رواية عيسى القائد الفصل السادس عشر 16 - بقلم اية محمد
16
"هتتقبـلي فيـا اي!! إني كنت مـدمن؟! ولا أن أمي رقـاصة.. ولا إني مش عارف ميـن أبويا لحد النهاردة؟!"..
" عيسى قـالي وأنا مفكـرتش ثانيـة واحدة غير في مـوضـوع الإدمـان لكن هـو طمنـي وقـالي إنه واثق فيـك، وأنا كمان واثقـة فيك "..
ابتعـدت فـردوس وجـلست تتنهـد بتعـب ثم لثواني استـوعبت حـال الغـرفة فصـرخت بتقـزز:
" اي دا!!! اي المنـظر دا!! اتفضـل إمشي يا منتصـر علشـان أنا ورايا هم ما يتلم هنا "...
وبـرغم تعـمدها لتغـيـير مجري حـديثهم إلا انـه أقتـرب يسحبهـا لـه يقـول بحده:
" أنا ممكـن اضعف وأرجـع في اي لحـظة، أنا نفسي مش ضامـن و ممكن أذيـكي، ممـكن مقـدرش أحبك العمـر كله.. أنا مقدرتش أحمـي نسـرين ومش هقـدر أحميكـي "..
أبعـدت يـده تقـول بهـدوء:
" أنا مش هخليـك تضعف وهـعرف أخليك تحـبني، ونسـرين ماتت علشان دا عمـرها مش علشان أنت قصـرت معاها، أنت حـمايتي يا منتصـر، أنا كمـان علفكـرا مريت بحاجات كتيـر، حاجات تخليني اخرج من الكتب الورديـة اللي مليانه شمـوع باللون الوردي و أعيش في الواقـع، أنا الواقـع بتاعي مخليني مش شايفـة غيرك أقدر أحس معـاه بالآمـان، دا مش حب لأني بقيت اشوف الحب ضعيف قصـاد مشاعري ناحيتك "..
ابتعد يسألها بإستنكـار:
" فيـن العقل دا من فردوس المجنـونة "..
" عمـري ما كنت مجنـونة، أنا شيـلت أمي وأختي وأنا الصغيرة يا منتصـر، المسئولية خلتني عاقلـة وأقوي من الظروف اللي اتحطيت فيهـا، بس في النهاية أنا عاوزة السنـد والضهر اللي اتحامي فيـه "...
عـاد ليقتـرب منهـا مره أخري ثـم ضم وجـهها بكفيـه واقتـرب يطبع قبـلة رقيقـة هادئـة وصادقه علي جبهتهـا:
" انتي هتكـوني زوجـة هايلـة "..
وضعت يدهـا علي جبهتهـا تقول بضيق:
" وأنت زوج نص كم "..
ضـحك منتصـر بشده يدفعهـا بخفـه:
" يا بنت الناس اتلمـي شوية عيب بقي، دي قبـلة بريئة لبنوتـه هنعتبرها بريئـة.. المهم موضوع شغل البيت اللي أنتي عاوزة تعمليه دا مش عاجبني.. أنا كدا كدا هشوف حد ينضف، هسمحلك بس بالأكل عشان طبيخك حلو "..
" يا جـدع والله ما في ست هتدخل هنا غيـري، يلا روح شوف شغلك عاوزاك تبقي ملياردير لـو رصيدك في البنك قل هخلعك "..
" ماديـة حقيـرة صحيح "...
" امشي يا جـدع بقي خليني اخلص عيسى هيخـلص عليا لو اتأخرت.. يلا امشي "..
" حاضر.. سلام "....
تحـرك منتصـر للخـارج و بقيـت هـي تسـاعده في الحصول علي حيـاة أكثـر راحـة، هي تري الأمر بعقـل أكثر نضجـا وتفهـما حتي هي أختارت خدمتـه بنفـس راضيـة، كل شئ بداخلها يقودهـا تجاهها، منذ عُقد بينهـم ذلك العـقد المقـدس وهي تفكـر في كـل الطرق لإستمـالته حتي إن كانت ستجـاهده لأجل حيـاة سعيـدة جواره....
الأيـام لا تتوقف و الحيـاة تمضـي، عيسـى و زوجـتة زمرد، تلك الفتـاة التي ظـلت تأتيه باحلامه لسنـوات لتأخذ مكـانتها بقلـبه من قبـل حتي أن يلتقي بهـا، و بعـد أن وجدها وأخـيرا جعلهـا زوجتـه واخذها لبيتـه ليتقـرب منهـا فتبتعـد حتي رأت بنفسهـا أن لا سـلام سـوي بجواره...
لم تكـن ترغب بـه وهو ايضـا، لا يـوجد حتي تجـاذب بينهـمـا، تشعـر بقـلة الحيـلة والحـزن حـتي باتت باهتـه وضعيفـة أما عنـه فقد أنهك نفسه بعمـله حتي تقـل فترة جـلوسه بالمنـزل، يتركـها مع أخته الوحيـدة و يبقي في مشفـاه بجـوار الجثث يحـادثها لعل أحدهم تستفيق وتُجيب تساؤلـه....
بعـد مرور شهـر كـامل استقـرت حياتهـم من جـديد، ابنتهـا و ها هي تعيش بإستقـرار مع زوجـها وخـالد يعمـل في مشفـي خاصـة براتـب مُرضي، أما زوجها فأخيرا أفتتح مكتبتـه الراقيـة و تردد الزوار عليها ليأخذوا منها الكتب و غيرهـا من المستلزمـات ليستريح فؤاد زوجـها وقد وجد اخيرا مصدرا جـديدا من المـال، كافي بالنسبـة له ولزوجـته... كل تفكيـرها الآن هي تزويـج ابنهـا الوحيد الذي أصبح عمـره 35 وثلاثـون عاما ولم يعـرف إمرأة يومـا!!!...
عـاد منتصـر لمنـزلـه ليجـده كالعـادة نظيفـا ورائحـته منعشـة، بينمـا طاولته مليئـة بطـعام يكفيـه و بالطبـع رسـائل فردوس التي بـاتت أكثـر شاعـرية هذه الأيـام، هو لن يظلمهـا يوما ولكن بالنهايـة قلبـه ليس ملكا لـه، لا زال يتذكر زوجـته و يحبهـا.. كثيـرا...
............................................................
"عيسـى أنت نـايم؟!"..
أجابهـا بصـوت ناعس:
" لا، بس هنـام "..
" أنا كنت عـاوزة أقـولك حاجـة "..
" سامعك "..
" مامتك كـانت بتقـولي إنها عـاوزة تشوف أحفـادها "..
" معـلشي ابقي قوليلهـا ان شاء الله وخلاص "..
" لا مهـو أنا كمـان عاوزة أشوف أحفادها "..
إلتفـت عيسى ينـظر لها بإستنكـار وتعجب وسألها بحيرة:
" يـعني اي "..
" عـاوزة أقـول لعيالي إني بحـب أبوهم "..
ضحـك عيسى يسألها بصدمه:
" اااي؟! دا أغرب إعتراف شوفتـه في حياتي!! "...
ابتسـمت تقـول بهـدوء وصدق:
" أنت أحسن حاجه حصـلت في حيـاتي يا عيسـى، أنا عارفـة إني أخدت وقت طـويـل علشان أقـول كدا بس أنا بجـد بحبك "....
تـحرك عيسـى بحمـاس كبيـر يقـول بجـديه:
" قـومي غـيري هدومك هننزل دلـوقتي هوريكي حاجـة في الشارع اللي ورانا "..
سألتـه بتعجب:
" حاجـة اي!!؟ "..
" قـومي بس يلا أنا هروح أجيب العـربيـة وهستناكي تحـت "...
تحـرك عيسـى للخارج بحمـاس وسعـادة وهي أيضـا تحركت سريعـا ترتـدي ثيابها ثـم اتجـهت للسيـارة ليتحـرك بهـا عيسـى لدقائق قـليلـة ثم تـوقف بهـا أمام أحد المحلات المُغلقـة فسألته بتعـجب:
" اي دا يا عيسـى؟! "..
أردف بحمـاس:
" تعـالي "..
فـتح عيسـى الأبـواب وتحرك للداخـل وهي خلفــه لتتضـح لهـا الرؤيـة بالكـامل عندما اضاء لهـا عيسـى المكـان يقـول بإبتسامة:
" صـيدليـة الدكـتورة زمـرد.. إي رأيـك!! "..
إلتفتت زمـرد تنـظر له بصـدمه و اتسعـت ابتسامـتها تضحك بدون تصـديق:
" دا! دا بجـد؟! صيـدلية بتاعتي أنا؟! "..
قـال عيسى بإبتسامة:
" هي لسـة مخلصتـش أنا كـنت بجهـز كل حاجه علشـان أعرف أقـولك كلمـة بحـبك كدا تكـون محترمه، بس أقسم بالله ولا تيجي حاجـة جمب الكلام اللي أنتي قـولتيه، والله وأنا كمان نفسي اشوف عيالي بقي "..
ضحـكت زمرد بخجـل فأقترب عيسي يضمهـا برفق يهمس بـهدوء:
" أنا بـحبك يا زمرد "..
هـا هي بدايـة في صفحـات جـديد من كـتاب الـحياة الخاص بـهم، بـداية حيـاة جـديـدة، تـوبة جـديـدة أقسم عيسـى بداخـله أن لا يعـود لذنوبـه السابقـة فبـعدما أعطـاه الله كـل تلك السعـادة لن يُغضبـه هو عمـدا، بـل تقـرب أكثـر طالبا المغفـرة وألتفت لـزوجتـة و والدتـه و إخوتـه يهتـم بجميـع من حـوله ويهـتم الجميـع بـه...
بـعد مـرور ستـة أشهـر..
في شركـة آل عيسى..
" حنـة جايلهـا عريس "..
رفـع منتصـر رأسه لعيسـى يسأله بإهتمام:
" عارف موضوعها؟! "..
هـز رأسه نفيـا وأردف بحيـره:
" بفكـر أكلمه كدا أقابـله برا في كافيه ولا حاجه و أفهمـه وهو بقي حـر "..
تنهـد منتصـر يقـول بضيق:
" عيسى إنت لازم تشـوف حل جذري للمـوضوع دا، أكيـد اللي اسمه كـارم دا محتفظ بكـل الأوراق بتـاعة أبوه، بما فيهم ورقة الجـواز دي "...
" أنا قلـبت الدنيا علي الورقة..في واحـدة من الخدامين اللي في بيتهـم قالتلي إن كـارم ولـع في ورقـة الجواز دي علشان خاطر ميكـونش لحنـة اي نصيب في الورث و كمـان علشان يريحوا قلب أمهم "...
" تفتكـر مجـدي كان معـاه نسخـة من الورقـة!! مهـو مجدي مش غبي بردو وطبيعي يكون معاه نسخه علشان يضمن حقـه "..
" لا مجـدي مش معـاه حاجه، لو معاه كان هيساومنا عليها من زمـان "...
" الـموضوع دا صعـب أوي بجـد ومتقفـل من كل الإتجـاهات للأسف "..
" أصـلا حنـة قايـلاها صـريحـة إنها مش عاوزة لا تقـابل عرسان ولا عـاوزة تتجـوز خـالص بس أنا تحـت تهديد فيفي إني مسمعش كلامها "..
ضحك منتصـر بيـأس علي تصـرفات زوجتـه المندفـعه فهي تفعـل ما تـريد دائمـا، بطريقتهـا، بدون اي مقـدمات، بـدون تفكـير بالعواقـب...
سأله عيسـى بسخرية:
" اي اللي يضحك دلـوقتي؟! "..
" لا بضحك علي فردوس بس، أنا فاضـلي في الحياة شوية طاقـة بيخلصوا عليها "..
" بمنـاسبـة فردوس بقي، إي موضـوع المصـروف اللي أنت بتديهـولها دا؟! أنت تديهـا فلوس بتاع اي أنت!! "..
" مش مصـروف ولا حاجه هي كـانت داخلة جمعيـة وبـعدين دلوقتي علشـان مبقاش في شغل فهـي قالتلي إنها عاوزة تسد الفلوس بتاعتها، فأنا بقيت اديهـا كل عشر ايام تقريبا تدفعهـا و بزودلها شوية لو نفسها في حاجه، مش بصرف عليها يعني، وبعـدين يعني اي بتاع أي أنت دي؟! دي مراتي! "..
" دي مراتك بس مش في بيتك، الأولي كانت تطلب مني أنا "..
" معلشي تلاقيها اتكسفت "..
" أولا دي فـردوس يعني مبتتكسفش، ثـانيا هتتكسف مني أنا وأنت لا ليـه إن شاء الله أنا أخوهـا وأنت يدوب واحد كاتب كتاب يعني "..
" اه والله أنا يدوب جوزها فعـلا.. عيسى أنت عاوز اي دلوقتي!! "..
" متصرفش عليها يا حبيبي غير لما تبقي في بيتـك، لسـه قدامك سنـة علي ما تبقي تصرف بقي بـراحتك "..
قـال منتصـر بـتردد:
" اه هـو موضوع السـنة دا مينفعش يبقي ست شهـور! "..
نـظر له عيسـى بتعـجب تحول بخبث وهو يسأله:
" البت فيفي وقعتك ولا اي! "..
أجابه منتصـر بضحك:
" لا مش كدا، هـي بس قالتلي أتكـلم معاك وأقـولك نخليها ست شهور كمان بدل سنه، هي متعرفش إني أنا اللي حطيت المدة دي و مش عاوز أقولها عشان متفهـمش إني كـان عندي مشكلة في الموضوع كله أصلا "..
" قولها إني رفضت "..
" ليـه؟! "..
" أنت جـاهز لحيـاة جديدة و جـواز ومسئولية و بيت!! أنا عن نفسي لسـه شايفـك بتحـارب في اللي فـات، أنا عـارف إنك بتحتـرم فردوس و بتعـزها وإنها بقي ليها مكـانه غاليه في قلبك بس لما هي تسألك عن مشاعرك ناحيتها وقولتلها كدا هي مش هتكون مبسوطة، فـيفي بتفكـر في إنها لما تكون معاك هيكـون ليها مساحة أكبر إنهـا تقدر تخليك تحبهـا زي ما هي باين عليها أوي إنها بقت تحبك لدرجـة كبيـرة يمكن أنت أصلا جيت تقولي كدا علشان متجرحش حبهـا دا، وأنا مش عاوزك تعمل حاجه انت مش مقتنع بيها مية في المية، خصـوصا لو هيبقي فيهـا ضرر علي اختي "...
" هي بتعـمل كل حاجه علشـان تخليني مـرتاح، مش عاوزاني أحس إني اتجبـرت علي الجـوازة وأنا للحق بكـون مرتاح معـاها، فردوس شخص سلـس مش معقـدة بالنسبالي وبحس إنها دايمـا فاهمـاني، دمهـا خفيف وبتضحـك طـول الوقت بس بردو مش تافهـه.. فاهمني؟! "..
أومأ عيسى بإبتسامـة هادئـه ثم أردف بتعقل:
" ولكـن بردو مردتش عليا.. هل أنت اتخطـيت ولا لا!! وأنا طبعـا مش بطلب منـك تنسي نسـرين.. أنا عاوزك بس تصدق إنك ممكن تحب تـاني عادي و عامة أنا شايف إنك بتاخد خطـوة بس متـوافقش فيفي في النقطة دي بالذات.. أنتم لسه محتاجين وقت "..
تمكـن عيسى من إقنـاع منتصـر وبالفعـل أخبر فـردوس بذلك بعـد أن عـاد من عمـله في مكـالمة هاتفيـه أنتهـت بمشاجـرة بينهـم أدت لمخـاسر كبيـرة...
" والله خسـارة فيك صينيه المكرونـة البشامـل اللي أنا كنت ناويـة أعملهالك بكـرا.. عندك المكرونه أبقي قرقشهـا بقي، ولعلمك مفيش جواز بعد سنـة، بعد خمس سنين أبقي كلمني ويا عالم هرد عليك ولا لا "..
حـاول كتم صوت ضحكـاته وهو يسألها بإستنكار:
" وإشمعنا خمس سنين يعني!! "..
" علشان يا بيـه أنا قـررت إني أشتغل وأحقق ذاتي وكاريري "..
" كاريرك!! دا هزار الكلام دا صح؟ "..
" لا مبهـزرش، أنا قـررت إني أرجـع تاني أفتح الكافيـة، أصلا عيسى كتبه بإسمي وأنا لازم أدير أموالي بنفسي "..
" ما شاء الله بقيتي تقـرري من دماغك ولا كأن ليكي راجل تسأليه!! "..
" لمـا أبقي في بيتك بقي ابقي اسألك "..
أردف منتصـر بحـده:
" لا مهو أنا مش خطيبك علشان تسمعيـني الكلمتين دول أنا جوزك ولازم لما تفكـري في حاجه زي دي تيجي تتكلمي معـايا، مش تيجي تقوليلي أنا قـررت وأنت بقي رأيك في الزبالة ميهمنيش "..
" بس أنا مقولتش كدا، طبعا رأيك يهمني بس أنا مفكـرتش إنك هتعترض وبالشكل دا، مش فاهمه يعني لو اتكلمت بهدوء هيحصل اي!! "..
" اقفـلي يا فردوس وموضوع الشغل دا تنسيه.. "..
أنهي المكـالمة بضيـق وهي كذلك نـظرت للهاتف بغضـب وقبل أن تنفـجر من غضبهـا ثم تحركت لخـارج المنـزل حيث كانت بمفردهـا....
كـان قـرارها هو التجـول قليـلا حـول المنـزل لتفريـغ غضبهـا منـه وبـدون أن تنتـبه كانت تقطـع الطـريق لتصـطدمها أحد السـيارات..
سقطـت أرضا متألمـه لا تشعـر بمن حولها ثم استسلمت للظلام الذي داهمـها وأخفي عنها النور...
......................................................
" اي دي؟! "..
" ورقـة طلاق.. طلاقنا "..
" لا ما أنا بعـرف أقـرأ يا زيـن؟! بس مش فاهم يعني اي عـاوزة تطـلقي؟! "...
قالت بإرتبـاك وهي تحـاول تفـادي النظر لعينيه مبـاشرة:
" أولا يا سليـم أنا ممتنـة فعلا للي أنت عملته معايا، أنت أنقـذتنـي.. مهما عمـلت عمري ما هقـدر أوفيلك حقك.. لكـن أنا بقيـت شايفـة إن جوازنا دا خلاص ملـوش داعي.. أنا من الأول مش حاسـه بأي مشاعر ناحيتك و كذلك مش حاسـه منك بأي حاجه... يمكـن لو انا للحظة حسيت إنك انجذبت ليا أو في حتي مجرد إعجـاب بيا كنت هتغـاضي النظر عن مشاعري ومكنتش هقول الكـلام دا.. بس انا بقيت حاسه إني بحـرمك من إنك يكون ليك حياتك العاطفية أو الزوجيـة المستقـلة..وعلشان كدا أنا أخدت القـرار دا ومستنية أسمع رأيك وهحترم قرارك "...
" هتسمـعي رأيي بعـد ما كلمتي محـامي أو مأذون وعملك ورقـة الطـلاق ومضيتي عليها كمـان!!! أنا كـل ما بحـاول اخد خطوة معـاكي أنتي اللي بترفضـي.. قولتلك تعـالي نسافـر سوا..زين أنتي حتـي مبتقعديش معايا علي سفرة الأكـل!! تجـاذب اي اللي هيحصل وأنا تقـريبا بشوفك مرة في اليوم ساعة العشاء وبعدها تدخلي أوضتك وتقفلي علي نفسك الباب!! مع إني يوم ما قولتلك نتجـوز قولتلك هيكون جواز طبيعي من غير اي شروط علشان صحه العقـد... ست شهـور يا زين ولحد النهـاردة كل ما بفكر أجيبلك حاجه بقف محتار مش عارف أصلا أنتي بتحبي اي من كتر تجنبك ليـا.. رفضت الأكل كذا مره وقولتلك طالما هتقعدي معايا يبقي مش هاكل وكنت بتدخلي وتسيبيني أضرب دماغي في الحيط، حتي يوم ما باخد أجـازة بتقعـدي ساكته ومبتتكلميش... أنتي حـتي وقت الأزمـة نفسهـا مكونتيش كـدا، بعد ما كل حاجه اتحـلت وخلاص أهلك بقوا حواليكي وأخوكي بقيتي كدا "...
كـانت عيناهـا ممتلئه بالدمـوع وهي تستمـع لحديثـه، كانت قاسيـه بالنسبـة لهـا، الأيام و الشهور وكـلماته وبرغم ذلك لم تتغير ملامح وجهها كثيـرا، باهتـه فقدت حيويتهـا... أردفت بهدوء:
" وعلشان كدا أنا شايفـه إني أعفيك من كل دا أحسن و ننفصل بهدوء"..
"واللي أنا شايفـه مناسب إنك محتاجـة دكـتورة نفسيـة، زي ما أخوكي قـالك قبل كدا"..
" وأنا مش هقـدر أحـكي لحد وأفتكر كـل دا.. فخلاص أنت مينفعش تعيش مع واحـدة من غير روح.. أنا حـاولت يا سليم والله حـاولت بس مش قادرة.. لا قادرة أخرج من اللي أنا فيه ولا قادرة أكمل معاك حياة طبيعيـة "..
" يـا زين أنا عـاوزك تبقي كويسه، وأنا مش عاوز حاجه منك يا ستي خلينا صحـاب، بس كلميني وعرفيني عنك و عن حياتك واعرفي عني حاجـة غير اي الأكل اللي أنا بحبه وخلاص، أنا مش هضغط عليكي وعد مني بس حـاولي و اسمعي كلامي وسبيني أحجزلك عنـد دكتورة كويسـه "..
" طيب تعـالا معايا "..
" مين قالك إني هسيبك أصلا!! هكـون معاكي في كل سيشن هتروحيــه بس توعـديني متقوليش الكلام دا تـاني.. أصل عيب يبقي قدامي بنت زي القمر كدا ومعجبش بيها دا أنا أبقي عبيط بقي "..
ابتسمت لـه بهدوء لمجـاملته ثم اقتربت تأخذ الورقة وقامت بتمزيقهـا تهمس بهدوء:
" أنا أسفـة "...
أقترب سليم يجـلس جوارها وسألها بهدوء:
" إي رأيك تقومي تغـيري هدومك ننزل نتعشي برا "..
اومأت برأسها وأردفت بإبتسامة خافته:
" وعاوزة آيس كريم "..
" عنيا.. يا سلام إحنا عندنا كام زيـن يعني!! يلا قـومي اجهزي بسرعه عشان ميت من الجوع "..
" حاضر مش هتأخر عليك "..
........................................................
" فـردوس مجـدي.. كلموني من تليفـونها هي فين!! "..
سـأل منتصـر بقـلق وهو بالكـاد يلتقط أنفـاسه، أخبـرته موظـفة الإستقبـال فـركـض يبحث عنهـا وبداخـله العـديد من التساؤلات، توقف علي رنين هاتفـه فأخرجـه يجيب بتعب:
" اه يا عيسى أنا وصـلت بس لسـه معرفش هي فيـن ولا عارف حصلها اي.. بدور عليهـا أهو "..
كان الأخير يقـود سيـارته بسـرعه جنـونيـة كادت تودي بحيـاته لكـنه لا يهتم الآن سـوي بأختـه.. سوي بتلك الفتاة التي أطغـت بمزاحهـا علي كل الآسي الذي مروا بـه....
بقـلب مضطـرب وعقـل يمر بأسوء التخيـلات في تلك اللحظـة، بالنهـاية ما مـر بـه ما زوجتـه الأولي لم يكـن أمرا هينـا أبدا لا يـتخيـل حتي أن يفقـدها، وإن كان لم يصـل بمشاعره معها لنصف ما احتفـظ به بقلبه لزوجـته الراحلـه ولكـنه لا يستطيـع إنكـار ما يحمـله بداخله من إهتمام تجاه تلك الفتـاة....
حـرك منتصـر مقبض الغـرفة المغـلقة ودلف للداخل يبحث عنهـا بإضطراب:
" فـرودس! "..
رفعـت فردوس عينيهـا لتجـده أمامهـا فنـادته بخـوف:
" منتصـر.. هو أنا هموت؟! "..
أقتـرب يجـلس جـوارها يـردف بقلق:
" اي اللي حصـل؟! أنتي كويسـه؟! فين الدكـاترة اللي هنـا!!!
" مش عـارفـة أنا عمـلت أشعـة من شويـة وسابوني ومشيـوا، ورجـلي بتوجـعني أوي مش قادرة أقف عليهـا "..
وقف منتصـر يقـول بإنفعـال:
" يعني اي مشيوا وسـابوكـي!! "..
" لا اقعـد متسيبنيش وتمشـي، خليك معايـا... أنا كنت خايفـة أوي، كنت حـاسه إني هموت خـلاص والناس اتجمعـت حواليـا وجابوني هنـا "...
جـلس منتصـر بجـوارهـا يضمهـا للمره الأولي فقـالت بتعب:
" أوعي حضن مرة واحده، أنا كدا اتأكدت إني بودع خلاص، واجهني بالحقيقه قالولك اي برا!! ".
ضحك منتصـر وابتعـد ينظر لهـا بيأس فتمسكت هي بـه لتضع رأسها علي كتفـه تسأله بتعب:
" كنت خايف عليا؟! "..
أجابها بهـدوء:
" كنت مرعـوب يا فردوس.. الحمد لله إنك كويسـه، هتطمن عليكي بس وبعـدين هعلمك الأدب عشان تبقي تخرجي من غير ما تعرفيني تاني "...
" أنت هتشـلني يا جـدع أنت!! أنت مش كنت متخانق معايا وقافـل السكـة في وشي هكلمك استأذنك كمـان!! دي مصيبـة اي دي!؟ "..
" بس اكتمي خـالص مش عاوز اسمع صوتك، خلينـي أكلم أخوكي أطمنـه عليكي قبل ما يعمل حادثه هو كمان "....
وقبـل أن يُكمـل حديثـه اندفـع عيسـى لداخـل الغرفـة وخـلفه خـالد، حنـة، والدته و زمـرد، جـلس عيسـى بجوار فردوس يضمهـا بقلق ينظر لها بتفحص:
" حصلك حاجه؟!! أنتي كويسـه؟! "..
اومأت له فردوس بإبتسامـة فأقتـربت حنة تضمهـا وهي بالكاد تلتقط أنفـاسها من كثـرة البكـاء:
" إزاي تخـرجي ومتقوليش لحـد، كنا هنتجنن عليكي "..
تأوهت فردوس تقـول بخبث:
" الدكـتور قالي الزعـل وحش أوي أوي عليا، أنا بقـول توافقي علي العـريس وتفرحي قلب أختك العيانه "..
دفعتها حنـة بخفـه في كتفهـا وابتعدت عنها تنظر لها بضيق تقول بتحذير:
" دي أخر مرة تخـرجي من غير ما تكوني قايله لحـد فينا علي مكانك... فاهمه ولا لا!!! "...
" بقـولكوا اي ما تحطـولي جهـاز تتبع أحسـن!!! "..
دلـف الطبيب وقـد كان منقـذا لهـا من تأنيب الجميـع لهـا، سأل بتعجب:
" اي يا جماعه العدد دا كلـه، الموضوع مش مستاهل يعني، في شـرخ بسيط في رجـليها هنعمـل جبيـرة متدوسش عليها لمدة إسبوعين و خـلاص الموضوع بسيط ان شاء الله "..
بعـدما أنتهي الطبيـب من عملـه أخذهـا عيسـى بيـن يـديه يحملهـا للخـارج ثم تحـركت السيـارات تجـاه منزل عيسى من جـديد...
تحرك عيسـى ليحمـلها من جديد ولكنـه وجد منتصـر بالفعل أقترب ليُساعـدها، فأقتربت زمرد من زوجهـا تقول بهدوء:
" سيبـه هو يسـاعدها "..
تنهـد عيسى بضيق:
" طيب هـركن أنا العربيـة، اطـلعي أنتي وراهـم "..
تحرك كلا في اتجـاهه وبقيت حنـة تنـظر في أثرهم بتـعب وحزن وحيـرة، ماذا لو فقـدت أختهـا أيضا اليوم!! كان اختبارا قاسيا بالنسبـة لهـا..
" متقلقيش... هي كويسه "..
يكفيـها ما مـرت به، لن تتحمل ان تقف الآن وتستمـع لمواساتـه و تنظر له فهـي كل ما تـريده هو ان تنسـي ملامحه، أن لا تجمعها صدفـه بـه، فهي تجـاهد قلبها اللعيـن منذ ستة أشهر لنسيـانه...
" ان شاء الله، معلشي بقي يا دكـتور تعبناك معانا "..
" أنا معملتش حاجه.. ألف سلامة عليهـا.. و مـبروك "..
سألته بتعـجب:
" مبروك علي اي!! "..
" هتتخطبي قـريب!؟ "..
" لا.. دا كان حد متقـدم وأنا رفضـت بس عيسى و فردوس مصممين إني اقابلـه، بس أنا عنـد قـراري "..
" هو العـريس اللي مرفـوض ولا المبدأ!!! "..
" المبـدأ "...
اومـأ لها بـدون أن يُضيـف حرفـا أخـر وتحـرك للداخـل فتحـركت خلفـه وهي تحـاول منـع نفسهـا من البكـاء من جـديد ف.. حنـة هي حنـة تواجـه كل مشكـلاتها بالبكـاء، لكن.. الحـب من طرف واحد يستحق البكـاء..
في الأعلي كـانت تحيط رقبتـه بيديها لتتشبث بـه وتنظر له بإبتسـامه تتأمل ملامحه عن قـرب فأقترب يهمس لها:
" أنا عارف إني حـلو بس مش كدا الناس تقول اي؟! "..
" أنت قمر.. ويقولوا اللي يقولوه محدش ليه عندي حاجه "..
ضحـك منتـصر ثم وضعهـا علي فراشهـا ثم أخذ وسادة يضعها خلف ظهرها وأخـري تحـت قدمها المصـابة يقـول بهدوء:
" نـامي كويس.. بكـرا هجيبـلك فطـار وأجي أفطر معاكي.. اجيبلك اي!! "..
" طعميـة وفول وبطاطس ومسقعـه وبابا غنوج.. وماية سلطه عشان بحبهـا "..
" عشان تفتح نفسك أصلها مسدوده "..
" اه فعلا عنـدك حق، أهو خليني أخس شوية "..
أقتـرب يمـازحها:
" لا متفقناش علي كـدا أنا عاوزك كدا زي ما أنتي"..
"قصـدك إني زي القمر صح!! قول قول متتكسفش محدش معانا"...
" طبعا وأنا اقدر اقو.....
احم احم.... خلصـتوا فيلم عشق مليئ بالدسم دا!!!
ابتعـد منتصـر و تحرك قليلا للخـارج بإتجاه بـاب الغرفـة:
" اه أنا خلاص اتطمنت عليهـا.. "..
تحـرك منتصر بحـرج مغـادرا لمنـزله و تابـع عيسى فردوس بحـده فنظرت له بتعجـب ترفـع كتفيـها في براءة مزيفـه...
" نـامي وارتـاحي.. كلامنا الصبـح "..
...............................................
في الصـباح التـالي...
تفاجـأ منتصـر بأن الجميـع اجتمـع بشقـة فـردوس و حنـة لتنـاول طعام الإفطـار سويـا، لم يهتم وتحرك يبحث عنهـا ليجدها تجـلس علي الأريكـة بجوار والدة خالد فألقي التحيه وألتفت يسألها بإهتمام:
" عاملـة إي النهـاردة؟! "..
" الحـمد لله، أحسـن.. حاسة إن كل الناس مهتمه بيا، انا بقيت محور الكون بجـد "..
ضحك منتصـر ثم أعطـاها حقيبـة مليئـة بالأطعمه السريعـه المختلفـه والمسليـات..
" جايبلك كـل حاجه تقـريبا، اتسلي بقي ومش عاوز رجلك تلمس الأرض، فاهمه ولا لا؟! "..
" حاضـر انا اساسا مش قادرة اتحرك "..
في الداخـل وقف عيس جـوار زوجته المنهمكـه في تحضـير الطـعام يسـألها بحيـرة:
" يعني بعـد ما ظبط كل حاجه هلغي!! "..
" يا عيسـى حنـة بتشتغل و فردوس لازم حد معاها و مامتـك متقـدرش تلاحق علي شغل الشقتين و ميـن هيهتم بفردوس؟! معلشي هنبقي نسافر في وقت تاني، أنا أساسا كنت تعبانه مش قادرة "..
" مالك؟! "..
" معـرفش بس هـروح أعمل تحليل أنيمـيا كدا "..
سألها بإبتسامة:
" مش يمكن تكـوني حامل؟! "
إمتلأت عيناها بالدمـوع وألتفتت تقـول بحزن:
" لا مش حامل.. يا ريت بس مفيش حمـل ولا حاجه "..
تحرك عيسى ليقف أمامهـا يسألها بهدوء:
" أنتي بتعيطي ليـه دلـوقتي؟! بقـالنا قد اي متجـوزين إحنا علشان تعيطي علي الموضوع دا؟! أنتي المفروض دكتـورة وعارفـه إن الخمس ست شهور دول ميعتبروش تأخير اصلا "...
" أنا عـارفـة ومش زعلانه ولا حاجه، أنـا بس حـاسه إني بفكـر في مليـون حاجه... الموضوع دا و بـابا اللي بقاله شهـرين مكـلمنيش خـالص!! وأخر مرة روحنا طنطـا قالي أبقي أكلمه قبل ما نروح..طيب هو مبيردش عليا اروحله إزاي؟! هو ما صدق خلص مني يعني! ليه هو أنا كنت بعمله اي!! ".....
" طيب مكـلمتيش عمـار ليه تسأليه؟! "..
" سألته قـالي إن عادي الوضع في البيت طبيعي، يعني بابا بيتجـاهلني، مش عاوز يعرف عني حاجه ولا يشوفني تاني!! "..
أقتـرب عيسى يضمهـا برفق فهـو حقا لا يملك من الكلمـات ما يواسيها بـه، فهـو لا يعرف حتي ما معني كـلمة أب...
بعـدما هدأت قليلا تركـته لتُكمـل ما تفعـله فأبتعـد عيسـى يُفكـر في فعل شيئ لإسعـادهـا، وقف جوار النافـذة منشـغلا بالأمر حتي قطـع خالد تفكـيره:
" عيسى... أنا كنت عـاوز أتقدم ل حنـة "..
ويتبع...
آية محمد..
ها هي النهايـة علي الأبواب يا أصدقاء...
•تابع الفصل التالي "رواية عيسى القائد" اضغط على اسم الرواية