رواية زواج السوشيال ميديا الفصل التاسع عشر 19 - بقلم سهام احمد
seham Ahmed:
البارت التاسع عشر
تتبدل العلاقات باستمرار وتختلف باختلاف الأشخاص التى تربطنا بهم تلك العلاقات، تبنى العلاقات على أسس ومبادئ مشتركة بين أطراف العلاقة، لكن ليس دائما تتفق هذ الأسس لكل شخص، فكل شخص لديه أسس ومبادئ خاصة به يريد أن يبني عليها علاقته، وشخصيت كل شخص تريد أن تفرض نفسها في العلاقة المشتركة او تطغى على غيرها، لكن الشخصيات القوية هي من تدافع عن مكانتها وتواجدها دون أن تطفئ على غيرها، وليس الشخصية القوية هي من تفرض سيطرتها وتطغى على غيرها.
كانت سهيلة ذات شخصية قوية بمعنى الكلمة، أما عائلة آثر جميعها كانوا يعتقدون أن قوة الشخصية تكمن في السيطرة على من حولهم وبالأخص منال، كانت تحب فرض سيطرتها واوامرها على الجميع، لكنها لم تستطع فعل ذلك مع سهيلة وهذا اول ما جعلها تغار منها وتحقد عليها وتغل منها.
صعد آثر إليها ويحمل في يده شنطة بلاستيكية سوداء اللون، أعطاها لسهيلة، ونظرت إليها منال بفضولها الذي كاد أن يقتلها لتعلم ما بداخلها، اخذ آثر سهيلة إلى جانب النافذة وقال بصوت منخفض:
-ما الأمر؟ الم اخبرك أن تنتظري قليلاً بعد؟
-سئمت الأمر يا آثر اريد الذهاب الى شقتي، واريد الاكل انا جائعة ورباب وأسماء ايضاً، شقيقتك لم تفعل شيئاً نحن من المفترض أننا ضيوف لديها ما هذا البرود، من فضلك خذني من هنا.
-حسنا سانزل الآن وعندما اتصل بك انزلي انت أيضاً.
-حسنا.
ثم نظر آثر إلى تلك الشنطة وقال:
-وماذا عن هذا.
استغربت سهيلة عماذا يسأل ثم أدركت نيته وقالت بخجل:
-لا اعلم ليس ذنبي، ولا يهم الأمر إلا يمكنك الانتظار عدة أيام أخرى، لقد انتظرت الكثير.
نظر إليها وقال بصوت منخفض:
-لا يمكنني الانتظار دقيقة أخرى وليس عدة أيام، لقد قلت الان لقد انتظرت الكثير.
-ستنتظر رغما عنك يا حبيبي فمازال هناك يومان لموعد حفل الزفاف.
-اممممم أجل حسنا سانزل الآن.
-حسنا.
نزل آثر وقالت منال بفضول:
-يبدوا أنه قد جلب لك الاكل الذي طلبته.
ابتسمت سهيلة واخرجت مابالشنطة وقالت لها ببرود:
-اجل بالفعل، خذي قطعة منها أن اردتي.
ضحكت شهد عليها فرمقتها منال بنظرات حادة، جعلتها تبتلع ريقها وتصمت دون كلمة، كانت منال تسيطر عليها؛ لأنها كانت تعيش معها في المنزل، تزلها ببقائها وتعاملها كالخادمة، تعمل بلقمتها التي تتناولها معها، بدأت سهيلة تكتشف الشخصيات حولها تدريجياً، في كل يوم تظهر فيه صفاتهم وقذارة طباعهم أكثر من قبله.
اتصل آثر بسهيلة واخبرها أن تنزل إليه، فقالت سهيلة:
-هيا يا رباب هيا يا اسماء ينتظرنا آثر بالاسفل.
وفدقفت منال وكأنها كانت تنتظر تلك اللحظة، قالت مبتسمة:
-أين تذهبين يا سهيلة، ابقي هنا اليوم مازال الوقت باكرا، ماذا ستفعلين في شقتك وكيف ستنامين هناك؟!
وقفت سهيلة على باب المنزل وقالت:
-لا تقلقي يا منال سنفرش بعض من الأثاث والمفروشات هناك، حتى ننجز الوقت ولا يضيع هباء، تعلمين تبقى يومين على حفل الزفاف، لا تنسي أن تعزمي اقاربكِ وجيرانكِ واهلكِ.
-اجل حسنا سأتصل بهم.
-اراك لاحقاً.
-وداعاً.
غادرت سهيلة إلى شقتها التي تدخلها للمرة الأولى، هذا سيكون منزلها البديل الذي ستكمل به باقي حياتها، وجدت الاثاث الخشبي مغرفة النوم والأطفال والنيش والانتريه، لكن ليس هناك سجاد أو ستائر تغطي الحوائط أو أدوات المطبخ، بعدما اوصلها آثر إلى الشقه قال لها وهو يقف على بابها:
-خذوا راحتكن، سأذهب لإحضار الطعام وآتي.
قالت له سهيلة:
-انتظر يا آثر اريدك قليلاً.
دخلت تتفقد باقي الغرف، وجدتها شقة صغيرة لا تتعدى مساحتها المائة متر او أقل، لقد كانت تعيش في منزل كبير مساحته أكثر من قراطين، لكنها ساعتاد الامر لأجل آثر، قالت له على انفراد:
-أين باقي الأشياء يا آثر؟! اين الستائر والسجاد وأدوات المطبخ، حتى المراتب ليست موجودة؟ عندما كنت اسألك عن شيء ما وانا هناك تجيبيني "ستجدين كل شيء عندما تأتين" اين هي تلك الأشياء؟! هل ستأتي عائلتي لترى بلاط المنزل ام ترى السرائر دون مراتبها؟!
شعر آثر بضعفه وقلة حيلته، حاول أن يخفي الأمر لكن الى متى لقد بقي يومان على زفافهم، فقال لها:
-سيكتمل كل شيء يا سهيلة لا تقلقي، سأذهب لإحضار الطعام وآتي إليكِ.
-آثر انا اتحدث اليك؟
بتر حديثها بنظرات حادة وقال مبتسما بقرف:
-اخبرتك أن نتحدث لاحقاً.
سكتت سهيلة عندما لاحظ أنه من الممكن أن يفقد أعصابه عليها ويتشاجر معها، لا يحتمل الكلام الآن، ربما هناك شيئا مازالت لا تعلمه، بعد ساعة تقريبا اتى آثر ومعه الطعام، لكن الطعام الذي جلبه لثلاث أشخاص فقط، استغربت سهيلة وقالت له:
-أين طعامك؟! هل تناولت الطعام خارجاً؟!
قال لها بتوتر:
-لا تشغلي بالك بي، تناولي انت الطعام والفتيات.
امسكت سهيلة بزاعه وقالت بصوت منخفض:
-اذهب إلى الداخل وانتظرني بالغرفة.
دخل آثر كما قالت له، ذهبت إليه بعدما أعطت الطعام لرباب وأسماء، واخذت طعامها ودخلت إلى الغرفة، عند خروجها قالت رباب:
-الى اين الن تتناولي الطعام معنا؟
قالت سهيلة مبتسمة:
-لا ستتناول الطعام مع آثر، لقد جلب لنا طعامنا سويا، تناولن أنتن وسآتي اليكم بعد قليل.
-بالطبع يا سيدتي، لقد أتت العروس الآن.
ضحكت سهيلة تداري توترها بتلك الضحكة المزيفة، ثم دخلت لآثر فوجدته يجلس على اخشاب سرير النوم، جلس عند قدميه على الأرض ووضعت يديها على ركبتيه بكل حنان وحب وقالت:
-ما الامر يا آثر؟ ماذا تخفي عني؟ منذ أن اتيت الى هنا وانا الاحظ توترك، ماذا حدث اخبرني رجاءا؟
فجأة تساقطت دموع آثر أمام سهيلة للمرة الأولى التي يظهر فيها ضعفه وكسرته أمامها، بعد إلحاح منها بأن يخبرها قال آثر:
-تعلمين اين ذهب والدي يا سهيلة؟
نظرت إليه بتعجب وقالت تهز رأسها:
-لا اين ذهب؟!
-لقد اختفى ابي وعاد إلى منزله الآخر؛ حتى لا يدفع اجرة السيارة التي اتينا بها إلى هنا؛ حتى لا يعطيني المال يا سهيلة.
بصدمة وصمت تستمع إليه سهيلة، كانت تلك الصدمة الأولى في بلد الغريب لها، تقول في خاطرها مال؟! وعن اي مال يتحدثون أنه الف جنيهاً لا غير، ابتلعت ريقها ثم قالت:
-ولم تحتاج إلى والدك يا آثر؟! نحن لا نحتاج إليه في شيء، لا تحزن ولا تلق بالا لأفعاله انت تعلمه جيداً، أليس لديك مال لتدفعه للسائق؟
اشتد بكاء آثر عندما قالت له ذلك، ظلت تهدأ من حالته حتى تمالك نفسه قليلا ثم قال:
-انا لا احتكم على جنيهاً واحداً في جيبي يا سهيلة، حتى الطعام الذي جلبته لقد افترضت مال لأجله، لقد تعبت من تصرفاتهم الدنيئة، لقد رأيت ما اعيش به، أفعالهم الرخيصة ورأيت بأم عينك ما تفعلهم منال، حتى أنها لم تحضر طعام لأجلك أو لأجل السائق الذي يعرفه زوج اختك، هي تعلم بكل ذلك لكنها لا تريد أن تفعل شيئاً.
عندما رأت سهيلة أفعالهم ورأت حالة آثر لم تشأ أن تزيد الأمر عليه، لقد اصبحت زوجته الآن وعليها أن تكون سنداً له، تهون عليه، وفي حقيقة الأمر أنه اختيارها فليس لديه اختيار اخر ولن يكون هناك مفرا لما وضعت نفسها به.
قالت سهيلة وهي تربت على قدمه:
-لا عليك يا آثر اهدأ رجاءا، هيا نتناول الطعام سويا، لقد أصبحنا شخص واحد الآن، سوف نتقاسم كل شيء من الآن فصاعدا، واول ما سنتقاسمه هو الطعام، هيا كل معي.
نظر آثر إليها ولام نفسه على معاملتها بسوء سابقاً، رق قلبه قليلاً وتقاسم الطعام معها، بعد الانتهاء قال آثر:
-انا لدي مال خاص بعملي لكنه عند الزبائن، ساتحدث معهم حتى احصل عليه قبل الزفاف وافعل لك كل ما تريدينه.
-لا عليك يا آثر اهتم بعملك وكل شيء سيكون بخير.
ذهب آثر وعند خروجه قال لرباب وأسماء:
-تريدون شيئاً يا فتيات؟
اجابت رباب بمزاح:
-وهل افتكرت الآن يا سيد آثر، من وجد أحبابه.
قال آثر ضاحكاً:
-اجل يا رباب لديكِ حق، كم تمنيت أن احصل عليها.
-هنيئا لك يا عريس، لقد حصلت عليها وأخيراً، لكن أجلب لنا باقي الاغراض؛ حتى نقوم بفرش الشقة ليس لدينا وقت كاف.
نظر إلى سهيلة ثم قال بصوت مرتفع بجيبها:
-حسنا سأذهب.
نزل آثر وأغلقت سهيلة الباب ودخلت إلى رباب وأسماء، لاحظت رباب لون عيناها مائل للاحمرار كأنها باكية، سألتها عندما جلست جوارها:
-ماذا هناك؟ هل صار شيئاً بينك وبين آثر؟
نظرت إليها سهيلة عدة ثوان وقالت متنهدة:
-لا اعلم يا رباب ماذا أفعل، الا ترين مظهر الشقة؟ ينقصها الكثير من الأشياء وعندما أخبرته أجابني لا تقلقي، لكني لست مرتاحة الى هذا الوضع.
قالت رباب بجدية:
-استمعي الي، عائلتك لن تأتي من بلد آخر لترى الأرض والحوائط والأخشاب دون فرش، أخبريه بذلك، هو ملزم أمامكِ وأمام عائلتكِ بكل شيء.
تنهدت سهيلة مغلوبة على أمرها وفي حيرة:
-كيف سيفعل ذلك وهو لا يملك جنيهاً في جيبه، لقد اقترض اجرة السيارة التي اوصلتنا إلى هنا، يقول أن لديه ماله عند زبائنه لم يتحصل عليه بعد وسيجلبه قبل الزفاف.
-ماذا لقد حلت المشكلة يمكننا شراء كل ذلك بيوم وتكمل فرش الشقة في اليوم التالي قبل الزفاف.
-وماذا إن لم يتحصل على هذا المال قبل الزفاف؟
قالت رباب بتوبيخ لها:
-لقد كان هذا اختيارك يا سهيلة.
تلك الكلمات التي جعلت سهيلة تشعر بالندم وتكتم في قلبها شكواها، عليها تقبل الأمر الواقع والتعايش معه، لكنها لم تستسلم لكلام رباب وتدعه دون رد فقالت بثقة:
-لست نادمة على اختياري لآثر يا رباب، عندما اخترتِ زوجكِ كنت اول من وقف بظهرك وساندكِ، فقط كنت اتحدث معكِ لنجد حلا سويا.
قالت رباب بخجل:
-فقط كنت اخبرك، حتى تعلمين ما عليك فعله، لقد اصبحت زوجته الآن.
-حسنا انسي الأمر، لنخلد إلى النوم انا متعبة كثيراً، هيا يا اسماء لنفرش شيئا ننام عليه.
-حسنا يا اختي.
نام الجميع وأغلقت سهيلة الباب من الداخل، جلست تفكر فيما حدث معها، وما رأته في آثر وعائلته، طرأت لها خاطرة لم لم يخبرها آثر بكل ذلك قبل قدومها؟! هل خاف من أن تتركه أم أنه أراد وضعها أمام الأمر الواقع، ماذا لو لم يستطيع الحصول على المال؟ ماذا سيقول اهلها عند رؤية شقتها بهذه الحالة، ماذا وماذا وماذا؟ حتى فقدت سيطرتها على نفسها وتركيزها وغلبها النوم.
في اليوم التالي استيقظت سهيلة على صوت إحدى جاراتها تنادي على ابنتها بصوت مرتفع، قامت غدفزعة من نومها نظرت إلى رباب فوجدتها تستيقظ أيضا على صوتها، ضحكت معا على هذا وقالت رباب:
-ستكون حياتك مليئة بالمفاجآت يا سهيلة، ما شاء الله على جيرانكِ لديهم حنجرة تامر حسني.
ضحكت سهيلة وقالت:
-بلى أنه الطرب الاصيل كصوت أصالة هههههه.
اتصل بها آثر، حملت هاتفها وقالت:
-انه آثر، صباح الخير يا آثر.
-صباح الخير يا سهيلة كيف الحال؟
-نحن بخير لقد استيقظنا الآن على صوت جارتنا التي تنادي على فرح.
-ومن هذه فرح؟
-ههههه لا اعلم يا حبيبي ربما ابنتها.
-ههههه حسنا ستجلب لكن الفطور وآتي بعد قليل.
-حسنا يا حبيبي.
قام الفتيات يستعدون للعمل في الشقة ودارت الأحداث بسهولة حتى آتي آثر وجلب الطعام لهن وتناولوا الفطور سويا، بينما كان يقف آثر مع سهيلة ينظرون كيف سيفرشون شقتهم، يتبادلون الرأي في أماكن وضع الأشياء، اتصلت به منال، رفع الهاتف واجاب:
-الو ما الأمر، حسنا تعلمين اني لا أملك المال، من قال ذلك؟ وماذا أفعل أنا؟ لم انتهي من فرش شقتي بعد ولا اعلم كيف سادفع باقي تكاليف قاعة الزفاف، ورأيت والدكِ ماذا فعل.
رأت سهيلة آثر منفعلا ومتضايق، يتحدث بانفعال وغضب مع منال، قامت بخطف الهاتف من يده ووضعته على اذنها، سمعت ما كانت تقوله منال له وهو:
-انا لا يهمني من اين تجلب المال، تعلم اني أريد مالاً لأجلي ملابسي التي سأحضر بها الزفاف، أخبرت محمد بذلك قال إن آثر لديه أربعمائة جنيهاً خذيهم منه، ماذا أفعل أنا؟
صدمت منال عندما اجابتها سهيلة وقالت:
-وماذا يفعل هو يا منال؟
-سهيلة، اين هو؟
-انا من اتحدث إليكِ، ماذا يفعل آثر؟ سيعطيك المال أم أنه سيكفي نواقص شقته وعرسه، بدلا من أن تقولي له ذلك عليك الوقوف بجانبه.
-كيف ساقف بجانبه وانا لا املك شيئا، انا مثلي مثلكم لا احتكم على مال ولا غيره، ورأيت والدي لا يهتم بأحد ولا يريد التحدث مع أحد.
تعجبت سهيلة وقالت:
-حسنا يا منال خذي آثر معكِ.
البارت التاسع عشر
تتبدل العلاقات باستمرار وتختلف باختلاف الأشخاص التى تربطنا بهم تلك العلاقات، تبنى العلاقات على أسس ومبادئ مشتركة بين أطراف العلاقة، لكن ليس دائما تتفق هذ الأسس لكل شخص، فكل شخص لديه أسس ومبادئ خاصة به يريد أن يبني عليها علاقته، وشخصيت كل شخص تريد أن تفرض نفسها في العلاقة المشتركة او تطغى على غيرها، لكن الشخصيات القوية هي من تدافع عن مكانتها وتواجدها دون أن تطفئ على غيرها، وليس الشخصية القوية هي من تفرض سيطرتها وتطغى على غيرها.
كانت سهيلة ذات شخصية قوية بمعنى الكلمة، أما عائلة آثر جميعها كانوا يعتقدون أن قوة الشخصية تكمن في السيطرة على من حولهم وبالأخص منال، كانت تحب فرض سيطرتها واوامرها على الجميع، لكنها لم تستطع فعل ذلك مع سهيلة وهذا اول ما جعلها تغار منها وتحقد عليها وتغل منها.
صعد آثر إليها ويحمل في يده شنطة بلاستيكية سوداء اللون، أعطاها لسهيلة، ونظرت إليها منال بفضولها الذي كاد أن يقتلها لتعلم ما بداخلها، اخذ آثر سهيلة إلى جانب النافذة وقال بصوت منخفض:
-ما الأمر؟ الم اخبرك أن تنتظري قليلاً بعد؟
-سئمت الأمر يا آثر اريد الذهاب الى شقتي، واريد الاكل انا جائعة ورباب وأسماء ايضاً، شقيقتك لم تفعل شيئاً نحن من المفترض أننا ضيوف لديها ما هذا البرود، من فضلك خذني من هنا.
-حسنا سانزل الآن وعندما اتصل بك انزلي انت أيضاً.
-حسنا.
ثم نظر آثر إلى تلك الشنطة وقال:
-وماذا عن هذا.
استغربت سهيلة عماذا يسأل ثم أدركت نيته وقالت بخجل:
-لا اعلم ليس ذنبي، ولا يهم الأمر إلا يمكنك الانتظار عدة أيام أخرى، لقد انتظرت الكثير.
نظر إليها وقال بصوت منخفض:
-لا يمكنني الانتظار دقيقة أخرى وليس عدة أيام، لقد قلت الان لقد انتظرت الكثير.
-ستنتظر رغما عنك يا حبيبي فمازال هناك يومان لموعد حفل الزفاف.
-اممممم أجل حسنا سانزل الآن.
-حسنا.
نزل آثر وقالت منال بفضول:
-يبدوا أنه قد جلب لك الاكل الذي طلبته.
ابتسمت سهيلة واخرجت مابالشنطة وقالت لها ببرود:
-اجل بالفعل، خذي قطعة منها أن اردتي.
ضحكت شهد عليها فرمقتها منال بنظرات حادة، جعلتها تبتلع ريقها وتصمت دون كلمة، كانت منال تسيطر عليها؛ لأنها كانت تعيش معها في المنزل، تزلها ببقائها وتعاملها كالخادمة، تعمل بلقمتها التي تتناولها معها، بدأت سهيلة تكتشف الشخصيات حولها تدريجياً، في كل يوم تظهر فيه صفاتهم وقذارة طباعهم أكثر من قبله.
اتصل آثر بسهيلة واخبرها أن تنزل إليه، فقالت سهيلة:
-هيا يا رباب هيا يا اسماء ينتظرنا آثر بالاسفل.
وفدقفت منال وكأنها كانت تنتظر تلك اللحظة، قالت مبتسمة:
-أين تذهبين يا سهيلة، ابقي هنا اليوم مازال الوقت باكرا، ماذا ستفعلين في شقتك وكيف ستنامين هناك؟!
وقفت سهيلة على باب المنزل وقالت:
-لا تقلقي يا منال سنفرش بعض من الأثاث والمفروشات هناك، حتى ننجز الوقت ولا يضيع هباء، تعلمين تبقى يومين على حفل الزفاف، لا تنسي أن تعزمي اقاربكِ وجيرانكِ واهلكِ.
-اجل حسنا سأتصل بهم.
-اراك لاحقاً.
-وداعاً.
غادرت سهيلة إلى شقتها التي تدخلها للمرة الأولى، هذا سيكون منزلها البديل الذي ستكمل به باقي حياتها، وجدت الاثاث الخشبي مغرفة النوم والأطفال والنيش والانتريه، لكن ليس هناك سجاد أو ستائر تغطي الحوائط أو أدوات المطبخ، بعدما اوصلها آثر إلى الشقه قال لها وهو يقف على بابها:
-خذوا راحتكن، سأذهب لإحضار الطعام وآتي.
قالت له سهيلة:
-انتظر يا آثر اريدك قليلاً.
دخلت تتفقد باقي الغرف، وجدتها شقة صغيرة لا تتعدى مساحتها المائة متر او أقل، لقد كانت تعيش في منزل كبير مساحته أكثر من قراطين، لكنها ساعتاد الامر لأجل آثر، قالت له على انفراد:
-أين باقي الأشياء يا آثر؟! اين الستائر والسجاد وأدوات المطبخ، حتى المراتب ليست موجودة؟ عندما كنت اسألك عن شيء ما وانا هناك تجيبيني "ستجدين كل شيء عندما تأتين" اين هي تلك الأشياء؟! هل ستأتي عائلتي لترى بلاط المنزل ام ترى السرائر دون مراتبها؟!
شعر آثر بضعفه وقلة حيلته، حاول أن يخفي الأمر لكن الى متى لقد بقي يومان على زفافهم، فقال لها:
-سيكتمل كل شيء يا سهيلة لا تقلقي، سأذهب لإحضار الطعام وآتي إليكِ.
-آثر انا اتحدث اليك؟
بتر حديثها بنظرات حادة وقال مبتسما بقرف:
-اخبرتك أن نتحدث لاحقاً.
سكتت سهيلة عندما لاحظ أنه من الممكن أن يفقد أعصابه عليها ويتشاجر معها، لا يحتمل الكلام الآن، ربما هناك شيئا مازالت لا تعلمه، بعد ساعة تقريبا اتى آثر ومعه الطعام، لكن الطعام الذي جلبه لثلاث أشخاص فقط، استغربت سهيلة وقالت له:
-أين طعامك؟! هل تناولت الطعام خارجاً؟!
قال لها بتوتر:
-لا تشغلي بالك بي، تناولي انت الطعام والفتيات.
امسكت سهيلة بزاعه وقالت بصوت منخفض:
-اذهب إلى الداخل وانتظرني بالغرفة.
دخل آثر كما قالت له، ذهبت إليه بعدما أعطت الطعام لرباب وأسماء، واخذت طعامها ودخلت إلى الغرفة، عند خروجها قالت رباب:
-الى اين الن تتناولي الطعام معنا؟
قالت سهيلة مبتسمة:
-لا ستتناول الطعام مع آثر، لقد جلب لنا طعامنا سويا، تناولن أنتن وسآتي اليكم بعد قليل.
-بالطبع يا سيدتي، لقد أتت العروس الآن.
ضحكت سهيلة تداري توترها بتلك الضحكة المزيفة، ثم دخلت لآثر فوجدته يجلس على اخشاب سرير النوم، جلس عند قدميه على الأرض ووضعت يديها على ركبتيه بكل حنان وحب وقالت:
-ما الامر يا آثر؟ ماذا تخفي عني؟ منذ أن اتيت الى هنا وانا الاحظ توترك، ماذا حدث اخبرني رجاءا؟
فجأة تساقطت دموع آثر أمام سهيلة للمرة الأولى التي يظهر فيها ضعفه وكسرته أمامها، بعد إلحاح منها بأن يخبرها قال آثر:
-تعلمين اين ذهب والدي يا سهيلة؟
نظرت إليه بتعجب وقالت تهز رأسها:
-لا اين ذهب؟!
-لقد اختفى ابي وعاد إلى منزله الآخر؛ حتى لا يدفع اجرة السيارة التي اتينا بها إلى هنا؛ حتى لا يعطيني المال يا سهيلة.
بصدمة وصمت تستمع إليه سهيلة، كانت تلك الصدمة الأولى في بلد الغريب لها، تقول في خاطرها مال؟! وعن اي مال يتحدثون أنه الف جنيهاً لا غير، ابتلعت ريقها ثم قالت:
-ولم تحتاج إلى والدك يا آثر؟! نحن لا نحتاج إليه في شيء، لا تحزن ولا تلق بالا لأفعاله انت تعلمه جيداً، أليس لديك مال لتدفعه للسائق؟
اشتد بكاء آثر عندما قالت له ذلك، ظلت تهدأ من حالته حتى تمالك نفسه قليلا ثم قال:
-انا لا احتكم على جنيهاً واحداً في جيبي يا سهيلة، حتى الطعام الذي جلبته لقد افترضت مال لأجله، لقد تعبت من تصرفاتهم الدنيئة، لقد رأيت ما اعيش به، أفعالهم الرخيصة ورأيت بأم عينك ما تفعلهم منال، حتى أنها لم تحضر طعام لأجلك أو لأجل السائق الذي يعرفه زوج اختك، هي تعلم بكل ذلك لكنها لا تريد أن تفعل شيئاً.
عندما رأت سهيلة أفعالهم ورأت حالة آثر لم تشأ أن تزيد الأمر عليه، لقد اصبحت زوجته الآن وعليها أن تكون سنداً له، تهون عليه، وفي حقيقة الأمر أنه اختيارها فليس لديه اختيار اخر ولن يكون هناك مفرا لما وضعت نفسها به.
قالت سهيلة وهي تربت على قدمه:
-لا عليك يا آثر اهدأ رجاءا، هيا نتناول الطعام سويا، لقد أصبحنا شخص واحد الآن، سوف نتقاسم كل شيء من الآن فصاعدا، واول ما سنتقاسمه هو الطعام، هيا كل معي.
نظر آثر إليها ولام نفسه على معاملتها بسوء سابقاً، رق قلبه قليلاً وتقاسم الطعام معها، بعد الانتهاء قال آثر:
-انا لدي مال خاص بعملي لكنه عند الزبائن، ساتحدث معهم حتى احصل عليه قبل الزفاف وافعل لك كل ما تريدينه.
-لا عليك يا آثر اهتم بعملك وكل شيء سيكون بخير.
ذهب آثر وعند خروجه قال لرباب وأسماء:
-تريدون شيئاً يا فتيات؟
اجابت رباب بمزاح:
-وهل افتكرت الآن يا سيد آثر، من وجد أحبابه.
قال آثر ضاحكاً:
-اجل يا رباب لديكِ حق، كم تمنيت أن احصل عليها.
-هنيئا لك يا عريس، لقد حصلت عليها وأخيراً، لكن أجلب لنا باقي الاغراض؛ حتى نقوم بفرش الشقة ليس لدينا وقت كاف.
نظر إلى سهيلة ثم قال بصوت مرتفع بجيبها:
-حسنا سأذهب.
نزل آثر وأغلقت سهيلة الباب ودخلت إلى رباب وأسماء، لاحظت رباب لون عيناها مائل للاحمرار كأنها باكية، سألتها عندما جلست جوارها:
-ماذا هناك؟ هل صار شيئاً بينك وبين آثر؟
نظرت إليها سهيلة عدة ثوان وقالت متنهدة:
-لا اعلم يا رباب ماذا أفعل، الا ترين مظهر الشقة؟ ينقصها الكثير من الأشياء وعندما أخبرته أجابني لا تقلقي، لكني لست مرتاحة الى هذا الوضع.
قالت رباب بجدية:
-استمعي الي، عائلتك لن تأتي من بلد آخر لترى الأرض والحوائط والأخشاب دون فرش، أخبريه بذلك، هو ملزم أمامكِ وأمام عائلتكِ بكل شيء.
تنهدت سهيلة مغلوبة على أمرها وفي حيرة:
-كيف سيفعل ذلك وهو لا يملك جنيهاً في جيبه، لقد اقترض اجرة السيارة التي اوصلتنا إلى هنا، يقول أن لديه ماله عند زبائنه لم يتحصل عليه بعد وسيجلبه قبل الزفاف.
-ماذا لقد حلت المشكلة يمكننا شراء كل ذلك بيوم وتكمل فرش الشقة في اليوم التالي قبل الزفاف.
-وماذا إن لم يتحصل على هذا المال قبل الزفاف؟
قالت رباب بتوبيخ لها:
-لقد كان هذا اختيارك يا سهيلة.
تلك الكلمات التي جعلت سهيلة تشعر بالندم وتكتم في قلبها شكواها، عليها تقبل الأمر الواقع والتعايش معه، لكنها لم تستسلم لكلام رباب وتدعه دون رد فقالت بثقة:
-لست نادمة على اختياري لآثر يا رباب، عندما اخترتِ زوجكِ كنت اول من وقف بظهرك وساندكِ، فقط كنت اتحدث معكِ لنجد حلا سويا.
قالت رباب بخجل:
-فقط كنت اخبرك، حتى تعلمين ما عليك فعله، لقد اصبحت زوجته الآن.
-حسنا انسي الأمر، لنخلد إلى النوم انا متعبة كثيراً، هيا يا اسماء لنفرش شيئا ننام عليه.
-حسنا يا اختي.
نام الجميع وأغلقت سهيلة الباب من الداخل، جلست تفكر فيما حدث معها، وما رأته في آثر وعائلته، طرأت لها خاطرة لم لم يخبرها آثر بكل ذلك قبل قدومها؟! هل خاف من أن تتركه أم أنه أراد وضعها أمام الأمر الواقع، ماذا لو لم يستطيع الحصول على المال؟ ماذا سيقول اهلها عند رؤية شقتها بهذه الحالة، ماذا وماذا وماذا؟ حتى فقدت سيطرتها على نفسها وتركيزها وغلبها النوم.
في اليوم التالي استيقظت سهيلة على صوت إحدى جاراتها تنادي على ابنتها بصوت مرتفع، قامت غدفزعة من نومها نظرت إلى رباب فوجدتها تستيقظ أيضا على صوتها، ضحكت معا على هذا وقالت رباب:
-ستكون حياتك مليئة بالمفاجآت يا سهيلة، ما شاء الله على جيرانكِ لديهم حنجرة تامر حسني.
ضحكت سهيلة وقالت:
-بلى أنه الطرب الاصيل كصوت أصالة هههههه.
اتصل بها آثر، حملت هاتفها وقالت:
-انه آثر، صباح الخير يا آثر.
-صباح الخير يا سهيلة كيف الحال؟
-نحن بخير لقد استيقظنا الآن على صوت جارتنا التي تنادي على فرح.
-ومن هذه فرح؟
-ههههه لا اعلم يا حبيبي ربما ابنتها.
-ههههه حسنا ستجلب لكن الفطور وآتي بعد قليل.
-حسنا يا حبيبي.
قام الفتيات يستعدون للعمل في الشقة ودارت الأحداث بسهولة حتى آتي آثر وجلب الطعام لهن وتناولوا الفطور سويا، بينما كان يقف آثر مع سهيلة ينظرون كيف سيفرشون شقتهم، يتبادلون الرأي في أماكن وضع الأشياء، اتصلت به منال، رفع الهاتف واجاب:
-الو ما الأمر، حسنا تعلمين اني لا أملك المال، من قال ذلك؟ وماذا أفعل أنا؟ لم انتهي من فرش شقتي بعد ولا اعلم كيف سادفع باقي تكاليف قاعة الزفاف، ورأيت والدكِ ماذا فعل.
رأت سهيلة آثر منفعلا ومتضايق، يتحدث بانفعال وغضب مع منال، قامت بخطف الهاتف من يده ووضعته على اذنها، سمعت ما كانت تقوله منال له وهو:
-انا لا يهمني من اين تجلب المال، تعلم اني أريد مالاً لأجلي ملابسي التي سأحضر بها الزفاف، أخبرت محمد بذلك قال إن آثر لديه أربعمائة جنيهاً خذيهم منه، ماذا أفعل أنا؟
صدمت منال عندما اجابتها سهيلة وقالت:
-وماذا يفعل هو يا منال؟
-سهيلة، اين هو؟
-انا من اتحدث إليكِ، ماذا يفعل آثر؟ سيعطيك المال أم أنه سيكفي نواقص شقته وعرسه، بدلا من أن تقولي له ذلك عليك الوقوف بجانبه.
-كيف ساقف بجانبه وانا لا املك شيئا، انا مثلي مثلكم لا احتكم على مال ولا غيره، ورأيت والدي لا يهتم بأحد ولا يريد التحدث مع أحد.
تعجبت سهيلة وقالت:
-حسنا يا منال خذي آثر معكِ.
•تابع الفصل التالي "رواية زواج السوشيال ميديا" اضغط على اسم الرواية