رواية غفران العاصي الفصل السابع عشر 17 - بقلم لولا
الفصل السابع عشر
الوقت يمضي ثقيل وبطيء ، والجميع في حاله انتظار وترقب لما هو آتٍ!!!
الجد جالس خلف مكتبه يسبح الله علي مسبحته ويدعو ان تنزاح الغمه وتظهر الحقيقه….
وامامه غفران جالسه بوجه شاحب وعيون ذابله من كثره البكاء وتدعو الله ان يظهر برائتها ، حتي تنعم بحياه هادئه مع عاصيها وطفلها !!!
مسدت ببدها علي بطنها المسطحه وكانها تطمئن طفلها انها هنا ، معه وجانبه وتوعده ان كل شيء سوف يكون علي مايرام ، طفلها الذي ينمو داخل احشاؤها دون علم ابيه ….
ابيه ذو الرأس الصلب والملامح المتجهمه ، الواقف امامها معطيها ظهره ينظر من شرفه المكتب ونظره معلق علي مدخل القصر منتظراً وصول جسار بالخبر اليقين .، وعلي غير عادته لم يستطيع اخفاء ما يدور في خلده فكانت ملامح وجهه العابسه المتجهمه خير دليل علي الحرب الشعواء التي تدور داخله…!!!
اما العقربتان السماتان كانتا جالستان تتبادلان النظرات فيما بينهم يرصدن كل رد فعل يصدر عن اي منهم في انتظار كتابه كلمه النهايه علي حياه عاصي وغفرانه!!!!!
بعد مضي نصف ساعه وصل جسار الي القصر ، دلف مباشراً الي غرفه المكتب !!!
تأهب الجميع وتعالي وجيب قلب عاصي وغفران بصخب كبير في انتظار معرفه ما في جعبه جسار!!!
وقف عاصي امام جسار محاولاً التحكم في انفعالاته والسيطره علي رجفه جسده امامه…
تنحنح يجلي حنجرته هاتفاً بصوته الرخيم: ايه الاخبار يا جسار …
تحدث جسار بخشونه: بعد اذن سعادتك يا باشا ممكن نتكلم بره !!!
هوي قلب عاصي ارضاً واستراب من طلب جسار ولكنه ظل محافظاً علي جموده واومأ له موافقاً وتحرك امامه مغادراً للخارج وتبعه جسار..!!!!
شعرت غفران بالتوتر الشديد بعد طلب جسار واستدارت تنظر الي جدها بملامح قلقه مضطربه ونادته بنبره مستعطفه تطلب منه العون والحمايه: جدو!!!!
ابتسم لها الجد مطمئناً اياها هاتفاً برفق: خير يا حبيبتي ان شاء الله….
في بهو القصر كان يقف عاصي بجسد مشدود واعصاب تالفه وهو يستمع الي المعلومات التي تحصل عليها ذراعه الايمن جسار…
تحدث جسار بتقرير: رقم التليفون طلع مش متسجل واللي اتكلم منه رماه بعد ما اتصل منه….
وبالنسبه لكاميرات الشارع اللي فيه العماره اللي راحت لها الهانم انا كلمت حبايبنا في الداخليه وفي خلال 24 ساعه هتكون الكاميرات اتفرغت وعندنا تقرير بالصور عن الشارع والعماره انهارده وامبارح …
ثم مد يده اليه بملف صغير واضاف: وده تسجيل كاميرات المجموعه بمعاد خروج الهانم من شهر.
اما عنوان الست اللي اسمها الحاجه مني فالعنوان مظبوط وفعلاً الحاجه مني دي ساكنه هناك وكان عندها بنت اسمها ندي وماتت …
صمت قليلاً ثم اضاف بتردد: بس … بس…!!!
هتف عاصي بنفاذ صبر : انت هتبسبس لي ما تنطق تقول في ايه …..!!!!
هقول لحضرتك ……..
في المكتب ، كانت نظرات غفران معلقه علي باب المكتب والقلق ينهش داخلها وهي تدعي الله في سرها ان ينور بصيره زوجها ومعرفته بالحقيقه …
استدارت براسها تنظر الي دريه عندما تحدثت بكيد: واضح ان الموضوع كده ما يطمنش مدام عاصي غاب اوي كده مع جسار ….
رمقها الجد بغيظ وكاد ان يعنفها علي طريقتها الفظه، الا انه صمت عندما وجد غفران تقف لها وتسمعها ما تستحقه…..
انا مش عارفه انتي ازاي ام … لا بجد فهميني انتي ازاي ام…
اول مره اشوف ام بتسعي بكل جهدها علشان تهد حياه ابنها …
انا عارفه انك عمرك ما حبتيني ولا كنتي راضيه عن جوازنا علشان عاوزه ابنك يتجوز من بنت اختك…
ثم اقتربت منها حتي وقفت امامها ونظرت اليها هاتفه بقوه وتصميم : بس احب اطمنك ان واثقه من نفسي كويس اوي وعارفه ان ربنا هينصفني ويظهر الحق سواء دلوقتي او بعدين واللي عاوزاكي تتاكدي منه ان مهما حصل بيني وبينه عمري ما هسيبه ولا هو هيبعد عني …
لان في رابط قوي اوي بيني وبينه…!!
هتفت دريه بغيظ وحقد : انتي ازاي تتكلمي معايا بالطريقه دي، ايه الجبروت اللي انتي فيه ده اومال لو مكانش جايبك من سرير رجل تاني كنتي عملتي ايه ؟؟؟
اممممميييي!!!!!
هدر بها عاصي عندما دلف الي داخل المكتب بعدما استمع الي كلمات غفران مع والدته وردها عليها…
انتفضت دريه علي نبره صوته القويه ومعها نسرين التي كانت تتابع ما يحدث بشماته وانتصار فهي تعلم ان قدم غفران قد غُرست في الوحل وليس هناك سبيل للنجاه ، لذلك التزمت الصمت واخذت مقعد المشاهد ،تشاهد ما يحدث باستمتاع شاعره بلذه الانتصار…!!!!
وقف عاصي امام والدته هاتفاً بحده: الكلام اللي قلتيه ده مش مسموح لك لا انتي ولا غيرك انه يتكلم فيه…
مش معني انكم قعدتوا وسمعتوا اللي حصل ، ان خلاص الموضوع بقي عادي تتكلموا فيه علي راحتكم ..
انا مقدر انك امي ويهمك امري بس الغلط مش عليكي الغلط عليا انا علشان اتكلمت في الموضوع ده قدامكم بس اللي حصل حصل ، والموضوع ده مش هيتفتح تاني ومفيش حد هينطق بحرف واحد من اللي اتقال هنا بعد ما نخرج كلنا من اوضه المكتب…
وقف ينظر اليهم جميعاً ثم اضاف بنبره آمره: مفهوم كلامي ….
شعرت نسرين بالقلق والتوتر من ان يكون عاصي قد اكتشف حقيقه الامر، فهو يتحدث بهدوء وثبات لا يشبه ثورته قبل قليل ؟؟؟؟
جاء صوت الجد من خلفه يسأله مستفهماً عما حدث: اطمنت خلاص يا عاصي .. مش خير ان شاء الله.
استدار له عاصي هاتفاً بجديه: اطمنت يا جدي ، اطمنت علي الاخر…
ثم اقترب من غفران التي ترتجف من القلق ولكنها حاولت اظهار القوه والثبات امامهم …
وقف امامها واخذ ينظر اليها مطولاً بنظرات غير مقرؤه مما جعلهم ينظرون اليه باستغراب من حالته، حتي هي عجزت عن فهم نظراته اليها ..!!!
تحدث اخيراً بصوت ثابت رغم غصه الالم التي حاول جاهداً مدارتها خلف جموده: انا اسف يا غفران …
صمت قليلاً بعدها يرصد رد فعلها علي اعتذاره …
تهلل وجه الجد فرحاً بعد سماع اعتذاره ، بينما اخذت دريه ونسرين يعضون علي اناملهم غيظاً وقهراً وشعرت نسرين بالخطر لان عاصي سينتقم منها اشد الانتقام….!!!
ابتسمت غفران بسعاده لسماع اعتذاره ودمعت عينيها فرحاً لظهور الحقيقه وهتفت بنبره فرحه: مسمحاك يا عاصي ، مسمحاك .. انا عذراك ومقدره موقفك .. بس الحمد الله انك اتاكدت بنفسك وعرفت الحقيقه …
اجابها عاصي مؤكداً علي حديثها: فعلاً اتاكدت وعرفت الحقيقه…
ثم تابع مضيفاً بقسوه جعلت ابتسامتها تتلاشي ويحل محلها الشعور بالظلم والمهانه: فعلاً اتاكدت وعرفت اني طول الوقت كنتي بتكدبي عليا وتخدعيني وانا كنت مغفل ومصدق انك فعلاً بتعشقيني….
هتفت غفران تساله مستنكره كلامه: قصدك ايه…
هدر عاصي بغضب اعمي : اقصد انك كنتي مقرطساني وبستغفليني وانتي ماشيه علي حل شعرك قالها وهو يجذبها من خصلات شعرها بقوه كادت ان تخلع شعرها من مكانه….
شهقت دريه ونسرين متفاجئين من رد فعله العنيف فهم لاول مره يروا عاصي هكذا!!!!
هب الجد واقفاً من جلسته هادراً فيه بغضب جحيمي وهو ينزع يده من علي حفيدته ويضمها الي صدره بحمايه: انت انجننت يا ولد ، بتمد ايدك عليها قدامي وانا لسه عايش ماموتش!!!!
هدر عاصي غاضباً: ايوه اتجننت ، اتجننت علشان مراتي والانسانه الوحيده اللي حبتها طلعت بتخوني…
والله ما خونتك ،حرام عليك .. قالتها غفران وهي تبكي بانهيار في احضان جدها…
هتف فيها بوحشيه وعروق عنقه تكاد تنفجر من شده الغضب : انتي لسه هتحلفي يا بجاحتك يا شيخه،ده انا ما شوفتش في وساختك..
زأر الجد بعصبيه: ما تفهمني يا ابني بدا ما انت بتتكلم بالالغاز كده…
اجابه بنفس الغضب : حاضر يا منصور بيه هفهمك، الهانم المحترمه كانت بتستغفلني زي ما قلت لك ،بقالها اكتر من شهرين بتخرج من المجموعه في مواعيد مختلفه ولما راجعت الايام اللي كانت بتخرج بيها اكتشفت انها في كل مره كانت بتتحجج بحجه شكل ، مره الكوافير ، مره الspa، ومره تانيه لبيت الازياء اللي بتتعامل معاه وكلها اماكن انا كرجل مش هينفع اروح معاها فيها ….
انتحبت بصمت ولم تقدر ان تجيبه وتقول انها كانت تذهب الي الطبيبه النسائية…!!!
تحدث الجد بجهل : طب وفيها ايه لما تروح يا ابني ما هي ست زي كل الستات بيعملوا الحاجات دي…
اجابه يغل وغضب : ما انا كنت بقول عادي من حقها ، بس لما اعرف بخيانتها واربط الاحداث ببعضها هعرف انها كانت بتخوني والدليل علي كده ، نمره التليفون اللي قالت انها اتصلت بيها طلعت مش موجوده في الخدمه ولا متسجله ..
ومع ذلك قلت مش مشكله ما هو اللي عاوز يوقعها في مصيبه زي دي مش هيسيب اثر وراه….
لكن اللي اكد لي انها خاينه وكدابه ، الست ام ندي صاحبتها ، الحاجه مني طلعت ميته !!!!
جحظت عيون الجميع بعدما استمعوا لدوي القنبله التي القاها للتو علي مسامعهم!!!
انت بتقول ايه يا ابني … انت متاكد ؟؟
قالها الجد مستنكراً غير مصدق لما يسمعه….
اجابه لاهثاً بانفعال : ايوه متاكد واتفضل اهيه صوره من شهاده وفاتها بتقول انها متوفيه بقالها ست شهور ولو بصيت في تاريخ الوفاه كويس هتلاقيه قبل جوازنا بيومين،،،،!!!!
اعطي لجده الوثيقه وهو يلهث بانفعال وصدره يرتفع وينخفض بجنون من فرط العصبيه!!!!
اخذ الجد يقرأ ما اعطاه له ، وهتف يسال غفران عن مدي علمها بهذا الخبر: شهاده الوفاه مظبوطه،انتي ازاي يا بنتي ما تعرفيش…
اجابته وهي تبكي بانهيار: والله ما اعرف انها ماتت ، انا اخر مره زورتها كانت فبل جوازي من عاصي بحوالي اسبوع او عشر ايام . وبعد كده ما كانش في وقت اروح …
ثم اضافت وهي تتشنج من كثره البكاء: بس انا كنت بتصل بيها علي طول والتليفون كان خارج الخدمه ، بس قلت علشان الشبكه عندهم وحشه او هي يتنسي تشحنه ، لحد ما جالي التليفون انهارده والبنت اللي كلمتني وقالت انها قريبتها …
بس ده كل اللي حصل والله العظيم ..
زأر فيها بغضب اهوج: اخرسي ما تحلفيش ، الانجاس اللي ذيك اسم ربنا ما يتنطقش علي لسانهم…
ثم اقترب منها حتي اصبح امامها مباشره وعينيه تطلق لهيب حارق نحوها ، مما جعلها تنكمش داخل حضن جدها الذي تابع يضيف بعقلانيه: اهدي يا عاصي علشان نعرف نتفاهم ونحل الموضوع ، في حاجه غلط بتحصل…
اجابه نافياً بحسم قاطع: لا خلاص الموضوع انتهي ، انا علشان خاطرك انتي يا جدي وعلشان قلبك اللي اتحرق علي ولادك الاتنين قبل كده انا مش هاجي ناحيتها ، مع ان موتها بايديه هو الحاجه الوحيده اللي هيشفي غليلي …
انا علشان خاطرك يا جدي هسيبها تعيش ، بس مش هنا مش في القصر ولا في اسكندريه بحالها …
هتف الجد بريبه وقد بدأ يشعر بألمً يجتاح صدره فهو علي مشارف الاصابه بنوبه قلبيه : يعني ايه ، تقصد ايه بكلامك ده؟؟؟
رد بحسمً: اللي سمعته هي مش من حقها بعد اللي عملته انها تعيش في وسطينا او تفضل شايله اسم الجارحي .
انهي كلامه وهو يزآر بصوته منادياً علي جسار : جسار … جسار ..
دلف جسار مسرعاً الي الداخل هاتفاً باحترام : اوامرك يا باشا…
هتف عاصي بجمود : نفذ اللي قلت لك عليه..
اومأ له جسار وتحرك صوب غفران ثم مد يده يجذبها من ذراعها يجرها الي الخارج منفذاً اوامر رب عمله وسط دهشه وفرحه دريه وشماته وانتصار نسرين…
صرخت غفران بانهيار وهي تتشبث بجسد جدها :لا حرام عليكم … والله ما خونتك .. جدو ما تخاليهوش ياخدني منك يا جدو …
تشبث بها الجد بقوه واهنه حسب ما ساعدته قدرته البدنيه خاصاً مع زياده الالم في صدره …
هتف بنبره واهنه: منخافيش يا غفران ، م محدش ،
هـ هيقدر ياخدك مني …
انتزغها جسار ببعض القوه من حضن جدها واخذ يسحبها الي الخارج وهي تتلوي ببن ذراعيه مثبته قدميها في الارض وتنظر الي جدها تستنجد به ..
ثم حانت منها نظره الي عاصيها ذو القلب المتحجر قبل ان تصل الي خارج الغرفه …
كان يستمع الي انهيارها بقلب محطم ورح مهشمه ، قلبه ينزف دماً علي خيانتها له ، يعلم الله انه كان يتمني ان يصدقها ولكنها كذبت عليه …
كان يشعر بالنيران تحرق صدره وجسار يجذيها من ذراعها ، يريد ان يلكمه في وجهه ويهشم ذراعيه التي تجذباها ، يريد ان ياخذها في احضانه ، فياليت كل ما نتمناه نستطيع ان نحققه.
فهو يعيش في صراع خطير بين قلبه الذي يهفو لمسمحاتها وعقله الذي ينهره ويجبره علي طردها من حياته…!!
غفرراااااان … اخر كلمه نطق بها الجد قبل ان يسقط ارضاً فاقداً للوعي تحت اقدام دريه ونسرين بعدما حاول اللحاق بحفيدته الغاليه ….!!!!
………………………….
بعد ساعتين كان رجل الاعمال المصري الشهير منصور الجارحي يرقد في احد اكبر مستشفيات الاسكندريه والتي تعتبر من ضمن مجموعه شركات الجارحي …
وهو الخبر الذي انتشر مثل الدخان في الهشيم وسرعان ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي مما جعل التليفونات والرسائل تنهال علي كل افراد الاسره محاولين الاطمئنان عليه من اكبر واهم الشخصيات في الدوله…
وهو الامر الذي جعل عاصي يغلق هاتفه ويأمر الجميع بأعلاق هواتفهم!!!!
……………
في المساء،…..
دلفت سوار الي غرفه مكتب زوجها هاتفه بتزمر: برضه مش عارفه اوصل لغفران تليفونها علي طول مقفول ، حاول انت تتصل بعاصي وتكلمه عاوزه اطمن عليها …
اجابه عاصم وهو يتناول هاتفه محاولاً الانصال بصديقه: وانا كمان كلمته تليفونه مقفول …
ثم اضاف غازماً بطرف عينه بعبث : تلاقيه بيحتفل ومش فاضي !!!
نظرت له بامتعاض: هو انت فاكر كل الناس قليله الادب ذيك كده….
تعالي صوت ضحكته الرجوليه الآثره هاتفا ً بمرح عابث: وهي في احلي من قله الادب يا قلب عاصم..
كتمت ابتسامه عاشقه كادت ان تظهر علي شفتيها
ثم هتفت بنبره آمره: عاااااصم …اتفضل اتصل بيه
امتثل لامرها وتناول هاتفه يجري اتصال بصديقه ولكن وصول اشعار من احد المواقع الاخباريه تحت عنوان” امبراطور الاقتصاد الاول في مصر منصور الحارجي يرقد في العنايه المركزه باحد المستشفيات”
جعلت عاصم يهب من جلسته هاتفاً بجزع: يا نهار ابيض … معقول ده … حصل ازاي…
قالها وهو يتصل سريعاً بصديقه ولكن جاءه نفس الرد ان الهاتف مغلق!!!!!
في ايه يا عاصم .. ايه اللي حصل ؟؟؟
قالتها سوار بقلق بعدما تبدل حال زوجها وحل الوجوم علي ملامحه…
اجابها عاصم بحزن: الحج منصور الجارحي فس العنايه المركزه ، كل المواقع الاخباريه نشرت الخبر..
قالها وهو يتصفح المواقع الاخباريه ليتاكد من صحه الخير!!!!!
هتفت سوار بحزن: لا حول ولا قوه الا بالله ، ربنا يقومه بالسلامه.
ثم تابعت تضيف: يا تري حاله غفران ايه دلوقتي ، زمانها مموته نفسها عليه ، دي بتحب جدها جداً ومرتبطه بيه اوي وكمان مع حملها ، الله يكون في عونها…
ثم اضافت تطلب منه برجاء: عاصم احنا لازم نسافر اسكندريه علشان نطمن علي الحج منصور وغفران..
اجابها عاصم مؤكداً: طبعاً دي مش محتاجه كلام الصبح بدري ان شاء الله هنكون في اسكندريه…
…………………………………
كان عاصي يزرع الممر امام غرفه العنايه المركزه الراقد فيها جده، ذهاباً واياباً والقلق ينهشه علي صحه جده ، فهو خائف عليه بشده ، كما انه غير مستعد لخسارته هو الاخر لا قدر الله !!!
كانت دريه ونسرين يجلسن علي المقاعد المخصصه للزوار في اخر الرواق في انتظار سماع خبر وفاه منصور الجارحي حتي تتحقق كل امانيهم واحلامهم وبذلك يكونوا ضربوا عصفورين بحجر واحد ،طلاق غفران ورحيلها من القصر وموت منصور الجارحي!!!
قامت نسرين وتوجهت نحو عاصي حتي اقتربت منه وهتفت تتحدث بنبره حاولت جعلها حزينه من اجل مرض جده: عاصي … من فضلك اقعد ارتاح شويه انتي من ساعه ما وصلنا المستشفي بقالنا اكتر من 3 ساعات وانت واقف علي رجليك وقبلها اللي حصل في القصر ، انت لازم ترتاح احنا ملناش غيرك دلوقتي بعد جدو منصور ربنا يقومه بالسلامه…
اجابها عاصي بتقرير: هيقوم ان شاء الله ، جدي قوي وهيقوم منها علي خير…
ابتسمت بتصنع قائله: اكيد ان شاء الله ….
ثم تابعت مضيفه باهتمام : طب ممكن تيجي معايا الكافيتريا علشان تاكل اي ساندوتش انت ما اكلتش من الصبح…
حدثها بنفاذ صبر : نسرين من فضلك انا مش ناقص زن ، انا علي اخري …
يا تروحي تقعدي جنب ماما يا اما تاخديها وترجعوا القصر قعدتكم هنا ملهاش لازمه . وانا هبقي اطمنكم لما جدي يفوق….
كزت علي اسنانها وكتمت غيظها من طريقته الجافه معها ولكنها لا تريد ان تثير غضبه عليها ولا تريد ان تظهر بانها تستغل فرصه طلاقه من غفران ، فهي عمدت علي تغيير خطتها معه بالكامل ….
استدارت حتي تعود الي خالتها ولكنها لمحت غفران وهي تاتي من اول الرواق ….
ابتسمت بخبث ثم اقتربت من عاصي ووقفت امامه حتي كادت ان تلتصق به ، ثم مدت يدييها واحتضنت كف يده بين يديها تضغط عليه تواسيه ، لكن من يراهم من بعيد يعتقد انهما حبيبان بسبب اقترابهم الشديد وايديهم المتشابكه : ان شاء الله كله هيبقي كويس .. اطمن احنا كلنا جنبك…
قالتها وانصرفت وهي تسير بخيلاء مبتسمه بسعاده بعدما تاكدت من رؤيه غفران لهمً….
طعنه غادره نفذت داخل قلب غفران عندما شاهدتهم علي هذا الوضع ، كتمت آلمها وحسرتها داخل قلبها ، فهي في هذه اللحظه لا تريد سوي الاطمئنان علي جدها ، هو اهم شخص في حياتها حتي اهم من عاصيها…!!!!
اخذت نفس عميق تهديء به من توترها وسارت بخطوات ثابته نحو غرفه العنايه المشدده.
استدار عاصي بجسده المتشنج بعدما سمع وقع خطوات تقترب منه ، توحشت نظراته عندما وجدتها تتقدم نحوه ، قطع الخطوات الفاصله بينهم في خطوه واحده ووقف مقابلها ويطلق لهيب حارق من عينيه .
هتف من بين اسنانه المطبقه بنبره شرسه: ايه اللي جابك هنا ، انا مش قلت لك مش عاوز اشوف وشك تاني!!!!!
رفعت نظراتها اليه هاتفه بحده: وانت مالك !!!
انا جايه اطمن علي جدي ولا كمان ده ممنوع …
رمقها بغل من تحديها له وهتف بغضب مكبوت: اه ممنوع انتي من اللحظه دي مالكيش اي صله بينا …
اغتاظت من غطرسته وهتفت تتحداه اكثر: انا فعلاً معادش ليا اي صله بيك، بس انا لحد ما اموت هفضل غفران الجارحي بنت مصطفي الجارحي واللي راقد جوه ده جدي سواء عجبك ولا لاء…
ثم تابعت بنبره مجروحه: واحب اطمنك انك مش هتشوف وشي تاني ، بس اطمن علي جدي الاول ويعدها همشي ومش هتشوف وشي تاني…
رد عليها بجبروت: للاسف ان واحده زيك تكون من عيله الجارحي ..
ثم رفع اصبعه في وجهها هاتفاً بتحذير : بس وعد مني يا غفران طول ما انا عايش علي وش الدنيا هدفعك تمن اللي عملتيه فيه غالي اوي…
انشطر قلبها الي نصفين من اصراره علي حرجها وعدم تصديقه لها ولكنها عمدت علي اخفاء نظره الانكسار في عينيها وهتفت بتحدي: مش عارفه مين فينا اللي هيعيش عمره يندم ويدفع تمن اللي عمله غالي يا … يا ابن عمي ….
صمت واخذ يطالعها بنظرات مبهمه لا يعلم ماهيه الشعور الذي اصابه جراء كلماتها وقد لمست جزء صغير داخله….
التفت الاثنان معاً علي صوت فتح باب غرفه العنايه وخروج الطبيب المعالج لمنصور الجارحي …
تقدم منه عاصي يساله بملامح قلقه: طمني يا دكتور جدي عامل ايه؟؟
اجابه الطبيب بعمليه بعدما نزع عنه الماسك الطبي : الحمد الله يا عاصي باشا ، الحج منصور بخير كانت اشتباه في زبحه بس الحمد الله لحقناها في اولها .
بس هو هيفضل في العنايه وبكره الصبح يطلع اوضه عاديه ان شاء الله..
تمتم عاصي حامداً الله علي سلامه جده وكذلك غفران التي صدح صوتها من خلف عاصي تسال الطبيب: بعد اذنك يا دكتور هو انا ممكن اشوفه؟؟
اجابها عاصي بدلاً عن الطبيب دون ان يلتفت لها موجهاً حديثه الي الطبيب حتي يرفض طلبها: اظن الدكتور قال انه لسه هيقعد في الرعايه يعني ممنوع واكيد الكلام غلط عليه وممكن يتعبه…
اغتاظت منه ولم تعطيه اي اهميه ونظرت الي الطبيب موجهه الكلام اليه مره اخري متبعه نفس اسلوبه الفظ: اظن انت مش هتعرف اكتر من الدكتور!!!!
ثم هتفت تسال الطبيب مره اخري: هما خمس دقايق بس يا دكتور مش اكتر…
ابتسم الطبيب ببشاشه واجابها بهدوء مما جعل عاصي تنتفخ اوداجه انتصاراً عليها: هو فعلاً ممنوع حد يدخل الرعايه وزي ما عاصي باشا قال الكلام غلط عليه…
ارتسمت تعابير يأسه علي ملامحها الرقيقه من رفض الطبيب ولكنه تابع يضيف بما جعلها تبتسم باتساع : بس للاسف انا مضطر اخالف القواعد لان منصور بيه طالب يقابل حضرتك …
ثم تابع مؤكداً عليها: بس هما خمس دقائق مش اكتر علشان حالته ما تتعبش ..
اجابته بفرحه: حاضر والله مش هتاخر هطمن عليه وهخرج علي طول..
اتفضلي معايا… عند اذنك يا عاصي باشا…
قالها الطبيب وهو يتقدمها الي غرفه العنايه الراقد بها الجد منصور تاركين خلفهم عاصي يكاد يخرج دخان من اذنيه من شده الغضب…/
صوت طنين الاجهزه وجسده الموصول بالاجهزه قبض قلبها واصاب جسدها برجفه مرعبه جعلت الدموع تتدفق الي عينيها وتتساقط علي وجنتيها كلما تقدمت خطوه منه ، تخشي ان تفقده فهو كل ما لديها هو الضهر والسند ، هو الامان والاحتواء…
اقتربت منه ومدت يدها تلمس كف يده المغروس فيه ابره السيروم ، انحنت وطبعت عليه قبله رقيقه جعلته يفتح عينيه منادياً اسمها بوهن: غفرااان!!!
رفعت راسها وابتسمت من بين دموعها هاتفه بنبره غلب عليها البكاء: حمد الله علي سلامتك يا جدو …
انا اسفه !!! قالتها وانخرطت في البكاء فلم تستطع حبس دموعها اكثر من ذلك…
ربط علي كف يدها بحنو وتحدث بارهاق : ما تعيطيش يا حبيبتي طول ما انا موجود ما تعيطيش…
انا جنبك وهفضل وراكي لحد ما اجيب لك حقك من الكلاب اللي عملوا فيكي كده…
مسحت دموعها وسألته بأمل : انت مصدقني يا جدو مش كده…
شبح ابتسامه لاح علي ملامحه المرهقه واجابها بما لا يدع مجال للشك: انتي حفيده منصور الجارحي وتربيته….
ابتسمت من وسط بكاؤها هاتفه بشجن: ربنا يخاليك ليا يا جدو ..انا ماليش حد غيرك …
تحدث بوهن : المهم انا عاوزك تسمع الكلمتين اللي هقولك عليهم دول وتنفذيهم بالحرف الواحد علشان اقدر اساعدك وارجع لك حقك واعيد تربيه عاصي من اول وجديد….
تحدثت بنبره حزينه منكسره: خلاص يا جدو ،تربيه ولا لاء مش هيفرق كل واحد مننا راح لحاله خلاص..
تحدث بنبره قاطعه رغم وهنها: طول ما انا فيا نفس مش هسمح بده ابداً …
جاء صوت الممرضه من خلفهم تستعجل خروجها : من فضلك يا مدام كفايه كده …
حاضر دقيقه بس…
تحدث الجد بنبره جاده: اسمعي اللي هقولك عليه علشان مفيش وقت …
ثم اخذ يخبرها بما يجب عليها ان تفعله وهي كانت تنصت له باهتمام ….
دقائق وخرجت من غرفه العنايه فوجدته يقف امامها بطوله المديد مما جعلها ترتد خطوتين للخلف من ظهوره المفاجيء امامها!!!
هتف فيها بغيظ من تاخيرها بالداخل: جدي اخباره ايه…
اجابته ببرود: عندك جوه ابقي ادخل اطمن عليه بنفسك….
تصاعد غضبه منها اكثر واكثر من طريقتها المستفزه لاعصابه وهتف متحدثاً بقسوه: فعلاً هدخل اطمن عليه بس بعد ما اتاكد انك مشيتي من هنا ومش هترجعي هنا تاني….
اقتربت منه بوجهها حتي كادت انوفهم ان تتلامس وهتفت بنبره قاطعه متحديه اياه: انا همشي دلوقتي يا ابن عمي بس مسيري هرجع تاني ، بس مش هرجع غير علشان حاجه واحده بس ..
سالها بغطرسته المعتاده وهو يضع يديه داخل بنظاله بخيلاء: وايه هي الحاجه دي ان شاء الله…
اجابته وهي علي نفس وضعها: اني اندمك علي كل اللي عملته معايا….
قالتها وتحركت مغادره من امامه دون ان تعطيه فرصه للرد عليها….
ولكن جاء صوته عالي نسبياً من خلفها يرد عليها بغرور وغطرسه: ابقي قابليني يا .. يا بنت عمي….
…………………………
في ظهر اليوم التالي….
كان الجميع ملتفون حول الحج منصور الجارحي في غرفته بالمشفي بعدما استقرت حالته وغادر العنايه المشدده….
كان عاصي يجلس علي طرف الفراش بجانب جده يحاول اطعامه ، الا ان الجد كان يرفض كل محاولاته معه فهو غاضب عليه وبشده….!!!!
وهو الامر الذي احزن عاصي كثيراً فهو يستطيع تحمل اي شيء الا غضب جده عليه….
هتف عاصي بنبره حانيه مخاطباً جده: انا عارف انك زعلان مني بس علشان خاطر صحتك لازم تاكل ..
الا ان الجد اصر علي عناده وغضبه واغلق عينيه مدعي النوم حتي ييأس عاصي ويتركه….
في نفس الوقت ، دلف آدم الي من باب الجناح يلهث بشده ، فقد قطع سفرته بعدما علم باخبار الوكيه الصحيه التي آلمت بكبير عائله الجارحي …
وما زاد قلقه اكثر عدم رد اي من عاصي او غفران علي اتصالاته المتكرره!!!!
هتف آدم بمرحه المعتاد بعدما وصل امام فراش الجد: كده برضه يا جارحي يا كبير تخضنا كده عليك، ما انت زي الفل اهو وعال العال مش ناقصك غير موزه صغيره كده تدلعك….
قالها وهو ينحني ويطبع قبله علي جبينه واخري علي ظهر يده احتراماً وتقديراً لهذا الرجل الطيب…
اجابه الجد ببشاشه: بس يا اونطجي .. انت مش هتبطل جنانك ده ابداً…
ضحك آدم بمرح واجابه: يا جدي ده احلي حاجه الجنان وخفه الدم …. ثم اقترب منه وهمس بصوت منخفض حتي لا يصل الي عاصي : مش زي ناس ..
قالها قاصداً عاصي وهو الامر الذي جعل الجد يضحك علي مزحته…
علي عكس عاصي الذي تكدرت ملامحه بالغضب اكثر من ذي قبل عندما رأي آدم ….
هتف آدم بتساؤل : اومال فين غفران ، هي مش موجوده ولا ايه ؟؟
انا بتصل بيها من امبارح تليفونها مقفول …
ساله عاصي بحده وغيره: وانت بتتصل بيها ليه؟؟؟
آدم بيأس من غيرته عليها فهو لا يعلم اي شيء ممت حدث ويظن انه لازال يشعر بالغيره منه: هكون بتصل بيها ليه علشان اطمن علي جدي ، ما انا غلبت اتصل بيك وبيها وانتوا الاتنين تليفوناتكم مقفوله….
صمت عاصي ولم يعقب بعدما رمقه بنظره حارقه….
اعاد آدم سؤاله مره اخري: ايوه فين غفران بقي؟؟
في الاسفل ، استقل عاصم وسوار المصعد قاصدين جناح الحج منصور الجارحي للاطمئنان عليه …
وصلوا الي الطابق المنشود وصاروا في الرواق المؤدي الي الجناح ، كانت سوار تحمل في يديها باقه رقيقه من الزهور وعاصم يحمل علبه كبيره من افخم انواع الشيكولاتة ….
طرق عاصم علي باب الجناح ودلفوا الي الداخل ، استقبلهم عاصي بحفاوه وجلسوا في الجزء المخصص للزوار في ركن من اركان الجناح بعدما اطمئنوا علي صحه الحج منصور….
تحدث عاصي يشكر عاصم علي واجبه وقدومه اليه خصيصاً رغم انشغاله : تعبت نفسك يا عاصم انت والمدام ، كان كفايه تليفون بدل ما تيجي المشوار ده كله وانت وراك مسؤليات وكمان الولاد سبتوهم لوحدهم…
ربط عاصم علي فخد عاصي برجوله واجابه مؤنباً اياه: عيب عليك تقول كده الحج منصور غلاوته عندي في غلاوه الحج سليم بالظبط…
وبعدين لو كنت حضرتك بترد علي تليفونك كنت عرفت اني اتصلت بيك مليون مره…
ده حتي سواو غلبت تتصل بمدام غفران برضه تليفونها مقفول….
هتفت سوار تساله عنها : صحيح اومال فين غفران انا ما شوفتهاش من ساعه ما جيت؟؟
توترت ملامح عاصي ونظر الي والدته التي نظرت له بامتعاض وادارت وجهها الي الجهه الاخري…
وكذلك آدم الذي نظر له في انتظار اجابته علي سؤاله فهو سال عنها اكثر من مره ولم يجيبه بشيء!!!
حمحم عاصي يجلي حنجرته واجابهم بجمود: هي .. هي في القصر روحت علشان تعبت شويه كانت سهرانه طول الليل لحد علشان تطمن علي الحج….
هتفت سوار بتفهم : اه طبعاً اكيد كانت قلقانه عليه ، انا عارفه هي بتحب الحج ازاي ومرتبطه بيه اوي، ربنا يخاليه ليكم ويديله الصحه …
ثم هتفت مضيفه تنصحه باهتمام : وكمان هي لازم ترتاح وما تعملش مجهود الفتره دي علشان الحمل يثبت…!!!!!
جحظت عين دريه ونسرين بعد سماعهم لحديث سوار ونظروا الي بعضهم البعض بعدم تصديق وكأن القدر يعاندهم ويسدد كل طريق يسلكوه عليه من اجل التفريق بينهم….
اما عاصي فقد اصابه الذهول وعدم الاستيعاب ، رمش بعينه بعدم فهم فاخذ يسالها مره اخري: معلش بس ثانيه واحده، حضرتك قلتي ايه… حمل ايه ومين دي اللي حامل…!!!
اجابته سوار بتاكيد: غفران .. غفران مراتك حامل يا عاصي بيه ،..
الصدمه والذهول كانت مرتسمه علي اوجه الجميع ، وعاصي بالرغم من صدمته الا انه كان في واديً اخر كان يسترجع حديثها معه اليوم وتذكر توعدها له وجمله واحده تترد في ذهنه
“مش عارفه مين فينا اللي هيعيش عمره يندم ويدفع التمن غالي يا .. يا ابن عمي “…
وهنا ادرك العاصي ان رحله بحثه عن الحصول علي الغفران قد بدأت للتو…….!!!!!!!
……………………..
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية غفران العاصي) اسم الرواية