Ads by Google X

رواية جوازة ابريل الفصل الرابع عشر 14 - بقلم نورهان محسن

الصفحة الرئيسية

   

رواية جوازة ابريل الفصل الرابع عشر 14 - بقلم نورهان محسن

     
الفصل الرابع عشر (فستان زفاف)
 


في ايامنا المليئة بالتوتر ، يأسرنا من يلمس قلوبنا بكلماته الحانية ، التي تكون كمثل السحر على روح الإنسان ، وقد تجعله مبتهجًا.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



أشرقت شمس صباح يوم جديد على أبطالنا ، حاملة معها أحداثًا مختلفة تمامًا عما سبق.



فى غرفة ابريل



وكزها فى كتفها بأصابعه الصغيرة ، مصيحاً بإسمها بصوت عالٍ : ابريل .. اصحي .. اصحي .. طنط تحت مستنية



فتحت ابريل عينيها بتثاقل ، وهى بين اليقظة والنوم ، على صوت عمر الجالس على السرير بجوارها. 



نظرت إليه برؤية مشوشة إلى حد ما ، وسألت بصوت نائم : طنط مين دي؟!



لاحت ابتسامة كبيرة على فم عمر ، وهو يجيبها بحماس طفولي : فستان العروسة يا توته..



تململت أبريل بتكاسل في مكانها ، قبل أن تدير جسدها في الاتجاه الآخر ، غير مهتمة بما قاله ، حيث تمتمت في حالة من السخط والتذمر : هي الاجازة مش بيعملوها عشان الواحد ينام .. هو انا ليه مش عارفة انام شوية عدلين؟!!



هبطت كفاه على ذراعها ، وهزها بعناد قائلا بصراخ وإلحاح : قومي بقي؟!!



نهضت ابريل مستسلمة ، أمام سطوة مشاغبته الطفولية ، وهتفت بإنزعاج من بين سعالها الخفيف ، قبل أن تهبط بقدميها على الأرض ، وعينيها لا تزال مغلقة : كفاية صريخ في وداني .. خلاص صحيت اهو



ألقى عمر بنفسه عليها من الخلف بشقاوة طفولية ، وشبك يديه حولها ليهمس باسمها في أذنها. 



سمع منها همهمة خافتة ، فسألها بنبرة مندهشة : هو انا ازاي جيت هنا؟



فتحت ابريل عينيها تدريجيا ، لتحدق في ستائر الغرفة ، وسبحت أفكارها مستحضرة أحداث الليلة الماضية ، عندما وجدت المكالمة لا تزال مفتوحة ، فرفعت الهاتف إلى أذنها للرد على مصطفى ، لكنها لم تتلقى أي رد منه ، ممَ جعلها تستعجب ، وظنت أنه ربما نام بينما كان ينتظر منها معاودة الاتصال به ، ولكنها لم تكن لديها الطاقة للتفكير في الأمر كثيرًا ، إذ كان الذعر لا يزال يسيطر على كامل حواسها ، وعندما دخلت المنزل قادتها خطواتها إلى غرفة عمر ، فلم تشأ أن تنام بمفردها هذه الليلة ، لتحمله وهو غارق في النوم ، وأحضرته إلى غرفتها ، لينام معها حتى تزيح عنها شعور الخوف والتوتر بداخلها.

 
                
انقطع سيل أفكارها بصوت عمر المتذمر ، وهو يجذب ضفيرتها بخفة : انتي نمتي وانتي قاعدة .. ايه مش بسألك؟



أخذت ابريل نفسا عميقا قبل أن تدير رأسها نحوه ، لتهمس بدهشة مصطنعة ممزوجة بالمكر : ايه دا!! هو انت ماتعرفش؟



اتسعت عيناه بفضول ، وهز رأسه بالنفي ، فواصلت إخباره بصوت هامس : بليل كان فيه رياح جامدة جدا شالتك من سريرك وجابتك علي هنا



رفع عمر أحد حاجبيه بريبة ، متفحصًا إياها نظراته قبل أن يزم شفتيه بعبوس طفولي ، عندما لمح شبح ابتسامتها المكتومة تطفو على فمها ، فسألها باستياء : انت بتشتغليني ولا ايه؟!



عضت ابريل على شفتها السفلية ، ثم دفعته للخلف برفق حتى سقط على السرير ، مؤكدة على كلماته بضحكة عابثة : بالظبط كدا



نهضت ابريل من السرير ، وهي تفرك فروة رأسها ، لتقول بصوت أبح : يلا انزل علي تحت وانا جاية وراك



التقطت ابريل هاتفها من على الطاولة ، بعد أن غادر عمر ، ظنًا منها أنها ستجد مكالمات فائتة من مصطفى مثل كل صباح ، لكنها لم تجد شيئًا منه ، فتفقدت الساعة ، ووجدتها قد تجاوزت العاشرة صباحًا ، فزفرت الهواء بهدوء ، وذهبت لترتدي ملابسها استعدادًا للنزول.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



فى هذا الوقت



في فيلا صلاح الشندويلي



فى غرفة باسم



دخلت وسام إلى الغرفة المظلمة الباردة بسبب برودة المكيف ، لتذهب إلى الشرفة ، وتفتحها لتسمح لأشعة الشمس بالدخول ، لتنير أرجاء الغرفة. 



صاحت وسام باسمه ، وهي تتوجه إلى سريره : باسم .. يا باسم .. يا بني قوم .. ماتخوفنيش عليك



أنهت وسام كلامها ، وهي تجلس بجانبه ، ليسأل بصوت مكتوم ورأسه مدفون في وسادته : في ايه؟!



غمست وسام أصابعها في شعره الناعم ، لترفعه عن جبهته ، وتقلصت ملامحها ، وهي تستشعر حرارته المرتفعة وجبهته تتصبب عرقاً ، فتعجبت في دهشة : انت سخن كدا ليه؟! وايه اللي سمعته من ابوك دا!!



تمتم باسم بنبرة أجش ، وهو يتثاءب ، وبالكاد فتح عينيه بعد أن أدار جسده للاستلقاء على ظهره : مش فاهم حاجة!!



أجابته وسام موضحة بلهجة قلقة : ابوك قالي انك امبارح بليل عملت حادثة بعربيتك هنا بالكومبوند



زوى باسم بين حاجبيه بحيرة ، محاولاً التركيز على ما سمعه ، وهمس بوهن مشوش : بتكلمي عن ايه؟! انا مش مجمع حاجة..




        
          
                
قطع صوت صلاح العالي ، المليء بالإستهجان ، حديث باسم ، وهو يدخل الغرفة بقامته المهيبة بملامحه المقلوبة ، بينما يقترب منهم ، وينظر إلى باسم بعينين ناريتين فاحصتين : ماتتعبيش نفسك معاه .. عشان مش هيجمع حاجة دلوقتي .. ابنك مش مكفيه الفضايح اللي عاملها في كل حته .. لا جه يعملنا كمان فضايح هنا .. كان راجع شارب وسكران .. وواحد من الامن هو اللي شالو لحد هنا .. بعد ما كان مرمي جنب عربيته في الشارع اللي جنب الفيلا..



جعد باسم جبينه بألم قوي يعصف بلا هوادة فى رأسه ، وهو يرفع أنظاره إليه ، ويطالع والده الذي كان قد جلس على الكرسي ، وهو يكتم إنزعاجه من صراخه الحاد ، فيما تربت وسام على ساقه بمؤازرة ، وهي تتحدث مع صلاح بنبرة هادئة نوعا ما ، محاولة امتصاص غضبه : صلاح ممكن تهدي عليه شوية .. استني لما نطمن عليه .. دا شكله تعبان .. معلش أجل العتاب دا لبعدين من فضلك..



زمجر صلاح بخشونة ، مُشيحًا بيده في الهواء بحركة عصبية : لا بعدين ولا قبلين .. انا قرفت منه ومن صياعته وعربدته دي .. البجح راجع من المخروبة اللي كان سهران فيها شارب ومدهول .. عجبك فضايحه دي!!



اختتم صلاح كلامه بسؤال متهكم ، وهو يحدق فى باسم الذي اكتفى بالاستماع بنظرة منزعجة ، وهذا ما زاد من غضب صلاح ، ثم أردف بإمتعاض : ماترد عليا يا بيه .. ايه الكلام مش عجبك ها؟!



سعل باسم بصوت أجش ، وألم حاد في حلقه ، ثم تمتم بضيق : ارد اقول ايه!! انا فعلا مش مجمع اي حاجة من ليلة امبارح .. ودماغي هتتفرتك من الصداع



ضرب صلاح بيده على كف يده الأخر غير مبالياً بحالته ، وهو يكاد يفقد عقله من الغضب جراء استهتاره المثير للأعصاب ، وبصوت ساخط هتف : يخربيت ابو برودك اللي يفور الدم دا .. انت كنت امبارح هترتكب جريمة قتل وانت مش دريان يا استاذ ..



انقبض قلب وسام بعنف ، وبصوت مرتعب استفسرت : جريمة ايه يا صلاح .. ماتفهمني؟!



حدجه باسم بدهشة حقيقية بدت على وجهه ، ورغم القلق الذي تلبسه فور سماعه تلك الكلمات ، إلا أنه ظل مستلقياً في لامبالاة زائفة ، وينتظر بفارغ الصبر إجابة والده التالية التي يرويها لهم بصوت مليء بالغضب : وهو راجع علي الكومبوند كان سايق وهو شارب و كان هيشيل بنت فهمي الهادي بعربيته وهو ولا حاسس علي نفسه



وضعت وسام كفها على فمها بإنصعاق ، تخنق شهقة الصدمة التى خرجت منها ، وزاد الألم في صدرها من فرط الخوف ، ثم سألته مرة أخرى : يا خبر اسود!! ايه اللي بتقوله دا يا صلاح .. انت متأكد شوفت الكاميرات بتاعت الكومبوند!!



صدح الأمل يفوح في الجملة الأخيرة التى نطقت بها ، فربما كان هناك خطأ فيما قاله ، لكنه قتل أملها في مهده ، وتشدق بصوت ساخر : مش محتاج اتأكد بعد ما شوفت إكصدام عربية البيه مطبق .. انا نازل دلوقتي هعدي على فهمي ألحقوا قبل ما يعمل محضر باللي حصل في عربية بنته اللي دخل فيها طير بابها الوراني




        
          
                
ازدادت وسام ارتعاباً ، وابتلعت لعابها بصعوبة ، وقالت ببحة متوترة : باسم!! ايه اللي حصل امبارح .. ازاي حصل الكلام دا .. ماتفهمنا يا ابني؟!



أدارت وسام رأسها ، لتنظر إلي باسم في نهاية عبارتها ، وهو يفرك جبهته بأصابعه دليلاً على تفكيره في الأمر ، وحاول أن يستدعى تلك الأحداث التي ذكرها والده في مخيلته ، وهو يتمتم بنبرة مشتتة : اخر حاجة فاكرها اني كنت راجع علي البيت متأخر وسايق و.. 



توقف صوته فجأة عندما استرجع شريط أحداث الأمس ، واتضحت ذكرى حادث الشاحنة كصوت وصورة في ذهنه ، يليها نوبة الهلع والألم الرهيب الذى أصابه ، وصولاً إلى هذه الفتاة القصيرة التى ظهرت أمامه بغتة ، لكنه استعاد السيطرة على نفسه سريعا ، وواصل حديثه متظاهرا بأنه لا يعرف شيئا : مش فاكر حاجة من اللي انت بتقوله...!!



تردد باسم في إخبارهم بحقيقة ما حدث ، لسبب لا يعرفه ، ثم فسره على أنه ليس لديه طاقة إحتمال على بالتأنيب واللوم منهم ، مع شعوره بالتعب والدوخة من ارتفع درجة حرارته ، وهذا كله أدى إلى إرهاق جسده بشدة ، فيما إستشاط صلاح غضباً من إجابته.



سارعت وسام تسأله بقلق جلى ، خوفا من أن يقع وحيدها في ورطة خطيرة مثل ذى قبل : وريهام كويسة .. حصلها حاجة يا صلاح؟



رد صلاح بالنفى علي مضض : ماكنتش ريهام .. كانت اختها الصغيرة مش فاكر اسمها .. بس محصلهاش حاجة ودا من لطف ربنا بينا .. شوفتي كان هيعمل فينا ايه كلنا؟ كنا هنروح في ستين داهية بجنان وطيش اللي خلفوه دا.. 



إستأنف صلاح حديثه ، محذراً إياه بصلابة وعصبية مفرطة : بس عشان تبقي تقول ابويا قال .. اذا مارتجعتش عن الطريق الزفت اللي ماشي فيه دا هيبقي اخرة استهتارك دا سودة علي دماغك .. وهتخليني اعيد تربيتك تاني .. واعمل معاك حاجات ماكنتش عايز اعملها .. سامعني



هب صلاح من مكانه ، بعد أن قذف على مسامعه تلك الكلمات اللاذعة مستهجناً ، ثم إلتفت ليخرج من الغرفة صافقاً الباب خلفه بعنف.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



بعد مرور حوالى ساعة ونصف



داخل غرفة ابريل



دلف كل من يوسف ، وعمر الغرفة دون أن يستأذنا ، ليواجها من حدجتهما باستنكار شديد ، وقالت مع توبيخ هادئ : ماينفعش تدخلو هنا يا شباب ..



نظر يوسف إلى عمر شرزاً ، بسبب فتحه الباب فجأة ، ليضعه في هذا الموقف السخيف ، فيما اختبأ الأخير خلفه ، وهو يضحك ضحكة مليئة بالرهبة من نظرة المرأة ، وليس منه.




        
          
                
رفع يوسف عينيه ناقلاً نظراته بين إبريل التي تقف أمام المرآة الطويلة ، ترتدي فستان زفاف أبيض يناسب طولها ، بتصميم رقيق وناعم وجذاب للغاية ، يظهر عند منطقة الصدر والظهر ، ومغطى بقماش شفاف مزين بالدانتيل المنقوش ، له الأكمام شفافة وطويلة ومنتفخة ، أما تنورة الفستان فقد جاءت مع حزام بنفس اللون ، مع ذيل قصير ، وطرحة زفاف طويلة غاية فى الجمال.




  

      رفع يوسف عينيه ناقلاً نظراته بين إبريل التي تقف أمام المرآة الطويلة ، ترتدي فستان زفاف أبيض يناسب طولها ، بتصميم رقيق وناعم وجذاب للغاية ، يظهر عند منطقة الصدر والظهر ، ومغطى بقماش شفاف مزين بالدانتيل المنقوش ، له الأكمام شفافة وطويلة ومنتفخة ، أم...
  
     
 
  

كتمت ابريل ضحكتها عليه بصعوبة ، وبجانبها تقف امرأة بدينة بعض الشيء ، تفوق أبريل في الطول والعرض.



حك يوسف مؤخرة رأسه ، يحاول التبرير لنفسه بضحكة : معلش كان الفضول قاتلنا عشان نشوفها بالفستان قبل ماتغيره؟!



تنهدت المرأة بعدم اقتناع ، ثم أخبرته ببرود : طيب .. عموماً انا خلاص خلصت .. هسيبكو براحتكو معاها .. وهروح انا اشرب نسكافيه



قالت ذلك ، وهي تفرك جبهتها بيد واحدة ، وتنقل بصرها بين يوسف وأبريل ، التي سارت بخطوات هادئة بالكعب العالى بعد أن رفعت الفستان بعناية عن الأرض ، لتجلس بشكل مريح على الكرسي المجاور للشرفة ، ثم إنحنت بجذعها العلوى ، ونزعت الحذاء الفضى اللامع ، لتفرك بقدميها الحافيتين بخفة ، قائلة أثناء ذلك بصوت هادئ ومرهق : ولو سمحتي .. خليهم يعملولي اي حاجة اكلها .. عشان فرهدت جدا من الحر وكتر الوقفة



هزت المرأة كتفيها بلا اهتمام ، قائلة ببرود : طيب .. بس مانصحكيش تتقلي في الاكل .. احنا ماصدقنا قدرنا نظبطو عليكي



ضغط يوسف على شفتيه حتى أصبح فمه كالخط الرفيع ، حتى لا يظهر صوت ضحكته ، لم تنتبه أبريل لذلك ، حيث خفضت نظرها إلى الفستان ، فالشيء الوحيد الذى لا يعجبها ، في الواقع أنه ضيق بعض الشيء من منطقة الصدر ، حيث أنها تجد صعوبة فى التنفس ، ثم نظرت إليها بنظرة مغتاظة ، وسألتها بتبرم : ماكولش يعني ولا ايه؟! وبعدين انا حاسة انه ماسك من هنا شوية زيادة



أشارت ابريل فى نهاية حديثها نحو صدرها ، وهى تشعر بعدم ارتياح بسيط فى التنفس ، فأجابتها المرأة بعملية ، وكأن الأمر لا يعنيها : دي موضته .. لو وسعنا اكتر من كدا مش هيبقي حلو .. عشان سوري يعني المنطقة دي عندك اسمول شوية




        
          
                
صرّت أبريل على أسنانها بغيظ وحرج ، لكنها تمسكت بضبط النفس ، بينما كانت تهز ساقها ، محاولة التخلص من التوتر والقلق الذي جعلتها هذه المرأة تشعر به ، بكلماتها غير المرغوب فيها على الإطلاق ، لكنها تحدثت بإيجاز مقتضب : طيب هو احنا مش خلصنا .. ساعديني عشان اقلعو!!



تأملتها في نظرة سريعة ، وهي تضع خصلة من شعرها الأسود خلف أذنها ، ثم قالت لها بنفس اللهجة العملية : خليكي بيه شوية .. عشان تتعودي علي الحركة بيه .. والبسي الجزمة واتمشي بيها دا هيبقي افضل .. وانا تحت اندهيلي وهطلعلك



_طيب



اكتفت بقولها تلك الكلمة المختصرة مع تعبير عابس ، تريد توبيخها ، لكن هذا غير مناسب بعد أن بذلت ريهام كل هذا الجهد من أجلها ، وحتى لو كانت تكلفة هذا الفستان على حساب مصطفى ، فمن أجلهم ظلت صامتة ، وصبرت نفسها لتتحمل هذه الكتلة الباردة ، فيما تراها تتحرك من أمامهم لتغادر الغرفة.



حاول يوسف أن يخفف عنها ذلك التوتر البادى عليها ، فتوجه نحوها وعمر خلفه كظله ، وتحدث مبتسماً بإنبهار بعد أن مد إليها كفيه ، ليجعلها تقوم من مقعدها : ايه الحلاوة دي يا ست عرايس؟!



ابتسمت ابريل بخفة ، لمديحه بنوع من الخجل ، فهى بالفعل تحتاج لسماع تلك الكلمات حتى ترتفع معنوياتها قليلاً ، وواجهته بنظراتها المترددة ، لتسأله بخوف بعد أن زعزعت هذه المرأة ثقتها بنفسها بعض الشيء بأسلوبها الفظ : بجد يعني حلو عليا!!



قَوَّس يوسف شفتيه متظاهرًا بالتفكير ، وهو يتفحصها تحت نظرتها المنتظرة ، ثم تمتم بحزن : الصراحة يعني مش حلو ؟!



لم يمهلها لحظة للرد ، فأخذ يدها اليمنى ورفعها إلى أعلى ، وجعلها تدور حول نفسها بحذر وسلاسة ، وهي تستمع فى سرور إلى صوته مليئاً بالعذوبة : طالع عليكي روعة هياكل منك حته .. قمر يا اخواتي والله قمر



دفعه عمر فى جانبه الأيسر ، وأزاحه قليلاً حتى وقف في مكانه ، يتأملها حتى يبدى رأيه أيضاً ، ووضع إحدى يديه على خصره والأخرى تحت ذقنه ، وقال بإعجاب طفولي : شبه باربي اوي .. بس قصيرة شوية



انفجرت أبريل فى الضحك بسعادة على إطرائه اللعوب ، ولطفه الذي تعشقه ، فانحنت إلى مستواه ، وقرصت خديه بخفة ، وضيقت عينيها ، وقالت مازحة : اه منك يا خلبوص .. انت يا شقي



صفعه يوسف على مؤخرة عنقه برفق ، هاتفاً بإستياء : يادي باربي اللي اكلت عقلك .. غاوي سمك مخلي



لكمه عمر في يده بسخط طفولي ، فتحركت ابريل ، ودفعت يوسف بعيدًا عنه حتى لا يتشاجرا معًا كالعادة ، ووقفت في المنتصف بينهما ، وقالت بابتسامة حلوة : سيبك منك يا عمر .. مفيش غيرك حبيبي انا يا حلو انت




        
          
                
ابتسم يوسف عابثًا بأنامله بطريقة مغرورة ، قبل أن يقول بفخر : طالع لخالو



التوى ثغرها باستنكار ، وهي تُجيبه بسخرية لاذعة : وانا اقول الواد طالع لسانه بيشر عسل ليه!! خربت عقلو باللي بالحاجات اللي بتسمعهالو .. صحيح انت لسه هنا ليه مش قولت وراك شغل بدري؟!



قالت ابريل ذلك بدهشة حائرة ، بعد أن تذكرت كلماته لها بالأمس ، فأخبرها يوسف مفسراً : الفوج أجل وصلوه لبكرا .. اهو اكون جبت عربيتي من الصيانة .. و بعدين انا جاي استخبي عندك من ريهام بعد اللي حصل في عربيتها



ابتلعت ابريل لعابها بتوتر ، حينما تذكرت ما حدث ، وحدقت به فى خوف ، وتمتمت بحرج قلق : انا اللي مش عارفة هبصلها بأنهي وش دلوقتي .. ومش قادرة اتلم علي اعصابي من امبارح



لف يوسف ذراعه على كتفها ، رابتاً عليه بحنان ، وأخبرها بنبرة هادئة : ماتقلقيش المهم انك انتي سليمة الحمدلله ومحصلكيش حاجة .. علي فكرة اونكل صلاح كان تحت من حوالي ساعة كدا .. عشان يطمن عليكي واعتذر لبابا علي اللي ابنه عمله .. وكمان اعتذر لريهام وقالها انهم هيتكفلو بتصليحها علي حسابهم بنت المحظوظة



أرجعت ابريل رأسها للخلف ، وعيناها لا تخلو من الدهشة قبل أن تقول بإبتسامة ، عقبها تنهيدة إرتياح : بجد!! طب الحمدلله ريحت قلبي والله العظيم ، تصدق التنفس بقي احسن دلوقتي .. اومال انت متوتر كدا ليه من ريهام؟!



انكمشت ملامحه بإمتعاض ، فور سماعه سؤالها ، فأجابها بنزق ، وهو يشد الجزء العلوى من تيشرته للخارج بحركة مضجرة : انتي يعني مش عارفها .. كانت هتفضل تقطم فيا .. وانا مش مستحمل ومستوي علي الاخر



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



فى تلك الأثناء



فى فيلا صلاح الشندويلى



اقتربت لميس من غرفة باسم بخطوات مترددة ، تشبك أصابعها ببعضهم بتوتر ، قبل أن تطرق الباب عدة مرات ، وتمسك مقبض الباب لتفتحه بحذر ، وتدلف إلى الحجرة متسللة على أطرافها بهدوء.



رأته مستلقيًا على سريره شاحب الوجه ، مغمضًا جفنيه فى هدوء تام ، عاقداً حاجبيه الكثيفان بتعب ، فإزدردت لعابها بقلب تتسارع دقاته مع كل خطوة تخطوها ، لتقف أمام السرير ، ووجهت نظرها إلى وسام التي كانت تجلس بجانب رأسه ، قبل أن تقوم من مكانها متجهة نحوها ، فسألت لميس بصوت هامس : هو عامل ايه دلوقتي يا طنط .. حرارته نزلت؟!



تنهدت وسام بتعب ، ثم أجابتها بنبرة قلقة : لسه يا لميس انا قلقانة عليه جدا معرفش ايه اللي حصله دا من ايه؟!




        
          
                
نظرت لميس للأسفل لبضع ثواني ، محاولة إخفاء خوفها عليه قبل أن تستعيد رباطة جأشها ، وهي تحدق إليها ، لتقول بذات الهمس : طيب انا هروح المطبخ اغليلو اعشاب جايبها معايا من الفيوم .. يشربها وان شاء الله هيتحسن بعدها



وافقتها وسام بابتسامة راضية ، وهى تربت على ذراعها بلطف : طيب يا حبيبتي



تابعت وسام بسؤال : هي هالة لسه نايمة؟!



ردت لميس بالإيجاب : ايوه عشان نامت متأخرة امبارح



أومأت وسام لها برأسها فى تفهم ، قبل خروج لميس من الغرفة ، بينما رن هاتف وسام ، ووجدت اسم دعاء يضيء الشاشة ، فألقت نظرة سريعة على باسم ثم خرجت إلى الشرفة ، لتجيب عليها حتى لا تزعجه.



✾♪✾♪✾♪✾♪✾



في هذه الأثناء



فتحت لميس باب الغرفة بهدوء شديد مرة أخرى ، وألقت نظرة أخيرة على باسم الذى امتقع وجهه من أثار الحمى ، قبل أن تغلق الباب بحذر ، وهي تسير في الردهة ، وتفكر بقلق في هالة التي لم تتحدث معها منذ الصباح ، ولم تكن تستيقظ من نومها إلا بين الحين والآخر على صوت رنين هاتفها ، لترى مكالمات ياسر الكثيرة لها ، من دون أن تستقبل أى منهم ، لذا تركتها وشأنها ، لتفكر بطريقتها الخاصة ، فهي تلجأ دائما إلى النوم ، لتنظيم أفكارها المشوشة ، لعلها تتخذ القرار السليم.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



فى مكان جديد 
 

داخل فيلا صغيرة نوعاً ما لكنها فاخرة
 
امرأة في أواخر الأربعينيات من عمرها ، تجلس على أحد الكراسي في صالة المنزل الفسيح ، وتتحدث في الهاتف المحمول ، تتميز بهالة ساحرة وملفتة للنظر ، لا يظهر عليها التقدم فى العمر ، لأنها جميلة الملبس والمظهر ، وتهتم بصحتها إلى أقصى الحدود ، وتتمتع بدرجة عالية من الأناقة والأنوثة.
 

      امرأة في أواخر الأربعينيات من عمرها ، تجلس على أحد الكراسي في صالة المنزل الفسيح ، وتتحدث في الهاتف المحمول ، تتميز بهالة ساحرة وملفتة للنظر ، لا يظهر عليها التقدم فى العمر ، لأنها جميلة الملبس والمظهر ، وتهتم بصحتها إلى أقصى الحدود ، وتتمتع بدرجة...
  
 
أجاب الطرف الآخر ، الذي لم يكن سوى صوت وسام ، زوجة شقيق زوجها الراحل ، وهى تقول بنبرة لينة : هدي نفسك يا دعاء .. مش كويسة العصبية دي يا حبيبتي



إمتعضت شفتى دعاء بحسرة ، لتقول بإستنكار : ازاي ماتعصبش بس .. يعني معقول ابني اللي لسه في عز شبابه يفضل حاله بالشكل دا



تحدثت وسام مواساة : ماله حاله بس!! ماهو الحمدلله ماشاء الله عليه مبسوط مع مراته وربنا موفقه في شغله



فركت دعاء جبهتها بتوتر ، ونطقت بنبرة حزينة جدا : انتي مش حاسة بيا يا وسام .. انا عايزة اشوفله ولاد .. كفاية انه طول عمره وحداني .. اتحرم من ابوه وهو لسه في بطني .. ومالوش اخوات .. ولما كبر كمان يتحرم من الخلفة



مشاعر ومعاني كثيرة كانت مخبأة في ثنايا كلماتها ، ولم يحن الوقت بعد لإعلانها ، لكن وسام لم تفهم أيا منها في هذه اللحظة ، لتهتف معترضة على ما قالته بتوبيخ سلس : ايه الكلام دا يا دعاء !! دا قدر ربنا اللهم لا اعتراض عليه .. وباسم والبنات اخوات عز واكتر كمان .. انتي ناسية انه كبر معاهم ولا ايه؟!!



✾♪✾♪✾♪✾♪✾



فى هذه الأثناء 



دخلت منى من الخارج بعد أن فتحت لها الخادمة الباب ، حيث ذهبت إلى منزل حماتها ، لتأخذ رأيها في الفستان الجديد الذي اشترته لحفل خطوبة هالة ، فهى دائما تعجب باختيارها الأنيق في اختيار الملابس ، ومستحضرات التجميل.



تلاشت ابتسامتها على الفور ، عندما اقتربت من المكان الذي كانت تجلس فيه دعاء ، لتتوقف عن المشي ، وشعرت بتجمد الدم في عروقها بمجرد سماعها كلمات حماتها التالية...



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 


google-playkhamsatmostaqltradent