Ads by Google X

رواية جواد بلا فارس الفصل السادس 6 - بقلم بنوته اسمرة

الصفحة الرئيسية

 رواية جواد بلا فارس الفصل السادس 6 - بقلم بنوته اسمرة 

الحلقة ( 6 )

- جالك النهاردة عريس
اختفت ابتسامة "آيات" ليحل محلها الوجوم .. ثم قالت بتوتر :
- مش دلوقتى يا بابا لما أخلص دراستى
قال والدها :
- أساساً معدش الا كام شهر وتخلصى وبعدين مش تسأليني الأول مين هو
قالت "آيات" بلامبالاة :
- مين .. حد من ولاد صحابك ؟
قال والدها مبتسماً :
- قالى انه دكتور عندك فى الجامعة .. اسمه دكتور "آدم خطاب" .. بيديكوا مادة "ادارة أعمال" 
أخذ قلب "آيات"يرقص فرحاً وهى تتمتم فى سعادة بالغة وبصوت مرتجف :
- دكتور "آدم" !
قال والدها :
- أيوة يا "آيات" .. تعرفيه مش كده
قالت بحماس لم تستطيع اخفاؤه :
- أيوة يا بابا أعرفه
ثم قالت :
- طيب هو قالك ايه بالظبط
ضحك والدها قائلاً :
- أمال راح فين كلامك اللى كان من شوية .. مش دلوقتى يا بابا لما أخلص دراستى
احمرت وجنتاها خجلاً .. فقال والدها :
- قالى يشرفنى انى أتقدم لبنتك "آيات" .. وعرفنى بنفسه .. وعايز ييجى البيت عشان يتقدم رسمى وتعدوا تتكلموا مع بعض
قالت "آيات" بفرح :
- بجد .. وقولتله ايه ؟
قال والدها مبتسماً :
- قولتله هرد عليك بكرة ان شاء الله .. قولت الأول آخد رأيك بما انه دكتور عندك فى الجامعة يعني شايفاه وعارفاه .. فخفت يكون مفيش قبول .. بس كده من الواضح ان فى قبول وقبول أوى كمان
ضحكت "آيات" خجلاً وأطرقت برأسها .. اقترب منها والدها وقبل جبينها قائلاً :
- ربنا يكتبلك اللى فيه الخير يا بنتى
صعدت "آيات" فى غرفتها وهى تكاد تقفز فى الهواء فرحاً .. لم تصدق ما حدث .. "آدم" تقدم لها .. فارسها يريدها معه على ظهر جواده .. فرسها اقتحم حياتها بفروسية الفرسان ودخل البيت من بابه .. هو بالفعل فارسها .. وحبيبها 
فتحت حقيبتها بسرعة وأخرجت هاتفها .. لم تكد "أسماء" تجيب على الهاتف حتى قفزت "آيات" قائله بفرحة غامرة :
- دكتور "آدم" اتقدملى يا "أسماء"
صاحت "أسماء" بدهشة بالغه :
- ايه .. بتقولى ايه .. بتهرجى
ضحكت "آيات" بسعادة وقالت بصوت أشبه بالصراخ :
- لا مش بهرج .. والله اتقدملى .. رجعت البيت لقيت بابا بيقولى انه اتقدملى
صمتت "أسماء" قليلاً ثم قالت وهى مصدومة :
- مش مصدقة
قالت "آيات" :
- ولا أنا مصدقة .. أنا هتجنن .. انا مش عارفه أعمل ايه .. فرحانه أوى .. عايزة أصرخ عايزة أضحك عايزة أطير .. "أسماء" .. أنا حسه ان أنا بحلم .. لحد دلوقتى مش قادرة أصدق
قالت "أسماء" وهى لم تفق من صدمتها بعد :
- أنا نفسي لسه مش قادرة أصدق .. معقول حبك بالسرعة دى
قالت "آيات" وابتسامه حالمه على شفتيها :
- تفتكرى بيحبنى فعلاً يا "أسماء" .. ياااه مش قادرة أصدق .. أنا فرحانه بطريقة محدش يقدر يتخيلها
قالت "أسماء" مبتسمه :
- حبيبتى يا "آيات" ربنا يتمملك على خير يارب
قالت "آيات" بصدق :
- ميرسي يا "سمسم" وعقبالك انتى كمان يااارب

********************************
فتحت والدة "إيمان" الباب وابتسمت قائله بترحاب :
- أهلا أهلا يا "سمر" اتفضلى يا حبيبتى
انتفض "على" الجالس فى غرفته .. وابتسم ابتسامة صغيرة 
قالت والداته لـ "سمر" :
- "ايمان" فى أوضتها يا حبيبتى .. والله ما عارفه البت دى ملها .. عين وصابتها
دخلت "سمر" غرفة "ايمان" .. فوجدتها جالسه فى فراشها وأمامها طبق كشرى كبير تأكل منه دون توقف .. ضحكت "سمر" قائله :
- طيب قوليلى ازيك حتى
قالت "إيمان" بهدوء وهى تبلع ما بداخل جوفها :
- ازيك يا "سمر"
أغلقت "سمر" الباب وجلست بجوار "إيمان" قائله :
- ايه يا بنتى فى ايه .. مش عجبانى بقالك كام يوم .. وكل ما أتصل بالبيت طنط تقولى نايمة .. وعلى الموبايل مبترديش .. فى ايه يا "إيمان"
تركت "إيمان" الطبق من يدها وقالت بحزن :
- ما أنا زى الفل أهو .. وأعده عماله ألغ مش راحمة نفسي
قالت "أسماء" وهى تنظر اليها بتمعن :
- أنا عارفاكى يا "إيمان" مبتكليش كده الا لو كنتى مضايقة
ثم جذبت الطبق من يدها قائله :
- وبعدين كده كتير أوى .. حرام عليكي نفسك
قالت "إيمان" بحدة وهى تستعيد طبقها مرة أخرى :
- يا ستى انتى مالك ومالى .. أنا جعانه .. ايه أموت من الجوع يعني
قالت "سمر" بحزم :
- ده مش جوع يا "إيمان" ده هروب .. بتهربي من مشاكلك بالأكل .. بتهربي من خنقتك بالأكل 
قالت "إيمان" بتحكم :
- كنت فاكراكى دكتورة أطفال مكنتش أعرف انك دكتورة نفسيه
قالت "سمر" بهدوء :
- مش لازم أكون دكتورة نفسية عشان أقدر أفهم صحبتى .. أقرب صاحبة ليا 
تنهدت "إيمان" وأطرقت صامته .. قالت "سمر" :
- انتى ليه بتعمل فى نفسك كده .. مش اتفقنا هتعملى رجيم وقولتيلى الاسبوع اللى فات انك هتبتدى فيه
هتفت "إيمان" بحده :
- وأعمل رجيم ليه .. عشان مين .. عشان أعجب راجل وييوافق انه يتجوزنى .. لا مش عايزة أنا عجبنى نفسي كده
قالت "سمر" بحزم :
- لا مش عشان تعجبى راجل .. وأعتقد ان المفروض ان انتى واحدة ملتزمة وعارفه كويس انك ميتفعش تجذبي راجل ليكي لا بشكلك ولا بجسمك .. انتى هتعملى رجيم عشانك انتى عشان "إيمان"
قالت "إيمان" بعناد :
- "سمر" اقفلى على الموضوع .. أنا مش عايزة أعمل رجيم .. أنا كده مبسوطة بنفسي .. ومبسوطة أوى كمان
صاحت "سمر" بحنق :
- عنيدة ودماغك ناشفة
قالت "إيمان" لتغير الموضوع :
- أخبار شغلك فى المستشفى ايه ؟
قالت "سمر" :
- كويس
قالت "إيمان" :
- مفيش جديد ؟
تذكرت "سمر" .. المرأة التى كانت تريدها لأخوها .. تنهدت وقالت حزن :
- لا مفيش جديد

**************************************
دخلت "آيات" المدرج متأنقة كعادتها .. لكن هذه المرة قلبها يخفق من السعادة .. اليوم سترى "آدم" .. ليس فى المحاضرة فحسب بل فى بيتها .. اليوم سيأتى "آدم" ليتقدم لها رسمياً .. كانت عيناها تلمعان وابتسامتها لا تفارق وجهها .. رأته وهو يدخل من الباب .. ودت لو قامت وصرخت وسط الطلاب .. هذا الرجل فارسى .. هذا الرجل حبيبى .. هذا الرجل خطيبي .. هو لى وحدى .. وأنا له وحده .. صعد المنصة وحياهم ثم أدار عينيه حتى وصل اليها .. وجدها مبتسمة تنظر له بلهفه .. رأى على وجهها علامات الموافقة .. فعلم أن زيارة اليوم نتيجتها محسومة .. قال بصوته الرخيم :
- امتحان مفاجئ يا شباب .. كله يطلع ورقة وقلم واكتبوا ورايا الأسئلة دى
ابتسمت "آيات" فى سعادة وهى تنظر حولها وتتأمل ملامح الصدمة على وجوه الطلاب .. أما هى فظلت محتفظة بإبتسامتها .. فحبيبها خصها وحدها بمعرفة أمر هذا الإمتحان المفاجئ .. ألقى عليها "آدم" نظرة فتلاقت عيناهما .. واتسعت ابتسامتها وهى تمسك بقلمها وتستعد لكتابة الأسئلة

**************************************
تأنق "آدم" ووقف أمام المرآة يتمم على مظهره .. دخلت "بوسي" غرفة النوم وهى تتأمله .. ثم اقتربت منه قائله :
- ايه الشياكة دى كلها .. اللى يشوف كده يقول عريس
ابتسم "آدم" قائلاً :
- ومن امتى يعني مبهتمش بلبسي
قالت "بوسي" بقلق :
- بس النهاردة حسه انك مهتم زيادة عن اللزوم .. خير ان شاء الله
قال "آدم" بلامبالاة وهى يعيد ربط ربطة عنقه :
- مفيش فى لقاء عمل مهم بالنسبة لى
اقتربت منه "بوسي" وحاولت عناقه من الخلف فابتعد عنها فوراً وقال :
- "بوسي" البدلة مكوية .. وكمان البرفيوم بتاعك مش عايزه ييجى عليها
قالت "بوسي" بضيق :
- طيب هتتأخر ؟
قال "آدم" بلامبالاة وهو يتوجه الى الخارج :
- احتمال أبات عند ماما النهاردة
قالت "بوسي" بحنق شديد :
- وليه متبتش هنا
قال "آدم" بنفاذ صبر :
- ماما لوحدها
قالت "بوسي" بحزن :
- بس يا "آدم" أنا مبحبش أبات لوحدى وانت عارف كده
قال "آدم" وهو يقبل وجنتيها :
- حاضر هحاول أبات معاكى النهاردة .. سلام
خرج وأغلق الباب خلفه .. توجهت "بوسي" الى الشرفة تشاهده وهو متوجه الى السيارة ثم تنهدت فى حسرة وعلامات الحزن على وجهها

**************************************
وقفت "آيات" أمام المرأة تتمم على فستانها ومكياجها ولفة حجابها .. قالت دادة "حليمة" بسعادة :
- بسم الله الله أكبر .. زى القمر يا "آيات"
التفت اليها "آيات" قائله بلهفه :
- بجد يا دادة شكلى حلو ؟
هتفت "حليمة" بحنان :
- حلو بس ده انتى زى القمر يا بنتى
ابتسمت "آيات" بسعادة ثم قفزت من مكانها عندما سمعت صوت سياره تتوقف تحت نافذتها .. أسرعت بفتح الشرفة ثم قالت بلهفه :
- جه يا دادة جه
تقدمت "حليمة" لتنظر من الشرفة ثم صاحت فى سعادة :
- بسم الله ما شاء الله .. عريسك حلو أوى يا "آيات" وباين عليه راجل ملو هدومه .. ربنا يسعدك يا حبيبتى ويوفقك يارب
قالت "آيات" بسعادة ولهفه :
- دادة حلو الميك آب ولفة الطرحة كدة ولا أعدل فيهم حاجه
قالت "حليمة" بحنان :
- يا حبيبتى انتى زى القمر من غير حاجة
قالت مبتسمه :
- نفسيى النهاردة يشوفنى أحلى واحدة فى الدنيا
عانقتها "حليمة" قائله :
- ربنا يسعدك يارب ويتمملك بخير
دخلت "أسماء" الغرفة مسرعة وهى تقول :
- جه يا "آيات" انتى فين
خرجت "آيات" من الشرفة وهى تقول :
- آه شوفته يا "أسماء" انتى اللى كنتى فين
قالت "أسماء" بمرح :
- كنت فى المطبخ ما انتى مجوعانى من الصبح
قالت "آيات" ضاحكة :
- المقابلة تعدى على خير وأنا أخدك ونروح أرقى وأحسن مطعم فيكي يا كايرو وأعزمك عزومة محصلتش
ضحكت "أسماء" قائله :
- ماشى خليكي شاهده يا دادة .. عشان مترجعش فى كلامها بعد كده

فى الأسفل دخل "آدم" بعدما أدخلته الخادمة وجلس فى انتظار والد "آيات" .. نظر حوله يتأمل الفيلا الراقية بمفروشاتها الثمينة وعيناه تشعان كرهاً وحقداً وتساءل فى نفسه بسخرية :
- يا ترى فلوسك حرام زى أخوك يا "عبد العزيز" بيه ؟! .. 
لحظات وحضر والد "آيات" يرحب به قائلاً :
- اهلاً وسهلاً يا دكتور
قام "آدم" وسلم عليه قائلاً :
- أهلا بيك يا فندم
قال له "عبد العزيز" وهو يجلس فى المقعد المقابل له :
- اتفضل يا دكتور .. تشرب ايه ؟
قال "آدم" :
- قهوة مظبوط ياريت
طلب "عبد العزيز" من الخادمة احضار ما أراد .. ثم نظر اليه قائلاً :
- برده لسه مفتكرتش اتقابلنا فيه ؟
ابتسم "آدم" قائلاً :
- بصراحة لأ .. بس فعلاً عندى نفس احساس حضرتك .. اننا اتقابلنا قبل كده
ابتسم "عبد العزيز" وهو يقول بمرح :
- خلصا اللى يفتكر الأول يفكر التانى 
.. ظلا يتحدثان لنصف ساعة .. اخبره خلالها "آدم" بأنه وحيد أمه و أبوه .. وبأن والده متوفى منذ أعوام .. ووالدته على سفر حالياً لأحد أقاربهم فى محافظة أخرى .. وأن لديه شقة مفروشة حديثاً فى أحد الأحياء الراقية .. أخبره عن مشواره العلمى وعن كفاحه ونضاله ليصل الى ما هو عليه .. أعجب "عبد العزيز" بما سمع منه .. لم يكن كل ما قاله "آدم" كذباً .. كان الجزء المتعلق بكفاحه وبمعاناته حتى حصل على الدكتوراة صدقاً .. تجبر أى أب على أن يشعر تجاهه بالفخر والإحترام .. أمر "عبد العزيز" الخادمة لتطلب من "آيات" النزول .. شعرت وكأن قدماها ترفضان حملها .. ابتسمت تلقائياً عندما وقع نظرها عليه اختفت حمرة الخجل خلف الباودر الذى تضعه على وجهها .. قام ومد يده قائلاً :
- أهلا بيكِ يا آنسة "آيات"
مدت يدها قائله بصوت منخفض والإبتسامه تزين وجهها :
- أهلا بيك يا دكتور
ارتجف قلبها عندما تلامست أيديهما .. ودت لو تركت كفها بين راحته فترة أطول .. لكنها سحبتها بسرعة وبخجل وجلست فى المقعد الذى أمامه .. تأملها "آدم" وقد فعلت المستحيل لتبدو بصورة أنيقة جذابه .. لكن تلك الصورة أشعرته بالنفور .. أشعرته بأنها الجارية المعروضة فى سوق الجوارى والتى تتزين وتفتخر بمحاسنها حتى يشتريها الرجال .. وتصير ملكاً لرجل يأسره جمالها .. لكن "آدم" لم يكن أبداً يستهويه هذا النوع من الفتيات .. لم يكن يستويه من تقدم التنازلات لتنال رضاه السامي .. لم يكن يستهويه الشئ السهل .. الذى يستطيع لمسه متى أراد ويفعل به ما يريد فى الوقت الذى يريد .. هذا النوع يضعه فى قائمة "للتسلية فقط" .. أما قائمة "للأبد" .. لم تحمل إلا اسماً واحداً وسرعان ما حذفه منها بعدما أيقن بأنه أخطأ فى وضعه من الأساس .. أفاق من شروده على صوت "عبد العزيز" وهو يقول :
- منور يا دكتور
ابتسم "آدم" قائلاً :
- ده نور حضرتك يا فندم
قام "عبد العزيز" وقال :
- أسيبكوا تتكلموا مع بعض .. بعد اذنكوا
نظر "آدم" الى "آيات" المبتسمه ثم رسم على شفتيه ابتسامه قائلاً :
- عملتى ايه فى امتحان النهاردة؟
ضحكت قائله :
- الإمتحان المفاجئ ؟
ضحك قائلاً :
- أيوة بالظبط كده
ابتسمت وهى تقول :
- حليت الأسئلة كلها .. حضرتك طبعاً لسه مصححتش الورق
ابتسم "آدم" وهو يخرج ورقة من جيبه قائلاً :
- صححت ورقتك 
نظرت الى الورقة التى فى يده ثم نظرت اليه لتقابل عيناه التى ترسل آشعة اختراق قوية فانهارت حصونها أمام نظراته وابتسم قائلاً :
- فول مارك
ابتسمت وهى تقول بمرح :
- قولتلك .. لو عملت امتحان مفاجئ هتلاقيني جاهزة
قال بخبث وهو يعيد الورقة لجيبه :
- شكلك بتحبي ادارة الأعمال أوى
صمتت .. ودت لو قالت له بل أحبك أنت .. قالت له "آيات" بإهتمام :
- ممكن أسأل حضرتك سؤال
- اتفضلى طبعاً
قالت "آيات"وهى تنظر اليه مبتسمه :
- ليه اتقدمتلى .. اشمعنى أنا ؟
صمت "آدم" قليلا ثم قال :
- تفتكرى ليه ؟
قالت :
- أنا اللى بسأل
أخذ رشفة من العصير الموضوع أمامه ثم قال :
- بكرة تعرفى
نظرت اليه .. تحاول أن تعرف فيما يفكر .. ماذا يشعر .. ابتسم لها تلك الإبتسامه الساحرة الذى تذيب الجليد .. فخفق قلبها .. واتسعت ابتسامتها وهى تقول فى نفسها :
- بحبك .. بحبك يا "آدم"

**************************************
بعد يومين .. كانت "آيات" جالسه فى شرفة غرفتها تتأمل القمر الذى اكتمل وصار بدراً .. تأملت ضوئه الفضى وهو يخترق ظلام السماء .. شعرت بأنه كقلبها .. يشع ضوءاً وفرحاً .. ويبث فى جسدها شعوراً لذيذاً .. تذكرت حلمها .. الزرع .. الخضرة .. وفارسها على جواده الأصيل .. مقبل نحوها .. والشمس تزين الأفق .. يقف أمامها ويمد يده .. فتبتسم وتصعد خلفه .. أفاقت من أحلامها على صوت طرقات الباب .. وقفت وفتحت الباب وابتسمت قائله :
- بابا .. انت لسه صاحى
ابتسم وهو يدخل قائلاً :
- أيوة حبيبتى .. وشوفتك وأنا فى الجنينة قولت آجى عشان أتكلم معاكى شوية
قالت له :
- اتفضل يا بابا
وقفا متجاورين فى الشرفة .. استنشق "عبد العزيز" عبير المساء .. ثم التفت الى ابنته يمسح بيده على شعرها وينظر لها فى حنان .. ابتسمت "آيات" واقتربت منه تلقى برأسها على صدره .. قبل شعرها قائلاً :
- صعب عليا أوى فراقك .. بس كان لازم ييجى اليوم ده .. عارف لو يرضى .. كنت خليتكوا تعيشوا انتوا الاتنين معايا هنا فى الفيلا
ابتسمت "آيات" وقد رفعت رأسها لتنزر اليه فأكمل قائلاً :
- قوليلى الأولى .. ايه ردك ؟ .. المفروض أبقى عارف ردك عشان لما يتصل بيا بكرة 
نظرت "آيات" الى يديها بخجل وهى تعبث بهما بتوتر .. فقال والدها ضاحكاً :
- أفهم يعني ان السكوت علامة الرضا
ضحكت قائله :
- يعني
قبل رأسها قائلاً وقد اغرورقت عيناه بالعبرات :
- مبروك يا حبيبتى .. مبورك
نظرت اليه وقد اغرورقت عيناها بالعبرات هى الأخرى وقالت :
- ليه بأه كده يا بابا .. بتعيط ليه
ابتسم والدموع فى عينيه قائلاً :
- مبعيطش ولا حاجة انتى اللى بتعيطي
مسحت الدمعة التى سقطت على وجهها وهى تقول بصوت مضطرب :
- مبحبش أشوفك بتعيط .. متعيطش تانى
ابتسم لها وهو يعانقها قائلاً :
- ربنا ما يحرمنى منك أبداً يا بنتى
أغمضت عينيها وهى تلف يدها حوله قائله :
- ولا يحرمنى منك يا بابا

****************************************
اتصل "آدم" بـ "عبد العزيز" ليعرف منه قرار "آيات" والذى يتوقعه بالفعل .. اتسعت ابتسامته الواثقة وهو يتلقى خبر موافقتها على طلبه للزواج منها .. قال "عبد العزيز" :
- ياريت تشرفنى فى الفيلا يا دكتور "آدم" عشان نتكلم فى التفاصيل
قال "آدم" :
- حضرتك تؤمر .. ان شاء الله بكرة هكون عند حضرتك على الساعة 5 .. مناسب ؟
قال "عبد العزيز" :
- أيوة مناسب .. فى انتظارك ان شاء الله
أنهى "آدم" المكالمة وعيناه تلمع خبثاً ومكراً وقد أسعده اقترابه من تحقيق هدفه .. دخلت "بوسى" غرفة المعيشة وطوقت بذراعيها رقبة "آدم" الجالس على الأريكة .. أرغم نفسه على الابتسام فهمست فى أذنه :
- وحشتنى أوى
قال لها :
- وانتى كمان
همست قائله :
- طيب آعد لوحدك ليه
قال "آدم" وهى يرفع هاتفه :
- كنت بتكلم فى الموبايل
جذبته قائله بدلال :
- طيب كفاية شغل بأه
نهض وقبل وجنتها قائلاً :
- حاضر يا حبيبتى

*************************************
كان "آدم" فى طريقه الى بيت "آيات" .. عندما رن هاتفه .. ابتسم بسخرية ثم رد قائلاً :
- هاى "ساندى"
قالت "ساندى" بمرح :
- هاى دكتور .. ازيك
- تمام 
قالت بمرح :
- بقولك ايه يا دكتور هو الامتحان بتاع المرة اللى فاتت ده كان مهم يعني 
ابتسم قائلاً :
- أها مهم ودرجاته مخصومه من توتل المادة
قالت بدلال :
- أصل أنا مكنتش مستعده .. وبصراحة معرفتش أجاوب على أى سؤال .. ورقتى بيضا يعني
قال "آدم" بمرح :
- يعني هتاخدى o كبيره
قالت "ساندى" بمرح :
- وأهون عليك يا دكتور تديني O .. مكنش عيش وباتيه
ضحك قائلاً بلؤم :
- لو وعدتيني انك تذاكرى مادتى كويس أنا هغير ال O دى
قالت بحماس :
- ده أنا هعد دلوقتى أكل الكتب مش بس أذاكر
قال "آدم" بخبث :
- ماشى يا "ساندى" .. متقلقيش
قالت بدلال :
- واثق انى مقلقش
قال :
- طالما "آدم" قالك متقلقيش يبقى متقلقيش
قالت بسعادة :
- ميرسي يا دكتور
أنهى "آدم" المكالمة وهو يبتسم لنفسه بسخرية

**************************************
قال "آدم" لـ "عبدالعزيز" وهو جالس معه فى فيلته :
- أنا بقول نخليها كتب كتاب مع الخطوبة
ضحك "عبد العزيز" قائلاً :
- بالسرعة دى يا دكتور
قال "آدم" مبتسماً :
- أنا جاهز يا "عبد العزيز" بيه .. ايه يخليني أستنى 
قال "عبد العزيز " :
- على الأقل تستنى تشوف هتقدروا تتفاهموا مع بعض ولا لاء
قال "آدم" بثق :
- لا حضرتك متقلقش أنا واثق ان أنا و "آيات" هنتفاهم كويس .. ومش هيكون فى أى مشاكل بينا 
صمت "عبد العزيز" يفكر .. ثم قال :
- بصراحة يا دكتورة . .أنا مش حابب السرعة دى .. على الأقل يكون فى شهر بين الخطوبة وكتب الكتاب
شعر "آدم" بالضيق .. لكنه ابتم قائلاً :
- مفيش مشكلة نخليها شهر وبعدها نكتب الكتاب 
قال "عبد العزيز" :
- وناوى الفرح يكون امتى ؟
صمت "آدم" وقد بوغت بالسؤال .. فخطته لن تصل الى يوم العرس أبداً .. خطته ستكتمل بكتب الكتاب .. هذا هو هدفه الذى يريد أن يصل اليه .. بالإضافه الى أنه لو وصل الى العرس فسينكشف أمر .. وينكشف كذبه .. فهو لا يملك تلك الشقة الفاخرة التى ادعى أنها ملكه .. ولا يملك حتى ما سيدفعه لإقامة حفل العرس .. لذلك فخطته ستتوقف عند كتب الكتاب .. هو فقط يريد "آيات" فى يده .. أو بمعنى أصح .. يريد روحها فى يده .. ليتحكم فيها وفيهم كيفما شاء .. ويسترد حقه المسلوب .. أفاق من شروده قائلاً :
- نحدد سوا المعاد .. مفيش معاد محدد فى بالى
اقتربت "آيات" فى تلك اللحظة .. فنهض "آدم" ومد يده ليسلم عليها قائلاً :
- ازيك يا آيات"
أجابت مبتسمه :
- كويسة الحمد لله
قام "عبد العزيز" وتركهما بمفردهما .. رفعت رأسها لتجد نظرات "آدم" مثبتة عليها فإبتسمت بخجل .. ثم قالت :
- اتفقتوا على ايه ؟
قال "آدم" مبتسماً :
- اتفقنا ان الخطوبة هتكون بعد اسبوع .. وكتب الكتاب بعدها بشهر
قفز قلب "آيات" فرحاً فسألها "آدم" وهو يراقب تعبيرات وجهها التى تشع سعادة :
- ايه رأيك ؟
قالت بصوت مضطرب :
- تمام .. مفيش مشكلة
بدت على "آدم" ملامح الجدية ثم قال :
- انتوا ليه مقاطعين عمك "سراج" ؟
لم تكن تلك المعلومة مفاجئة بالنسبة الى "آدم" .. أو اكتشفها بعد أن تقدم لخطبتها .. بل تلك المعلومة تحديداً هى ما جعلت "آدم" يقدم على طلب يدها بقلب جامد .. لأن مادامت الخيوط منقطعة بينها وبين عمها .. إذن فلن يعرف بأمر خطبتها .. ولن يلتقيه "آدم" إلا فى اللحظة التى يريدها "آدم" .. يريد أن يخفى هذا الأمر عن "سراج" حتى تأتى اللحظة الحاسمة .. فيكشف أوراقه ويربح كل الموجود على الطاولة .. قالت "آيات" بحزن :
- مش عارفه بصراحة
قال "آدم" بإستغراب :
- ازاى يعني مش عارفه
قالت "آيات" شارحه :
- بابا مقاطعه من زمان .. وقالى ان حصل خلاف كبير أوى بينهم وقاطعوا بعض .. لكن مرضاش يحكيلى المشاكل اللى حصلت بينه وبين عمو 
قال "آدم" بإهتمام :
- وولاد عمك انتى على علاقة بيهم ؟
قالت "آيات" بحزن :
- لا بابا منعنى انى اتكلم معاهم وهما كمان محدش فيهم بيكلمنى .. هو عنده بنت واحدة وولد واحد .. بس للأسف بقالنا سنين مشوفناش بعض ومنعرفش أى حاجة عن بعض
ابتسم "آدم" وهو يشكر الظروف التى تساعده على استكمال خطته دون أى منغصات

**************************************

هتفت "ريم" ضاحكة :
- مش قادرة أبطل ضحك .. دكتور "آدم" هيخطب وانتى عماله مصدعانى ليل نهار ده كلمنى يا "ريم" .. ده بيقولى كذا يا "ريم"
هتفت "ساندى" بحنق وهى تهب واقفة :
- "ريم" لو مبطلتيش ضحك هسيبك وأمشى
قالت "ريم" وهى تحاول كتم ضحكاتها :
- خلاص خلاص اعدى
جلست "ساندى" قائله بحنق :
- وبعدين انتى هبلة ؟ .. انتى فاكرانى بحبه ولا ايه .. أنا بس عايزه اننا نبقى صحاب لانى بحب النظرة اللى بشوفها فى عين البنات لما بكون واقفه معاه
قالت "ريم" بتهكم :
- وهى خطيبته بأه هتسمحله يقف معاكى تانى .. خلاص يا بنتى دى لو هتطول هتحسبه فى البيت ومتنزلوش منه 
ثم انفجرت ضاحكة مرة أخرى فقالت "ساندى" بحنق :
- ليه ان شاء الله .. وبعدين دكتور "آدم" واحد فري جداً جداً ومش متخلف .. وهى لو عملت كده فعلاً يبقى بتخنقه وهتخليه يطفش منها بسرعة
صمتت قليلاً ثم قالت بثقة :
- بكرة تشوفى ان دكتور "آدم" هيفضل زى ما هو ومش هيتغير عشانها

*************************************
اقترب "آدم" من "بوسي" الواقفة فى المطبخ ولفها بذراعيه قائلاً :
- بتعملى ايه 
ابتسمت له قائلاً :
- بعمل ساندوتشات للعشا 
ثم قالت بمرح :
- فرحانه أوى انك هتبات معايا النهاردة كمان
قبل وجنتها قائلاً :
- أعمل ايه بتوحشيني لما ببعد عنك
التفتت اليه قائله بسعادة :
- بجد يا "آدم" ؟
قال لها وهى يلعب بخصلات شعرها :
- طبعاً يا حبيبتى
ابتسمت له والتفتت مرة أخرى تكمل عملها .. بدا على "آدم" التردد قليلاً ثم قال :
- "بوسى" كنت عايز أطلب منك طلب
قالت مبتسمة :
- أأمر يا حبيبى
أخذ قطعة خيار ووضعها فى فمه ثم قال :
- محتاج 20 ألف جنية وهرهملك فى أقرب قوتك
صمتت قليلاً ثم قالت :
- عايزهم فى ايه ؟
قال ببرود :
- ايه تحقيق .. عايزهم وخلاص
توقفت "بوسى" عما تفعل والتفتت اليه قائله :
- بس يا "آدم" على الأقل عرفنى عايزهم فى ايه
قال ببرود وهو يرمقها بحده :
- خلاص انسى يا "بوسي"
ثم غادر وتوجه الى غرفة النوم .. هرعت "بوسي" خلفه تنظر اليه وهو يبدل ملابسه فقالت :
- بتعمل ايه يا "آدم" 
قال ببرود دون أن يلتفت اليها :
- رايح البيت
قالت بحزن :
- مش انت قولتلى هتبات معايا النهاردة
قال دون أن ينظر اليها :
- غيرت رأيي أنا سايب ماما من امبارح 
قالت "بوسي" :
- "آدم" ليه بتعمل كده .. انت عارف انى بكره أعد لوحدى .. بتخنق من الوحدة .. ليه مش عايز تعد معايا
التفت اليها "آدم" ونظر اليها بحدة قائله :
- أعد معاكى ليه هو انتى بتحبيني
اقتربت منه "بوسى" وقالت بصوت متهدج :
- أيوة بحبك يا "آدم" .. انت عارف انى بحبك
قال "آدم" بحزم :
- لو بتحبيني بجد يباه هتعملى اللى قولتلك عليه يا "بوسي" 
قالت "بوسي" مبتسمة :
- خلاص يا حبيبى متزعلش بكرة هروح أسحبهم من البنك 
قال "آدم" مبتسماً :
- متقلقيش هردهملك هما وكل الفلوس اللى خدتها منك قبل كده
قالت مبتسمة وهى تلقى بنفسها بين ذراعيه :
- أنا مش عايزاك تردهملى يا "آدم" .. أنا عايزاكى تفضل معايا ومتسبنيش أبداً
قال "آدم" بنظرات خاوية وصوت خاوى كالصوت الذى يخرج من الرسائل المسجلة :
- متخفيش يا حبيبتى مش ممكن أسيبك أبداً

*************************************
توجهت "آيات" بصحبة "آدم" لشراء دبل الخطوبة .. كانت فى قمة سعادتها وفرحتها وهى جالسه بجوار حبيبها فى سيارته .. امتدت يد "أدم" لتمسك بيدها .. فالتفتت وابتسمت له فى سعادة .. نزل وفتح لها الباب فابتسمت له .. لكم تعشق رقته وتصرفاته الراقية .. دخلا محل الذهب لشراء دبلتين ذهبيتين .. فما كان أحدهما سيهتم بعدم جواز لبس الذهب للرجل .. تناسيا ذلك أو لم يتذكراه أصلاً .. كانت "آيات" تبتسم فى سعادة وهى تختار الدبلة التى ستتوج أصابعها .. راقب "آدم" تعبيرات وجهها الفرحه .. وابتسامتها التى لم تفارقها كلما رآها .. أخيراً اختارت ما أعجبها .. وطلب منها "آدم" اختيار خاتم كهدية للخطبة .. ابتسمت فى سعادة واختارت الخاتم .. أعطى "آدم" ما اختاروه لصاحب المحل وقبل أن يحاسبه قالت "آيات" للرجل بسعادة :
- لو سمحت اكتب "آدم" و "آيات" على كل دبلة وكمان اكتب 25 سبتمبر سنة .... 
شعر "آدم" بالدهشة من التاريخ الذى اختارته .. فهذا التاريخ يبعد ثلاث سنوات ونصف عن التاريخ الخالى .. ذهب الرجل لينفذ طلبها فاقترب منها "آدم" قائلاً :
- اشمعنى التاريخ ده
نظرت اليه بعنيان تشعان حباً وهى تقول :
- تاريخ أول مرة اتقابلنا فيها
عقد "آدم" ما بين حاجبيه فى دهشة ونظرة لها وهو لا يعى ما تقول .. فقالت مبتسمة :
- أول مرة اتقابلنا فيها .. كان فى أول شهر ليا فى الجامعة .. تاكسى خبط فى الرصيد والسواق وقف يتخانق معايا .. انت جيت ودافعت عنى .. وفضلت واقف جمبي لحد ما بابا جه ودفع للراجل الفلوس 
نظر اليها "آدم" بدهشة .. أخيراً تذكر أين رآى والد "آيات" من قبل .. لكن الشئ الوحيد الذى لا يستطيع تذكره .. هو "آيات" نفسها .. لم تكن هى تلك الفتاة التى رآها يومها .. أخذ ينظر اليها ويتأملها جيداً .. تلك الفتاة الواقفة أمامه الآن والتى تبدو كفتيات الإعلانات مختلفة تماماً عن تلك الفتاة البريئة النقية التى رآها من قبل .. والتى لفتت انتباهه يومها .. برقتها وبساطتها ووجهها البرئ الذى كانت تعلوه حمرة الخجل كلما التقت أعينهما .. شعر بالدهشة تغمر كيانه وهو يتساءل فى نفسه .. أين ذهبت تلك الفتاة البريئة ؟! .. لماذا أصبحتى كما أراكى الآن ؟!

  •تابع الفصل التالي "رواية جواد بلا فارس" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent