رأسه إلى اليسار قليلاً ، ثم مازحها ساخرًا : عن عروسة ليلة خطوبتها وتبقي مبوزة بالمنظر دا




        
          
                
نمت أبتسامة على ثغرها ، لتقول نافية : لا مش مبوزة خالص انا تمام اهو



كتف عز ذراعيه أمام صدره ، ليغمغم بقلة حيلة : طول عمرك بتكابري يا هالة وتقولي انا تمام بس من جواكي مش كدا



وزعت هالة نظراتها فى المكان ، ثم استقرت عيناها في عينيه مرة أخرى ، لتكرر نفس الجملة على أذنيه : صدقني انا تمام يا عز



استمع عز إليها ، وهو ينظر إليهم ، ثم رد بنبرة مقتضبة ، بعد أن عاود النظر إليها : بتكدبي !! تمام ازاي وانتي شايفه خطيبك مشغول بوحدة غيرك ليلة خطوبتكم .. مفيش حد هنا الا و لاحظ المهزلة دي .. سيبيهولي وانا هتصرف معاه بطريقتي



رفعت هالة بصرها ، لتقابله بجبين مجعد ، وهي تهتف برفض تام لهذه الفكرة : لا يا عز بليز .. مش كل حاجة بتتاخد بعصبية زي عوايدك .. انا اقدر اتعامل مع اموري بنفسي والوضع دا مش هيطول كتير .. اكيد هيتغير مع الوقت



أخذ عز نفسا عميقا للسيطرة على إنفعالاته ، وسرعان ما تغيرت لهجته إلى الجدية المطلقة : عارف انك بتقولي كدا من حبك ليه .. بس انا خايف لا انتي للي تتغيري يا هالة .. خايف ثقتك في نفسك الكبيرة دي واللي سمحتلك تقبلي الحال دا علي انه مؤقت .. تطلعي غلطانة وغصب عنك ثقتك بنفسك تتهز وتتهزمي يا بنت عمي



ردت هالة عليه بنبرة مطمئنة على عكس ما تشعر به في أعماقها : ان شاء الله خير ماتقلقش عليا .. بالمناسبة مني كانت بتدور عليك من شوية



احترم عز رغبتها في تغيير مسار الحديث ، مسايراً إياها ، قائلا بتنهيدة : ايوه ما انا لسه قافل معاها هي قاعدة مع ماما



رفع عز عينيه من فوقها ، وقال بإيجاز ساخر ، جعل ضحكتها تشق ثغرها قبل أن يتركها مغادراً المكان : اهو جاي ناحيتنا .. انا ماشي مش هتحمل اقف مع البني ادم السا.قع دا خالص



هزت رأسها بقلة حيلة على إبن عمها ذو الدم الحامى ، وهى تشعر بأن حديثه صحيحاً ، لكنها فى حيرة شديدة بين المنطق والقلب.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



خلال ذلك الوقت



عند ابريل



توترت أبريل ، وتجاهلت النظر أو الرد على الحارس ، بينما فوجئ باسم بمن تجمعوا حولهم بالكاميرات والميكروفونات ، بالإضافة إلى مجموعة من حراس الأمن ، ليقول أحدهم بصوت عالٍ بسبب الضجة التي صدحت في المكان في أقل من ثانية : استاذ باسم .. استاذ باسم .. ممكن كلمة من حضرتك لمجلتنا؟



لم يجيبه باسم ، وعلامات الإستغراب بادية على وجهه بسبب حضور وسائل الإعلام في هذا الوقت ، بالتزامن مع ملاحظته لإبريل ، وهى تقترب منه ، ليستنتج أنها تخشى التجمهر الرهيب من حولهم ، بينما تنهال عليهم الأسئلة من الجميع : وصلنا خبر ان حضرتك هتعلن خطوبتك قريبا .. دا صحيح؟ 




        
          
                
_ حابين نعرف هويتها؟ 



_ يا تري هتظهرها للإعلام؟



تجاهل باسم الرد هاتفًا بعدم رضا : من فضلكم يا جماعة مينفعش الوقفة دي .. ازاي دخلتو هنا اصلا؟



التفت إليّ أحد حراس الأمن متابعاً بنبرة مليئة بالحنق : جمال ايه التهريج دا؟



أجاب عليه الآخر مبرراً : اسفين يا باسم بيه احنا ماشوفناهمش وهما داخلين والله .. 



أنهى جمال عبارته ، بمد ذراعيه العضليتين لإبعاد هؤلاء الأشخاص عن الاثنين ، بمساعدة الرجال الواقفين معه ، ونسي مؤقتًا سبب مجيئهم ، قائلاً بصوت جهوري حازم : يا جماعة مايصحش كدا .. اتفضلو من هنا .. محدش مسموحله يدخل الكومبوند غير اصحاب الفلل او ببطاقات دعوة للحفلة



تململ أحدهم بانزعاج ، وهو يمد يده إلى الأمام بالميكروفون ، متسائلاً سريعًا وهو ينظر إلى من تقف بجانب باسم : احنا عايزين كلمة وبس .. هي الانسة تبقي خطيبتك؟



سرعان ما نفى باسم ما يعتقده هذا الأ.حمق : انا.. 



قاطعت ابريل كلماته على الفور ، وهي تتأبط ذراعه ، متشبثة به كالغارق الذى يعلق أمله في قشة لينجو من الهلا.ك ، ثم تدفقت الكلمات من فمها بسلاسة ونعومة : انا وباسم مكناش عايزين نعلن الفترة دي عن حاجة



حملق بها باسم بنظرة استنكار مغمورة بالدهشة ممَ تتفوه به تلك المخلوقة ، فيما صاح صوت أنثوي مستفسرًا : نفهم من كدا ان في ارتباط مابينكم من مدة؟ 



يتبعها شخص آخر يبتسم ، ثم عقب بتساؤل : نحب نعرف إسمك ايه يا فندم؟



: انا الباشمهندسة ابريل الهادي .. خطيبته..!!



قالت ابريل ذلك بكبرياء وثقة عاليين ، والإبتسامة تنفرج على ثغرها ، ممَ جعل عيون الجميع تتسع في دهشة ، ثم تساءل أحدهم بابتسامة عريضة : صحيح الكلام دا يا استاذ باسم



لم يرد عليه باسم ، بل أنه ظل متجهمًا دون رد فعل ، مندهشًا من جراء.ة تلك الشقراء التي لم يتجاوز رأسها كتفه ، فيما إزدردت الأخرى ريقها ، وكادت حصونها الزائفة أن تتبخر في الهواء من نظراته المتجمدة عليها ، والتي اندلعت منها الصدمة والاستنكار ، لتتأكد بما لا يدع مجالاً للشك أنها ارتكبت خطأ فادحاً.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ






نهاية الفصل الثالث✾
#رواية_جوازة_ابريل
#نورهان_محسن



_ابريل بقالها حلقتين ساكتة و وقت ما نطقت قالت انها خطيبته ،، تتوقعوا رد فعل باسم ايه علي اللي قالته ابريل؟



_باسم اتفاجأ بوجود الاعلام في المكان ليه دا مدبر ولا صدفة .. ويا تري ايه اللي هيحصل بعد كدا؟



_في جرح كبير ريهام سببته لباسم و دا سبب رفضته الشديد ليها بس هي شكلها مش ناوية تكتفي باللي عملته ياتري ايه ناوية عليه؟



_خطيب ابريل طلع متجوز وكان مخبي عليها و دا سبب تصرفاتها و انقلابها ايه رأيكم في كدا يستاهل انها تسيبه ولالا؟!

 

_و ايه حكاية مني؟ و ايه وجهة نظركم في اللي قالته ليها نيڤين؟



_هالة بتحب ياسر ومتأملة انه يغير حياته عشانها و دا سبب سكوتها .. طيب ايه رأيكم هيتغير ولا لا؟




احلي متابعين في الكون من فضلكم دوسوا علي الڤوت ⭐ قبل ماقلبوا الصفحة دا مهم اوي وتقدير لمجهودي 👇
وطبعا هستني كومنتاتكم وارائكم في الفصل وياريت ترشحوا الرواية في المنشورات اللي بتطلب روايات وشاركوا في جروب وانشروا فيه ميمز و ريڤيوهات عن الرواية هستناكم
اللينك في صندوق الوصف بحسابي الشخصي




        



google-playkhamsatmostaqltradent