رواية من نبض الوجع عشت غرامي (ج2) الفصل الثالث و العشرون 23 -بقلم فاطيما يوسف
مرت الأيام في المشفى كانت مها تجلس بجانب مجدي فهي تتعامل معه الآن بأصلها ونوعا ما تراعي حالته وخاصة بعد انهياره لما علم بحالته وأنه لايستطيع المشي بعد ذلك ،
فوجدها تجلس شاردة الذهن فتحدث بندم :
_ عارف اني ظلمتك كَتييير قووي يا مها وسنين واني مشايفش العمر اللي جري بيا وأني بلف زي الطور في الساقية ، وممكن كمان إللي أني فيه دي دعوة أم في ساعة استجابة علي إني حلبت ابنها واستغليت وظيفتي ودفعته اللي وراه واللي قدامه من ورا تزويري ، أو دعوة راجل قفلت لَه محلَه بسبب اني مساعدتهوش علشان غلبان مقدرش يدفع ضرايب ،
ثم نظر لحالته بأسى وأكمل:
_ وكله كوم واللي عميلته فيكي كوم تاني ، عشتي معاى سنين في مرار واتحمَلتي وحتى في شكواكي كتي بت أصول ولما كان يفيض بيكي الكيل وتبكى كنت بشوف بكاكي فجر ومياصة واني كنت كيف الاعمى ،
كانت تسمعه بإنصات شديد وجـ.ـروحها التي حاولت كبتها فُتحت من جديد ، لقد ذكرها بالماضي الألـ.ـيم وعـ.ـذاب السنين ،
ثم تنهدت بتـ.ـعب بين على معالمها وقالت :
_ كفاياك نبش في اللي فات ويوجع القلوب يامجدي النبش بيسبب الالم اكتر وبيشيل النفوس وممنوش فايدة ولو كانت كلمة الله يرحمه بترجع اللي مات كانت كلمة معلش بتصلح وتداوي اللي فات ،
واسترسلت حديثها وهي تغير مجرى الحديث و تخبره :
_ الداكتورة سكون اتجوَزت من شهر ، ومكة فرحها كمان يومين .
حرك رأسه بأسى ثم أردف بقلة حيلة:
_ ماني كنت بصحتي لما الداكتورة بتتخطب ولما كانو بيكتبوا كتابها واني كسلت أروح وفضلت الشغل على صلة الرحم ، عمري ما رفعت راسك ولا كبرت بيكي قدام أهلك وانتي كنتي تتحايلي علي وتقولي لي دول يتامى وتعالى اقف جارنا واني كنت أكبِر دماغي ، حقك عليا يا مها ،
وأكمل حديثه وهو يسألها :
_ هو أني قدامي كد ايه واخرج من اهنه وأعاود بيتي ؟
أجابته بما تعرفه :
_ الداكتور قال قدامك مش أقل من أسبوع لأن في اشعة وتحاليل وحاجات اكده مفهماش فيها وبعدين تخرج ،
وأكملت وهي تخبره :
_ اني مش هعرف أجي لك اليومين الجايين دول علشان فرح مكة وبعدها هاجي هشوف خروجك وكله بأمر الله .
سألها عن أولاده:
_ أمال العيال عاملين كيف وصحتهم عاملة ايه ، ابقي هاتيهم أشوفهم اتوحشتهم قوي .
نظرت إلى المكان حولها وحركت راسها برفض:
_ هما كويسين الحمدلله ، بس معلش يامجدي مينفعش أجيب ولادي اهنه في المستشفى كلها امراض واخاف يلقطوا من اي حد وهما مناعتهم ضعيفة ، كلها سبوع وتعاود دارك وتشوفهم على كيفك ،
واسترسلت وهي توصيه بوجـ.ـع :
_ بس أمانة عليك يامجدي لما تشوفهم متزعقلهمش وتكش في وشهم زي عوايدك ، حن عليهم ، حسسهم انك ابوهم مش عدوهم وهما ياحبة عيني يتمنوا منيك المعاملة الزينة ، ومتقلقش هما عيال زينة قووي وأني مربياهم كويس .
التمعت عيناي مجدي بالدموع لأول مرة على هذان الطفلان اللذان لم يروا منه إلا كل جفاء وافتـ.ـراء ، لم يشعرهم يوما بأبوته ، لم يحتضنهم يوما ويجبر خاطرهم ، وها هو الآن عاجز عن كل شئ واجب على الأب فعله مع أبنائه ولكن ليت الزمان يعود يوما ،
رأت لمعة عيناه وللأسف لم تشعر بالشفقة تجاهه فمشاعرها منذ زمن أصيبت بالتناحة ولم يعد يفرق لها أي شئ في الكون حتى نفسها غير أبنائها فقط هي من تتفاعل مشاعرها معهم ،
ظل كلاهما سارحا في ملكوت الوجـ.ـع الخاص به ، كل منهما يفكر كيف تمضي الأيام القادمة ، وكيف ستكون حياتهم مع كل الشروخ التي تسكن روحهم .
******”””””*****'””””****
في منزل سلطان تجلس زينب في حديقة منزلها وامامها السبرتاية الخاصة بالقهوة تصنعها لنفسها فهي قررت أن تسمع نصائح صغيرتها المحنكة ، كانت تجلس وهي تضع قدما على الأخرى وبجانبها المذياع وتغني فيه أم كلثوم فهي تعشق أغانيها ،
اعتدلت بجلستها وبدأت بصنع القهوة في ذاك الجو والمكان المشمش فهي تحبذ الجلوس في الشمس كي تحاوط جسدها وتصيبه بالدفئ وتأخذ منها العافية لجـ.ـسدها،
عاد سلطان من الخارج ورآها من بعيد تجلس بذاك الرواق والبال المرتاح ،
تقدم ناحيتها وهو يقسم على أن يفـ.ـسد خلوتها ويعكر مزاجها فهي قد حـ.ـرقت دـ.ـمه ذاك الأسبوع بمعاملتها معه ،
رأته قادماً فنظرت تجاه الناحية الأخرى وهي تمسك كوب القهوة وترتشفه بتلذذ وتدندن مع كوكب الشرق مما جعلته يستشيط بسبب استكبارها عليه ،
جلس أمامها وتحمحم متسائلاً بنبرة استنكارية :
_ احممم ، من ميتة يازينب وانتي اكده مبتعمليش لوجودي اهتمام ولا هيبة ؟
أجابته وهي تنظر أمامها ولم تواجه عيناها وتضعها بعينه:
_ من يوم ما خنت العهد واتجوَزت علي عيلة من دور بناتي ، من يوم ماكسـ.ـرت قلبي ياسلطان واعمل حسابك عند زينب اللي انكـ.ـسر مابيتصلحش ،
واسترسلت وهي ترتشف من قهوتها بتلذذ وتنظر للاشئ :
_ طلع إن اللي بيدي أكتر مابياخد ويهتم باللي الاهتمام في نظر اللي وياه بقى شئ مفروض وبيعتبروه هبل وعبط ويستاهل كل اللي يجرالَه يا سلطان ، واني طلعت أعبط ست في الدنيا ،
وأكملت وهي تنظر في عيناه بقوة أرهبت داخله منها :
_ وحاذر بقى من العبيط لما يتنصح بالظبط بيبقي زي الجعان لما يشبع .
أنهت كلماتها ورجعت تدندن مع كوكب الشرق قاصدة استفزازه وبالفعل فقد أغضـ.ـب بشدة من طريقتها الجديدة كلياً عليه ثم قام من مكانه بحدة وأمسك المذياع ورماه أرضاً وتهشم إلى قطع صغيرة ،
ولكنها لم تعير فعلته أدنى اهتمام كي لاتشعره انها أثر بها ، ثم وضعت الكوب من يدها وانتصبت واقفة أمامه وتحدثت بنفس القوة وهي تنظر إلى الكأس المهشم :
_ تعرِف ياسلطان انك عميلت فيا زي ماعميلت في الراديو دلوك ، هتعرف تصلح بقى اللي انكـ.ـسر دي وترجعه كيف ماكان سليم ويشتغل ويدندن ،
رأت الحيرة في عينيه ونظرة الندم على ما بدر منه لها فشفي غليلها قليلا وأكملت له وهي تتقدم خطوة للأمام :
_ أهو اني بقى زييه بالظبط مش هرجع زينب الهبلة داي تاني ،
وخليك فاكر انك اللي بديت والبادي اظلم ، ويكون في معلومك الحرباية اللي انت اتجوَزتها داي لو قربت ناحية عيل من عيالي ولا جابت سيرتهم هما واللي يخصوهم في أي مكان الله الوكيل لاهدبـ.ـحها وأعبيها لك في اكياس زبالة وأحـ.ـرقها ومهخلي في جتتها حتة سليمة .
وتركته ومشت من أمامه فعلى صوته بغيظ من طريقتها :
_ الله الوكيل لو ماظبطي طريقتك داي معاي لاهقـ.ـطع لك لسانك دي خالص يازينب اللي بتردي بيه على جوزك أبو عيالك .
نظرت إليه من بعيد وبغيظ شديد حاولت كتمه ولكنها لم تفلح وهدرت به دون أن تراعى لعشرتها معه أدنى اعتبار ودهستها تحت قدمها فهي امرأة مجـ.ـروحة ومطعـ.ـونة بخنـ.ـجر الخيانة:
_ أعلى مافي خيلك اركبه ياسلطان ولو معجبكش طلقني وخلصني منيك .
اتسعت مقلتيه لكلامها وطريقتها التي لم يتوقعها ولسانها الذي لم يكن سليطا يوما ولكنه اليوم فظا غليظا ،
اجتمعت شياطين الإنس والجن أمام عيناه ولحق بها بسرعة ، رأته هي من بعيد قادما عليها والشـ.ـر يتطاير من عيناه فتعجلت بخطواتها ودلفت غرفتها وأغلقت ورائها بإحكام ،
أما هو لم يستطيع اللحاق بها فهم بفتح الباب كي يفعل بها مايحلو له ويبرد نـ.ـار قلبه إلا أنه وجد الباب موصدا بالأقفال فرزع على الباب بقبضته القوية هادرا به :
_ افتحي دلوك واني أوري لك مقامك كويس يامرة انتي ، افتحي علشان أادبك واعرِفك إن الله حق وان الست اللي تغلط في جوزها تستاهل المعاملة الشينة .
لم ترد عليه ولو ببنت شفه وخلعت ملابسها وارتدت جلباب النوم القطني المريح ونامت على تختها وذهبت في سبات عميق وكأن شيئا لم يكن ، فهي تلك المرأة إن أعطت حبا وحنانا واحتواء بغزارة ولم تحصد إلا الغدر فستزرع من جديد حقداً وقسوة ومشاعر باردة تجعل من اخطأ في حقها يتمنى المـ.ـوت ولا أنه فعل بها هكذا وأغضـ.ـبها ، كم أنتي قوية تلك المرأة التي تستطيعين الحفاظ على كرامتك وأخذ حقك من عين السباع .
****”****”””””********
في منزل ماجدة وبالتحديد في الساعة الثامنة صباحا ، دلفت ماجدة الي ابنتها مكة وجدتها نائمة فأيقظتها بحنو على غير العادة :
_ قومي ياحبيبتي النهاردة فرحك ولساتك نايمة لحد دلوك .
تململت في نومها ورفضت أن تفيق :
_ ياماما سبيني انام شوي ملحقتش أني نايمة الساعة ٥ بعد الفجر .
ملثت على شعرها بحنو وهتفت بقلب موجوع:
_ يابتي إنتي من ساعة كتب كتابك وانتي حابسة نفسك في أوضتك وحتى تليفونك قفلاه ورمياه وجوزك كل يوم يكلمني يطمَن عليكي وانتِ في دنيا تانية ،
واسترسلت وهي تذكرها :
_ إنتِ كل الأيام اللي فاتت مقضياها صلاة قيام طول الليل لحد الفجر وبتقري قرآن بعد الفجر ، وتنامي لحد الضهر ومش مهتمية بحالك خالص ، ربنا أمرنا بالعبادة بس من غير ما نهمل في صحتنا ولا ندوس على نفسنا ، خير الأمور الوسط يابتي .
أخذت نفسا عميقا يدل على أرقها ثم فتحت عيناها بصعوبة قائلة :
_ يعني يا امي اعمل ايه يعني ، بستغفر ربي على الذنب اللي عميلته واللي بتلاه وقعت في الجوازة داي ، إنتي مشايفاش ياأمي اني اتفضحت فضيحة ملهاش أول من اخر والناس معدلهاش سيرة غير مكة المنقبة بعد ما كت ولا حد يعرِفني من الاساس واصل ، العبادة والقرب من ربنا بيطمن قلبي قوووي ياماما.
ربتت ماجدة على ظهرها وسألتها بقصد وهي تنظر داخل عيناها:
_ إنتي يابتي وشك منور كيف البدر في سماه وماشاء الله عليكي اللي يشوفك يسمي ويكبر ، إنتي بتحبي جوزك يابتي ؟
بلعت ريقها بتوتر من استفسار والدتها ثم تحدثت بخجل :
_ ولازمته ايه السؤال دي هو أمر واقع واتحطيت فيه وخلاص ، بحبه أو له مش هيأثر .
ابتسمت لها بحنو :
_ لا يابتي فيه فرق كَبير قوووي ، إنتي لو عاشقة جوزك ولا هيفرق لك اي ظروف ولا مناظر فاضية أما لو مش عاشقاه ولو اني مظنش ،
وأكملت عندما رأت نظرة الاندهاش المغلف بالاستنكار :
_ متستغرِبيش محدش هيفهمك في الدنيا داي كد أمك ياحبيبتي ، اني بس اللي هحبك من قلبي وعمري ماهغشك ابدا ولا عمري اسمح لحد يأذيكي ياضي عيني .
ارتمت مكة في أحضانها وبكـ.ـت بغزارة وكأن عيناها كانت محتجزة الدموع وما إن ضغطت ماجدة زر حنان الأمومة حتى شهقت مكة وتحدثت بحيرة من بين شهقاتها :
_ ايوة يا أمي بحبه ومش بس اكده أني عاشقاه بس قلبي بس اللي متفق على اكده أما كل حاجة جوايا بتلومني على عشقه لحد ما تعبت ومش عارفة مشاعري اللي مختلفة مع بعضها داي هتعمل ايه لما ابقى معاه في بيت واحد ومقفول علينا باب واحد ، مجرد التخيل بس بيخليني احس بالرعـ.ـب من اللي أني رايحة له .
شددت ماجدة على احتضانها كي تشعرها بالأمان فماجدة تعشق بناتها وتهتم بهم وليست من نوع الأمهات اللواتي يقلبن وجوههن على بناتهن ، فهي تعيش معهم وتعاملهم كما الصديقة لهم :
_ شوفي يابتي لو مكانش دي نصيبك اللي ربنا مقدره لك مكانش حطه في طريقك ، والمكتوب مفيش منيه مهروب يابتي ، بس لازم تكوني واثقة في ربك إن كل أقداره خير ، وبعدين ماضاقت إلا أما فرجت ، قومي بقي فوقي واشوري وتعالي افطُري من يد امك واتجمعي مع خواتك على طبلية واحدة واتونسي بيهم ، عشان جوزك هيبعت لك عربية تاخدك للفندق اللي هيتعمل فيه الفرح على الضهرية اكده.
خرجت من أحضان والدتها وتسائلت باستنكار:
_ وه فندق ايه دي !
اني مهنكشفش على ناس غريبة ولا هتصور التصاوير بتاعت البنات دي ولا هلبس الروب اللي بيليسوه دي ولا هتحرك من مكاني ، اني هلبس من اهنه واختي مها هي اللي تحط لي أي حاجة على الماشي وخلاص ، هو أني هبتديها غضب لربنا ولا ايه علشان ارضي فضول البني ادمين اللي كانوا سبب في غصبانيتي .
اندهشت ماجدة وتفوهت بملامح متعجبة :
_ وه يامكة إنتي عروسة يابتي ، إنتي هتعملي ايه زيادة عن الخلق يعني !
حركت رأسها برفض قاطع وهتفت بتصميم:
_ الله الوكيل ماهعمل العمايل داي ، اني واحدة تعرف دينها كويس وكل اللي البنات بتعمله اليومين دول أوفر قلة دين على الاخر ، اللي تطلع بنص شعرها باين وهي ماسكة المراية وتغني ، واللي لابسة روب ومبينة صدرها ونص دراعها وفرحانة بنفسها ، واللي بترقص هي وصاحباتها ويغرقوا الفيس استوريهات بقلة الحيا داي قال ايه فرحانين ،
وأكملت حديثها وهي على رفضها بتصميم قاطـ.ـع عندما رأت نظرات والدتها المترجية لها بأن تمرر اليوم مرور الكرام :
_ له يا ماجدة مهعملش اكده واصل ، وبعدين عرفتيه اني عايزة قاعة منفصلة الرجالة لوحدها والستات لوحدها واني معيزاش موسيقى في القاعة زي ماقلت لك ولا له ؟
لوت شفتيها بامتعاض وهتفت بقلة حيلة:
_ أها عرفته والجدع واد محترم وشاري وقال لي اللي هي عايزاه يا امي اني هعمله لها من عنيا .
وأثناء حديثهم رن هاتف ماجدة برقمه فتحدثت وهي تجيبه :
_ أها بيرن عشان يشوف وصلت لايه معاكي ،
ايوه ياحبيبي ، إحنا كويسين الحمدلله ، اها جمبي أهي وصاحية ، عايز تكلَمها ،
كل ذلك وهي تحرك راسها لوالدتها برفض وهي لاتريد أن تتحدث معه ولكن والدتها وضعتها أمام الأمر الواقع فأخذت منها الهاتف ثم قامت ماجدة وتركتها وحدها كي تحادثه ، فسألها بحنو ما إن استمع إلى صوته الذي استوحشه كثيرا :
_ من ساعة ما كتبنا الكتاب وانتي بعيدة أوووي ورافضة تكلميني بس أنا مش زعلان منك يازوجتي العزيزة عادي ولا يهمك ،
ما إن نعتها بزوجته حتى تغيرت معالم وجهها فقد ظلت رافضة لتلك الفكرة والآن أرجعها إلى عالم الواقع ، وأكمل هو :
_ أنا في الطريق أهو جاهزة علشان نروح الفندق ؟
تحمحمت كي تستدعي الهدوء ثم أجابته برفض :
_ اني مش عايزة فنادق ولا عايزة انكشف على حد ، معلَش اني مليش في الحوارات داي هلبس الفستان وهكتفي بلمسات بسيطة اختي هتعملها لي .
لم يشعر بالضيق من تشبسها فكيف يلومها على أنها تخاف الله ثم طمئنها :
_ متقلقيش أنا مراعي ظروفك ومش جايب لك أي حد وخلاص ، لا ياحبيبتي أنا جايب لك فريق متخصص لطبيعة تدينك ، أنا مش هعمل حاجة ممكن تقلل أبدا من خوفك من ربنا .
تنهدت بضيق ثم سألته :
_ هو ايه لازمته طيب يا آدم اني على أي حال منتقبة ومش هيظهر مني حاجة فإيه لازمتها الفرهدة داي ؟
هدأ من حالته المتعبة في عدم فرحتها بليلتهم وانها ليست كباقي الفتيات في ذاك اليوم وراعى عدم استيعابها للأمور ككل ثم أجابها :
_ ياحبيبتي أنا عايز أعمل لك فرح زيك زي البنات ، عايزك تلبسي فستان وتعملي سيشن وتفرحي بيومك اللي هيفضل ذكرى حلوة في حياتك ، باختصار مش عايز أظلمك يامكة فانتي اهدي كدة وقومي افطري كدة واشربي قهوتك ومتفكريش في اي حاجة غير إن النهاردة يوم فرحنا وبس ياقلبي .
اخذت نفسا عميقا يدل على انزعاجها من الأمر ككل ثم سألته :
_ هو انت ليه مصمم ان احنا جوازنا دي طبيعي وان مفيش بلوة كبيرة حوصلت خليتنا نتجَوَز بالسرعة داي من غير اي رسم لحياتنا هتوبقى عاملة كيف ، أو إننا وضعنا هيوبقى إزاي ؟
خلل أصابعه بين خصلات شعره بضيق من تخوفها ثم أردف باستجواد :
_ طب ممكن تسيبي كل الأسئلة والحيرة دي على جنب خالص ودماغك تبطل تودي وتجيب ونعدي اليوم المهم جداً وتتناسى اللي حصل وتتعاملي بطبيعتك كعروسة والنهاردة يوم فرحها على حبيبها اللي بتحبه وهو بيعشقها وبعدين لما يتقفل علينا باب واحد نتكلم ونتفق على كل حاجة ،
واسترسل حديثه وهو يطمئنها اكثر :
_ ومتقلقيش ياحبيبتي أنا مش هغصبك على أي حاجة ، وتأكدي أننا مش هنعيش حياة طبيعية زي اي زوجين غير لما تبقى راضية وبكامل إرادتك ، أنا مش حيوان ولا شهواني اني أغصبك على حاجة انتي مش عايزاها ،
وأكمل بنبرة حنونة كي يأثرها أكثر ويجعلها تدخل عالم الآدم بقلب مطمئن :
_ متقلقيش ياحبيبتي كفاية عليا نفَسك في المكان ، كفاية عليا احس بوجودك جمبي والله العظيم اي حاجة بعد كدة تهون مقابل نظرة واحدة بس من عينيكي .
أغمضت عيناها وداخلها ينطق مشاعر متضاربة الآن ، ياالله كم من الرقي يحاوطك ذاك الآدم ! كم من التضحية التى ضحيتها لأجل إرضائي ! ولكن داخلي ينهرني ، داخلي خائف، ضائع، مشتت ، مرتعب، والأدهى أنه مشتاق ، مرحب ، تُرى ماذا فعلت بي أيها العاشق ! لقد أسرتني ودللتني وعليتني ، لقد ملكتني وما عدت قادرة على المقاومة ،
ثم همست بنبرة خائفة ومرتعبة من القادم المجهول:
_ أرجوك يا أدم متوصلنيش للانهيار ، اني عشت عمر بحاله واني مسستمة نفسي على حلم زوج في خيالي وبنيت عمدانه على اساس غير اللي اتحطيت في دلوك ، أرجوك اوعدني وقت ما احس اني مش قادرة ومقاومتي بقت صفر اديني حريتي .
كم صعب ذاك الكلام الذي نطقته ، كم كان مؤلم له ، مدمـ.ـر لرجل عاشق ثم تحدث بنبرة عاتبة :
_ ليه دايما مصممة على الفراق ، يامكة تفائلي بالخير تجديه ، ومش هقولك غير حاجة واحدة بس اني هكون أمين عليكي لأبعد مما تتخيلي ،
وتابع كلماته وهو ينهي فكرة الفراق من بالها :
_ بس حتت الحرية والفراق دي موعدكيش مش أنا اللي هتنازل عنك بالسهولة دي ، ماهو أنا مصبرتش السنين دي كلها ومرضتش بأي ست وخلاص علشان كنت عايز ست البنات اللي تملك قلبي وتعشش جواه ويوم مالقاها أسيبها بالسهولة دي ! لاااا مش هيحصل بإذن الله ،
ثم طلب منها بتعجل وهو ينظر في ساعته :
_ يالا بقي في الانجاز هكون عندك على الساعة ١١ تكوني جهزتي .
ثم أودعها السلامة وأغلق الهاتف وهو يبتسم ، فذاك الآدم محارب شجاع في العشق ولا يخاف من الفراق فهو متمسك بها بقوة لن تضاهيها أي قوة في الكون ،
أما في الخارج خرجت ووجدت اخواتها يضحكون ويمرحون بسعادة فقررت أن تندمج معهم وتنسى أي شئ يعكر صفو مزاجها ،
جلسو يتناولون وجبة الإفطار في جو أسري محبب إلى قلبهم الأم وبناتها دون أن يعطوا للزمان فرصة للضيق ،
مر الوقت سريعاً ثم قامت مكة وارتدت ملابسها وأعدت ماستحتاجه في الحقيبة الخاصة بها ، ثم خرجت وجلست بجانب والدتها وعيناها تنظر إلى أرجاء المنزل باشتياق وهي تودع أيامها الجميلة التى قضتها مع أخواتها ووالدتها ،
ثم جذبتها مها إلى أحضانها وتحدثت :
_ حبيبتي اللي هتوحشني قووووي ، إنتي متعرِفيش يامكة اني بحبك كد ايه ومتتصوريش انك فارقة معاي قوووي ، إنتي كنتِ طاقة النور اللي بيفوقني وقت ضعفي ، كنتِ الملاك اللي دايما بيثبت لي إن الدنيا بخير ،
واسترسلت حديثها وهي تشهق بشدة وتبكي بوجـ.ـع داخل أحضانها على ما تمر به وكأن أحضان تلك المكة هي أحضان الإيمان الذي غاب عنها فترة ما وجعلها غـ.ـرزت حالها في وحل الخطيئة :
_ كنت بدخل أوضتك بحس بالراحة والسكينة وكأني داخلة الجنة من كتر ماكتي مالياها قرآن بصوتك الجمييل وصلاة طول الليل وأذكار مبتفارقكيش علشان اكده بقول لك روحي لجوزك بنفس مطمنة هو هيطلع ولد حلال قوووي ، ماهو إنتي لازمن ربنا يرزقك الخير كلياته يابت أبوي ، مانتي عشتي عمرك كله مبتعصيش وعمرك مامشيتي ورا هوا النفس وعلشان اكده قلبي من جوة مطمَن عليكي .
أنهت كلامها وشهقت ببكاء وهي مازالت متمسكة بأحضانها كالغريق وهي مركب النجاه ، قامت سكون من مكانها فقد أدمعت على دموعهم فهي رقيقة بشدة وجذبت كلتاهن إلى أحضانها ثم تحدثت من بين شهقاتها :
_ واني زيكي بالظبط يامها ، قلبي موجـ.ـوع عليها قووي ، رغم انها هي اللي صغيرة بس عمري ما أنسى انها هي اللي كانَت بتشد الموبايل من يدي وتقول لي يالا نصلي حبة ركعات قيام ليل يشفعو لنا يوم القيامة وندعي فيهم إن محدش يأذينا ابدا وربك يستجيب طالما ملحين ، ولا يوم الأجازة اللي الناس بتسهرها مع أصحابها هي كت تقول لي يالا ياخيتي سيبك من سهرات الغيبة والنميمة داي ويالا عندينا سهرة أحلى بكَتييير ، سهرتنا صلاة وذكر وقرآن هينفعنا في دنيتنا وآخرتنا ، وتسحبني وبتوبقى مجهزة برنامج جميييييل ،
واسترسلت حديثها وهي تمسح دموعها ثم خرجت من أحضانهم وربتت على ظهرها :
_ زرعتك وياي ياصغيرة نفعتني ومكملة بيها لحد دلوك وعلَمت عمران كماني ، لينا كل يوم ساعة عبادة لربنا كيف ماتكون ، وبتلاها بحس إن ربنا مطمن قلبي ولما احس إن قلبي مقبوض اجري واعمل الطقوس اللي عودتني عليها وبعدها احس ولا كأن حاجة حوصلت ،
وأكملت وهي تنتحب مرة أخرى:
_ واهي هتمشي دلوك حورية الجنة وهتتخـ.ـطف من وسطينا وهننحرم منيها .
وظل الثلاث بنات يبكون في أحضان بعضهن من حـ.ـرقة الفراق ،
( ربنا يسامحكم عيطتوني 😭😭😭)
خرجت إليهم والدتهم من غرفتها ورأت حالتهم تلك فانصـ.ـعقت وهرولت إليهم وهي تنطق بملامح متعجبة:
_ ياحزني عليكم بتعيطوا البت يوم فرحها منك ليها يابوز الاخص انتو،
واسترسلت حديثها وهي تفرق شمل الكآبة وتبعدها عنهم وأخذتها بين أحضانها :
_ متعيطيش يابتي سيبك من المعاتيه دول وافرحي يانضري ، النهاردة يوم هنا وسرور .
مسحوا جميعاً دموعهم وهداوا من حالة الحزن التي اعترتهم جميعاً ،
ثم تحدثت مكة بدعابتها المعتادة :
_ وه ياماجدة شيفاكي حنينة علي النهاردة على غير عادتك ، دي أني في الدخلة والخارجة كتي بتقطميني وتقولي لي كلمتك المشهورة ياللي مانتيش نافعة وهترجعي لي بالقرصتين سخنين ، دلوك بقيت الحتة الشمال واليَمين وكله ،
ثم لاحظت عينيها المحمرتان ويبدو أنها الأخرى كانت تبكي فتابعت بذهول وهي تمسكها من ذقنها :
_ وه وه ياماجدة ، كانك كتي ميـ.ـتة من العياط إنتي كماني !
ثم نظرت اليهم جميعاً وأكملت :
_ كانى طلعت حد مهم بالنسبة لكم ياخواتي ومكنتش دريانة ، بس متقلقوش هقرفكم كالعادة هتروحو مني فين ،
وأكملت وهي تدلي نصائحها لمها :
_ إنتي ياأم الزين وأخوه السكر واظبي على القيام والصلاة والقرآن كيف ماعودتك داي امانتي ليكي ،
ثم وجهت انظارها إلى سكون وتابعت:
_ وانتي شرحها وزودي في الوِرد شوي وسبيكي من دلعك الزايد شوي مع عمران ركزي في اللي هينفعك .
ابتسمت جمعيهن على دعابتها واحتضنت ماجدة بناتها ودعت لهم براحة البال والسلام ،
الآن وصل ادم وأتى موعد خروج مكة من منزلها وجميعهم يقفون بدقات قلوب بمزيج من المشاعر المتضاربة من الحزن والفرح في آن واحد ، قلوبهم حزينة لفراق صغيرتهم وفرحين لزواجها ، بدأوا بالتسليم عليها واحتضانها بحب ودمـ.ـوع عيناهم على فراقها تحكى ألف حكوى وحكوى ،
ولكن هذه سنة الحياة أناس تفارق وأناس أخرى تعاشِر وتسير مركب الحياة ولم يبقى شيئاً على حاله ، ولكن خروج البنت من منزل أبيها يرج القلب ألما ولكن الاعتياد على ذلك الشئ يصبح سهلا يوما عن يوم ،
وبعد أن أنهو سلامهم نظرت ماجدة إلى آدم قائلة :
_ تعالى ياحبيبي أعمل لك فطار متتعجَلش الدنيا مش هتطير .
بوجه بشوش وابتسامة أنارت وجهه أجابها وهو يربت على ظهرها بحنو :
_ تسلميلي يا ماما منحرمش منك أبدا ، بس والله فطرت هند اختي مأكلاني أكل وأنا جاي يكفيني أسبوع .
ربتت هي الأخرى على ظهره وتحدثت وهي مبتسمة لذاك الراقي في رده وطريقته :
_ والله يابني أني مشفتش زيك من زمان قووي فيك حنية تكفي الدنيا بحالها ، اعمل حسابك تجيب مكة وتاجي تقضوا وياي يومين في الاسبوع اني حبيتك وارتحت لك قوووي .
جذبها ذاك الآدم من رأسها وقبلها بحنو دليلاً على محبته النابعة من قلبه لها مرددا بتأكيد:
_ حبيبتي ياماما والله ما كتبت كتابي على مكة وأنا بقيت بعتبرك في مقام ماما الله يرحمها ، ومن عيوني حاضر مقدرش أرفض لك طلب ياجمييل .
كانت تنظر له متعجبة من طريقته المثالية ،احقا يوجد رجالاً حولنا بتلك المثالية كذاك الآدم ، الحق يقال ان عمران يعاملها بطريقة حسنة وبشدة ولكن آدم طريقته في التعبير عن أي شئ تأثر القلوب من اختلافها فهو يتعامل بطريقة آدمية راقية بحتة ،
هنا هتفت سكون مرددة بدعابة:
_ متستغرِبيش ياماما آدم مش زيينا اهنه دي متربي تبع التربية الإيجابية ، مش شكل تربيتنا إحنا تناولي ابنك بسلاح الأم المعتبر ويرد يقول لك وهو بيبرِق لك عينيه ويخشن صوته حراااام عليكي ياما .
ضحكوا جميعاً على كلام سكون التي أكملت بفخر وهي تنظر إلى مها :
_ كيف أم الزين اكده مابتربي ولادها وانتي شفتي بعينك معرِفش عمليتها إزاي داي بس هي هيرو ونرفع لها القبعة .
ابتسموا على طريقتها ثم ودعتهم مكة وخرجت من المكان وهي تنظر بعيناي دامعتان إلى كل ركن في المنزل وكأنها تودع روحها المتعلقة به ، جذبها آدم من يدها برفق وفتح لها باب السيارة الأمامي مما جعلها تشكره بعينيها لذوقه ثم خطى بساقه للناحية الأخرى واستقل مكانه وبدأ بتدوير السيارة وغادروا المكان ،
وأثناء سيرهم سألها عن حالها كي يطمئن عليها :
_ عاملة ايه طول الأسبوع مش عارف أوصل لك ؟
فركت يدها بتوتر ثم أجابته :
_ زينة الحمد لله.
لاحظ توترها فركن السيارة في جنب ثم أنزل الستار الموجود بها مما جعلها تندهش والتفتت إليه متسائلة بتوتر:
_ وه وقفت ليه ونزلت الستاير داي ليه ! معلش ارفعها بحس بالاختـ.ـناق .
اقترب منها قليلاً وجذب وجهها إليه من فوق نقابها وبعيناي تنطق وحشة لها :
_ متخافيش ياحبيبي العربية جيدة التهوية ،
وأكمل برغبة :
_وحشتييييييييني وحشتييييييييني وحشتييييييييني أوووي يامكة .
حقا لقد تخدرت أعصابها كليا من قربه وهمسه ونظراته التي تتآكلها ثم أخفضت عيناها خجلاً ودقات قلبها تتصارع داخلها ولم تعرف بما تجيبه وكل ما بها أنها حبـ.ـست أنفاسها في قربه ،
أما هو فك رباط نقابها من الخلف بتروي كي لايزعجها وعيناه متسمرة النظر في عيناها ولكنه جعل داخلها يشعر بالخفقان من تمهله معها فحقا هو بارع في التعامل مع الأنثى ، ثم تحدث بنبرة لاهثة وهو يمرر لسانه على شفتاه :
_ عارفة منستكيش ولا لحظة ملامحك حفظتها من أول مرة ودخلت قلبي وعقلي ،
وأكمل همسه بنبرة صوت أجش وهو مازال يقترب منها روايدا روايدا كي يسحبها لعالمه دون أن يشعر باعتراض أو نفور منها فهو يريدها راضية مطمئنة :
_ بس تعرفي المرة دي ملامحك زادها نور يسحر ، إنتي ازاي حلوة كدة بطبيعتك ومن غير اي مجملات !
كانت خجلة للغاية وجميع خلايا جسـ.ـدها تمردت عليها في قربه ، جميع خلايا جسـ.ـدها زاد الإحساس فيها أضعافاً مضاعفة ، جميعهم تناوبوا عليها وأجبروها ان تقع صـ.ـريعة غرام ذاك الآدم ثم تفوهت بخجل جعل وجنتاها محمرتان بدرجة رهيبة وكأن النيـ.ـران تؤجج منهما :
_ خلقة ربنا اللي خلقنا كلنا جميلات من غير ما نحتاج أي تصنع .
حرك رأسه نافيا كلامها وتحدث وهو يمرر أصابعه على وجنتها برفق ورقة أذابتها :
_ لاا متهيألك ياحبيبتي اليومين دول متعرفيش البيضة من السمرا من القمحية ، متشوفيش لون العين الحقيقة كلهم تركيب واصطناع ،
أما هو أكمل وهو يجذب وجهها برقة إلى وجهه بحركات عاشق متمرس لعاشقة مبتدئة لاتفقه شيئا في قوانين القرب ، وثبت رقبتها بإحدى يداه وبالأخرى أشار ناحية وجنتها ثم باغتها بقبلة منها جعلت حصونها المنيعة تهـ.ـددها بالانهيار:
_ يعني الخد ده طبيعي من غير اي لون ،
وقبلة أخرى لعينيها برغبة :
_ ولون العين دي بردو طبيعي من غير عدسات ،
ثم هبط إلى شفتيها أخيراً واختطـ.ـفهم بين شفتاه في قبلة عاصـ.ـفة كان هو قائدها ، أما هي كانت تائهة متخبطة ومستجيبة لكن لاتعرف كيف تجاري هجومه الضاري عليها ،
لاحظ هو اختـ.ـناق أنفاسها بالفعل ففصل قبلته ولكنه مازال مقتربا منها وأسند جبهته بجبهتها قائلاً :
_ والشفايف المغرية أووي وطعمهم الطبيعي من غير بوتكس ولا فيلر دول حقيقين ،
وأكمل بعيناي تود أن تفترسها ككل بنظراتها مما أخجلها :
_ تجنني يامكة وحالياً مش عايز غير إني أفضل كدة معاكي ومبعدش عنك .
التمعت عيناها بالدموع فانزعج هو هاتفا بدهشة :
_ ليه الدمـ.ـوع دي يامكة بس أنا ضايقتك في ايه ؟
انقلبت الدمـ.ـوع الصامتة إلى شهقات بطيئة ثم أجابته من بينها :
_ انت وعدتني انك مش هتجبرني على حاجة ومن البداية بتقول انك مش هترحمني يا آدم ؟
أخذ نفسا عميقا ثم زفره بتعب :
_ وهو أنا أجـ.ـبرتك دلوقتي يامكة ؟
رفعت عيناها المغشية بالدموع :
_ انت دلوك استغليت ضعفي ومشاعري وبتحاول تخليني أرضى بالأمر الواقع وأتعود على قربك اللي مش هقدر أستغنى عنيه بعد اكده واحنا لسه متفقناش .
ابتعد عنها قليلاً ثم تحدث بنبرة عاتبة:
_ كلامك معناه اني بسـ.ـرق منك إحساس الراجل بمراته وانك دلوقتي كنتي بتضيعي وقت وخلاص ، مع إن دقات قلبك فضحاكي أووي يامكة .
حركت رأسها بموافقة وقالت :
_ ملكش دعوة بدقات قلبي ولا بتصرفاتي أنا خلاص وقعت ومفيش مهرب ولا مفر منك إلا ليك وبقولها لك تاني يا آدم اديني فرصة استوعبك واستوعب المرحلة الجاية داي ، بلاش نجيب الفيلم من نهايته خلينا نتابعه من البداية بتمهل .
ابتعد عنها قليلاً وهو يتنهد بتعب من القادم مع عنادها وهو إلى الآن لايعرف مايجول في عقلها ولا حياتهم القادمة كيف ستسير ،
ثم آدار محرك السيارة وقبل أن يمشي بها رفع الستار وفتح الشباك الجانبي لها كي يجعلها تهدأ وتحرك بالسيارة إلى الفندق ،
تواصل مع الحراس الشخصين له كي يدلف إلى الفندق هو وزوجته بهدوء نظرا لشهرته الواسعة ،
قبل أن ينزل من السيارة سألها :
_ ها ياحبيبي جاهزة ننزل ؟
حركت رأسها بموافقة ثم هبط أولا وخطى إليها وفتح الباب ومد يداه كي تسكن يداها فهو يعاملها كالملكات المدللات ، أعطته يداها وقبل أن تهبط نظر حوله وجد بعض المارة الرجال فأمرها :
_ اظبطي نقابك الأول علشان مش متظبط وفي خصلات من شعرك باينة .
اندهشت من تفحصه لها وأنه يأخذ باله من تفاصيلها فهو من عبث بنقابها منذ قليل وهي كانت تائهة وأعصابها مخدرة ولم تشعر إلى الآن بنقابها الغير معتدل ،
ولكن ما جعلها تندهش أكثر هو اهتمامه بتلك النقطة فلم يأتي ببالها أن ذاك الآدم يغار عليها وعلى أن ينظر أحدهم إلى زينتها المخفاة ،
لاحظ اندهاشها فسألها بتعجب :
_ مالك يابنتي بتبص لي باندهاش كدة ليه ؟
كانت تنظر إليه نظرات تائهة ثم حولت أنظارها إلى المرآة وأجابته بعدما انتهت من ضبط نقابها :
_ لا مفيش حاجة ، يالا اني خلصت .
مد يداه إليها وهو يبتسم لها ثم دلفا إلى الفندق بسرعة قبل أن يلفتوا الأنظار إليهما ووقتها لن يستطيعا التحرك من الكاميرات ،
أنهى الحارس الخاص به جميع الإجراءات ثم صعد بها إلى الجناح المخصص لها في الفندق ،
دلفا إلى الجناح وأخذا أنفاسهما يستدعيان الاسترخاء ثم سحبها برفق وأجلسها على الأريكة الموجودة في الجناح ،
لاحظ نظرات عينيها الغير مطمئنة ثم ربت على ظهرها بحنو :
_ مالك ياحبيبي إنتي كويسة ؟
_زينة الحمدلله ، هو المفروض ايه اللي يحصل دلوك ؟
أجابها وهو ينظر إلى هيئتها:
_ اللي هيحصل دلوقتي انك هتخلعي نقابك وحجابك وتلبسي البجامة اللي هناك دي وتنامي لك ساعتين ، إحنا لسه الساعة ١٢ وهما هيوصلوا على ١.٣٠ مفيهاش حاجة يستنوكي نص ساعة .
نظرت له بعمق شديد ، كيف له أن يكون بكل ذاك الحنان لها والاهتمام بها ؟
لاحظ نظراتها المثبتة عليه ثم قبلها من يدها وانتصب واقفاً قائلاً:
_ يالا أنا هدخل الأوضة الجانبية دي بعيدة عنك خالص هتوضى واصلي الضهر ومتقلقيش خليكي على راحتك مش هتحسي بوجودي خالص .
ابتسمت له بامتنان ثم تحرك إلى الغرفة الجانبية وفيها حمامها الخاص ، اما هي بدأت بخلع نقابها وحجابها والدريس التي كانت ترتديه ثم ارتدت البجامة والتى كانت من القطن المبطن كي تشعرها بالدفئ فاليوم كان يصحبه بعض البرودة ثم ذهبت الى الحمام وتوضأت وأدت فرضها بخشوع ،
وبعد أن انتهت ذهبت إلى السرير وسحبت الغطاء الوبري الثقيل ولم تشعر بحالها وخلدت في نوم عميق ،
بعد مرور ساعتين وجد آدم أن الحارس يبلغه أن الفريق أتى وهم مستعدون لتجهيز زوجته ،
وان الوقت قد أزف ولابد من البدئ الآن فلديهم جلسة التصوير الخاصة بالعروسين ،
فتح الباب وخرج من الغرفة ونادى بهدوء كي لايزعجها لكنه لم يجد رد واستنتج أنها مازالت نائمة ، فخطى إليها بخطوات هادئة تشبهه تماما ثم ذهب إلى التخت ودقات قلبه العنيفة تتصارع داخله عندما رآها نائمة كالحوريات ،
جلس بجانبها بهدوء ولم يشعر بحاله وهو يتلمس شعرها الطويل المفرود بهوجاء على وجهها وصدرها وعلى الوسادة مما أعطاها منظراً رائعا جعله يهيم بها عشقا ،
صار يأخذ أنفاسه بصعوبة من هيئتها التى جعلت جسـ.ـده يثور عليه ويطالبه الآن بسحبها إلى أحضـ.ـانه ويسحبها إلى عالمه ويرتوى من رحيقها وشهدها المُسكِر ، ولكنه وعدها ، ظل ينظر إليها بضع دقائق ولكنه تذكر الفريق الذي ينتظرها بالأسفل ثم ابتعد عنها وانتصب واقفاً وبدأ يفيقها بهدوء ،
تململت في نومها ثم استقر صوته في أذنها وفجأة قامت بسرعة وجدته واقفاً امامها بابتسامته الساحرة فجذبت الغطاء على جسـ.ـدها ثم إلى رأسها وغطت نفسها بالكامل ثم تحدثت بتوتر :
_ أممم .. اني خلاص فقت اخرج واني هلبس هدومي ونقابي وقول لهم يطلعوا .
قهقه بخفة على طريقتها الطفولية ثم حاول نزع الغطاء برفق ولكنها كانت متشبسة به ولكنه استطاع نزعه ورؤية وجهها فداعب خصلاتها وتحدث وهو يشاغبها :
_ إنتي مش ملاحظة إني جوزك ولا حاجة !
وأكمل وهو ينظر في ساعته :
_ يالا قومي بقى الناس وصلت تحت ومستنين الأميرة علشان يروقوا عليها ،
ثم أكمل بمشاغبة وهو يغمز لها بشقاوة:
_ ولو أن الأميرة مش محتاجة اي حاجات ولا محتجات هي تتاكل كلها على بعضها كدة من جمالها.
فتحت فاهها بدهشة من وقاحته ثم رفعت الغطاء على رأسها مرة أخرى وكأنها تدارى خجلها ، ولكنه رفعه مرة أخرى بمشاغبة وهبط لمستواها بنصف جسـ.ـده :
_ هو القمر بيتكسف ياناس ، بذمتك مش بتحبي آدم ومنفسكيش دلوقتي يخدك في حضنه ويدوقك طعم عشقه ليكي .
ابتلعت ريقها بتوتر وادارت وجهها للناحية الأخرى وتمتمت بخجل :
_ اممم .. من فضلك بقى بلاش طريقتك داي علشان بتوترني .
راعى خجلها الواضح ولكنه وجد حاله يجذبها ويجبر عيناها أن تستقر في عيناه :
_ لااا بقول لك ايه احنا لسه بنقول ياهادي ، ده احنا أيامنا مع بعض طويلة وفيها مناكفات وحوارات وتمرد وشد وجذب وفي الاخر بردو مش هتلاقي غير ده تستقري جواه وهو اللي هيريحك ،
أشار إلى أحضانه وهو يتحدث معها ثم داعب خصلاتها بأنامله وهو يكمل مشاغبته معها :
_ متقلقيش أنا نفَسي اطول مما تتخيلي ، قومي بقى علشان هيطلعو وبعد مايخلصو هنروح للسيشن هو هنا في نفس الفندق .
هنا انتفضت من مكانها وهي غير مدركة لهيئتها المبعثرة الخاطفة للأنفاس ورددت بذهول :
_ سيشن ! سيشن وراجل هيقف يقول لي اعملي كذا واعملي كذا وحوارات من داي ؟!
لا ممكن يوحصل ابدا .
لم يسمع ماقالت وكل ارتكازه على تلك الصغيرة التى سـ.ـرقت قلبه الآن بجمالها الذي هـ.ـدد حصون التماسك لديه الآن ،
ثم على حين غرة جذبها من يدها ولم يراعي وعوده لها فهو حبـ.ـست أنفاسه من هيئتها فشعرها انسدل على كامل ظهرها وبعض من خصلاته على جبهتها وعيناها المنتفختين من أثر النوم وكذلك شفاها فلم يقدر على الصبر وان يختـ.ـطف شفاها في قبلة عاصـ.ـفة ويداه تلوي خصلات شعرها بين يداه ،
أما هي رائحته وقربه عبأ صدرها ولم تقدر على مقاومته فهي ضعيفة لاتستطيع المقاومة هي الآن واقفة في وسط طريق العشق لاهي قادرة على أن تبعده عن أحضانها ولا هي قادرة على أن تجاريه نظراً لتلك المشاعر الجديدة كلياً عليها ،
أما هو أنهى قبلته واحتضن وجنتيها بين يداه مطمئناً إياها:
_ متقلقيش ياحبيبي السيشن في مكان مفيهوش نملة هتهوب ناحيته ، وكمان بنت هي اللي هتنفذه مش ولد ، هو أنا معقول اخلي راجل يلمح طيفك ولا يشوف ملامحك غيري ،
واسترسل بعيناي عاشقة :
_ ده إنتي دخلتي عرين الاسد اللي ياكل بسـ.ـنانه كل اللي يفكر يقرب ناحيتك ،
وبنبرة متيمة ناداها :
_ مكة .. حبيبي
أجابته بعينيها فأكمل:
_ بحبك يارووووحي وأغلى من روحي ، أنا هنزل بقى والبنات هتطلع لك .
ثم قبلها من جبهتها بوقار لها وهو يردد بتأكيد :
_ أنا واثق إنك هتطلعي عروسة قمررر ،
enjoy baby .
ثم غادر الجناح وتركها وقلبها وجسـ.ـدها مفككين من عاصـ.ـفة قربه الذي شنها عليها منذ قليل ، ولم تلبث حتى استمعت الى اصوات الفريق الذي بعثه آدم لها ،
ارتدت خمارها ونقابها وفتحت لهم الباب وإذا بها تنصدم مما رأته ، لقد رأت أربع فتيات منتقبات مثلها وهم يرددون عليها بهدوء راقي :
_ السلام عليكم ورحمة الله ، عروستنا الجميلة تسمحي لنا ندخل .
ابتسمت لهم وأفسحت لهم المجال وأدخلتهم بترحاب وبدأوا يتعرفون عليها وعرفت كل منهن الأخرى وفي غصون دقائق أصبحت تشعر وكأنها صديقتهم ثم خلعو جميعاً النقاب وكلهن عندما رأوها سمين عليها وعلى جمالها ، ثم سألوها عن أشياء تفعلها العروسة من الحمام المغربي والأشياء الخاصة الأخرى فأجابتهم بأن أختها الكبرى قد فعلت لها كل تلك الأشياء ،
فبداو بشعرها ثم وجهها وكل منهم تعمل عملها بامتياز فهن فريق مشهور جدآ لتزيين المنتقبات وشهرتهم عالمية ويسافرن إلى الغرب وصفحتهم تتخطى ملايين المتابعين ، وحينما طلبتهم هند فهي ذو شهرة واسعة أيضاً أتوا إليها ،
بعد مرور ساعة تقريباً أنهوا المكيب الخاص بوجهها وحقا كانت رائعة ، هادئة ، وجمالها أصبح فاتنا أكثر من ذي قبل ،
ثم تحدثت احداهن :
_ طب يالا يابنات العصر أذن نصليه ،
وأكملت وهي تنظر إلى مكة :
_ متوضية تصلي معانا ولا تدخلي تتوضي ؟
حركت رأسها بأسى :
_ لا مش متوضية ، وبعد الميكب أظن مينفعش.
ابتسمت لها الخبيرة ثم طمئنتها :
_ مين قال كدة ياعروسة ادخلي اتوضي طبعاً الماتريال اللي بنشتغل بيها ضد المياه ويستحيل وشك يجرى له حاجة ، يالا اتوضي وتعالي نصلي وبعدين نكمل .
انفرجت أساريرها وما عادت تصدق ماقالته فلأول مرة تعرف عن ذاك المكيب ضد المياه ، ثم سألتهم على نوعه ومن أين يأتي فأجابوها بأن تطلبه منهم لأنهم اضمن من اي أشخاص ،
ثم دلفت إلى الحمام وتوضأت وخرجت إليهم وصففن بجانب بعضهن وأمتهن أكبرهن سنا وأقرأهن علما ،
وبعد عشر دقائق انتهين من الصلاة وجلسن للتسبيح ثم رجعن يكملوا مابدأوه ،
بعد مرور ساعة أخرى تحدثت الخبيرة وهي تمسكها من يداها وتلفها حول نفسها :
_ بسم الله ، تبارك الله ، اجمل عروسة قابلتها في حياتي ، ربنا يتمم لك على خير ويفرح قلبك ياموكة .
شكرتها مكة واحتضنتها بمحبة فهي شعرت بالراحة معهم وأحبتهم كثيراً ،
الآن أصبحت الساعة السادسة مساءً ، ذهب إليها آدم بطلته المبهرة الخاطفة للأنفاس فقد كان وسيما بحلته السوداء ورابطة عنقه ورائحته التى تسبقه وبشاشة وجهه وابتسامته التي أعطته كاريزما خاصة به ،
ذهب اليها وقلبه يدق بوتيرة سريعة مما هو قادم اليه فحبيبته وعروسه ستتوج اليه اليوم فهو مشتاق ومتلهف لرؤيه طلتها ولكنه خائف على نفسه من فتنتها ومن جمالها الذي يأسر روحه أخذ نفساً عميقاً قبل أن يدلف اليها ثم دخل إلى المكان الموجودة فيه ،
وجدها تعطيه ظهرها خجلاً من الموقف ثم استدعي الهدوء ووقف خلفها واقترب من أذنها هامسا لها من الخلف:
_ عارف انك هتطلعي جميلة أوي أوي ، وهتبهريني ، بس أرجوكي براحة على قلبي المسكين ياحبيبي.
كانت تستمع إليه ودقات قلبها تتصارع داخلها وجسـ.ـدها على وشك الانهيار من الخجل ، ثم استجمع شتاته ووقف مقابلها وناولها الورد في يدها الذي قبل باطنهما برغبة ، ثم اقترب منها وبدأ يرفع نقابها ، وما إن رآها حتى كاد يخر صريعاً من بهاها ،
ولم يجد تعبيراً عن عشقه لها وفرحته بها غير أنه جذبها من يدها ورفعها أرضاً وصار يدور بها بفرحة عارمة ،
ثم انزلها وردد بهيام وهو ينظر داخل عيناها:
_ الصمت في حرم الجمال جمال ،في حد يخـ.ـطف قلب حد كده ، واكتر من كدة أنا هدوب ياموكتي .
ثم أنزل نقابها وشبك يداه في يداها وذهبا إلى جلسة التصوير ،
بعد مرور حوالي ساعة أخرى انتهوا من جلسة التصوير وذهبوا إلى القاعة المختصرة المعازيم على أهلها وأهله فقط ،
وهرول الجميع إليها وجذبوها إلي أحضانهم وانهالوا بالمباركات عليها والفرحة سكنت وجوههم جميعاً وبدأت أجواء الفرح بدون موسيقى وحقا كانت الأغاني المنتقاه بدون موسيقى رائعة وأثرتهم جميعاً ،
كانت أجواء الفرح هادئة نوعاً ما نظرا لرقى طبقة آدم وأهله وعدم وجود الموسي في الفرح ،
جلس آدم بجانبها أخيرا بعدما انتهى من التسليم على أقاربه وأصدقائه وماجدة وأخواتها تركوا مكة كي تجلس وتستريح ،
أمسكها من يدها بتملك قائلاً وهو ينظر إليها بهيام :
_ مبسوطة بيومك وبأجواء الفرح ياحبيبي ؟
ابتسمت بهدوء و أجابته:
_ كل حاجة فيه جميلة ماعدا الاختلاط وخاصة إن فيه ستات تبعكم لبسها مكشوف شوي .
نظر إلى المكان حوله وجد الجميع يتسامرون برقى وأجواء السعادة بادية على وجوههم ولم يوجد في المكان سكر او اي اختلاط فيه شغب ومؤذي للعين ،
ثم هدا قلبها من إحساسه بالذنب :
_ ياحبيبي كل عيلة قاعدة مع بعضها والفرح راقي ومفيش اي مظهر يدل على غضـ.ـب ربنا ، باختصار المكان والجو شكل مايكون سهرة عائلية مش فرح فيه رقص شباب مع بنات .
لمست الراحة لها في كلامه ثم بدأت تنسجم مع الأجواء وتوزع ابتسامات لصديقاتها وأهله الذين يبتسمون لها ،
واستمر الفرح بأجوائه على هذا النمط المريح للعين والنظر والاعصاب ،
أما على تلك المنضدة الجانبية يجلس عمران وسكون وحدهما فقد كانت رحمة تقف بجوار مكة وزينب كانت تجلس مع ماجدة يتحدثن مع بعضهن ،
فسألتها ماجدة كي تطمئن على حالها بعدما علمت تفاصيل مشاكلهم من رحمة :
_ طب واخرتها ايه يا أم عمران لاانتي هتقدري على كيد البت داي ولا صحتك حمل سلطان لو مد يده عليكي تاني ؟
تنهدت زينب بتعب من حالها المكلوم الذي وصلت إليه بسبب غدر زوجها لها بعد كل ذاك العمر :
_ في اني لازم اتحمل وأبقى موجودة في بيتي واتعامل بالعقل دلوك ، اني عندي ولد متجوَز وبتي اللي لسه والدة بتاجي البيت على حسي ولسه معاي بنتة لازم اكون جارها ومفوتهاش ، آدي الله وآدي حكمته .
شعرت ماجدة بالأسى عليها ثم تحدثث بحنو وهي تربت على ظهرها :
_ أهي الدنيا اكده البني ادمين فيها حالهم ماشي بالمقلوب ، لا الحلو فضل على حاله حلو والوحش بيزداد وحاشة ،
وأكملت وهي تشجعها على قرارها :
_ عين العقل انك مهتخسريش جوزك أبو عيالك وتفوتيه للعقربة داي .
جحظت عيناي تلك الزينب وهتفت باستنكار:
__ جوز مين دي اللي مهفوتهوش يا أم الداكتورة ! دي لامؤاخذة اللي ميشلنيش حوايا على راسه ملبسهوش مداس في رجلي ،
واستطردت حديثها بتأكيد:
_ انى مجبتش سيرتَه خالص اني قعدت علشان ولادي والبت داي مهفوتهاش تتهنى بشقاي وتعبي طول السنين ،
وأكملت بقوة امرأة مجروحة وهي تجز على أسنانها بحـ.ـرقة :
_ اما هو وحياة رب العباد وشعري اللي شاب واني كنت تحت رجليه وشايفه طلباته أوامر وبمحبة ماهيلمس شعرة مني تاني ولو حتى طلقها ، اني انكـ.ـويت منيه وقلبي كل يوم مـ.ـولع بسببه وهو مشافش مني اي شين يخليه يخون .
تنهدت ماجدة بحـ.ـرقة هي الأخرى :
_ لا اللي معاها الراجل مرتاحة ولا اللي وحديها مرتاحة والعيشة بقت صعيبة قووي .
أفاقت زينب من حالة الوجـ.ـع التى اعترتها ثم ربتت هي الأخرى على يديها متسائلة بقلق :
_ وه طب وانتي مالك إنتي كمان مابناتك اهم كل واحدة فيهم بقت متسترة وفي بيتها وخلاص همهم انزاح عنيكي وهتعيشي كل يومين تاجي لك واحدة فيهم ولا راجل ينغِص عيشتك تقومي براحتك وتنامي براحتك وتاكلي اللي على كيفك واللي ميعجبكيش متعمليهوش ،
وأكملت بدعابة كي تدخل السرور على قلبها لما رأته من حزنها :
_ ههه والله اني بحسدك يا أم مها ياشيخة فكي بلا نكد .
ضحكت الأخرى بخفة ثم أردفت :
_هههه الله يعزك يا أم عمران ، ايييييه دوام الحال من المحال .
أما عند عمران وسكون تحدث وهو يجعلها تنظر إلى والدته ووالدتها قائلاً بدعابة :
_ شفتي امي وأمك من شوي كانَت ملامح وشهم كانهم هيبكوا عاد ودلوك الضحكة من الودن داي للودن داي ، والله انتو الستات حالكم عجيب .
قهقهت سكون على طريقته الدعابية ثم هتفت بنفس الطريقة:
_ هما الستات اكده في لحظة تلاقيهم بيضحكوا على حزانهم وفي نفس اللحظة تلاقيهم بيعيطوا في فرحهم ودماغهم بسيطة قوووي وأقصى أمانيهم يقضوا يومهم فنجان قهوة على البحر وهما بيسمعوا المنشاوي ولا الشيخ محمد رفعت وبعد شوية تلاقيهم بيبصوا للبحر بسعادة وبعدها يغيروا المحطة ويشغلوا الست أو فيروز وبتبقى نفسيتهم في الوقت دي ڤي أحسن مايمكن ، بس ليت ما يتمناه المرء يدركه والستات مطحونة في دوامة الحياة اللي مبتنتهيش وحلمهم البسيط دي ممكن ميحققهوش اصلا إلا لما قطر العمر يجري بيهم والصحة تروح وياه وساعتها قعدتهم هتوبقى بكا على اللي راح .
حملق بها بدهشة من كلامها ثم سألها :
_ طب وانتي من الستات داي ياسكون ؟ الله الوكيل لو نَفسك تروحي تقعدى على البحر بعد فرح أختك أخدك أوديكي وأحقق لك كل أمانيكي ،
واسترسل حديثه وهو ينظر لها نظرات مشاغبة مرددا :
_ ونوبقى بقى هناك وحدينا والجو هيوبقى هادى خالص بصحيح والدنيا هص هص وأنا وانت ياحبيبي ونجوم الليل وبس.
الى هنا ضحكت بشدة من كلمته وهتفت بتحذير بعد أن هدأت من ضحكاتها :
_ ابوس يدك ياعمران بلاها الغنوة داي اقول لك بلاها عبد الباسط حمودة دي خالص مش هو بردو اللي قال ” أبص لروحي فجأة لقتني كبرت فجأة وتعبت من المفاجأة ونزلت دمعتي قولي لي ايه يامرايتي قولي لي ايه حكايتي تكونش دي نهايتي وآخر قصتي وختمها بقهر وهو بيقول أنا مش عارفني أنا تهت مني أنا مش انا ،
أنهت تلك الكلمات وضحك كلتاهما حتى أدمعت عيناهم وهتف وهو يغمز بكلتا عينيه:
_ طب ايه بقى الليلة هنا وسرور وعمران هيهيص من امبارح وانتي بايتة عنديكم وفايتاني لوحدي أعد نجوم الليل وحدي ؟
تذكرت أنها ستمكث أسبوعاً بأكمله لم يستطع القرب منها نظراً بظروفها فحركت رأسها برفض :
_ لااا ياحبيبي ولا النهاردة ولا بكرة قدامك سبوع بحالَه مهتجيش ناحيتي .
برق عيناه من كلامها وأمسكها من يدها معنفا إياها:
_ وه وه عاد كانك كبرتي وخرفتي ياسكون !
ده في احلامك ياعسسل .
ضحكت بشدة مرة أخرى فهو فهم رفضها دلالا ثم فهمته ماتقصد وهمست في أذنه ماجعله تصنم بعيناه واعترى الحزن ملامحه ثم باغتها بذاك السؤال الذي جعلها حملقت فيه بعدم تصديق:
_ وه واللي عميلناه طول الشهر راح على الفاضي واترمى في بحر الغدر ياسكون ،
أنا كنت مواعد الحاجة زينب بعد ٩ شهور بالتمام و الكمال هيشرف ولد عمران .
اتسعت عيناه بذهول من طريقته التى يتحدث بها وكأن حزنه حقيقيا وسألته :
_ اوعاك تكون بتتحدت بصحيح ياعمران هزعل منيك والله ؟
ضمها برفق من كتفها بحركة مفاجأة وقبلها من رأسها دون أن يعطى للموجودين حولهم أدنى اهتمام مجيبا إياها بنفي:
_ له طبعاً ياحبيبي هو أني أقدر على زعلك ، بس بناكفك بس ياقمر .
ابتسمت له ثم أشارت إليه أن ينظر إلى العروسين قائلة :
_ شوف حلوين إزاي ، وفرحهم راقي وجميل.
مط عمران شفتيه بسخريه :
_ وه هو فين الجميل في القعدة العائلية داي ! هو آدم دي مش نجم ومشهور مجابش ليه عبد الباسط حمودة يروِق لنا القعدة ؟
ضحكت بخفة على طريقته المشاغبة ثم أردفت :
_ والله العظيم ملكش حل ياعمران ، هو مفيش غيره عبد الباسط حمودة دي ،
وبعدين هو ياعين امه يقدر يجيب حد داي كانت مكة أختي قلبَت لَهْ الفرح جنازة .
أعلن منظم الحفل عن رقصة العروسين التي فاجأت مكة وهتفت برفض له :
_ له مهرقصش أني قدام الخلق داي كلياتها ، اعمل أي حاجة .
ضغط على يداها وطلب منها راجيا:
_ مينفعش يامكة كده بتحرجيني وهتحسسي الناس إن في حاجة بصحيح والجوازة مش مظبوطة وانتِ المضرورة فأرجوكي اتعاملي طبيعي جداً ، وبعدين ياستي للمرة المليون أنا جوزك .
تمتمت باعتراض ولكنها استمعت لرجائه كي تنتهي من ذاك الحفل وكي لاتلفت انتباه أحدهم إليها ،
وقام على الاستدج وهو يسحبها معه بدلال يليق بها ،
كانت كاميرات الموجودين جميعاً موجهة عليهم مما أربكها ،
همس بجانب أذنها:
_ متتوتريش كل اللي هتعمليه انك هتحطي ايدك حوالين رقبتي وبس وملكيش دعوة بالباقي.
كانت خائفة فهي ليست من نوع الفتيات التي كانت تشاهد تلك الرقصات وتعرفها جيدا ففعلت مثلما طلب منها وهي خجلة للغاية ،
اما هو احتضن خصرها بتملك واسند جبهته بجبهتها واستنشق أنفاسها الساخنة من تحت نقابها وبدأ يتحرك بها برقة تليق بذاك الآدم ثم عبر عن ما بداخله بكلمات جعلتها هائمة ذائبة تجرب شعورا لم تفقهه ولم يعلمه جسـ.ـدها من قبل شعور الاحتياج بأنها في أحـ.ـضان رجل :
_ عارفة ياحبيبي أنا واثق إن هيبقى بيني وبينك في يوم من الأيام حب كبيير اكبر ماخيالك يتصوروا حاسس كمان ان ربنا اللي يقدر حبي ليكي بانك ما تبعديش عني ولا لحظه ارجوكِ يا مكه اركني كل حاجه على جنب وما تفكريش في اللي حصل ولا اللي فات وخلينا نفتح صفحة جديدة من غير اي ماضي ونشوف هنعيش ازاي مع بعض واعتبري يا ستي في اول جوازنا فترة خطوبة انك تعرفيني كويس وتطمني وبعدها انا واثق ان ربنا هيخليكِ تقربي مني وهيخليكِ تطمني في قربي وان انا عمري ما هضرك ابدا .
كانت عيناها تنظر ارضا من شدة خجلها ولكن نبرته اللحوحة لها وكما انه جذبها من وجهها ان تنظر اليه فاستقرت عيناها في عيناه وهي تمرر لسانها على شفتيها اسفل نقابها مرددها بهمس :
_ اللي عايزه ربنا هو اللي هيكون سواء كان هكمل او هبعد ولو هكمل اكيد مش هعاند قدر ربنا بس في حاجات هنتكلم فيها كتير قوي بس اليوم ده يعدي وقتها هنحط النقط على الحروف وانت هتعرف اني عايزه ايه كويس ولو انت بتحبني فعلا وعايز مكة وعايز السكن والسكينة والمودة والرحمة هتلاقيهم كلهم عندي بس اقبالهم انا عايزه راحة نفسية معاك في اللي هعيشه وعمري ما هرتاح نفسيا طول ما انت المغني ادم المنسي .
تنهده بتعب وأسى مما ذكرته الآن ثم سألها سؤاله الحائر والمتعب لقلبه وقلبها :
_طب قبل اي حاجه وقبل ما نشوف ونفكر هنعمل ايه عايزه اسألك سؤال وتجاوبيني عليه بصراحة بتحبيني يا مكة ولا انتِ لسه حاسة ان انت مجبرة ؟
لم تريد ان تنطق تلك الكلمة من فاهها الا وهي تشعر بأنه رجلها الكامل في نظرها دون اي عثرات في طريقهما ولا اشـ.ـواك تنغص حياتهما ثم اجابته :
_ممكن مجاوبش على السؤال دي دلوك خليها تطلع من قلبي مش من لساني ومش وقتها ، ومش قادرة اتعامل بنفاق وياريت ما تفهمش كلامي ان انب ما عنديش احساس او بتعامل معاك من فوق يعلم ربنا ان اني عمري ما كنت بتعامل مع البشر من العالي ابدا لكن انت مش اي حد يا ادم احنا بقينا خلاص لبعض وقدرنا بقى واحد وزي ما قلت لك قبل اكده ههرب منك ليك .
اقتنع بأسبابها ثم تحدث بنبرة مرهقة:
_هتفضلي تفري من الحب لحد امتى هتفضلي تعاندي قلبك اللي عايز يشق ضلوعك دلوقتي ويسمعني بنفسه الكلمه اللي نفسي اسمعها ؟
هسيبك براحتك لحد لما ما تقدريش تقاومي لأن أنا واثق ان إنتِ مش هتقدري يا مكة مش هتقدري .
أعلن المنظم عن الحفل انتهاء رقصتهما فعلى حين غرة رفعها ادم ارضا ودار بها في المكان بأكمله كما يفعل اي عريس بعروسه يوم زفافهم تحت تصفيق المدعوين وصفيرهم بالفرحة لذاك الثنائي المختلف ثم أنزلها أرضاً وقبلها من جبهتها ولم يستطيع ان يتعامل ببرود في تلك اللحظه فهمس لها برقه اذابتها :
_ بحبك يا اغلى شيء في عمري بحبك يا كل عمري ربنا يبارك لي فيكِ ويخليكِ ليا وما يحرمنيش منك ابدا .
- •تابع الفصل التالي "رواية من نبض الوجع عشت غرامي" اضغط على اسم الرواية