رواية بين يديك الفصل الحادي عشر 11 - بقلم قوت القلوب
•• لابد أن أتأكد ••
بيت بدوى ….
گثور هائج أخذ “عادل” يدور حول نفسه وهو يضرب المقعد بكفه تارة ويدفع بالآخر تارة أخرى بينما جلس “بدوى” يراقب إبن أخيه المنفعل بقوة لهرب “مى” من بين يديه …
عادل : أنا حتجنن .. خرجت إزاى دى ؟!!!!! .. أنا متأكد أنى قفلت عليها الباب بالمفتاح .. إزاى … إزاى ….!!!!!
أخرج “بدوى” أحد المناديل يجفف عرقه المتصبب بأيدى مرتعشه من خوفه الشديد …
بدوى : إنت تفتكر هى ممكن تعمل حاجه …؟؟!!
أجابه “عادل” وهو يطالع الفراغ من أمامه …
عادل : مش عارف …!!! أنا لازم ألاقيها وبسرعه …
بدوى : إزاى … ؟؟ حتعمل إيه …؟؟
عادل : لازم أدور عليها حتروح فين يعنى … أنا لازم ألاقيها قبل ما تبلغ عننا الشرطه …
بتخوف مما قد تسببه لهم “مى” ظل “بدوى” يكرر اسئلته لـ”عادل” يتمنى لو يطمئن بأى كلمه …
بدوى : حتدور عليها فين … ؟؟؟
كان تفكير “عادل” تلقائى تماماً يخرج ما يفكر به على الفور دون التمعن به …
عادل: حروح الفيلا … عند أصحابها .. أى مكان … هى ملهاش حد حتروح فين يعنى …؟!!! البت دى لازم تختفى من الوجود قبل ما نروح فى داهيه إحنا …
بموافقه تامه لما قاله “عادل” فهو لن يزج إلى السجن وعليه أن يظل مع “عادل” ويدعمه بذلك فهما متورطان سوياً …
بدوى : يلا بينا على الفيلا ندور عليها هناك …
خرج الإثنان من شقه “بدوى” للبحث عنها بفيلا السيدة “فاديه” أولاً حتى أنهما صعدا لغرفه “مى” يبحثون بها عن أى شئ يدلهم على مكانها لكنهم عادوا بأيدى خاويه …
لم يقتصر بحثهم بفيلا السيدة “فاديه” فقط بل مروا بجميع صديقاتها لكن دون جدوى أيضاً ….
حاول “عادل” بطلبه من أحد معارفه تعقب شريحه هاتفها لكنه لم يستطيع الوصول لشئ، أثار ذلك جنون “عادل” …
***
بيت الحاج خالد …..
بعد أن خرج “مصطفى” إصطحبت “أم مصطفى” ضيفتها العزيزة “مى” لغرفه “مصطفى” للبقاء بها حتى يحين موعد رحيلها بعد عدة أيام …
أم مصطفى : البيت بيتك بقى يا بنتى ومعلش هو أوضتين على قد الحال بس يساعوا من الحبايب ألف … وبما إن “مصطفى” حيقعد مع “سيف” .. فخلاص بقى حتباتى إنتى فى الأوضه بتاعته عشان تاخدى راحتك فيها … تعالى أوريهالك ..
لم يكن من الصعب على “مى” معرفه أين الغرفه فالشقه واضحه وصغيرة …
تحركت “مى” مع “أم مصطفى” بإتجاه الغرفه التى رغم بساطتها إلا أنها تدل على جو ذكورى طاغى لكنها مرتبه بصورة ملفته …
لفت نظر “مى” أوراق بيضاء للرسم وبعض الأدوات البسيطه ، تطلعت بها بشغف فالطالما عشقت الرسم ولهذا درست بكليه الفنون الجميله ….
أم مصطفى : دى الأوراق بتاعه “مصطفى” هو مهندس أه .. بس بيحب الرسم أوى .. هو رسمه على قده .. بس طول عمره بيحب الرسم والحاجات إللى زى دى ….
مى : بجد …؟؟ أنا كمان بحب الرسم أوى …
أم مصطفى : لو حبيتى تتسلى فيهم براحتك … “مصطفى” بيجيب ورق من ده كتير أوى ….
مى : أكيد …
مدت “أم مصطفى” يدها بحقيبه بلاستيكيه صغيرة بإتجاه “مى” قائله بلطف بالغ …
أم مصطفى : بصى بقى أنا جبت لك شويه الأدويه والمراهم دى عشان الورم ده يخف … الله يسامحه إللى كان السبب …
زمت “مى” شفاهها قائله بغير توضيح …
مى : يسامحه …!!!! يسامحه إزاى بس ….!!!
أم مصطفى :بصى يا بنتى إللى عرفته فى الدنيا دى إن ربنا يمهل ولا يهمل … وطالما مظلومه حقك جاى جاى …
مى : إن شاء الله ….
أم مصطفى : أروح بقى أحضر لكم الغدا …
مى : اتفضلى …
جلست “مى” بطرف الفراش وهى تتجول بعينيها بداخل أرجاء الغرفه تتفحصها ، أخرجت الأدويه لتبدأ فى مداواه جراحها لكن هناك جروح بداخلها لايمكن مداواتها بالأدوية …..
***
فى المساء …
شقه سيف…
بعد أن تناولا الطعام جلس “سيف” يحدث “مصطفى” بشك فقد إرتاب بتلك الفتاه منا أخبره به “مصطفى” فـ”سيف” دائم الشكوك أولاً وعليه الإطمئنان من كل شئ تماماً قبل الإقدام عليه …
سيف: يعنى إنت متاكد من إن البنت دى كويسه …؟؟؟
طريقه “سيف” المرتابه جعلته يشك هو أيضاً بالأمر ليتسائل بقلق …
مصطفى : قصدك إيه …؟!!!
سيف: أصل إنتوا متعرفوهاش وحتخلوها فى بيتكم .. ده غير إن إنت بتقول شكلها مضروبه … لتكون حراميه ولا عامله عامله وجايه تستخبى عندكم ….!!!
تهدج صدر “مصطفى” قلقاً من وجود تلك الفتاه مع أبويه بمفردهما …
مصطفى : إنت حتقلقنى ليه بس …؟؟؟
سيف: ما هو الإحتياط واجب برضه .. ووالدك ووالدتك طيبين زياده عن اللزوم ….
لم يطل “مصطفى” التفكير بالأمر لينهض فجأة قائلاً …
مصطفى : أنا ماشى …
إتسعت عينا “سيف” بإندهاش لحركته المفاجئه ..
سيف: رايح فين دلوقتى …؟؟
مصطفى : حروح أطمن عليهم … وأتأكد بنفسى يمكن تكون محتاجه مساعده بجد … ويمكن زى ما إنت بتقول … وأنا مش حسيب حاجه للظروف …
توجه “مصطفى” إلى بيته ليطمئن على والديه أولاً وليرى ماهيه هذه الفتاه حتى يطمئن قلبه …
***
بيت الحاج خالد ….
توجس “مصطفى” من “مى” للغايه حتى أن خطواته لبيت والديه كانت متعجله بشكل ملحوظ فحين يلعب الشيطان بأفكارنا يجعلنا ننساق بخوف على أحبتنا ويهيئ لنا أفكاراً خاطئه قاسيه للغايه على قلوبنا ..
وصل “مصطفى” مسرعاً قلقاً للغايه مما يمكنها أن تفعله بوالديه الطيبان ، لكنه حين فتح باب الشقه وجد والده جالسان يشاهدان التلفاز بموعد حلقه أحد المسلسلات اليوميه التى يتابعانها …
أشرق وجه الحاج “خالد” لرؤيه ولده يدعوه لمشاركتهم …
الحاج خالد: تعالى يا “مصطفى” …
بنزعه أمومه حنونه سألته “أم مصطفى” على الفور …
أم مصطفى : إتعشيت يا حبيبى ولا أحضرلك حاجه تاكلها …؟!!
بنظرات زائغه يبحث عن تلك الفتاه عجيبه المظهر ..
مصطفى : لا يا ماما مش جعان …
ثم أردف بتساؤل عنها فربما تكون رحلت …
مصطفى : أمال هى فين …؟؟
أم مصطفى : قصدك “مى” ..؟؟ بعد الغدا دخلت الأوضه ومن ساعتها نايمه … شكلها تعبان أوى … يا عينى عليها …
أشفقت للغايه على حالها بينما إنتهزها “مصطفى” فرصه للتقصى عن أى معلومه تخصها من والدته ..
مصطفى : هى مقالتش أى تفاصيل عن إللى عمل فيها كده ….؟!!
أم مصطفى : لا يا إبنى والله … بس متنساش إنها برضه متعرفناش كويس عشان تحكى لنا كده …
حاول “مصطفى” نقل تخوفه بطريقه مازحه حتى ينتبها لما قد تسئ به إليهم ..
مصطفى : أنا قلقان لتكون عملت حاجه عشان كده مضروبه بالشكل ده …!!!
ضحك الحاج “خالد” من تخوف “مصطفى” القلق عليهما ليردف ساخراً من سوء ظنه بها …
الحاج خالد: وإنت خايف بقى إنها تسرق مننا إيه ؟!! … فكر شويه يا باشمهندس … متخليش الدنيا إللى إنتوا عايشينها تخليكوا تمنعوا الخير …. أيامكم صعبه أوى … بس برضه الخير لسه موجود … تخيل كده لو طردناها إحنا كمان … حتروح فين .. فى الشارع …!!!!
سخريه والده جعلته يفيق نوعاً من هواجس الشيطان التى إحتلت عقله ليفكر بمنطقيه وطبعه الخير الذى إكتسبه منهما ..
مصطفى : معاك حق يا حاج … أنا بس خفت عليكوا …
أم مصطفى : دى شكلها غلبانه أوى …
تذكر “مصطفى” هيئتها العجيبه وغبائها المفرط ليعقب ضاحكاً ..
مصطفى : هى شكلها صعب أوى بصراحه ..
مصمصت “أم مصطفى” شفاهها وهى تدافع عن “مى” …
أم مصطفى : دى …. دى كلامها كله ذوق ورقه …
رفع حاجباه بإستراب معيداً كلمات والدته بمزاح …
مصطفى : ذوق ورقه !!! ….. إنتى لحقتى تعرفيها لما تقعدى تدافعى عنها يا ماما ….
أم مصطفى : بكرة تشوف …
الحاج خالد: لا وشكلها متعلمه كمان … باين عليها من طريقه كلامها ..
أم مصطفى : والله البنت دى صعبانه عليا أوى … واضح الدنيا لطشت معاها جامد …
هو ليس من هواه الحكم على الشخص مسبقاً كصديقه لهذا ترك الأمر للأيام لتظهرها قائلاً ..
مصطفى : يمكن !!! طيب … أنا كنت جاى أطمن عليكم … أروح أنا لـ”سيف” بقى …
****
مرت عدة أيام لم يكف بها “عادل” عن البحث عن “مى” لكن غيابها بهذا الشكل زاد من شعورة بالقلق فهى تشكل خطراً حقيقياً عليه …
توهجت فكرة خبيثه بعقله وهو أن يقوم بعمل إعلان بوسائل الإعلام والإتصالات يعلن به عن جائزة ماديه كبيرة للغايه لمن يدلى عن مكانها أو أى معلومه عنها فهى مفقودة منذ عدة أيام …
بينما إعتادت “مى” وجودها برفقه “أم مصطفى” والحاج “خالد” ولا يخلو الأمر من زيارات طفيفه للغايه من إبنهما “مصطفى” الذى بقى تلك الأيام بشقه صديقه “سيف” مراعاة لراحتها …
***
بيت الحاج خالد ….
حتى مع اطمئنانها بوجودها مع تلك العائله لكن تخوفها من أن يستطيع “عادل” الوصول إليها ظلت “مى” بنفس هيئتها ..
دلفت إلى المطبخ تساعد “أم مصطفى” بتحضير الطعام ملقيه تحيه الصباح …
مى : صباح الخير …
أم مصطفى : يا صباح النور … إيه النوم ده كله …؟؟
مى : كنت تعبانه أوى وبقالى فترة مش عارفه أنام وأرتاح … أنا اسفه والله …
أم مصطفى : على إيه بس ده أنا بهزر معاكى … يلا يلا ساعدينى بقى فى تحضير الفطار …
ساعدت “مى” لمضيفتها يداً بيد حتى وضعتا الطعام فوق الطاوله الصغيرة بغرفه المعيشه إستعداداً لتناول الطعام …
تفاجئ الجميع بحركه المفتاح بباب الشقه لتتسع إبتسامه الحاج “خالد” وزوجته فرحاً بمرور “مصطفى” بهم …
أم مصطفى مهلله: تعالى حبيبى .. حماتك بتحبك …
بإبتسامته الرائعه أجاب “مصطفى” بعدم قدرته على تناول الطعام …
مصطفى : مش حقدر والله … أكلت مع “سيف” يا ماما والله … صباح الخير الأول …
_ صباح الخير ..
“أم مصطفى” وهى تمسك بذراع إبنها تلح عليه بمشاركتهم الطعام …
أم مصطفى : وهو الأكل مع “سيف” ده أكل أقعد يا إبنى ….
هو يعلم جيداً إصرار والدته الذى لن يستطيع التملص منه خاصه وقد إشتاق لطعامها بالفعل خاصه وسط مشاركتهم …
جلس “مصطفى” يتناول بعض اللقيمات بينما ظلت “مى” صامته تنظر إلى طعامها وهى تستمع إلى حديثهم الودود مع ولدهم ، فكم يظهر عليهم حبهم الشديد لإبنهم الوحيد ….
إنتبه الحاج “خالد” أن “مى” لا تتناول طعامها …
الحاج خالد : إنتى مش بتاكلى ليه يا بنتى …؟؟
نكست “مى” رأسها تنظر للأطباق أمامها وهى تجيب بتأدب شديد …
مى : باكل أهو حضرتك ….
كان حديثها معهم قليل للغايه لكن ذو إسلوب مميز جداً لفتت به إنتباه “مصطفى” فعلى الرغم من هيئتها الغير متناسقه إلا أن حديثها ينم على ذكائها ولباقتها أيضاً وكما يقول والديه أيضاً ينم عن أدب وتربيه وذوق بالفعل …
أم مصطفى : فين ده !!! .. ولا أكلتى أى حاجه … إنتى مكسوفه ولا إيه ..؟؟
إبتسمت مى بخجل : لأ .. لا مكسوفه ولا حاجه …
أستكملا طعامهم وسط إنتباه تام من “مصطفى” لتلك الغامضه بينما كانت هى أيضاً رغماً عنها وبدون أن تشعر تسترق النظر إليه من خلف نظارتها السميكه التى لا تظهر عيناها بوضوح …
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية بين يديك) اسم الرواية