Ads by Google X

رواية جوازة ابريل الفصل الثاني عشر 12 - بقلم نورهان محسن

الصفحة الرئيسية

   

رواية جوازة ابريل الفصل الثاني عشر 12 - بقلم نورهان محسن

     

الفصل الثاني عشر (بحبها)
 

لا يوجد أسوأ من حب يحتضر ، ونحن نمارس عليه كل اشكال الانعاش.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



عاد باسم إلى الواقع على صوت جرس الباب ، فاعتدل في جلسته ، ونظر إلى ساعة معصمه ، ليجد أن الساعة قد قاربت التاسعة مساءاً ، ليفكر في هواية طارق الذي أتى في هذه الساعة ، ولا يعتقد بأنه خالد ، فهو مشغول اليوم بتأليف إعلان جديد.



نهض باسم من مكانه ، ليتجه نحو الباب بخطوات متثاقلة ، وحين فتحه ارتسمت علامات الصدمة على ملامحه ، لأنها خرجت من أفكاره ، لتتجسد بقامتها طاغية الأنوثة أمام منزله قائلة بصوتها الناعم مبطن بالتردد : مساء الخير يا باسم



سرعان ما أزاح عنه حجر الصدمة عقب رؤيتها ، مكتفياً بإيماءة خفيفة من رأسه ، لتخطو ريهام إلى الداخل ، ثم التفتت إليه لتكون أمامه مباشرة ، وسألته مبتسمة الثغر : ايه يا باسم!! انت مش هتقولي اتفضلي



نظر باسم إلى حيث تقف ، ثم أجابها ساخراً : ما انتي خلاص اتفضلتي!!



تنفست ريهام بعمق عندما أشار بيده مؤذناً لها بالدخول ، لتتقدم بخطوات بطيئة إلى الأمام ، بينما أغلق باسم الباب ، وهو ينظر إليها بتوجس ، أما الأخرى فكانت عيناها تمشط المكان يميناً ويساراً ، وتجولت بعض الأفكار داخل رأسها ، ثم سألت بنبرة مريبة لا تخلو من مكر أنثوي : ايه في حد عندك ولا انا جيت في توقيت مش مناسب!!



بقي باسم واقفاً في مكانه ، ولم يتبع خطواتها ، ينظر إليها بتمعن ، محاولاً قراءة أفكارها من عينيها ، لكنها تهربت من نظراته ، وهي تجلس على إحدى الأرائك ، فأجاب على سؤالها بسؤال مماثل في نبرة باردة ممزوجة بالحيرة ، وهو يضع إحدى يديه فوق الأخرى أمام جسده : جاية ليه لحد هنا يا ريهام؟!



أمالت ريهام رأسها بتفكير فى رد ، وهي تحدق به بعينيها الزرقاوين بنظرات شغوفة ، تتأمل هيئته ببنطاله القطني الكحلي والتيشيرت الأبيض المنقوش عليه حروف باللون الكحلي ، وخصلاته السوداء الناعمة المتناثرة على الجانبين بشكل غاية في الروعة ، لتجيب بمراوغة : ايه المعاملة الجافة بتاعتك دي يا باسم .. مش اسلوب راجل جنتل مان زيك .. علي الاقل ضايفني دي اول مرة ازورك في بيتك!!



فرك باسم جانب صدغه بسأم ، ثم تساءل يجارى أسلوبها بإستسلام : تشربي ايه!!



أجابته ريهام بذات النبرة الهادئة : لو ممكن قهوة سكر زيادة علي نار هادية .. عشان قدامنا وقت طويل نقول فيه كلام كتير ماتقالش




 
                
قال باسم على مضض : مفيش بينا كلام يتقال 



سألته ريهام بدون مقدمات ، وعلى محياها إبتسامة متلاعبة : مش قادر تطردني .. لسانك مش مطوعك تنطقها



إبتسم لها قبل أن يخبرها بنبرته المغوية ، وهو ينظر عميقًا ، لعيناها الهائمة به : الستات الحلوة اللي زيك .. ماينفعش يطردوا خصوصا لو جاية برجلك لحد عندي



فاضت عيناها شغفا وشوقا إليه ، وسألته بصوت ناعم جدا مليئ بالحماس ، تنتظر سماع إجابته لترضي أنوثتها : لسه بتشوفني حلوة يا باسم؟!



تعامل باسم مع الأمر ، وكأنه لعبة مسلية ، إذ رفع أحد حاجباه الكثيفان ، قائلًا بثقة : لا .. بقيتي اجمل من الاول بكتير يا ريهام



اتسعت على فمها ابتسامة كبرياء أنثوية ، لم تزيدها إلا جمالا مضاعفا لجمالها الفاتن ، فيما لم يمنحها الآخر فرصة للرد قائلا بلهجة رجولية هادئة آسرة : هعملك القهوة



أماءت ريهام له بالموافقة ، دون أن تتلاشى ابتسامتها عن شفتيها المغرية ، بينما اتجه باسم بهدوء نحو المطبخ الإيطالي لإعداد القهوة ، فانتصبت من مقعدها ، لتتحرك بخطوات هادئة في الصالة ، تحاول عيناها التقاط أي شيء مريب يحدث ، لكن يبدو أن تلك المرآة غادرت قبل أن تأتي ، لتتأمل الأثاث الأنيق والديكورات الأنيقة في منزله بإعجاب ، إذ تجمع الصالة الفسيحة بين غرفة المعيشة وغرفة الطعام والمطبخ في نفس الوقت ، ولكن هناك عدة ألواح خشبية على شكل حاجز صغير يفصل بينهم ، ثم توقفت عن المشي عند المرآة الكبيرة في إحدى الزوايا المعلقة على الحائط ، لتحدق في انعكاس صورتها ، وعلى شفتيها ابتسامة متعجرفة ، وكانت أصابعها تلعب بخصلات شعرها البنية الطويلة المتعرجة على كتفيها.



✾♪✾♪✾♪✾♪✾



داخل المطبخ ذو التصميم المفتوح مكون من طاولة مستطيلة متوسطة الارتفاع أو ما يسمى بالبار المصنوع من الرخام والخشب الفاخر. 



يقف باسم أمام الآلة الكهربائية ، منتظرًا حتى تنضج القهوة تمامًا قبل أن يصبها بملامح جامدة ، على عكس نبضات قلبه المتضاربة وأعضائه المضطربة ، حيث أن مجيئها إليه جعله في حالة من الارتباك لا إراديًا.



سمع صوت كعب حذائها العالي يتردد على الأرضية الرخامية ، فأدار رأسه نحوها ، ورمها بنظرة خافتة ليراها ، توقفت مع بعض التردد متكئة على البار من الجانب ، ثم أعاد تركيزه على ما كان يفعله ، لتتساءل ريهام بابتسامة حلوة : مش محتاج مني اي مساعدة؟!



شبه ابتسامة ساخرة مرت على شفتي باسم ، وهو يذوب السكر في القهوة بالملعقة ، قبل أن يستدير لمواجهتها ، وأجابها ببحة رجولية : ماتتعبيش نفسك .. القهوة بقت جاهزة




        
          
                
شاهدها تقترب منه ببطء خطوة بخطوة حتى تقلصت المسافة بينهما ، لتلامس ظهر يده التي تحمل فنجان قهوتها ، لفت أصابعها بلطف حول معصمه ، لتشعر بدقات قلبه الذي ينبض في عروق يده ، فتطلعت إليه بابتسامة مضمومة ، أما هو كان يحدق بها بنظرات تائهة دون ردة فعل ، ممَ دفعها للاقتراب منه ، وأحاطت وجهه بكلتا يديها ، وهي تغلق جفنيها بعد أن اختلطت أنفاسهما ، همس بإسمها أمام شفتيها بصوت يكاد يُسمع ، فهمهمت له بإستجابة بذات النبرة : نعم!



باسم بنبرة ثابتة مخملية هامسة أخبرها : انا هتجوز!!



فتحت ريهام عينيها ، لتحدق إليه بنظرات غير مستوعبة ، بينما ترددت عبارته في ذهنها ، فأضاف بنفس النبرة : وبحبها



أخفضت ريهام يديها من وجهه ، متراجعة للوراء لتنظر في عينيه بارتياب ، تبحث عن شيء يثبت لها أن كلامه غير صحيح ، رغم علمها المسبق بذلك الخبر ، فأومأ برأسه بجدية ، مؤكدًا لها ، وهو يرى خديها أصبحا أكثر احتقانًا ، بينما ترفع ريهام رأسها أخيراً مدركة مغزى كلامه ، لتتمتم بابتسامة باهتة يسكنها الكثير من السخرية والمرارة في آن واحد : انت بتردهالي .. 



_هسألك سؤال واحد يا باسم .. في أي وحدة غيري هتملى مكاني الفاضي جواك!؟



تغلغل سؤالها المفعم بالأمل في أذنيه ، فانتظرت إجابته بعينيها الزرقاوين المشعتين ، تراقبه متلهفة لترى أي رد فعل منه بنظرات الاستفهام ، لكنه لم يخرج عن صمته ، لترد مكانه بثقة : بسكوتك دا بتثبتلي اكتر ان مفيش حد قدر ياخد مكاني



انهت ريهام كلماتها ، تترجم صمته الغامض بالموافقة على ما قالته ، تزامنًا مع اقترابها التدريجي منه ، لتضع كفيها على صدره ، بينما يقف باسم وعيناه مثبتتان عليها بملامح غير مقروءة ، رفعت عيناها تنظر إليه بنظرات شغوفة. 



وبكل ذرة من الثبات الإنفعالي يمتلكها في نفسه الهشة أمام تلك المرأة التي تجسد الإغراء فى أبهى صورة ، أمسك بذراعيها فجأة وأوقفها عما كانت على وشك القيام به ، بينما رفعت إليه عيناها الزرقاوان بنظرة استغراب قابلها بنظراته الحادة ، وتحدث بصوت مخملى بارد ، مثل السوط في يد جلادها : ريهام !! انا مبحبش الستات اللي بترمي نفسها .. بسترخصهم .. لان الصياد بيحب ينقي ويصبر علي فريسته لحد ما تبقي بين ايده .. انما الصيدة السهلة مابيستلذش بيها 



اتسعت مقلتا عينيها من الصدمة ، مثل صاعقة سقطت على رأسها ، لتهتز حدقتيها بعدم تصديق بسبب كلامه المهين ، مع هز رأسها يميناً ويساراً ، لعلها تنفض ما قاله عن التثبيت في ذهنها ، ثم همست بصوت ملجلج ، وهي تشير إلى نفسها : انت .. بتقولي انا الكلام دا يا باسم؟!



رأى باسم بوضوح بريق عينيها بالدموع التي حاولت حبسها عن الخروج بمكابرة ، ليشعر بنشوة النصر تتقافز داخله ، لكن بعد ثوان استهدفت قلبه وخزات لم يستطع ترجمتها ، باسطاً يديه على الجانبين ، وهو يهز رأسه بملامح عابسه قبل أن يبادلها بسؤال آخر : ماهو مش معقول بعد كل عمايلك فيا .. تنتظري مني اخدك في حضني وارحب بيكي؟!




        
          
                
أطرقت ريهام رأسها أرضًا لثانيتين ، ثم رفعتها نحوه مرة أخرى قائلة بخفوت : انت اكيد ليك حق تقول اكتر من كدا .. بس انا اكتشفت اني محبتش غيرك انت يا باسم طول السنين دي 



قهقه باسم ساخرا بصوت عالٍ ، على تعليقها ذلك ، ثم زجرها بنبرة لاذعة : فاكراني هعيد نفس الغلط تاني .. فاكرة انك هتضحكي عليا تاني .. كل الحكاية انك حاسة بوحدة وفراغ بعد طلاقك وعايزة تمليهم بيا يا ريهام



جن جنونها من كلماته المستفزة ، وصرخت لا إراديا بصوت ضعيف أجش مشوب بالإصرار : مش بضحك عليك



تجمعت الدموع في سماء زرقاوتيها بكثافة مشكلة سحابة ضبابية ، لكنها كررت أسئلتها حتى تجعله يعترف ، بما كانت تتلهف لسماعه : بص في عيني وقول انك تقدر تشوف اي ست تانية حلوة زي ما بتشوفني وتقدر تحبها وتفتحلها قلبك ..!!؟



بسخرية رفع باسم حاجباه معاً ، وبإستنكار أخبرها : انتي موهومة يا ريهام .. انا مش شايفك من الاساس .. والواد المرهق بتاع زمان مابقاش له وجود .. خلاص كبر يا مدام..



أنهى باسم كلماته الساخطة فجأة ، لتتحول ملامحه الغاضبة إلى أخرى ، وهو يقترب منها ببطء ، فتراجعت ريهام إلى الوراء خشية من ردة فعله التالية ، فإذ اصطدم ظهرها بحافة البار الرخامي اللامع خلفها ، الذي يفصل الصالة عن المطبخ المفتوح ، وعيناها مثبتتان على نظراته الثاقبة التي تمشطها من الرأس إلى أخمص القدمين بوقاحة لم يبذل أي جهد لإخفائها ، ثم أردف بهمس رجولي خبيث : بس اذا بتتكلمي مع باسم اللي واقف قدامك دلوقتي .. 



أصبحت المسافة بينهما ضئيلة ، وأحاطها بذراعيه من الجانبين ، متكئاً بأريحية على سطح البار ، وأكمل همسه الرجولي المليء بالنوايا بجوار أذنها ، يشرف عليها بقامته المهيبة ، وأنفاسه الحارة تداعب وجهها الأحمر من تشبع الحرارة المشتعلة فيه ، بينما هي شعرت بتنميل في جسدها من قربه الخطير : هو علي استعداد يجي علي نفسه ونقضي ليلة واحدة مع بعض



باعدت ريهام بين شفتيها بضعة ملليمترات استعدادًا للرد ، فلمس الجلد الناعم لشفتيها منعها من الإجابة ، ووضع اليد الأخرى فوق خدها ، مستأنفًا حديثه ، هامسًا بصوته المثير ، لكن مخارج حروفه واضحة : هخليكي تطيري من السعادة .. وانتي في حضني .. لدرجة انك هتنسي اي لمسة لراجل تاني غيري .. بس تاني يوم كل حاجة بينا هتخلص وتخرجي من حياتي من غير راجعة



نطق باسم العبارة الأخيرة ، تزامنا مع ملامسة خده ذو الذقن الخفيفة لجلد وجنتها الناعمة ، ممَ أحدث رعشة مثيرة في عمودها الفقري ، قبل أن يشرع في سؤالها بنبرته الرجولية المتلاعبة : إيه رأيك في العرض دا؟!



رفعت ريهام عينيها الواسعتين الزرقاوين فى رماديتيه البارقة بشكل مخيف ، ثم حدقت في ابتسامته الخبيثة المتراقصة على فمه ، ممَ جعله يبدو أكثر إغراء ، خاصة عندما أنهى سؤاله مع غمزة عابثة من عينه اليسرى ، لتضيق عينيها عليه مندهشة من جرأته وثقته ، لتدفعه فى صدره ممَ جعله يترنح إلى الوراء قبل أن يتوازن سريعا ، ليقف على بعد خطوتين منها ، فسألته ريهام بصوت مصدوم، في حيرة حقيقية ممزوجة بالحرقة : انت ايه اللي عايز توصله بالظبط !! عايز تجيب مناخيري الارض بكلامك المهين دا .. مش مصدقة انك تقولي كدا بعد كل مشاعرك الحلوة اللي كنت حاسسها نحيتي؟!




        
          
                
تلاشت النظرة الملتوية في رماديتيه فور سماعه كلماتها ، لتحل محلها عواصف الغضب ، ليقرب وجهه من وجهها مرة أخرى ، ويهسهس من بين أسنانه بفحيح حارق ، وهو يشير بإصبعه في اتجاهها : المشاعر دي انتي دهستيها برجلك و نهيتي كل حاجه كانت ممكن تجمعنا في يوم من الايام .. ماكتفتيش باللي قولتيه ليا .. روحتي تتفاخري بنفسك قدام شلتك التافهة واهلك .. شوفوا لسه مراهق وجاي يقولي بحبك .. وخليتي الكل يضحك عليا .. 



تعالت أنفاسه ، ليستأنف بنبرة أكثر حدة تحمل سخرية صريحة ومريرة : دمرتي كل سنين طفولتنا مع بعض واى ذكريات حلوة بإستخفافك وغرورك .. وانا كملت عليها وحرقتها .. يعني مابقاش فيه حاجة تخليني احنلك او حاجة افتكر بيها اى ذكري حلوة لينا مع بعض .. جاية دلوقتي بعد ماهديتي كل الجسور اللي مابينا عايزنا نرجع زي ما كنا بالبساطة دي .. عايزاني انسي انك كنتي شايفاني لعبة ازاي؟



أخبرته ريهام بنبرة غير راضية عما تسمعه ، تحاول بإستماته الوصول إلى أي خيط من العاطفة بداخله : انت مانسيتنيش زي ما انت بتقول .. ودقات قلبك العالية دي سماعهم من عندي لمجرد اني واقفة قدامك يا باسم



ازدرد باسم لعابه ، ثم أجابها بكل صدق وبما يشعر به ، إذ لا يرى أمامه الآن سوى لوحة باهتة لامرأة كانت في الماضي تعني له الكثير : قلبي دق لإنسانة رسمها هو في خياله و اتوهم انها تبقي انتي



هزت ريهام رأسها لتتأرجح خصلات شعرها في حركة بسيطة رافضة تصديق كلامه القاسي ، وهى تشيح بصرها عن نظراته التي كانت ، وكأنها تقتحمها بإتهامًا عنيفا ، فرددت بنبرة آسفة : باسم!! انا بعتذرلك دلوقتي و بجد انا ندمانة .. واسفة علي اي غلط غلطته في حقك قبل كدا والله صدقني ماكنش قصدي



أجابها باسم بجمود ، بعد تنهيدة عميقة ، مثل نظراته نحوها : كان ممكن تبقي الكلمة دي ليها قيمة في ظرف تاني ووقت مختلف .. مش بعد عشر سنين حصل فيهم كتير اوي كلمة اسف بتاعتك مش دي هتغير فيهم حاجة



رمشت ريهام بأهدابها تباعاً ، وما زال عقلها يرفض الاقتناع بكلامه ، مستمرة في المحاولة ، لتهمس بصوت خافت : لدرجة دي .. يعني سنين عمرنا اللي كنا فيهم اقرب لبعض من اي حد مايستحقوش يخلوك تدينا فرصة تانية؟



بجدية شديدة رد عليها ، وقد تضاءلت مؤشرات الغضب تماما عن ملامحه ، لتظهر أخرى متجهمة ، وهو ينظر إليها بحزن حقيقي : للاسف لا .. تعرفي حتى الحلو اللي كنت شايفو فيكي .. طلع كان مجرد وجهة من ازاز .. اي طوبة هتيجي فيه هتخليه الف حته مكسورة



عقدت حاجبيها بضيق عاجزة على الرد ، لا تعرف ما يمكن أن تقوله ، وساد الصمت بينهما للحظات ، تبادلا خلالها النظرات طويلاً ، قبل أن يدير وجهه عنها متراجعا عدة خطوات إلى الخلف ، وقال بنبرة صارمة يغلفها البرود الثلجى : ودلوقتي اتفضلي امشي حالاً




        
          
                
لم ينتظر ردها ، بل غادر خارج المطبخ ، وتركها تكاد تنهار من صدمة طرده ورفضه لها ، الذى قرأته بوضوح في عينيه ، لتجر قدميها بحزن ، وهي لا تزال تحت تأثير كلامه.



وقف باسم أمام النافذة الكبيرة ، مولياً ظهره إتجاه ريهام التي خرجت من المطبخ ، لتحدق فيه مطولاً ، فيما وضع يديه في جيوب بنطاله القطني ثم غادرت منزله بصمت.



تنفس باسم الصعداء فور سماعه صوت اغلاق الباب ، ثم سار بخطوات بطيئة ، ليلقي بثقل جسده على الأريكة ، ويريح رأسه على حافتها.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



بعد وقت قصير



ريهام تجلس داخل سيارة أجرة ، وتحدق في الطريق من نافذتها بملامح قاتمة ، وعينين تموجان بالكثير من المشاعر. 



تضم كفيها إلى بعضهما ، لعلها تتوقف عن ارتعاشهما، وتتقلب أفكارها يمينًا ويسارًا فى ذهنها ، طالما كانت تعتقد أنها أذكى بكثير من ارتكاب الأخطاء ، وأنه حتى أخطائها تخرج منها رابحة ولا تخسر شيئًا.



أما الآن فقد تزعزع شيء داخلها ، ممَ تسبب لها في ألم لا يطاق. ولعل كلماته الوقحة والصحيحة هزت ثقتها بنفسها ، وهذا أصابها بحالة من الاستياء والحزن بسبب إهانته لكرامتها ، لكنها لا تعترف بفشلها ، وصوت بداخلها يصرخ بإلحاح كبرياء أنثى مجروح ، كيف يفضل أنثى أخرى عليها ؟ فتتبلور الغيرة في مقلتيها ، وتنشب مخالبها في أعماقها ، فلا ينافسها أحد وينجح في الفوز ، وهذا ما ستحرص على إثباته قريباً جداً.



لاحت في عينيها الزرقاوين نظرة مليئة بالمكر والتلاعب ، لتخاطب نفسها بصوت داخلي : ماشى يا باسم .. انا هثبتلك ان اللي انت فضلتها عليا دي هتبيعك بالرخيص .. وهترميك علي طول درعها



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



بعد مرور ساعتين



فى فيلا صلاح الشندويلي



: ايه يا بنات مالكو راجعين مكشرين كدا ليه؟!



سألت وسام بذهول التى كانت يتجلس في الصالة الفسيحة ، وهى تحدق في ابنتها هالة منتظرة الجواب ، أجابتها بضيق : مفيش يا ماما



تهاوت هالة على الأريكة بملامح عابسه بجوار والدتها ، بينما هتفت لميس التي وقفت على بعد خطوات منهم ، تطالع هالة بنظرات استنكار لإنكارها ، وعدم الإفصاح عما حدث ، لتضع وضعت يديها على خصرها ، ثم نقلت نظرت إلى وسام وعلقت بغضب مليئ بالعناد : لا يا طنط فيه.. 




        
          
                
أضافت لميس مشيرة برأسها إلى هالة بإلحاح : اتفضلي احكيلها اللي حصل .. وانا رايحة اشرب مياه .. عشان حاسة ان جوايا شاي بيغلي من الغيظ



قطبت وسام جبينها بتعجب أشد من كلام لميس المبهم ، وهى تراها تغادر بسرعة ، لتوجه نظرها نحو هالة ، لتسألها في استغراب : في ايه يا هالة!! ما تفهميني ايه اللي جري بظبط .. انتو قلقتوني جدا؟



زفرت هالة الهواء بقوة من رئتيها ، ثم بدأت تحكي لها بهدوء ما حدث في سهرة العشاء ، بخلاف حالة الهرج والمرج في قلبها الذي يدق مثل طبول الحرب ، معلناً اقتراب موعد الدمار الحتمي.



اختتمت هالة حديثها بتنهيدة أخرى حملت في طياتها مشاعر سلبية لم تستطع الهروب منها أو السيطرة عليها : هو دا اللي حصل يا ماما .. حاسة اني مخنوقة اوي اوي من اسلوبها وحركاتها معاه .. مابطلتش ضحك وهزار معاه طول السهرة الزفت دي وانا كأني مش قاعدة قصادهم



هتفت لميس بصوت عالٍ منفعل غاضب ، وهي تتقدم إليهم لتجلس على أحد الكراسي : كله كوم يا ويسو .. وانه اصلا يبعتلها رسالة زي دي قبل الخروجة بساعتين يقولها معلش يا حبيبتي هعدي علي يارا اخدها من بيتها عشان عربيتها عطلت ونتقابل كلنا في المطعم وهى توافق تروح العزومة الزفت دي من اصله .. دا كوم تاني



أضافت لميس بصوت هازئ ، وهي ترمق هالة بغيظ شديد ، لتوبخها : الهانم بكل برود اعصاب معرفش بيتباع فين بعتت تقوله تمام!!!



رفعت هالة نظراتها نحوها ، وطبقت شفتيها إلى الداخل ، لتكبت ردا حادا يكاد يخرج من لسانها ، لتحاول السيطرة على أعصابها التي على وشك الانفجار ، لتسألها بصوت حزين : كنتي عايزاني اعمل ايه يعني يا لميس !! ولو سمحتي بلاش العصبية بتاعتك دي بتوترني اكتر!!



قالت جملتها الأخيرة محذرة اياها بضيق ، بينما استشاطت لميس من برودها المتناهى ، لتنفخ غضبا ، وهي تشير إلى نفسها، وصائحة بسخط شديد : ما انا لازم اتعصب يا هالة .. انا انسانة وعندي دم .. بس انتي اللي مش عارفة ازاي صاقعة كدا .. دا ماكلفش خاطره يتصل بيكي .. بعتلك رسالة علي الطاير .. هو ازاي بجح كدا!! وانتي ايه مش هتفتحي بوقك معاه باعتراض واحد علي علاقته بيارا دي



قالت كلامها بتعجب كبير ، فتقلصت ملامح وسام مقتضبة ، غير راضية عما تسمعه من الفتاتين ، بينما كانت هالة تغمض عينيها بانزعاج ، وتضع يدها على جبهتها بتوتر ، وكأنها بذلك لن تسمح لكلام لميس بالمرور عبر عقلها.



استكملت لميس حديثها ، متشدقة بإستنكار شديد : انتي ايه جري لعقلك حاجة .. مستحيل اصلا يبقي رد فعلك الطبيعي السكوت والحرباية دي قاعدة علي نفس التربيزة بتدلع عليه .. عادي جدا وقدامنا كلنا




        
          
                
عقدت هالة حاجبيها بقوة ، محدقة فيها بسماءها الزرقاء الهائجة ، التى تنذر باندلاع عاصفة قوية ، فاندفعت الكلمات من فمها بكل قهر وغضب : لا مفيش حاجة من كل اللي قولتيه دا عادي .. مش عادي خالص اللي حصل دا .. مش عادي انه يسيبني اجاي لوحدي علي العزومة اللي معمولة عشاني انا وهو .. وهو يروح يعدي علي صحبته عشان يجيبها من بيتها .. عشان خايف عليها تيجي لوحدها وانا اتحرق .. دا مش عادي بالنسبالي 



صاحت بآخر كلمة ، وقلبها يرتجف بين ضلوعها ، فكل ما حدث زرع فيه قنبلة موقوتة ، وكلمات لميس القاسية كان بمثابة عود كبريت أشعل فتيل تلك القنبلة ليحدث انفجارا هائلا ، لتتناثر مشاعرها المكبوتة أمامهم ، تحت أعين والدتها التي ترى ابنتها الهادئة لأول مرة بتلك العصبية الشديدة ، بينما تجلس لميس ذات الملامح الباهتة في صمت.



أما هالة ، فعضت على شفتها بقوة ، تحد من رغبتها الملحة في البكاء وأصبحت خديها محتقنتين بشدة ، لكنها واصلت كلماتها بصوت أبح ، مشيرة إلى نفسها : المفروض لو بيفكر في مشاعري .. كان هيقولي عدي عليها انتي يا هالة وتعالوا مع بعض ونتقابل كلنا هناك .. مش هو اللي يقولي انا هجيبها وهجيلك علي هناك .. الاقيه داخل علينا وهي جنبه وشابكة دراعها في دراعه كمان .. قدام صحابي و قدامك وقدام اللي هتكون خطيبته بعد يومين



وأخيرًا ، سقط عنها قناع البرود الزائف ، لتذرف دموع القهر ، وننست بنبرة مخنوقة بالعبرات تبوح بما في قلبها : بس انا للاسف حبيته يا لميس .. حبيته يا ماما .. معرفش لما بفكر في كل دا بحس ان قرار اني ابعد عنه صعب عليا وبيوجعلي قلبي .. وخايفة اواجهه باللي مضايقني فأخسره



إلتزمت الصمت بضع ثوان ، تلتقط أنفاسها الثائرة ، قبل أن تستعيد سيطرتها الواهية على نفسها ، لتنطق كلماتها بثبات عجيب ، وهي توزع نظراتها بينهما : وخطوبتي بعد يومين لو نسيتوا .. وطالما حبيته يبقي لازم اصبر مش مع أول مشكلة بينا هنط من المركب ولازم احاول معاه واقرب منه واخليه يحبني .. عشان يوم ما اقول مش هكمل ابقي مقتنعة من غير ذرة احساس بالتردد .. وانا مش هفرط فيه ليها بالسهولة دي .. مش هديها الفرصة دي .. عشان شوية حركات مستفزة منها فاكرة انها هتقدر هتهز ثقتي في نفسي



_انا هطلع انام .. تصبحوا علي خير!!



لتنسحب بعد ذلك مغادرةً بعد أن اعترفت بكل ما كانت تحمله في أعماقها محتدمة بالنيران الغيرة ، تاركة إياهم يتبادلون النظرات بأسي وحيرة من أمرها.



وسام : والدة هالة وباسم وكارما ، متزوجة من صلاح الشندويلي ، وابنة عمه ،
صاحبة البشرة الحليبية ذات العيون الواسعة ورغم ظهور بعض تجاعيد في وجهها إلا أنه لم يفقد رونقه وجماله ، تضع العائلة في الصدراة وتحب إمضاء الوقت معهم ، دبلوماسية ، حنونة جداً ، تحب المناسبات الاجتماعية والجلسات العائلية التي تُشعِرُها بالطمأنينة والاستقرار النفسي ، ليست مهووسة بالموضة لكنها تحرص على متابعتها لإنتقاء منها ما يلائمها ويليق بها.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



عند باسم



في الملهي الليلي



يجلس باسم علي المشرب ، في صمت تام.



رفع كأسه أمامه ، وهو يحدق فيه شارد الذهن قبل أن يبتلع محتواه بالكامل. 



اقترب منه النادل من خلف المشرب محذرا إياه : استاذ باسم الوقت اتأخر و حضرتك كترت في الشرب واستاذ خالد منبه عليا و قايلي افصلك قبل ما..



: خلاص خلاص .. ماترغيش قايم .. خلاص



قاطع باسم ثرثرته المزعجة ، رافعاً سبابته تحذيرا له ، وصاح بحدة من بين أسنانه المضمومة ، ممَ جعل الآخر يجفل منه ، ويتوقف عن النطق مرة أخرى.



مرر باسم أصابعه عبر شعره الناعم بإنزعاج من تقلبات مزاجه ، ليهمس مبررًا ، وهو مخمور : ماتزعلش يا جاسر .. انا بس مش مظبط شوية بس



رد جاسر بنبرة هادئة : ولا يهمك يا فندم دا مكانك 



تمتم باسم بإبتسامة بسيطة ، اثناء نهوضه عن كرسيه : طيب يلا سلام



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



بعد مرور نص ساعة



يقود باسم السيارة بسرعة عالية متوجهاً إلى منزل والده ، بينما كفيه يضغطان على عجلة القيادة بقوة حتى تتحول مفاصل يديه إلى اللون الأبيض ، وكأنه ينفث غضبه فيه ، وما زالت كلماتها تتردد في رأسه مراراً وتكراراً ، غافلاً تماماً عن الانتباه إلى الطريق ، حتى خرج من أفكاره المتضاربة ، إذ رأى ضوءاً ساطعاً يهاجم مقلتيه من تلك الشاحنة الضخمة تأتى نحوه.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



✾نهاية الفصل الثاني عشر✾
#رواية_جوازة_ابريل
#نورهان_محسن



لسه مخلصة الفصل حالا وعيوني بتقفل من النعاس
قدروا تعبي ومجهودي دا بالتفاعل اتأكدوا انكو حطيتوا ڤوت علي الفصل واكتبولي رأيكم وتوقعاتكم في التعليقات للأحداث الجاية



تفتكروا باسم هيقابل ابريل في الفصل الجاي ازاي وكمان سكران؟



كلامو مع ريهام تعليقكم عليه ايه؟



وريهام وجنانها مش ناوية تجيبها لبر؟



وهالة وانفجارها شايفين ان الحب يستاهل ندي لشخص فرصة تانية ونصبر عليه ولا ننسحب ونسيبو



لو اخدتوا بالكم شخصيات هالة و ابريل متناقضة
هالة اتمسكت رغم ان حد غيرها كان هيخلع
وابريل بتبيع اول ما بيظهر عيب في شريك حياتها المستقبلي
اومال هتعمل مع باسم ايه دا كله عيوب 🤦‍♀️😂😂😂


 


google-playkhamsatmostaqltradent