رواية من نبض الوجع عشت غرامي (ج2) الفصل الثامن و العشرون 28 - بقلم فاطيما يوسف
وضعت كفاي يداها على كفاي يداه وبنفس طريقته ونظراته نطقت :
_ كل كلمة ووعد وتهديد وتحذير وجهته لي دلوك لك زييه وأكتر وزيد عليهم كيد النسا اللي تدعي ربنا ينجيك منيه .
صار كليهما يدوران في نفس المكان ونظراتهما تحوي آلافاً من تحدي العناد وجيوش الغضب ، وكل منهما يظن أن الآخر قد غدر به ونسي عشقه وكل منهم يردد داخله نفس المقولة
” على الباغي تدور الدوائر”
وبنبرة تحذيرية هزها بعـ.ـنف مهددا إياها:
_ اعملي حسابك خروج من البيت دي ممنوع لحد ماتتربي ياسكون تتعاملي إزاي مع جوزك .
تحدثت برفض قاطع :
_ مش من حقك تمنعني من الخروج ومن شغلي ، أني هسيب لك البيت خالص ياعمران ومش هعيش فيه ثانية واحدة بعد اللي شفته بعنيا .
احمرت عيناه بغضـ.ـب شديد من عصيانها له ثم ألقاها على التخت هادرا بها :
_ طب جربي تعتبي عتبة الأوضة داي ياسكون وتخالفي كلامي ، ورب الكون لاهتشوفي وش عمرك ماشفتيه علي عمران قبل اكده ،
وأكمل وهو يقفل أزرار حلته بنفس غضبه :
_ وبكرة تتأكدي إن الفيديو الاهبل دي مش حقيقي وان كل اللي في دماغك عني وهم وساعتها عقابك على تنزيلك لولدي اللي في بطنك والحبوب اللي بتاخديها داي علشان متخلفيش مني عقاب مهتحمليهوش ياسكون ، عقاب عمران قاسي قوووي .
وتركها وغادر الغرفة والمنزل بأكمله فارتمت بجسدها على التخت ودفنت رأسها في الوسادة وهي تبكي بغزارة وتتذكر ماحدث منذ الأمس الي الآن جعل حياتها انقلبت رأساً على عقب ،
#فلاش_باك
كانت سكون تشاهد الفيديو مراراً وتكرارا ودمع عيناها يهبط بغزارة على وجنتها ،
ثم رمت الهاتف أمامها على المكتب ومازال الفيديو مستمراً في التشغيل ،
سمعت شهقاتها فريدة صديقتها في الخارج وهي آتية إليها فدلفت على الفور وهلعت من حالتها المذرية ثم اقتربت منها وهي تسألها بخوف :
_ مالك ياسكون في ايه ياحبيب..
وكادت أن تكمل سؤالها إلا أن عيناها رأت ذاك الفيديو فوضعت يدها على فمها تكتم شهقتها ثم أغلقت الهاتف فورا ثم جذبتها إلى أحضانها وهي تحاول تهدئتها :
_ بسسس متعيطيش مش كفاية اللي انتِ فيه ياحبيبتي .
ظلت تبكي في أحضان صديقتها وهي تردد من بين شهقاتها :
_ شفتِ الفيديو واللي فيه عامل ازاي !
مش عارفة ليه عمل اكده ، خان أبوه ، ومعرفنيش ماضيه ولا أي حاجة عنه ،
ثم أكملت بنحيب :
_ ليه كسـ.ـر قلبي بالطريقة داي ؟ أااه ياقلبي اللي اتوجع ، واتقهر ، أااه ياحب السنين ، أااه ياعمرااااان ليه .
_ ياسكون متظليمهوش الله أعلم هو عيمل اكده كيف ؟ وكمان ملكيش حكم على ماضية.
_ إزاي مليش حكم على ماضيه ، داي مرت أبوه وعايشة معانا في نفس البيت ،
أتاري كنت اشوف نظراتها ليه وكنت بكدب نفسي ، إزاي هقدر اتحمل دي كله ، ازاااي يافريدة.
لم تفصل بكاؤها وظلت تبكى على حبيب قد غدر وعلى مرض لن تشفى منه واصبحت حياتها قاحلة الآن في وجهة نظرها ثم رددت وهي تمسك جبهتها من صداع الراس الشديد التي تشعر به الآن :
_ هي خلاص اتقفلت بيناتنا لا اني عدت انفعه وهو هدم جسر الثقة ما بينا .
سألتها فريدة بخوف :
_ معناته ايه كلامك دي ياسكون ؟
تنهدت بحسرة وألم نفسي انتابها ثم تحدثت:
_ معناته ان خلاص حدوتة الشاطر حسن خلصت على اكده.
ثم حملت حقيبتها وغادرت مكتبها والمشفى بأكملها وعقلها يدور بتفكير فيما هو قادم وكيف ستسير أمورها مع عمران ،
وصلت إلى المنزل وحمدت ربها انها لن تجد أيا منهم وصعدت على الفور إلى شقتها وهو لم يجئ بعد ،
جلست تفكر كثيرا وكثيرا حتى اهتدت لما ستفعله بقلب انشطر حزنا وألما ،
سمعت صوت سيارته قد جاء فدخلت حمام غرفة نومها ثم أمسكت هاتفها واتصلت بفريدة صديقتها وما إن أتاها الرد حتى طلبت منها :
_ شوفي بقى إنتي تسمعي مكالمتي وتتماشي معاي فيها .
_ يعني ايه ياسكون مفهماش حاجة واصل ؟
استمعت إلى صوت قَفل الباب وصوت أقدامه دلف الى غرفة النوم فاعتلى صوتها :
_ انتِ اتجننتي يافريدة عايزاني اقول له كيف اني كنت حامل ونزلت الجنين علشان معايزاش عيال دلوك ،
ولما يسألني عن السبب أقول له ايه ، اكده هيشك اني لسه مش بثق فيه ،
كانت فريدة تستمع لها بغرابة ثم تابعت سكون وهي تعلي صوتها مرة أخرى:
_ أمال لما يكتشف اني باخد حبوب منع الحمل كمان هيعمل ايه في .
كان عمران يبحث عنها ثم سمع صوتها تتحدث في الحمام فاندهش فليست عادة سكون أن تتحدث في الحمام فكاد أن يدق الباب كي يطمئن عليها إلا أنه استمع الى كلمتها “نزلت الجنين ” فاتسعت عيناه بذهول ووقف يستمع إلى مكالمتها بإنصات شديد إلى أن ذكرت حبوب منع الحمل فذهب إلى الأدراج كي يبحث عن تلك الحبوب التي تتناولها وذهل بشدة عندما وجدها ،
لو لم يستمع بأذناه إلى حكواها لم يصدق أبدا مهما حُكي له من ألفِ حاكي ، لو لم يستمع بأذناه ما قالته الآن ما كان مصدقا ،
الآن وصلت سكون لما أرادته ثم أخذت نفسا عميقا قبل أن تخرج له كي تواجه أشد وأصعب مواجهة في حياتها ، مواجهة الفراق ، مواجهة الألم ، سلام الله على البرئ قلبي من الألم من الاشتياق لك عمراني ،
ثم دقت على قلبها تنهره كفي قلبي مازلت تنعته عمرانك ! تعلم القسوة كي تواجه فراق العمران فكل الطرق سُدَّت أمامك الآن ولم يعد غير الذكرى بيننا ،
استجمعت شتاتها المفرق وأخذت نفسا عميقا ثم خرجت إليه وداخلها منهار ،
خرجت وجدته يضع وجهه بين يداه وهو مصدوم فيها مثلها ، يالها من لُعبة الأيام فقد قصدت وجعه كي تبتعد بسهولة دون أن يونب ضميره ، الآن ارتدت قناع الجمود ، قناع النسوة اللواتي يتمرسن الكيد كي تخرج من مواجهة عمران بكلمة واحدة تنهى ميثاق الحب والعهد على البقاء ،
رفع رأسه أخيرا وهو مصدوم منها ، فتلك صغيرته التي عشقها فوق العشق عشقا ذبـ.ـحته بنصل بارد ، إلى الآن يدور في خلده عن أسباب يقنع حاله أن ماستمع إليه أوهام ، ولكن ما أبشع تلك الحقائق من لم نتوقع منهم الغدر ، فرفع ذاك الدواء أمامها وسألها :
_ ايه دي ياسكون بيعمل ايه في دولابك ؟
رأت عيناه اللامعة بدمع الصدمة فيها وكادت أن ترتمي تحت قدماه وتحكي له كل شئ عنها ولكنها تذكرت ذاك الفيديو فقست قلبها كالحجارة أو أشد قسوة وأجابته :
_ داي حبوب منع الحمل معايزاش أخلف منك ياعمران .
انتفض واقفا مكانه بحدة ووقف أمامها وبعينين مظلمتين هتف بهدوء ماقبل العاصفة:
_ وايه تاني ياملاك ، كملي تقطـ.ـيعك في عمران علشان لما يقسى ويدوس يبقي عنديه حق .
ضمت شفتاها بغضب مماثل له ثم أحضرت هاتفها وفتحته أمامه وعرضت الفيديو أمام عيناه وهي تهتف بنبرة مماثلة:
_ مش لما تفهمني ايه دي انت كمان ؟
اتسعت مقلتي عمران وهو يشاهد ذاك الفيديو القذر فلأول مرة يراه ثم جذب منها الهاتف وأعاد تشغيل الفيديو مرة بعد مرة وإذا به ينصدم حتى اكتشف أنه كان نائما وخارجا عن الوعي وتلك الوجد استغلت خلوته ومن الواضح أنها كانت تضع له شيئاً في المشروب غيبه هكذا ، فكم تذكر عدة مرات شعوره بالدوار وأنه نام مكانه في الاسطبل دون أن يشعر ولكنه حينما يستيقظ كان يجد ريحتها المقززة لقلبه تملأ جسده حتى كشفها تلك المرة وصفعها صفعات عديدة ولم يعد يأكل أو يشرب أي شئ من يدها ،
أما هي اندهشت بشدة من صمته وهو يشاهد الفيديو مرة بعد أخرى وعيناه مصدومة فتحدثت:
_ ايه لسانك سكت دلوك ياعمران ومعدتش قادر تتكلَم دلوك وانت شايف نفسك هيمان في أحضان مرت بوك وبتخونه.
لم يتحمل كلمتها تلك وطريقتها ووصفه له بذاك الوصف الشنيع وفجأة ومن شدة غضبه صفعها على وجهها صفعة قوية وهو يهدر بها بعيناي قاتمتين :
_ اخرصِ اوعاكِ تقولي الكلام دي تاني ياسكون ، انتِ مفهماش حاجة واصل ، اللي في الفيديو ده غلط وبكرة تعرِفي كل حاجة .
استقبلت صفعته لها بعيناي دامعة بصمت وقلب انـ.ـشق إلى نصفين داخل جسدها وما عادت قادرة على تجميعه مرة أخرى فقد ذاب الحجر ثم سألته بنبرة مستميتة وهي تترجاه أن ينفي مافي الفيديو بتاتا وأنها خُدعة من تلك الماكرة :
_ طب قول لي الفيديو متفبرك وإن مش إنت إللي بتتمرمغ في حضنها بالطريقة المثيرة داي ، أهاتك وانت مغمض عينيك ومستمتع جوه أحضانها قتـ.ـلتني ياعمران ،
ثم أكملت وهي تضع يدها على قلبها وكأنه خائفة عليه أن يقع صريعاً بين يداها:
_ اااه ياقلبي اللي اتوجع منك بالجامد وبيتمني المـ.ـوت ولا إنه ينصدم الصدمة داي ،
مش مسامحاك ياعمران وقلبي اللي إنت جرحته وخنته مش مسامحك، قلبي اللي كان مستعد يدوس على نفسه ويتقبل أي فعل شين من أهلك علشان خاطر يفضل جمبك هادي ومطمن مش مسامحك ،
وأكملت وهي تضع يديها نصب عينيها تبكي بغزارة:
_ ليه خنت العهد والوعد ! ليه كسـ.ــرت قلب كان مستعد يضحي بعمره كله علشانك ؟
لم يتحمل بكائها ولا فهمها الخطأ للأمور ولكنه تذكر أنها أجهضت جنينه ويزيد عليهم تناولها لتلك الحبوب التي تمنعها من أن تحمل في أحشائها جنينا منه ، لم يهمه أن يصلح مفهوم ذاك الفيديو أمامها لأنه لن يحكي لها عن أسرار عنائه بسبب تلك الوجد سنوات فهو لن ينقص من رجولته أمامها مهما حدث ولكنها ستتأكد حينما تخرج تلك الوجد من ذاك المنزل أنها أخطأت به وبحقه ،
أما عنها كيف له أن يسامحها فيما فعلته به لقد جعلته يشعر بأنه ليس رجلاً في عينيها ، دمـ.ـرت كبرياء رجولته ، هزمت جنود العشق لها في قلبه ثم نطق بوجع:
_ طب أني وكل حاجة هتعرفيها وعن قريب وهتعرِفي إن الست داي شيطان مدمـ.ـر بتعمل أي حاجة علشان توصل للي هي عايزاه ،
منكرش إنها عرضت نفسها على كَتيير بس أني كنت برفض لاني مبطيقهاش بس داي كانت مرت عمي ودلوك مرت ابوي ولو خدت أي رد فعل غير محسوب هنتـ.ـقاتل اني وأبوي وأني مهعملش اكده ، كنتِ اصبري واتأكدى الاول قبل ماتقـ.ـتلِ ابني اللي بترجاه من الدنيا ومكفكيش كمان بتاخدي حبوب منع الحمل ياسكون علشان متخلفيش من عمران ،
ثم أمسك ذاك الدواء وقام بتفتيته بين يداه ثم اقترب منها وهو غاضب وعيناه لم ترى شيئا سوى أنها خدعته وكسـ.ـرته وأنقصت رجولته وهو يتحدث بما ينتوي فعله :
_ طب أني همارس معاكي حقي الشرعي دلوك من غير ماتاخدي الحبوب وهكررها غصب عنك مرة واتنين وتلاتة لحد ما تحملي تاني ومش هتخرجي برة عتبة الأوضة داي غير لما تولدي واشيل ابني اللي بترجاه من الدنيا ياسكون وبعدها فارقي كيف مانتِ رايدة انتِ مصنتيش عمران .
كادت أن تعترض ولكنه لم يمهلها فرصة الاعتراض واقترب منها وهو يمارس حقه فيها ولم يأبه لرفضها وانقلبت موازين العشق الآن لدي عمران وسكون إلى حرب ضـ.ـارية فتكت بقلوبهم البريئة في العشق ،
#عودة_من_الباك
هبط عمران للاسفل ووجد الزغاريد تملأ المكان فقد كانت والدته وأختاه تجلسان بجانبها وهم يهللون فرحا فحاول ظبط نفسه كي لا ينكشف أمره ورسم البسمة على وجهه :
_ صباح الخير عليكم ، ايه اللي مفرِحكم قووي اكده ؟
ردت والدته وعلامات السعادة تنطق على وجهها :
_ تأشيرات الحج بتاعتي اني وابوك جت اخيرا والمشكلة اللي كانت تبعه في الباسبور بتاعه اتحلت وهنمشي كمان يومين ياولدي ، عقبالك إنت ومرتك ووقتها تكون جابت عيل صغير تسيبهولي اهنه حتة منيكم تونسني ،
وأكملت وهي تنظر للأعلى:
_ الله أمال فين سكون كل دي مسمعاش الزغاريد وتنزل تفرح ويانا .
تحمحم عمران وابتسم كي لا يظهر عليه أي حزن فلو علمت زينب مابهما لن تصمت حتي تعرف ماذا حدث:
_ اممم.. هي منزلتش النهاردة ولا راحت الشغل بتقول إنها همدانة وعايزة تريح النهاردة وسايبها نايمة فوق .
هنا انفرجت أسارير زينب ثم تفوهت بسعادة:
_ يانهار الهنا ياولدي لاتكون مرتك حامل والهمدان دي من الحبل .
حزن داخله بشدة ما إن ذكرته زينب بالحمل وبات غاضباً حينما تذكر جنينه الذي أجهضته سكون بدون رحمة أو رأفة به وباشتياقه لأن يكون له قطعة منه بعد كل ذاك العناء والعمر يمر به ،
وبات داخله يردد :
_ كم كنتِ قاسية معي سكوني وخانتني عيناي في برائتك المزيف .
ثم عاد من شروده واحتضن والدته قائلاً بنفي :
_ له ياحاجة مش حامل وبعدين داي داكتورة نسا يا امي يعني ميخفاش عليها الحاجات داي .
أما في الأعلى تحدثت سكون مع فريدة وهي تستنجد بها :
_ يابنتي بقولك أخد الحبوب وكسـ.ـرها وحابسني في الشقة ومش راضي يخرجني ،
فأنتِ اعملي نفسك جاية تطمَني علي وهاتلي حبوب غيرها .
رفضت فريدة ماقالته :
_ وه عايزاني أعمل اكده كيف ياسكون ولو جوزك عرف وقتها يُطخني عيارين يجيب أجلي .
دبت سكون في الأرض غيظاً منها:
_ وهيعرِف منين يافريدة متجننيش امي ، اني مش هخليه يشوفها واصل ، وبعدين أنتِ عارفة إني لازم اخدها علشان لو حملت هسقط واكده الرحم بتاعي هيتفيرس وبدل ماهعالج حاجة هدخل في حوارات تانية أني في غنى عنيها ،
ثم اكملت برجاء وهي تدمع من حالتها الصعبة:
_ ارجوكي يافريدة انتِ الوحيدة اللي عارفة أني بيا ايه متتخليش عني وعمران دلوك عامل زي الطير المـ.ـدبوح من ساعة ماعرف إني نزلت اللي في بطني ومهيموش اي حاجة غير إنه يعاقبني على اللي عميلته.
نفخت فريدة بضيق ثم هتفت باستنكار:
_ طب وبالنسبة للي عيمله هو برر موقفه بإيه إن شاء الله ؟
اجابتها وهي ترجع خصلاتها للخلف :
_ بيقول إن الفيديو دي مش صحيح وإن البت داي شيطان وانه مبيحبهاش وعمره ما قبلها وان كل حاجة هتبان ووقتها هعرِف اني ظلمته .
_وه وانتِ صدقتيه ياسكون ؟
أكدت لها وهي تثق في عمران عندما جلست مع حالها وفكرت في الموضوع من كل جوانبه :
_ ومهصدقهوش ليه ، اني قلبي عمري ماكدب علي وقلبي صدقه وبالثلت كماني ، عمران ميخونش سكون أبدا ولا عمره يعمل العملة المهببة اللي في الفيديو دي .
_ الله أمال اللي إحنا شفناه دي ايه يابت الناس ؟
_ معرفاش يافريدة في حاجة غامضة في الموضوع دي بس اللي أني واثقة منيه إن عمران عمره مايخوني ولا يخون بوه أبدا ، عمران ولد حلال.
_طب لما هو اكده خربتي على حالك ليه وخسرتيه وخسرتي حياتك الهادية ياحبيبتي.
شهقت سكون وهي تتذكر مابها وتحدثت من بين شهقاتها :
_ انهارت يافريدة اول ماشفت الفيديو ووقتها معرفتش كنت عاملة كيف المضـ.ـروبة على دماغي ومتخبطة في كل حاجة وحسيت أنه خان العهد والوعد وخصوصي إن اللي حصل في الفيديو حاجة مقززة قووي قلبي متحملهاش فعميلت اللي عميلته وقلت له إن الفيديو دي معاي من كذا يوم ، لكن لما قعدت شوي مع حالي وهديت هبابة جبت الفيديو تاني وقعدت اتفرج عليه كذا مرة حسيت انه مغمض عينيه وشكل مايكون نايم وبعدين الست داي دايما بتبص له نظرات غريبة لمحتها كذا مرة بس بعمل نفسي مش مركزة علشان لو اتكلمت فيها قـ.ـطع رقاب داي ،
واسترسلت حديثها وهي تفهمها :
_ عمران نفسه يوبقى أب واني محرمهوش من اكده واللي حوصل هيخليه يكرهني ويطلقني واكيد هيتجوز ويعيش حياته مع واحدة غيري تفرح قلبه وتجيب له العيل اللي بيترجاه من الدنيا .
_ يابت الناس متخربيش على نفسك وعرفيه كل حاجة عن حالتك وهو واجب عليه يقف جارك ويساعدك وميتخلاش عنك ماهو عنديه اسرار وغموض هو كمان ومرضيش يتكلَم فاستغلي الفرصة وعرفيه ياسكون.
اخذت نفسا عميقا ثم زفرته بإنهاك وقالت :
_ الكلام دلوك فات أوانه يافريدة لازم تاجي النهاردة وتجيبي لي الحبوب الاول وبعدها هشوف هعمل ايه .
_ حاضر ياسكون في حالة ولادة اهنه هخلصها وهعدي عليكي.
أما في الأسفل ارسل عمران رسالة لرحمة أن تأتي ورائه على الاسطبل فذهبت إليه ،
رأته يحتضن وجهه بين كفاي يداه فارتعبت من هيئته واحمرار عينيه عندما رفع وجهه إليها فسألته بخوف عليه :
_ مالك ياعمران حوصل إيه مخلي حالتك مايعلم بيها إلا ربنا اكده ؟
تنهد بحسرة وألم نفسي مما حدث معه هو وسكون ثم حكى لها ماحدث من البداية للنهاية مع سكون ، فضربت على صدرها ونطقت بذهول :
_ كيف دي سكون كانت حامل وأجهضت الجنين .
_بتقول إن الفيديو دي جالها من يومين وفي نفس اليوم عرفت انها حامل وقررت انها متخلفش مني واخدت حبوب منع الحمل ، هي شايفة إني خنتها مع مرت ابوي ، سكون بقت شايفة عمران غدار وخاين وعامل علاقة مع مرات أبوه يارحمة ،
وأكمل وهو يود أن يختـ.ـنق تلك الرحمة بين يداه :
_ الله الوكيل محيشنيش عن البت داي غير ابوي بس ورب الكون لاهندمها على الفيديو دي وهخليها تكره اليوم اللي جت فيه الدنيا .
طلبت منه رحمة أن تشاهد الفيديو فرفض قائلاً:
_ له يارحمة كيف هتشوفي الملعونة داي وعمايلها معاي ! داي بت فاجر ومتعرفش اخلاق ولا اتربت واصل .
_طب كيف ياعمران صورتك الفيديو دي ؟
_ ماهي الهانم كانت امك مقعداها وسطينا وبتدخل في وكلنا وشربنا واكيد حطت لي حاجة غيبتني عن الوعي وعيملت اللي عميلته ولما ملقتش فايدة معاي من السحر والأعمال استغلت الوقيعة بيني وبين سكون علشان تنتقم لقلبها المريض .
_ طب ليه ياعمران لما عرضت نفسها عليك مرة واتنين مضربتهاش بالجزم وعملت لها فضيحة وخلُصت منيها بدال الأذية اللي أذيتهالك داي كلياتها ياولد ابوي.
_ كنت متربط يارحمة وحاسس إن لساني أخرص ومكنتش اعرف حالتي ولا بيا ايه وقتها ، كانت ماسكة مفاتيح رجولتي بيدها من سحرها الاسود وكانت دايما تلمح لي بحاجات زي اكده ولما ربنا شفاني من سحرها الاسود كنت جاي أهـ.ـد المعبد فوق دماغها لقيت بوكي قال إنه هيكتب كتابه عليها وإن دي قرار محدش يفتح بوقه ولا يمانع فيه ومهما قلت له على عمايلها وقتها مكانش هيصدق وهيفكر اني بقف في طريق جوازه منيها ومش بعيد كان يتهمني اني عيني منيها أو إني بجيب سيرة الولايا بالباطل ، كانك مواعياش لدماغ الحاج سلطان ولما يوبقى حاطط حاجة في دماغه بينفذها من غير كلام .
جزت رحمة على أسنانها بغضب من تلك الوجد ثم هتفت :
_ ودلوك بت الجزم داي استغلت الفيديو دي وبعتته لسكون وجننت البونية وخليتها عيملت اللي محدش يصدقه واصل ، خليتها تنزل ابنك وتكرهك ياولد ابوي .
سألها عمران :
_ بقول لك تعرِفي تجيبي لي بت الجزم داي الاسطبل اهنه من غير ما حد ياخد باله عايز اشوف هي عايزة مني ايه ، عايز افعصها بيدي دول واخد تار وجع السنين منيها .
نصحته رحمة قائلة :
_ متتعجلش ياولد ابوي كلها يومين وبوك وامك يسافروا للحج واعمل فيها مابدالك وخد تارك منيها بس من غير ماتضر نفسك قانوناً.
نفخ بضيق ثم أردف :
_ مهتحملش اصبر يومين على بت الجزم داي عايز دلوك أطبق في زمارة رقبتها اخلص عليها خالص .
_ مينفعش ياخووي اهدي على حالك .
سألها عن الكاميرات وعن ماذا وصلت إليه الآن :
_ طب مفيش اخبار عن الزفت المراقبة اللي عميلتيها داي ؟
_ والله اني لحد امبارح مراحتش للدجالة داي وكل قعدتها في البلكونة مبتعملش حاجة ، لسه هشوف اكده عيملت حاجة تاني ولا كلمت حد إمبارح بالليل بس لما أروح المكتب دلوك علشان متأخرش وماهر في الشغل ميعرِفش أمه من أبوه .
ودعته وهي تربت على كتفه بحنان ناصحة إياه:
_ متزعلش من اللي سكون عيملته ياخوي هي أخطأت في وقت غضب شديد واللي شافته في الفيديو على حكاويك مفيش ست تتحمله واصل ولولا إنها عاقلة وراسية كانت قادت البيت حـ.ـريقة وفضحت الدنيا وكانت ورت الفيديو لامك وابوك ومسكتتش لكن كل اللي قدرت عليه تجهض نفسها وتطلب الطلاق وتبعد عنيك لما حست بالخذلان وكسـ.ـرة قلبها البرئ داي سكون واني عارفاها كويس عقلها وزها تبعد وتسيب لك الجمل بما حمل وميكونش ليها ذكرى منيك يتوجع طول العمر من بعادكم.
_ غصب عني مقادرش مزعلش منيها يارحمة هي عارفاني كويس مكانتش تصدق .
_ ياخوي داي شافت بعنيها محدش قال لها وكماني انت مخبي عنيها كل الحاجات داي ومتعرفش اي حاجة واصل عن تعبك ولا عن اللي عمليته فيك الحرباية داي ، كنت المفروض صارحتها عن كل حاجة في حياتك ورميت أسرارك ووجعك ليها علشان لما يحصل اللي حوصل مكانتش عيملت اكده.
ضـ.ـرب بقبضة يده على المنضدة وهتف لها بتصميم قلب موجوع:
_ كنتِ عايزاني أروح أقول لها اني مكنتش راجل يارحمة ، عمري ماهعرفها وعمري مابين ضعفي قدامها .
_يوبقى تسيب اللي حوصل مابينكم في يد ربنا وتسامح وتغفر علشان ماضيك هو السبب في اللي حصل وهو اللي سبب الشرخ مابينكم وياما بيحصل في البيوت بين الراجل ومرته ياخوي وانت طول عمرك طيب وقلبك كبير .
وأكملت وهي تحمل حقيبتها :
_ اني هروح الشغل بقي معايزش حاجة مني قبل مامشي.
_له تسلمي ياخيتي خلي بالك من نفسك.
ودعته وذهبت إلى عملها مشيا على الأقدام فالمكتب لا يبعد عن منزلها بعشر دقائق ،
بعد مرور عدة دقائق وصلت إلى مكتبها وبدأت في عملها بكل جد ونشاط وبعد قليل وصل ماهر إلى المكتب وجدها منكبة على عملها ولكن لفت انتباهه شيئا ما في ملابسها فطلب منها دون أن يلقي السلام عليها:
_ حصليني على المكتب دلوك .
أمرها بذلك ودلف إلى المكتب على الفور فارتعب داخلها من هيئته وطريقته فقد دخل المكتب دون أن يلقي السلام عليها وطريقته لاتبشر بالخير فنطق لسانها تلقائيا:
_ استر ياللي بتستر ماله دي داخل بزعابيب امشير اكده ليه .
لملمت الملف الذي بيدها وأمنت مكتبها كما هي معتادة ثم دلفت إليه وقلبها يدق رعبا من طريقته ثم سألته :
_ خير ياماهر ياترى قالب وشك اكده ليه وداخل من غير سلام ولا كلام كاني بايتة معاك من امبارح.
أشار إليها أن تجلس أمامه مرددا بغموض :
_ اقعدي .
اتسعت مقلتيها بذهول من طريقته ثم جلست وانتظرته يتحدث وتعاملت معه بنفس طريقته ولم تسأله مرة أخرى ماذا به ،
ثم ناولها الهاتف متسائلاً إياها:
_ ممكن اعرف ايه دي ياهانم ؟
رأت ما بالهاتف ثم توترت حينما استشفت بذكائها سر غضبه :
_ اممم . .. داي تعليق عادي على جروب الشغل اهنه.
_انتِ شايفة إن دي تعليق عادي يا هانم !
_ الله هو في ايه يا ماهر مابنات كتير داخلين معلقين له وبيباركوله على الماجستير اشمعنا أني يعني ، جرى ايه إني باركت له من باب الذوق .
ضرب على المكتب بقبضة يداه والغيرة تشعبت برأسه ناهرا إياها:
_ يا أم قلب حنين ومبيفوتكيش واجب صوح ،
واستطرد حديثه بنبرة ساخرة :
_ وماله لما تروحي كمان الحفلة اللي عميلها الدكتور علشان تكملي الواجب .
انزعجت من طريقته الساخرة وهتفت وصوتها على بعض الشئ:
_ هو في ايه ياماهر مكنش حتة تعليق عميلته لزميلي من باب الذوق زيي زي بقيت زمايلي اياك هتعلق لي عليه المشـ.ـنقة.
انتفض من مكانه وهدر بها :
_ متعليش صوتك وانتِ بتتكلمي معاي ، هو ينفع الست تعلي صوتها بالطريقة داي يا أستاذة !
وأكمل وهو على نفس غضبه وهو يتحرك ويقف أمامها :
_ ثم ايه حكاية زميلي داي إن شاء الله ! هو إنتِ متعرفيش اني مقبلش حتة زميل عمل وحوار المباركات دي والاختلاط وحتى السلام عليكم متقوليهاش لصنف راجل على وش الدنيا غير لابوكي واخوكي بس غير اكده ممنوع تمشي في طريقك مترميش سلامات ولا هباب .
ارتعبت من نبرته ونظراته لها ، لم تكن تتوقع أنه يغار بتلك الدرجة ، لقد أدهشها بطلبه ، ثم أدمعت عيناها من طريقته وانقلابه ورددت من بين شهقاتها:
_ طب ليه بتزعق لي دلوك ماتفهمني براحة ياماهر واني هراعي غيرتك علي وهتفهم كل حاجة هتقولها لي مش كل حاجة زعيق اكده وتحمر لي عينيك وترعبني منك .
ثم أكملت ببكاء جعله ندم على غيرته العمياء ولم يستطيع أن يمسك لسانه ويتحدث معها بهدوء ولكنه ذاك الماهر في غيرته لن يرى ،
ثم جلس أمامها وهدأ من أعصابه قائلاً لها :
_ خلاص يارحمة متبكيش حقك علي بس والله غصب عني لما شفت التعليق اللي انتِ كاتباه له اتجننت من غيرتي عليكِ ،
رفعت عينيها المغشية بالدموع وهتفت من بين شهقاتها :
_ ياماهر اني مش عايزة اخسرك ولا حابة اكون لراجل غيرك لاني مش هعرف اكون مع راجل غيرك أعمل إيه في قلبي اللي كانه اتوشم بوجودك جواه ، ارجوك ياماهر خلي بالك مني خليك أمين علي وعلى مشاعري .
تنهد بضيق من حاله وفي عدم تحكمه في نفسه حينما يقترب أي جنس رجل منها :
_ حاضر ياحبيبي ، خلاص بقى متزعليش وامسحي دموعك الغاليين دول ، قلبي بيترج من جواه وبلومني قووي لما احس اني السبب في دموعك دول .
جففت دموعها بالمنشفة الورقية ثم أردفت :
_ بس انت غيرتك صعبة قووي ياماهر ومتحبكهاش قووي اكده.
حرك رأسه برفض قاطع:
_ مش هعرف ومعاكي انتِ بالذات يارحمة ، عشقي ليكي بحسه مختلف ، بحس اني عايز اخبيكي عن كل العيون ، عايزك تفضلي قدام عيني طول الوقت علشان مخليش اي حد يقرب منك ، جنتتيني معاكِ يارحمة ورجعتيني كاني شاب مراهق وعيل صغير مش راجل داخل على الاربعين .
اخيرا ابتسمت من حنوه عليها في الكلام فذاك الماهر مهما اشتد غضبه ولكن قلبه أبيض كاللبن الصافى يهدأ بسهولة فهي حفظته عن ظهر قلب وأصبحت تتفهمه بشدة ،
ثم تحدثت بعشق وهي تضع يدها على وجنتها وتستند بجزعها على المكتب :
_ عارف ياماهر بحس معاك بإيه ؟
بحس معاك اني عيلة صغيرة عايزة تتشعبط فيك ومتسبكش خالص ، بحس إني عايزة اهرب منك ليك ، بحس إن ورا صلابتك داي حنية تكفي العالم كله وورا غيرتك علي رجولة مبقتش موجودة ، كان عندي حق احبك واتعلق بيك ، كان عندي حق اتمسك بوجود راجل في حياتي زيك يا ماهر .
بنفس نظراتها العاشقة همس لها هو الآخر :
_ طب مش خايفة على نفسك من حب ماهر المتهور، مش خايفة لما توبقى معاه في بيت واحد وتوبقى حلاله من اشتياقه وحبه ليكي هتقدري تتحملي قربه القوي منك يارحمتي .
رفعت حاجبها بمكر وأردفت بعيناي تنظر له بمشاغبة:
_ له دي أني رحمة المهدي يعني الجمدان والاختلاف عن أي ست ، يعني لما اختارتك عارفة ومتوكدة إنك هتقدر على شراستي وشقاوتي ، عارفة إني مش عايزة راجل طيب وينفذ لي كل اللي أني عايزاه بسهولة ، عارفة إن دماغي ناشفة ومتعبة ، من الآخر فرسة جامحة قوية ومش عايزة اي خيال يراوضني ،
وأكملت وهي تغمز له بشقاوتها المعتادة التى اوقعته فيها :
_ علشان اكده متقلقش علي واني معاك وفي بيتك بس سد انت قصاد رحمة ومتجيبش اخرك.
ابتسم برجولة لمكر تلك الصغيرة ثم هتف :
_ وه وه دي انتِ مش سهلة بقى يارحوم ، بس متوكدة انك هتقدري ومش هتنخي وتقولي ارحمني يا ماهر واني مش قدك .
ضحكت بأنوثة مهلكة طيرت مع قلب ذاك الماهر وأردفت بتأكيد:
_ الأيام بيننا يامتر وهنشوف مين اللي نفسه أطول بس لما اكسب جولة من جولاتي معاك تعترف وأني بردو حقانية لما تكسب جولة معايا من جولات المشاغبة اللي هتشوفها على يد رحمة هعترف وهديك حقك حكم أني حقانية مـ.ـووت .
_ شوفي أهي شقاوتك داي اللي هتهلكك وياي وهتخليكي تبطليها لوحدك علشان متقعيش انتِ تحت يد الأسد .
ثم قام من مكانه وأخرج عُلبة قطيفة ذات اللون البرونزي من حقيبته ثم عاد وجلس أمامها وفتحها وهي مندهشة ثم أخرج منها ذاك الخاتم اللامع الرقيق الذي يليق بصاحبته وقدمها لها بغرام :
_ أحلى هدية عيد ميلاد لرحمتى علشان متقوليش على اني بخيل ومبهتمش بالتفاصيل واني فاقد الشم .
انبهرت من رقة ذاك الخاتم ثم نظرت له بعشق وبعيناي التمعت بغرامه :
_ امممم … الجمال والرقة داي كلها لرحمة !
وأكملت وهي تشكره بامتنان :
_ حبيت قووووي ياماهر ، بس كلفت نفسك قووي وباين عليه غالي .
طلب منها أن تمد يداها كي يلبسها إياه مرددا:
_ مفيش حاجة تغلى عليكِ ياروح قلبي الدنيا كلها تحت رجليكِ ياحبيبي وكل حاجة تهون قصاد ابتسامتك وفرحتك واشوف عيونك الحلوين دول مبسوطين .
_ ياه ياماهر ومش عايزني اتمسك بقربك ولمتني كتير على تصميمي عليك ، كنت هبقى هبلة قووي لو مكنتش قاومت معاك وانسحبت كنت هخسر كتييير قوووي .
_ طب مدي يدك علشان البسك الخاتم.
مدت يدها المرتعشة من خجلها ثم مد يداه هو الآخر وبدون أن يلمس إصبعها وضع الخاتم على طرفه وعيناه متسمرة عليها ويود أن يختـ.ـطفها الآن بين أضلعه من سحرها وجمالها ، ثبتت هي الخاتم في يدها وكم كان جميلاً وازداد جمالاً حينما زين إصبعها ،
أراد أن يمسك يداها ويقبلها قبلة عاشق متلهف لحبيبة أتعبت قلبه ولكن تمهل قلبي فلقد فات الكثير وما بقي غير القليل وستسكن رحمتك حياتك وستنيرها ،
أما هي احتضنت يداها بسعادة لاتوصف فتلك الهدية الأولى لها من حبيبها ومعشوق روحها فستحفظها بين ثنايا قلبها ولن تفرط فيها أبدا مهما كان ،
بعد مرور أكثر من خمس ساعات انغمست فيهم رحمة في عملها ولم تراجع الكاميرات الخاصة بتلك الملعونة ،
أنهى ماهر هو الآخر عمله ثم خرج إليها قائلاً:
_ يالا علشان اوصِلك في طريقي واني مروح .
ابتسمت له ثم قالت :
_ له مفيش داعي اني هتمشي لحد البيت وبعدين طريق الزراعية أوله صعب ومطبات وكمان ضيق وانت مواخدش على انك تمشي فيه فبلاش أتعبك وياي .
صمم على أن يوصلها :
_ خلاص هنزلك على اول الطريق وانتِ كملي يالا قومي .
اطاعته وحملت أشيائها وخرجت معه وركبت السيارة بجانبه ،
أما في ذاك المكان المظلم الخالي من الناس تقف ثلاث سيدات ذو جسد مملوء على اول الطريق الزراعي ينتظرون موعد رجوع رحمة حسب الزمان والمكان التي اتفقت معهم وجد وعيناهم تترقب الطريق كالكشافات ،
وصلت السيارة اول الطريق فاستعدت رحمة للنزول فودعها ماهر :
_ هتوحشيني قوووي.
_وانت كمان هتوحشني قووي خلي بالك من نفسك .
_ وانتِ كمان خلي بالك من نفسك ومتبصيش يمين ولا شمال في طريقك طوالي ، ولا أنزل امشي معاكي الحتة داي .
_ قد اكده بتحبني وخايف علي ؟
_ طبعاً إن مكنتش هخاف عليكِ انتِ هخاف على مين مليش غيرك.
_ متقلقش علي اني اسد في الحديد وعضمي ناشف ولو حد فكر يقل معاي يوبقى أمه داعية عليه في ليلة قدر.
_ياواد ياجامد واني أحب الجامدين قووي التعامل معاهم في تحدي .
هبطت من السيارة ثم نصحته :
_ يالا همشي بقي علشان متأخرش وزينب تعمل معاي الجلاشة وداي بالذات مهقدرش اسد قصادها ، بس خلي بالك امشي الحتة داي براحتك علشان مليانة مطبات والدنيا ليل .
ابتسم لها ثم حول السيارة ببطئ كي يعود إلي منزله وعيناه تراقبها من المرآة حتى ابتدت سيارته في الاختفاء ،
أما هي تحركت بضع خطوات وعلى فجأة اعترض طريقها تلك السيدات الثلاث ووقفن أمامها وهم يرددون :
_ اهلا يا حلوة .
بفطنتها استشفت غدرهم من اكمامهم التي يشمروها ففورا تحدثت بذكاء:
_ يانهار أبيض اجروا بسرعة في تعبان وراكم .
استطاعت تشتيت انتباههم بالفعل وعلى حين غرة ضـ.ـربتها في قدمها ودفعتها بمهارة سريعة في الترعة ،
أما الأخرتان تقدمت احداهن منها وقبل أن تقترب منها أخرجت زجاجة البريفيوم الخاص بها وسكبته في عينيها بغزارة وصارت تتحرك بهوجاء في المكان وقبل أن تفيق جذبت حجارة ثقيلة من الأرض وقذفتها في قدمها ،
كل ذلك مع عويل السيدتين من ستغرق في الترعة والأخرى من ألم عينيها وقدمها ،
سمع ماهر ذاك العويل وهو يحاول الخروج بسيارته من ذاك المكان الضيق فانتابه القلق على رحمتة فترك السيارة مكانها وهرول إليها ،
اما عند رحمة كانت تصارع تلك السيدة الثالثة فقد تشتت مما حدث لزميلاتها على يد تلك الرحمة والتي كانت تحـ.ـاربهم في تلك المعركة بمهارة عالية ،
وظلت هي والسيدة في عراكهما ورحمة تصد هجـ.ـماتها ببراعة ولكن تلك السيدة ذو جسد قووي عن الأخرتان ولكنها مازالت تهاجـ.ـمها حتى شعرت أن قواها ستخور منها والأخرى قاربت أن تقوم ووجعها هدأ فقررت أن تجري وهي خفيفة الجسد ،
ولكن تلك السيدة متشبسة بها بشدة فعلى الفور خلعت دبوس رأسها وغـ.ـرزته في وجهها عدة مرات فتركتها السيدة وهبطت أرضا وهي تتألم فقد غـ.ـرزتها رحمة بجانب عينيها فشعرت بأنها عُميت ثم ضربتها بيديها وأقدامها كثيراً وهي تردد لها:
_مين اللي باعتكم لقضاكم ياولية منك ليها دي أني هعمل منكم بطاطس محمرة النهاردة ومش هخلي فيكم حتة سليمة .
ثم أتى ماهر يهرول من بعيد وهي ينادي عليها فقد رآها من بعيد وقلبه هلع أيعقل أنه سيفقدها هي الأخرى كما فقد أغلى أحبابه ،
وما إن وصل إليها حتى جذبها إلى أحضانه بدون تفكير فذاك حضن الخوف من الضياع ، الخوف من الفراق وتلك الرحمة لن يتحمل فراقها ، ثم أخرجها من أحضانه واحتضن وجنتيها متسائلاً إياها بهلع :
_ انت كويسة.
هزت راسها بابتسامة:
_ دي أني تمام قوووي ،
ثم نظرت إلى تلك السيدات وهي تلفت انتباهه :
_ شوف عميلت في العتاولة دول ايه هههه علشان تعرف إني جامد قوووي .
ابتسم على مشاغبتها في عز تلك الخناقة ثم أخرج سلاحه المرخص وهـ.ـددهم بالاقتراب من بعضهم وحذرهم من التحرك وطلب الشرطة وبعد بضع دقائق وصلت الشرطة المكان وكانت الواقعة في الترعة استطاعت الخروج منها وتم القبض عليهم وذهب ماهر معهم وأمرها أن ترجع بيتها بعدما فهم منها الظابط المسؤول ووعدته انها ستأتي إليهم صباحاً كي تتهمهم في محضر رسمي وعادت رحمة الي المنزل وهي تشك أن تلك الوجد لها علاقة ،
فقررت أن لاتجلبها لعمران كي ينتقم منها ثم أرجعت الكاميرات و بالفعل وجدت اتفاقها مع هؤلاء النسوة عبر الهاتف وبالتأكيد الظابط سيجعلهم يعترفون بكل شئ خاصة أن ماهر قد وصى عليهم بشدة ولن يتركوهم قبل أن يعترفوا وبالتأكيد سيجدوا مكالمات تلك الوجد بينهم من خلال رقمها والوقوع بها أصبح سهلاً ،
بعد مرور يومان من الهدوء الذي يعم المنزل فعمران يبعد عن سكون كي لاينتبه أحدا لهم ولخناقهم ووالدته ذاهبة إلى العمرة فهو لن يعكر صفو مزاجها ،
وفريدة أتت لسكون في اليوم التالي بالحبوب وخبئتها سكون جيدا كي لايراها عمران ،
والآن أتى موعد سفر سلطان وزينب إلي بيت الله الحرام في أعظم واطهر رحلة ،
وتلك الوجد علمت بأن السيدات لن يفلحوا مع تلك الرحمة الشرسة وداخلها هلع رعبا لذلك قررت أن تذهب لتلك الدجالة بعد مغادرتهم المنزل للسفر مباشرة وسكون مازالت في المنزل وتتعامل مع عمران وكأن الفيديو لم يوثر بها وكل ذلك وهي تزداد حقدا ،
ودعتهم سكون بمحبة نابعة من قلبها ثم خرجا بسيارتهم منطلقين إلي المطار ورحمة معهم ، وبعد ساعة تقريباً وصلا إلى المطار وسلم عليهم عمران بحرارة وهو يودعهم السلامة
و عندما انتهيا من التسليم على عمران جاء دور رحمة سلمت على أبيها بحب وودعته ثم احتضنت زينب وأدمعت في أحضانها وهي الأخرى أدمعت ورددت باشتياق:
_ هتوحشيني قوووي يازوبة مش عارفة هعيش من غيرك إزاي لحد ماترجعي من الحج .
ربتت زينب هي الأخرى على ظهرها بحنو :
_ متعيطيش ياللي تنشكي وتعيطيني معاكي دي أني رايحة للنَّبي الغالي ، وأني لما صدقت ربنا دعاني فرحت ألبيه .
أنهت ماقالته وكلتاهما بكيتا بصوت عالِ بعض الشئ ، ثم طلبت رحمة من والدتها:
_ ادعي لي ربنا يوفقني في حياتي يازوبة ويبعد عني الشر ،
وأكملت بدعابة كي تدخل السرور على زينب :
_ واني اتجوَز ماهر بقي علشان خللت جمبك وشكلي بقى عفش قووي والبنات اللي من دوري اتجوزو وخلفوا بدل العيل تنين وتلاتة واني لساتي قاعدة في أرابيزك يازينب .
لكزتها زينب بخفة على ظهرها ثم جففت دموعها وهي تضحك من مشاغبة تلك الرحمة وأردفت :
_والله هتوحشني مناكفتك يامصـ.ـيبة انتِ ، كنتِ بتهوني علي يومي يامزغودة على قلبك .
غمزت لها رحمة بشقاوة ثم هتفت بدعابة :
_ بس بقى دي انتِ رايحة احسن رحلة في العمر مع أبو السلاطين وهترجعوا سمنة على عسسل ،
وأكملت وهي تغمزها من جنبها :
_ أقول لك يازوبة انتِ تروحي المالديف مع البت مكة وآدم بعد النيولوك دي وتعملي شهر عسل من اول وجديد وتعيشي حياتك يابطل جيلك .
اتسعت عيناي زينب بخجل من مشاغبة تلك الرحمة ولكزتها علي كتفها ناهية إياها:
_ اتحشَمي يابت انتِ ،
وأكملت وهي تتحمحم :
_ اممم … اني لولا إننا كنا مقدمين على الحج قبل جوازته من مخفية الاسم والصورة داي اني كنت عمري ما هروح وياه في اي مكان ،
واسترسلت حديثها بشوق :
_ بس اني رايحة عند ابو فاطمة القلب والروح (عليه الصلاة والسلام) وطالما دعاني هلبيه وهروح لحد باب بيته وادعي بقلبي لحبايبي ، داي زيارة العمر يابتي .
هنا تحدث سلطان:
_ يالا يازينب الطيارة خلاص فاضل وقت بسيط ، بزياداكي يارحمة عاد هنتعطل بسببك .
ودعاهم بقلب ينفطر ألما وفرحا في آن واحد لغيابهما عنهما وسعادة لزيارة بيت الله الحرام ،
بعد نصف ساعة في سيارة عمران فتحت رحمة ذاك التطبيق الموصل بالكاميرات في ملابس تلك وجد وانصدمت مما رأته ،
فجذبت أنظار عمران قائلة :
_ الحق ياعمران اقف على جمب اكده.
اندهش عمران من طريقتها الملحة ثم سألها :
_ مالك ياخيتي في ايه عاد ؟
أجابته وهي توجه شاشة الهاتف أمامه :
_ شوف اكده اللي ماتتسمى داخلة بيت الدجالة اللي شفناه في الصور رايحة تعمل ايه داي في وقت متأخر زي دي ،
تو مابوك خرج من البيت خلعت بنت الجزم في انصاص الليالي.
كان عمران ينظر إليها بقلب يدق بعنف ويود أن يذهب إليهما الآن ويختـ.ـنقهما بيده كي ينقذ العالم من شرهن ،
ثم فكر بسرعة بديهة قائلا وهو ينظر إلى هيئتها المرتعبة وهي تنظر يميناً ويساراً:
_ البت داي مرواحها في الوقت دي وراه مصيـ.ـبة هتحصل واني لازم البسها لها دلوك واخليها تبات في السجن النهاردة هي والدجاله بتاعتها داي .
سألته رحمة باندهاش :
_ كيف يعني دي ! بتفكر في ايه .
لم يكن لديه وقت يشرح لها ماذا يفعل ثم قام بالاتصال على صديقه الذي يعمل في قسم الشرطه ولان الوقت متاخرا اتاه الرد بعد مده وما ان استمع الى رده شرح بعد السلام والتحية :
_بقول لك ايه في حاجة عايز ابلغ عنيها لو ما لحقتهاش دلوك هيحصل كارثة ،
في واحدة دجالة بتعمل اعمال للناس ودلوك في ست لسه داخلة عنديها حالا اني شايفها،
وبعدين المفروض الناس اللي زي داي ما تسيبوهاش تأذي خلق الله واني حاسس ان في مصـ.ـيبة هتحصل هناك دلوك لو ما لحقتهاش يا حضرة الظابط،
اني كنت ماشي بعربيتي وشايفها داخله البيت تتلفت يمين وشمال وشكلها اكده وراها حاجة كبيرة اني قلت أبلغك احنا اصحاب تعمل مُصلحة من وراها الشغلانة داي ويترفع اسمك بين اصحابك .
_ تشكر يا صاحبي احنا اصلا مراقبينها الست داي من بقى لنا كذا فترة اني هخرج دلوك بعربية الدورية ومعايا الامنا بتوعي اشوف اكده الاحوال هناك ايه ومنحرمش من اهتمامك ياصاحبي.
انهي الكلام مع صديقه ثم سأل رحمة التي فهمت كل شي :
_قولي لي يا رحمة هي عقوبة الدجل والشعوذه ايه في القانون لو اتمسكو متلبسين دلوك ؟
اجابته سريعا:
_دي اقلها تلت سنين سجن ،بس براوة عليك يا عمران استغليت الوقت الصح اللي اتكلمت فيه مع الظابط بس يا رب ما تفلت وتخرج من عنديها قبل الظابط ما يروح بدوريته يوبقى كانك يا ابو زيد ما غزيت .
ثم انتبهو الى الهاتف عندما سمعوا صوت وجد وهي تتحدث بنبرة عالية مع تلك الدجالة قائلة لها :
_ يعني مش عارفه جايه لك ليه دلوك يا نصابة يا حرامية اطلعي بال 40 الف جنيه اللي خدتيهم مني وما عملتيش بيهم حاجه ده انا هخلف فضيحتك مسمعة في الكفر كلياته .
انقلبت معالم وجه تلك الدجالة وهي تهدر بها بحدة :
_ تك فلسة في جنابك يامرة ياسو انتِ ، غوري يابت من اهنه ملكيش ربع جنيه حداي كفاية اللي كان هيجرالي بسببك .
_ نعم نعم ياعمر دي اني هاخد فلوسي منك وياقـاتـ.ـل يامقتـ.ـول النهاردة.
ثم ظلت كلتاهن تلقي سبابا لاذعا للاخرى واشتد الخناق بينهما اكثر من نصف ساعه وانتهيا على ان امسكت وجد تلك الحديده الموضوعه على المنضده وبطحت كل الدجاله في راسها اكثر من مره مما جعلت الدماء تسيل منها وهي تردد بهوجاء:
_ مش هسيبك ياولية إلا لما تديني فلوسي ياحرامية يانصابة .
وظلت تبطحها على رأسها حتى فارقت روح تلك الشريرة الحياة والأخرى تهذي بكلمات من الغل المعتادة عليه وكأن نـ.ـار الانتقام من عمران وأخته وأمه تجمعت أمام عينيها الآن ثم دخلت الشرطة المكان وهي تبطحها للمرة الأخيرة حتى قسمت رأسها إلى أشلاء لم يعرف عددها فقامو بالقبض على تلك الوجد سريعاً وكل ذلك وعمران ورحمة يشاهدون ذاك المنظر بقلب مشمئز من هاتان المرآتان ومنظر الدمـ.ـاء جعلهم في موقف يحسدون عليه .
- •تابع الفصل التالي "رواية من نبض الوجع عشت غرامي" اضغط على اسم الرواية