رواية حصونه المهلكة الفصل الحادي و العشرون 21 - بقلم شيماء الجندي
“مواجهه !”
اتسعت عينيها حين وجدته واقفاً أمامها يطالعها بنظرات هادئه فور انصراف صديقتها يستند إلي مكتبها يعقد ذراعيه المفتولتين أمام صدره الذى برز بوضوح من قميصه الذي ناسب بنيته الرياضيه كثيرا ،اتسعت عينيها بتوتر و هى تقف تلقائياً تعود بجسدها إلي الخلف بوضع استعدادي للركض و قلبها يقرع كالطبول هل عليها الآن أن تصرخ ليأتي ابن عمها من عمله بالجهة المقابلة و ينقذها أم عليها أن تتحلي بالصمت و تراقب أفعاله بحرص كما تفعل دوماً ؟!!!
ارتفعت زاويه فمه بابتسامه لطيفه و هو يراقب توترها الواضح حيث بدا علي يقين أنها سوف تصيح به الآن متسائله عن سبب تواجده و ها هي تفعل :
-أنت بتعمل ايه هنااا ؟!! و مين أصلا قالك مكاني .. امشي اطلع برااا …
زفرت أنفاسها فور أن انتهت من طردها له و صدرها يعلو و يهبط بقوة تشعر بتلك الرجفه تسري بجسدها اتسعت عينيها من نظراته الوقحه التي شملتها من أخمص قدميها إلي خصلاتها يحدق بها بهدوء ثم اعتدل بوقفته مستقيماً بجسده و تلك البسمه الماكره لا تغادر محياه قائلاً بصوت أجش أثناء اقترابه منها بلطف :
-بقاا دي طريقه استقبال برضه ياأسيف ؟!! بتطرديني قبل ما تعرفي جاي ليه حتي ؟!!
عادت للخلف و هي ترفع إصبعها أمام وجهه بتحذير و قد بدت علامات الرعب منه واضحه بمقلتيها و هى تدعي الثبات قائله بشفاه مرتجفه من فرط توترها :
-اوعي تقرب مني والله هطلب الأمن و اخليهم يسلموك .. عاااا
صرخت بخوف و عادت تلتصق بالحائط حين اتجه للباب أثناء حديثها يغلقه بهدوء لتصيح :
– افتح الباب و امشي اطلع براااا ..
وقفت أسيف تراقب تقدمه الهادئ منها بأعين مذهوله مصدومه كيف وصل إلى هنا لا أحد يعلم تواجدها هنا سوى “نائل” الواشى كيف له أن يُخبره محلها !!
رفعت إصبعها تشير إليه به بحركه تحذيريه و تقول بصوت شديد الغضب :
– إياك تقرب مني خطوه واحده يافهد ، يزبد جاى و لو شافك هتحصل مشكله امشي حالااا ..
رفع إحدي حاجبيه ثم ارتد للخلف لتظن أنها اردعته و سوف يذهب لكنه اتجه بخطواته الهادئه إلي الباب مره أخرى ثم اوصده بالمفتاح و افلته يدسه بجيبه ، أسرعت إلى هاتفها حين وجدت نفسها معه على إنفراد معه مجبره ، كان أسرع منها و كأنه على يقين بتحركاتها و بلمح البصر خطف الهاتف من يدها يدسه بجيبه لتتسع عينيها و تصرخ غاضبه به و هى تحدق برماديتيه مستنكره أفعاله :
– أنت اتجننت !!
ابتسم ببرود و هو يلوح لها حين وقف بجانب الجهاز الصغير المعلق بالحائط و طرق عليه بقبضته مرتين بقوه ليسقط أرضاً مُهشم إلى قطع صغيره ، و ذهولها يزداد و غضبها أيضا لقد دمر جميع وسائل خروجها من هنا عادت بجسدها للخلف و هو يقترب منها بابتسامته العابثه يهمس:
– كده نقدر نتفاهم يابيبي !!!!
ظل صدرها يعلو و يهبط بوتيره واحده و هى تحاول التحكم بانفاسها الغاضبه لتصرخ به بعنف :
– مفيش اي تفاااهم بينااا و احسنلك تفتح الباب ده و تمشي من وشي و …
قاطع سيل كلماتها المُهينه لشخصه يضرب بقوه علي المنضدة بإحدي يديه ناظراً إليها بعينيه البارده كالجليد و هو يهمس لها فور أن صمتت تتابعه باندهاش لفعلته أين الفهد الغاضب الذي من المفترض أن ينقض عليها و يهشمها الآن :
– مش همشي ياأسيف إلا لما تسمعيني المرة دي … ليه مش عايزه ترضي ضميرك ناحيتي ؟!! انا مش عايز غير مسامحتك
تبدلت نظراته من الجمود إلى الحزن بلحظات و بدأت تلمع من فرط تأثره و همس و هو يحدق بعينيها الجميله الغاضبه للغايه تلقيه بنظرات تكذيب ليهز رأسه بالسلب فور أن طعنته كعادتها بسهام نظراتها الحارقه :
– أنا لو متغيرتش مش هتفرقي معايا ياأسيف مش هقف قصادك اترجاااكِ تسامحيني و لا كان هيفرق معايا ، أنا متأكد إنك مش بتحبي يزيد ده و بتعندي فيا مش أكتر ، بس أنا مش هسيبك ابداااا و .. و أنتِ مش مسمحاني كده ….
انطلقت نظرات الإصرار من رماديتيه لتستقبلها بأعين حزينه مرتبكه مشتته كعادتها بالاونه الأخيرة معه ليُكمل :
-قوليلي عاوزاني اثبتلك ازاي اني اتغيرت ياأسيف ؟!!!
نظرت إليه و اردفت بقوه و هي تنظر داخل عينيه :
– قولتهالك و هقولهالك مليون مره يافهد الثقه لما بتضيع مش بترجع ابداااا ، حتي لو سيبت يزيد هفضل عايشه في قلق محدش بيتغير اللي في طبع مش بيغيره ياابن عمي ..
جلس أعلي الكرسي بارهاق ثم اخرج هاتفها يضعه بهدوء أمام أعينها و هو يقول بحزن :
– أنا مش جاي اجبرك على حاجه و اكرر غلطاتى تانى اللي توبت عنها ، ربنا بيسامح ياأسيف و سابلي فرصه اتعالج فيها أنتِ إزاى بقيتي بالقسوة دى ؟!! أنا مكنتش فى وعيي .. ك …
قاطعته صارخه بغضب و كأن ما حدث كان أمس :
– بس اناااا كنت فى وعيي .. كنت حاسه و شايفه و سامعه تعذيبك ليااا بكل الطرق أنا مش عارفه انسي ، ليييييه مش عايز تفهم ، كنت أنت نسيت اللي حصل في أمك زمان ؟!!! أنت جيت تنتقم ليهاا بعد ٢٠ سنه و من حد ملهوش أى ذنبببب ….
صرخ بغضب و هو يزيح الطاوله بعيداً عن مرمي يديه بعد أن استفزته حين أتت ذكرت أمه لتتسع مقلتيها برعب منه اغضبه ذلك الرعب أكثر :
– و بعترف أنه كان غلططططط مستنيه إيه من واحد اتربي ليل نهار على كلمه واحده رجع حقناااا ، مستنيه مني ايييه و أنا كنت فااهم كل حاجه غلط ، أيوه أنا بعترف أنا ظلمتك و أنتِ أكبر ضحيه ياأسيف و مكنتيش تستاهلي ده و ندمت ، ندمت و عاوزك ترحميني و تغفري ، أنا كنت بشوف كوابيس من زمان إلا كابوسك أنتِ بقوم منه بعيط زى الطفل الصغير ، مبقتش مستحمل إني افتكر الوجع اللى وجعته ليكِ ياأسيف عارف أنه صعب عليكِ بس مش مستحيل حاولي و حياه تيم عندك ، أنا أول مره اترجي حد كده أنا عريت روحي قصادك و أنا واثق فيكِ و فى رحمتك أنتِ مش زينا ياأسيف متقارنيش نفسك بيا عشان أنتِ احسن مني مليون مرة ، سامحيني أرجوكِ ….
هزت رأسها بالسلب و قد نالت تلك الدموع من مقلتيها لترفع ذراعها تُشير إلي الباب و هى تُغمض عينيها هامسه بصوت مبحوح متحشرج :
-اطلع برا !!!
لم يقاومها بل لم يُبدِ أيه اعتراضات وقف علي الفور يتجه إلي الخارج و هو يزيل تلك الدمعات العالقه بأهدابه لكنه وقف لحظات و هو يعتدل بجسده ناظراً إليها بحزن يقول بصوت حازم قوي :
– متخليش اللي حصل مني يأثر عليكِ و تظلمي واحد ملهوش ذنب الجواز مش لعبه زى ما أنا كنت فاكر ، مفتكرش إنك عاوزه نسخه من فهد أو ندي يكونوا ولادك ..
ثم تركها و انصرف ، بعد أن نزع صمام غضبها الذي بدأ يقل تدريجياً ناحيته بعد كل محادثه لقد رأت منذ لحظات ذلك الطفل بعينيه هى لا تتعمد تذكيره بأمه أو ماضيه لقد خرجت كلماتها بغضب تلقائي بشكل غير مبرر ، لكن ماذا عن تلك النظرات اللائمه التى انطلقت سهامها نحوها بلا هوادة لقد ندمت بالفعل على كلماتها الآن تلك ليست سماتها منذ متى و هى بتلك القسوة ماذا فعلت لها تلك السيدة الجميله الوقور لكن ما أثار حفيظتها حقا هدوءه و صمته أمام كلماتها …
اتجهت إلي الخارج بخطوات غاضبه للغايه تتلفت حولها بذاك الرواق عله لازال هنا ، اتسعت عينيها حين لمحته من خلف الباب الزجاج يدلف إلي سيارته و ينصرف بها لتصيح بصوت مرتفع و هى تسرع بحذائها الأنيق ذو الكعب العالي إلي البوابه تفتحها قبل انصرافه و هى تهتف بصوت مرتفع أثناء رؤيتها للسيارة تتحرك بالفعل :
– استني ؟!!!
لم ينتبه إلي صوتها بالطبع حيث أنه لازال يغلق زجاج النافذة لكن ارتفعت عينيه إلي المرآة الاماميه ليفتح عينيه علي وسعها حين لمحها تتعرقل و تسقط أرضاً و هو مصدوم من تواجدها خارجاً عاد بالسيارة مسرعاً للخلف و هبط منها يهرع إليها و يجثو أرضاً أمامها و هو يتفقد وجهها المتألم و يدها التي وضعتها أعلي نهايه ساقها تتأوه بصمت أوقف افراد الامن باشاره صغيره ليعودا ادراجهم بطواعيه تامه و هو بحاله ذهول مفرط أخيراً خرجت الكلمات بلهفه وهو يتفقد ساقها بأنامله قائلاً :
– وقعتي ازاي ؟!! ارفعي إيدك عنها يا أسيف عشان أشوفها ؟!!
لم تجيبه إنما ازالت دمعاتها بحزن شديد و حاولت الاعتدال و هى تتلفت حولها بقلق من ذاك الهدوء المغلف لأجواء المجمع السكنى الراقى لكنها صرخت بوجع حين حاولت الوقوف ليتجه إليها بهدوء هامساً لها و هو يُمسك بيدها :
– أسيف متحاوليش تقفي تعالى اساعدك ندخل جوا بدل قعده الشارع دى !!
اشتد ألم ساقها و بدأت تتعرق من فرط توترها و خوفها اتسعت عينيها بهلع حين وجدت نفسها طائره بالهواء يحملها بين ذراعيه متجهاً إلي الداخل و هو يقول بجديه :
– علبه الإسعافات فين بالظبط جوا و لا معندكيش ؟!!
تطلعت إليه بأعين متسعه مصدومه و كأن فعلته الجريئه أصابتها بشلل لجميع أطرافها حدقت به عن كثب محاولة تجميع كلماتها لكنها فشلت فقط تتطلع بخجل إلى أفراد الأمن المكنسين رؤوسهم و قلبها ينتفض بحاله غريبه مما يحدث إلي أن وصل بها إلى مرسمها و تقدم إلى أقرب أريكة يضعها برفق فوقها مقلبا أنظاره بالمكان لتهمس بتوتر أخيراً بعد أن أدركت غايته :
– العلبه هناك فى الرف ده …
و أشارت إلى العبله فى حين كانت تحاول نزع حذائها الذي يضغط على قدمها بقوه دفعت رأسها للخلف بوجع تجز على أسنانها بقوة ليصل إليها متأملاً حالتها بتوتر طفيف ثم جلس على ركبتيه أرضاً يفتح العلبه و يعبث بها ليحصل على تلك العلبه الصغيره و يقصي العلبه بعيداً ليتثني له رؤيه قدمها لكنها سحبتها للخلف و هى تتألم قائله بملامح مرهقه مشمئزه اوجعته أشد وجع :
– لا متجيش جنبي !!
رمقته بطرف عينيها بتوتر من تسرعها هكذا معه دوماً لتجده ينكس رأسه لحظات ثم رفعها يقول بعقلانيه و هدوء نبره ألم تغلف حروفه ليذكرها بكلماتها :
– أسيف أنا بعرف اتصرف في الحالات دي كويس من و أنا عندي ٧ سنين …
رفعت رأسها إليه تحدق به بأعين دامعه … حسنا لقد نجح بلفت انتباهها و جعلها تترك قدمها تدريجياً للمساته الخفيفه عليها و هو يواصل لفها لها ، لحظات مرت و هى تنظر إليه بحزن ثم همست فى حين تنكس رأسها و تعبث بقماش فستانها بأطراف اصابعها :
-أسفه !!!!
رفع عينيه الغائمه نحوها و هو يحدق بها بصدمه جليه لتبتلع رمقها بتوتر طفيف و هي تواصل همسها توضح له بخجل حيث تلون وجهها بتلك الحُمره التي تشعل نيرانه :
– مكنش قصدي اتكلم عن مامتك .. ربنا يرحمها …
رفزت أنفاسها بهدوء و كأنها أزاحت أشد الأحجار ثقلاً عن صدرها للتو ، أدمعت عينيه و هو يعض أصابعه ندماً على تلك الملاك المتجسد بصورة بشر أمامه .. أتعتذر له ؟!! اتعتذر عن كلمه واحده قالتها دون قصد ؟!!!
تلك الصورة الملائكية التى استحوذتِ عليها امتلكت قلبى لم يكن افتتاني بكِ ملامح جميله إنما تلك الروح التى اخترقت أضلعى تعبث بثنايا قلبى ، تلك النظرات البريئه التى اندلعت من عيناكِ لتُشعل لهيب فؤادى لتكونى أنتِ فتنتى الوحيدة و ملاذى الأوحد و يكون ندمى قُربان لكِ علكِ تغفرى ، علكِ ترأفى !!!
#حصونه_المُهلكه
#شيماء_الجندى
اضطربت أنفاسه و هو يحدق بها بنظرات حزينه لتظنه لم يقبل اعتذارها بالطبع هي أمه مهما بلغ حد غضبها لم يكن عليها أن تتحدث هكذا ، بللت شفتيها و هى تهمس بتوتر :
– أنا مش عارفه قولت كده ليه بس أصلها … تشبهني ف ..
هز رأسه بالسلب و كأنه ينفض افكاره لتقطع كلماتها تحدق به بتيه و قلق رفع رأسه إليها فور أن أنهى ربط قدمها يطالعها بحزن ؛ هو لا يريد أن يكون شبيه لأبيه بعينيها مما جعله يهمس بصوته الأجش :
-بس أنا مش زي أبويا ياأسيف و لا أنتِ زيها صدقيني ..
اقترب منها مستغلاً سكونها لأول مره أمامه يهمس لها و دمعاته تسبق حروفه المبعثره و بوادر اختناق صوته تتضح إليها :
– عارفه معايا كام فيديو زي اللي شوفتيه ؟!! عارفه أنا شوفتهم كام مره من يوم ما أبويا مات و لقيت الفيديوهات دي ؟!! أسيف ليه مش عايزه ترحميني أنا بدور على أمي و نصايحها و كلامها في ورق كتبته بخطها ، أنتِ فاكرانى كنت فرحان اللى بعمله ؟!! أنتِ نفسك شوفتي شكل كوابيسي كان ايه ؟! مكنتش أعرف غير حاجه واحده أنك بنت الرجال اللي هان عرض أبويا و شرفه كنت عاوز أخد حقه بنفس الطريقة ، كان تفكير مريض ياأسيف و أنا اتعالجت ….
سكنت تماماً تراقبه بتوجس من تحوله بأي لحظه لكنه بدا مُنهك القوى ، مرهق ، حزين ، ذاك الطفل يتطلع إليها الآن من مُقلتيه يصرخ برحمتها أن تفيق و تجرعه كأس لطفها ، تنهدت بحزن ثم بدأت تصرف رماديتيها عنه و تهمس بصوتها المُرهق :
– أنا مش عارفه عاوز إيه أنا بعدت ، ابعد أنت كمان و اعمل حياه ليك بعيد عني ، طلبك صعب أوى …
لم يكن الأمر مستحيلاً كما رأيناه ، إنما تلك الصفعات التى تلقيناها من أشباه البشر جعلت نفوسنا عاجزه عن الغفران ، جعلت من المحتمل مُحال فلا تلومنني بما اقترفته أيديكم يوماً ما …..
مسح عينيه جيداً ، ثم هيطت يده إلى مقدمه قميصه يُمسك بنظارته الشمسيه اثناء وقوفه يضعها مسرعاً حين استمع إلي صوت “يزيد” يدلف إلي الداخل و هو يقول بحماس :
– أسيف أخرت مش كده ؟!!
اتسعت عينيه حين وجدها بتلك الهيئة و ذاك الرجل القاسى يقف أمامها بهدوء ليسرع إليها و عينيه تقدح بالغضب صارخاً به :
– أنت عملت ايييه ياا …
صاحت مسرعه تحاول الوقوف علي قدمها قبل أن ينشب عراكاً حامي الوطيس أمامها :
– يزيد فهد كان بيعالجني أنا اتشنكلت و هو ساعدني ..
حدق بها بشرود ، لا يصدق أنها دافعت عنه لتوها .. لكنها نبته أمل لن يتخلَ عنها وجد ذاك الرجل يتقدم منها و يجثو على ركبتيه يعاين قدمها أمامه ليجز علي أسنانه بقوة و هو يضم قبضتيه معاً لكن لم يتحمل أكثر ليصيح به بصوت واضح يصرف انتباهه عنها :
– هى ندي عامله ايه النهارده أنت داخل في شهرين اهوه ..
نجح بذلك حيث وقف “يزيد” يواجهه و هو يقول متذكرا :
كويس انك فكرتني أنا كلمت دكتورها عشان تخرج و ترجع القصر هي حاليا تقدر تمارس حياتها أفضل و هستمر معاها فى الجلسات بس بالعلاج السلوكي المعرفي(CBT) و ده هينجح مع ندى جداا لأن ندي اصلا بتهتم بتجارب اللى حواليا و اللى عندهم و بتعمل مقارنه ده عندها أو لا .. و ده هينجح معاها جداا متقلقش ندى خلاص في مرحله ممتازه لكن حابب أكد أن تعاملكم معاها هيفرق كتير في علاجها خصوصاً أنتِ ياأسيف …
نظرت له بصمت ثم هزت رأسها بارهاق تقول بهدوء :
-يزيد أنا مش هقدر اكمل اليوم محتاجه أروح ..
*
مر شهر سارت الأوضاع هادئه داخل القصر و عوده “ندى” لم تؤثر كثيراً حيث عادت إليهم هادئه لا تملك تلك النظرات المشتعله ، تتجنب الجميع بهدوء غريب ليصبح أمرها هكذا مريحاً للجميع …
استيقظت “أسيف” صباحاً بنشاط زائد حيث دلفت إلى المطبخ و أعدت شطائر شهيه للإفطار و جهزت كوب الشيكولاته الساخن بالحليب ، كادت تنصرف إلى الحديقه لكن اتسعت أعينها حين وجدته يقف بجسده يسد عليها الطريق يبتسم بهدوء ثم قام بسحب شطيره من الطبق و قضمها و هو يقول بحماس أمام أعينها المذهوله من كم جراءته :
-أووووف تجنن يا أسيف ، اااه سوري مبتحبيش اقول اسمك اقولك سوفى أحلى ؟!!
لم تستطع مجاراه حديثه أبدا و هى بتلك الحاله اشتعلت نيران الغضب داخلها من أسلوبه الغير مبالى حيث شعرت أنه يستخف بها و بفعلته الشنيعه معها و أنه قد ضمن مسامحتها و كأنه لم يفعل شيئ أبدا بها فتركت ما بيدها اعلي الرخام بغضب ليصدر الطبق صوت قوى من دفعتها إياه على الرخام البارد و هدرت بعنف :
– أنت عايز توصل لايه بالظبط ، أنت عارف و متأكد انى مش طيقاك و لا هطيقك مزهقتش من شهر كامل بأسلوبك ده معايا ماتسيبني في حااالي بقااا و ركز مع اختك …
ابتسم ببرود و كأنها كانت تمدحه للتو و خرج صوته الرخيم الهادئ يتلاعب على أوتار صبرها و اضطرابها برغم من إظهار ذلك العنف دوماً معه إلا أنه يرى “أسيف” البريئه تلوح له دوماً و هو يحادثها ، أمسك طبق الشطائر الشهيه لتسرع ممسكه بالكوب الساخن حتى لا يسرقه هو الآخر و اتجه إلى الخارج و قال غامزاً لها بإحدى عينيه :
-تؤ مش بزهق … و ندي تمام جداا و مرتاحه فوق .. انا فاضيلك يابيبي ..
صححت له كلماته و هى تسير خلفه لتصعد غرفتها و تتركه :
– فاضى لنفسك مش ليااا ، و بعدين أنت واخد فطارى ليه انااا بكلمكككك …
وقف فجأه لتصطدم به بكوب الشيكولاته الساخن لكن من حسن حظها و سوء حظه أنه كان يميل عليه و اندلعت محتوياته الساخنه فوق تيشيرته الخفيف تحرق ظهره صدرت منهما صرخه واحده هى من صدمتها القويه به و هو من شده آلم الحرق علي جلده و مفاجأته بفعلتها ليهدر متعمدا :
– ازاي الغل يوصلك لكده ياااأسيف ؟!!!!
جحظت عينيها و هزت رأسها بالسلب تقول مسرعه رافعه يديها أمامه :
– والله مااقصد اطلع بسرعه غير و شوف أثر الحرق ايه ؟!!
التفت لها يحاول رفع التيشيرت عن جسده صارخاً بها بعنف :
– اشوف ازااي ظهري أنا هااا.. أنا متأكد إنك قاصده اااه !!
عضت علي شفتيها بتوتر و قالت بنبره قلقه و هى تشعر بالذنب حياله :
– أنا اسفه طيب ..
صاح بنبره متألمه حيث يحرك عضلات ظهره بوجع :
-اسفه !! حراام عليكِ بجد أشوف ازاااي اللى حصل فى ضهري أنتِ شوهتيني !!!!
اتسعت اعينها و جذبته من يده تركض بخفه نحو الجناح الخاص بها و هى تقول بخوف :
– لا لا مفيش تشوه متخافش هنلحقه …
فتحت باب الجناح و هي تجره خلفها ليسير معها بطواعيه و صمت مطلقاً انات وجعه وصلت به إلى مرحاض الغرفة تأمره مسرعه :
– استني هنا هجيب المرهم ..
تركته و أسرعت إلي الداخل لينظر لأثرها بهدوء ثم اتجه إلى شرفتها يفتحها و يقف بها ناظراً إلى سياره الطبيب حيث استمع إلى صوتها المميز الذي يحفظه عن ظهر قلب ….
أتت إليه تُمسك العلبه بيديها تعبث بها و هى تقول بصوت آمر :
-ارفع التيشيرت بسرعه !!
نزعه تماما عن جسده بلمح البصر ليصبح عارى الصدر أمامها اغمضت عينيها بتوتر و هى تعنفه بغضب طفيف :
– ايه ده أنت مصدقت !!؟
اجابها ببراءه و أعين متسعه :
– مش انتِ اللي طلبتي و بعدين انجزى ضهرى هيموتنى !!!
دارت حوله مسرعه و تطلعت إلي ظهره بقلق فى حين تطوف بأناملها الرقيقه بلمسات طفيفه منها فوق جرحه تهمس و هى تزفر براحه :
– متقلقش مفيش حاجه جامده …
ابتسم بهدوء وهو يقول مشيرا بعينيه إلي “يزيد” الذي وقف ينظر إليهم بالأسفل :
– أنا مش قلقان غالباً فى ناس هى اللى قلقت
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية حصونه المهلكة) اسم الرواية