رواية جوازة ابريل الفصل الثامن 8 - بقلم نورهان محسن
الفصل الثامن (مسلوب الإرادة)
لا تنخدع بمظهري الوديع ، فأنا لغز غامض يضاهى غموض مثلث برمودا ، وأنت حتما ستغرق في دوامة عيناى الفيروزية الثائرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنهت ابريل جملتها ، وكادت أن تتخطاه ، لكنه تحرك واقفًا أمامها ، يمد ذراعه إلى الجانب لمنعها من المرور ، وهو يدنو منها ، فأصبح وجهه مقابل إلى وجهها ، ممَ أثار دهشتها ، لأنها توقعت أن ترى الغضب في ملامحه من كلماتها ، لكنه كان ينظر إليها بطريقة جعلت داخلها يتلوى ارتباكاً ، أما هو ظل بهدوء وتروى يتطلع إلى التدرجات الخضراء المزرقة في عينيها ، والتي تشبه مياه البحر الفيروزية ، بإعجاب لبضع ثوان ، وكأنه مسلوب الإرادة ، ثم شقت الإبتسامة وجنتيه ، مخاطباً اياها بنبرة مخملية مغرية : حلاوتك دي بس اللي هتشفعلك عندي طولة لسانك .. وقـ*ـلة ادبك دي اللي عجباني الصراحة .. اعترفي انك عملتي الفيلم العربي دا كله عشان تلاقي حجة نتقابل بيها هنا
جعدت أبريل حاجبيها ، متأملة فيه بصمت ، بملامح صلبة لم يستطع اختراقها ليقرأ رد فعلها التالي ، لكنها استغرقت بضع ثوان لفهم ما يستوطن حروفه العابثة ، لتغلي المراجل في أعماقها ، جراء وقا.حته وغطر.سته الجا.محة ، لتعلق أخيرًا ، مؤكدة ، بكلمات اندلعت منها البغض والنفور : لا كدا وضحت الرؤية .. وواضح اني كان عندي حق في اللي قولته عليك من شوية
اختتمت ابريل كلماتها ، وهي تكبت رغبتها المُلحة في صفـ*ـعه ، وإكتفت بدفعه في صدره العاري بقبضتيها ، جعلته يترنح إلى الوراء ، وهو يسعل بألم ، ولم تترك له أي مجال للرد ، لأنها ركضت بسرعة إلى الخارج.
إلتفت باسم برأسه ، فاغراً فاهه بصدمة ، تحولت إلى قهقهات مذهولة ، وهو ينظر من فوق كتفه إلى الباب المفتوح الذي خرجت منه بإستمتاع ، وهو يستعيد نظراتها المتحد.ية في ذهنه ، وذلك التناقض المغري بين ملامحها الوديعة ونظراتها المتمر.دة ، كان كفيلاً أن يجذبه إليها ، فهو مغرم بتجربة كل ما هو جديد ، ليضحك على أفكاره ، وهو يلبس قميصه ، مخاطباً نفسه بتعجب من بين ضحكاته : فر.سة حلوة .. بس خسارة بتر.فص!!
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد مرور ساعة
داخل إحدى النوادي الإجتماعية
سارت أبريل تبتسم أكثر مع كل خطوة تخطيها ، بينما تسللت ابتسامة سعيدة إلى زوايا شفتي الأخرى عند رؤيتها ، واستقبلتها وهي تفتح ذراعيها محتضنة إياها ، لتبرر أبريل بنبرة مرهقة : ريمو معلش اتأخرت الطريق كان زحمة اوي
جلسوا علي الطاولة ، ثم تكلمت ريم بنبرة ودودة : عادي يا قلبي ولا يهمك .. مالك كدا وشك لونه مخطو.ف اخدتي دواكي؟
سألتها ريم بقلق ، متفحصة ملامحها البيضاء الباهتة ، فهزت إبريل رأسها بالإيجاب ، قبل أن تستجمع شتات حروفها ، لتقول بصوت مبحوح : اخدته .. بس اعصابي متوترة شوية .. اتحطيت في موقف سخـ*ـيف ومحرج بس عدي الحمدلله
علقت ريم متسائلة بإهتمام : ايه اللي حصل احكيلي؟
سردت ابريل لها ما حدث ، ابتداءاَ من اتصال أحمد بها وحديثه حول تجديد عرضه للزواج منها بعد أن ينفصل عن زوجته ، وردها عليه ، مروراً بمساعدتها لصديقتها أميرة وفكرتها المتهو.رة التى قامت بتنفيذها ، لينقلب الموقف كليًا ضدها ، وصولاً إلى سقوطها في برا.ثن ذلك الذ.ئب صاحب العيون الفضية الذائبة ، في حمام المطعم ، وهذا الأمر الذي جعل ريم توسعت عينيها في حالة صدمة ، ثم سرعان ما عقدت أبريل ذراعيها على صدرها ، وقالت بحدة منفعلة : واحد سـ*ـافل ومتحـ*ـرش
لوحت ابتسامة على شفتي ريم ، لم تستطع منعها من هذه الأحداث المروعة من وراء بعضها ، وهي أومأت برأسها قائلة بتأييد : يستاهل اللي جراله .. و زمانه مفقو.ع من اللي عملتيه فيه .. احرجتيه اوي قدام المز.ة بتاعته يا ابريل
زفرت أبريل بضيق ، وهي تلوّح بكفها بلا مبالاة ، وقالت بحقد مكتوم يشوبه التوتر : مايو.لع مترح ماهو .. خلاص فكك من السيرة دي ..
تابعت سألتها ، وهى تغير مجرى الحديث تمامًا ، وأدارت رأسها حول المكان : اومال فين لؤي؟
احترمت ريم رغبتها في عدم الانخراط في نقاش حول هذا الأمر أكثر ، وأجابت ببساطة : راح يلعب مع صحابه .. انتي عارفة بيعشق اللعب والتنطيط قد ايه
سألتها ابريل بلطافة : حبيبي .. هو عامل ايه؟
أخبرتها ريم ببسمة هادئة : الحمدلله .. كنتي وحشاه .. هتلاقيه بعد شوية جاي يجري يسلم عليكي
ارتفعت شفتاي ابريل في ابتسامة جميلة ، وقالت بمحبة : هو كمان وحشني جدا .. ماتتصوريش انا بحبه قد ايه زي عمر ابن اختي بالظبط
توسعت ابتسامة ريم ، ووجهت لها سؤال بطريقة لطيفة : وهو كمان بيحبك .. قوليلي لسه بتفكري في عرض دبي؟
خرج صوتها الناعم مصحوباً ببحة ، بعد صمت دام لحظات : لا خلاص .. مش من نصيبي فرصة الشغل في شركة المقاولات دي
برمت ريم شفتيها إلى الأمام مازحة ، وهي ترى ملامحها العابسة : بتقوليها بحزن كدا ليه؟!
مطت ابريل شفتيها بأسى ، ثم ردت بنبرة متهكمة : هحزن ليه !! هضايق نفسي ليه!! انا واحدة فرحها بعد اسبوعين ولسه ماسكة شهادة التخرج في ايدي من كام يوم .. وفرصة شغل بتيجي في العمر مرات محدودة جدا جاتلي وانا رفضتها
كررت ابريل سؤالها بنبرة مغتاظة : هضايق ليه!!؟
انفجرت ريم ضاحكة بصوت خافت ، وهي تضع يدها أمام فمها ، وانتقل الضحك إلى أبريل تلقائيًا ، وقالت ريم بتهدج : يخرب عقلك موتيني من الضحك
هدأت ضحكاتها تدريجياً ، لتردف بإبتسامة حنونة : ماتزعليش نفسك تتعوض بشغل احسن ان شاء الله
أخبرتها أبريل بعزم ، بعد أن أخرجت ربطة شعر من حقيبة يدها ، ثم جمعت خصلات شعرها معاً إلى الأعلى ، وربطتها في شكل ذيل حصان : ماهو انا مسكتش برده .. قدمت السي ڤي بتاعي في كذا شركة من اللي اشتغلت فيهم ايام التدريب ومستنية الرد بقي
ضحكت ريم على حماسها وعنادها المشتعلين على الدوام ، بينما ارتفعت حواجبها بإعجاب ، ثم صاحت بابتسامة متعجبة : مالكيش حل شكلك .. مستعجلة علي الوظيفة اكتر من الجواز .. بس عارفة انا مبسوطة انك قدرتي تاخدي الامور بالبساطة دي
ابتسمت ابريل بحب كبير يفيض من عينيها ، لتلك المرأة الطيبة ، قائلة بامتنان هائل : زي ما قولتي قبل كدا نظرتي للامور هي اللي بتتحكم في حجمها سواء كانت حاجة كويسة او وحشة .. و مش عارفة من غيرك كنت هعمل ايه يا ريم .. بجد وجودك وكلامك ودعمك ليا وقت ازماتي ساعدني كتير اوي .. دا غير طبعا ان جلساتي باخدها ببلاش
أنهت ابريل جملتها بمزحة جعلت ريم تضحك بخفة ، وتمسك بيدها وتربت عليها بحنو صدح فى صوتها ، قائلة بإبتسامة : دا دور الصحاب يا توتة وانا بعتبرك صحبتي مش بتعامل اني دكتورتك النفسية وانتي عارفة كدا..
أردفت ريم ضاحكة ، بإيماءة من رأسها إلى الخلف : اهو مش قولتلك .. اهو جاي يجري عليكي هناك
انفرجت ابتسامة عريضة على وجهها تظهر غمازاتيها المحفورتين ، وهي تستدير لتفتح ذراعيها لذلك الصبي الصغير البالغ من العمر سبع سنوات الذي كان يركض في اتجاهها ، لتضمه في حضنها بشوق ، ومهللة بفرحة صادقة فور رؤيته : لولو!!!
ريم أشرف : طبيبة نفسية ، صاحبة هادئة تتصف برجاحة العقل والهدوء مهندمة دائماً وأنيقة.
تعرفت على أبريل قبل ثلاث سنوات ، حيث كان ابن ريم يلعب في النادى ، وأكل أحد الأطعمة التي تحتوي على مكون كان يعاني من الحساسية منه ، ليفقد القدرة على التنفس بسهولة ، وصادف تواجد إبريل مع أختها ريهام في نفس المكان ، فساعدتها على نقل الطفل إلى أقرب مستشفى ، حيث أنها تعانى ذلك الشعور بصعوبة التنفس طوال حياتها ، وهناك أعطوا الطفل حقنة مضادة للحساسية ، وتحسنت حالته ، ومنذ ذلك الحين أصبحوا أصدقاء مقربين جدًا.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
عند هالة
فى المستشفى
انتهى رنين المكالمة دون أن يرد عليها ، حيث حاولت الاتصال به ثلاث مرات حتى الآن ولم تتلق أي رد.
زفرت هالة الهواء بضجر ، ثم استقامت من خلف مكتبها ، لتخلع الرداء الطبي الأبيض ، وعلقته في مكانه المخصص ، ثم توجهت إلى حقيبتها ، وأخرجت منها مرآة صغيرة لتهندم زينة وجهها ، وتضبط أحمر شفاهها ، ثم تأكدت على ترتيب خصلات شعرها البني على كتفها ، بابتسامة راضية ترتسم على ثغرها ، ثم وضعت المرآة في مكانها لتغلق الحقيبة مرة أخرى ، وهي تغادر الغرفة متجهة نحو المصعد ، وهي تنوي الذهاب إليه.
بعد مرور عدة دقائق
فوجئت هالة بعدم وجود أحد في الاستقبال ، لكنها لم تفكر في الأمر كثيرًا ، لأنها كانت متأكدة من أنه لم يغادر ، فسيارته كانت متوقفة خارج المستشفى.
تنفست هالة الصعداء ، وهي تتجه نحو الغرفة ، لتطرق الباب بخفة قبل أن تفتحه ببطء وحذر.
تحولت الابتسامة الجميلة على شفتيها ، إلى ملامح غير مقروءة ، عندما رأت يارا مستلقية على كرسي فحص الأسنان أمام ياسر الذي رفع رأسه عند فتح الباب ، لترتفع ابتسامة على وجهه بمجرد أن رأها ، هاتفاً بنبرة عادية ، يحثها على الدخول بإيماءة من رأسه : اهلا يا هالة .. تعالي ادخلي
إعتصرت يدها مقبض الباب ، وابتلعت لعابها ، مستمعة إلى دقات قلبها التي بدأت تزداد من رؤية تلك المرأة هنا في هذا الوقت ، ثم حمحمت بخفة ، لتقول بهدوء يغلفه الجمود : معلش دخلت كدا فجأة .. بس مالقتش حد برا في الاستقبال
برر ياسر بكل بساطة ، بينما شاهدتها يارا باستكانة تامة ، وهي لا تزال مستلقية : ايوه ماهي خديجة لسه مشيت من شوية
تقدمت هالة إلى الداخل ، بينما تابع ياسر ، نازعاً قفازاته الطبية ، ثم قام بإلقائها فى سلة المهملا.ت ، قبل دخوله عبر باب الحمام الملحق بالغرفة : لحظة .. هغسل ايدي وجاي
بادرت يارا بالقول ، وهي ترتفع بجذعها العلوي ، لتنزل من الكرسي بحركة رشيقة : ازيك يا هالة!!
تمكنت هالة بسرعة من الخروج من قوقعة التيبس المصدوم الذي عالقت بداخلها بمجرد رؤيتها ، لتجلس على المقعد أمام المكتب ، واغتصـ*ـبت ابتسامة رفيعة مستفسرة : ازيك انتي .. ايه خير سلامتك؟!
أنهت هالة جملتها ، وهي تنظر إليها بعيون ضيقة ، وكأنها تتفحصها بتساؤل وترقب ، فجاء الجواب بصوت رجولي أجش من خلفها بدلاً من الآخري : يارا متعودة تعمل تشيك اب علي اسنانها كل اسبوعين
أدارت هالة رأسها إليه ، لتراه يجفف يده بالمنشفة الصغيرة ، فأومأت برأسها بفهم بابتسامة هادئة.
أجاب ياسر بابتسامة لطيفة ، تظهر غمازاته بوضوح من خلف لحيته الخفيفة : مبسوط انك جيتي
استدار ياسر حول المكتب ، ثم أمسك هاتفه ، فقالت هالة له بنبرة هادئة وثابتة : انا خلصت شغلي وقولت اعدي عليك اشوفك قبل ما اروح .. خلاص اجازتي هتبدأ من بكرا بس لما رنيت علي تليفونك ماردتش
أومأ ياسر برأسه مؤكدًا وهو يعبث بهاتفه ، ثم رفع عينيه إليها ، ورد بأسف : ايوه معلش .. كنت حطه علي السيلنت يا هيوشة
عضت هالة شفتيها ، وهي تفكر في إجابته باستياء ، فهى استمرت في الاتصال به حتى سألته عما إذا كان يريد الخروج لتناول الغداء معها ، أثناء جلوسه هنا برفقة يارا ، لكنها تمكنت من قمع الغيظ الها.ئج بداخلها ، وأومأت برأسها له ، وسألت بنبرة ذات معنى : طيب انت هتروح علي امتي؟!
حدقت هالة به بترقب لمعرفة إجابته ، لكن يارا بادرت بالرد عليها فورًا بمكر أنثوي ، دمر كل أفكارها حول قضاء اليوم معًا ، ولم يخفى على هالة نظرات تلك الرشيقة نحو ياسر ، وواضح الاهتمام بها : كنا خارجين دلوقتي نتغدي برا .. عشان ياسر لسه ما أكلش لحد دلوقتي
زمت هالة شفتيها كأنها تجبرها على السكوت ، وداخلها شعرت بضيق وعدم ارتياح سيطروا عليها ، بينما الشيطا.ن ينفث النا.ر على بارود أفكارها ، ويحثها على القيام بأشياء كثيرة في ذلك المستفز.ة ، لكن شرودها إنقطع بصوت يارا ، حيث اقترحت بابتسامة ودودة رسمتها بمهارة ، متناقضة مع نواياها الاستفز.ازية عندما رأت عبوسًا يتبعه القليل من الاعتراض يشع من خلال ثنايا وجه هالة ، لذا قالت كلماتها الباردة بلهجة ذات مغزى : تحبي تيجي معانا يا هالة!؟
استقبلت هالة حروفها ، مدركة ما تصبو إليه ، حيث تريد أن تخبرها أنها صاحبة الفكرة ، وهي التي ستأتي معها ، وليس العكس ، و للحظة تجمدت تعابيرها من تلك المرأة لئيمـ*ـة ، ثم كادت ترد عليها ، لكن صوت رنين هاتف تعالى في الغرفة سبقها معلنا وصول مكالمة ، فأخرجته يارا من حقيبتها ، ونظرت إلى الشاشة المضاءة ، ثم رفعت بصرها وتوزعت نظراتها بين ياسر الذي كان جالساً على حافة المكتب ، وهالة التي كانت لا تزال جالسة على كرسيها ، نظروا إليها بصمت ، فقالت بإعتذار قبل الخروج من الحجرة : سوري هرد وراجعة علي طول
أخفض ياسر رأسه ، محدقًا في عينيها الزرقاوين ، وقال بصوت رجولي هامس : علي فكرة لو مكنتيش جيتي كنت هعدي عليكي عشان نخرج نتغدي كلنا سوا
همسه بتلك النبرة العميقة الصادقة جعلتها تشعر ببعض الرضا ، فابتسمت له برقة ، متزامنة مع دخول يارا التي وقفت تنظر إليهما ، وتوهجت نير.ان الغيرة في عروقها ، لكنها سيطرت على أعصابها المهتا.جة ، وهذا الغضب توارى خلف قناع البرود ، وهزت كتفيها قائلة بأسف حقيقي ، بينما تعلن هوية المتصل : معلش يا ياسر .. مضطرة امشي عشان خالو مراد ومراته هيوصلو في طيارة الساعة 7 ويدوب اروح استقبلهم
أومأ ياسر برأسه متفهماً ، قائلاً بنبرة هادئة : ماشي يا يارا .. سلميلي عليهم لحد ما اشوفهم
أجابت يارا بالموافقة ، بصوتها الناعم فى عفوية مقصودة : شور حبيبي .. كان نفسي نتغدي مع بعض يا هالة
قالت يارا آخر جملة كا.ذبة ، وتدحرجت عينيها نحو هالة التي إلتوي فمها بابتسامة متكلفة ، ثم ردت بفتور : الجيات كتير يا حبيبتي
أومأت يارا برأسها مؤكدة لها ، ثم قالت بنعومة مصحوبة بابتسامة ملتو.ية : اكيد طبعا .. يلا باي اشوفك بكرا يا ياسوره
لوّح لها ياسر بكفه ، والآخرى حدقت في الباب الذي خرجت منه ، مستنكرة أفعالها اللئيـ*ـمة أمامها تمامًا.
أدارت هالة رأسها نحوه ، غير قادرة على قمع السؤال الذي انطلق من بين شفتيها ، كالسـ*ـهم دون أن تتحكم فيه : شكلها واخدة عليك بزيادة؟؟!
لاحظت تغيير ملامحه خلال ثانية واحدة ، فهو ليس غبيًا أو أعمى ، حيث كان يراقب تعابير وجهها التي تموج بانزعاج من كلمات يارا الرقيقة له ، لكنه بالفعل يعتبر يارا صديقته المقربة التي كانت معه في أصعب الأيام من حياته ، لذلك فهو يشعر دائمًا بالامتنان لها ، وما يفعله الآن هو محاولة التقريب بينهما ، فهو معجب بهالة كثيرًا ، ويريد المحافظة عليها في حياته منذ أن دخلت فيها.
طرد ياسر أفكاره من رأسه سريعاً ، محمحماً ينقى صوته الذي خرج خشن رخيم : ماتاخديش في بالك يا هيوش هي متعودة تهزر كدا علي طول .. ماقولتليش القمر دا كله يحب يتغدي فين؟!
قرر ياسر تغيير مسار الحديث ، فسألها مستفسرًا ، بينما كانت إجابته حسرت في قلبها بمرارة ، حيث لم يكن هذا الرد كافيًا لها حتى تهدئ من تساؤلات عقلها المُلحة ، لكنها لن تفسد على نفسها فرصة أن يخرجان معًا من دونها ، وبالتأكيد لن تترك له دفة الاختيار ، حيث قد يأخذها إلى أحد الأماكن التي يرافق فيها يارا ، بينما تريد الذهاب معه إلى أماكن خاصة بهم وأن تصنع معه ذكريات تجمعهم فقط ، لذا استجمعت شتاتها بسرعة ، لتتحدث بابتسامة حلوة وواثقة زادت ملامحها جمالاً فوق جمالها : في مطعم حلو اوي وقريب من هنا .. لسه فاتح جديد .. وكنت حابة نجربه مع بعض!!
الاهتمام المحبب بصوتها لم يجعله يفكر ثانية واحدة بالرفض ، بل على العكس ، وجد نفسه يبادلها الابتسامة ، رافعاً حاجبيه إلى الأعلى في الإعجاب بها ، دون تردد مد يده إلى راحة يدها ، يحتضنها بين أصابعه ، ثم همس بنبرة مخملية أحاطت مشاعرها بالدفء ، مبتعداً عنها البرودة التي غلفتها منذ دخولها تلك الغرفة منذ فترة قصيرة : وانا كمان احب .. يلا بينا
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
خلال ذلك الوقت
عند ابريل
في النادى
تأفأفت ريم مستاءة ، وهي تغلق شاشة الهاتف ، لتقول بنبرة منزعجة : معلش يا توته .. جروب الماميز طول اليوم تك تك مابيسكتوش
أومأت أبريل برأسها فى تفهم ، وهي تتجرع من كوب عصير التفاح المفضل إليها ، مستفسرة بنبرة ناعمة : ماقولتليش رأيك في مكالمة احمد؟!
رفعت ريم حاجبيها في تفكير لبضع ثوان ، قبل أن تجيب عليها بسؤال : قبل ما ارد .. هسألك عايزاني ارد بصفتي دكتورة نفسية ولا لأننا صحاب!؟
وضع أبريل الكوب على الطاولة ، وقالت بابتسامة بسيطة : الاتنين انتي عارفة انا مابخبيش عنك حاجة وبثق في رأيك وكلامك بيريحني .. حتي لما بقيت اعمل جلسات التأمل واليوجا .. حاسة ان دا فارق معايا حتي نوبات الربو بقت اقل من الاول بكتير
سألتها ريم بإهتمام يشوبه الترقب : طيب انتي حاسة انك مترددة في قرارك من ناحية جوازك من مصطفي؟!
هزت ابريل كتفيها ، ثم أجابت بسرعة : لا بالعكس يعني رغم اني خايفة شوية .. بس مبسوطة ومرتاحة معاه
ابتسمت ريم لتطمئنها ، ثم أخبرتها بإتزان : الخوف من أي وضع جديد دا شي طبيعي يا ابريل .. بس عايزاكي تبقي ريلاكس وماتتعصبيش واسمعيني للاخر لو سمحتي .. اللي هقوله صعب تستوعبيه بسرعة اكيد .. بس انا عارفة لما هتكوني لوحدك وتفكري فيه بعقلك مش قلبك .. هتلاقي نفسك استريحتي او علي الاقل هتتقبلي الوضع
حملقت ابريل فى وجهها بإمعان ، وغمغمت بفضول : اتفضلي يا ريم
ارتسمت معالم الجدية على محياها ، ثم وجهت لها سؤال مباشر : انتي لسه بتفكري في احمد ماقدرتيش تخرجيه من قلبك..؟
عبست تعابير وجه أبريل سريعاً من سؤالها ، فسبقتها ريم بالإجابة مؤكدة بنفس الجدية : ايوه هو لسه جواكي .. ورغم كل اللي حصل بس فضل عندك امل انه هيحاول عشان ترجعو لبعض واستنيتي ان دا يحصل .. بس هو صدمك فيه لما سمعتي بخبر جوازه بعد تلت شهور بس من فسخ خطوبتكم .. وجعك انه قدر يتخطاكي ويكمل حياته مع غيرك .. من ساعتها وانتي قافلة علي نفسك ووجهتي طاقتك وتركيزك لدراستك وشغلك بس
أخذت ابريل نفسا عميقا ، ثم زفرته على المهل ، فيما تفكر في كلماتها الصحيحة ، لتقول بنبرة عميقة وصادقة : وقتها حسيت احساس وحش اوي .. سألت نفسي كتير .. هو انا فيا ايه غلط او ناقص عشان يعمل فيا كدا .. بس نجاحي في دراستي دا .. هو الحاجة الوحيدة اللي مخلياني قادرة اكون واثقة من نفسي تاني
أومأت ريم مؤيدة لها ، مخاطبة إياها بتريث عقلاني : بالظبط قدرتي تتفوقي وتعدي من تجربتك دي وتبقي أقوي صحيح دا اتأخر حوالي سنة علي ما قدرتي تقتنعي به وشغلتي نفسك بدراستك .. بس لسه متخزن جواكي احساس بالخذلان منه رغم مكابرتك لنفسك .. رغم انك اذا حطيتي في دماغك جملة واحدة وفكرتي فيها وأمنتي جدا بيها .. مكنتيش هتحسي باللخبطة دي .. هي ان ربنا اخد منك حاجة بتحبيها عشان يديكي الحاجة اللي تستحقيها والافضل ليكي ودا فعلا اللي حصل
أضافت ريم بتصميم : عارفة وقت ما هتقتنعي من جواكي بالكلام البسيط دا .. هتقدري تاخدي القرار المناسب اذا حابة من قلبك وعقلك ترتبطي بمصطفي ولالا!!
نظرت لها ابريل بتشتت ، وهى تقول بنبرة يتخللها الإنفعال : سهل اقول لنفسي كدا .. بس انا معرفش هقدر اتأقلم مع انسان غيره ولالا !! احمد بكلامه ليا انهاردة ربكني ولخبطني .. من وانا صغيرة وهو قدامي .. كان ليا كل حاجة .. فجأة حب سنين اتمسح في لحظة مابقاش موجود
تباطأت ريم في الرد ، منتقاة كلماتها التالية ، ثم قالت بثقة : دا عشان انتي اتربيتي بعيد عن باباكي .. حسيتي ان وجود احمد واهتمامه بيعوضك عن الابوه والحنان اللي محسيتهمش من مصدر الحنان الاساسي .. حبك له بالاساس تعود .. هو كان بيملي فراغات واحاسيس كتير في حياتك اتحرمتي منها .. بس انتي اتصرفتي التصرف الصح لما قفلتي الباب في وشه .. ولو عملتي عكس كدا كنتي هتبقي بتظلمي نفسك
هزت ابريل رأسها بالإيجاب ، وهي تستمع إلى ما كانت تقوله ريم بإصغاء شديد للغاية ، بينما إحساس بالراحة يغمرها من عدم انسياقها وراء أمل كاذب لن يفيدها بقدر ما يضرها ، وسيسبب لها الألم والعذاب ، يسبب لها الألم والمعاناة التي هى فى غنى عنها ، فابتسمت لها ريم بلطف ، ثم تابعت مستعيدة جديتها : هو دلوقتي هيجنن من جواه انك ماوقفتيش حياتك عليه .. بالعكس دا انتي اتعلمتي واجتهدتي عشان تكوني ناجحة وتحققي هدف معين حلمتي توصليلو .. لو كنتي اتنازلتي عنه عشان تتجوزيه .. كنتي هتسـ*ـقطي من عين نفسك وكان هيبقي كل حاجة محصلة بعضها في عينك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية جوازة ابريل) اسم الرواية