رواية انا اولا الفصل السادس عشر 16 - بقلم براءة
Hou ya:
الفصل السادس عشر ...
لاحظ آدم تجاهل ليلى له اكثر من مرة .
اذ اصبحت تغير طريقها كلما تراه او تتجاهل مروره من جانبها كليا منشغلة في الحديث مع صديقاتها .
أنها غاضبة منه بالفعل !
لم يكن آدم من النوع الذي يهتم لاراء الناس عنه .
فلقد اعتاد على تجاهلها .
اذ نصحه العديد من زملائه في الجامعة سابقا ان يغير من شخصيته النزقة والقاسية وان يكون لطيفا قليلا
لكنه لم يابه لذلك .
فإذا كان يقول الحقيقة لاباس
ولايهم مايعتقده عنه الآخرين
سواء برودا او قسوة او غرورا ...
لكن هذه المرة كان يتمنى الذهاب إليها ومراضاتها .
فهو لايريد منها ان تكرهه ...
وكم من مرة اوقف نفسه وحبسها في الداخل حتى لايذهب إليها .
___
كانت ليلى جالسة رفقة مروة في كافيتيريا الجامعة ...
مروة " كويس انك صرتي تقدري تنسجمي معاهم "
ليلى بابتسامة" إه بجد . علاقتنا كويسة وانا فرحانة بده من قلبي "
مروة وهي تعانقها بابتسامة" فرحانتلك يابنتي من قلبي "
ليلى " تسلميلي "
مروة وهي تبتعد " ليلى عايزة أقولك على شغلة"
ليلى بابتسامة " ماقولي ياقلب ليلى "
مروة دفعة واحدة " خالد عزمني بعد الدوام "
ثم تابعت بتوتر " ايه رايك قبل عزومته أو لا ؟ "
ليلى بشك" دي اول مرة ؟"
مروة بتاكيد صادق" أكيد اول مرة . بصي هو عزمني قبل كدة صحيح بس انا كنت برفض . "
ليلى بابتسامة " وهو زعل مش كدة؟"
مروة تهز راسها بقلة حيلة " اه ! يعني هو قال لاعادي براحتك بس انا عارفاه كويس لما بيزعل"
ضحكت ليلى وقالت بدهشة مزيفة" لحقتي تعرفيه كويس؟ شكلكم عارفين بعض مضبوط "
مروة وهي تضربها برقة كتفها " ماركزي معاي شوي وقوليلي اعمل ايه . "
ليلى وهي تحاول أن تكون جدية " انتي عايزة تروحي أو لا ؟"
مروة تهز كتفيها " مش عارفة "
ليلى بشك " مروة ..."
مروة بتنهيدة " عايزة اجبر بخاطره مرة على الأقل "
ليلى " يبقى روحي معاه بس ماتتاخريش . " ثم تابعت بامر وتدقيق" بتروحوا على مكان عام وبلاهة الاماكن المشبوهة بتاع الاحباب وكدة .وبس ترجعي كلميني !"
مروة بدهشة " حاضر ياما ! "
ثم عانقتها " ماكنتش عارفة انه بنتي بتخاف علي كتير !"
ليلى " بحكي بجد يامروة ! مش معناها انك معاه وانه قال هيخطبك يبقى تثقي فيه اوي!"
مروة وهي لاتزال تعانقها " عارفة عارفة ماتقلقيش "
اعتدلتا بعد ذلك في جلستهما
مروة " وانتي حاتعملي ايه اليوم ؟ ايه انتي ماقلتليش هو انتي سجلتي اسمك؟"
ليلى " قصدك عن تجربة ركوب سيارة الاسعاف ؟"
مروة " إه هي !"
ليلى " لالسة ! متاكدة أنه الكل سجل الصبح فمش حيضللي مكان "
مروة " خدي مكاني ماانا مش رايحة "
ليلى بدهشة" لحقتي تسجلي ؟"
مروة " سهى سجلت نفسها واصرت تسجلني معاها . " وتابعت بسخرية " مع اني مش عارفة ايه الفايدة من تجربة زي كدة !"
ليلى بضحكة خفيفة " انتي قلتيها بنفسك تجربة ! "
مروة بابتسامة" لكان روحي جربي يابنتي انتي . انا عندي ديت ومش عايزة اضيعه "
قضت ليلى الساعة التالية تساعد مروة في اختيار ملابسها ومكياجها .
وكم كان ذوقها بسيطا وانيقا
فقد جعلت مروة ترتدي فستانا ابيضا بزهور وردية
وشال ابيضا جعلها تبدو كالملاك
ومع بضع لمسات مكياج خفيفة انتهت التحفة الفنية .
اتجهت ليلى الى المستشفى الجامعي .
حيث رات ثلاث سيارات اسعاف متجمعة واحدة تليها الاخرى خارجه .
تقدمت الى الداخل فوجدت العديد من الطلاب متجمعين
حول رجل في الاربعينات من عمره يمسك بورقة ودفتر يسجل الحضور
انتظرته حتى شطب اسم مروة واخبرته انها تريد التسجيل فسجلها على الفور .
اخدت تنتظر وصول دورها فقد كان من المقرر لها ان تركب سيارة الاسعاف الثالثة .
وعلى الجانب الاخر بالقرب منها كان آدم يسير رفقة الدكتورة مي و الدكتور حسين .
تسآل حسين عن مايحدث فاجابته مي بحماس
وجد آدم الامر سخيفا وكان على وشك ان يتجه ناحية الاتجاه الاخر للحصول على القهوة فهو يعمل منذ الصباح وراسه على وشك الانفجار .
لكنه توقف عندما رآها تقف بطلتها البهية .
بدا عليها الحماس وهي تتحدث الى زملائها .
انتبه لوجود شقيقه ايضا فابتسم تلقائيا .
كانت ليلى تنتظر دورها رفقة بضع من زملائها حتى سمعت تعليق احدهم وهو يقول
" والله مش فاهم ايه فايدة دا بالتحديد ؟!"
ابتسمت تلقائيا فقد ذكرها تعليقه بتعليق مروة سابقا .
يبدو ان الجميع يفكر بنفس الطريق .
ابتسم هو الاخر في وجهها وفي وجه البقية وتقدم ليتناقش معهم
تذكرته ليلى . أنه ذات الشاب الذي سالتها سهى عنه يومها .
الشاب الذي كان يبحث عن الدكتور آدم.
ماان جاء دوره حتى ودعهم فقد كان مقررا له على ان يركب في السيارة الثانية .
اعطى بظهره واخد يسير بعيدا عن المجموعة التي تتواجد بها ليلى وقد لاحظته سهى .
هل بدات ترمي بشباكك يااسامة الان ؟ على غيري ...وعلى من ؟ على ليلى ...
اقتربت سهى من ليلى قبل أن تقول بدهشة " ليلى ؟ "
ابتسمت ليلى في وجهها " سلام ياروحي "
" سلام عليكي ...ماكنتش عارفة انك مسجلة "
ليلى " سجلت بآخر اللحظة ..."
سهى وهي تبحث باعينها " اجيتي لحالك ؟ هي مروة ماشفتهاش مجتش معاكي ولاايه القصة؟"
ليلى " مش جاية ماانتي عارفة للضرورة احكام "
سهى باسف" ياخسارة ! " ثم تابعت بابتسامة خافتة" الحمد لله انكي موجودة ياليلى . باي سيارة انتي ؟ "
ليلى" الثالثة ونتي ؟"
سهى " زيك بالضبط ياروحي "
ليلى " كويس "
ظل يراقبها من بعيد وهي تنتظر دورها للصعود
يضع يديه داخل جيوبه مئزره الطويل وإلى جانبيه يقف الدكتور حسين و الدكتورة مي .
ماان صعد الجميع انطلقت السيارة الثالثة و الاخيرة .
الدكتور حسين بتحسر " يازمان على الايام الخوالي لما كنا طلبة زيهم ونتحمس على اقل شئ "
ضحكت الدكتورة مي وردت " خليك بالواقع يادكتور حسين . ناسي أنه عندنا مرضى بتستنانا . مش كدة يادكتور آدم ؟"
آدم بابتسامة خافتة " معاكي حق "
لقد قرر العودة الى عمله الذي يبدو أنه لن ينتهي بعد ان اطمان عليها .
____
بعد حوالي الساعة الا ربع ...
حيث كان آدم مستندا على كرسيه داخل غرفة مكتبه
يستريح من وجع الراس الذي لازمه طيلة اليوم .
رن هاتفه فجأة .
سحبه بدون ان ينظر اليه في البداية .
وقام بالرد .
" الدكتور آدم عبد الجبار يتحدث تفضل "
" دكتور انا عم أتصل من قسم البلاغات . اجانا بلاغ أنه واحدة من سيارات الاسعاف يلي انطلقت قبل شوي عملت حادث ؟!"
اعتدل آدم في جلسته سريعا .
حاولت ان يتمالك اعصابه لكنه قال بتوتر وهو ينهض في مكانه ويهب خارجا من مكتبه تاركا خلفه الباب مفتوحا
" اي سيارة اسعاف بالضبط ؟! " ثم قال وهو يدعي في اعماقه الا يكون مايفكر به صحيح
" يلي فيها الطلبة ؟!"
" هي يادكتور بس مش عارفين رقمها تحديدا لأنه المكالمة قصت . "
اغلق الخط في ووجهها واخد يقفز من على السلالم درجتين او اكثر .
كان يدعو من اعماقه الا يتحقق مايفكر به .
حاول تهدئة نفسه وضربات قلبه الذي يوشك ان يتوقف من شدة الخوف عليها .
كان يجري باتجاه بوابة المستشفى . وماان خرج اخد يبحث بعينيه عن السيارة التي ركبتها
وفي لحظة تذكر شقيقه الاصغر الذي هو الاخر قد ركب سيارة الاسعاف .
اللعنة على صاحب الفكرة .
كان يدفع بنفسه بين الأطباء والطلبة الذين كانوا قد نزلوا من السيارة الاولى .
" آدم ؟!"
كان ذلك اسامة الذي انتبه عليه .
سارع آدم اليه ووضع يديه على كتفيه يتفحصه
" انت كويس؟! حصلك حاجة ؟!"
اسامة يبتسم بدهشة " أكيد كويس وايه يلي رح يمنعني من اني اكون كدة ؟"
دفعه آدم بعيدا عنه وقد زاد يقينه من ان السيارة الثالثة هي التي تعرضت للحادث .
اسامة باستغراب وهو يهم بالدخول عبر البوابة " هو اخوي ماله ؟!"
بحث قليلا بعد . لكنه توقف فور رؤيتها واقفة قرب سيارة الاسعاف تتحدث بهاتفها .
انتبهت اليه وهي تراه امامها .
لم تعد تستمع لمروة التي تثرثر عبر الهاتف .
فقد كانت كل حواسها موجهة اليه .
هل هو ينظر إليها الان ؟
نظرت خلفها للتأكد فلم تجد احدا . تاكدت بالفعل أنه ينظر إليها .
تقدم إليها وفي كل خطرة كان يتقدمها كان تستطيع سماع انفاسه التي كان ياخدها .
لاحظت وجهه الشاحب وجبينه الذي يقطر عرقا .
" مروة رح سكر دلوقتي اكلمك بعدين "
قالتها بتقطع وضياع .
فقد كانت في عالم اخر .
سرعان مادفعت بنفسها خارجه مذكرة نفسها بعهودها السابقة
بينما هو كان على وشك ان يضمها الى صدره يستنشق رائحتها ويتاكد من انها بخير ولم تتاذى
اصبح يقف قبالتها تمام . بضع خطوات تفصل بينهما .
آدم بقلق لم يستطع اخفائه " انتي كويسة ؟"
استغربت ليلى سؤاله فقد توقعت منه ان يقول اي شيى غير هذا .
خاصة وهي لم تتحدث اليه منذ قرابة الأسبوع
ليلى باستغراب " دكتور هي حصلت حاجة ؟"
آدم بحزم ممزوج بالقلق" جاوبيني ياليلى !"
ليلى باستغراب اكبر " كويسة وليه مااكنش كدة ؟!"
ثم تابعت وهي تراه ينظر للطلبة الذي كانوا يتحركون بالقرب منهم
بدقة
" هي حصلت حاجة ؟!"
نزل آدم جالسا جلسة القرفصاء يعبث بشعره المبلل بعرقه
ياخد انفاسه .
لقد اختبر ضغطا كبيرا في تلك الدقائق القليلة جعلته غير قادر على الوقوف .
لكنه يشكر الله مرارا وتكرارا على سلامتها وسلامة الجميع !
ليلى بقلق " دكتور انت كويس ؟! هو ايه يلي حصل؟! "
لم تفهم ليلى اي شيئ
خاصة وهي تراه في هذه اللحظة خائر القوى امامها .
آدم وهو يقف بعد استعاد رباطة جأشه " اجى بلاغ للمستشفى مفاده أنه انتوا عملتوا حادث !"
صدمت ليلى ...هذا آخر كان آخر ماتوقعته .
" بس ماحصلش كدة ! وايه فايدة البلاغ الكاذب من الأساس ؟"
آدم وقد استعاد هدوءه رغم ان عيونه لاتزال تنظر بقلق إليها وقد لاحظتها ليلى .
كيف لا ؟ وانظاره مسلطة عليها منذ لقائهما وكأنه يريد اختراقها
" شكله حد عايز يتسلى بقلقنا "
مالذي يقصده بقلقنا ؟ هل كان قلقا عليها ؟
لالا ...لاتتاملي كثيرا ياليلى كي لاتعاني من الصدمة لاحقا .
حاولت ليلى ان تضفي القليل من الهدوء فقالت "بس يبقى الحمد لله أنه ماحصلتش حاجة زي كدة "
لم يرد عليها بل اكتفى بالنظر إليها .
تمنى لو أنه يستطيع ان يشرح لها احساسه وقته .
وكم كان خائفا من حدوث شيئ سيى لها .
قرر آدم العودة الى المستشفى ويخفي نفسه داخل مكتبه او بين مرضاه على امل ان يهدا .
فهو لن يستطيع الحديث معها وهو بهذا التوتر .
كانت هي الأخرى تسير خلفه فقد كان طريقهما واحد
حاولت العودة الى وضع التجاهل الذي كان تعتمده طيلة الأسبوع . الا أنها لم تتمكن من ذلك ولم تتمكن حتى من كبت ابتسامتها
من فكرة قلقه عليها .
اخرجت هاتفها واخدت تعبث بها . لكنها كادت ان تصطدم بظهره اذ توقف فجأة
رفعت راسها تنظر اليه وهو يستدير ليقابلها قائلا بمنتهى الجدية رغم المشاعر التي كانت تتصارع بداخله واذنيه التي اخدتا تتلوان بالاحمر تدريجيا
" عايز اتكلم معاكي ياليلى ."
ليلى بدهشة "تفضل يادكتور انا عم بسمعك "
نظر الى نفسه واليها . فقد كانا يقفان في وسط الطريق .
ابصر كراسي فارغة قريبة من مكان الاستقبال
" لازم نقعد . ايه رايك تقعدي هناك ؟"
اكتفت بهز راسها فورا . فقد كانت متشوقة لسماعه وفي نفس الوقت خائفة.
فهي قد اصبحت تتوقع منه اي شيئ .
خاصة بعد ان طردها من الصف آخر مرة .
جلست على الكرسي واخدت تنظر اليه بترقب .
تذكر آدم أنه قرر الذهاب لموظفة الاستقبال للحصول على رقم ذلك الكاذب .
سوف يريه كيف يكون المزاح على اصوله .
كان على وشك ان يطلب منها خمس دقائق فقط ويعود إليها لكن اوقفته عن ذلك
الدكتورة مي المشهورة باعمالها الخيرية .
اذ كانت في كل وقت فراغ لها تسال اذا كان احد يريد التبرع بدمه .
الدكتورة مي بابتسامة " ليلى طالبتي هنا ؟ ازيك ؟"
وقفت ليلى سريعا لتسلم عليها باحترام " حمدلله كويسة . حضرتك كويسة ؟"
الدكتورة مي بمزاح " انتي عارفة ضغط العمل بس نقول الحمد لله . "
انتبهت الى الدكتور آدم وقالت " وانا بقول لحسين انك خلصت دوامك . صرله ساعة بيدور عليك "
الدكتور آدم " في شي مهم ؟"
الدكتورة مي " ماانت بتعرفه لما بيزهق . "
عادت الدكتورة مي الى ليلى تسالها ان كانت تريد التبرع بدمها لفائدة المرضى المحتاجين .
والتي وافقت على الفور
واتفقت معها على القدوم لاحقا القيام بذلك
حتى أنها اخدت تملي عليها رقم هاتفها لتتصل بها في اي وقت ان أحتاجت الى متبرع بزمرتها .
كان آدم يبتسم طيلة ذلك الوقت وهو يراها بمثل هذا الحماس للتبرع .
ليتركها بعدها لعدة لحظات ليذهب الى موظفة الاستقبال يسالها عن الرقم .
كان وجهه ممتعضا طوال تلك الفترة .
بينما اخدت ليلى تنتظره على الكرسي وابتسامة بلهاء تزين وجهها .
اخد هاتفها في الرنين فمدت بيدها لداخل حقيبتها تبحث عنه لترد على المكالمة .
لكن الاتصال قد انقطع قبل أن ترد .
تركته جانبا وهي ترى آدم يتجه ناحيتها
" ينفع تجي معايا لمكتبي . ؟"
لما تحولت نبرته الى الباردة فجأة ؟
شعرت ليلى بالاضطراب قليلا من تغير الحالة المحيطة به .
وقد لاحظ آدم ذلك فقال " مش رح آخد من وقتك كتير "
وافقت ليلى وسارت معه الى مكتبه .
دخل هو أولا وتلته هي .
كانت تنظر اليه بتمعن . فهذه هي المرة الاولى التي تكون بها هنا .
ذوقه بسيط جدا ولكن مريح هذا مافكرت به .
جاءها سؤاله على غفلة وهو يقول " عملتي كدة ليه ؟"
" عملت ايه ؟ "
" رح قول معصبة وعايزة تنتقمي بس مالقيتيش الا الطريقة دي . "
" انت بتقول ايه ؟"
آدم بعصبية وهو جامد في مكانه " بقول أني عارف أنه انتي يلي عاملة المقلب الرخيص ده !"
ليلى بصدمة " ايه ؟! " ثم تابعت " واعمل كدة ليه ؟!"
آدم " لترديهالي مش كدة !"
" اردلك ايه ؟! " ثم تابعت باستنكار " حضرتك سامع نفسك بتقول ايه ؟!"
" وايه معناها يطلع رقمك نفس رقم المبلغ ؟! طب ايه معناها أنه موظفة الاستقبال تتصل بيا انا بس ؟!"
ليلى وهي تحاول الدفاع عن نفسها " وانا ايه دراني ؟! بعدين يمكن يكون حد عنده نفس رقمي ..."
ابتسم آدم ابتسامة ساخرة واحد يضغط على رقمها من هاتفه
رن الهاتف الذي كان بين يديها فقال " عم يدقولك ماتجاوبي يمكن يكون اتصال ضروري"
ثم تابع حديثه وهو يريها شاشة هاتفه وبنبرة ساخرة " عم برن على رقم المبلغ وهو بردو مش عم يجاوب "
وضعت ليلى هاتفها جانبا بيد مرتعشة قبل أن تقول وهي تحاول السيطرة على قلقها
" مش عارفة ازاي حصل كدة بس والله العظيم ماانا يلي عملت كدة "
اوعك تبكي ياليلى ! اوعك !
آدم ببرود " اعترفي ياليلى ! اعترفي انك عملتي كدة لتنتقمي وخلصي . بدل مااضطر اني ابلغ عنك للإدارة "
ليلى بصدمة " تبلغ عني وانا مش عاملة حاجة ؟!! "
آدم باستنكار " ازاي مش عاملة حاجة وكلشي قدامي . دا انتي طالباني بالاسم يادكتورة !"
ليلى " عم قلك مش انا ! ليه مش عاوز تصدقني ؟!"
آدم وهو يتجه الى كرسيه يجلس عليه ثم رد ببرود وهو ينظر الى الهاتف الموضوع فوق مكتبه
" اختاري يا تعترفي ياابلغ الإدارة ." ثم اردف بلؤم وعتاب مخفي في كلماته
" ما كفاية وقتي يلي ضاع وانا عم أبحث عنك وعن زملائك لتكون حصلتلكم حاجة !"
ليلى بعتاب " ازاي فيك تكون قاسي وظالم لهالدرجة ؟!
ماانا عم قلك مش انا ليه مصمم تسكر اذنيك وبتسمعش كلامي ؟!" ثم تابعت وهي تبكي بعد ان خارت قواها على التحمل
" اعمل يلي انت عايزه ! عايز تبلغ الإدارة تفضل ! "
وبعصبية شديدة رغم شهقاتها التي اخدت تعلو شيئا فشيئا
" مش حفضل ابررلك وانت مصمم اني غلطانة .ومش هتوسل زي المرة ليفاتت بردو . "
اوعك تضعف ياادم .
مش معناها انك بتحبها يبقى تتغاضى عن تصرفاتها .
حاول تتصرف بنضج زي المعتاد .
هو انت ليه صرت بتاخد ردات فعل كدة ؟!
من امتى انت كدة ؟!
نهض على مقعده واقترب منها قائلا بهدوء " تمام اهدي "
كانت جملته تلك مازادها حنقا فانفجرت فيه صائحة بوجه محمر من شدة بكائها رامية باحترامه ومركزه عرض الحائط
" مش عايزة اهدى !!! ماقلت عايزة تبلغ عني يلا روح بلغ ناطر ايه ؟!! ناطرني اعترف والله ماهي واقعة !!
مش انا يلي تعترف على شغلة ماعملتهاش !!"
لما نظراته لها الان تزيد من غضبها اكثر ؟!
" روح بلغ يلا !! او بقولك رح بلغ انا الإدارة ! " ثم تابعت بابتسامة خبيثة وهي تتجه بسرعة البرق لتمسك بسماعة الهاتف وبنبرة ساخرة
" خليني اعملها انا بلاهة اضيعلك وقتك الثمين مرة ثانية "
ثم اخدت تضغط على الارقام وهي لاتزال تعاتبه بحنق .
اسرع ناحيتها يبعد عنها الهاتف . لكنها ظلت تقاومه حتى النهاية عندما تمكن من اخدها منها .
آدم وهو يرمي الهاتف على الارض بعيدا حتى تحطم بصياح " بتعملي ايه يامجنونة ؟! عايزة تبلغي عن نفسك ؟!"
ليلى بصياح اقوى " ماانت كنت هتعمل نفس الشي!! ولاحلال عليك وحرام علي ؟!"
ثم اخدت تبحث عن هاتفها . الذي اخدته سريعا قبل أن يتمكن من الامساك .
ابتسمت بخبث هذه المرة وهي تضغط باصابع يدها المرتعشة على الرقم .
لكنها توقفت فورا عندما امسك بالهاتف الذي انقسم الى قسمين
فاصابع يدها تشده من الاعلى واصابع يده هو من الأسفل
اجفلت في مكانها رغم صدرها الذي اخد يعلو وينزل من شدة الانفعال .
قلبها الذي كان ينقبض بقوة .
جسدها كله الذي يرتعش
آدم بحنان " عايزة تبلغي عن نفسك ياروح آدم وعمره ؟"
ابتسم عندما لاحظ جمودها وفمها المفتوح واخد يسحب الهاتف من يدها برفق
لم يتوقع منها كل ردة الفعل هذه .
لم يتوقع ان يراها غاضبة لهذه الدرجة
حتى أنه لم يتوقع ان تقوم بالتبيلغ عن نفسها
فهو لم يكن ليبلغ عنها اطلاقا . انه لايستطيع ان يفعل لها شيئا بهذا السوء ولو أراد ذلك .
فقلبه سوف يوقفه حتما
لقد كان يريد منها الاعتراف فقط بلعبتها وسوف يسامحها . لكن بالنظر الى ردة فعلها الصادمة قبل قليل لقد اصبح متاكدا بل موقنا أنه لاعلاقة لها بالموضوع .
لقد تسرع ...كان عليه ان يفكر قبل الحكم عليها كما كان يفعل دائما .
لكن لما تكون ردات فعله مختلفة عندما تكون هي الموضوع ؟!
ليلى وهي تعود لعصبيتها متجاهلة جملته السابقة والتي كادت ان تجعلها تقع ارضا من فرط مشاعرها " إه عايزة ابلغ ! اعطيني تيليفوني لشوف !"
وضعه آدم في جيب بلوزته فهو يعمل انها لن تتجرأ وتمد يدها عليه
نظرت اليه بحدة فابتسم
" مش حتبلغي ياليلى !"
ليلى بعصبية " وليه انشاء الله ؟! مش انت كنت عايز تعمل كدة قبل شوي ايه يلي غير رايك؟!"
ثم تابعت بصدمة " اوعك تكون مفكر اني رح اعترف ! مستحيل اعترف بحاجة معملتهاش "
آدم " عارف "
ليلى بحدة " ايه يعني ؟"
آدم " عارف انك ماعملتيش كدة !"
ليلى بشهقة " يعني انك صدقتني ؟!"
ضحك على ملامحها البريئة وعلى تقلب حالها السريع
" مصدقك "
ليلى ببراءة " بجد؟!"
آدم بحنان " إه بجد ! "
لكن تلك البراءة لم تدم طويلا فقد عادت تساله بشك
" وليه غيرت رايك فجأة ؟! اوعك تكون مفكر انك بكدة رح تخليني احس بتانيب الضمير واعترف . انا ضميري كويس ولو فضلت تمدح فيا الصبح !!"
آدم بقلة حيلة وهو يعيد شعره للخلف
" تانيب ضمير ايه ؟ ...أقول ايه بس ياليلى ؟ هو انا قلت ماصدقتكش قمتي تصيحي قلت صدقتك كذبتيني "
ليلى " بس ليه غيرت رايك فجأة ؟! " ثم تابعت بسخرية حزينة " مش كنت واثق اني بنتقم منك لانك طردتني المرة يلي فاتت ...واني ..."
قاطعها بنفاذ صبر وقال " غيرت رايي لاني بحبك ! غيرت رايي لاني عرفت انك استحالة تكوني كدة ! غيرت رايي لأنه عرفت انا مين وعرفت البنت يلي بحبها مين !
عرفتي غيرت رايي ليه ؟!"
ليلى بصدمة " بتحبني ؟!"
آدم وهو يبتسم بحنان الى تلك التي ملكت قلبه وقلبت موازينه رأسا على عقب
" إه بحبك وبحبك اوي بردو . " ثم تابع بجدية " انتي ماشفتيش ازاي كنت هتجنن لما فكرت أنه تكون حصلتلك حاجة مش كويسة. " ثم نظر بعينيها وتحدث بثقة
لهيك استحالة اسمح أنه دا يتكرر .
استحالة اسمح أنه تحصلك حاجة ياليلى .
حتى لو كنتي انتي يلي عملتيها استحالة كنت ابلغ عنك استحالة اعمل دا فاهمة ؟
مش عايز أعيش الألم والندم يلي حسيت بيه يوم مارفضت انك تدخلي وحرمتك من الحضور دا مرة ثانية بسبب مبدأ ملوش قيمة قدامك .
لم تكن تتوقع سماع كل ذلك منه .
لم تكن تتوقع أن يتحول حبها من طرف واحد الى حب متبادل !
آدم بحنان رغم قلبه الذي كان يدق بقوة " مش حتقولي حاجة ياليلى ؟"
رفعت انظارها اليه فور سماع اسمها .
منذ متى اصبح مميزا هكذا ؟
ربما لم يستطع آدم ان يميز بين حمرة خجلها وحمرة وجهها الباكي . لكنها الوحيدة التي كانت تعلم بدرجة حرارتها التي ارتفعت مرة واحدة
الفصل السادس عشر ...
لاحظ آدم تجاهل ليلى له اكثر من مرة .
اذ اصبحت تغير طريقها كلما تراه او تتجاهل مروره من جانبها كليا منشغلة في الحديث مع صديقاتها .
أنها غاضبة منه بالفعل !
لم يكن آدم من النوع الذي يهتم لاراء الناس عنه .
فلقد اعتاد على تجاهلها .
اذ نصحه العديد من زملائه في الجامعة سابقا ان يغير من شخصيته النزقة والقاسية وان يكون لطيفا قليلا
لكنه لم يابه لذلك .
فإذا كان يقول الحقيقة لاباس
ولايهم مايعتقده عنه الآخرين
سواء برودا او قسوة او غرورا ...
لكن هذه المرة كان يتمنى الذهاب إليها ومراضاتها .
فهو لايريد منها ان تكرهه ...
وكم من مرة اوقف نفسه وحبسها في الداخل حتى لايذهب إليها .
___
كانت ليلى جالسة رفقة مروة في كافيتيريا الجامعة ...
مروة " كويس انك صرتي تقدري تنسجمي معاهم "
ليلى بابتسامة" إه بجد . علاقتنا كويسة وانا فرحانة بده من قلبي "
مروة وهي تعانقها بابتسامة" فرحانتلك يابنتي من قلبي "
ليلى " تسلميلي "
مروة وهي تبتعد " ليلى عايزة أقولك على شغلة"
ليلى بابتسامة " ماقولي ياقلب ليلى "
مروة دفعة واحدة " خالد عزمني بعد الدوام "
ثم تابعت بتوتر " ايه رايك قبل عزومته أو لا ؟ "
ليلى بشك" دي اول مرة ؟"
مروة بتاكيد صادق" أكيد اول مرة . بصي هو عزمني قبل كدة صحيح بس انا كنت برفض . "
ليلى بابتسامة " وهو زعل مش كدة؟"
مروة تهز راسها بقلة حيلة " اه ! يعني هو قال لاعادي براحتك بس انا عارفاه كويس لما بيزعل"
ضحكت ليلى وقالت بدهشة مزيفة" لحقتي تعرفيه كويس؟ شكلكم عارفين بعض مضبوط "
مروة وهي تضربها برقة كتفها " ماركزي معاي شوي وقوليلي اعمل ايه . "
ليلى وهي تحاول أن تكون جدية " انتي عايزة تروحي أو لا ؟"
مروة تهز كتفيها " مش عارفة "
ليلى بشك " مروة ..."
مروة بتنهيدة " عايزة اجبر بخاطره مرة على الأقل "
ليلى " يبقى روحي معاه بس ماتتاخريش . " ثم تابعت بامر وتدقيق" بتروحوا على مكان عام وبلاهة الاماكن المشبوهة بتاع الاحباب وكدة .وبس ترجعي كلميني !"
مروة بدهشة " حاضر ياما ! "
ثم عانقتها " ماكنتش عارفة انه بنتي بتخاف علي كتير !"
ليلى " بحكي بجد يامروة ! مش معناها انك معاه وانه قال هيخطبك يبقى تثقي فيه اوي!"
مروة وهي لاتزال تعانقها " عارفة عارفة ماتقلقيش "
اعتدلتا بعد ذلك في جلستهما
مروة " وانتي حاتعملي ايه اليوم ؟ ايه انتي ماقلتليش هو انتي سجلتي اسمك؟"
ليلى " قصدك عن تجربة ركوب سيارة الاسعاف ؟"
مروة " إه هي !"
ليلى " لالسة ! متاكدة أنه الكل سجل الصبح فمش حيضللي مكان "
مروة " خدي مكاني ماانا مش رايحة "
ليلى بدهشة" لحقتي تسجلي ؟"
مروة " سهى سجلت نفسها واصرت تسجلني معاها . " وتابعت بسخرية " مع اني مش عارفة ايه الفايدة من تجربة زي كدة !"
ليلى بضحكة خفيفة " انتي قلتيها بنفسك تجربة ! "
مروة بابتسامة" لكان روحي جربي يابنتي انتي . انا عندي ديت ومش عايزة اضيعه "
قضت ليلى الساعة التالية تساعد مروة في اختيار ملابسها ومكياجها .
وكم كان ذوقها بسيطا وانيقا
فقد جعلت مروة ترتدي فستانا ابيضا بزهور وردية
وشال ابيضا جعلها تبدو كالملاك
ومع بضع لمسات مكياج خفيفة انتهت التحفة الفنية .
اتجهت ليلى الى المستشفى الجامعي .
حيث رات ثلاث سيارات اسعاف متجمعة واحدة تليها الاخرى خارجه .
تقدمت الى الداخل فوجدت العديد من الطلاب متجمعين
حول رجل في الاربعينات من عمره يمسك بورقة ودفتر يسجل الحضور
انتظرته حتى شطب اسم مروة واخبرته انها تريد التسجيل فسجلها على الفور .
اخدت تنتظر وصول دورها فقد كان من المقرر لها ان تركب سيارة الاسعاف الثالثة .
وعلى الجانب الاخر بالقرب منها كان آدم يسير رفقة الدكتورة مي و الدكتور حسين .
تسآل حسين عن مايحدث فاجابته مي بحماس
وجد آدم الامر سخيفا وكان على وشك ان يتجه ناحية الاتجاه الاخر للحصول على القهوة فهو يعمل منذ الصباح وراسه على وشك الانفجار .
لكنه توقف عندما رآها تقف بطلتها البهية .
بدا عليها الحماس وهي تتحدث الى زملائها .
انتبه لوجود شقيقه ايضا فابتسم تلقائيا .
كانت ليلى تنتظر دورها رفقة بضع من زملائها حتى سمعت تعليق احدهم وهو يقول
" والله مش فاهم ايه فايدة دا بالتحديد ؟!"
ابتسمت تلقائيا فقد ذكرها تعليقه بتعليق مروة سابقا .
يبدو ان الجميع يفكر بنفس الطريق .
ابتسم هو الاخر في وجهها وفي وجه البقية وتقدم ليتناقش معهم
تذكرته ليلى . أنه ذات الشاب الذي سالتها سهى عنه يومها .
الشاب الذي كان يبحث عن الدكتور آدم.
ماان جاء دوره حتى ودعهم فقد كان مقررا له على ان يركب في السيارة الثانية .
اعطى بظهره واخد يسير بعيدا عن المجموعة التي تتواجد بها ليلى وقد لاحظته سهى .
هل بدات ترمي بشباكك يااسامة الان ؟ على غيري ...وعلى من ؟ على ليلى ...
اقتربت سهى من ليلى قبل أن تقول بدهشة " ليلى ؟ "
ابتسمت ليلى في وجهها " سلام ياروحي "
" سلام عليكي ...ماكنتش عارفة انك مسجلة "
ليلى " سجلت بآخر اللحظة ..."
سهى وهي تبحث باعينها " اجيتي لحالك ؟ هي مروة ماشفتهاش مجتش معاكي ولاايه القصة؟"
ليلى " مش جاية ماانتي عارفة للضرورة احكام "
سهى باسف" ياخسارة ! " ثم تابعت بابتسامة خافتة" الحمد لله انكي موجودة ياليلى . باي سيارة انتي ؟ "
ليلى" الثالثة ونتي ؟"
سهى " زيك بالضبط ياروحي "
ليلى " كويس "
ظل يراقبها من بعيد وهي تنتظر دورها للصعود
يضع يديه داخل جيوبه مئزره الطويل وإلى جانبيه يقف الدكتور حسين و الدكتورة مي .
ماان صعد الجميع انطلقت السيارة الثالثة و الاخيرة .
الدكتور حسين بتحسر " يازمان على الايام الخوالي لما كنا طلبة زيهم ونتحمس على اقل شئ "
ضحكت الدكتورة مي وردت " خليك بالواقع يادكتور حسين . ناسي أنه عندنا مرضى بتستنانا . مش كدة يادكتور آدم ؟"
آدم بابتسامة خافتة " معاكي حق "
لقد قرر العودة الى عمله الذي يبدو أنه لن ينتهي بعد ان اطمان عليها .
____
بعد حوالي الساعة الا ربع ...
حيث كان آدم مستندا على كرسيه داخل غرفة مكتبه
يستريح من وجع الراس الذي لازمه طيلة اليوم .
رن هاتفه فجأة .
سحبه بدون ان ينظر اليه في البداية .
وقام بالرد .
" الدكتور آدم عبد الجبار يتحدث تفضل "
" دكتور انا عم أتصل من قسم البلاغات . اجانا بلاغ أنه واحدة من سيارات الاسعاف يلي انطلقت قبل شوي عملت حادث ؟!"
اعتدل آدم في جلسته سريعا .
حاولت ان يتمالك اعصابه لكنه قال بتوتر وهو ينهض في مكانه ويهب خارجا من مكتبه تاركا خلفه الباب مفتوحا
" اي سيارة اسعاف بالضبط ؟! " ثم قال وهو يدعي في اعماقه الا يكون مايفكر به صحيح
" يلي فيها الطلبة ؟!"
" هي يادكتور بس مش عارفين رقمها تحديدا لأنه المكالمة قصت . "
اغلق الخط في ووجهها واخد يقفز من على السلالم درجتين او اكثر .
كان يدعو من اعماقه الا يتحقق مايفكر به .
حاول تهدئة نفسه وضربات قلبه الذي يوشك ان يتوقف من شدة الخوف عليها .
كان يجري باتجاه بوابة المستشفى . وماان خرج اخد يبحث بعينيه عن السيارة التي ركبتها
وفي لحظة تذكر شقيقه الاصغر الذي هو الاخر قد ركب سيارة الاسعاف .
اللعنة على صاحب الفكرة .
كان يدفع بنفسه بين الأطباء والطلبة الذين كانوا قد نزلوا من السيارة الاولى .
" آدم ؟!"
كان ذلك اسامة الذي انتبه عليه .
سارع آدم اليه ووضع يديه على كتفيه يتفحصه
" انت كويس؟! حصلك حاجة ؟!"
اسامة يبتسم بدهشة " أكيد كويس وايه يلي رح يمنعني من اني اكون كدة ؟"
دفعه آدم بعيدا عنه وقد زاد يقينه من ان السيارة الثالثة هي التي تعرضت للحادث .
اسامة باستغراب وهو يهم بالدخول عبر البوابة " هو اخوي ماله ؟!"
بحث قليلا بعد . لكنه توقف فور رؤيتها واقفة قرب سيارة الاسعاف تتحدث بهاتفها .
انتبهت اليه وهي تراه امامها .
لم تعد تستمع لمروة التي تثرثر عبر الهاتف .
فقد كانت كل حواسها موجهة اليه .
هل هو ينظر إليها الان ؟
نظرت خلفها للتأكد فلم تجد احدا . تاكدت بالفعل أنه ينظر إليها .
تقدم إليها وفي كل خطرة كان يتقدمها كان تستطيع سماع انفاسه التي كان ياخدها .
لاحظت وجهه الشاحب وجبينه الذي يقطر عرقا .
" مروة رح سكر دلوقتي اكلمك بعدين "
قالتها بتقطع وضياع .
فقد كانت في عالم اخر .
سرعان مادفعت بنفسها خارجه مذكرة نفسها بعهودها السابقة
بينما هو كان على وشك ان يضمها الى صدره يستنشق رائحتها ويتاكد من انها بخير ولم تتاذى
اصبح يقف قبالتها تمام . بضع خطوات تفصل بينهما .
آدم بقلق لم يستطع اخفائه " انتي كويسة ؟"
استغربت ليلى سؤاله فقد توقعت منه ان يقول اي شيى غير هذا .
خاصة وهي لم تتحدث اليه منذ قرابة الأسبوع
ليلى باستغراب " دكتور هي حصلت حاجة ؟"
آدم بحزم ممزوج بالقلق" جاوبيني ياليلى !"
ليلى باستغراب اكبر " كويسة وليه مااكنش كدة ؟!"
ثم تابعت وهي تراه ينظر للطلبة الذي كانوا يتحركون بالقرب منهم
بدقة
" هي حصلت حاجة ؟!"
نزل آدم جالسا جلسة القرفصاء يعبث بشعره المبلل بعرقه
ياخد انفاسه .
لقد اختبر ضغطا كبيرا في تلك الدقائق القليلة جعلته غير قادر على الوقوف .
لكنه يشكر الله مرارا وتكرارا على سلامتها وسلامة الجميع !
ليلى بقلق " دكتور انت كويس ؟! هو ايه يلي حصل؟! "
لم تفهم ليلى اي شيئ
خاصة وهي تراه في هذه اللحظة خائر القوى امامها .
آدم وهو يقف بعد استعاد رباطة جأشه " اجى بلاغ للمستشفى مفاده أنه انتوا عملتوا حادث !"
صدمت ليلى ...هذا آخر كان آخر ماتوقعته .
" بس ماحصلش كدة ! وايه فايدة البلاغ الكاذب من الأساس ؟"
آدم وقد استعاد هدوءه رغم ان عيونه لاتزال تنظر بقلق إليها وقد لاحظتها ليلى .
كيف لا ؟ وانظاره مسلطة عليها منذ لقائهما وكأنه يريد اختراقها
" شكله حد عايز يتسلى بقلقنا "
مالذي يقصده بقلقنا ؟ هل كان قلقا عليها ؟
لالا ...لاتتاملي كثيرا ياليلى كي لاتعاني من الصدمة لاحقا .
حاولت ليلى ان تضفي القليل من الهدوء فقالت "بس يبقى الحمد لله أنه ماحصلتش حاجة زي كدة "
لم يرد عليها بل اكتفى بالنظر إليها .
تمنى لو أنه يستطيع ان يشرح لها احساسه وقته .
وكم كان خائفا من حدوث شيئ سيى لها .
قرر آدم العودة الى المستشفى ويخفي نفسه داخل مكتبه او بين مرضاه على امل ان يهدا .
فهو لن يستطيع الحديث معها وهو بهذا التوتر .
كانت هي الأخرى تسير خلفه فقد كان طريقهما واحد
حاولت العودة الى وضع التجاهل الذي كان تعتمده طيلة الأسبوع . الا أنها لم تتمكن من ذلك ولم تتمكن حتى من كبت ابتسامتها
من فكرة قلقه عليها .
اخرجت هاتفها واخدت تعبث بها . لكنها كادت ان تصطدم بظهره اذ توقف فجأة
رفعت راسها تنظر اليه وهو يستدير ليقابلها قائلا بمنتهى الجدية رغم المشاعر التي كانت تتصارع بداخله واذنيه التي اخدتا تتلوان بالاحمر تدريجيا
" عايز اتكلم معاكي ياليلى ."
ليلى بدهشة "تفضل يادكتور انا عم بسمعك "
نظر الى نفسه واليها . فقد كانا يقفان في وسط الطريق .
ابصر كراسي فارغة قريبة من مكان الاستقبال
" لازم نقعد . ايه رايك تقعدي هناك ؟"
اكتفت بهز راسها فورا . فقد كانت متشوقة لسماعه وفي نفس الوقت خائفة.
فهي قد اصبحت تتوقع منه اي شيئ .
خاصة بعد ان طردها من الصف آخر مرة .
جلست على الكرسي واخدت تنظر اليه بترقب .
تذكر آدم أنه قرر الذهاب لموظفة الاستقبال للحصول على رقم ذلك الكاذب .
سوف يريه كيف يكون المزاح على اصوله .
كان على وشك ان يطلب منها خمس دقائق فقط ويعود إليها لكن اوقفته عن ذلك
الدكتورة مي المشهورة باعمالها الخيرية .
اذ كانت في كل وقت فراغ لها تسال اذا كان احد يريد التبرع بدمه .
الدكتورة مي بابتسامة " ليلى طالبتي هنا ؟ ازيك ؟"
وقفت ليلى سريعا لتسلم عليها باحترام " حمدلله كويسة . حضرتك كويسة ؟"
الدكتورة مي بمزاح " انتي عارفة ضغط العمل بس نقول الحمد لله . "
انتبهت الى الدكتور آدم وقالت " وانا بقول لحسين انك خلصت دوامك . صرله ساعة بيدور عليك "
الدكتور آدم " في شي مهم ؟"
الدكتورة مي " ماانت بتعرفه لما بيزهق . "
عادت الدكتورة مي الى ليلى تسالها ان كانت تريد التبرع بدمها لفائدة المرضى المحتاجين .
والتي وافقت على الفور
واتفقت معها على القدوم لاحقا القيام بذلك
حتى أنها اخدت تملي عليها رقم هاتفها لتتصل بها في اي وقت ان أحتاجت الى متبرع بزمرتها .
كان آدم يبتسم طيلة ذلك الوقت وهو يراها بمثل هذا الحماس للتبرع .
ليتركها بعدها لعدة لحظات ليذهب الى موظفة الاستقبال يسالها عن الرقم .
كان وجهه ممتعضا طوال تلك الفترة .
بينما اخدت ليلى تنتظره على الكرسي وابتسامة بلهاء تزين وجهها .
اخد هاتفها في الرنين فمدت بيدها لداخل حقيبتها تبحث عنه لترد على المكالمة .
لكن الاتصال قد انقطع قبل أن ترد .
تركته جانبا وهي ترى آدم يتجه ناحيتها
" ينفع تجي معايا لمكتبي . ؟"
لما تحولت نبرته الى الباردة فجأة ؟
شعرت ليلى بالاضطراب قليلا من تغير الحالة المحيطة به .
وقد لاحظ آدم ذلك فقال " مش رح آخد من وقتك كتير "
وافقت ليلى وسارت معه الى مكتبه .
دخل هو أولا وتلته هي .
كانت تنظر اليه بتمعن . فهذه هي المرة الاولى التي تكون بها هنا .
ذوقه بسيط جدا ولكن مريح هذا مافكرت به .
جاءها سؤاله على غفلة وهو يقول " عملتي كدة ليه ؟"
" عملت ايه ؟ "
" رح قول معصبة وعايزة تنتقمي بس مالقيتيش الا الطريقة دي . "
" انت بتقول ايه ؟"
آدم بعصبية وهو جامد في مكانه " بقول أني عارف أنه انتي يلي عاملة المقلب الرخيص ده !"
ليلى بصدمة " ايه ؟! " ثم تابعت " واعمل كدة ليه ؟!"
آدم " لترديهالي مش كدة !"
" اردلك ايه ؟! " ثم تابعت باستنكار " حضرتك سامع نفسك بتقول ايه ؟!"
" وايه معناها يطلع رقمك نفس رقم المبلغ ؟! طب ايه معناها أنه موظفة الاستقبال تتصل بيا انا بس ؟!"
ليلى وهي تحاول الدفاع عن نفسها " وانا ايه دراني ؟! بعدين يمكن يكون حد عنده نفس رقمي ..."
ابتسم آدم ابتسامة ساخرة واحد يضغط على رقمها من هاتفه
رن الهاتف الذي كان بين يديها فقال " عم يدقولك ماتجاوبي يمكن يكون اتصال ضروري"
ثم تابع حديثه وهو يريها شاشة هاتفه وبنبرة ساخرة " عم برن على رقم المبلغ وهو بردو مش عم يجاوب "
وضعت ليلى هاتفها جانبا بيد مرتعشة قبل أن تقول وهي تحاول السيطرة على قلقها
" مش عارفة ازاي حصل كدة بس والله العظيم ماانا يلي عملت كدة "
اوعك تبكي ياليلى ! اوعك !
آدم ببرود " اعترفي ياليلى ! اعترفي انك عملتي كدة لتنتقمي وخلصي . بدل مااضطر اني ابلغ عنك للإدارة "
ليلى بصدمة " تبلغ عني وانا مش عاملة حاجة ؟!! "
آدم باستنكار " ازاي مش عاملة حاجة وكلشي قدامي . دا انتي طالباني بالاسم يادكتورة !"
ليلى " عم قلك مش انا ! ليه مش عاوز تصدقني ؟!"
آدم وهو يتجه الى كرسيه يجلس عليه ثم رد ببرود وهو ينظر الى الهاتف الموضوع فوق مكتبه
" اختاري يا تعترفي ياابلغ الإدارة ." ثم اردف بلؤم وعتاب مخفي في كلماته
" ما كفاية وقتي يلي ضاع وانا عم أبحث عنك وعن زملائك لتكون حصلتلكم حاجة !"
ليلى بعتاب " ازاي فيك تكون قاسي وظالم لهالدرجة ؟!
ماانا عم قلك مش انا ليه مصمم تسكر اذنيك وبتسمعش كلامي ؟!" ثم تابعت وهي تبكي بعد ان خارت قواها على التحمل
" اعمل يلي انت عايزه ! عايز تبلغ الإدارة تفضل ! "
وبعصبية شديدة رغم شهقاتها التي اخدت تعلو شيئا فشيئا
" مش حفضل ابررلك وانت مصمم اني غلطانة .ومش هتوسل زي المرة ليفاتت بردو . "
اوعك تضعف ياادم .
مش معناها انك بتحبها يبقى تتغاضى عن تصرفاتها .
حاول تتصرف بنضج زي المعتاد .
هو انت ليه صرت بتاخد ردات فعل كدة ؟!
من امتى انت كدة ؟!
نهض على مقعده واقترب منها قائلا بهدوء " تمام اهدي "
كانت جملته تلك مازادها حنقا فانفجرت فيه صائحة بوجه محمر من شدة بكائها رامية باحترامه ومركزه عرض الحائط
" مش عايزة اهدى !!! ماقلت عايزة تبلغ عني يلا روح بلغ ناطر ايه ؟!! ناطرني اعترف والله ماهي واقعة !!
مش انا يلي تعترف على شغلة ماعملتهاش !!"
لما نظراته لها الان تزيد من غضبها اكثر ؟!
" روح بلغ يلا !! او بقولك رح بلغ انا الإدارة ! " ثم تابعت بابتسامة خبيثة وهي تتجه بسرعة البرق لتمسك بسماعة الهاتف وبنبرة ساخرة
" خليني اعملها انا بلاهة اضيعلك وقتك الثمين مرة ثانية "
ثم اخدت تضغط على الارقام وهي لاتزال تعاتبه بحنق .
اسرع ناحيتها يبعد عنها الهاتف . لكنها ظلت تقاومه حتى النهاية عندما تمكن من اخدها منها .
آدم وهو يرمي الهاتف على الارض بعيدا حتى تحطم بصياح " بتعملي ايه يامجنونة ؟! عايزة تبلغي عن نفسك ؟!"
ليلى بصياح اقوى " ماانت كنت هتعمل نفس الشي!! ولاحلال عليك وحرام علي ؟!"
ثم اخدت تبحث عن هاتفها . الذي اخدته سريعا قبل أن يتمكن من الامساك .
ابتسمت بخبث هذه المرة وهي تضغط باصابع يدها المرتعشة على الرقم .
لكنها توقفت فورا عندما امسك بالهاتف الذي انقسم الى قسمين
فاصابع يدها تشده من الاعلى واصابع يده هو من الأسفل
اجفلت في مكانها رغم صدرها الذي اخد يعلو وينزل من شدة الانفعال .
قلبها الذي كان ينقبض بقوة .
جسدها كله الذي يرتعش
آدم بحنان " عايزة تبلغي عن نفسك ياروح آدم وعمره ؟"
ابتسم عندما لاحظ جمودها وفمها المفتوح واخد يسحب الهاتف من يدها برفق
لم يتوقع منها كل ردة الفعل هذه .
لم يتوقع ان يراها غاضبة لهذه الدرجة
حتى أنه لم يتوقع ان تقوم بالتبيلغ عن نفسها
فهو لم يكن ليبلغ عنها اطلاقا . انه لايستطيع ان يفعل لها شيئا بهذا السوء ولو أراد ذلك .
فقلبه سوف يوقفه حتما
لقد كان يريد منها الاعتراف فقط بلعبتها وسوف يسامحها . لكن بالنظر الى ردة فعلها الصادمة قبل قليل لقد اصبح متاكدا بل موقنا أنه لاعلاقة لها بالموضوع .
لقد تسرع ...كان عليه ان يفكر قبل الحكم عليها كما كان يفعل دائما .
لكن لما تكون ردات فعله مختلفة عندما تكون هي الموضوع ؟!
ليلى وهي تعود لعصبيتها متجاهلة جملته السابقة والتي كادت ان تجعلها تقع ارضا من فرط مشاعرها " إه عايزة ابلغ ! اعطيني تيليفوني لشوف !"
وضعه آدم في جيب بلوزته فهو يعمل انها لن تتجرأ وتمد يدها عليه
نظرت اليه بحدة فابتسم
" مش حتبلغي ياليلى !"
ليلى بعصبية " وليه انشاء الله ؟! مش انت كنت عايز تعمل كدة قبل شوي ايه يلي غير رايك؟!"
ثم تابعت بصدمة " اوعك تكون مفكر اني رح اعترف ! مستحيل اعترف بحاجة معملتهاش "
آدم " عارف "
ليلى بحدة " ايه يعني ؟"
آدم " عارف انك ماعملتيش كدة !"
ليلى بشهقة " يعني انك صدقتني ؟!"
ضحك على ملامحها البريئة وعلى تقلب حالها السريع
" مصدقك "
ليلى ببراءة " بجد؟!"
آدم بحنان " إه بجد ! "
لكن تلك البراءة لم تدم طويلا فقد عادت تساله بشك
" وليه غيرت رايك فجأة ؟! اوعك تكون مفكر انك بكدة رح تخليني احس بتانيب الضمير واعترف . انا ضميري كويس ولو فضلت تمدح فيا الصبح !!"
آدم بقلة حيلة وهو يعيد شعره للخلف
" تانيب ضمير ايه ؟ ...أقول ايه بس ياليلى ؟ هو انا قلت ماصدقتكش قمتي تصيحي قلت صدقتك كذبتيني "
ليلى " بس ليه غيرت رايك فجأة ؟! " ثم تابعت بسخرية حزينة " مش كنت واثق اني بنتقم منك لانك طردتني المرة يلي فاتت ...واني ..."
قاطعها بنفاذ صبر وقال " غيرت رايي لاني بحبك ! غيرت رايي لاني عرفت انك استحالة تكوني كدة ! غيرت رايي لأنه عرفت انا مين وعرفت البنت يلي بحبها مين !
عرفتي غيرت رايي ليه ؟!"
ليلى بصدمة " بتحبني ؟!"
آدم وهو يبتسم بحنان الى تلك التي ملكت قلبه وقلبت موازينه رأسا على عقب
" إه بحبك وبحبك اوي بردو . " ثم تابع بجدية " انتي ماشفتيش ازاي كنت هتجنن لما فكرت أنه تكون حصلتلك حاجة مش كويسة. " ثم نظر بعينيها وتحدث بثقة
لهيك استحالة اسمح أنه دا يتكرر .
استحالة اسمح أنه تحصلك حاجة ياليلى .
حتى لو كنتي انتي يلي عملتيها استحالة كنت ابلغ عنك استحالة اعمل دا فاهمة ؟
مش عايز أعيش الألم والندم يلي حسيت بيه يوم مارفضت انك تدخلي وحرمتك من الحضور دا مرة ثانية بسبب مبدأ ملوش قيمة قدامك .
لم تكن تتوقع سماع كل ذلك منه .
لم تكن تتوقع أن يتحول حبها من طرف واحد الى حب متبادل !
آدم بحنان رغم قلبه الذي كان يدق بقوة " مش حتقولي حاجة ياليلى ؟"
رفعت انظارها اليه فور سماع اسمها .
منذ متى اصبح مميزا هكذا ؟
ربما لم يستطع آدم ان يميز بين حمرة خجلها وحمرة وجهها الباكي . لكنها الوحيدة التي كانت تعلم بدرجة حرارتها التي ارتفعت مرة واحدة
•تابع الفصل التالي "رواية انا اولا" اضغط على اسم الرواية