رواية ما لا تبوح به النساء الفصل العاشر 10 - بقلم عبير حبيب
الفصل العاشر
"حب امتلاك"
مشاعر متضاربة بين خوف من المجهول وما سيكون لاحقًا.
يعلن صوت رنين الهاتف عن وصول رسالة جديدة.
ليمسك فادي بهاتفه على عجلة وكأنه ينتظر نتيجة الأمتحان.
كان المرسل الدكتور جمال قائلأ في رسالته:
دكتور جمال: نتيجة التحليل ظهرت، مدام نغم سليمة ومعندهاش أي مانع للحمل.
لكن يؤسفني أبلغك أن تحليل حضرتك فيه مشاكل كبيرة ..لازم ترضى بقضاء الله يا فادي.
فادي بأستفهام يصحبه خوف...
تقصد أي؟
التحليل إللي قدامي بتقول إنك عقيم، تقدر تروح لدكتور تاني وتالت دا حقك بس أنا خايف عليك من المجهود البدني والنفسي إللي هتحط نفسك فيه.
أنا أسف على الخبر دا لكن كله بأمر الله.
أنهى فادي تلك المحادثة ليلقي بهاتفه، ويدفن رأسه بين كفيه لتبدأ التساؤلات تدور في عقله.
أزاي؟ هيحصل أي لما نغم تعرف؟ طب أهلي وصحابي هيقولو عليا أي؟ ويبصولى ازاى؟.. هيقولو يا عيني مبيخلفش؟!!
شعور بالإعدام
الرجل في أصل نظرته إلى نفسه كامل لا يقبل النقص ولا النقد من أحد، فالرجولة لديه ترادف الكمال، لم يهمه حينئذ سوى وصمة العار التي ستقع عليه، مشاعر متداخلة بين النقص والحرمان، بين الذكورة والخذلان، كان الله بعونك يا فادي.
ظل ينظر إلى الفراغ محدثًا نفسه.
فادي: طب نغم لم تسألني عن النتيجة هقولها أي؟ أنا نص راجل؟!!!
طب ازاى؟ دا كدا أصلًا ممكن تسيبني ولا هيفرق معها الحب ولا العشرة، دا هي هتموت وتخلف.. ..يااااااا الله.. ..اعمل أي؟
ظل يفكر ويدخن سيجارة وراء الآخرى.
إلى أن خطرت بباله خطة تنقذ رجولته المقيدة أمام زوجته والناس جميعاً.
أمسك فادي هاتفه ليرسل رسالة لصديقه الدكتور جمال:
دكتور أنا محتاج أقابلك ضروري شوف الوقت إللي يناسبك ونتقابل
دكتور جمال متعاطفًا مع حالة فادي.
جمال: خلاص بعد ما أخلص شغل نتقابل في الكافيه إللي على أول الشارع.
فادي: الساعة كام؟
جمال: الساعة ١٠، هتلاقينى هناك..
ضربت الساعة التاسعة وقد استقل فادي سيارته متجهًا إلى المقهى لمقابلة الدكتور الجمال.
لقد وصل قبل ميعاده بساعة إلا ربع لم يكن يشعر بما يدور حوله كان يفكر هل سيوافق جمال على ما سيطلبه أم لا
في هذه اللحظة سمع صوت جمال يلقي عليه التحية.
جمال: فادي أزيك، أنت هنا من زمان ولا أي؟
فادي بمكر: لا أنا لسه داخل قدامك مش من زمان ولا حاجة.
جمال: بص يا فادي أنا عارف انت حاسس بأيه دلوقتي بس دي مش نهاية العالم رجاله كتير كدا، متخليش الموضوع دا يأثر عليك أرضى بقسمة ربنا يا حبيبي والله أعلم مخبيلك أي.
فادي: أكيد يا جمال ربنا أعلم بالجاى هيكون أي، بس نغم لو عرفت حاجة زي دي هخسرها طول عمري، نغم عايزة طفل بأي طريقة، عشان كدا طلبت منك نتقابل.
تابع فادي ما يريد قوله ليعلو صوت جمال وهو يصرخ في مكانه.. .
جمال: أنت بتقول أي يا فادي ازاى عايزني أغيرلك النتيجة؟ازاى أخليك سليم ع الورق وأنت في الحقيقة عندك مشكلة؟ ازاي عايز تجبر واحدة تفضل مستنيه تبقى أم في يوم من الأيام وهي مخدوعة؟
أنت متخيل أنت عايز تعمل فيها أي؟
فادي: أهدى بس يا جمال وأسمعني أنا راجل منظري أي قدامها وقدام الناس؟! يا جمال نغم لو عرفت هتسيبنى وتطلق.
جمال: حقها تختار عايزة تكمل أو تنفصل، ويمكن تختارك أنت وتقولك هكمل معاك كلنا عارفين أن علاقتك بيها من أيام الجامعة ودا يخليك عارف نغم بتحبك قد اى، سيبلها حق الاختيار .
فادي بأنفعال: ايوا بتحبني، بس حابه تبقى أم أكتر، أنا مش هقدر أعيش من غيرها يا جمال أنت عارف بقالنا كام سنة مع بعض مش هقدر استحمل فكرة الأنفصال، خبطتين يموتوا يا صاحبي
أرجوك يا جمال أنا مش طالب منك غير تحليل سليم وأنا إللي هقولها،
جمال بعد إلحاح طويل من فادي.
ربنا يسهل.
فادي: هتقف جمبي صح؟
جمال وهو يزفر: بكرا هبعتلك تحاليل سليمة بأسمك.
فادي: أنا مش عارف اقولك أي؟ بس عمري ما هنسى وقفتك جمبي.
جمال: أنا هروح بقى عشان يومي كان طويل ومرهق.
فادي: أتفضل، هستنى رسالتك الصبح.
جمال: إن شاء الله، مع السلامة.
فادي بابتسامة نصر: في أمان الله يا حبيبي.
أنطلق فادي هو الآخر إلى المنزل، ليجد نغم بانتظاره
نغم: كنت فين يا فادي برن عليك ما بتردش!
فادي بعينان تتفادي النظر إليها.
فادي: نزلت شوية مع صحابي.
نغم: هو دكتور جمال بعتلك نتيجة التحاليل؟
فادي: لسه بس أنا كلمته قال بكرا هيبعتها.
هذه المرة قسي الليل على الأثنان، فادي بقلب يتملكة القهر وإحساس بالعجز، ونعم على أمل أن ترزق بطفل يشبه زوجها ورفيق دربها.
غلب النعاس أجفانهم ليخلد كلاهما في ثباتً عميق،
أشرقت شمس يوم جديد، شمس تحمل في طياتها الكثير لأمرأة أحبت بصدق وما جنت إلا خداع.
أستيقظ فادي بعد ارتطام الشمس بعيناه، لينتفض من فراشه سريعًا باحثً عن هاتفه …ها هو قد ألقى القبض عليه.
أمسك هاتفه، هناك رسالة جديدة من دكتور جمال.
أبتسم بخبث وأتجه إلى نغم في عجلة.
فادي: نغم أصحي، قومي بقى نتيجة التحليل ظهرت.
نغم بلهفة نائمة.. .بتتكلم جد؟ طمني.
فادي: الحمد لله يا حبيبتي احنا الأتنين التحاليل كلها سليمة
خودي شوفي.
أمسكت الهاتف بسعادة ونظرت إلى مصدر الضوء بالغرفة كأنها قد شحنة طاقة أملها من جديد لتكمل رحلتها في الإنتظار.
نغم: الحمد لله، يعني مسألة وقت زي ما قال الدكتور الحمد لله، بس قربها بقى يا رب أنا بحمدك وأملي فيك كبير.
أكتفى فادي بالصمت المرير.
ـ نهضت نغم من فراشها بأبتسامة أمل تزين ملامحها البريئة، المسكينة لم تفعل شي، وثقت وحسب.
جنى: كلميني عن إحساسك لما عرفتي النتيجة
نغم: كنت مبسوطة جدًا الأمل ملأني من أول وجديد رجع يسندني تاني، قدرت أكمل سنتين تاني من عمري وأنا برمي وراء ظهري أسئلة وتنمر وتجريح عشان حاجة واحدة بس
(مستنيه الوقت يجي).
جنى: شوفتي نتيجة التحاليل دي بعينك ولا سمعتي من فادي بس.
نغم: لا خدت منهُ التيلفون وشوفت النتيجة وكلام الدكتور عن سلامتنا أحنا الأتنين.
جنى: تمام، كملي.
فضلت مصبرة نفسي كتير أوي سنة ورآها سنة كل ما أحس بخنقه أعيط شوية وادعى ربنا أوقات كنت بقعد أكلم ربنا واقولهُ أنا مشتاقة يا رب نفسي بقى، أرزقني أكون أم
الفترة دي كنت بستنى كل أذان عشان أجري ع الصلاة عشان أدعى لربنا يمكن يستجيب.
جنى: مفكرتيش تروحي لدكتور تالت وتاخدي منشطات أو أي حاجة تساعد على الحمل.
نغم: طلبت من فادي أكثر من مرة بس رد فعلهُ كان بيبقى وحش جدًا كان يفضل يزعقلي بهستريا مش زعيق عادي كنت بستغربهُ جدًا.
جنى: طريقتة دي وأنفعاله غير المبرر مكنش بيقلقك؟
نغم: لا كنت بخاف عليه، كنت بقول لنفسي أكيد نفسه في طفل والموضوع دا تاعب اعصابهُ بس مش مبين عشان يقويني، ولما كان بيهدا كان بيقرب مني بحب وحنان ويقول أحنا مش هنعارض إرادة ربنا وهو ينفع نقول ليه أحنا يا رب لحد دلوقتي من غير عيال وأحنا متأكدين أن مفيش حاجة تمنع دا، هيجي يوم وهيحصل يا حبيبتي بس لازم نبطل نركز في الموضوع دا هتلاقيها بتجي بالعكس.
كلامه دا كان بيحسسنى بالذنب ويخليني أقول اللهم لا اعتراض.
جنى: فضلتي صابرة لحد أمتى؟
نغم لحد من ٤٠ يوم بس، وياريتنى فضلت صابره ياجنى مكنش زمان دا بقى حالي.
تابعت نغم كلامها وكأنها تروي قصة لا نراها إلا في الأفلام
قصة مسماها الفريسة والصياد كم من امرأة أصبحت فريسة لصياد بلا أخلاق.. أشياء كثيرة احتلت تفكيرها لتكون الإجابة أين كان عقلي قبل أن أفعل هذا بنفسي.
نغم: كنت قاعدة في يوم بقلب على الفيس بوك قابلني منشور لواحدة منزله بتحسبن على كل إللي بيضر حد بسحر وبيقتل فرحتهم وبيدمر صحتهم، خدني الفضول اشوف تعليقات الناس لاقيت إلى بتقول أنا اتسحرت بالمرض والى بتقول أتسحر لأختي عشان تطلق وتكره جوزها..تعليقات كتيرة واحدة فيهم إللي شدتني وركزت فيها كويس أوي، واحده كانت بتقول
"حسبي الله ونعم الوكيل أنا اتحرمت من الخلفة، اتحرمت ابقى أم، عشت إحساس الناس تخاف على عيالها مني بسبب السحر، أنا اتسحرلى بربط الرحم، حرموني من حقي أبقى أم بعمل سفلي"
جنى: طبعًا أنتِ خدتي الكلام على نفسك وبديتى تشكي تكوني مسحورة.
نغم: أيوا دا إللي حصل فتحت چوچل بسرعة وكتب سحر ربط الرحم ومنع الحمل..لقيت كلام كتير أوي وتجارب أكتر، وقتها بس قولت أي دا طب ما أنا ممكن أكون كدا مهو الدكاترة قالوا مفيش مانع عندي وعند جوزي يبقى ممكن يكون دا السبب،
وأبتديت أدور فعلا على معالجين.
جنى: حد كان يعرف قولتي لفادي بتفكري في أي وناوية على أيه.
نغم: لمحتلهُ من بعيد أنا عارفة جوزي مبيقتنعش بالحاجات دي ولا أنا عمري ما صدقتهم بس أوقات بنوصل لمرحلة نتعلق بقشاية.
جنى: ودي كانت القشاية؟
نغم: طبعًا، قررت مش هتنازل عن إللي بفكر فيه رغم كلام فادي إلى كان حازم جدًا لما قالي اوعى تفكري في الخرافات دي كلهم دجالين، الطريقة دي مرفوضة يا نغم مرفوضة أنسي الموضوع ولا تفكري فيه حتى.
هنا بينتلهُ أني موافقة وخلاص وأكدت على صحة كلامهُ، لحد ما نزل اتصلت بسارة صحبتي قولتلها عايزة أتكلم معاكِ في موضوع محدش غيرك هيساعدني يا سارة.
سارة: أنتِ عارفة يا نغم لو في أيدي مش هتأخر عليكِ.
قصة نغم لصديقتها سارة كل ما مرت به من أول ذلك المنشور وصولًا لرد فعل زوجها، طالبة منها مساعدتها على البحث عن أحد يقوم بالكشف عليها لتتأكد أنها لا تعاني من سحر.
سارة: أنا سمعت عن الحاجات دي كتير وفعلًا أعرف واحدة صاحبة ماما بنتها كانت متأخرة في الجواز خدوها لشيخ قلهم معمولها بالتعطيل وعلاجها ودلوقتي مخطوبة وفرحها كمان كام شهر.
نغم بسعادة: أهو يعنى بيحصل فعلا، بالله عليكِ يا سارة كلمي صاحبة مامتك وهاتيلي رقم التليفون والعنوان.
سارة: طب فادي لو عرف هيسود عيشتك.
نغم: ملكيش دعوة بفادي أنا هقولهُ أي حاجة، آآآه هقولهُ نازلة معاكِ وأنتِ بتكملي جهازك هو بيعزك جدًا مش هيقول حاجة.
سارة: تمام أنا هكلمها وابعتلك رسالة أول ما اخود منها العنوان والتيلفون.
جنى: طبعًا جابتلك العنوان وروحتيلهُ.
نغم: حصل، نزلنا أنا وهي بعد ما اتصلنا بيه وأكد لينا عنوان مكتبه وحددنا معاه موعد، وبالفعل روحنا زي ما اتفقنا، بس إللي خوفني لما شوفتهُ …لقيتهُ شاب ميعديش ٣٥ سنة ولابس تيشرت وبنطلون عادي مش زي الشيوخ إلى نعرفهم ودا سببلي إحراج وقلق وسارة أكدت على إللي شوفتهُ لما سألتهُ
هو حضرتك الشيخ؟
رد عليها وقلها ايوا، بس أنا مش شيخ أنا أستاذ محمود مدرس لغة إنجليزية.
سارة: أي إلى جاب الإنجليزي للكشف الروحاني.
محمود: دي موهبة من الله والحمد لله الذي أنعم عليا بها.
سارة بحماقة: ايوا
محمود: مين إللي فيكو إللي عايزة تكشف؟
نغم بحرج واضح: أنا.
محمود: طب أتفضلي اقعدي على الكرسي دا.
جلست نغم أمامه كما طلب وضع يده على رأسها وبدأ في تلاوة بعض الآيات القرآنية، بعد وقت ليس بطويل نظر في عينيها نظرة طويلة وكأنه يقرأ ما فيهم من خوف وأمل ليترجمه إلى كلمات.
محمود: مدام نغم حضرتك بتحسي بوجع في جسمك صح؟ يعني في رجلك، نومك متقطع ألم أسفل الظهر، قلق وخوف، بتفكري كتير.
نغم: ايوا فعلًا كل دا بيحصلي والأهم تأخر الحمل.. الساذجه لم تعلم انها اعطته المفتاح بتلك الكلمات.
محمود: حضرتك معمولك سحر عشان متحمليش حتى لو حصل حمل هينزل مستحيل يكمل وإللي عمله حد قريب منك.
نغم بعينين متسعتين: سحر وحد قريبي طب ازاى ومين؟؟
محمود: أنا دوري أقولك مشكلتك وبس لكن مين دي مش ينفع دي حاجة ليا بس وأنا عليا أنصحك تبقى حذرة من الناس إللي حواليكي بالذات من عيلة جوزك.
ـ ويحك أيها الشيطان ملئت قلبها بالخوف وعقلها بالشك ما فيها كان يكفيها، هل هذا ما كان ينقصك يا نغم ألم يكفي زوجك المخادع لولا خدعته الحقيرة ما كنتِ لتقعي في فخ هذا الصياد. محمود: لو تحبي نبدأ في العلاج من بكرا القرار ليكِ.
ـ كان يعلم أنها لن ترفض بل ستفعل ما يطلبه منها وحسب المسكينة كان بقلبها أمل يذهب ويعود لكنها لم تودعه أبدا.
* * *
بعد فوات الأوان سيقول العقل للقلب، أرايت؟
•تابع الفصل التالي "رواية ما لا تبوح به النساء" اضغط على اسم الرواية