رواية لأجلك انت الفصل الاربعون و الاخير - بقلم وداد جلول
النهاية
"لو سمحتي يا آنسة أنا من ركبت قبلكِ لذلك تفضلي بالنزول"
تحدثت الفتاة والتي تدعى فرح ذات الاثنان والعشرون عاماً لتقول بامتعاض:
"لا يا أستاذ أنا من ركبت قبلك وأنت من سينزل وليس أنا"
زفر بقوة وهو يحاول تهدأة أعصابه لإنه صدقاً ليس له المزاج الجيد كي يناقش ليقول بثبات:
"الأفضل لكِ أن تنزلي يا آنسة ومن دون نقاش لإنني أنا من ركبت قبلكِ هيا إذا سمحتي"
اغتاظت فرح من طريقة كلامه لتقول بقليل من الحدة:
"قلت لك لن أنزل ولن أتزحزح من مكاني، وأنت يجب أن تنزل هيا إذا سمحت"
احتقن وجهه وتصاعدت الدماء لوجهه ليقول بنفاذ صبر:
"واللعنة لما لاتفهمين ها؟ لا تسببين لي الصداع، هيا انزلي واركبي بغير سيارة"
احتدت ملامحها ونفخت خديها بغضب، وكل هذا الحديث يسمعه سائق التكسي والسيارة متوقفة، تدخل السائق ليقول كي يحل هذه المشكلة:
"عذراً على تدخلي ولكن إلى أين وجهتكما أنتما الاثنان"
تحدثا بصوتٍ واحد:
"إلى المطار"
نظرا لبعضهما باستغراب ليبتسم السائق ابتسامة خفيفة ويقول:
"حسناً هل تمانعان الركوب معاً وإوصالكما أنتما الاثنان في نفس الوقت بما أن طريقكما واحد"
لم يعترض وائل ولا حتى فرح، ظلا صامتان وقد علم السائق إجابتهما لينطلق متجهاً إلى المطار.
----
في المطار
يجلس وائل منتظراً نداء طائرته، بينما تلك الفتاة تجلس أمامه في المقعد الأمامي وهي تتابعه بعيناها، تنظر له ولملامحه الرجولية، شعرت بالإحباط كونها تحدثت معه بتلك الطريقة الغبية، بينما وائل كان جالساً بصمت، شعر بنظرات تلك الفتاة وبدأ ينظر لها بطرف عينه، يتأمل ملامحها من دون أن تنتبه، ابتسم من عيناه عندما رأى لون شعرها البندقي ليتذكر لون شعر آسيل فوراً، تذكر أيضاً طريقة حديثها وامتعاضها، كـ طريقة حديث آسيل وغضبها وعنادها، زفر بقوة ونظر للأمام ليراها متجهة له بحياء، ضيق عيناه عندما رآها جلست بجانبه، تعجب من فعلتها لتحمحم هي وتقول:
"اا أنا أسفة على الإزعاج ولكن أريد أن أعتذر على طريقة كلامي في السيارة، لقد كنت أمزح فقط"
ضحك ضحكة رنانة على توترها وحديثها ليقول:
"تمزحين؟ وهل تعرفيني حتى تمزحين معي"
توردت وجنتيها من حيائها وغبائها الشديد لتقول بتوتر:
"مم لا، لا أعرفك أعني أنني لم أكن أقصد فقط"
همهم ليقول بابتسامة:
"حسناً لا بأس، وأنا أعتذر أيضاً منكِ، بالمناسبة ما اسمكِ"
ابتسمت بخجل لتقول:
"اسمي فرح وأنت"
اتسعت ابتسامته ليقول:
"وائل، اسمي وائل"
همهمت لتقول:
"تشرفنا"
حرك رأسه بإيجاب لتردف له:
"مم إلى أين وجهتك؟ أقصد إلى أين ستسافر"
تحدث وائل بهدوء:
"إلى تركيا"
ضحكت ضحكة بلهاء لتقول:
"واوو وأنا أيضاً، يبدو أننا سنصبح أصدقاء"
ابتسم لها بلطف ليقول:
"أجل لا مانع لدي، يسعدني ذلك"
اتسعت ابتسامتها وحركت رأسها ببلاهة، بينما هو ابتسم بتهكم على طلاقتها وعفويتها واسترسالها في الحديث، صدح نداء الطائرة ليتوجه كل من وائل وفرح إلى الطيارة، جلسا بجانب بعضهما، وأقلعت الطائرة، بدءا بالتعرف شيئاً فشيئاً والأحاديث العادية جداً، استطلف وائل تلك الفتاة جداً على ظرافتها وحديثها المسلي، بينما فرح فرحت كثيراً بالحديث معه وشعرت بانجذاب كبير له، كانا يتحدثان بأمور عدة وقد نسي وائل كل همومه بحديثه معها.
مضى وقت طويل ليصلان إلى تركيا وهبطت الطائرة معلنة عن وصولها، نزلا سوياً ومازالا يتحدثان ويضحكان وقد أصبحا أصدقاء بالفعل، تبادلا أرقام الهواتف ورحل كل منهما إلى وجهته موعودان بلقاء آخر قريب جداً.
-------
مر أربعة أشهر على صداقتهما ومازالا يخرجان مع بعضهما البعض، شعر وائل بشيء من الحب تجاهها ولكنه خائف من المبادرة، بينما هي كانت مشاعرها أقوى بكثير فهي من اللقاء الأول بينهما وهي واقعة له ولعيناه الزرقاء، تفرح كثيراً عندما يحدثها بأموره، تطير من سعادتها عندما تسمع صوته الرجولي، تتأمله كل مرة بلقاءها به، بينما هو اعترف بأنه وقع لها وأعجب بها، ولكن مازالت محبوبته السابقة تسيطر عليه وتخطر على باله في أغلب الأوقات، يريد التقدم في حياته ونسيانها لإنه علم من مصادره الخاصة بأنها تزوجت وقد أنجبت من زوجها أيضاً، هو لم ينساها أبداً عندما كان في السجن وكان دائماً يتذكرها وتخطر على باله إلى حد الآن، يريد أن يعيش حياة هادئة طبيعية وأن يعيش مع التي يحبها ولكن ليس قبل أن ينسى آسيل، هو يريد فرح ولكنه لن يظلمها معه، مازال يفكر بآسيل وهو لا يريد أن ينساها بفتاة أخرى.
-----
تذهب أيام وتأتي أيام ومازال وائل على معرفة بفرح، جاءت فترة من الزمن وانقطعت أخبارها عنه وعندها شعر بشيء ينقصه وحزن جداً عندما علم بأنها عادت لبلادها ولكنها عادت بعد أسبوعان، وقد فرح جداً برجوعها وأقسم على أنها زينت حياته وأفرحتها.
-----
يقف أمام المرآة يعدل من هيئته، يضع من العطر الخاص به وهو بكامل أناقته، حسم أمره وسيجعلها ملكه، لن يضيعها من يده بعد أن التقى بها، يتنهد بقوة ويتجه لها بعد أن طلب منها موعد خاص، بينما هي تزين نفسها وتخرج بكامل أناقتها، اختارت فستان ناعم وجميل باللون الأزرق كلون عيناه التي تعشقها، تتوجه له وهي بكامل أنوثتها، كان ينتظرها بالأسفل في سيارته، تمشي بخطوات واثقة ورزينة، وهذا ماجعل من وائل يصر على قراره، ابتلع ريقه وبدأت حرارة جسمه بالغليان، ركبت بجانبه لتلقي عليه التحية ويتجه بها إلى وجهته، لم يمضي وقت طويل حتى وصلا إلى شاطئ البحر، يقف أمامها بجمود ولكن داخله قلق وخوف، يحاول جمع كلماته بينما هي تتابعه بعيناها الزيتونية الممزوجة بالعسل، تحاول أن تكتشف مايريد قوله، زفر بقوة ووضع يده على وجهه تعبيراً عن توتره، ابتسمت ابتسامة خفيفة وقد ظهرت غمازتيها الصغيرتان لتقول:
"ما بك أبو اللول"
نظر لها رافع الحاجبين ليقول باستنكار:
"ماذا قلتي فرح"
ضحكت ضحكة صغيرة لتقول:
"أبو اللول، ما رأيك بهذا اللقب؟ أو ممم لولي ها ما رأيك اختر واحداً"
امتعض وجهه ونظر لها بغيظ ليقول بغضب مكتوم:
"لا أحب الدلع، اسمي وائل وانتهينا"
قلبت شفتها السفلى وقد نظر لها وائل ولفتت نظره، عض على شفته السفلى من دون إرادته، بينما هي رأته ورأت نظرة الرغبة بعيناه لتخفض رأسها خجلاً، تنهد بقوة وقال بهدوء:
"حسناً سأتحدث وأنتِ بعدها تعطيني الجواب النهائي اتفقنا"
عقدت حاجبيها لتقول ببراءة:
"لم أفهم"
تسارعت أنفاسه وحدث نفسه (واللعنة لا تنظري لي هذه النظرة، يا إلهي أعني يارب)، زفر بقوة ليتحدث بهجوم:
"هل تقبلين الزواج بي"
شهقت بقوة ونظرت له بصدمة، لم تصدق ماقاله وما طلبه لتقول بصدمة:
"أعد ماقلته"
عقد حاجبيه ليقول:
"مابكِ؟ قلت هل تقبلين الزواج بي"
ظلت مصدومة من حديثه، نظر لها باستغراب ليقول:
"ما بكِ لما تنظرين هكذا؟ اها واضح بأنكِ لن تقبلين، حسناً سأغير رأيي"
شهقت بقوة لتتقدم خطوة منه وتمسكه من ياقة قميصه وتقول:
"تغير رأيك في ماذا أيها المجنون"
نظر لها وهو متعجب منها بشدة، رمش عدة مرات وتسارعت أنفاسه من اقترابها، ظلت سارحة بعيناه الزرقاء، لم تعلم كيف ومتى تجرأت لتتقدم منه وتمسك رأسه بكلتا يديها بلطف وتقبله قبلة عميقة، جحظت عينان وائل بقوة ولم يصدق بأنها هي من بادرت بهذا الشيء، ابتسم أثناء القبلة وأغمض عيناه مستمتعاً بهذه اللحظة، وأقسم على أنه أسير لعيناها ولها بالكامل وبأن هذه الفتاة ستقوده للجنون بعفويتها وبرائتها، فصلا القبلة لتبتعد فرح وتعض على شفتها السفلى من شدة خجلها وغبائها، لعنت نفسها على تسرعها وعفويتها، تقدم منها وائل ليمسكها من خصرها ويقول بصوتٍ متهدج:
"لم أسمع جوابكِ"
نظرت له بحب لتبتسم له وتقول:
"موافقة"
اتسعت ابتسامته وحملها ليدور بها وهما يضحكان، أمضيا أجمل يوم في حياتهما وقد قررا إقامة حفل زفافهما في الأسبوع المقبل، وصل بها إلى أمام منزلها، توقف بسيارته لينظر لها وقد كان وجهه جامد، شعرت بجموده لتقول:
"ما بك وائل"
تنهد بعمق ليقول:
"اسمعيني جيداً فرح، إذا كنتي تريدين إمضاء بقية حياتكِ معي فلا أريدكِ أن تسأليني عن ماضيي أبداً، أنا لست ملاك وقد مررت بتجارب كثيرة وخاطئة أيضاً وها أنا قررت بأن أمضي وأتقدم في حياتي معكِ أنتِ فقط، فهذا كل ما أريده منكِ لا أريد التحدث عن الماضي أبداً اتفقنا"
ابتسمت بلطف وأمسكت يده وقبلتها قبلة لطيفة لتقول:
"حبيبي لا يهمني أي شيء من الماضي ولا يهمني كم أخطئت وكم أذنبت، كل ما يهمني هو أن تظل بجواري لأجعل حياتك جنة ونعيم، صدقني لن تهون علي وسأحافظ عليك بقلبي وبكامل قوتي وسننسى كل الماضي لنبدأ صفحة جديدة وبداية جديدة"
نظر لها بأعين دامعة، ألهذه الدرجة تحبه ومتعلقة به؟ ألهذه الدرجة متقبلة حاله ومزاجه؟ علم بأنها هذه هي الفتاة التي ستهتم به وتنسيه ألم الماضي الذي مر به، ابتسم لها ابتسامة واسعة واقترب منها ليلتقط شفتيها ويهيم بها وبحبها أكثر فاكثر.
-----
ﺃﻧﻘﺎﻁ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ، ﻣﺘﻨﺎﺛﺮﺓ، ﺗﺸﻜﻞ ﺳﻮﻳﺎً ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ، ﺃﺟﺰﺍﺀ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﺗﺘﺸﺎﺑﻚ ﻟﺘﺼﻨﻊ ﻟﻮﺣﺔ، ﻗﺼﻴﺪﺓ، ﻟﺤﻨﺎً، ﺃﻭ ﺣﻴﺎﺓ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﻣﺘﺒﺎﻋﺪﺓ ﺗﺘﻘﺎﺭﺏ، ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺗﺘﻼﺣﻢ، ﻗﺼﺎﺻﺎﺕ ﺗﺘﻨﺎﺛﺮ ﻓﻰ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ، ﻧﻔﺤﺎﺕ ﺗﺤﻤﻞ ﺧﺒﺮﺍً، ﻧﺴﻤﺎﺕ ﺗﻌﺒﺮ ﺍﻟﺮﻭﺡ، ﻭﺩﻗﺎﺕ ﺗﻨﺒﻰﺀ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪ أو لا يريد، ﻧﻘﻮﻝ ﻋﻨﻬﺎ صدفة، ﻋﻼﻣﺔ، ﻧﻘﻮﻝ ﻧﺼﻴﺐ، ﻭﺍﻷﺻﻞ ﻓﻴﻬﺎ قدر، ﻭﺍﻟﺤﺪﻭثة ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ ﺗﺸﻜﻞ ﻟﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻛﻞ ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ، ﻗﺪﺭ ﻳﺴﻌﺪﻧﺎ ﺃﻭ ﻳﺸﻘﻴﻨﺎ، ﻳﻔﺮﺣﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻳﺒﻜﻴﻨﺎ ﻏﺪﺍً، ﻓﻤﺎ ﺗﺮﻯ ﺣﻠﻜﺘﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻗﺪ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺑﻴﺎﺿﻪ ﻣﻊ ﺍﻻﻳﺎﻡ، ﻭﻣﺎﺗﺮﻯ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻗﺪ ﺗﺸﺘﺪ ﻇﻠﻤﺘﻪ، ﻭﻣﺎﺗﺮﻯ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻳﺄﺗﻰ ﻟﻚ ﺑﺎﻟﻔﻨﺎﺀ، ﻭﻣﺎﺗﺄﻣﻞ ﻓﻰ ﺯﻭﺍﻟﻪ ﻳﻤﺴﻰ ﻟﻚ ﻛﻞ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺻﺪﻑ متناثرة، ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ، إﺷﺎﺭﺍﺕ ﻏﺎﻣﻀﺔ ﻻﻧﺪﺭﻛﻬﺎ ﻓﻰ ﺣﻴﻨﻬﺎ، ﻗﺼﺎﺻﺔ ﻭﺭﻕ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺗﻐﻴﺮ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻏﺮﻳﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ، ﻟﺤﻦ ﺧﺎﻓﺖ ﻳﺤﻤﻞ ﻭﻣﻴﻀﺎً ﻓﻰ اﺗﺠﺎﻩ معاﻛﺲ، ﻣﺠﺮﺩ ﺻﺪﻓﺔ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﻗﺮﻳﺒﺎً ﻭﺍﻟﺤﻠﻢ ﻭﻫﻤﺎً ﻭﺍﻷﻳﺎﻡ ﻣﺠﺮﺩ ﺣﻴﺎﺓ، ﻭﺻﺪﻓﺔ ستجمعك بها ﻓﺘﺄﺗﻰ ﺃﺟﻴﺎﻻً ﻣﻦ ﺑﻌﺪها، ﻭﺍﻷﺻﻞ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺃﻥ ﻧﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺘﺒﺪﻝ، ﻭﻋﻨﺪ ﺃﻛﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻧﺮﻯ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺟﻤﻴﻼً ﻭﻟﻢ ﻧﺪﺭﻛﻪ ﻓﻰ ﺣﻴﻨﻪ، ﻭﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺻﺤﻮﺍً ﻭﻛﻨﺎ ﻧﻨﺘﻈﺮ ﺍﻟﺨﺮﻳﻒ ﻭﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻗﺎﺭﺻﺎً ﻓﻰ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭ ﻧﺴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺼﻴﻒ، ﻓﻼ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﻘﻴﻊ، ﻭﻻ أدﺭﻛﻨﺎ ﻧﻔﺤﺎﺕ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ، ﻭﻻ ﺍﺳﺘﻮﻋﺒﻨﺎ ﺳﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.
" حينَ سأتحدثُ عن جمالِ الصُدف
سأكتفي بـِ تلكَ الصدفة
التي جمعتني بكِ "
___________________
ممددة على سريرها، تنام بعشوائية، منذ أن تزوجت وهي لم تبطل عادة نومها العجيبة هذه، وذلك الروميو يتابع تفاصيل وجهها بابتسامة هائمة، حركها بخفة لكي تستيقظ ولكن لا حياة لمن تنادي، تمتعض بوجهها ويضحك عليها زوجها، اقترب من أذنها ليتحدث بنبرة هائمة:
"أعشقكِ يافتاة"
ابتسمت وهي مغمضة العينين لتتسع ابتسامة باسل ويردف لها:
"هيا انهضي أريد قبلتي"
نهضت بنصف جسدها وبعينان نصف مفتوحة لتقول:
"أنت لا تشبع أبداً، لن أعطيك أية قبلة ابتعد"
جاءت لتنهض ولكن يده التي أمسكت بها منعتها من ذلك، تعلق بها وكأنها أمه ليقترب ويقبلها قبلة صغيرة على رقبتها لترتعش إثر قبلته، ابتسم وهو يدفن وجهه برقبتها ويستنشق عطرها، تحدث بصوتٍ خافت:
"هيا أريد قبلتي"
ابتسمت واقتربت وأمسكت وجهه بكلتا يديها لتقبله ولكن صوت أحد صغير جعلهما ينتفضان ويبتعدان عن بعضهما، شهقت ماريا عندما رأت ابنتها لين ذات الثلاث سنوات أمامها والتي أخذت تفاصيل وجمال والدتها، بينما باسل كز على أسنانه وتمتم بحنق:
"يا إلهي ما الذي جاء بكِ أيتها القردة"
ضحكت ماريا ضحكة رنانة لتجعل ابنتها تقترب شيئاً فشيئاً وترتمي في أحضانها، تحدثت الطفلة بنبرة ناعمة:
"مامي أريد الحليب"
ابتسمت ماريا ابتسامة واسعة بينما باسل ظل محتقن الوجه لتقول:
"حسناً ياروح مامي وقلبها"
نظر لها باسل بغيظ ليقول:
"هيا أريد أن أتناول الفطور"
ضحكت ماريا لتقول:
"حسناً حبيبي ولكن ليس قبل أن أعطيها الحليب ياقلب ماريا"
نظر لها بغيظ وكز على أسنانه، بينما تلك الطفلة تنظر لوالديها ببراءة وتتابع الحديث وهي غير مستوعبة شيء، نهضت ماريا لتحضر لابنتها الحليب الخاص بها، بينما باسل كان يتابعها ويتابع حركتها بنظرات هائمة، استغل عدم وجود ابنته والتي كانت تجلس في الصالة تتابع الرسوم المتحركة الكرتونية ليقترب منها ويحاوط خصرها وهي معطية له ظهره، جفلت ماريا ومن بعدها ابتسمت، ليتحدث بجانب أذنها:
"هيا أريد قبلتي، تلك القردة أتت في الوقت الخطأ عندما كنا في غرفتنا"
استدارت له وهي عابسة لتقول:
"لا تقول عن ابنتي هكذا أفهمت"
همهم لها ليقول:
"حسناً والآن أريد قبلتي"
ابتسمت له واقتربت لتطبع قبلة على شفتيه ولكن ابنتها جعلتها تبتعد فوراً، جاءت لين لهما وتحدثت:
"ماذا تفعلان"
ابتلعت ماريا ريقها بينما باسل كتلة الغضب كاد أن يقتلها، كور قبضته وعض على يده وأخرج صوت معبراً عن حنقه وغضبه، التفت لابنته ونظر لها بغضب بينما هي كانت تنظر له ببرائة وتضع إبهامها الصغير في فمها، احتقن وجهه وخرج من المطبخ بالكامل، بينما ماريا كانت تحاول كتم ضحكتها، وما إن خرج حتى انفجرت ضاحكة وقد شاركتها لين بالضحك وهي لا تعلم شيء فقط تضحك مع ماريا.
" ﺷﻔﺘﺎﻙِ ﺗُﺜﻤﻠﻨﻲ ﻛﻌﺸﺮﻳﻦَ ﻛﺄﺱِ ﺧﻤﺮ
ﻓـَ ﺣﻴﻦَ ﺗﻤﺮُ ﻋﻠﻰ أﻃﺮﺍﻑِ ﺷﻔﺘﻲ ﺗﺬﻭﺏُ ﻭﺗﺘﻤﺰﻕ
ﻓـَ ﺑِﺸﻔﺘﻴﻚِ ﻳﻨﺴﻜﺐُ ﻫﺬﻳﺎﻥِ ﺟﻨﻮﻧﻲ
ﺳﺄﻣﺎﺭﺱُ ﺷﺮﻳﻌﺔِ ﺍﻟﻌﺸﻖِ ﺑﻴﻦَ ﺷﻔﺘﻴﻚِ
ﻭﺳﺄﻏﺘﺎﻝُ ﺃﻧﻔﺎﺳﻚِ ﻭأرﻭﻳﻬﺎ ﻣﻦ ﺳِﺤﺮِ رجولتي
فـَ حينَ أﺷﺘﺎﻗُﻚِ أﺭﻛﺾُ ﺑﺸﻮﻗﻲ ﻭأﻏﻤُﺮﻙِ ﺑﻘﺒﻠﺔٍ عميقةٍ ﻣﻨﺒﻌﻬﺎ ﺍﻟﺸﻮﻕ
أدﻣﻨﺖُ ﺷﻔﺘﻴﻚِ "
----------
يوسف وشهد
ذلك العاشق الولهان الذي يبث محبوبته كل أنواع الغزل والحب والرومانسية، لم يحزنها يوماً، كان دائماً يساندها ويساعدها بكل شيء، يحمد الله ويشكره على هذه النعمة التي وهبه إياها، تنام في أحضانه كل ليلة، لا يغمض له جفن إلا عندما يتأكد بأنها نامت وذهبت في نوم عميق، يتأمل تفاصيل وجهها وبراءتها، منذ أربعة سنوات وهو لم يفارقها أو يجرحها بكلمة واحدة، ينظر لها وهو يكاد لا يصدق بأن محبوبته معه منذ أربع سنوات، وطبعاً اليوم عيد زواجهما وقد جهز يوسف وآسر كل شيء من أجل الاحتفال في هذه الليلة المميزة.
اقترب منها وطبع قبلة صغيرة على وجنتها وهو مبتسم، ولكنه عبس عندما لم يرى منها أية ردة فعل فهي نائمة، حركها بخفة لكي تستيقظ ولكن لم تستيقظ، خطرت على باله فكرة لينهض ويجلب كتلة البرائة من غرفتها وهي ابنته الصغيرة جوري ذات السنتين ونصف، وضع ابنته على السرير وهسهس في أذنها بأن توقظ والدتها، لتقترب جوري من والدتها وتضرب على وجنة شهد بيدها الصغيرة، عقدت شهد حاجبيها وبدأت تهمهم، فتحت عيناها ببطئ لترى ابنتها أمامها تجلس وتبتسم لها ببلاهة، ابتسمت لها شهد ابتسامة واسعة لتقول لها:
"كيف جئتي إلى هنا يا حلوة"
نظرت لها جوري ببرائة وأشارت إلى والدها الذي كان يتابع الموقف بابتسامة واسعة، التفتت له شهد لتبتسم وتنهض وتتجه إليه، وضعت يديها على رقبته لتقول:
"دائماً تفعل ذلك لن تبطل عادتك"
اتسعت ابتسامته ووضع يديه على خصرها ليقترب ويطبع قبلة سطحية على شفتيها ويقول:
"صباح الخير يا أجمل امرأة في حياتي"
ضحكت بلطف لتقول:
"صباح الخير على رجلي وسندي"
تحدث بنبرة هائمة:
"لدينا سهرة طويلة اليوم"
أخفضت رأسها بخجل وعضت على شفتها السفلى ليبتسم لها ويقبلها قبلة سطحية غير مباليين بتلك الطفلة التي تتابعهما، اقتربت منهما ليبتعدان عن بعضهما وتشهق شهد كونها نسيت أمر ابنتها، نظرت لها ونزلت لمستواها لتقول:
"حبيبتي مابكِ"
تحدثت الطفلة ببرائة:
"أنا أيضاً أريد اممواه"
انفجر يوسف وشهد بالضحك عليها، ليقترب يوسف ويرفعها ليهبط هو وشهده وابنته الصغيرة إلى الأسفل كي يتناولان فطورهم بسعادة تامة ونظرات هائمة.
" حبيبتـــي
أنت ِﺍﻟﺪُﻧﻴﺎ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ
أنتِ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻟﻜﻠﻤﺔُ ﻫـﻤﺲٍ
أنتِ ﺭﺣﻴﻖُ ﺍﻟﺰﻫﻮﺭ ﻭﻧﻮﺭِ ﺍﻟﻔﺠﺮ
أنتِ ﺍﻟﻨﺪﻯ ﺑﺎﻟﻤﻄﺮ ﻭﻧﺴﻴﻤﻚِ ﻋﻄﺮٌ آخاذ
أنتِ ﺷــــﺮﺍﻉُ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓِ ﺑﻘـﻠﺐِ البحر
أنتِ ﺍﻟﻤﻼﻙُ ﺍﻟﺒﺮيئ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ
أنتِ صدﻓﺔٌ ﻣـﻦ ﺗﺮﺗﻴﺐِ ﺍﻟﻘـﺪﺭ
أنت ِالتي ﺑﺮﻣﻮﺷﻲ أُدﺍﺭﻳﻬﺎ
ﺃنتِ ﺷﻤﺴﻲ ﺗُﻀﻴﺊُ لي ﺍﻟﻈُﻠﻤﺎﺕ
ﺣﺒﻴﺒﺘـــﻲ ﻳﺎ أﺟﻤﻞُ ﻧِﺴﺎﺀِ الأرض "
____________________
كان ليث غارقاً في النوم
شعر بأحد يوقظه ولكنه لم يبالي، عقد حاجبيه باستغراب من ذاك الطفل الذي يقف عند مستوى قدماه ويشد بنطاله وهو يبكي، فزع وظن بأن ابنه حدث له شيء اقترب منه والتقطه ليجلسه بحضنه وينظر له بعيون ناعسة، نظر له الطفل ببرائة وبأعين دامعة ليحدثه ليث:
"ما بك صغيري"
تحدث جود ذو الثلاث سنوات والذي أخذ جمال عيني أبيه ليقول بنبرة طفولية:
"ماما"
عقد ليث حاجبيه ليقول:
"حسناً أين ماما"
قلب شفته السفلى ومد يده وحركها في الهواء ليرفعه ليث ويمسك جود بخصلات شعر أبيه ويشدها، تأوه ليث بخفة ليقول بانزعاج:
"ماذا تريد أيها القرد؟ وأين والدتك زوجتي وحبيبتي؟ وكم الساعة الآن"
وضع الطفل إبهامه بفمه ونظر له ببراءة وهو غير مستوعب كلام أبيه تماماً، بينما ليث ينظر له بتعجب لينفخ خديه بقوة، حمله وهبط به إلى الأسفل ليرى محبوبته تعد الفطور لهما، ابتسم وتقدم منها وبيده يحمل طفله ليقترب منها ويطبع قبلة دافئة على رقبتها، شهقت رنيم بقوة لتلتفت إلى زوجها وتقول:
"يا إلهي لقد أرعبتني، ما بك ليث؟ حمحم على الأقل"
ضحك ليقترب ويطبع قبلة صغيرة على وجنتها ويقول:
"صباح الخير جميلتي"
ابتسمت باتساع لتقول:
"صباح الخير حبيبي، هل جود أوقظك"
همهم لها ليقول:
"أجل هذا القرد كان يبكي ويشد لي بنطالي أيضاً"
ضحكت ضحكة خفيفة بينما جود كان ومازال بيد أبيه، ويحمل رضاعة الحليب الخاصة به كطفل ويشرب منها، ابتسم ليث ليترك جود من يده وينزله أرضاً ويحدثه:
"هيا اذهب إلى الصالة وسنأتي أنا ووالدتك بعد قليل"
نظر له جود ليقول بنبرة طفولية:
"ماذا ستفعلان"
ابتسم ليث بمكر ونظر لرنيم التي كانت ملتفتة لإعداد الفطور، ليقترب منه ويحدثه بهمس:
"سنجلب لك ولد صغير، سيصبح لك أخ اتفقنا"
ضحك الطفل ضحكة بريئة وحرك رأسه بإيجاب ليركض إلى الصالة، بينما ليث نهض وابتسم بمكر ليقترب من محبوبته ويحتضنها وهي معطية له ظهرها، ابتسمت ووضعت يداها على يديه، اتسعت ابتسامتها عندما شعرت بأنه يقبل رقبتها قبل متفرقة لتقول ضاحكة:
"ابتعد كي لا تفسد أخلاق الطفل"
تحدث ليث بهمس:
"أريده أن يكون مثل أبيه في الانحراف، ثم أنه هو ليس هنا لقد صرفته لا تقلقي"
همهمت رنيم لتستدير له وتحاوط رقبته لتقول:
"مم وماذا تريد الآن"
ابتسم بمكر ليقول:
"أنتِ تعلمين ماذا أريد"
ادعت البراءة وعدم الفهم لتقول:
"لا، لا أعلم"
همهم ليث بمكر واقترب ليطبع قبلة على شفتيها الوردية ويقول:
"أريد مانفعله كل يوم مساءاً"
شهقت لتقول:
"ابتعد لا أريد ثم أن جود مستيقظ"
تحدث ليث بهمس:
"لا تقلقي هو مشغول الآن بمشاهدة التلفاز"
أنهى جملته وحملها بينما هي شهقت وبدأت تركل أرجلها بالهواء، طبعاً ليث غير مبالي لحنقها وعدم رغبتها ليصعد بها إلى الغرفة ويتوجه بها إلى السرير، وضعها بخفة بينما هي ضربته بخفة على كتفه لتقول بحنق:
"لا تكن هكذا، لن أترك جود بمفرده هيا ابتعد"
لم يبتعد وإنما انقض على شفتيها بقبلة عميقة لتستسلم له وتتهدم حصونها أمامه لتبادله القبلة برحابة صدر، تعمقا أكثر فأكثر ليرحلان سوياً لعالمهما الخاص.
"حبيبتي لا أجدْ لِوصفَها حَداً يُرام
فلِمثل جمَالها خُلق الغَرامْ."
_____________________
آسر وآسيل
ذاك العاشق الولهان المتيم بمجنونته، حياته كانت عبارة عن كتلة برود وجفاء، ولكن من بعد دخولها لحياته لونتها له بألوان الطيف السبعة، وصل إلى حد الهوس بعشقه لها، لا يستطيع فراقها، هي حياته بأكملها، هي نبض قلبه، هي عروق يديه، هي عمره الماضي والحاضر والمستقبلي، يظهر محبته لها في الكلام وتظهر محبتها في الدموع والقبلات، وإن هبطت دموعها تجده يمسحها لها، تحبه وكأن الحب عندها ديناً وكأن حبيبها وزوجها موضع التقديس والعبادة، يغار من كلماته حينما يهديها لها خوفاً أن تعجبها كلماته ولا يعجبها هو، لا يحبها لإنها مصدر راحته وإنما يحب راحته لإنها مصدرها، أحبها حباً لا يوصف، تربعت في قلبه وجعلت حبه وساماً على صدرها، أهداها حبه وقلبه وعمره، أصبحت كل شيء في حياته، أقسم على أنه لم ولن يستطيع على أن يشعر ويعيش إذا كانت الحياة خالية منها، هي أيضاً لا تنفك عن عشقه، فـ لو كانت تملك أن تهديه عيناها لوضعتها بين يديه، لو كانت تملك أن تهديه قلبها لنزعته من صدرها وقدمته إليه، لو كانت تملك أن تهديه عمرها لسجلت أيامها بإسمه، حياتها معه كالأحلام كأنها في الجنة ذاتها، أجل هناك بعض الشجارات من أجل غيرة ومرض آسر من ابنه الصغير، يغار منه على زوجته، يهزأها ويغضب منها فقط لأنها تقبله لدرجة أنها تبكي في بعض الأحيان، تحزن منه وتلومه بجفائها وبرودها، يبكيها ويبكي لبكائها، ولكنها تعود لأحضانه بهمسة منه تجعلها تذوب فيه، يستقبل عنفها وغضبها برحابة صدر.
يحدق بها وهي مشغولة بتوضيب بعض الأمور، يراقب تحركاتها وأدق تفاصيلها، يبتسم بين الحين والآخر على تذمرها في بعض الأشياء، تنهد بقوة ليقترب منها ويسحق عظامها في عناق قوي، لتبتسم بشدة علماً أنها تتألم من عناقه ولكن تستقبل عنفه برحابة صدر، فصل العناق ليمسك وجهها بكلتا يديه ويلامس شفتيه بشفتيها، يعلم بنقطة ضعفها ويعلم كم تكره هذه الحركة ولكنه يحب أن يرى غيظها، يحب أن يرى ضعفها أمامه، ابعدت وجهها قليلاً لتعقد حاجبيها بغضب وتقول:
"آسر لا أحب ذلك"
ابتسم لها ليقول:
"ولكن أحب ان أرى غيظكِ"
مطت شفتيها وامتعضت وهي تنظر للجهة الأخرى، تعلم جيداً إذا نظرت لعيناه ستتوه حتماً، مد يده ليداعب رقبتها وهو متعمد إغاظتها، لتصرخ صرخة صغيرة تعبيراً عن غيظها وحنقها منه، عبست وابتعدت عنه لتجلس على السرير مكتفة الأيدي وعابسة الوجه، ضحك على شكلها ليقترب منها ويجلس بجانبها ليلتصق بها وهي معطية ظهرها له، طبع قبلة رقيقة على رقبتها الصغيرة بينما هي ابتسمت وصرخت بطفولية لينفجر ضحكاً على ضحكتها الصغيرة، تغار جداً عندما يقبلها من رقبتها، التفتت له وقرصته من وجنته لتقول:
"حبيبي كفاك مشاكسة"
رفع حاجبيه وهمهم فقط لتردف له بترقب:
"حبيبي كم بالشهر اليوم"
ابتسم من عيناه وقد علم إلى ماذا تريد الوصول ليدعي البلاهة ويعقد حاجبيه ليقول:
"مم اثنان وعشرون لماذا"
رفعت حاجبها لتتحدث بغيظ:
"مم ولا تذكر شيء في هذا اليوم مثلاً"
ظل على حالة متعجباً ليقول باستغراب:
"لا، لا أذكر، لماذا حبيبتي؟ ماذا هناك"
نهضت واقفة واحتقن وجهها وتحدثت بغضب مكتوم:
"لا شيء"
أرادت المشي ولكن يده منعتها، أمسكها ليشدها إليه ويحتضنها وهو يدفن وجهه برقبتها ليقول:
"هل تظنين بأنني سأنسى يوم سعادتي"
ابتسمت في العناق لتبتعد قليلاً وتقول:
"ظننتك نسيت"
تحدث بهمس:
"أخطئتي"
ابتسمت بخجل ليقترب ويقبلها ولكن طرقات الباب جعلته يتوقف عن فعلته، احتقن وجهه ونفخ خديه بغضب لتتعالى طرقات الباب، تحدث بصراخ:
"اللعنة ألا يمكنني أن أمضي بعض الوقت مع زوجتي"
فتح الباب وقد راى شيئاً صغيراً يمر من جانبه راكضاً إلى أمه، ابتسمت آسيل باتساع عندما رأت ابنها تيم ذو الثلاث سنوات يركض لها ويحتضنها، احتضنته وبثته حنانها، بينما هناك من يغلي من غيظه وكأن أذناه سيخرج منها الدخان، صرخ آسر بولده ليقول:
"هيا أيها الصغير، نريد الجلوس أنا ووالدتك بمفردنا، هيا اخرج"
عبس الطفل بوجه أبيه ليتحدث بنبرة طفولية غاضبة:
"لا لن أخرج"
مسح وجهه بكفه ليتحكم بأعصابه كي لا يركل ابنه خارج الغرفة، بينما آسيل شعرت بحنقه وغيرته وهي تعلم علم اليقين عندما يغار آسر سيبدأ بركان غضبه، تحدثت موجهة حديثها لطفلها:
"حبيبي هيا اخرج وسنلحق بك بعد قليل وسأعطيك شوكولا كثير اتفقنا"
حرك تيم رأسه بإيجاب وطبع قبلة صغيرة على وجنة والدته، نظر له آسر بغيظ وتابعه بنظراته وهو يتوجه إلى الخارج، أمسك آسيل وعانقها بقوة، عناق حب، تملك، عشق، فصلا العناق ليقول:
"ابتعدي عن ذلك الصغير، لا تقتربي منه من أجلي حبيبتي اتفقنا"
ابتسمت ابتسامة هادئة لتقول:
"حسناً حبيبي كما تريد"
لانت ملامحه ليقترب ويلتقط شفتيها بقبلة قوية، فصلا القبلة فجأة عندما سمعا صوت ذلك الطفل وهو يقول:
"بابا يقبل ماما، سأقول لجدي"
أنهى الطفل جملته وركض بسرعة خارجاً من الغرفة، صدم كل منهما ليحتقن وجه آسر ويصرخ به:
"اللعنة عليك سأريك أيها القرد الصغير"
ما إن أنهى جملته حتى انفجرت آسيل ضاحكة على شغب ابنها وغيرة زوجها.
--------
في المساء كان الجميع مجتمعين في ساحة كبيرة، مزينة بأبهى الزينة وتخطف الأنظار، كان الحفل من النوع الفاخر، شعرت آسيل بالدهشة من جمال الحفل والزينة وكل شيء، فرحة الدنيا بالنسبة لآسيل استهلت بالسعادة والوصال، عيدها الغالي يشرح الخاطر من أربع سنين، زوجها الحاني حنو العطف والحب الحلال، ميلاد من حبه في قلبها تربع، ودعت به عام مضى وأقبلت به عام جديد.
أما شهد تلك التي عذبت فؤاد محبوبها ومنحته الانتظار الطويل لكي ينال وصالها، حياتها كالأحلام معه، زوجها وحبيبها بقربها، طفلتها بأحضانها، هذه هي السعادة بالنسبة لها، في كل يوم تعانق عينها بعيناه، ترتشف شفتها بشفتاه، تخبره نبضات قلبها كم تهواه، وكم تعشقه، تبتسم بسعادة كونه لم ينسى هذه الذكرى التي جمعتهما وهذا اليوم الخاص بهما، كل شيء جميل، كل شيء يخطف الأنظار، يحتلفون وهم في أشد سعادتهم، يرقصون، يفرحون، يضحكون من قلوبهم، كانت سهرة مميزة تشوبها السعادة والحب.
انتهت السهرة على خير ليعود كل منهم وبرفقته زوجته، كان يوسف يشعر بسعادة بالغة، لإن هذا اليوم بالذات مميز عنده بشكلٍ كبير، كما أنه يكاد لا يصدق بأن حبيبته وزوجته معه منذ أربعة سنوات، دخل برفقة زوجته إلى منزله ليتجهان إلى غرفتهما، كما أنهما قد تركا ابنتهما عند والدة شهد، اقترب منها ليحاوط خصرها بيديه ويدفن وجهه برقبتها، ابتسمت عندما شعرت بأنفاسه تلفح رقبتها، بدأ يوزع قبلات دافئة على رقبتها بينما هي قد فقدت حصونها بالكامل وتملكتها الرغبة مثله، ابتعد قليلاً لينظر بعينيها ويقول:
"أحبكِ"
لم تستطع شهد التحدث أو أن ترفع نظرها حتى، مازالت تخجل منه إلى حد الآن، مددها على السرير واعتلاها لتبدأ جولتهما التي لا يكلان ولا يملان منها.
-------
بينما عند آسر وصل إلى منزله برفقة زوجته، وأول شيء فعله آسر هو أنه نيم ابنه الصغير لإنه يعلم كم يعشق أن يخرب عليهما لحظتهما الرومانسية، انتظر قليلاً بالأسفل لإنه كان يتحدث على الهاتف مع أحد الضباط لأمر هام، بينما آسيل توجهت لغرفتها ومن ثم بدلت ثيابها لترتدي ثوب حريري وناعم باللون الأبيض، توجه آسر إلى غرفته ليرى ملاكه البريء تجلس على السرير تنتظره، ابتسم لها وتوجه إليها ليجلس بقربها ويمرر يده على طول ذراعها لتسري قشعريرة بجسدها من لمسته التي تذوب منها، ظلا ينظران لبعضهما مدة ليست بطويلة، جو من الحب والعشق والجنون يغلفهما، يتناغمان ويعزفان أجمل سمنفونيات الحب بعالمهما الذي لا يملان منه برفقة بعضهما.
" لأجلكِ أنتِ
ﻧﺴﻴﺖُ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺗﺮﻛﺖُ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
ﻭﻻ أُدﺭﻙُ ﻧﻔﺴﻲ إﻻ أﻣﺎﻡَ حُسنُكِ ﺍﻟﻔﺘﺎﻥ
لأجلكِ أنتِ
أﻋﻠﻨﺖُ ﻓﻲ ﻣُﺪﻥِ ﺍﻟﻌﺸﻖ
أني أﺣﺒﺒﺖُ أﺟﻤﻞُ ﺍﻣﺮﺃﺓٍ
ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺑِﻼ ﻭﻋﻲ ﻭﺑِﻼ ﺣﺮﻣﺎﻥ
لأﺟﻠﻚِ أنتِ
ﻗﺪﻣﺖُ ﻟﻚِ ﻗﻠﺒﻲ ﺑﻴﻦَ ﻳﺪﻳﻚِ
ﻭﺑﻌﺜﺮﺕُ ﺭﻭﺣﻲ ﺑﻴﻦَ ﺷﻔﺮﺍﺕِ ﺷﻔﺘﻴﻚِ
ﻭﺳﻜﺒﺖُ ﺣُﺒﻲ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻚِ
ﻭﻧﺜﺮﺕُ ﺩﻣﻌﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﻴﻨﻴﻚِ "
النهاية
تمت بإذن الله
___________________
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية لأجلك انت) اسم الرواية