Ads by Google X

رواية حصونه المهلكة الفصل السادس عشر 16 - بقلم شيماء الجندي

الصفحة الرئيسية

  


 رواية حصونه المهلكة الفصل السادس عشر 16 - بقلم شيماء الجندي



“نيران”
 
لأول مره يشعر بذاك الغضب ناحيه شخص مثالى ک “يزيد” ، شخص ودود مُتعقل يحادث الجميع بلطف يوزع ابتسامات خاصه لتلك التى تجلس بجانب شقيقها تقص عليه ما أخبرها به ذلك الطبيب النفسى المرح و تشيد بثقافته المتسعه و تجوله بالمؤتمرات العالميه ، جلسه سيئه ممله مليئه بالأحاديث الكريهه زفر أنفاسه بغضب ملحوظ لم يستطع كتمانه لفت جميع الأنظار إليه ، لكن كان تركيزه كله مع نظراتها هى تلك النظرات التي اشتعلت بغضب ناحيته أثارت غضبه أكثر ناحيتهم ليقول بهدوء حين صمتت الأحاديث الوديه :

-انا بقول يزيد أكيد جعان و الأكل اتأخر ..

وافقته عمته الرأي و هى تبتسم إليه بود و مكر غامزه بإحدي عينيها إليه سرا و استقامت تقول بود ملحوظ :

– عندك حق ياحبيبي فعلا الغدا أتأخر النهارده أسفين ياايزيد …


ابتسم لها “يزيد” و هو يومئ بهدوء و لطف قائلاً بصوت رخيم و نظراته تعود إلى تلك الفاتنه :

– و لا يهمكم أنا اصلا مش جعان أنا كنت جاي اقعد مع أسيف شويه لأني معرفتش اتواصل معاها الفتره اللي فاتت …

ابتسمت له بهدوء كعادتها لتبتلع “سمر” رمقها و هى تحدق بقبضه ابن اخيها التي تشتد لتبرز عروقه و قد اعتدل جسده بوضع هجومى واضح فقالت بصوت واضح و هى تمد يدها برقه إلي ابنه أخيها :

-أسيف حبيبتي تعالي معايا نشوفهم سوا ….

شعوره بالامتنان نحو عمته الآن لايضاهيه شعور آخر لكن نظرات تلك الجميله العابسه من ترك تلك الصُحبه و اتباع عمتها برقه جعله أكثر غضبا ً على ذاك البغيض سارق العقول لقد جعل العائله كلها بين يديه حتي العم “مراد” المعروف بصمته قد انصهر معه بالأحاديث الوديه و ارتفعت ضحكاته مثلهم جميعا ، لاحظ “يزيد” نظراته الغاضبه الموجهه نحوه هو فقط ، إلى الآن لايفهم سر كراهيته هل لأنه عاون “أسيف” بتخطي محنتها ؟! أم لأنه لا يعرفه بالأساس و لذلك يمقت تواجده ؟!! ارتفع صوت “نائل” يقول :

-تعرف يابابا .. أسيف معتبره يزيد طائر الحظ بتاعها كل ما ييجي النادي و احنا بنلعب لااازم تكسبني لدرجه بقيت تكلمه مخصوص قبلها ..


ضحك “يزيد” بلطف و هو يرد عليه غافلين تماماً عن تواجد أحدهم يحترق بنيران الغضب و لهيب جسده يزداد يشعر بالدماء تندفع بقوه برأسه تُزيد اشتعال أفكاره الجنونيه الآن :

-لا ياحبيبي ده عشان أنت نصاب و أنا بكشفك لكن أسيف مش بتدخل حاجه إلا و تنجح فيها ..

أتت بتلك اللحظه و هى تقول بابتسامه واسعه و هدوء لطيف :

-ده عشان أنت دايما مشجعنى ياايزيد …

إلي هنا و كفى لن يتحمل أكثر من ذلك منهم و منها هى بالتحديد كيف لها أن تتحدث هكذا مع ذاك الغريب أمام أعينه بل أمام أعين الجميع ، لقد استطاع ذاك الحقير أن يبرمجها كما يشاء ، أين “أسيف” الصامته الخجله من أقل الكلمات أو النظرات ؟!!! استقام واقفاً بغضب و كاد ينصرف من جانبها حين رمقته بنظره اندهاش لوقفته الغاضبه و تراجعت للخلف حتي لا يمر هواء جسده من ناحيتها ما تلك المرحله من البغض التي وصلت إليها معه !!

حدق بها بنظرات لائمه لأفعالها أمام ذاك العدو لتشيح بنظراتها عنه بصمت ارتفع صوت العمه التي راقبتهم بصمت تتشدق بحزن :

– يلا ياجماعه السفره جاهزه ، اتفضل يادكتور….

اتجهت العائله إلى الطعام بهدوء و أحاط “تيم” كتفى شقيقته ثم همس بصوت خافت تسلل إلي مسامعه :

-مكنش ليها داعي العزومه دي ياأسيف …

ردت عليه و هى تعض على شفتيها بخجل :

-هو كان مسافر و لسه راجع و أول حاجه عملها كلمنى و كان عاوز يجى يقعد ندردش شويه بس أنا و نائل اللى قولنا نعزمه علي الأكل بالمره …

تظاهر بالعبث بهاتفه و هو يمر بجانهم بخطوات واسعه متجهاً إلى الطعام مبتسماً بمكر يهمس داخله .. حسنا لأول مره نتفق معا ياابن العم !!!!


كانت أصوات ارتطام الملاعق بالأطباق هي الطاغيه حيث توترت الأجواء قليلاً بعد أن أمسك “فهد” الكرسى الذى سحبه “يزيد” بجانبها و جلس عليه دون أن يوجه لأحد كلمه بل و بدأ أيضا بطعامه بلا مبالاه و هدوء تااام ..

تحرج الجميع من تلك الحركه و تلون وجه “يزيد” بغضب طفيف من تلك الحركه المقصوده تماماً ليرتفع صوت الجد و هو يشير إلى الكرسى المقابل لفهد على الجهه الأخرى قائلاً بابتسامه ودوده :

-اتفضل يادكتور جنبى واقف ليه !!

اضطربت أنفاسها على الفور حين أصبح بذلك القرب منها ابتعدت عنه بجسدها بهدوء و أصبحت شبه على طرف الكرسى بجهه أخيها ، لم يكترث لفعلتها هو بالأساس توقع ذلك ، يكفى أن ذاك الكائن لم يجاورها مره أخرى أمام أعينه هذه ليست علاقه طبيب بمريضه كما وصفها “نائل” ليرتفع صوت “فهد” الرخيم و هو ينظر تجاهه بابتسامه بارده :

– عجبني اهتمامك بالمرضى بتوعك بالدرجه دي يا دكتور يزيد تعرف إنى لسه مخلص جلسات علاج نفسى من فتره قريبه و بصراحه أول مره اشوف اهتمام كده …


توترت الأجواء أكثر و أتسعت الأعين و همس “نائل” لعمته التى تجاوره :

– شوفتى قولتلك مش هيعديها علي خير .. اتفرجي بقاا ..

نظر إليه “يزيد” باندهاش و قد صدمه بتلك الجراءه الناقده لتصرفه العفوى تجاه “أسيف” حاول استجماع كلماته أمام تلك الابتسامه الماكره التى زينت ثغر “فهد” بهدوء و لازال ينتظر رده …

ارتفعت نظرات “أسيف” المندهشه إليهم و قد اغضبها للغايه تدخله بأمر لا يخصه لكن الوعد الذى قطعته لعمتها حين اختلت بها بعيداً عنهم طالبه منها التهاود قليلاً أمام الأغراب و تمالك أعصابها مع ذاك الشرس المتعجرف جعلها توقف سيل كلماتها و تحدق بأخيها الذى يحاول استيعاب تلك الكلمات اللئيمه ، نظر الجد نحو حفيده بغضب تجاهله “فهد” و خرج اخيرااا صوت نِده الهادئ يقول :

– فى الحقيقه تعاملى مع أسيف مش تعامل دكتور لمريضه صداقه العيله والعلاقه بينهم من زمان خلتنا صحاب أكتر من دكتور ومريضته ..

-صحااااب !!!!

أردف بها “فهد” و هو يضيق عينيه الغاضبه و كاد يردعه علي حديثه لكنه عاد بجسده بكرسيه و هو يردف ببرود معاكس تماماً لما يجيش بصدره الآن … :

-اها يعني المريض لو عارف عيلته بتتقابل معاه بعد ما تنهي علاجك ليه ؟!! يعني مثلاً لو عرضت عليك دلوقت تساعد ندى فى علاجها هتكمل معاها تواصل بعد ما تخف بما إنها من العيله برضه و مريضه !!!

توترت نظرات “يزيد” لأول مره و هو يحدق به بصدمه طفيفه لمفاجأته الآن ثم نظر نحوها ليجدها تحدق به تنتظر اجابته بهدوء لقد استطاع الماكر تسليط الضوء نحو نقطه واحده محدده بعنايه و ها هو يُشغل الجميع بالتفكير حيال الاجابه و يرفع الملعقه يتذوق طعامه بهدوء و نظرات متشفيه عابثه ، ازداد توتره و هو يحدق ب “تيم” بخجل حين رمقه بنظره ذات مخزي و كأنه يقول أرأيت ؟! لكنه تمالك نفسه و أردف بهدوء مضطرب :

-انا اكيد معنديش أى مشكله إنى اساعد أختك لو طلبت ده يعني دي مهنتي …


ألقي نظره سريعه نحوها ليجد عينيها عادت إلى طبقها تعبث بالملعقه به بهدوء حسنا لقد نجح الماكر بالايقاع فيما بينهم ، و تعكير صفو الأجواء و بحنكته كطبيب سوف يفقد ثقتها إن استمر الحال هكذا ….

أما هو ارتفعت ابتسامه عابثه تعلو ثغره و هو يرتشف من الكوب بهدوء ثم قال بصوت رخيم :

– تمام يادكتور أنا هكلم بعد الغدا الدكتور المسؤول عن حاله ندى عشان تتفاهم معاه ….

صمت بعدها ليري اماءه خفيفه منه و صمت الجميع متسللين واحداً تلو الآخر فور انتهاء الطعام و فقدان بعضهم شهيته فور تلك اللحظات الثقيله عليهم ….

*

وقف “تيم” بوجه “يزيد” بالحديقة بعد إنتهاء اليوم يحدق به بهدوء و هو ينصت إلى كلماته باهتمام تام و تجديده لعرض الزواج من شقيقته ليتنهد “تيم” قائلاً بهدوء :

– شوف يايزيد أنا معنديش أى مانع لارتباطكم بس أنا لفت انتباهى سؤال فهد النهارده ليك .. أسيف مريضه عندك مش غريب تتولد مشاعر ناحيتها في خلال فتره علاجك ليها ؟! ده هيخليني متطمن على أختى معاك !!!

اغمض “يزيد” عينيه يستقبل اتهامه بحزن بالغ هو نفسه لا يعلم كيف ينجذب إلي مريضته لكن لبراءتها سحر طاغى يفتن القديس و يجذبه إليها بلا مقاومه أو شعور منذ الوهله الأولي أمامها و هو لا يستطيع إيقاف تفكيره ناحيتها ابداا ..

همس “تيم” له بعقلانية و هدوء يقطع أفكاره :

– يزيد انا مقدر مجهودك مع أسيف جدا و ممتن لمساعدتك و تعبك معاها كمان لكن أنا هكلمك بالعقل أنا لو عرضت على أسيف طلبك مش هترفض ، طبيعى و أنت عارف كده لأنها لسه خارجه من علاقه فاشله تماماً و أنت بالنسبالها المنقذ اللى علمها حاجات كتير أولهم تعتمد علي نفسها بس أنت عملت كده لأن دى شغلتك و هى مش هتستوعب ده يايزيد ، أنت منجذب لأسيف كأخت ليك مش أكتر و هى هتفهم ده مع الوقت ، أنا أسف بس مش هقدر أضر أختى تاني يايزيد أسيف اغلي حاجه عندي و مش هقبل اعملها فار تجارب لمشاعرك و لا هسمحلك تأذيها بتعلقها بيك الزايد عن حده …

تنهد الآخر بحزن و أردف بهدوء و عقلانية مماثله له :

– أنا لما عرضت عليك كده قولتلك إنى معجب بيها و مش قادر أبعد و اسيبها و ده مش طبيعى لعلاقه دكتور بمريضته ياتيم أنا مليش حكم علي قلبى مش بإيدينا صدقني أنا الشهر اللى بعدته عنها كان كل تفكيري فيها و رغم كده التزمت بوعدي ليك و مكلمتهاش و أول حاجه عملتها و كنت محتاجها أول مانزلت هى إنى اشوفها أنا صارحتك بمشاعرى ناحيتها عشان تقربها مش تبعدني عنها أنا عالجت ناس كتير قبل أسيف و دى أول مره ابقي كده مش ذنبي إنى دكتور نفسي ياتيم ..

أغمض “تيم” عينيه بهدوء ثم قال بلطف :

-ماشي يايزيد أنا هقول عرضك لأسيف لأن ده فى الأول و الآخر رأيها بس خليك عارف إنى في فتره الخطوبه بينكم أول مااحس أن أسيف مش مرتاحه أنا مش ممكن اخليها تكمل معاك ابدااا …..

تواري بعيداً عن أعينهم بالظلام الدامس و هو يحاول تنظيم أنفاسه بغضب شديد الخطوره و رغبته الآن بالهجوم عليه و أن يوسعه ضربا تزداد كل لحظه ، كيف له أن يتجرأ هكذا إنه يحاول بكل الوسائل امتلاكها و هى بالطبع سوف تقبل !!

*

اجفل حين شعر بيد تربت على كتفه ليتلتف إليها بفزع و هو يحاول تبين الشخص و لم تكن سوي عمته التي جذبت يده و هى تعود بهدوء إلى غرفه المكتب من الباب المُطل على الحديقه ، اردفت فور أن أغلقت الباب و هي تلتفت إليه تحدق بجلسته فوق طرف المكتب بأريحية و كأنه لم يستمع لشيئ منذ قليل …

– سمعت بنفسك ؟!! إيه البرود اللى أنت فيه ده هتقف تتفرج عليه و هو بيتجوزها قبل حتي ماتسامحك ؟!!


رفز انفاسه الحارقه بهدوء و قال و هو يهز كتفيه موليا ً ظهره لها بصوت اجش :

-مش يمكن هى ترفض .. و بعدين أنا مالى دي حاجه تخصها ميهمنيش غير إنها تنسى اللى حصل و ده واضح أنه مش هيحصل ..

رفعت “سمر” إحدي حاجبيها و هي تعقد ذراعيها أسفل صدرها قائله بابتسامه ماكره :

-ترفض !!! أنت مكنتش معانا قبل الغدا و لا ايه ؟!! و بعدين ترفض ليه اصلا جميله و صغيره و هو دكتور و من عيله و نعرفهم كمان و فيه بينهم انجذاب ترفض ليه بقي ؟!!!

كلماتها كانت تعتبر صوت عقله الذى يفكر الآن بنفس الأشياء نيران تحرق أحشائه بقلق لقد صدقت العمه ، إنها جميله بل فاتنه لطالما شبهها بالساحره سارقه القلوب ، لما تتمسك بعزلتها و هناك من يمد يديه الاثنتين لينتشلها من ظلام وحدتها بل و يحارب أيضاً و الآخر يديه المُلطخه بدمائها تُري سوف تتمسك بيد مَن ؟!!! بالطبع ذاك الطبيب الخبيث اللعين الطامع تشنجت عضلات جسده بعنف شديد و اشتدت قبضتيه و مال برأسه يطرقع عضلات عنقه حيث برزت عروقه من فرط غضبه ، تقدمت “سمر” تربت على جسده بلطف حازم و هى تقول :

-شوف يافهد أنا لو مكنتش شيفاك اتغيرت مكنتش قولتلك الكلام ده أنت محتاج إنها تسامحك أنا عارفه بس إزاي تفتكر لو يزيد ارتبط بيها هيسيبلك مساحه تتنفس جنبها حتى ؟!! أنا مقدرش اقولك اكتر من كده و فى النهايه الاختيار ليك بس خد بالك أسيف كرهت غضبك و مش من مصلحتك يظهر تاني هيقلل فرصك مش هيزودها يابني !!!

تركته وخرجت وكأنها لم تشن حرباً بحديثها حرب مليئه بالنيران اللاهبه الهائجه التي سوف تحرق الأخضر واليابس معها أتريد عمته التعقل كيف ؟!!! وقد بدأت مطرقه القلق تدق جميع حواسه ودماؤه الهادئه تتحرك بثوره داخل عروقه الآن !!! حاول ضبط انفاسه التي بدأت بالتسارع وكأنها تهرب من جسده كما تهرب الفرص معها من بين يديه ، كيف يصل إلي غفرانها وهي تخشب تواجده بنفس الغرفه هو يشعر ،كما شعر بتوترها ورعبها اليوم الذي اضحت تخفيه ببراعه عن ذي قبل بتلك النظرات المحتقره المتحديه …

أيتها الفاتنه البريئه ألا تعلمين أن حصونك تلك أصبحت مُهلكه ؟!!! أصبح نيل غفرانك مطمعى و مسامحتك ملاذي ، أنا ذاك الفهد المرعب الذى انقضضت يوماً على قلاعك و هشمتها .. احرقتها بنيران غضبي و حقدى ، ها أنا ذا اتطلع إلي نظرات المغفره من عينيك الجميله البريئه ، أُناشد تلك الروح الطاهره التى دنستها بطغيانى يوماً ماا ، أتوسل إليها و أرجوها ، أخوض حرباً لم اتخيل بخوضها يوماً نحوك ، كيف لى بالانتصار و أنا مُهشم الفؤاد ؟!!! كيف لىِّ أن احرق تلك الحصون دون أن اؤذيك مره أخرى ؟!!!!!!


دس يديه بخصلاته و هو يحاول التفكير بهدوء عله يصل إلي أحد حلول تلك المُعضله !! يصول و يجول بالغرفه الواسعة بقلق إلي أن استمع إلى تلك الطرقات الهادئه أعلي الباب يصحبها صوتها الرزين اللطيف بالسؤال عن تواجد أحد بالداخل ؟!!! تقطعت أنفاسه و عُقد لسانه ليرى الباب ينفتح و تدلف إليه بهدوء توقفت على الفور حين لمحته بالمكان و احتلت قسمات وجهها تلك النظرات الغاضبه و التفت و كادت تغادر لكنه أستغل قصر المسافه بينهم و أردف مسرعاً و هو يقف بوجهها يتنفس الصعداء أنها أغلقت الباب خلفها قبل أن تلحظ وجوده :

-أسيف لحظه واحده …

حدقت به بغضب كادت أن تصرخ بجملتها الشهيره و هى تحاول الابتعاد و الخروج لاعنه نفسها لغلقها الباب ، لكنه كان أسرع منها و قال بتوتر :

– آسف نسيت إنك مش حابه الاسم مني ، اناا .. كنت عاوز اشكرك علي وقفتك معانا النهارده ..

ذاك الشعور المرعب حياله و انقباض قلبها و انكماش روحها داخلها حين تراه لن ينتهِ أبدا مهما حيت .. أغمضت عينيها الخائفه تحاول استجماع شتات أمرها و قوتها و قالت بصوت قوي بعض الشيئ و كأنها تحادث نفسها أيضاً معه و هى تعتصر يديها الصغيره بقوه لمهابتها له إلى الآن :

– انا معملتش كده عشانك و لا عشانها أنا عملت كده عشان ضميري و ربايتي ، معرفش اسيب حد محتاجني للأسف !! و مش عاوزه منك شكر و لا عاوزه كلام اصلاااا ..

كادت أن تنصرف مسرعه قبل حتي أن تأخد ما أتت إليه لتبتعد عنه الآن فقط ، لا تريد سوي الهروب من أمام عينيه القاسيه الخبيثه ، استقبل كلماتها و هو يحاول السيطره علي أعصابه و إيقاف ارتعاشه وجهه من كثره جزه على أسنانه حتى لا يثير خوفها أكثر من ذلك أردف بهدوء و هو يبلل شفتيه فاركاً ذقنه بحده طفيفه و هو يمنعها بجسده من الخروج :

-انا عارف ده و عارف إنك مش شبهنا أنتِ عمي رباكِ علي أخلاق عالية احنا منعرفهاش و من بعده كان تيم ..

لاتعلم من أين خرج ذلك الشعور الذي انتابها نحو نبرته الهادئه بأنه حزين لفارق التربيه بينهم شعرت ببعض الخجل حين اشعرته أنها تعايره بربايتهم ، لكنها محت لمحه الخجل و هى تردف داخلها هاك الصواب ، عليها أن تريه كم الخِسه و الدناءه التي رأتها علي يديه المُعذبه القاسيه ، إن كان أبيه اللعين غير كاذب ما كان حدث لها ذلك ، نفضت رأسها بعنف خائفه أن تخوض بتفكيرها نحوه أكثر بمعركه لا داعى لها و اردفت بعصبية و نبره جافه :

-اوعي خليني امشي ..

خرجت أنفاسه بهدوء و دمعت عيناه و هو يرى تقلبات نظراتها و همس لها دون شعور :

– أسف …

هرب من أمامها على الفور بعد تلك الكلمه بخطوات واسعه تاركاً إياها بمفردها تحدق باثره بأعين باكيه ، أسرعت تغلق باب المكتب لتسمح بجسدها و روحها بالانهيار بعد تلك اللحظات الثقيله على كليهما و قد أضحت لا تعلم السبيل للنجاه من بين براثن اعتذاراته سواء الصامته أو التى يلقيها علي مسامعها بنبره متألمه واضحه …..

*

طوال ليلته لم يغفل ظل ساهرا يبحث عن معلومات حول ذاك اليزيد اللعين يجمع أكبر قدر ممكن من صفحاته الشخصيه و مقالاته المختلفه عن علم النفس و الأمراض النفسيه و بالصباح الباكر كان يستقبل مكالمته معه لمعاونته بحاله شقيقته كما اتفقا أمس اندهش في بادئ الأمر لكنه اعتدل مبتسما بمكر و هو يرحب بمعاونته متفقاً معه على ميعاد مقابلتهم يقص عليه تفاصيل حالتها ….

مكثت “أسيف” بغرفتها و هي تشعر بصداع يكاد يفتك برأسها من الواضح أن ليلتها لم تكن أفضل منه ، فتحت عينيها تحدق بصمت بسقف الغرفه بشرود و هي ترفع صوتها تسمح لأخيها بالدخول ارتفع رنين هاتفها بنفس توقيت دخول “تيم” الغرفه ليتفقدها ، نظر إليها و هو يعقد حاجبيه قائلاً باندهاش :

– أنتِ معندكيش شغل و لا ايه في المرسم !!

تنهدت بهدوء و هى تطلق أنفاسها بارهاق قائله :

-لا أنا مش قادره انزل النهارده …

جاورها أعلى الفراش و هو يلقى سترته على طرف الفراش متفقداً رأسها يربت عليها بلطف و هو يقول بقلق :

– مالك ياحبيبتي أنتِ بخير ؟!!!

ابتسمت بهدوء و همست بلطف و هما يستمعا إلى رنين هاتفها الذي لم تجب عليه يرتفع مره أخرى …

– متخافش شويه صداع … شوف مين ياتيم ….

أمسك الهاتف و هو يردف عاقداً حاجبيه بضيق طفيف :

-يزيد !!!

اندهش حين لاقى الصمت منها و لم تتناول الهاتف مسرعه كعادتها بل هزت رأسها بصمت ليتسأل بفضول :

-ايه ده مش هتردى !!

تنهدت تهز رأسها بالسلب قائله :

– مش قادره أتكلم مصدعه ياتيم ..

ترك الهاتف و هو يميل عليها بجسده مقبلاً خصلاتها و قد انتابه القلق لحالتها تلك هامسا لها :

– مالك ياحبيبتى تحبى اقعد معاكِ النهارده ؟!!

أمسكت يده تربت عليها بلطف و هى تقول بهدوء :

– لا ياحبيبي روح شغلك أنا هقوم افطر دلوقت واخد مسكن و اريح النهارده …

تنهد و هو ينظر إليها بقلق غير مقتنعاً بما قالت ليحمحم و هو ينقل أفكاره ناحيه عرض “يزيد” الذي أتى لأجله لكن حالتها لا تشير باستجابه حاليا ، لاحظت حيرته حين طال الصمت بينهم و اردفت بتساؤل مندهش … :

– مالك ياتيم انت عاوز تقول حاجه ؟!!

أغمض عينيه و هو يصارحها علي الفور حتي لا يتراجع مره أخرى قائلاً بصوت قوي :

– اه عاوز .. ، ايه رأيك في يزيد ؟!!!

همست باندهاش تُضيق عينيها ناظره إليه بتعجب :

-رأيي فيه ازاي يعنى ؟!! يزيد دكتور ممتاز ..

زفر أنفاسه قائلاً بهدوء و هو يراقب تغير ملامحها بدقه :

– يزيد طلب إيدك منى ياأسيف ….

أتسعت عينيها و اعتدلت تحدق به بصدمه واضحه و فرغت فاهها و كأنه ألقى على مسامعها خبر إحدى الكوارث الكونيه للتو …
 

google-playkhamsatmostaqltradent