رواية جوازة ابريل الفصل العشرون 20 - بقلم نورهان محسن
إذا كان هناك مقارنة أو اختيار بين كرامتك وكرامة شخص آخر ، فمن الأفضل أن تعطي كرامتك الأولوية على كرامته ، ومن الطبيعي أن الرجل لن يتخلى عن كل الإغراءات من حوله من أجل المرأة التي لا تهتم بكرامتها ، وعلى العكس من ذلك فإن الرجل يصبح أكثر إثارة ولهفة أمام المرأة ذات كرامة وكبرياء ، لذلك لتكن كرامتك فى المقام الأول ، وهي الأولوية بالنسبة لك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحدث باسم بنبرة جادة : شوفي هخش في الموضوع بقي ومن غير مقدمات
رفعت لميس وجهها إليه ، وسألته بحيرة : موضوع ايه دا شغلت بالي!!
تابع باسم يجيبها بذات النبرة : في واحد صحبي معجب بيكي .. هو من يوم ما عرفته وهو جد و دغري جه وصارحني بمشاعره دي ناحيتك وطلب مني اكلمك واعرف رأيك عشان عايز يتقدملك رسمي
انمحت ابتسامتها تدريجيا ، ولجم لسانها من الصدمة ، ولم تستطع الرد ، وشعرت كأن نصل حاد انغرس في قلبها ، مم تزعزع ثباتها وتشتت كيانها غير مصدقة ما سمعته منه للتو.
_صاحبك مين؟
همست لميس بهذا السؤال ، وهي تحاول استعادة رباطة جأشها أمامه ، والخروج من حالة الصدمة ، فأجابها بنبرة عادية : انتي شوفتيه في كذا مناسبة قبل كدا اسمه خالد بكر
ضاقت عيناها عندما لاحت صورة خالد المشوشة في ذاكرتها ، ثم قررت بسرعة الاعتراض : بس انا...
قاطعها باسم بجدية ، وهو يرفع كفه أمامه : انا مش عايز منك اي رد دلوقتي يا لميس .. اقعدي مع نفسك و فكري علي مهلك
أضاف باسم بصوت واثق : اللي عايزك تعرفيه كويس .. انا لو مش متأكد من جديته وانه فعلا انسان كويس اوي .. مستحيل كنت هكلمك عنه يا لميس
هزت رأسها بنفى ، مرددة بعدم اقتناع : باسم انا مش بفكر في الموضوع دا دلوقتي
تكلم باسم بإصرار هادئ : يمكن جه الوقت اللي تفكري
واصل حديثه بصوت حنون ، وهو يمسك يدها بلطف ، ويلقي نظراته الدافئة على ملامحها المرتبكة بألم حارق مما قاله دون أن يدرك شيئا عن مشاعرها تجاهه : انا مش هجيب سيرة بالموضوع لعمي فخر الا لما اعرف قرارك النهائي .. وعايزك تعرفي انك عندي في معزة هالة بالظبط واي حاجة تخصك تهمني .. ولو انا مش متأكد انك هتبقي مبسوطة مع خالد ماكنتش دخلت نفسي طرف في الموضوع
_توعديني تفكري بجد المرة دي
صعدت لميس بعسليتها المرتجفة بإضطراب من الأرض ، حتى وصلت إلى رماديتيه المنتظرة ، تتأمل ابتسامته المهلكة بجمود ، ومرت عدة ثوان قبل أن تهز رأسها بالإيجاب.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في نفس التوقيت بالمنصورة
داخل منزل تحية
_مين اللي تليفونها مقفول؟!
رفع الجميع أعينهم نحو أحمد الذي دخل للتو ، فأجابت تحية على سؤاله بصوت أبح : دي ابريل يا احمد يا بني
اتسعت عيناه بلهفة فور سماع اسمها ، ملاحظاً القلق الواضح علي تعابيرها ، فسأل بسرعة دون تحفظ : في ايه ومالها ابريل!!
رفعت تحية كتفيها في جهل ، ونظرت له حيرة جالية على وجهها ، لتخبره بصوت مهزوز : قلقانة عليها حاسة ان فيها حاجة .. قلبي مقبوض من صلاة الفجر امبارح المفروض كانت هتكلمني بعد ما تخلص البتاع اللي بيعملوا لفستان العروسة تاه اسمه ...
فركت تحية جبهتها بتفكير ، فقالت صابرين سريعاً ، تتبع والدتها في الحديث : بروفة الفستان
أومأت تحية بالإيجاب عدة مرات ، وقالت بتوتر : ايوه هو دا بس ماكلمتنيش .. انا خايفة تكون تعبت واحنا هنا منعرفش عنها حاجة
وضعت زينب يدها على خدها غير راضية ، رافعة جانب فمها بسخرية صامتة ، بينما ردت صابرين ، وهي تربت على يد أمها برفق ، خوفاً من شعورها بذلك الدوار الذي ينتابها دومًا عند القلق : لا يا ماما ان شاء الله تكون كويسة ومجرلهاش حاجة
جلس أحمد بجوار تحية ، فنظرت إليه متوسلة ، وهي ترفع أصابعها المتجعدة فوق صدرها على موضع قلبها ، وقالت بصوت ضعيف متلعثم : مش مطمنة يا ولاد .. بالله عليك يا احمد شوفهالي كلمها .. حاول اوصلها عشان اطمن .. انا مش هرتاح غير لما قلبي يطمن عليها واسمع صوتها واشوفها بعيني كويسة
مسح احمد على ذراعها بحنية ، متحدثاً بجدية : طيب اهدي بالله عليكي يا ستي .. انا هتصل علي عم سعيد الراجل دا اللي بيشتغل عندهم رقمو متهيألي معايا
تهللت أسارير تحية بعد كلامه ، بينما لوت زينب شفتيها ، لتعلق بعدم اقتناع ، وهى تشعر بالغيرة من لهفة ابنها التي لن تتغير عند ذكر سيرة تلك الفتاة ، حتى بعد مرور تلك سنوات ، فهى تخلصت منها ولن تسمح لها بالعودة إلى حياتهم : و دا معقولة الكلام يا احمد دا من سنين مديك الرقم .. زمانه غيرو دلوقتي
خرج صوت تحية مرتعش يحثه على تنفيذ ما قاله : جرب يا احمد و طمني الله يخليك يا بني
أومأ برأسه موافقا ، ليطمئنها بصوت رجولي مليئ بالثقة : ماتقلقيش يا ستي خلاص انا هتصرف .. اذا انهاردة ماعرفتش اوصلها .. من النجمة هنزل علي مصر واروحلها عند ابوها .. واطمنك عليها ..
تحولت نظراته الحانية نحو تحية إلى أخرى قاسية يستوطنها الوعيد ، يليها قوله بنبرة قوية وعميقة : بس اذا كان حد منهم عمل ليها اي حاجة او مسها بكلمة مش هيكفيني فيهم رقبتهم كلهم ساعتها
شحب وجه نادية فور سماعها هذه الكلمات ، وحملقت به بعينين لامعتين تهددان بسيل جارف من الدموع الحارقة بألم وغيرة ، لكنها خفضت بصرها أرضاً ، وصرت على أسنانها بقوة ، محاولة الحفاظ على هدوئها في حضور الجميع.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
خلال هذا الوقت
بدأت شمس اليوم بالغروب ، وأسدل الشفق الأحمر ستائره على الكون.
فى منزل دعاء
قال عز بمرح ، وهو يدخل المنزل بعد أن فتحت دعاء لهم الباب : مساء العسل علي عيونك يا ديدو
قبلت دعاء خده ، واستقبلته بابتسامة : اهلا وسهلا يا حبيبي
صافحتها منى بكياسة : مساء الفل يا ديدو
بادلتها دعاء التحية بمثلها ، ثم أشارت بيدها تحثهم على الدخول ، فسأل عز بحيرة : انتي ليه بتفتحي الباب اومال فين ثرية ؟!
أجابت دعاء بسلاسة بعد أن جلست على كرسي فاخر المنظر : ثرية مش موجودة اديتها اجازة امبارح
جلسوا في مواجهتها على الأريكة ، مد عز ذراعه على حافتها بعد أن فك أزرار بدلته الكحلية الفخمة ، وقال مستفسراً : اشمعنا في حاجة ولا ايه؟! ماهي كانت اجازة من كام شهر عشان جوازها
جلسوا في مواجهتها على الأريكة ، مد عز ذراعه على حافتها بعد أن فك أزرار بدلته الكحلية الفخمة ، وقال مستفسراً : اشمعنا في حاجة ولا ايه؟! ماهي كانت اجازة من كام شهر عشان جوازها
رفعت دعاء قدماً فوق الأخرى بحاجب مرفوع ، وعلقت بخبث خفي : اصلها عقبال عندكم عرفت انها حامل امبارح
وزعت أنظارها بينهما في نهاية عبارتها ، فقالت مني مبتسمة : فعلا الف مبروك ربنا يتمملها علي خير
قامت دعاء بتمرير أناملها على خصلات شعرها ، بينما تُكمِل بذات النبرة : يارب يا حبيبتي
تمتم عز بإندهاش : معقولة بالسرعة دي
أخبرته دعاء بنبرة هادئة ، وهى تبتسم بسخرية : وليه مستغرب دي طلعت حامل في اول الشهر التالث يعني من يوم دخلتها تقريبا
كلماتها أشعلت شيئاً مختبئاً داخل منى ، التي أرادت تحطيم شيء ما من أجل تهدئة الغضب الكامن بأعماقها تجاه حماتها ، التي تعرف الآن سبب تصرفاتها ، لكنها حافظت على ملامحها غير متأثرة بأي شيء ، رغم شعورها بالانكسار ، قائلة بابتسامة هادئة : ربنا يتمملها علي خير
هتف عز مبتسما ، غير مدرك لحرب النظرات الباردة بين المرأتين : مبروك عليها هي و مختار .. هبقي اكلمه اباركلهم
دعاء بتأييد : ايوه واجب .. ثرية طول عمرها متربية في البيت دا وانا بعتبرها مننا واخاف عليها تتعب يجرالها حاجة اشيل ذنبها
عز مستفسراً : اكيد طيب ناوية علي ايه!! تحبي اشوفلك واحدة تخدمك لحد ما ثرية تولد
سارعت تهز رأسها بالنفى ، وأخبرته بنبرة رقيقة : لا يا حبيبي انا كلمت المكتب وهيبعتلي وحدة بكرا ..
.. يلا هروح اكمل لبسي و اجيلكم مش هتأخر
قالت كلامها الأخير ، وهى تنهض من مقعدها ، وتغادر المكان وعلى وجهها ابتسامة منتصرة ، غير مشفقة على حال الأخرى التي يغمرها شعور سيء بالحرمان والعجز ، بينما صاح عز وهو يضحك من خلفها دون أن يلاحظ جمود ملامحها زوجته المؤلمة ، ولا الدمعة التى فرت هاربة من عيناها : قولي يعني فيها ساعاية كدا
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في حوالي الساعة الثامنة مساءاً
داخل فيلا فهمي الهادي
داخل المطبخ
_برده ماكلتش يا تقي؟
ووجهت خديجة هذا السؤال لابنتها التي اقتربت منها بخطوات هادئة.
وضعت تقي صينية الطعام على الطاولة المستطيلة وهي تهز رأسها بالنفي ، سألتها خديجة مرة أخرى في حيرة : طيب والعمل؟
نفخت تقي خدودها ، وهي تجلس على الكرسي بإرهاق وأسندت خدها على قبضتها ، وأجابت بملل : انا غلبت والله فيها .. طول اليوم بتحايل عليها عشان تاكل و مش راضية يا ماما بصراحة زهقت
قالت خديجة بهدوء ، وهي تنظر إلى قالب الكيك داخل الفرن : خلاص سيبيها .. مصيرها تاكل يعني هي هتفضل صايمة لحد امتي يعني ؟
واصلت تقي باندفاع مغتاظ : انا اللي فرسني اوي ان كلهم راحو يتبسطوا وسايبنها ولا سألوا فيها حتي يوسف قال هيجي يغير هدومه عشان يروح الحفلة ويعدي يطمن لها و لحد دلوقتي ماجاش ايه الاخوات دي
جلست خديجة بتمهل بجوارها ، وتكلمت بتحذير : تقي احنا بنشتغل هنا وبس .. ماينفعش ندخل في حياتهم هما احرار في بعض مالناش فيه ..
نظرت تقي إلى الأمام فى تفكير ، قبل أن تلتفت إليها فجأة ، وتقترح بنبرة حماسية : طيب ايه رأيك لو اتصل بأستاذ مصطفي واحكيلو اللي بيحصل دا يمكن يتصرف
وبخت خديجة إبنتها البلهاء بحنق : يا غبية اذا كان مدام سلمي عملت دا كله بسببه عشان خايفين لا تكلمو هي وتقولو علي فسخ خطوبتها منه بعد اللي عرفته امبارح .. تقومي عايزة تخليها تكلمو يبقي عملنا ايه بوظنا الدنيا؟!
ضربت تقي جبينها بخفة ، ضاحكة علي نفسها ، قائلة بتأييد : ايوه صحيح تاهت عن بالي فين دي
هزت خديجة رأسها بيأس ، وتنهدت بقوة لتخبرها بهدوء : اسمعي شوية كدا وابقي حاولي معاها تاني .. ولا اقولك ابقي خلي عم سعيد يكلم معاها هي بتكبره
_حاضر ربنا يسهل
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى حديقة فيلا صلاح الشندويلي
تشرف وسام الآن بسعادة غامرة على كافة تفاصيل حفل خطوبة ابنتها الصغيرة ، مع أحد منظمي الحفل التي تتميز بالقدرة على العمل تحت ضغط شديد ، والتعامل مع أي ظروف طارئة دون أي توتر ، اختتمت كلامها بهدوء : كل حاجة تمت زي ما حضرتك طلبتي يا وسام هانم بالظبط والباند وصل كمان في معاده
أومأت وسام لها برأسها مؤكدة صحة حديثها بابتسامتها الجميلة التي أظهرت غمازتين محفورتين على خديها ، وجالت ببصرها حولها في المكان ، لتعلق بإعجاب : بجد تسلم ايدك يا شهد .. كل حاجة مظبوطة زي ما كنت عايزاها و الديكورات طالعة ممتازة
ابتسمت لها شهد قائلة بكياسة : شهادة اعتز بيها من حضرتك طبعا .. عن اذنك هروح اشوف باقي التيم
إستأذنت شهد بلباقة ، فوافقت وسام باسمة الثغر : تمام اتفضلي
_ يا سمسمة
اتسعت ابتسامتها ، عندما رأت دعاء تتقدم مع عز ، وهى تتأبط ذراعه عز ، وحين اقتربا منها قالت بعتابًا ليناً : اخيرا جيتو يا دعاء .. ايه التأخير دا كله!!
بررت لها دعاء ، وهي تقبلها على خديها : معلش يا روحي ماتزعليش مني علي ما عز ومراته عدو عليا وجيت معاهم
غمز عز بطرف عينه ، متهللاً بإعجاب : ايه الشياكة الفظيعة دي!! كدا هتغطي علي العروسة بحلاوتك يا سوما
ضحكت وسام خجلاً من مجاملته اللطيفة ، فى حين جال عز بنظره في الحديقة قبل أن يسأل في حيرة : اومال فين العريس وفين باسم مش شايف حد ليه!!؟
هزت وسام كتفيها ، وأخبرته ببساطة : ياسر هتلاقيه مع عمك صلاح كانوا بيكلمو مع بعض من شوية .. وباسم لسه مانزلش من اوضته
اومأ عز برأسه في تفهم ، وهتف بحماس : تمام .. اما اروح اشوفه الاول
رمشت وسام بعينيها تستفسر بذهول : اومال فين مني!!
أجابها عز قائلا : طلعت تسلم علي عروستنا فوق
لوح عز لهم فى خاتمة كلامه قبل أن ينصرف من أمامهم ، نظرت دعاء نحوها وعلقت بسعادة : الف مبروك يا روحي وربنا يسعد هالة وعقبال ما يشدو حيلهم كدا ويحددو معاد الفرح
ردت وسام بإبتسامة ساحرة : الله يبارك فيكي يا حبيبتي .. ويسمع منك ربنا امين
تحدثت دعاء مبتسمة بإقتراح : يلا تعالي خلينا نشوف اخبار البوفيه ايه؟!
أوقفتها دعاء ، وركزت عينيها على بعض الأشخاص الذين بدأوا بالوصول إلى الحديقة ، فالتفتت حولها ، تبحث عن شخص ما ، ثم أضافت مبتسمة بهدوء : صلاح شكل الكلام واخده .. والمعزيم بدأو يكتروا .. روحي انتي استقبليهم .. وانا هشوف البوفيه بنفسي
لمعت عيون وسام بابتسامة قبل أن تقول بامتنان وحب : مش عارفة اقولك ايه ميرسي خالص يا دودو .. بجد كنت محتاجكي معايا من بدري
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في غرفة ابريل
داخل الحمام
تقف ابريل تحت الفوهة المعدنية ذات الثقوب الصغيرة ، بينما كان يتدفق منها ماء وافر ، ممزوجًا بدموعها ، ويرتجف جسدها بشهقات باكية مليئة بمرارة القلب ، فلم تعد قادرة على السيطرة على نفسها أكثر ، رغم محاولاتها العديدة للصمود ، لكنها في النهاية استسلمت للانهيار ، وربما كان من الأفضل لها أن تنهار الآن بدلاً من أن تخفي ما تشعر به من حزن وأسى في قلبها الملكوم ، فيزداد الأمر سوءاً.
عضت ابريل على شفتيها ، وازدادت دموعها ، مصحوبة بالتنهدات المؤلمة ، قبل أن تلهث بضيق من النشيج الذي سيطر على صدرها رفعت وجهها لتستنشق البخار المتصاعد في مقصورة الاستحمام ، مما أدى إلى فتح قصباتها الهوائية ، فساعدتها على التنفس بشكل جيد قليلاً ، وهدأ تنفسها تدريجياً.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى غرفة هالة
انتهت خبيرة التجميل أخيرًا من وضع اللمسات الأخيرة إلى هالة التى كانت تجلس أمام مرآة الزينة ، ثم ما لبث أن دلفت منى إلى الداخل لتنظر إليها بإعجاب ، وهتفت بحماس : هيوووش .. ايه القمر دا بس .. الف مبروك يا حبيبتي
قامت هالة من مقعدها ، وذهبت إليها ، وعانقتها بحب : الله يبارك فيكي يا مني .. كدا برده كل دا تأخير هو دا اللي هتبقي معايا من بدري
تلاشت ابتسامتها عندما سألتها بعبوس لطيف ، فأمالت منى رأسها ، وهي تقول معتذرة : ماتزعليش عارفة اني وعدتك بس غصب عني
جاءت لميس التي كانت تتحدث مع إحدى الفتيات التي تملأ الغرفة لترحب بها بود ، وقبلتها على خدها بابتسامة جميلة : ازيك يا لموسة وحشتيني عاملة ايه؟
بادلتها مني التحية بلطافة : بخير يا منوش .. وانتي كمان وحشتيني .. حمدلله علي سلامتك
استطردت مني تقول بإعجاب ، وهي تتأمل فستان هالة : بس ايه الجمال دا كله بجد زي القمر في الفستان ماشاء الله اللهم لا حسد
استطردت مني تقول بإعجاب ، وهي تتأمل فستان هالة : بس ايه الجمال دا كله بجد زي القمر في الفستان ماشاء الله اللهم لا حسد
أخبرتها هالة بنبرة سعيدة ممزوجة بالخجل ، وعلى وجهها ابتسامة رائعة الجمال : ميرسي يا روح قلبي .. ماتحرمش منك .. انتي اللي تجنني وفستانك جميل
ابتسمت مني قبل أن تقول بهمس : بقولك ايه عايزة منك حاجة كدا
هالة بإهتمام : اكيد اللي انتي عايزاه
صاحت احدي الفتيات من خلفها : هالة يلا مش هتنزلي العريس تحت بيسأل عليكي
التفتت هالة لها مسرعة ، وأخبرتهم مؤكدة ببسمة مجاملة : نازلة نازلة .. دقايق وهكون تحت .. يلا انزلو انتو يلا علي تحت وانا هحصلكم
_ماشي يا عروسة
بعد خروج الجميع
دققت هالة النظر بملامحها المتوترة ، ثم استفسرت بفضول : ايه الحكاية!؟
سألتها مني بدون مقدمات : فاكرة الفستان اللي كنتي اشترتيه من فترة ولاقيتيه ضيق عليكي
قطبت هالة حاجبيها ، ونطقت بالإيجاب وسط حيرتها : اه فاكراه مالو
_انا عايزاه هلبسوا
لم تمنع هالة لسانها من السؤال بشك ، حيث أن جسد منى ممتليء عنها قليلاً ، فكيف إذن سترتديه : انتي متأكدة انه هيناسبك .. وبعدين مالو فستانك؟
_فستاني
كررت مني الكلمة الأخيرة بابتسامة ممزوجة بمكر مبطن ، عندما تدحرجت عينيها إلى الطاولة وسارت نحوها ، التقطت كوبًا من العصير مملوءًا إلى المنتصف في قبضتها ، ثم بحركة سريعة سكبت القليل منه على فستانها ، أعقبته شهقة فلتت من هالة المتفاجئة ، فغمغمت منى بصدمة مصطنعة ، وهى تعض شفتها : اتكب عليه العصير
نظرت لها هالة بعينين جاحظتين مذهولة من تصرفها المجنون ، وظلت متجمدة في مكانها غير قادرة على الرد.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
عند ابريل
مرت دقائق كثيرة ، لا تعرف عددها ، وهي لا تزال واقفة تحت الماء ، لكنها عندما انتبهت كانت ترتعش بعنف ، فتحركت لتخرج من المقصورة ، وتجفف جسدها بقوة محاولة ضخه ببعض الدفء ، وأحاطت نفسها بالمنشفة ، تاهت عيناها الفيروزيتان في الفراغ لحظات ، ثم توجهت بخطوات غير ثابتة ، وجسدها لا يزال يرتجف طلبا للدفء ، وشعرها الأشقر يتساقط منه قطرات الماء على كتفيها.
ووقفت أمام مرآة الحمام بقصر قامتها ، وضمت قبضتها إلى صدرها ، لتمسك المنشفة بإحكام حولها ، وبالأخرى تزيل البخار حتى ظهرت ملامحها الشاحبة في المرآة.
ظلت تنظر إلى عينيها الحمراوين بخواء ، وتشعر أن روحها قد جفت مثل أوراق الشجر الذابلة ، ولم يكن هذا الشعور غريبا عليها ،فقد إعتادت منذ زمن طويل على فقدان الأشياء ، حتى أنها أصبحت تخاف من التعلق ، ثم تصدم ببعدها عنها ، لذا دائما تجعل مساحة أمنة بينها وبين الآخرين حتى تخفف عنها الصدمات.
تحدثت الى نفسها عبر المرآة بصوت مبحوح بينما تنهمر دموعها بقوة : كنتي مستنية ايه .. اذا كان اللي جابوكي للدنيا ماتحملوش مسؤليتك بعد ما كانوا السبب في وجودك فيها وعاشوا سنين ماسألوش عنك..
عادت ابريل من زحمة أفكارها ، تتنهد بعمق وتحرك رأسها بالنفى، وكأنها ترفض أن تنقاد خلف مشاعرها السلبية التي لن تجدي نفعاً سوى الألم وفقدان ما تبقى من روحها ، وإهدار الوقت على من لا يستحق.
رفعت رأسها في كبرياء ، وقطرت الماء فبللت رقبتها ، فالدموع أضعف من أن تهدم أي شيء ، لكنها تدمر من يذرفها إذا أصرفها بكثرة على ماضي لن ينفعه ، ثم من أجل كل هذا البكاء ، هل من أجل مصطفى الكذاب الذي تلاعب بها ولم يكن لها قطرة واحدة الإحترام ، أم من أجل أحمد الذي لم يهمه سوى كمية التنازلات التي ستقدمها له من أجل إثبات حبها له ، من الآن فصاعدا ، لن تسمح لأحد بخداعها مرة أخرى.
هدأت ابريل قليلا من نوبة البكاء ، وارتاحت لأنها أفرغت شحنة الغضب والتوتر من داخلها ، حتى تتمكن من التفكير السليم لتنفذ الفكرة التي اهتدت إليها بهدوء وثبات إنفعالى.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد حوالي نصف ساعة
في الحفلة
ضحكت هالة معهم بخفة قبل أن تتساءل بتذكر : اومال فين خالد يا باسم هو لسه مجاش ولا ايه؟
أخبرها باسم بتأكيد : زمانه علي وصول .. هو علي طول منضبط في مواعيده
قهقه خالد بخفة متعجباً بسخرية : سبحان الله خالد دا علي عكسك تماما .. والله ما اعرف انتو ازاي صحاب لدرجة دي وانتو مختلفين في كل حاجة كدا
_سامع حد جايب سيرتي
قالها خالد بضحكة رجولية ، وهو يقترب منهم وهو يرتدي بدلة أنيقة ذات لون زيتي يتناسب مع عينيه العشبيتين ، مما يجعله وسيمًا للغاية بملامحه الحادة ، فهو يتمتع بحضور قوي وكاريزما ملفتة للنظر.
صوب باسم عينيه نحوه وتشدق هازئاً : اخيرا الجنتل شرف
صوب باسم عينيه نحوه وتشدق هازئاً : اخيرا الجنتل شرف
تجاهل خالد الرد ، ورسم على وجهه ابتسامة جعلته جذاباً جداً ، وصافح هالة بلطف : الف الف مبروك يا هالة .. ربنا يسعدك
شكرته هالة بابتسامة رقيقة : الله يبارك فيك ميرسي يا خالد
أردف خالد بمعالم محرجة بعض الشيء : معلش اني اتأخرت والله الطريق كان زحمة موت
باسم بنبرة لا تخلو من الشماته : ماقولتلك تعالي من بدري انت اللي اتهربت
رمقه خالد بنظرة تحذيرية ، ثم سرعان ما غير مسار الحديث بذكائه المعهود : اومال فين العريس!! انا ماسبقليش اني شوفته واتعرفت عليه
سارع عز بالقول في حنق : بيرقص مع البيست فريند بتاعته والله ما اعرف هو خطيب لمين فيكو بالظبط؟!
أنهى عز كلامه بسخرية مليئة بالازدراء ، فسلط باسم بصره على هالة بنظرة حادة ، ثم هتف بنبرة جافة مليئة بالتحذير : علي فكرة انا ماسك نفسي عشانك .. بس دا مش معناه ان الموضوع عجبني .. اذا الكلام دا مقدرتيش تحطلو حد هتتعبي معاه وانا مش هستني دا يحصل ف ماتزعليش من اللي هعمله بقولك كدا قدامهم
حملقت هالة فيه بشيء من الارتباك دون أن تقول أي شيء ، فحذره خالد بصوت منخفض : وطي صوتك الناس حوالينا يا باسم
وضع خالد يده على كتفه في نهاية كلامه ، مما جعل باسم يدفعها بعيدا عنه ، ويواصل حديثه مزمجراً بسخط حانق : انت مش عارف حاجة يا خالد .. فين كرامتك و ردك علي التهريج اللي بيحصل دا؟!
استنشق باسم كمية لا بأس بها من الهواء ، محاولاً السيطرة على أعصابه ، والتحكم فى انفعاله ، حالما رأى البريق الدامع في زرقاوتيها الداكنة ، ليخبرها بهدوء نسبياً : هالة انا مش هزعلك وهعدي الليلة دي .. بس بعد اللي بشوفه من خطيبك دا هركزلو اما نشوف ايه اخره؟!
أومأت هالة بنظرة حزن ، والغضب يعتريها من نفسها ، لتدير وجهها بعيدًا ، لقد كانت غبية حقًا عندما اعتقدت أن الأمور بينهما أصبحت جيدة إلى حد ما ، ليفاجئها اليوم بتصرفات استفزازية لا يجب أن تسكت عنها ، فيما لاحظ عز وجهها الجميل المتكدر ، فصاح منزعجاً بصوت حاسم : ما خلاص يا باسم
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد قليل
عند باسم فى الحديقة
أطلق باسم زفيراً بسأم وعدم فهم ، وهو يجري المكالمة العاشرة والخط لا يزال مغلقاً ، لكن سرعان ما افترقت شفتاه بابتسامة عابثة ، حالما لاحظ خالد ينظر حوله يميناً ويساراً.
تقدم باسم نحوه واضعاً يده على كتفه ، ووقف أمامه محدقاً إليه بعين خبيثة متصنعاً الجهل وهو يسأله ببراءة زائفة : بتدور علي حد قولي وانا اساعدك؟!
تمتم خالد ببرود ، وهو يعقد حاجبيه : مفيش فكك مني
أجاب باسم على سؤاله الذي لم يقوله ، لكنه يفهمه جيدًا دون حاجة إلى الكلام : شكلها مش في الجنينة علي فكرة
زفر خالد بضيق واضح ، قائلا بإنزعاج من بين أسنانه : مش ناقص لذاذتك يا باسم
_طيب طيب كنت بحاول افكك يا متنشن
قال باسم ذلك ، وهو على وشك المغادرة ، فهتف خالد وهو يزيل قناع الجمود عنه ، ليسأله بلهفة : رايح علي فين!! ماقولتليش ردت قالتلك ايه؟!
_لسه هتفكر يا لحوح .. ومالك كدا اتقل شوية ما انت علي وضع السيلنت بقالك كتير .. خليني اروح اشوف رزان دي كمان اتأخرت كل دا ليه .. برنلها من الصبح ومش بترد عليا
أنهى باسم كلامه بتعبير محير على وجهه ، وهو ينظر إلى هاتفه ، ليحدق إليه خالد بنظرة شماتة ، وتمتم بنبرة ذات معنى : يمكن ربنا بيحبها و نوت ماتجيش
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد فترة زمنية وجيزة
عند باسم
ركب سيارته وأدار المحرك ، وغادر المكان بأقصى سرعة.
أحاط باسم بمقود السيارة براحتيه المرتعشتين ، محاولاً السيطرة عليهم ، وهو لا يعرف إلى أين يجب أن يذهب ، لكنه يدرك فقط أنه بحاجة إلى الابتعاد عن هنا على الفور حتى لا يراه أحد من عائلته في تلك الحالة ، ولا يزال يرن في أذنيه صفير مستمر ، وضربات قلبه تدوى بلا هوادة ، ليطلق من بين شفتيه زفيرًا طويلاً يخرج معه كل ما بداخله ، فما حدث ليس هيناً ، لقد كان على وشك أن يقتـ*ـل منذ فترة وجيزة على يد تلك المعتوهة.
خرج باسم من دوامة أفكاره القاتمة عندما ظهرت أمامه في منتصف الطريق ، في حين التقطت مسامع ابريل صوت ضجيجًا خلفها ، فعكست حدقيتها المتسعتان برعب ، المصابيح الأمامية للسيارة القادمة نحوها ، وأدركت بغباء أنها كانت تقف في منتصف الطريق.
حاولت ابريل التحرك ، لكنها شعرت بجمود ساقيها من الخوف ، حيث أنها أوشكت تصطدم بها ، فغطت عينيها بكلتا يديها ، لترخي قدميها ، مستسلمة لإنهاكها وهي تهوى أرضاً.
أوقف سيارته بقوة فى اللحظة الأخيرة ، ممَ جعل المكابح تصدر صريرًا عاليًا أثر إحتكاك العجلات بالأرض ، ولم يفصل بين سيارته وبينها سوى بضعة إنشات فقط.
إنتهت أخر لمحة من لقطات الماضى
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
✾عودة إلى الوقت الحاضر✾
_هي الانسة تبقي خطيبتك؟
سرعان ما نفى باسم ما يعتقده هذا الأحمق : انا..
قاطعت ابريل كلماته على الفور ، وهي تتأبط ذراعه ، متشبثة به كالغارق الذى يعلق أمله في قشة لينجو من الهلاك ، ثم تدفقت الكلمات من فمها بسلاسة ونعومة : انا وباسم مكناش عايزين نعلن الفترة دي عن حاجة
حملق بها باسم بنظرة استنكار مغمورة بالدهشة ممَ تتفوه به تلك المخلوقة ، فيما صاح صوت أنثوي مستفسرًا : نفهم من كدا ان في ارتباط مابينكم من مدة؟
يتبعها شخص آخر يبتسم ، ثم عقب بتساؤل : نحب نعرف إسمك ايه يا فندم؟
: انا الباشمهندسة ابريل الهادي .. خطيبته..!!
قالت ابريل ذلك بكبرياء وثقة عاليين ، والإبتسامة تنفرج على ثغرها ، ممَ جعل عيون الجميع تتسع في دهشة ، ثم تساءل أحدهم بابتسامة عريضة : صحيح الكلام دا يا استاذ باسم؟!
لم يرد عليه باسم ، بل أنه ظل متجهمًا دون رد فعل ، مندهشًا من جراءة تلك الشقراء التي لم يتجاوز رأسها كتفه ، فيما إزدردت الأخرى ريقها ، وكادت حصونها الزائفة أن تتبخر في الهواء من نظراته المتجمدة عليها ، والتي اندلعت منها الصدمة والاستنكار ، لتتأكد بما لا يدع مجالاً للشك أنها ارتكبت خطأ فادحاً.
_الف مبروك .. دا خبر جميل جدا
استغلت أبريل صمته ، لترد مكانه بنفس الابتسامة الواثقة : ميرسي اوي
_عايزين نعرف ازاي اتعرفتو علي بعض اللي بدأت بيها قصة حبكم و بقالكم قد ايه مرتبطين
_قررتوا ترتبطوا امتي وامتي اول مرة حسيتي انك بتحبيه
_ايه سبب عدم ظهورك معاه وليه ظهرتي انهاردة تحديدا
أصابها الارتباك من كثرة الأسئلة التي انهالت عليهم دفعة واحدة ، بينما باسم فك عقدة حاجبيه تدريجياً ، وهو يرد بسرعة بديهة : هنعمل انترفيو في احد القنوات الفضائية .. وهنتكلم عن قصة حبنا لبعض بالتفاصيل .. مش كدا يا حبيبتي؟!
قال باسم الجملة الأخيرة ، وهو يلف ذراعه حولها ليضمها إليه ، يتولى عنها زمام الأمور ، وجاراها فى لعبتها الخطيرة أو بالأحري قرر التفوق عليها بالكذب أيضاً.
تجمدت أبريل في أرضها ، والارتباك ملأ كيانها بالكامل فور أن فعل ذلك ، ثم ما لبث أن تأملته بنظرة واثقة ، وأضافت بثبات زائف وابتسامة متوترة : ااا اكيد طبعا يا حبيبي .. دي احلي حكاية حصلتلي في حياتي
أومأ باسم برأسه مؤكداً بابتسامة خبيثة ، ليسأل أحدهما بفضول : وامتي الانترفيو؟!
ابتسم باسم له بارتياح ، مشددًا على احتضانه لها ، ووضع يده اليمنى داخل بنطاله ، مجيبًا بدهاء غامض : هنعلن عنه قريب اوي
استغل باسم تشتيت أفكارها المضطربة من قربه ، ليدنو برأسه مستهدفة شفتاه الدافئة خدها الناعم بقبلة خفيفة ، فرفعت عينيها المتسعتان بصدمة من جرأته ، وهناك حرارة غريبة تسللت إلى وجهها تلهبه ، وأصبحت نبضات قلبها أكثر ارتباكًا ، فتمتمت بعدم تصديق : ايه اللي عملته دا؟
وضع باسم أصابعه الطويلة تحت ذقنها ، يحاول تثبيت فيروزيتيها المستهجنة فى رماديتيه الذائبة كالفضة بنظرات شغوفة مزيفة أتقنه باحترافية ، مصحوباً بنبرة صوته الحالمة الهامسة مفعمة بالغرام : ايه بس يا حياتي .. ماتتكسفيش .. انا عايز الكل يشهدوا علي هيامي فيكي
احمرت وجنتاها من الحرج والغضب من تصرفاته ، ورسمت ابتسامة باهتة على فمها ، وهي تحرك أصابعه بلطف يكمن به الإزدراء بعيدًا عن وجهها ، ثم أطرقت رأسها ، لتلعنه بعنف تحت أنفاسها : الله يلعنك يا منحط .. بس الحق مش عليك .. انا اللي جبت مصيبة لنفسي
وصلت هسهستها إلى أذنيه من شدة قربهما من بعضهما ، فدنا بشفتيه مغمغماً بالقرب من أذنها بأنفاس ساخنة : أوعدك بكدا
جفلت أبريل مما قاله ، وتجمدت نظراتها عليه بريبة ، فغمز لها بغموض ماكر ، وسمح لها بالإفلات منه عندما أبعدت ذراعه عن كتفها في حركة تبدو عفوية حتى لا تلفت الإنتباه إليهما ، أما هو حاول السيطرة على أعصابه المتوترة ، وكان عقله لا يكاد يصدق ما فعله بنفسه للتو ، لكنه أشار بيده إلى اسامة هاتفاً بصوت عالٍ نسبياً بلهجة آمرة : اسامة شوف شغلك
امتثل أسامة لكلامه في صمت ، وبدأت مجموعة من رجال الأمن بأجساد ضخمة في ابعاد المصورين جانبا.
في هذه الأثناء
تفاجأت أبريل برؤية باسم يلف ذراعه حول كتفها مرة أخرى يدس جسدها بأحضانه بشكل حامى ، ليجعلها تمشي بجواره داخل حضنه ، بينما يمد ذراعه الأخرى أمامه كالحاجز حتى يتمكنوا من المرور وسط هذا الحشد ، يردد بنبرة خشنة صارمة فى تحذير : من فضلكم .. ابعدوا كفاية كدا .. ابعدوا عن الطريق
_انت موديني علي فين!!
استفسرت أبريل بصوت خافت يملؤه التوجس ، وهي تراه يقودها نحو سيارته ، لكنه لم يجيبها ، بل فتح لها باب السيارة الأمامي ، فرفضت بعناد : لا اكيد مش هركب معاك..؟!
أخفض باسم جفنيه ، لينظر إلى قبضتها على سترته ، ثم نظر إليها بمكر رافعاً طرف فمه بسخرية ، فابتعدت عنه ، إذ أدركت أخيراً أنها تتشبث به دون أن تدرك ذلك ، فتفوه بهمس : هخلينا نمشي مش معقول هنقف نكلم هنا
همت ابريل بالرد عليه ، فتنحى باسم جانبا بحركة درامية مشيراً إلى الباب المفتوح بعينه ، وعلى وجهه ابتسامة مصطنعة حتى لا يلفت الأنظار إليهم ، وما زالت العيون تراقبهم ، مستطرداً بحسم من بين أسنانه بعد أن أحتدت عيناه عليها ، وأرسلت لها نظرات تحذيرية أسكتتها : اركبي من سكات يا حبيبة قلبي .. ماتفضحيناش اكتر من كدا
رمقته ابريل بطرف عينها باستياء من أسلوبه الفظ معها ، ثم عادت لتنظر إلى مجموعة المصورين يحدقوا بهم بنظرات فضولية ، وبقلة حيلة صعدت إلى السيارة في صمت ، متوعدة إياه هذا المتغطرس في عقلها.
أغلق باسم الباب عليها ، وهو يطلق زفيراً قوياً ، ثم استدار سريعاً إلى الجانب الآخر ، ليأخذ مكانه أمام المقود من جديد ، وقام بتشغيل المحرك ، وغير اتجاه سيره لينطلق تحت أعين الجميع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية جوازة ابريل) اسم الرواية