رواية جواد بلا فارس الفصل االسابع7 - بقلم بنوته اسمرة
الحلقة ( 7 )
كان حفل الخطوبة فى حديقة الفيلا .. تم تجهيزها بشكل ممتاز .. وحضر الأهل والأصحاب .. أما "آدم" فلم يدعو الا زملائه بالجامعة .. ولم يظهر له بالحفل أى من أقربائه .. وعندما سُئل عن ذلك قال ببساطة :
- مليش حد فى الدنيا غير ولدتى وكانت مسافرة عند قرايبها وتعبت جداً ومقدرتش تيجي
فى غرفة "آيات" التف "أسماء" و "سمر" و "إيمان" حولها .. كانت تضحك وتمزح معهن وهى تشعر بأنها كالعصفورة .. تطير وتسبح فى الفضاء وترفرف بجناحيها فى سعادة .. كانت تشعر أن هذا اليوم هو أحلى أيام حياتها .. نزلت مع صديقاتها وجلست على المقعد بجوار "آدم" .. ما هى إلا لحظات وتعالت أصوات التصفيق بعدما ألبسها "آدم" دبلتها وألبسته دبلته .. انحنى "آدم" ليهمس فى أذنها :
- مبروك يا حبيبتى
اتسعت ابتسامة "آيات" وتعالت دقات قلبها الصغير وهى تسمع منه لأول مرة كلمة "حبيبتى" .. كان الناظر اليها يستطيع أن يتبين سعادتها الغامرة فى هذا اليوم ..
تعالت أصوات موسيقى حالمة .. فأمسك "آدم" بيدها ووقف أمامها ليراقصها .. لكنه فجأة وجد "عبد العزيز" مقبلاً تجاههما وأمسك ذراعيه قائلاً :
- بعد كتب الكتاب يا دكتور
نظر اليه "آدم" للحظه صامتاً ثم قال مبتسماً :
- طبعاً
شكرت "آيات" والدها فى سرها .. لانه عفاها من حرج مراقصة "آدم" أمام الناس ..
أقبلت صديقاتها لتقديم تهنئتهن .. ألقى "آدم" نظرة على كل من "إيمان" و "سمر" .. وشعر بالدهشة .. كانتا الوحيدتان من بين الفتيات بالحفل اللاتى يرتدين لباساً محتشماً وبدون أى زينة للوجه .. نظر الى الطريقة التى تتعامل بها "آيات" معهن فشعر أنهما على صلة وطيدة بها .. بعدما رحلتا انحنى "آدم" على أذن "آيات" قائله :
- مين دول ؟
ابتسمت قائله :
- صحابي
قال "آدم" بإستغراب :
- معاكى فى الكلية
قالت "آيات" شارحة :
- لا "سمر" دكتورة أطفال .. و "إيمان" دكتورة أسنان فى التكليف .. و "أسماء" معايا ف الكلية
كانت تشير لكل واحدة منهن أثناء حديثها فقال بدهشة :
- واتعرفتوا ازاى .. انتوا لا من كلية واحدة ولا من سن واحد بإستثناء "أسماء"
ابتسمت قائله :
- اتعرفنا فى رحلة طلعتها فى أول سنة ليا فى الجامعة .. ومن يوميها واحنا صحاب
أومأ "آدم" برأسه .. ثم ابتسم لها وهو ينظر اليها بتمعن قائلاً :
- انتى جميلة أوى النهاردة
ضحكت "آيات" بسعادة قائله :
- بجد ؟ عجبتك يعني ؟
قال "آدم" وهو يشبك أصابعها بين أصابع يده :
- انتى عجبانى على طول
ازدادت سعادتها واتسعت ابتسامتها وهى تنظر اليه بعينان تشعان حباً
نظر اليها قائلاً :
- هستأذن من باباكى ونخرج سوا بكرة .. اتفقنا
أومأت برأسها قائله بسعادة :
- اتفقنا
شعرت بسعادة غامرة وهى تنظر الى يده الممسكة بيدها .. رفعت رأسها لتنظر اليه وهى تتمنى ألا تفترق أيديهما أبداً
********************************
انتهى حفل خطبتهما .. وعاد الجميع الى بيته .. أوقف "آدم" سيارته أمام منزله .. وفتح الباب ودخل غرفته .. وفجأة التفت ليجد والدته واقفة أمام الباب المفتوح .. خلع جايت البدلة واتجه الى الدولاب لإحضار ملابسه .. نظرت اليه أمه بغضب قائله :
- مش هقولك كنت بايت فين .. ولا هقولك بتعمل ايه ومبتعملش ايه .. هقولك حاجة واحدة .. رضا الأم من رضا الرب
أخرج "آدم" ملابسها ووقف أمامها لتفسح له الطريق .. حانت منها التفاته الى يده المزينة بالدبلة .. شهقت من الدهشة ونظرت اليه تقول :
- ايه الدبلة اللى فى ايدك دى يا "آدم" ؟
قال "آدم" بنفاذ صبر :
- مش حاجة مهمة متقلقيش
قالت أمه وهى تمسك يده وتتفرس فيها :
- يعني ايه مش حاجة مهمة .. لابسها ليه ؟
ثم صاحت بغضب :
- كمان دهب ؟ انت مش عارف ان لبس الدهب حرام للراجل يا "آدم" .. الرسول صلى الله عليه وسلم نهى الرجاله عن لبس الحرير والذهب وقال دول للستات بس مش للرجاله يا "آدم"
نظر اليها "آدم" بلا أى تعبيرات على وجهه فأكملت أمه قائله بتهكم :
- صحيح انت ليه هتهتم بالحلال والحرام وانت أصلاً مبتصليش
ثم قالت وتعبيرات الإشمئزاز على وجهها :
- تصدق بالله أنا بقيت أقرف أبص فى وشك
قالت ذلك ثم تركته ودخلت غرفتها وأغلقت الباب خلفها بقوة .. ظل "آدم" واقفاً مكانه شارداً واجماً
**************************************
توجهت "آيات" للخارج بخطوات مسرعة .. خفق قلبها وهى ترى "آدم" واقف بجوار سيارته بحلته الأنيقة الفاخرة .. اقتربت منه وابتسامتها تزين وجهها قائله :
- اتأخر عليك ؟
ابتسم لها قائلاً :
- لا يا حبيبتى ولا يهمك
فتح لها الباب فجلست .. انطلق بسيارته .. كانت تشعر وكأن كل ما حولها يشاركها فرحتها .. التفت "آدم" لينظر الى تلك الإبتسامه التى لا تفارقها .. تلاقت أعينهما فإتسعت ابتسامتها .. توقفا أمام أحد المطاعم الفاخرة .. جلس "آدم" فى المقعد المواجه لها .. و أثناء تناول وجبتهما .. قالت "آيات" :
- ممكن تبقى تدينى رقم طنط عشان أكلمها ؟
قال "آدم" بدهشة :
- طنط مين ؟
قالت "آيات" :
- مامتك .. هى مجتش الخطوبة عشان تعبانه والمفروض انى أسأل عليها
قال وهو يحاول تغيير الموضوع :
- ان شاء الله .. ما قولتليش المكان عجبك ؟
ابتسمت قائله :
- جداً
صمت "آدم" قليلاً ثم قال :
- انتى والدتك متوفيه من زمان ؟
قالت "آيات" بشئ من الحزن :
- أهاا .. من يوم ما ولدتنى .. انا عمرى ما شوفتها أبداً
ثم قالت وهى تبتسم بحزن :
- بس عندى صور كتير ليها .. كل فترة بخرجهم وأعد أتفرج عليهم
راقب "آدم" تعبيرات وجهها .. فنظرت اليه قائله :
- وانت باباك متوفى من زمان ؟
شعر "آدم" بالضيق لسؤالها عن شئ خاص به .. فقال بنفاذ صبر :
- أيوة
ثم قال وهو ينظر اليها بتمعن :
- باباكى قالى أدمنا شهر عشان كتب الكتاب .. وانه بعد الشهر ده هيسألك عن رأيك .. حبه تكتبي الكتاب ولا تمدى فترة الخطوبة
قالت :
- أيوة بابا قالى كده فعلاً
قال "آدم" مبتسماً بخبث :
- طيب مش عايزه تطمنينى رأيك هيبقى ايه ؟
ابتسمت له قائله بمرح :
- استنى الشهر وانت تعرف
قال لها بخبث :
- طيب واللى مش قادر يستنى وخايف أوى من قرارك وعايز يعرفه بسرعة .. يعمل يه ؟
صمتت قليلاً ثم نظرت اليه قائله بإبتسامه :
- يطمن
شعر "آدم" بالراحة .. ومد يده وضعها فوق يدها قائلاً :
- مش هخليكي تندمى أبداً على قرارك ده
شعرت بالإضطراب وبالسعادة فى نفس الوقت وقالت :
- عارفه يا "آدم"
ثم ضحكت بخجل قائله :
- على فكرة دى أول مرة أقول اسمك من غير دكتور
قال بنبره حانيه :
- فى كلمة تانية عايزها بدل اسمى
نظرت اليه بسعادة وقد ادركت ما يريد قوله .. اقترب وجلس على المقعد المجاور لها وأمسك يدها بين راحتيه ونظر لها بعمق قائلاً :
- بحبك يا "آيات"
خفق قلبها بسرعة واضطرب تنفسها .. ها هو حبيبها جالس بجوارها ويخبرها عن حبه لها .. ألجمت السعادة لسانها فقال "آدم" هامساً :
- بحبك يا "آيات" وعايز أسمعها منك
شعرت بأن الكلمات ترفض الخروج .. كانت تشعر بإضطراب بالغ .. ودت لو صرخت له بها .. لكن الكلمة حُبست بداخلها .. ترك "آدم" يدها قائلاً :
- خلاص براحتك مش هضغط عليكي
نظرت اليه خشت أن تكون قد أغضبته .. فكر "آدم" بسخرية .. أتحاولين الظهور بمظهر الفتاة الصعبة الآن .. لا تحاولى لقد كشفتك جيداً وأعرف أنك سهلة .. ولعبة فى يدي !
قال لها :
- يلا عشان منتأخرش
نهضت معه وأوصلها الى بيتها .. قبل أن تنزل أمسك يديها مقبلاً اياها إبتسمت برقه .. قال لها :
- تصبحى على خير
قالت بصوت خافت :
- وانت من أهل الخير
غادر "آدم" و"آيات" تشيعه بنظراتها .. ثم تمتمت بصوت خافت :
- بحبك يا "آدم" .. بحبك أوى
***********************************
ظلت "آيات" ساهرة فى شرفة غرفتها .. كانت تفكر بحزن هل يا تُرى "آدم" غضب منها لأنها لن تفصح عن حبها له ؟ .. هل ظن بأنها لا تحبه ؟ .. هل هو حزين الآن ؟ .. خفق قلبها بقوة وهى تشعر بأنها لا تتحمل أن تكون سبب حزنه أو ضيقه .. توجهت الى حاسوبها وضربت بأصابعها فوق أزراره ابتساموه صغيره على شفتيها .. توردت وجنتاها خجلاً قبل أن تضغط زر الإرسال .. اتصلت بـ "آدم" وهى تتمنى أن يكون مستيقظاً .. رد "آدم" قائلاً :
- حبيبتى وحشتيني
ابتسمت "آيات" بسعادة قائله :
- خفت تكون نمت
قال لها بهيام :
- مش عارف أنام
ٍسألته :
- ليه مش عارف تنام ؟
قال هامساً :
- بفكر فيكي .. بفكر فى عنيكي اللى بقيت حاسس انى مقدرش أبعد عنهم ثانية واحدة .. بفكر فى ايديكى اللى كانت فى ايدي من شويه .. أنا مش عارف ازاى قدرتى تعلقيني بيكي بسرعة كده
أغمضت "آيات" عينها تستشعر كلماته بكل حواسها .. ثم قالت بصوت خافت :
- افتح الفيس يا "آدم" بعتلك حاجة عايزاك تشوفها
قال بدهشة :
- وانتى عرفتى الفيس بتاعى منين ؟
قالت بخجل :
- كنت عارفاه من زمان .. بس عمرى ما بعتلك آد
شعر "آدم" بالدهشة .. ثم قال :
- طيب خليكي معايا بفتح الجهاز
قالت بسرعة :
- لا شوف وأنا مش معاك .. أنا هقفل دلوقتى .. باى
قال بدهشة :
- باى
فتح جهازه وهو يتمتم لنفسه بحنق :
- ابتدينا شغل المراهقة
نظر "آدم" الى حسابه ليجد رسالة مرسلة من "آيات" فتحها ليجد فيها :
- أحبـــك .. أنت كل عالمى
أحبـــك .. أنت وحدك فارسي
أحبــــك .. فى كل وقت أنت معي
أحبـــك ؟! .. هذا أول مقاصدى
أعشقـــك ؟! .. ها أنت فهمت مشاعرى
أتمنـــاك ؟! .. أنت فى قلبي فعى
أنت فــــارس أحلامــــى
أحلامى رجلاً لا يُوصَف
وكل صفاته بيك توصَف
لم يكن صدى تلك الكلمات فى قلب "آدم" سوى السخرية والتهكم .. ظل ينظر اليها بأعين بارده وقلب أبرد .. ثم أمسك هاتفه .. وبمجرد أن ردت "آيات" قال هامساً :
- وانتى فتاة أحلامى
وضعت "آيات" كفها على قلبها علها تبطئ من وقع دقاته .. وابتسمت فى سعادة وهى تقول له :
- ربنا ما يحرمنى منك يا "آدم"
************************************
مر الإسبوعين بسرعة وببطء .. فكان وقعهما على "آيات" كالسحر .. كالتحليق فى الفضاء .. كنسمات الربيع .. أما على "آدم" فكان وقعها كئيباً رتيباً مملاً .. يتمنى أن تجرى الأيام ويمضى الشهر سريعاً ليُنهى لعبته .. فى أحد الأيام وقف "آدم" أمام باب الفيلا فى انتظار خروج "آيات" .. كانت "آيات" تتخير الأوقات التى لا يكون والدها فى البيت .. حتى تستطيع وضع زينتها كما تريد .. فهى تعلم أن سكوت والدها على وضعها الميكياج يوم أن تقدم "آدم" لخطبتها والأيام التى تلته فقط من أجل أنها عروس ولم يرد ازعاجها .. لكنها تعلم جيداً أن لصبره حدود .. نزلت درجات الفيلا وعيناها معلقتان بـ "آدم" الذى اختار اليوم ارتداء الجينز .. ابتسمت له قائله بمرح :
- أول مرة أشوفك كجوال
ابتسم ابتسامته الساحرة وسألها بمرح :
- طب ايه ؟ أنهى ستايل يعجبك أكتر ؟
قالت بصدق :
- حبيبى أنا بحبك مهما لبست .. حتى لو لبست جبه وقفطان
ضحك "آدم" قائلاً :
- طيب بس لتلاقيني فى مرة عملها بجد
صحكت قائله بعند :
- برده هحبك متحاولش
جلست "آيات" فى السيارة والتف "آدم" ليجلس بجوارها ثم ابتسم قائلاً :
- حبيبتى عايزه تروح فين النهاردة ؟
صمتت قليلاً ثم قالت :
- ايه رأيك نتمشى على النيل
قال بدهشة :
- نتمشى على النيل
قالت بسرعة :
- أيوة .. ايه مش عايز
قال بلامبالاة وهى ينطلق بيارته :
- فكرت هتقولى نعد فى مكان يعني
قالت بصوت طفولى :
- زهقت .. وكمان مش بحب الأماكن المقفوله .. بحب أوى أقف أتفرج على النيل .. كنت أنا و "أسماء" نخرج نتمشى على النيل ونقف ونسرح ونتكلم لحد ما نزهق
توقف "آدم" فى حد المناطق الهادئة .. نزلت "آيات" ووقفت تنظر الى النيل بسعادة ونسماء الليل تداعب وجنتيها .. نظرت الى "آدم" الواقف بجوارها تتأمله ثم التفتت اليه وقالت فجأة :
- "آدم" انت فى حاجة مضايقاك ؟
التفت اليها قائلاً بدهشة :
- ليه بتقولى كده ؟
قالت بحيرة :
- مش عارفه .. ساعات بحس كده .. ساعات بحس انك مضايق من حاجه أو مخنوق من حاجه
صمت "آدم" وهو ينظر اليها لا يدرى ما يقول .. فأكملت قائله بحنان :
- "آدم" مش أنا حبيبتك وبعد اسبوعين ان شاء الله هكون مراتك .. يعني لو فى حاجة مضايقاك قولى عليها وفضفض معايا يمكن ترتاح
ظل "آدم" ينظر اليها وهو يرى مشاعرها الصادقة تجاهه .. أشاح بوجهه بسرعة وأخذ يتطلع الى النيل ثم عاد ينظر اليها وهو يرسم ابتسامه على شفتيه ويقول :
- لا يا حبيبتى أنا مفيش حاجة مضايقانى .. متشغليش بالك انتى
ابتسمت "آيات" له ثم وضعت يدها على ذراعه التى كان يستند بها الى السور وقالت :
- ماشى يا حبيبى .. بس خليك فاكر وقت ماتحب تتكلم مع حد أنا موجوده
ارغم نفسه على الإبتسام ووضعه كفه فوق كفها الممسكة بذراعه وقال لها :
- مكنتش أعرف انك بتحبينى أوى كده
نظرت اليه بعتاب قائله بصوت متهدج :
- اخص عليك ازاى تقول كده .. أنا بحبك أوى يا "آدم" بحبك بجد .. عشان كده بضايق أوى لما بحس انك ممكن تكون مضايق
شعر بالإختناق وهو يستشعر صدق كلماتها .. قال فجأة :
- يلا نمشى
قالت بإستغراب :
- ليه فى حاجه ؟
قال بحده :
- لا بس افتكرت معاد مهم
شعرت "آيات" بالدهشة من تصرفه لكنها لم ترد مضايقته بكثرة الأسئلة .. أوصلها الى الفيلا .. ودون أن يوجه لها كلمة .. فقالت قبل أن تنزل من السيارة :
- طمنى عليك لما توصل البيت
هز رأسه قائلاً :
- ماشى
خرجت "آيات" وأغلقت الباب لينطلق "آدم" فى طريقه .. كان يشعر بالضيق والحنق .. لا يدرى لما شعر بذلك .. ظل يسير بسيارته وهو يحاول ازاحة هذا الشئ الذى يجثم على صدره ويحاول خنقه
*************************************
هتفت "إيمان" بغضب بعدما أخبرتها والدتها بأمر العريس الجديد الذى يريد أن يتقدم لها :
- مش هقابله يعني مش هقابله
قالت "أمها بحده :
- يعني ايه مش هتقابليه
قالت "إيمان" بعند :
- يعني مش هقابله .. مش عايزة أتجوز
هتفت أمها بغضب :
- يعني ايه مش عايزة تتجوزى يا بت انتى .. اتهبلتى فى عقلك ولا ايه .. لا اتظبطى لأظبطك متطلعيش جنانك عليا
هتفت "إيمان" وقد بدأت فى البكاء :
- انتى ليه مش عايزة تفهميني يا ماما .. أنا تعبت بأه مش كل شوية حد ييجى ويمشى ويتصل يقول معلش مفيش نصيب .. كفاية بأه مش عايزة أتجرح تانى
صاحت والدتها وهى تغادر الغرفة :
- أهو ده اللى انتى فالحة فيه كل شوية عياط وغم .. هتقابليه ورجلك فوق رقبتك ولما ييجى أبوكى يبقى يشوفله صرفه معاكى
أغلقت الباب خلفها بعنف .. فجلست "إيمان" على فراشها تبكى الى أن شعرت بالإرهاق فنامت ودموعها تبلل وجهها
استيقظت فوجدت الجميع قد آووا الى فرشهم .. توجهت الى الثلاجة وأخرجت بعض الطعام وتوجهت الى غرفة المعيشة واشعلت التلفاز بصوت منخفض وجلست تأكل بنهم .. بعد عدة دقائق تذكرت أمر ذلك العريس .. توقفت عن تناول الطعام وقد بدت عليها الحيرة .. قامت وتوجهت الى الثلاجة وأعادت الطعام الى مكانه وقامت وتوضأت ودخلت غرفتها تصلى لله عز وجل وتدعوه ألا تُجرح تلك المرة
************************************
توقف "آدم" بسيارته فى احدى دور سينما السيارات والتى كانت تتميز بالهدوء .. التفت وابتسم لـ "آيات" الجالسه بجواره فبادلته الإبتسام .. نظر "آدم" أمامه .. لم يكن يعى حرفاً مما يدور على الشاشة .. لأنه كان شارداً .. ويفكر بعمق .. التفت ينظر الى "آيات" التى اندمجت فى تناول الفيشار وهي تنظر الى الشاشة بترقب شديد وقد استهواها الفيلم الذى تتابعه .. شعر "آدم" وهو ينظر اليها بأن فيها شيئاً من البراءة .. رغم الملابس الضيقة الملفتة المثيرة التى كانت ترتديها وحجابها الغير محكم على رأسها والذى أظهر رقبتها كاملة .. ورغم المكياج الذى أبرز ملامح وجهها وأعطاها عمراً أكبر من عمرها .. إلا أن شئ واحد فيها ظل يشع براءه .. ابتسامتها .. تلك الابتسامه العذبة التى ترتسم على وجهها حال رؤيته .. وتتسع حال فرحها .. وتختفى اذا تضايقت .. و تزداد رقة كلما قال كلمات تُخجلها .. تلك الإبتسامة التى تعلن عن نفسها وعن طهرها وبرائتها وسط كل تلك المظاهر التى يكرهها "آدم" .. شعرت "آيات" بنظراته فالتفتت تنظر اليه .. بمجرد أن تلاقت أعينهما ابتسمت .. ابتسمت عيناها قبل شفتاها .. حاول الإشاحة بوجهه فلم يستطع .. شعر بالضيق وبالإختناق مرة أخرى .. شعر مرة أخرى بذلك الشئ الذى يجثم على صدره بقوه .. أراد هذه المرة أن يقتله وأن يمنعه من التواجد بداخله مرة أخرى .. أراد أن يزيحه من طريقه تماماً .. فكر .. للحظات .. ولم يجد إلا طريقاً واحداً ليقضى على هذا الشئ قبل أن يظهر أكثر ويعلن عن نفسه .. مد يده ليتلمس وجنتها .. ابتسمت بخجل وهى تطرق برأسها .. ثم رفعت رأسها لتنظر اليه مرة أخرى .. لكن ابتسامتها تلاشت عندما وجدته ينحنى نحوها لــ .. يقبل شفتيها .. شعرت بالصدمة وتجمدت .. لم تمنعه .. لم تعترض .. لم تتحرك .. أنهى قبلته التى استغرقت ثوانى معدودة .. ثم اعتدل فى جلسته وهو ينظر أمامه يتأمل شاشة العرض وهو يبتسم ابتسامة رضا .. أخيراً قضى على هذا الشئ .. للأبــد
**************************************
عادت "آيات" الى الفيلا وعلامات الوجود على وجهها .. أقبلت عليها "حليمة" لتقول :
- حمدالله على السلامة يا بنتى .. أحضرلك الأكل ولا اتعشيتي مع خطيبك
قالت "آيات" بصوت مضطرب :
- مش عايزة يا دادة
صعدت الى غرفتها وعينا "حليمة" تتابعها بقلق .. دخلت "آيات" غرفتها وأغلقت الباب .. جلست على فراشها فى الظلام .. لا ينير الغرفة سوى ضوء القمر المتسلل عبر الشرفة .. جلست فى مكانها متجمده كالتمثال .. ونظرات عينيها غائرتان .. وضعت أصابعها على شفتيها تتلمسهما وهى تتذكر قبلة "آدم" .. شعرت فجأة بقشعريرة تجتاح جسدها وبنغزات الدموع فى عينيها .. أخذت نفسهاً طويلاً وشعور الضيق يتزايد بداخلها .. أخرجت هاتفها واتصلت بـ "أسماء" التى أجابتها قائله :
- ايه ده معقول .. مش متعودة يعني انك تعبريني فى الوقت ده .. من ساعة ما اتخطبتى وانتى الوقت ده حجزاه لخطيبك .. نفسى أفهم مبتزهقوش رغى
قالت "آيات" بصوت مضطرب مبحوح :
- "أسماء" أنا مضايقه أوى
قالت "آسماء" بجديه :
- ايه فى ايه .. ايه اللى حصل اوعوا تكونوا اتخانقتوا
قالت "آيات" بإضطراب :
- لا مش كده
ثم صمتت .. فحثتها "أسماء" قائله :
- فى ايه يا بنتى متتكلمى
عضت "آيات" شفتيها وهى تقول بحنق :
- حصلت حاجة مش عارفه حسه انى مضايقه
قالت "أسماء" :
- طيب متفهميني ايه اللى حصل عشان أبقى فاهمة انتى بتتكلمى عن ايه
زفرت "آيات" بضيق وهى تقول بصوت خافت لا يكاد يُسمع :
- "آدم" بسنى
ضحكت "أسماء" بشدة وهى تقول :
- وقعتى قلبي أنا قولت مصيبة حصلت
قالت "آيات" بضيق :
- طيب قوليلى
قالت "أسماء" ضاحكة :
- أقولك ايه يا بنتى .. أنا مش فاهمة اصلا انتى مضايقه ليه
قالت آيات" بحيرة :
- يعني اللى حصل ده عادى
قالت "أسماء" بتهكم :
- والله يا "آيات" اللى يسمعك كده يقول طفلة فى ابتدائى
هتفت "آيات" بغضب :
- خلاص يا "أسماء" .. أنا أصلاً غلطانه انى اتصلت بيكي .. باى
هتفت "أسماء" بسرعة :
- يا مجنونة استنى .. طيب خلاص حبه جد بأه .. انتى ايه مضايقك دلوقتى ؟
قالت "آيات" بحده :
- معرفش مضايقه وخلاص .. حسه ان أنا مضايقه
قالت "أسماء" :
- طيب مش انتى بتحبيه يا "آيات" ؟
قالت "آيات" بسرعة :
- جداً وانتى عارفه
قالت "أسماء" :
- وهو بيحبك ؟
قالت "آيات" بثقه :
- أيوة بيحبنى
هتفت "أسماء" قائله :
- يعنى انتى بتحبيه وهو بيحبك ومخطوبين وهيتكتب كتابكوا بعد اسبوعين وباسك .. فيها ايه دى ؟
صمتت "آيات" .. لا تدرى ما تقول .. فقالت "أسماء" :
- متردى يا بنتى
قالت "آيات" بقلق :
- حسه ان كده غلط .. وكمان أنا خايفه "آدم" ياخد فكرة وحشة عنى
قالت "أسماء" بإستغراب :
- انتى عبيطة يا "آيات" كل المخطوبين بيعملوا كده
قالت "آيات" بنبره حزينه :
- أنا حسه بالذنب أوى .. مش عارفه يمكن عشان أول مرة يحصل كده .. مش عارفه بس حسه .........
قاطعتها "أسماء" قائله :
- يا بنتى متكربيش الموضوع
صمتت "آيات" قليلاً ثم قالت بأعين دامعه وصوت مرتجف :
- بس يا "أسماء" أنا سمعت فى مرة شيخ بيقول ان لو حصل حاجات زى دى بين اتنين مش متجوزين ربنا مش بيباركلهم فى ارتباطهم ده .. وان هو لو بيحبها فعلاً هيحافظ عليها ومش هيعمل فيها كده ..وان اللى بيعمل كده مع واحدة مش مراته بيبقى شايفها وحشة ومش محترمة
قالت "أسماء" :
- "آيات" محسسانى انه اغتصبك .. دى بوسه يا بنتى .. مش حاجة كبيرة يعني
تنامى الى مسامعها شهقات بكاء "آيات" فقالت بحنان :
- "آيات" بتعيطى ليه دلوقتى ؟
تعالت شهقات "آيات" وقالت ودموعها تتساقط على وجنتيها :
- مش عارفه .. بس حسه انى مضايقة أوى
قالت "أسماء" بهدوء :
- طيب بطلى عياط .. الموضوع مش كبير للدرجة دى .. هو باسك بس ولا حصل حاجة تانى ؟
قالت "آيات" بصوت مرتجف :
- باسنى بس
قالت "أسماء" :
- خلاص شيلي الموضوع من دماغك ومتفكريش فيه .. خلاص .. وبطلى عياط بأه
مسحت "آيات" دموعها وهى تقول :
- طيب خلاص يا "أسماء"
قالت "أسماء" بحنان :
- هديتي ؟
قالت "آيات" :
- أيوة خلاص .. أنا هقفل لانى حسه بصداع جامد هاخد حاجة للصداع وأنام
قالت "أسماء" :
- طيب ماشى وكلمينى لما تصحى
- ماشى .. يلا باى
أنهت "آيات" المحادثة وهى تشعر بنفسها أهدأ .. دخلت الحمام وتوضأت وصلت الفروض التى فاتتها ثم أوت الى فراشها
عاد "آدم" الى بيته وألقى بنفسه على فراشه وهو يتذكر استسلامها لقبلته فإبتسم ساخراً وقال لنفسه متهكماً قبل أن يغلق عيناه : كما توقعت بالضبط
**************************************
جلست "سمر" فى مكتبها بالمستشفى تنتظر دخول المريض التالى .. لكنها شعرت بالدهشة بعدما رفعت رأسها لتجد "آيات" أمامها .. فهتفت بدهشة :
- "آيات"
ثم ابتسمت قائله :
- بتعملى ايه هنا ؟
ابتسمت "آيات" وهى تغلق الباب قائله :
- جيت أشوفك .. ومتخفيش دفعت كشف يعني ده دورى مش بعطل حد من اللى بره يعني
التفت "سمر" حول المكتب وعانقتها قائله :
- لا طبعا هردلك الكشف .. حبيبتى فرحانه أوى انى شوفتك
ثم قالت :
- بس بصراحة مستغربة أوى
تنهدت "آيات" وهى تجلس أمام المكتب قائله :
- بصراحة مكنتش قادرة أستنى .. حسيت انى عايزة أتكلم معاكى .. صحيت ولبست وجيت على طول .. جلست "سمر" على المقعد أمامها وهى تقول بقلق :
- خير يا "آيات" فى ايه ؟
أطرقت "آيات" برأسها وأخذت تفرك حزام حقيبتها بين يديها .. قالت "سمر" مشجعة :
- اتكلمى فى ايه ؟
ثم قالت :
- لو خايفة أحب اطمنك .. أى حاجة هتقوليها دلوقتى مستحيل تطلع بره
نظرت اليها "آيات" وقالت ممتنه :
- عارفه يا "سمر" وعشان كده جتلك
قالت "سمر" بإبتسامة حانية :
- طيب قوليلى بأه فى ايه ؟
أخذت "آيات" نفساً عميقاً ثم قصت عليها ما حدث بينها وبين "آدم" بالأمس .. هتفت "سمر" بغضب :
- انتى غلطتى أوى يا "آيات" ده خطيبك مش جوزك
هتفت "آيات" تدافع عن نفسها وعن "آدم" :
- بس احنا بنحب بعض يا "سمر"
قالت "سمر" بصرامة :
- حتى لو بتحبوا بعض .. اللى حصل ده غلط أوى
شعرت "آيات" بالحزن وهى تستمع الى كلمات "سمر" التى تعزز احاسها بالذنب الذى يراودها منذ الأمس .. قالت "سمر" :
- "آيات" أنا عارفاكى كويس .. وبقالنا سنين مع بعض .. كلمتك كتير على لبسك وعلى الميك آب بس مكنتيش بتسمعيلي وكنت بدعيلك ان ربنا يهديكى ومبحاولش أضغط عليكي عشان متكرهينيش وتبعدى عنى .. بس بجد الموضوع ده مينفعش أقول ربنا يهديكي وأسكت
صمتت قليلاً ثم قالت :
- "آيات" فى حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بيقول : " فالعينُ تَزني وزِناها النظرُ، واليَدُ تَزني وزِناها اللمسُ، والرِّجلُ تَزني وزِناها الخُطى، واللسانُ يزني وزِنَاه المَنطِقُ، والفَمُ يَزني وزناهُ القُبَلُ، والنفس تَمَنَّى وتشتَهي، والفَرجُ يُصَدِّقُ ذلكَ أو يكذبهُ "
وضعت "آيات" يدها على فمها وقد اغرورقت عيناها بالعبرات .. وأخذت ترتجف وهى تغمض عينيها باكية .. اقتربت منها "سمر" وجلست على المنضدة أمامها ووضعت يديها على قدميها وهى تقول :
- "آيات" اللى انتى حسه بيه دلوقتى حاجة كويسة أوى .. لان ده معناه ان عندك نفس لوامة .. بتلومى نفسك لما بتعملى حاجة غلط .. وده عشان انتى بنت طيبة ونضيفة وكويسة .. بس مشكلتك ان مفيش فى حياتك حد يوجهك للصح ويبعدك عن الغلط
قالت "آيات" من بين شهقاتها :
- أعمل ايه دلوقتى .. يعني أنا كده ........
ثم انفجرت باكية مرة أخرى
عانقتها "سمر" قائله :
- ممكن متعيطيش لو سمحتى .. بصى فى عهد النبي صلى الله عليه وسلم جاله راجل من الأنصار اسمه "أبو اليسر بن عمرو" وقاله : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَقِيتُ امْرَأَةً فِي الْبُسْتَانِ فَضَمَمْتُهَا إِلَيَّ وَبَاشَرْتُهَا وَقَبَّلْتُهَا وَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا قَالَ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) ، قَالَ فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّةً فَقَالَ : " بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً . "
توقفت "آيات" عن البكاء وقالت بصوت مبحوح :
- مفهمتش يا "سمر" اشرحى
قالت "سمر" مبتسمه :
- يعنى فى راجل راح للنبى صلى الله عليه وسلم وقاله انه باس واحدة واتمتع بيها من غير ما يحصل بينهم علاقة كاملة .. فالنبي صلى الله عليه وسلم مردش عليه لحد ما ربنا سبحانه وتعالى أوحى للنبي عن طريق سيدنا جبريل بالآية اللى بتقول : " إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين " .. فسيدنا "عمر" سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقاله : الآية دى للراجل ده بس فالنبي قاله لا لكل الناس .. يعني أى حد يغلط .. يعمل بعدها حاجة كويسة .. عشان الحسنات تضيع السيئات اللى خدها .. فهمتى يا "آيات"
أومأت "آيات" برأسها قائله :
- آه فهمت
صمتت برهه ثم نظرت الى "سمر" قائله بلهفه :
- يعني أنا دلوقتى لو عملت خير وحسنات كتير كده ربنا يسامحنى على اللى حصل
ابتسمت "سمر" قائله :
- أيوة يا "آيات" بس لازم تعاهدى ربنا ان ده ميحصلش تانى أبداً .. لازم تحطى حدود بينك وبين خطيبك
ًثم ضحكت قائله :
- وبعدين يا ستى كلها اسبوعين .. استحملوا الاسبوعين دول
ضحكت "آيات" وعانقت "سمر" بحرارة قائله :
- ربنا يريح قلبك يا "سمر" .. أنا بجد كنت مضايقه أوى بس انتى طمنتيني وعرفتيني المفروض أعمل ايه
ابتسمت "سمر" قائله :
- احنا اخوات يا "آيات" أى حاجة حابه تسأليني عنها كلميني على طول
ابتسمت "آيات" وهى تخرج مرآتها لتعدل من زينتها ثم نهضت قائله بمرح :
- همشى بأه قبل ما أمهات الأطفال اللى بره يدعو عليا
ضحكت "سمر" وقالت :
- ماشى يا "آيات" .. خلى بالك من نفسك
قالت "آيات" مبتسمه :
- ربنا يوفقك يا "سمر" .. باى
- مع السلامة
**********************************
ابتسمت "ساندى" وهى ترى اسم "آدم" على هاتفها فأسرعت بالرد قائله :
- هاى دكتور
قال"آدم" الذى كان يقود سيارته :
- هاى "ساندى" .. ازيك
قالت بعتاب :
- تمام يا دكتور .. مبروك الخطوبة ولو انى زعلانه جداَ انك معزمتنيش
قال "آدم" :
- معلش الخطوبة كانت على الضيق بس فى كتب الكتاب ان شاء الله أكيد هتكونى معزومة
قالت بمرح :
- خلاص اتفقنا بس لو معزمتنيش المرة دى كمان بجد هزعل جداً
قال "آدم" بجديه :
- فاضية شوية يا "ساندى" .. عايز أقابلك
اتسعت ابتسامتها وقالت بلهفه :
- طبعاً يا دكتور .. ولو مش فاضية أفضالك
ابتسم قائلاً :
- تمام .. يبقى نتقابل كمان نص ساعة
اتفق معها على المكان ثم أنهى المحادثة معها .. لم يكن يغلق هاتفه حتى أتاه اتصال من "آيات" فرد قائلاً :
- حبيبة قلبي كنت لسه هكلمك
تكلمت بجدية قائله :
- "آدم" عايزة أشوفك ضرورى
قال "آدم" بقلق :
- خير فى حاجة يا "آيات" ؟
قالت بنفس النبرة الجادة :
- أيوة بس لما أشوفك
قال "آدم" :
- طيب جايلك حالا .. انتى فى الفيلا
- أيوة
- خلاص ربع ساعة وهكون عندك
اتصل بـ "ساندى" وأجله معاده معها ليوم آخر .. ثم انطلق فى طريقه الى الفيلا وهو يحاول تخمين فيما أرادته "آيات" .. دخلت السيارة وانطلق بها .. التفت اليها قائلاً :
- مالك يا حبيبتى ؟
قالت "آيات" بجديه :
- عايزة أتكلم معاك شوية .. بس وقفنا فى مكان الأول
توقف "آدم" فى مكان ما على الكورنيش .. كانت "آيات" طيلة الطريق شاردة .. خرجت من السيارة فتبعها "آدم" .. وقف أمامها قائلاً :
- فى ايه يا "آيات" ؟
بلعت "آيات" ريقها بصعوبة وهى تخشى أن يسئ فهم حديثها .. لكنها تشجعت ونظرت اليه قائله :
- "آدم" انت عارف أنا بحبك أد ايه .. مش كده
أومأ برأسها وعيناه تتفرسان فيها .. فأكملت قائله بنبره حزينه وقد ترقرقت العبرات فى عينيها :
- اللى حصل امبارح ده مكنش المفروض يحصل
أخذ "آدم" ينظر الى عينيها الدامعة وملامحها الحزينة بتمعن وبصمت .. فأكملت قائله بصوت مرتجف :
- أنا كنت عارفه ان ده غلط .. بس معرفش ليه ممنعتكش .. أصلاً ده حصل فجأة وأنا مكنتش مركزة .. ومعرفش كنت مصدومة ومعرفتش أعمل ايه
ثم قالت :
- فضلت طول الليل حسه بالذنب .. والصبح اتكلمت مع واحدة صحبتى وقالتلى .......
صمتت قليلا وقد ارتجفت شفتاها وتساقطت العبرات من عينيها وهى تقول بصوت باكى :
- قالتلى ان فى حديث ان ده حاجة زى الزنا كده .. أو بمعنى تانى ان ده طريق للزنا
قالت الكلمة الأخيرة بصوت مرتجف وما كادت تنطقها حتى ارتجف جسدها لقوة بكائها .. أخفت وجهها بكفيها وهى تحاول السيطرة على شهقات بكائها .. تجمدت نظرات "آدم" بل وتجمدت كل حواسه .. وهو ينظر اليها باكية أمامه .. شاعرة بالذنب .. من أجل قبله .. لم تشاركه فيها .. بل تلقتها فقط .. شعر وكأن شخصاً ألقى على رأسه دلواً من الماء البارد .. توقفت "آيات" عن البكاء وهى تقول :
- أنا عارفه ان انت عملت كده عشان بتحبنى .. بس أنا مش عايزة حاجة تحصل تخلى ربنا غضبان علينا ويعاقبنا يا "آدم"
رفعت رأسها تنظر اليه بأسى وقد بللت العبرات وجهها :
- أنا مش عايزة ربنا يعاقبنا بإنه يحرمنا من بعض يا "آدم"
ظل يتطلع اليها دون أن يتفوه بكلمة .. مسحت عبراتها وهى تقول :
- بس ده اللى كنت عايزه أقوله .. ومش عايزاك تزعل منى .. أنا عارفه ومقدرة ان انت بتحبنى .. والله أنا كمان بحبك .. بس أنا خايفه نعمل حاجة غلط ونتعاقب عليها
نظرت اليه قائله :
- ساكت ليه .. قول حاجة
خرج "آدم" عن صمته قائلاً :
- اركبي عشان أوصلك الفيلا
قالت بحزن :
- انت زعلت منى ؟
قال بهدوء :
- لأ .. بس عندى شغل
قالت "آيات" :
- انا آسفة انى عطلتك بس أنا مكنتش قادرة أتسنى وكنت حبه أتكلم معاك
توجهت الى السيارة وركبت .. لحق بها "آدم" وركب بجوارها .. أخرجت مرآتها لتجد الكحل قد سال على وجهها وخرب مكياجها .. تنهدت فى ضيق وأخرجت مناديلها المذيلة للمكياج وأخذت تزيله عن وجهها .. لم يلتفت لها "آدم" طوال الطريق بل ظل شارداً .. أوقف سيارته أمام الفيلا .. وما كاد يلتفت اليها مودعاً حتى شعر وكأن أحداً ضربه على رأسه .. نظر الى تلك الفتاة الجالسه بجواره بعينيها الصافيتين البريئتين وبوجهها الذى تعلوه حمره خفيفه وبشفتيها الرقيقتين .. التفتت اليه "آيات" قائله :
- "آدم" ياريت متزعلش منى .. وتكون فهمت كلامى صح
استمر فى النظر اليها فشعرت بالخجل وتضرجت وجنتاها بحمرة محببه .. أخذ يتأملها "آدم" وقد عقد لسانه .. نظرت اليه مرة أخرى مبتسمة تلك الإبتسامة العذبه .. شعر وكأنه يراها لأول مرة .. تأملته "آيات" وقد شعرت بأنه ينظر اليها كما لم ينظر من قبل .. عشقت نظراته فى تلك اللحظة .. وابتسمت بخجل قائله :
- بتبصلى كده ليه ؟
سألها بهدوء قائلاً :
- انت ليه بتغيري شكلك ؟
قالت بإستغراب :
- تقصد الميك آب يعني ؟
لم يجيب فقالت وهى تهز كتفيها :
- عادى يعني .. كل البنات بتحب الميك آب
ظل صامتاً يتطلع اليها .. فسألته قائله :
- انت مبتحبش الميك آب ؟
انتبه الى نفسه والى ما يحدث .. وقال لنفسه ما شأنك أنت ان وضعت مكياج أم لم تضع .. فبعد أقل من اسبوعين ستنتهى اللعبة وستفترقان كل الى حال سبيله .. نظر "آدم" أمامه وهو يقول :
- يلا انزلى عشان ألحق معادى
نظرت اليه تحاول أن تفهم فيما يفكر .. تحاول أن تفهم نظراته التى تعجز كثيراً عن تفسير معناها .. لكنها اتمثلت لأوامره ونزلت .. وتابعت السيارة بعينيها وهى تبتعد .. ولأول مرة .. يرفع "آدم" عينيه لينظر اليها فى مرآة السيارة وهو يبتعد
•تابع الفصل التالي "رواية جواد بلا فارس" اضغط على اسم الرواية