رواية شبح حياتي الفصل الحادي عشر 11 - بقلم نورهان محسن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قالت حياة بابتسامة متعجرفة ، وهي تضع يديها في الجيوب الخلفية من سروالها الجينز : انا فكرت وعرفت هعمل ايه
نظر إليها بنظرة مغتاظة ، بينما كان لا يزال جالسًا على الأريكة ، مع رفع حاجب واحد تساءل بإمتعاض : واشمعنا هتاخدي ست مروة هانم بقي؟
ساد الصمت لحظات قبل أن ترد عليه بتنهيدة : عشان انا ماعنديش خبرة في الموضة والحاجات دي ماهتمتش بيها جامد قبل كدا وكمان الاماكن هنا معرفهاش اوي يعني
استقام في جلسته بدر ، ووضع إحدى رجليه فوق الأخرى ، وسأل بهدوء ، مليئًا بالفضول : وليه يعني بدأتي تهتمي بالموضة دلوقتي علي غفلة كدا!!؟
ابتلعت حياة ريقها بخفة وهي تفكر في صياغة إجابة لسؤاله ، لم يكن من الممكن لها أن تخبره أنها لأول مرة أرادت أن تعتني بمظهرها بعد رؤية زوجته التي جعلتها تشعر بجانبها كأنها فتاة مراهقة تقف أمام امرأة ناضجة و جميلة جدًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
عندما وصل تفكيرها إلى هذه النقطة ، شعرت ببعض الغيرة المحمودة تحرقها ، هي لا تمانع في السماح لنفسها بالتفكير بهذه الطريقة في ذهنها ، ربما حان الوقت لتغيير بسيط لنفسها أولاً قبل كل شيء ، لكنها تستطيع ببساطة أن تنكر الإفصاح عن ذلك ، حتى لا يفهم أن ذلك يمثل نقصًا في الثقة بنفسها ، قائلة بسخرية لاذعة : بدر انا اوقات بشك في نسبة ذكائك و ماعرفش ازاي انت محامي!! لسه قايلة من شوية عشان اقنع الراجل باللي هتهبب اقوله ليه
ابتسم بدر ابتسامة جانبية ، عندما تراها على فمه يزداد الغيظ منه والانجذاب إليه بداخلها ، لتسمعه يقول ببرود : لا والله ومالك فجأة اتنرفزتي كدا ليه!! عادي محدش منعك تهتمي بنفسك زي اي بنت بس حاسس الموضوع دا وراه سبب تاني غير دا؟
رمقته حياة بحدة ، تضم شفتيها بخط مستقيم ، ثم قالت من بين أسنانها في استياء : خليك في حالك لو سمحت وسيبني اروح البس .. الولية زمانها جاية في السكة
أنهت كلماتها وهي تسير نحو غرفة النوم ، لكنها فجأة نظرت خلفها برأسها فقط ، ووجدته من العدم خلفها تمامًا بعد أن كان جالسًا على الأريكة ، صاحت بخوف و إستهزاء بعد أن التفتت إليه بكل جسدها : انت ماشي ورايا ليه زي ضلي كدا!! هتيجي معايا وانا بلبس ولا ايه يا عم انت!!
أدرك بمجرد أن أنهت كلامها أنه في الواقع كان سوف يلاحقها بدون وعى منه ، فحمحم بحرج وهو يفرك مؤخرة رقبته ، ثم هتف بسخط : لسانك اهلك دا مابيعرفش يعدي اي حاجة بعملها لازم يحط تاتش اللماضة بتاعته و يعلم عليا
قامت حياة بلف شفتيها للخارج بتعبير اشمئزاز جلياً على محياها ، وسألته بإندهاش : مالك يا بدر بقيت بيئة ليه كدا؟
ابتسم بدر حتى ظهر صف أسنانه اللؤلؤية ، يلعب بحاجبيه ، ثم يتمتم باستفزاز : من عاشر القوم
اتسعت جفونها ، وشهقت بصدمة مزيفة ، ثم وجهت إصبعها إلى نفسها ، وزأرت بصوت عالٍ : يانهارك فوحلقي انت بتلمح عليا انا مش كدا!! ماشي لما ارجع هوريك .. حاليا مفيش فيا حيل للخناق معاك و مستعجلة
أنهت كلماتها واستدارت للجهة الأخرى لتراه أصبح أمامها فى لمح البصر ، لتتراجع خطوتين للخلف محدقة فيه بذعر.
نفي بدر برأسه وعلى مبسمه ابتسامة ساحرة غير مبالى بنظراتها المستنكرة ، وقال بعدم اكتراث : مفيش خروج الا بشرط
هتفت حياة بإمتعاض ، وهي تضع يديها على خصرها : نعم يا دالعادي!! مش واخد بالك اني هعمل دا كلو عشان حضرتك كمان هتتشرط عليا؟
حرك بدر كتفيه مقلدا نفس حركتها بسخرية ، وقال باستخفاف : ان كان عجبك
رمقته حياة بمقت قبل أن تصيح على عجل حتى لا يضيع عليها وقت أكثر في هذه المجادلة السخيفة : ايه هو!! ياريت تنجز
حدق بها بدر بنظرة تحذيرية مليئة بالتحدي ، وهو يشير بأصابعه نحو شعرها قائلا بجدية تعجبت حياة منها جدا : اوعي تتجنني في مخك تاني و تغيري لون شعرك كفاية بهدلة فيه
رفعت يديها وهي تضرب كف على كف ، وظهرت علامات الاستنكار على وجهها مجددا قائلة بحنق : عوض عليا عوض الصابرين يارب
خنق بدر ضحكته وهو ينظر إليها بتسلية ، ثم قال مسرعا من ورائها بعد أن تجاوزته ، وتوجهت إلى الغرفة دون أن يلاحظ الابتسامة الشقية التي ظهرت على شفتيها الرقيقة : امين يا حجة
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
سرعان ما ذهبت شمس النهار ، و حلَّ ظلام الليل ينيره نجوم السماء اللامعة مثل عيون البدر.
توقفت سيارة سوداء اللون أمام مدخل المبنى ، وسرعان ما انفتح الباب الخلفي وترجلت منه حياة ، ثم نزلت مروة من الباب الأمامي ، ومرت عدة لحظات قبل أن ينزل مازن بخطوات هادئة ، حيث كان جالسا خلف مقود سيارته ، يراقب بهدوء ابتسامة حياة السعيدة التي لم تتوقف عن الحديث مع مروة في طريق عودتهم.
تساءلت مروة بإستغراب بعد أن تطلعت فيها ، وهي تساعدها في أخذ عدة حقائب من داخل السيارة قبل أن تغلق الباب ، وتسلمها لمازن : مش عارفة ايه سر لبسك للطقية دي تاني يا حياة!؟
ردت عليها حياة بضحكة لطيفة ، وهي ترفع أطراف أصابعها بتلقائية ، وكأنها تتأكد من أن القبعة مازالت فوق رأسها : عادي بقي لسه مش متعودة علي شكلي الجديد من غيرها
إحتلت تعبيرات الفضول وجه مازن ، ثم تحدث بنبرة ضاحكة : ياريتك شيلتيها كان نفسي اشوف النيولوك الجديد
تطلعت مروة إلى حياة بابتسامة عريضة قبل أن تنظر إلى مازن ، قائلة بإندفاع متحمس : اسألني انا يا مازن دا تحفة عليها بجد خلها تنور اكتر
ارتسمت ابتسامة خجولة على ثغر حياة ، وقالت بغرابة : خلاص بقي بكرا هتشوفوه مستعجلين علي ايه!!
أضافت بامتنان ، بينما وزعت نظراتها بينهما : بجد ميرسي اوي تعبتكو جامد معايا انهاردة
حدقت مروة في حياة بعدم رضا مزيف ، قبل أن تقف بمحاذاتها ، وهي تلف أحد ذراعيها حول ظهر حياة ، تقول بمرح : يا بنتي بطلي الحساسيات دي بجد انا انبسطت انهاردة جدا معاكي رغم مقاوحتك الكتير .. تخيل يا مازن ساعتين بنقنعها تجرب الكعب العالي
ضحكت حياة بخفة ثم هتفت مبررة ، وهي تحدق بعفوية في مازن الذي يستمتع بالحديث ولم يتجاوز دوره فيه جملتين ، لكنه كان مسرورًا رغم كل شيء : طلع متعب اوي وانا مش متعودة البسو كنت حاسة كأني ماشية علي الميه بيه
اقترحت عليها مروة بنبرة هادئة : الاحسن بقي عشان تتعوديه عليه تلبسيه وانتي قاعدة مع نفسك فوق تروحي وتيجي بيه علي مهلك لحد ماتاخديه عليه
أومأت حياة برأسها داعمة ، وقالت بتنهيدة خافتة : ما انا هعمل كدا
قطع مازن تأمله لها عندما خطا خطوة ، و على فمه بابتسامة جذابة قائلا بلباقة يتخللها المرح : هاتي الشنط دي عنك و خلينا نطلع انا جعان جدا
حركت مروة رأسها بالإيجاب ، وقالت مساندة لأخيها : وانا كمان التصبيرة اللي اكلناها في المطعم دي جوعتني بزيادة .. يلا يا يويو خلينا نطلع نتعشي كلنا سوا
اسرعت حياة ترفض على عجل ، وبطريقة لطيفة فهي متعبة جدا قائلة بإبتسامة محرجة : لا معلش مش هقدر انا شبعانه .. ويدوب اطلع انام عندي مدرسة بدري
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في الطابق الخامس من المبنى
لوحت لهم حياة بابتسامة ووداعتهم بعد أن فتحت باب الشقة ، وأدخلت جميع الحقائب التي اشترتها ، ثم أغلقت الباب بهدوء خلفها ، ولم تستطع الرؤية بسهولة بسبب الإضاءة الخافتة للمكان.
فتحت مفتاح الضوء ، ثم تجولت عيناها بلهفة في أرجاء المنزل بحثًا عنه ، لكنها لم تجد أثرًا له في الصالة الفسيحة.
رفعت حاجبيها بتساؤل ، بينما هناك هاجس بداخلها أوهمها أنه اختفى كما قال سابقاً ، وأنها لن تراه مرة أخرى ، لكنها نفضت تلك الأفكار من عقلها ، وصاحت بقلق مليء بالأمل : بدر .. بدر .. انت فين!!
شعرت أن قلبها توقف عن الخفقان لبضع ثوان عندما لم تسمع سوى صدى صوتها يهتز في المكان ، ثم سرعان ما بدأ يطرق بجنون عندما قفزت إلى عقلها فكرة أنه ليس موجودًا حقًا ، مما جعلها تريد أن تبكي.
....: هنا معاكي
التفتت إلى الجانب الآخر بسرعة عندما سمعت صوته الهادئ فجأة ، و رأته يحدق بها بنظرة لم تستطع تفسيرها ولم تهتم كثيرًا ، فقد غمرتها سعادة غير مفهومة عند رؤيته و ذلك يكفي.
استندت على الحائط خلفها بشكل عفوي ، بيدها تمسك قلبها الذي ينبض ألف نبضة في الثانية ، ولا تعرف سبب اندفاعاته الجنونية ، هل بسبب ظهوره المفاجئ كالمعتاد منه ، أم لأنها ظنت أنها خسرته ، ولكن هذا ليس شعور بالخوف منه ، بل هو خوف من نوع آخر.
إحساس للمرة الأولى تشعر فيه بتلك القوة منذ أن قابلته ، أو ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي تطلق عنان شعورها رغما عنها بأن يسيطر عليها.
ابتلعت حياة لعابها قبل أن تهمس بصوت حاولت أن يكون طبيعياً ، لكنه خرج مرتجف من اضطراب قلبها رغم محاولتها السيطرة على رجفة قلبها الأحمق : ايه دا!! كنت فين .. حضرتك؟
تصنع بدر البرودة مقنعا بها ملامحه رغم بريق عينيه اللتين تقولان عكس ذلك ، وصوته يقول بهدوء : كنت قاعد مستنيكي هنا .. ليه اتأخرتي اوي كدا!!
شعرت بالهدوء يعود إليها مرة أخرى ، فابتعدت عن الحائط وانحنت لحمل الحقائب التي ألقتها على الأرض عندما دخلت الشقة ، ثم اتجهت نحو الأريكة بخطوات ثقيلة وجلست عليها براحة وقالت في حماس طفولي : اصلي اشتريت حاجات كتير و عملت شعري
نظر إليها من رأسها حتى أخمص قدميها متسائلاً : عملتي فيه ايه؟ و ليه لابسه الطاقية دي تاني؟
ثم مازحها ساخرا : اوعي تكوني حلقتي شعرك علي الزيرو!!
التقطت القط الذي قفز إلى الأريكة بجانبها ووضعته في حجرها ، وربت على رأسه برفق ، ثم نظرت إليه بعبوس ، وقالت بتذمر مزيف : هاها ظريف اوي .. لا عملت شوية تغييرات كدا فيه
جلس بدر مقابلها على الطاولة أمام التلفزيون ، وفرج ساقيه عن بعضهما البعض ، وسند بمرفقيه على فخذيه ، قبل أن يشابك أصابعه معًا ويسألها بلهجة غامضة : قولتي انك رايحة مع مروة .. ليه راجعة مع مازن؟
كانت عيناه تنظر إليها بعمق عن قرب ، مما جعلها تشعر بالحرارة تزحف إلى وجهها وتغطي المكان من حولها ، رغم أن الجو كان جيدًا ، بينما هزت كتفيها بغير مبالاة وأجابت بنبرة صادقة : عادي الوقت اتأخر وماحبناش ناخد تاكسي لوحدنا .. قامت مروة كلمت اخوها وجه وصلنا .. ايه المشكلة في كدا!!؟
تنهد بدر بهدوء ، وتحدث مغيرا مجرى الحديث : مفيش .. يلا وريني اشتريتي ايه؟
إلتمعت عيناها من الحماس ، وأومأت برأسها قبل أن تقول بحمحمة : احم بص هنتفق اتفاق رجالة
رفع حاجبًا واحدًا بدهشة وتمتم : رجالة!!
ضحكت حياة بخفة ، وتكلمت بشقاوة : ايوه انت تقعد هنا .. وانا هدخل اجرب الهدوم الجديدة واخرج أوريك النيولوك الجديد وخد بالك انا محتاجة اراء تشجيعية بلاش تحبطني
لم تعط بدر فرصة للرد ، حيث نهضت برشاقة ونشاط ، فجأة عاد إلى جسدها ، بعد أن وضعت القط على الكنبة ، ثم ركضت نحو غرفة النوم.
نهض بدر وجلس على الأريكة في نفس المكان الذي كانت تجلس فيه ، واضعًا ساقه على الأخرى ، ورفع يديه وشبكهما خلف رأسه وهو ينظر إلى القط الصغير و تحدث معه وهو يغمغم : وبعدين بقي في حكاية مازن دا .. تفتكر تكون معجبة بيه!!
أعاد رأسه إلى الوراء وغمر أصابعه في شعره وهو يفكر بعمق ، لم يتركها منذ اللحظة التي نزلت فيها مع مروة كان وراءها في كل خطوة تخطوها دون أن يجعلها تشعر به حولها.
أغلق عينيه بهدوء ، وقفز إلى مخيلته على منظر شعرها الذي تألق وأشرق لونه كثيرا عندما قامت بتصفيفه ، فأصبح منسدلا بنعومة على كتفيها.
جعلت قلبه يشتعل بنار ملتهبة تضاهي بريق شعرها الناري ، وهو يشاهدها تختار الملابس مع مروة وتجربها بسرعة ، رغم أنها كانت ملابس أنيقة للغاية وجميلة لكنها ملفتة إلى حد ما ولهذا جن جنونه.
شعر بنيران تتأجج في نفسه من الغيرة ، وفي لحظة من التهور كان سيذهب إليها يعنفها ، ويصب غضبه الذي شعر به عليها ، لكنه كبح جماح نفسه بمعجزة عندما تذكر أن غضبه وجنونه ليس له ما يبرره حتى لنفسه ، وليس له الحق في أن يفقد عقله هكذا معها.
إنه لا يعرف حقيقة ما يشعر به تجاهها حتى الآن ، حتى لا يدري ما هو مصيره حرفياً ، وانفجار ذلك البركان المحموم بجنونه قد يؤدي إلى مرضها مجدداً ، ولكن على الرغم من ذلك ، ظلت ألسنة اللهب محتدمة داخل قلبه ، تحرقه بشدة ، عندما رأى جمالها ، تزايد أضعاف وسطع بشكل مذهل ، كما يسطع البرق في السماء.
حيث كانت في السابق ذات جمال طفولي أحبه قلبه ، لكنها الآن بدت جذابة وملفتة للنظر.
تدحرج بصره نحو جسده الرياضي ، الذي يدل على أنه كان يمارس الرياضة بانتظام ، ولكن الآن كيف يمكنه ممارسة الرياضة؟
كيف يمكنه التحكم في نوبات غضبه ؟ فهو بالتأكيد لا يستطيع ذلك ، وهذا أحد الأسباب التي تجعله يتصرف بعنف ضد إرادته عندما يقترب منها احد ، لذا عليه أن يبقي باردًا وهادئًا تمامًا ، لكن نظراته تكشفه بشكل لا إرادي.
تمنى في خلجه لو أنها لم تحاول تغيير مظهرها ، فهذا لم يكن سيئًا على الإطلاق ، بل كان عفويًا ، فهو يحبها كما هي.
فتح عينيه بصدمة مما وصل إليه بتفكيره ، فهل قال الآن أنه يحبها ؟ فجأة انفتح عقله على حقيقة جديدة لم يكن يعرفها.
و الذي جعل أعصابه تثور حقًا عندما اشتبه في أنها تعتني بنفسها لذلك مازن ، وما جعل الفكرة تكبر في ذهنه أكثر عندما رآه جاء لتوصيلها بعد أن أصرت مروة على ذلك ، لكن ما هدأ أعصابه قليلاً هو أن حياة رفضت إظهار شعرها ولبست القبعة ، ولكن بداخله يشعر أنه يتمادى كثيراً بمشاعره التي لا يستطيع السيطرة عليها تجاهها ، فيكفيه ما يعانيه بالفعل ، وما يغضبه أكثر هو إنه عاقل ورصين ، كيف أصبح مراهقًا هكذا ، يسير وراءها في كل مكان.
نظر بدر إلى السقف ، مطلقاً نفسًا عميقًا لعل أفكاره المتضاربة تخرج معه.
قرر تجاهل هذه الأشياء عن عمد الآن ، وهو عازماً على أنه لن يجعلها تشعر بالمشاعر الحارقة التي تعتريه ، والتي لا يفهمها أو يستطيع أن يفسرها.
أدار رأسه نحو غرفته ، ناظرًا إليها بذهول من تأخر حياة بالداخل ، ثم نهض من مقعده وذهب ليراها.
اخترق الحائط برأسه مترددًا خوفًا من أنها ما زالت تغير ملابسها ، لكنه أكمل دخول جسده بسهولة تامة عندما رآها نائمة على السرير ، ولا تزال ترتدي نفس الملابس التي جاءت بها من الخارج ، ويظهر بوضوح الإرهاق على وجهها البريء ، فابتسم بخفة علي لطافتها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في شقة مازن
خرجت مروة من غرفة والدتها ، وتوجهت إلى غرفة المعيشة حيث كان يجلس مازن يفكر فيها حتى استيقظ على صوت أخته التي قالت بابتسامة ملتوية : اللي واخد عقلك يتهني بيه!!
نظر إليها وهو يجعد حاجبيه ، ثم ابتسم ببرود دون أن يكلف نفسه عناء الرد عليها ، فردت بضحكة خافتة : براحة علي نفسك مش اوي كدا
وبخها مازن بملل : مش هتبطلي الرزالة بتاعتك دي
بسطت مروة يديها أمامها ، وقالت بدهشة : هو انا قولت حاجة يا بني!! انا جيت اقولك ان ماما خدت الدوا بتاعها ونامت لاقيتك سارح في ملكوت تاني
نفي مازن برأسه بضجر ، واضعاً إحدى قدميه فوق الأخرى ، ونظر إلى ساعة معصمه بعبوس قبل أن يقول لها نظرة حانقة : لا تاني ولا تالت .. جوزك جاي ياخدك امتي و يرحمنا من رغيك يا مروة؟
برزت مروة شفتيها بأسي قائلة بنبرة منذهلة : اما صحيح خيرا تعمل شرا تلقي .. دا جزائي بدل ماتشكرني اني خليتك تشوف ذات الشعر المشمشي .. تبقي عايز تكروشني كدا!!
نظر إليها مازن بعيون ضيقة ، وسألها بحذر : قصدك ايه؟
رفعت مروة حاجبيها بابتسامة مستفزة ، وأجابته بنبرة أنثوية ماكرة : انت فاهم كويس .. بلاش تعمل من بنها يا مازن عينك الخضر فضحاك يا بني
برم مازن شفتيه ، وهو يميل نحوها بعد أن أنزل إحدى قدميه عن الأخرى ، ورفع إصبعه قائلاً بتحذير هادئ : مروة .. الحوار دا مش هزار بلاش تعكي بالكلام دا قدامها
رفعت مروة حاجب في استنكار ، وقالت بنبرة تأنيب : ليه يعني هو انا عبيطة ولا عيلة صغيرة يا مازن..؟
رماها بنظرة جانبية بعد أن أشاح وجهه عنها قائلاً بغيظ : لا انتي سوسة يا مروة .. يدوب جيت حكيتلك اني شوفتها من هنا ومديتي معاها حبال الصداقة من هنا
ضحكت مروة بصوت عال ، وعادت لتسترخي جسدها على الأريكة ، وهي تنكر حديثه في اعتراض : لا يا حبيبي .. انا اللي حكيتلك الاول اني روحت زورتها قبل ما تعرف انها هنا في العمارة اصلا ووقتها قولتلي انك قابلتها
تحدث مازن وهو يجز على أسنانه ، ليُكتم غضبه : مروة انا جيت اقولك عشان انا حاسس اني معجب بيها .. بس انتي تفكيرك من يومها في شقتها ماتنكريش
تنهدت مروة بعمق ، وأجابت بجدية : مابنكرش يا مازن ولا حاجة ومش شايفة ان في مشكلة يعني في الاول كنا عايزين نشتري شقتها عشان لما تتجوز تكون جنب ماما وانا كلمت ميساء بس اختها ماوافقتش علي انها تبيع حتي بدر لما عرف عملت انت وهو مع بعض مشكلة معرفش كان لزومها ايه وزعلتو من بعض!!
نفث الهواء من صدره ، ورفع راحة يده أمامها ، وقطعها بإنفعال دون أن يرفع صوته : مش انا السبب .. هو اللي كانت عصبيته مالهاش تلاتين لازمة والله ندمت اني فتحت معاه الموضوع ولا كنت عارف اصلا انه قالب شقة حياة مخزن الا لما هي حكت بنفسها
أومأت مروة برأسها تفاهمًا لأخيها ، وهي تربت على فخذه ، وتقول بابتسامة حنونة جعلته يبتسم لها رغمًا عن إرادته عندما خففت كلماتها عن اضطراب قلبه : ماعلينا المهم انها موجودة هنا و علاقتنا بيها كويسة و انت معجب بيها .. اذا واخد الموضوع جد حاول تتقرب منها وان شاء الله ربنا يقدم اللي فيه الخير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية شبح حياتي) اسم الرواية