Ads by Google X

رواية في رحالها قلبي الفصل الرابع عشر 14 - بقلم آية العربي

الصفحة الرئيسية

 رواية في رحالها قلبي الفصل الرابع عشر 14 - بقلم آية العربي 

بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم 


وَلَقَدْ نَعْلَمُ أنّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبِكَ وكُن مِنَ السَاجِدِينْ واِعْبُد رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينْ .


اللهم إنا نستودعك أهل غزة وكل فلسطين ، اللهم

كن لهم عونا اللهم إنا لا نملك لغزة وفلسطين إلا الدعاء


الفصل الرابع عشر من رواية في رحالها قلبي 

بقلم آية العربي


❈-❈-❈


 


إن أحببت لا تخفْ 

إن وقعت في الحب غامر 

إن عشقت عبّر 


تحكم كليًا في نفسه بعدما تذكر هذا الشيء ولكنه قرر تجربة النوم بجوارها فقط لذا انسدل يتمدد على الفراش ويسحبها من نهر خجلها الذي كادت أن تغرق به إلى أحضانه ويده تربت على خصلاتها بحنانٍ يقول  : 


- اهدئي سارة  ،  فقط سأنام بجواركِ ولن أتمادى إلا حينما تكونين مستعدة لذلك  . 


وجدت نفسها تنسدل  في أحضانه لذا جحظت وحاولت التحدث بنبرة متوترة  : 


- سيف أرجوك  ،  ماذا سأقول لأمي ونورا إن وجدتاك هنا  ؟ 


اقترب أكثر يقيدها بذراعيه ثم أغمض عينه وتحدث ساخرًا  : 


- معكِ حق  ،  كيف ستبررين لهما النوم في أحضان زوجكِ  ، نامي يا سارة وإلا أكملت ما كنت أفعله  .


انكمشت تومئ له باستسلام وتركته يغفو مستمتعًا بقربها وحينما وجدته يذهب في سباتٍ عميقٍ بعد عدة دقائق أخرجت رأسها من بين ذراعيه تطالعه بتعجب  ،  متعجبة من نفسها ومنه ومن هذا الوضع  برمته . 


من هذا وأين هي وما هذا القدر الذي وقعت فيه  ؟  ،  حدقت في ملامحه وهو نائم  ،  تفاصيل وجهه  ،  يحمل وسامة لم تكن يومًا تفضلها ولكن الآن باتت تعشقها . 


نزلت بنظرها إلى شفتيه وتذكرت قبلته لها لذا أسرعت تغمض عينيها موبخة نفسها سرًا  . 


تنهيدة حارة خرجت منها لتهجم عليها فجأة فكرة سلبية وأن هذا النائم كان في يومٍ من الأيام زوج شقيقتها  ،  كانت فريدة تمكث مكانها هنا لذا تجمدت وحاولت ابتلاع غصة حلقها المُرّة ثم بدأت تتململ بهدوء من عناقه لتنجح في التحرر وتفلت نفسها حيث نهضت ووقفت تطالع أثره بحزنٍ من هواجس الماضي التي لا تريد تركها حتى في قمة سعادتها  . 


تحركت بعدها نحو الحمام لتغسل وتبدل ثيابها ثم تتجه لترى نوح وتحاول اللهو معه قليلًا علّ عقلها يهدأ من طرح هذه الأفكار  . 


❈-❈-❈


طرقت باب غرفة والدتها ودلفت لتجد سعاد تقرأ وردها وتومئ لها أن تتقدم  . 


تقدمت حتى وصلت إلى نوح النائم في سرير جدته ثم دنت تقبله بحبٍ ونهضت تتجه نحو والدتها التي تجلس أرضًا فوق سجادة الصلاة لذا تمددت سارة تجاورها ثم مالت تضع رأسها في حجر والدتها كطفلة صغيرة مشتتة وحزينة  . 


صدّقت سعاد ووضعت مصحفها جانبًا ثم بدأت تملس بيديها خصلات ابنتها وتساءلت بترقب وقلق  : 


- ما بكِ يا سارة  ؟  ،  هل حدث شيء  ؟ 


أغمضت سارة عينيها تهز رأسها وتمنع دموعها من السقوط وهي تقول بتحشرج  : 


- لا يا أمي لم يحدث أي شيءٍ سيء  ،  كل ما حدث اليوم هي أشياء لم أكن أتخيلها  ،  لقد أهداني سيف رشيدة يا أمي  ،  اشتراها لي وهذا الأمر فاق استيعابي  ،  سيف رجلٌ رائعٌ يا أمي وأنا نادمة على إصداري أحكام مسبقة في حقه  ، اليوم أثبت لي أنه إنسان نبيل يستحق الحب والراحة  ...  ولكن  . 


- ذكريات فريدة تؤرقكِ  . 


هكذا أجابتها سعاد وهي تعلم يقينًا أن ما يمنع ابنتها عن سعادتها خوفها المتكرر من ذكريات فريدة مع سيف لذا أومأت سارة وهي ما زالت نائمة على ساق والدتها لتتنهد سعاد بقوة ثم تملس على خصلاتها وتبدأ في قراءة آيات من القرآن الكريم على عقل ابنتها حتى تطمئنه وتبعد عنه الأفكار السيئة التي تؤرقها  . 


دقائق مرت وسارة مستكينة تشعر بالراحة حتى انتهت سعاد ثم تحدثت بنبرة لينة حنونة  : 


- يا سارة يا حبيبتي  ،  ألم ترِ طوال حياتكِ زوجة تموت ويتزوج زوجها بشقيقتها من أجل الأطفال؟  ،  هل هذا مخالفًا لشرع الله يا ابنتي  ؟  ،  هل لو أحب الزوج شقيقة زوجته بعد وفاتها وبعد أن تزوجها هل هذه خطيئة  ؟  ،  لا يا قلبي هذا كله تدبيرٌ من صنع الله  ،  أنتِ لم تُحبِ سيف أبدًا ولم تنظرِ نحوه وهو زوج شقيقتكِ ولا حتى هو  ،  ودعيني أخبركِ أن هذا خير وليس كما تقولين أنكِ نادمة على حكمكِ عليه  ،  لأن هذا دليل يؤكد عدم تقبلكِ لسيف الذي ربما لو كنتِ تعلميه جيدًا لوقعتي في الخطيئة ولكن الله عافاكِ من حبه وهو زوج شقيقتكِ ليضع حبه في قلبك بعد موتها  ، ولستِ بمفردكِ بل هو أيضًا مثلكِ  ،  لم يحاول قط ولا مرة أن يتقرب منكِ بالرغم من أنه لم يتزوج فريدة عن حب  ،  أنا وأنتِ كنا نراه رجلًا غامضًا من كثرة تحفظه معنا فلمَ هذا الشعور بالذنب يا ابنتي  ؟  ،  أنتِ لستِ مذنبة أبدًا  ،  الذنب الوحيد الذي تفعلينه هو أن يكون سيف زوجكِ يحبكِ وتحبينه وترفضين الاستجابة لهذا الحب  ،  لم تخونِ فريدة يا سارة ولكنكِ الآن تخونين ميثاق الزواج الغليظ  ،  يجب أن تتركي هذا الأمر كليًا وتبدئي مع سيف حياتك فالعمر يمر لا تفقدي حلاوة الأيام هذه  . 


نهضت سارة بهدوء تجلس أمام سعاد وتطالعها بعيون لامعة باكية ثم رمت نفسها في حضنها لتستقبلها سعاد وتعانقها بحب وأمومة بالغة وهي تمسد خصلاتها بحنانٍ وتدعو الله لها  ،  تعلم إن ابنتها تستحق حياة سعيدة وهنيئة مع سيف . 


ظلت سارة تعانقها وتشكرها بصمتٍ على وجودها معها ف لولاها لَمَا وصلت لمرسى آمن مع كل رحلة في حياتها  . 


تنهدت تبتعد عن والدتها ثم نظرت لها بامتنان تحول إلى خجلٍ وهي تقول بتوترٍ  : 


- أمي  ،  سيف ينام في غرفتي الآن  . 


ابتسمت سعاد بسعادة على ابنتها وتحدثت توبخها بهدوء  : 


- هل هناك زوجة جيدة تترك زوجها ينام بمفرده وتأتي إلى أمها شاكية باكية  ، الرجل  اشترى لكِ رشيدة التي هي أكثر منكِ رشدًا وكان يجب أن تشكريه  ،  هيا الآن عودي لغرفتكِ وجاوري زوجكِ إن استيقظ ووجدكِ هنا ربما قال عني حماة متسلطة وأنا لستُ كذلك  . 


ابتسمت لها سارة وتحدثت بحبٍ وهي تقرص وجنتها  : 


- أنتِ حماة كما يقول الكتاب  ،  ولو أنه دار في الدنيا بحثًا عن حماة مثلك لن يجد  . 


بادلتها سعاد قرصة وجنتها وتابعت بصدق  : 


- وأيضًا لو دار الدنيا بحثًا عن قلب مثل قلب ابنتي لن يجد  ،  وهو يعلم هذا جيدًا  ،  هيا الآن اذهبي لزوجكِ أرهقتيني  . 


أومأت لها سارة ونهضت تتنهد بقوة ثم نظرت نحو نوحٍ وقالت بحنين  : 


- ولكنني لم ألهُ مع الصغير جيدًا اليوم  . 


التفتت سعاد حولها تبحث عن شيءٍ تقذف به ابنتها التي أسرعت تركض ضاحكة قبل أن تجد سعاد ما تبحث عنه ونجحت في مغادرة الغرفة وتحركت عائدة نحو غرفتها ثم دلفت تنظر نحو هذا النائم لتتنهد بقوة ثم تقرر مجاورته بخجلٍ جعل وجنتيها تتورد ولكنها الآن تريد فعل هذا وتريد الاستمتاع بالنوم في أحضانه  . 


كانت ترتدي منامة حريرية ناعمة ولكنها اتجهت نحو مرآة الزينة تطالع هيئتها برضا وامتدت يدها تتمسك بزجاجة العطر ثم نثرت منها القليل فوق ملابسها وهي تقضم شفتيها بخجل ممزوج بالسعادة مما تفعله ومن هذه الحالة الجديدة عليها  . 


تركتها وتحركت نحو السرير ثم بحذرٍ وبهدوءٍ شديد تمددت عليه تتجنب الالتصاق به وتتسطح على ظهرها ناظرة للأعلى وقلبها صاخبٌ يطالبها بالمزيد ولكنها أغمضت عينيها تعنفه قبل أن تتفاجأ بغزوٍ هجم عليها هجوم مغلف بالحنان ويسحبها إليه  . 


قيدها بذراعيه وقدميه ودفن رأسه يستنشق رائحتها بعمق وعيناه مغمضة واقترب من أذنها وهمس بسحرٍ جعلها تتخبط في ثورة مشاعرها الجديدة  : 


- تركتكِ تغادرين كما رغبتِ والآن عدتي لحضني برغبتكِ لذا فلن أترككِ  ،  لن أترككِ أبدًا يا سارة  . 


قبل أذنها ثم عاد لنومه بينما هي أغمضت عيناها كذلك لتهرب من خجلها ومشاعرها هذه في النوم وقلبها يتخبط بين نبضاته من فرط السعادة   . 


❈-❈-❈


استيقظت صباحًا تتململ ولكنها تذكرت سريعًا أن سيف كان يجوارها ولكنه الآن ليس موجودًا ،  هل كانت تحلم  ؟ 


نهضت تدلك رقبتها ثم تثاءبت بنعاس لتسمع صوتًا يأتي من الخارج لذا قطبت جبينها وترجلت من السرير تتجه نحو الباب لترى ماذا يحدث وحينما فتحت الباب اصطدمت بظهره يقف أمام باب غرفتها فتعجبت تناديه  : 


- سيف  ؟ 


التفت سريعًا يمد يده ويمسك مقبض الباب ليعاود إغلاقه ولكن قبل ذلك جعله مواربًا ونظر لها من فتحته الصغيرة يردف بنبرة تحمل عشقًا وغيرة  : 


- ارتدي نقابكِ يا سارة هناك عمالًا ينقلون أغراض غرفتي  . 


أغلق الباب بعدها وتنهد ثم خطا ليرى العمال فهو يقف هنا منذ أن جاؤوا وبدأوا في نقل الأغراض حيث يعلم أنها لا تعلم بوجودهم وربمَا خرجت بوجهها أمامهم ولم يرد إيقاظها لذا وقف كالحارس أمام باب غرفتها وما إن أخبرها حتى تحرك ليرشدهم على التعليمات اللازم تغييرها في جناحه ليهيئه لاستقبالها فيه  . 


أما هي فدلفت غرفتها تبتسم بسعادة جعلتها تقف أمام المرآة تنظر لنفسها برضا وثقة وراحة  ،  كل ما يفعله يجعلها تحبه وتتعلق به أكثر   . 


تنهدت ثم تحركت نحو حمامها لتبدأ روتينها اليومي. 


❈-❈-❈


بعد وقتٍ وبعد أن غادر العمال يجلسون حول مائدة الطعام يتناولون وجبة الغداء فتحدث سيف برتابة وهو ينظر نحو سارة  : 


- سارة بعد قليل ستأتي مهندسة الديكور  ،  اجلسي معها واختاري ما تريدينه وهي ستنفذه  . 


نظرت سارة نحو سعاد تبتسم ثم عادت له قائلة بحب وخجلٍ وهدوء  : 


- لم يكن هناك داعٍ للتغيير يا سيف  ،  كانت جميلة  . 


باغتتها سعاد بنظرة لومٍ فهي تعلم جيدًا أن ابنتها كانت تود ذلك لذا تحدثت بروية  : 


- لا يا سارة سيف معه حق يا ابنتي  ،  اختاري الألوان والتصميمات التي تحبينها  . 


أومأت سارة بتفهم لتعود إلى طعامها بينما نهض سيف يردف بلطف  : 


- عن إذنكما يجب أن أذهب إلى الشركة  . 


تحرك نحو سارة ودنا يقبل رأسها وودع سعاد التي انشرح قلبها خاصةً بعدما رأت وجه ابنتها  . 


غادر وتركهما تتحدثان لتردف سعاد بهدوء  : 


- اسمعي يا سارة  ،  أنتِ لم تطلبِ شيئًا بل هو من أراد ذلك وهذا يعني أنه يتبع الأصول ويعلم جيدًا ما عليه فعله  ،  ليس من الجيد يا ابنتي أن ينام معكِ في غرفتكِ لذا فمن الأفضل تجديد جناحه وانتقالك أنتِ معه  . 


أومأت سارة بتفهم وشردت تفكر لينتشلها صوت الصغير الذي استيقظ لذا نهضت من مكانها تتجه نحو سريره لتحمله وتهدهده وتناغشه بسعادة وطاقة جديدة اقتحمت حياتها  . 


❈-❈-❈


مر ثلاثة أيام  . 


استطاع فيهم سيف تجهيز الغرفة لتصبح جديدة تمامًا  . 


لم تختر سارة كل ما تريده ولكنها اكتفت بترك الأمر للمهندسة التي أتقنت عملها وجعلتها غرفة رائعة بأثاثٍ جديد وألوانٍ هادئة تبعث الراحة في النفس . 


وقفت سعاد ونورا ترصان أغراض سارة في مكانها الجديد والأخرى تجلس مع نوح تطعمه وتتركهما تفعلان ما تريدانه فهي تشعر بشيء غريب يحدث مع سيف  . 


خلال الثلاثة أيام المنقضية لم يحاول التقرب منها  ،  بل أغرق نفسه في العمل وعندما يعود يرحب بها ترحيبًا هادئًا مثلها كمثل صغيره ثم يتجه نحو غرفة جانبية وينام بها وهذا ما أثار حنقها  . 


فإذا كانت غرفته تحت التجديد فلمَ لا ينام في غرفتها كما فعل تلك الليلة  ؟ 


أسئلة لم تجد لها جوابًا سوى أنه ربمَا أراد مفاجأتها ولكن هذا لا يعفيه من الخطأ في حقها لذا فيجب أن يتحدثان  . 


انتبهت لصوته فرفعت وجهها لتجده يقف أمامها يحدق بها بعينين ثاقبين كأنه علم بماذا تفكر لذا تحدث وهو ينظر نحو سعاد بنبلٍ  : 


- سيدة سعاد بعد إذنك أريد أن أتحدث مع سارة  . 


أومأت سعاد واتجهت تحمل نوح من جوار ابنتها بعدما غمزت لها ثم تحركت خارج الغرفة هي ونورا لينتظر مغادرتهما ثم يغلق الباب ويتجه نحو سارة التي تجلس على الأريكة المرتكزة أسفل النافذة  . 


جلس يحدق بها فوجدها تخفض رأسها بهدوءٍ وحزنٍ منه لذا عاد يرفع رأسها بيده وتحدث أمام عينيها  : 


- أنا آسف  . 


حسنًا ها هو يا سارة يبادر ويعتذر قبل حتى أن تعاتبيه فهل ستسامحيه أم لا  ؟ 


تنهدت تطالعه بعمق ثم تحدثت بتأنٍ معبرة  : 


- أنا لا أريد منك اعتذارًا يا سيف أنا فقط أريد سببًا  ،  لمَ أشعر أنك تتجنبني عن عمد  ؟ 


تنهد بقوة لا يعلم بمَ يجيبها وكيف يفصح عما به ليجعل خوفه يجيب بمراوغة مؤقتة  : 


- لا يا سارة  ،  كل ما في الأمر أنني أردت أن أبدأ معكِ حياتي هنا  ،  كنت فقط أنتظر إلى أن ينتهوا منها واليوم انتهوا لذا فدعيني أخبركِ أن الليلة ليلتنا  ،  ستصبحين ملكي قولًا وفعلًا وأنا كذلك  . 


توترت وأطرقت رأسها مجددًا خجلًا ولكنه عاد يرفعها ويتعمق في عينيها قائلًا بنبرة غامضة  : 


- أنتِ كل ما أريده يا سارة  ،  لا أريد سواكِ ونوح في حياتي  ،  أنا أحبك جدًا  . 


لم يمهلها لحظة لتفكر في حديثه بل أسرع يقبلها قبلةً يسكت بها ضجيج أفكارها ويخبرها بأنه خائف  ،  يخشى أمرًا تحاول استيعابه  . 


بعد ثوانٍ تركها مجبرًا وابتعد ليجدها مغلقة العينين فابتسم لها ثم نهض من جوارها وتحدث بعدما بدأت تفتح عينبها وتطالعه بخجلٍ : 


- سأذهب الآن فقط لساعتين وسأعود  ،  كوني مستعدة  . 


غمزها بعينه ووسامته وتركها تتعثر في حزمة مشاعرها المبعثرة وغادر يقضي عمله ويعود  . 


❈-❈-❈


كان يقود بشرود متجهًا إلى الفيلا  ،  يفترض أن يكون الآن في أقصى درجات سعادته ولكن ما يحدث داخله الآن برغم سعادته وحماسه إلا أنه خائفٌ من ردة فعلها  . 


لا يعلم هل ما سيفعله ستتقبله أم لا ولكنه حاول ولم يفلح  ،  لم يفلح الأمر معه أبدًا   ، هي الوحيدة التي بات يخشى فقدانها وهذا الخوف المتوحش هو من قاده لما سيفعله ويتمنى ألا تغضب أو تحزن منه  . 


أما هي فكانت تجلس أمام مرآتها تتزين بعدما ارتدت ما ناولته لها سعاد بعد إلحاحٍ وتوبيخٍ كاد أن يصل للضرب لترضخ في نهاية الأمر وترتديه وفوق منه مئزره تربطه بإحكام  . 


تركت لخصلاتها العنان وزينت عينيها الساحرتين بالكحل الأسود ووضعت أحمر شفاهٍ وردي على شفتيها ثم نثرت العطر حولها وعادت تطالع هيئتها بتوترٍ وخجلٍ وتتمنى أن تمر الليلة بسلام فهي تشعر أن قلبها سيتوقف من فرط حركته نسبةً لتوترها. 


طرقات على الباب جعلتها تجفل وتلتفت لتجده يفتح باب الغرفة ويدلف ثم رفع عيناه ليراها  ،  أغلق الباب وتوقف مكانه يتأملها  ،  لأول مرة يراها على هذه الحالة التي ضخت فيه الرغبة بها أكثر والاشتياق لضمها ، جميلة بكل ما تحمله الكلمة من معاني  ، جميلة ومن حولها هالة جمال خاصة بها تجعله مفتونًا ومتيمًا بها . 


نهضت تفرك كفيها وتبتسم له مردفة بتوتر  : 


- حمدالله على السلامة  . 


ابتسم لها وتقدم منها حتى وقف أمامها يحدق بها ثم تحدث معبرًا عن مشاعره  : 


- ما هذا الجمال  ؟  ،  هل أخذتِ كل جمال النساء لكِ وحدكِ أم ماذا  ؟ 


ابتسمت برضا وسعادة ثم تحدثت وهي تنظر له  : 


- تبالغ كثيرًا  . 


- هذه عيناي وهذه رؤيتها لم تتدخلين بين رجلٍ وعينيه ومشاعره  ؟ 


ابتسمت بخجل من جوابه بينما تابع وهو يحاوط خصرها ويقربها إليه   : 


- هل تناولتِ العشاء  ؟ 


هزت رأسها بلا ثم نظرت لليمين وقالت مشيرة  : 


- أمي جهزت لنا وجبة  . 


أومأ وابتعد قليلًا يردف بقلبٍ متضخمٍ  : 


- حسنًا سأذهب لأغسل يداي وأعود إليكِ  . 


تحدثت قبل أن يتحرك  : 


- سيف  . 


توقف يطالعها فتابعت بخجلٍ  : 


- هل يمكن أن نصلي قبل أي شيء  ؟ 


تعمق فيها وتعجب من هذا الأمر فهو برغم التزامه ببعض الأمور  إلا أنه ليس ملتزمًا بشكلٍ كافٍ ولكنه أومأ يجيبها بطاعة شاعرًا بشيءٍ من الراحة الجديدة على حياته  : 


- نعم أكيد  . 


أومأت له فابتسم وخلع جاكيته يلقيه على المقعد ثم تحرك نحو الحمام ولم يلحظ ما وقع من جيب جاكيته بالقرب منها  . 


دلف وأغلق الباب خلفه بينما هي خطت خطوة فلاحظت أسفل قدميها هذا الشيء لتنحني تلتقطه بين يديها وتطالعه بتعجب دام للحظات قبل أن تتسع عينيها بصدمة  ،  هل أحضر معه أقراص منع للحمل  ؟ 


دقائق مرت حتى خرج يجفف يداه ويتجه نحو غرفة الملابس ينتشل منها تي شيرتًا وسروالًا ويبدلهما سريعًا ثم يعود إليها  . 


وجدها تجلس على المقعد الذي ترك عليه جاكيته فاتجه نحوها وجلس جوارها يردف متسائلًا حينما وجدها شاردة  : 


- ما بكِ يا سارة  . 


رفعت نظرها إليه تتعمق فيه ثم فتحت يدها ليرى شريط الأقراص مرتكزًا في كفها لذا توتر وزفر يطالعها وهي تتساءل بهدوءٍ  : 


- ما هذا يا سيف  ؟  ،  لمَ هو معك الآن  ؟ 


أطرق رأسه قليلًا يرتب ما يود قوله ثم عاد يطالعها قائلًا وهو يهز كتفيه  : 


- لا أستطيع يا سارة  ،  لا أستطيع أن أخاطر بكِ  ،  لن أحتمل هذا الشيء  ،  أرجوكِ أفهميني  . 


هي تحاول  ،  تحاول فهمه ولكن عجز عقلها عن ذلك لذا تحدثت باستهزاء وهي تلوح بالشريط بيدها  : 


- وهل هذا هو ما سيحميني من الموت  ؟  ،  هل تصدق ما تقوله يا سيف  ؟ 


أطرق رأسه بعجزٍ فهو حتى وإن لم يصدق ولكن هناك حقيقة واقعية تصيب عائلته والتاريخ خير دليل وعليه أن يأخذ حذره لذا زفر بقوة وعاد يطالعها قائلًا بتروٍ  : 


- الأمر ليس هكذا يا سارة  ،  ولكن أخبرتكِ أن هذه لعنة تصيب عائلتي  . 


ضحكت بخفوت وألم لتتابع بعقلٍ مستنكرٍ  : 


- سيف توقف أرجوك  ،  سمعت قصتك وقدرت حالتك ولكن أنت مخطئ تمامًا  ،  يجب أن تدرك أننا مسلمين نسلم الأمر كله لله  ،  نحن لا نؤمن بأي لعنة  ،  نحن نؤمن فقط بالقضاء الواقع لا محالة وبالقدر الذي يمكن تغييره بالدعاء  ،  وأما عن اللعنة فهذه عمل شيطاني ليس إلا  ،  أرجوك يا سيف إياك أن تصدق هذا الأمر  . 


نظر لها بعمق وابتلع غصة حلقه المرة وبات في تشتتٍ وصراعٍ وخوفٍ ولم يعد يعلم أي قرارٍ يتخذه ولكنه يخشى هذه التجربة معها ، يخشاها ويخشى عواقبها بشدة . 


حينما طال صمته توغلتها قوة اندفاعية لذا امتدت يدها تتناول كفه ثم قامت بوضع الأقراص به قائلة بتصميم قاطع  : 


- أنا لن أتناول هذه الأقراص أبدًا يا سيف  ،  أنت طلبت مني زواجًا رسميًا وأنا الآن أطلب منك زواجًا حقيقيًا بكل تفاصيله  ،  ما تفعله ذنبًا كبيرًا لن أشارك فيه


    •تابع الفصل التالي "رواية في رحالها قلبي" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent