رواية شبح حياتي الفصل الثاني عشر 12 - بقلم نورهان محسن
أَقبلت هي وَالصبحُ المُنيرُ مَعاً
حتّى تحيَّر في ضوايهما النَظرُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في صباح اليوم التالي
استيقظت حياة بكسل ، وهي تتثاءب وهناك ابتسامة سعيدة على شفتيها الوردية ، ثم رمشت جفنيها عدة مرات بملامح مسترخية محاولة استعادة تركيزها واسترجاع مشاهد لما حدث بالأمس ، ولكن عندما تدحرج بصرها عفوياً تجاه ما كانت ترتديه ، تأففت بضجر لأنها كانت نائمة في كامل ملابسها.
نهضت متكئة على مرفقيها ، ناظرة إلى الغرفة التي كانت مليئة بأشعة الشمس الدافئة ، لكن لم يكن هناك أثر لبدر فيها.
قطبت بين حاجبيها بإستغراب ، فهذه كانت المرة الأولى التي تستيقظ فيها ولا تجده بجانبها.
قامت بسرعة من السرير ، ولبست نعالها الخفيف ، ثم هرولت في مشيتها حتى تخرج من الغرفة ، لكن عندما وصلت إلى الباب وقفت فجأة ، ثم مدت يدها إلى مقبض الباب بهدوء وفتحته ببطء دون أن تصدر أي صوت ، وطلت برأسها فقط تنظر خارج الغرفة.
تفحصت بعينيها أرجاء الصالة حتى رأته جالسًا في إحدى الزوايا على كرسي هزاز ، متكئًا بمرفقه على مقعد الكرسي ، قبضته أمام فمه ، نظراته إلى الأسفل بشرود.
ارتفعت حواجبها بغرابة من جلوسه هكذا ، وأصابها الفضول لمعرفة ما يفكر فيه ، لكنها تنفست براحة ولم تعير الأمر اهتماماً طويلاً ، ثم سارت بهدوء باتجاه الحمام من الجهة الأخرى لموقع بدر بعد أن أخذت ملابسها لتغييرها بعد الاستحمام.
بعد نص ساعة
وقفت حياة أمام المرآة تضع اللمسة الأخيرة من أحمر الشفاه باللون النيود الذي يلائم بشرتها شديدة البياض ، بعد أن قامت بوضع مكياج ناعم ، حيث اكتفت بظلال العيون باللون السموكي على جفنها ، وحددت الجفن العلوي بالآيلاينر بأسلوب بسيط ومميز جعل عينيها تبدوان أكثر جمالاً واتساعاً ، كما أنها استخدمت أحمر الخدود باللون النيود لإبراز التورد الطبيعي لوجنتيها.
تراجعت بضع خطوات للوراء ، وتفحصت بعناية مظهرها في تلك الملابس ، حيث كانت ترتدي بنطال من الجينز الأسود المناسب لساقيها النحيفة ، وبلوزة بيضاء بأكمام طويلة ، منخفضة في الكتفين ، وحزام متوسط العرض باللون الأسود في الخصر.
كانت سعيدة للغاية بشعرها الأملس الذي تجربه لأول مرة ، حيث قامت بتضفير شعرها بأسلوب فرنسي يناسبها كثيراً ، خاصة أنها تركت خصلات على جانبي وجهها المشع بالجمال مع تألق شعرها الأحمر الناري.
ابتسمت بسعادة وهي تغمز لنفسها ، وشعور غريب بالثقة بالنفس طغى على كيانها ، ولأول مرة كانت راضية بمظهرها جدا.
حملت حقيبتها البيضاء الصغيرة ، ثم غادرت الغرفة على عجل ، ووجدت بدر على نفس الحالة التي تركته بها منذ فترة وجيزة.
....: بدر
خرج من قوقعة أفكاره على صوتها الرقيق حين نادته بإسمه ، ثم رفع وجهه تجاهها ليتوسع بؤبؤ عينيه الداكنتين ، وشعر بجاذبية أقوى من المغناطيس يشده نحوها ، وفي لحظة نسي ما أوصى به نفسه طوال الليل.
لمحت في عينيه اللامعتين نظرة اعجاب ، لكنه لم يترجمها بلسانه بل تجول في عينيه المندهشة فقط.
بينما هو كان ولها بها ، وبسحرها الخلاب الذي يجعل الفولاذ يلين ، ويذوب من شدة توهج خصلاتها النارية.
سألها بدر بنبرة هادئة مدعي عدم الاكتراث : مش هتفطري!!
تنهدت حياة بإحباط حالما عادت نظراته لها في ثوانٍ غامضة ، لا تظهر أي رد فعل عما بداخله حتى ظنت أنها كانت تتوهم من فرط سعادتها ، وقالت بهدوء بعد أن تبخر حماسها : مش جعانه دلوقتي .. هبقي اكل اي حاجة سريعة في المدرسة
بدر بتمتمة : ماشي
رواية شبح حياتي للكاتبة نورهان محسن
موجودة بالواتباد فضلا متابعة للحساب واتفاعلو علي الفصول بتصويت وكومنت
تنحنحت حتي تجذب انتباهه عندما ظل ساكنا بجمود ، وليس لديها أدني فكرة عن الحرب الضارية في قلبه ، ثم تساءلت بصوت خافت ، وهي تقوم باللعب بأصابعها بتوتر : انت مش هتيجي معايا؟
أجابها بدر بجمود : لا مالوش داعي هستناكي هنا
إمتعضت ملامح حياة من إجابته الجافة ، وازدردت ريقها بعدما ثبت بصره عليها فهربت من النظر له ، وقالت ببرود : طيب براحتك .. لما اخلص هرجع عشان اغير هدومي ونتحرك
هز بدر رأسه ورفع يده ، ولمس أطراف أصابعه الإبهام والسبابة ، دليلا علي موافقته دون أن يقول أي شيء بعد ذلك.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منتصف الظهيرة
حياة جالسة في المقعد الخلفي داخل سيارة الأجرة التي تقلهم إلى مكتب المحاماة الخاص في بدر الجالس بجانبها.
زفرت حياة بخفة ، ونظرت إليه برهة ثم إلى أصابعها ، متعجبة من أمره ، إذ لم يبد أي رأي بعد في مظهرها الجديد.
لم يحاول طرق الموضوع بتاتا ، رغم أنها عادت من المدرسة وغيرت ملابسها إلى فستان منقوش بأناقة يتداخل مع عدة ألوان ، الأبيض ، الأسود والبني الفاتح ، بأكمام طويلة يصل لبعد الركبة بقليل ، وفوق الفستان جاكيت جلدي يصل الخصر بدون اكمام ، مع حذاء بوت طويل جلد باللون الاسود ، و تركت شعرها منسدل على كتفيها بنعومة فائقة ، حيث كانت إطلالتها وأناقتها غاية بالتناغم والروعة.
تساءلت في سرها عن سبب بروده في الحديث معها منذ عودتها البارحة؟
شكت أنه ربما يكون غاضبًا منها ، لأنها لم توافق على قدومه معها عندما اشترت الملابس الجديدة ، لكنها أرادت مفاجأته فقط.
وبخت نفسها بشدة ، وهي تحدق من النافذة ، وتتساءل بغرابة مخاطبة نفسها : في ايه يا حياة مهتمة برأيه اوي كدا ليه و زعلانه ليه يعني؟ انتي اجننتي ولا مالك اعقلي وبطلي تشطحي بخيالك لبعيد .. بس انا هعيط بجد ليه ماحاولش يقولي كلمة واحدة حلوة من امبارح!! يوووه انتي باين عليكي لسعتي .. هو انتي في ايه ولا في ايه اصلا!!؟
جاء في ذهنها الموقف الصباحي عندما قابلت مازن قبل ذهابها للمدرسة ، وأبدى إعجابه الشديد بمظهرها ، الذي راق له كثيرا.
تذكرت إطراءه بكلمات الرقيقة لها ، لكنها لم تكن سعيدة بها بقدر سعادتها لو كانت أتت من ذلك الجدار الصامت المجاور لها.
الشيء الذي لم تعرفه حياة أن ذلك اللقاء مع مازن في الصباح شهده بدر حيث كان يتابعها كالمعتاد بنظراته ، واحتقان وجهه بسخط شديد عندما رأى مازن هائماً في ملامحها وابتسامتها الخجولة ، لكنه أذعن الصمت على مضض ، وهذا ما كان يدور في ذهن بدر في هذه اللحظات.
★★★
داخل مصعد في مبنى فخم
وقف الاثنان بجانب بعضهما البعض في صمت ، بينما ضبطت حياة خصلة طائشة على جبهتها ، مستخدمة القلم بين أصابعها ، بعد أن أدخلت دفتر ملاحظاتها في حقيبتها الصغيرة ، بعد مراجعة الأشياء التي كتبتها حتى إذا نسيت شيئًا ما ، فستتذكره من خلال دفتر الملاحظات كما هي عادتها دائمًا ، مثل الذي يذهب إلى الامتحان وبداخله مضطرباً من ان يخفق فى الاجابات.
لاحظت أن بدر رفع عينيه ، ناظرا إلى أرقام الطوابق أعلاه ، لتستفيد من الفرصة حتى تكسر هذا الصمت المتوتر أعصابها ، قائلة بهدوء بعد أن ألقت نظرة خاطفة عليه : انا متابعة
خفض بصره إليها ، غمغم بغير بفهم : ايه!!
إحمر وجهها رغما عنها وردت بصوت هادئ ، تنظر إليه تارة ثم أمامها تارة أخرى : قصدي علي ارقام الادوار عيني عليهم يعني
هز بدر رأسه بإستيعاب ، وهو يرفع حاجبيه وينزلهما بسرعة دون أن ينبس ببنت شفة.
تنهدت حنقاً من أبو الهول المجاور لها ، بينما تفكر في طريقة تجعله يخرج من حالة الجمود المريبة التي تربكها رغما عنها حتى يتحدث أو يتشاجر معها فهي لن تمانع ابدا.
رفعت دون وعي قلم بدر الذي استعارته من المكتب في منزله ، لفرك جانب رقبتها به ، في محاولة لإبعاد التفكير السلبي من داخلها.
لفتت انتباهه بحركتها العفوية ، وعيناه تنخفضان على رقبتها في ارتباك ، ليفرك جانب فمه بإبهامه ويغمغم : ماتعمليش كدا
توقفت عن هز رأسها يمينًا ويسارًا بعد أن خرجت من شرودها على صوته ، والتفتت إليه بينما تنزل القلم عن رقبتها ليبقى معلقًا في الهواء تحت فكها ، وهتفت في عجب : نعم!!
رفع يده اليسرى مقلدا حركتها ، موضحا كلماته بعد ابتلاع ريقه بصعوبة : الحركة دي بلاش تعمليها قدامي
نظرت حياة إلى القلم بغرابة مشوبة بالبلاهة من نظرات بدر الغريبة عليه ، ثم رفعت جفنيها إليه ، مكررة في سؤال : اشمعنا!!
غمغم بدر بوتيرة بطيئة مسلطاً بصره على القلم : عايز ابقي مركز .. وكدا تفكيري .. بيتشتت
حدقت حياة به ، تقوس شفتيها للأسفل لتقول بارتياب : كل دا من القلم يا بدر
أومأ بدر إليها بإصرار : ايوه من القلم يا حياة ماتعمليهاش تاني
ظهرت ابتسامة صغيرة على شفتيها بسبب الإرتباك الواضح عليه ، وهي تنزل القلم وتضعه في حقيبتها دون أن تتجادل معه مرة أخرى.
أدارت رأسها إلى بدر بعد مدة من الصمت ، ورفرفت رموشها الطويلة في إرتباك واضح قائلة بصوت منخفض : انا خايفة يا بدر
تحدث بدر بثقة شديدة ، وبنبرة هادئة حاول الحفاظ عليها بعد أن إلتقت حدقتيه بعيونها واسعة ببراءة : انا معاكي .. زي ما فهمتك هتتكلمي مع جاسر بمنتهي الثقة من غير توتر .. ماتتهزيش انتي هتكلمي من خلالي انا
رواية شبح حياتي للكاتبة نورهان محسن
موجودة بالواتباد فضلا متابعة للحساب واتفاعلو علي الفصول بتصويت وكومنت
جعدت حياة حاجبيها ، وسألته بتذمر طفولي : ثقة ايه!! ازاي هو اللي بيشتغل معاك من سنين هيصدقني في كام دقيقة!!
ابتسم بدر ابتسامة جانبية ، قائلا بنفس النبرة الهادئة التي يتخللها الكثير من الغموض : دي عليا هخليه يصدقك .. يلا سمي الله وماتخافيش
حدقت فيه باستنكار فظيع قبل أن تنظر إلى الأمام مرة أخري ، وتهمس بتبرم : اول مرة اشوف عفريت يقول سمي الله
أنهي بدر الحديث بسرعة ليتجنب الجدال معها عندما وصل المصعد إلى الطابق المطلوب ، قائلا بسخرية : علي اساس انتي مقضية حياتك كلها معهم .. اتحركي يا لمضة و خلصينا
★★★
وقفت حياة وظهرها مستقيماً ، ناظرة إلى حروف اسمه منقوشة بخط جميل على لوحة كبيرة بجوار باب المكتب ، الذي أخذت عنوانه من حمزة.
أستنشقت نفساً عميقاً قبل أن يقرع صوت كعبها العالي داخل المكتب المزدحم بالعملاء.
توجهت مباشرة نحو مكتب السكرتيرة على اليمين ، والذي كان خلفه تجلس فتاة أنيقة وجميلة للغاية ، وقالت بهدوء : مساء الخير
رفعت الفتاة رأسها عن الأوراق التي كانت تفحصها بعناية ، وأجابت بجدية : مساء النور يا فندم
ابتلعت حياة لعابها ، وتحدثت بهدوء : لو سمحتي كنت عايزة اقابل استاذ جاسر
سألت الفتاة التي كانت لا تزال تتفحصها ، بحاجبين معقودين بغرابة ، حيث يطلب العملاء عادة مقابلة بدر أولاً ، وعندما يعلمون أنه غير موجود ، يذهبون إلى جاسر وليس العكس : طيب اسم حضرتك ايه؟
أجابت حياة بعد أن دفعت خصله من شعرها خلف أذنها : حياة مجدي
ابتسمت الفتاة بتكلف ، وقامت بجسدها الممتلئ بعض الشئ ، قائلة بلباقة : لحظة هديله خبر
★★★
أشار إليها شاب يبدو في منتصف العشرينات بيده على المقعد خلف مكتبه ، وقال لها بلطف : اتفضلي استريحي
همس بدر في أذن حياة من الخلف ، فأغمضت عينيها للحظة بإضطراب من كونه قريب جدًا منها : جاسر هو المسؤل عن كل حاجة تخص المكتب في غيابي
تحركت حياة بخطى متوازنة نوعًا ما مع ذلك الكعب الذي ترتديه ، وجلست على المقعد بهدوء ، تزامنًا مع جلوس بدر على الكرسي الآخر المقابل لها ، ثم قالت بابتسامة رقيقة : ميرسي
ابتسم جاسر بمجاملة ، وسأل : حضرتك تشربي ايه؟
حاولت حياة أن تكون هادئة بقدر المستطاع ، ورفضت بذوق : شكرا ولا حاجة انا مش هطول عليك
أومأ جاسر برأسه متفهما ، واستفسر بنبرة عملية : زي ما يريحك .. ممكن اعرف ايه تفاصيل القضية اللي عايزة ترفعيها!!
أطبقت حياة على شفتيها للداخل بحرج ، ثم أجابت عليه : لا انا مش جاية عشان قضية
جعد جاسر بين حواجبه بتساؤل ، ثم تمتم محاولًا فهمها أكثر : اومال؟
سألت حياة بترقب ، وهي تحاول التحكم في نبرة صوتها حتى لا ترتفع بسبب طبيعتها عندما تكون قلقة ومتوترة ، يعلو صوتها بشكل غير إراديًا : انا جاية اسألك عن بدر هو فين؟!!
تأهبت حواس جاسر بالكامل ، وانحنى إلى الأمام بجسده نحو طاولة المكتب بعد أن كان مسترخى بظهره علي كرسيه ، وسألها مرة أخرى ولكن بنبرة حذرة : حضرتك تقربي لأستاذ بدر!!؟
همست حياة بلسان ثقيل دون أن تنظر إليه : انا وهو مرتبطين وهنتخطب قريب
فغر جاسر فمه وهو يسمعها جيداً رغم صوتها الخافت ، وصاح مستنكراً : افندم!!
شجعها بدر بنبرة مطمئنة : خليكي واثقة من نفسك
لا تعرف لماذا نظراته إليها جعلتها تهدأ ، على الرغم من أنها تسير فى طريق شائك لا تعرف له نهاية ، ومن المحتمل أنها ستخرج من هنا على مستشفى الأمراض العقلية بسببه.
ساد الصمت بضع ثوان قبل أن تحدق بجاسر بنظرة واثقة ، ثم أجابته بثبات : انا اسمي حياة شقتي اللي قصاد شقته في العمارة بتاعته .. واحنا بينا علاقة حب بقالنا فترة وماكنتش عايزاه يعرف حد بيها .. لحد ما يجي الوقت المناسب..
قاطعها جاسر ، وسألها بنبرة هادئة : معلش سامحيني لو بقاطعك وانا ايه يخليني اصدقك!!
تغيرت نظرة بدر تجاه جاسر ، وهو ينظر إليه بتمعن ، ثم يتمتم لحياة : قوليلو انك تعرفي حاجات كتير بيني و بينه
تحدثت حياة بإبتسامة هادئة : هو حكالي عنك كتير
ابتسم جاسر ساخرًا بعد أن أرجع ظهره مرة أخرى إلى كرسيه ، وهو يضع يده تحت ذقنه ، ومن الواضح على ملامحه أنه لم يصدقها قط : والله قالك ايه عني!!
تمتم بدر بهدوء شديد دون مقدمات : جاسر يبقي أخويا من الاب
رفعت عينيها لتنظر إليه بذهول لم يدم أكثر من لحظة ، ثم سيطرت على نفسها بصعوبة ، ونظرت إلى جاسر الذي كان ينتظر إجابتها بتحفز.
تحدثت حياة بسرعة ، محاولة الخروج من الصدمة التي تلقاتها للتو : حكالي عن صلة القرابة اللي بينكم
سألها جاسر بترقب : قالك ايه؟
أستطرد بدر قائلا بصوت هادئ ومتزن : ابويا اتجوز والدته في السر عشان كان بيحبها جدا .. بس كان بيحب نفسه اكتر خصوصا مركزه للي كان بيخاف اي حاجة تأثر عليه حتي لو كانت حبيبته ومارضيش يعترف بالولد .. عشان وقاره قدامنا انا و امي و العيلة كلها ما يتهزش .. اختار انه يظلم مراته التانية وابنه الصغير عشان يحافظ علي كبريائه ويتجنب فضايح الجرايد للي لو شمت خبر هتتهد الدنيا فوق دماغه .. لان امي كانت بنت راجل له نفوذ عشان كدا وقتها ام جاسر كتبت جاسر بإسم أبوها ورفضت تشوف ابويا من ظلمه ليها لحد لما ماتت امه من كتر حزنها وجاسر اتربي مع خاله .. ماعرفتش ان ليا أخ الا قبل ما ابويا يموت بأيام دورت عليه لحد ما وصلتله .. رفضني مرات كتير كل ما احاول اكلم معه بس بعد كدا فتح باب قلبه ليا ..كان هو في ثانوية عامة واصر يدخل حقوق عشان يساعدني و يكون معايا .. لكن فضل رافض انه يغير اسمه لكن وافق في الاخر عشان ماكنش ينفع يستلم ميراثه من بابا قبلها وكان شرطه عشان يشتغل معايا ان محدش يعرف بكل دا و يفضل يستخدم اسمه القديم
كانت حياة تسرد الكلمات التي قالها بدر دفعة واحدة ، تردد بصوتها الذي إزداد ثبات وثقة بعد أن رأت الصدمة والصمت من جاسر الذي كان ينصت لها باهتمام شديد ، ولم يرغب في مقاطعتها.
قاومت بشدة الصدمة التي سيطرت عليها أيضًا ، حيث ظهر احمرار شديد في عينيها نتيجة حبس دموعها ، وحالة جاسر لم تقل سوء عنها بسبب فتح جروحه من جديد لانها لم تلتئم تماماً ، وقد بدأ بالفعل بعد الكلمات الأولى يصدقها وإنتظرها حتى تنتهي من حديثها قائلا بذهول : مش مصدق ان بدر وثق فيكي لدرجة انه يحكيلك .. حتي مراته ماتعرفش اي حاجة!!
عضت حياة شفتيها بتردد ، وهي تنظر إلى بدر من زاوية عينها ، ثم قالت بترقب : استاذ جاسر ممكن اقولك علي حاجة تانية وتصدقني!!
أومأ لها جاسر بصمت حتى تواصل حديثها.
حدقت حياة به بهدوء ، بعد أن رفعت أنفها باعتزاز وثقة رنت في صوتها ، دون أن تمهد لما ستقوله : بدر طلق اميرة قبل ما يختفي
اتسعت عيناه بدهشة عارمة ، وسألها بعقل حائر : نعم .. ازاي طلقها!!؟
رفعت كتفيها كدليل على جهلها بالإجابة ، وقالت وهي تحدق في بدر الصامت منذ دقائق ، بعد أن أعطاها غمزة تدل علي أن زمام الأمور بيدها : ازاي انا معرفش تفاصيل بس انا متأكدة من المعلومة دي
عادت تسأل نفس السؤال مرة أخرى ، بإلحاح أكبر ، وهناك قبضة مثل الحجر تضغط على قلبها تمنعها من التنفس بانتظام : استاذ جاسر فين بدر؟؟
زفر جاسر منهكا ، وأجابها بنبرة صادقة يتخللها الضيق : صدقيني معرفش حاجة عنه بقالي عشر ايام بحاول اوصلو و مش عارف
مدت حياة يدها لتلتقط حقيبتها من الطاولة الصغيرة أمام المكتب ، وقالت برجاء عفوي وهي تستعد للمغادرة : ماشي يا استاذ جاسر .. اذا عرفت حاجة عنه لو سمحت طمني عليه انا قاعدة حاليا في شقته
رفع جاسر حاجبه مندهشا ، وتمتم بابتسامة أحرجتها بشدة : كمان!! ماشي ياريت تسيبيلي رقمك
تنهدت حياة بعمق بعد أن كتبت رقم هاتفها على قطعة صغيرة من الورق ، ثم مدته إلى جاسر ، قائلة برقة غير مقصودة : انا بس عايزة اطلب منك طلب .. ياريت محدش يعرف باللي قولنا
صافحها جاسر باحترام ، وقال لها بإيجاز : اكيد ولا يهمك
"جاسر عز الدين بدر"
"26 سنة"
"الشقيق الاصغر لبدر من الاب"
"محامي"
"شخص هادئ و مرح ، خاطب فتاة منذ عام
قوي الإرادة ، يتابع أهدافه بدقة تنظيمية ، طموح جدا ، دائما يبتسم ومتفائل ، لا يعرف اليأس ، وقلبه مليء بالحيوية والنوايا الحسنة.
يتميز بمظهره الجذاب ، فهو يتمتع بجسم قوي مصحوب بلطف في ملامح وجهه ، لديه شعر بني غامق ووجه بيضاوي بفم كبير ، له شفاه رفيعة شاحبة ، وفكه محاط بلحية خفيفة و عينان بنية داكنة ، و ذو طول قامة وسط."
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية شبح حياتي) اسم الرواية