Ads by Google X

رواية شبح حياتي الفصل الثاني و العشرون 22 - بقلم نورهان محسن

الصفحة الرئيسية

   

رواية شبح حياتي الفصل الثاني و العشرون 22 - بقلم نورهان محسن

 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



فى صباح اليوم التالي



داخل غرفة بدر بالمستشفي



سطع ضوء الشمس من خلال النافذة الكبيرة في منتصف الجدار ، لتضيء ثنايا الغرفة بالكامل بناء على طلب بدر المُلح.



: انتي ليه مصممة علي اللي في دماغك دا؟ انا مش مستريحلك!!!



أنهى جملته بعيون متلألئة بالتوجس ونبرة صوته توضح عدم رضاه التام عما كانت ستفعله ، بينما ابتسامة شقت شفتيها لتضيء وجهها كالأطفال عند شراء ملابس العيد مشيرة إلى وجه النائم بأصبعها ، لتقول ببساطة : دي نظافة ليك يا بوده .. اصبر بس و هبهرك



بدر يحدق في شفتيها اللتين تشكلتا في ابتسامة مرحة بعيون ضيقة ، ليهتف احتجاجًا ، ويلوح بكلتا يديه في الهواء : بعد كلمة ابهرك دي .. مش عايز ابقي نظيف .. منظرك وانتي في ايدك الماكنة دي مرعب 



هزت حياة رأسها بإنكار وقالت بابتسامة عريضة ، وهي تربت براحة يدها على صدرها بفخر : ماتقلقش .. كل اللي اقدر اقولهولك انك في ايد امينة



صاح ساخرًا ، محوّلًا بصره بين عينيها اللامعتين وشفرة الحلاقة الحادة التي كانت تحملها : امينة مين يا بنت الاوزعة!! طيب خلي حد غيرك يحلقلي يا حياة بلاش انتي



تلاشت ابتسامة حياة ، وهي تعانق الآلة وكأنه سيأخذها منها لتصيح اعتراضًا : لا محدش هيعملها غيري .. وانت مالك خايف كدا ليه؟



أنهت جملتها بسؤال ماكر ، فحاول بدر رسم ابتسامة مزيفة على وجهه ، لكنه فشل ، ثم قال بإستنكار : مش هبقي في غيبوبة ومتشرح في وشي كمان الرحمة حلوة يا حياة



قوست شفتيها للأسفل ، متظاهرة بالحزن ، ثم همست بنعومة : اخس عليك يا بدر .. بس انا عذراك انت لسه متعرفش قدراتي



أدار بدر عينيه بضجر من إصرارها المجنون ، ليتنهد بحسرة قائلاً في استسلام : يا خوفي منها .. ربنا يستر



ضحكت حياة بحماس ، وتحدثت بلهجة رقيقة استحوذت على ذهنه المرتبك قبل أن تتجه نحو جسده ، وتقترب منه بشدة ، وعيناها تركزان على لحيته النامية ، ثم بدأت تباشر عملها بدقة : اطمن يا بوده ايدي خفيفة خالص



مرت دقائق طويلة جدًا على بدر الذي يشعر بالقلق حيال ما تفعله حياة ، أما هي متجاهلة ثرثرته وتركز على عملها فقط.




                                  
 
                
سارت فى رفق وحذر شديد بالمنشفة المبللة على خديه ، وهي تزيل بقايا الشعر من لحيته.



التفتت إليه لتقول بسعادة مفرطة ، وابتسامة راضية تعلو فمها : اهو خلصت .. شوف



لاحت شبه ابتسامة مرتاحة على شفتيه بعدما خرج من تحت يديها دون خسائر فادحة ، ثم غمغم بهدوء : كويس .. مش بطال



نظرت حياة إلى وجهه مرة أخرى ، وتفحصت تفاصيله الدقيقة والمذهلة محاولة مقارنته بالذي يقف أمامها ، وهو يكافح لكى لا يضحك على ملامحها العابسة ، حين صاحت بتذمر طفولي : ايه الوطينة دي .. بدل ما تقولي تسلم ايدك!!



كاد يرد عليها ، لكنه سكت عندما رأى من دخل الغرفة.



: انتي بتكلمي نفسك لا ايه؟



تبددت دهشة حياة من صمته ، حالما سمعت هذا الصوت الناعم من خلفها ، فأدارت رأسها لتبتسم بينما تخبرها بسرعة ، وتحول خديها إلى اللون الأحمر من الحرج ، وهي تضع الآلة على المنضدة المجاورة للفراش : ها .. لا انا كنت بحلق ذقن بدر



صفقت شذى بكلتا يديها ، واقتربت منها ونظرت إلى وجه بدر لتقول بابتسامة مندهشة : برافو .. ايه شطارة دي !!



ضحكت حياة بإعتزاز لأن هذه لم تكن المرة الأولى لها ، حيث اعتادت أن تفعل هذا مع والدها الحبيب حتى أتقنت عملها جيدًا ، لتجيبها بغرور مصطنع : اومال ايه نحن نختلف عن الاخرون خالص



شاركتها شذى الضحك بمرح ، لتردف حياة سريعًا بدهشة : اومال فين جاسر؟



أشارت بيدها نحو الباب ، وقالت بنبرة صوتها الرقيقة : جاي ورايا كان بيكلم مع الدكتور و بعدين هنفطر مع بعض



أومأت حياة بالموافقة ، وقالت بابتسامة واسعة ، بينما أعطت غمزة خفية من عينها لبدر الذي كان واقفا جانبا : تمام هدخل الحمام اغسل ايدي و ننزل عشان عموت من الجوع



عند دخولها الحمام الملحق بالغرفة ، انفرجت شفتيه بابتسامة جميلة ، تظهر غمازاته ليهمس بعمق ، بينما صورة وجهها المبتسم مثل درع واقٍ يمنع أي قلق من التسلل إلى روحه : وانا بموت فيكي



★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••



مساءا فى منزل أميرة



هتفت أسماء بتذمر وهي تلوح بكلتا يديها في الهواء : يوووه خنقتيني بالدخان دا كفاية يا اميرة



مطت أميرة جسدها إلى الأمام ، ثم أطفأت السيجارة بأصابعها المرتجفة ، ثم اعتدلت في مقعدها ، وتحدثت بإنفعال عصبى : عقلي هيشت مني يا ماما من يوم ما البت الغريبة دي طلعت فجأة .. عرفت ازاي انه طلقني وهي جت علي القاهرة بعد حادثة بدر .. امتي عرفت اصلا ومين اللي قالها؟




        
          
                
تنهد كريم متابع الحديث بصمت ، مُرجعًا شعرُه للوراءِ بجُمودٍ فيما استطردت أسماء كلامها : يمكن بتخمن و لا بتقول اي كلام؟



هزت رأسها سلبًا وهي تشير بيدها إلى كريم وقالت بسرعة : لالا كريم شافها باين من طريقتها انها واثقة اوي من كلامها .. دي كانت هتفترسني قدام الكل وماكنش هاممها اي حد



تومضت عيناها من الدهشة لما استدل عليه عقلها من كثرة التفكير ، وهتفت في اندفاع : البت دي في بينها و بين بدر حاجة اكيد .. طالما عندها معلومة الطلاق دي يبقي كان في بينهم رسايل وقالها اللي حصل



ارتفعت حواجب كريم متعجبًا ممَ تقوله أميرة ، لأنه يعرف بدر أكثر من غيره ، وواثق أنه لم يكن على علاقة مع أنثى أخرى ، بينما ضيّقت أسماء عينيها وقالت في تفكير : لو عندها دليل علي كلامها كانت قدمته للنيابة .. دا غير جاسر اخوه ماكنش هيسكت .. بطلي خوفك دا يا اميرة هتكشفينا بجنانك



أنهت أسماء جملتها ، محذرة إياها بنبرة حازمة ، بينما عقفت الأخرى يديها إلى صدرها ، وقالت بإضطراب : ايوه بس لو بدر قام من غيبوبته كل حاجة هتفلت من ايدينا و هنروح في داهية



ابتسم كريم ساخرًا لكلماتها ، ومرر لسانه على خده من الداخل ، ثم قال بغموض : دا لو قام يا حبيبتي



همهم في نهاية كلامه ، ليتجمد الدم فى عروقها ، ثم سألته بنبرة حذرة : قصدك ايه يا كريم؟



أدار عينيه بنفاذ صبر بسبب بطء فهمها من توترها المفرط ، قائلاً ببرود : بعد ما أخدتي أخر كارت ممكن يكون ضدنا من مستشفي اسكندرية و بقي معانا .. مابقاش فاضل الا اننا نخلص منه و سرنا يدفن معاه من سكات



جفلت فور نطقه بتلك الكلمات الباردة ، وسرعان ما جحظت عيناها بهلع ، قائلة بصوت عال نسبيًا : تاني يا كريم .. تاني عايزنا نقتل!!



زفر مللًا من تكرار نفس المجادلة منذ أن عرفوا مكان بدر ، ليزمجر بنبرة أجش بارد : حياته اصلا علي كف عفريت .. يعني الموضوع اسهل من الاول بطلي الجبن اللي فيكي دا



اتسع مقل عينيها ، وتمتمت بتلعثم واضح من خوفها المفرط : شوفلك طريقة بعيد عني انا مش هعمل كدا تا...



بترت كلامها حينما صرخ في وجهها بصرامة شديدة ، ورفع سبابته أمامها ، محاولًا إدخال الكلمات في رأسها : هتعملي يا اميرة ماعندكيش حلول تانية .. حريتنا كلنا قصاد موته واللي بدأنا لازم ننهيه



أخذت أسماء نفسًا عميقًا ثم زفرته ببطء ، لتكمل الحديث بجدية : عنده حق يا اميرة ولو قلبك الرهيف دا ضعف .. افتكري انه طلقك و كان ناوي يودينا كلنا بإيده لحبل المشنقة من غير ماتصعبي عليه لحظة واحدة لولا انك كنتي اسرع منه بخطوة




        
          
                
Flash Back



خرجت من المرحاض على عجل ، بسبب رنين الهاتف بإلحاح.



نظرت إلى الشاشة بحاجب مرتفع ، ثم أجابت ليباغتها صوته الحاد على الفور : مابترديش علي طول ليه؟



أغمضت عينيها ، منزعجة من نبرة صوته العالية ، لتقول بهمهمة غير مبالية : ماسمعتش كنت في الحمام باخد شاور .. مالك متعصب ليه؟



أجابها عابسًا بملامحه الحادة والوسيمة ، وهو يزرع الأرض ذهابًا وإيابًا في غرفة المكتب داخل منزله من الخوف والقلق : في مصيبة يا اميرة الكاميرات صورت بدر وهو طالع شقتي وفتح الخزنة اخد منها كل الورق اللي فيها



بهتت أميرة من الصدمة ، وبدأ الرعب يدب فى قلبها بلا رحمة بسبب ما سمعته منه ، وهي تسأله بدهشة : ازاي عرف يفتح خزنتك؟



أطلق كريم زفيرًا حادًا ، معربًا عن مدى ضيقه وقلقه ، ثم هتف بعصبية : فتحها ببصمة صوباعي اكيد اخدها من علي اي حاجة مسكتها بإيديا عنده و نسخ مفتاحي من غير ما اخد بالي



شعرت أميرة كما لو أنها تلقت صفعة قاسية تخل بتوازنها ، مما تسبب في سقوطها على السرير بقوة خلفها ، وتمتمت بصوت مرتعشًا : يعني ايه!!



كشر كريم عن أسنانه صارخا بغضب وبجنون : يعني انا وانتي روحنا في داهية .. لا مش احنا بس دا كل دكاترة المستشفي يا اميرة الورق دا هيسجنا باقي عمرنا دا اذا اهالي الدكاترة دول سابونا عايشين اصلا .. عقود شراكتنا احنا التالتة في المستشفي و تقارير طبية مزورة كل دا اختفي من الخزنة



اهتز قلبها بخوف واضح ، وهي تصرخ على عجل : الحقني يا كريم .. بدر معايا علي الانتظار



سار ببطء ، بقدميه المرتعشتين ، بالكاد حمله إلى كرسي المكتب ، ويبدو أنه تائه في أفكاره ، ليقول بإندفاع مشوش : طب ردي عليه .. حاولي تعرفي عايز ايه و قوليلو هنفذلو طلباته .. يلا بسرعة



قبضت على يدها المرتجفة بقوة ، ثم أجابت بأرق نبرة لديها ، لكنها خرجت رغم عنها ، مهزوزة من توترها : ايوه يا حبيبي .. فينك؟



فور أن سألت بخفوت ، أتى لها صوته العميق بسؤال مباغت : كنتي بتكلمي مين؟ هو لحق يوصلك الخبر بالسرعة دي!!



ظلت أميرة صامتة للحظة ، تبحث فى عقلها المرعوب عما تفعله ، لكنها لم تكن لديها الشجاعة لمواجهته ، حتى لو لم يكن أمامها ، فتنهدت بخفة ، ونبست متظاهرة بالتساؤل ، فى محاولة معرفة ما يصبو إليه : انا مش فاهمة بتكلم عن ايه؟



احمر وجهه من الحنق بسبب إصرارها على ادعاء البراءة والجهل ، وطحن أسنانه بشدة لدرجة أنه كاد أن يحطمها من شدة غضبه ليهدر فيها بحدة : لا انتي فاهماني كويس اوي يا اميرة .. طول عمرك مابيملاش عينك غير التراب بس دي غلطتي اني حبيت وحدة قذ*ة و جشعة زيك عندها استعداد تخدع و تكذب و تقتل عشان مصلحتها




        
          
                
شحب وجهها عند سماع كلماته المقهورة ، وشعرت بالاختناق يطغى على قلبها ، وكأن أحدًا قد ضغط عليه بقبضة من الفولاذ ، ثم اردفت بتقطع أثر الغصة المريرة في حلقها : ايه الجنان .. اللي بتقوله دا يا بدر!! قولي بس .. انت فين و هنتكلم..



قاطعها بدر هادرًا ، بصوت قاس زلزل كيانها من فورة مشاعر الكراهية والاستياء منها ، بينما كان صدره يعلو ويهبط من حدة أنفاسه المتلاحقة : وقت الكلام خلاص فات و بلغي الحيوان اللي مستخبية وراه اني هوصلكم بإيدي لحبل المشنقة و مايشرفنيش تكوني علي ذمتي انتي طالق .. طالق



أنهى جملته الأخيرة بازدراء واحتقار شديد ، ثم أغلق المكالمة بعيون دامية ، دون أن يعطيها فرصة للرد بينما هناك ألم لا يطاق يخترق قلبه مثل خنجر مسموم بالخذلان والخداع.



★★★



نظرت اميرة إلى الهاتف في حالة صدمة ، وأعادت الهاتف إلى أذنها ، وتحدثت بصوت مكتوم لأنها وضعت يدها على فمها ، وانهمرت الدموع من عينيها ، بعدم تصديق وذعر : الحقني يا كريم بدر عرف كل حاجة و طلقني



على الرغم من توقعه لكل ما تقوله ، سقط هذا الخبر عليه مثل صاعقة حقيقية بسبب اقتراب هلاكهم المحتوم ، صاح بصوت مذهول مليء بالارتباك : طلقك!! قالك ايه .. وهو فين!!



سحبت الهواء إلى صدرها ببطء في محاولة للتفكير بسرعة ، وعيناها تتوهج بريق شيطاني ، ثم أجابت على عجل بينما تمسح وجهها بظهر كفها : معرفش .. اقفل و هكلمك تاني



قامت بإنهاء المكالمة لإجراء مكالمة أخرى ، ثم هتفت بسؤال فور رد الطرف الآخر : الو .. اخر مرة شوفت بدر امتي؟



نمت ابتسامة لئيمة على شفتيها ، وهي تسمع ما يقوله الطرف الآخر ، وبسبب حدسها الفائق السرعة قفزت تلك الفكرة إلى ذهنها ، فيما انقشعت غيمة الخوف الذي كان يسيطر على دواخلها ، وقالت بنبرة خبيثة مليئة بالثقة لا علاقة لها بمشاعر الذعر والرعشة التي مرت بها منذ لحظات : اسمع اللي هقولك عليه واذا نفذته هديك 50 الف جنيه ينتشلوك انت وعيالك من الفقر اللي عايشين فيه



Back



أغمضت عينيها بندم وأسى على حالتها منذ ذلك اليوم المشؤوم الذي تتذكر تفاصيله بوضوح ، بل إن تأنيب ضميرها لم يجعلها تنسى للحظة ما فعلته في لحظة تهور.



★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••



بعد مرور أيام قليلة



في توقيت العصر داخل المستشفى



دلفت حياة دون أن تطرق باب الغرفة ، إذ ذهبت إلى كافيتريا المستشفى لإحضار فنجان من القهوة لها للحفاظ على تركيزها قليلاً ، حيث تعبت من جلوسها المستمر بجوار جسد بدر الذي دخل شبحه خلفها مباشرة. 




        
          
                
نظر إليها بنوع من الحيرة حينما رأى ابتسامتها المشرقة تتلاشى تدريجياً من شفتيها ، لتنتقل عيناه في عدم فهم بينها وبين الفتاة الواقفة بجانب سريره حيث يغرق في ثنايا غيبوبته ، يبدو دون أدنى شك أن هذه الممرضة هى المسؤولة عن رعاية فحصه.



إذن أين المشكلة ، سؤال يطرحه عقل بدر بغرابة؟



أما حياة فقد احتدت عيناها فور أن سقطت عيناها على المرأة التي ألتقطتها ، وهي تلامس يد بدر وتتمعن النظر إليه براحة شديدة ، حيث كانت الأخرى على علم أنها ذاهبة إلى الكافيتريا ، لكنها صدمت عندما عادت في وقت أسرع مما كانت تتوقعه ، لذلك ارتبكت قليلا ، ثم ما لبث أن حاولت التصرف بشكل طبيعي رغم احمرار وجهها من الاحراج.



: انا كنت .. كنت بفحص المريض زي ما الدكتور اكد عليا



أنهت كلماتها بأحرف متذبذبة نظرا لإضطرابها ومحاولتها الفاشلة بالادعاء الكاذب الذي قالته للتو ، ثم ساد الصمت على الغرفة المشحونة بالتوتر والغضب فى آن واحد.



خرجت الممرضة من أفكارها على صوت حياة الرقيق ، على عكس نظراتها الحادة : اظن انك دخلتي فحصتيه من ساعة ونص .. مافيش داعي لتكثيف جهودك المستشفي مليانه عيانين واذا لاحظت حاجة غريبة هبقي ابلغ بيها الدكتور بنفسي



ابتسمت حياة بابتسامة صفراء ، قالت بنبرة باردة وهي تحدق بها بوجه متصلب وتشير بيدها نحو باب الغرفة : تقدري تتفضلي



خضعت لها الأخرى بانزعاج ، يتخلله إحراج واضح على وجهها : تمام



خرجت الفتاة من الغرفة ، تهمس بعدة شتائم تحت أنفاسها ، وهى تغلق الباب خلفها ، متزامنة مع همهمة خافتة من شفتي حياة وصلت إلى أذني بدر : اشكال ضالة



اطبق الصمت في جميع أنحاء الغرفة



رفعت حياة بصرها إلى الشخص الواقف إلى جانبها لتجده يحدق بها بتساؤل ، لتباغته بسؤال : بتبصلي كدا ليه؟



قوس بدر شفتيه إلى الأسفل قائلاً بهمهمة : مستغرب!



أدارت جسدها لتلتقي به ، بينما تميل رأسها إلى اليمين وتشبك ذراعيها أمام صدرها ، وهي تتمتم بصوت منخفض : من ايه!!



قال بدر بعدم فهم ، من كراهيتها المفاجئة للفتاة السمراء : فجأة اتقلب وشك 180 درجة اول مادخلنا الاوضة .. هو ايه حصل !!



نظرت إليه حياة بغرابة من سؤاله ، هل يسخر منها بإدعائه عدم الفهم ، أم أنه غبي لدرجة أنه لم يلاحظ نظراتها التي كادت تلتهم جسده ، لتغمغم في عدم تصديق وهي تشير إلى السرير : يعني انت ماشوفتش؟




        
          
                
هز بدر برأسه نافيًا دون أن يتكلم ، لتبرم شفتيها باستياء قبل أن تقول بإنفعال : الهانم كانت ماسكة ايدك وبتبحلق فيك قبل ما ندخل



ارتفع حاجبا بدر مما سمعه منها ، حيث لم يشعر بلمسة الأخرى له ، ولم ير حتى ما تقصه عليه الآن ، ربما لأن عينيه كانتا معلقتان بها بسبب عدم فهمه لتغيرها المفاجئ. 



مهلاً ، هل هذا الوميض النارى في عينيها ، ناهيك عن نبرتها غضبها ، تعني أنها تغار عليه من تلك الفتاة لمجرد أنها مسكت بيده.



حاول السيطرة على الابتسامة العريضة التي ارتفعت من أعماقه ، وتجاهد للظهور على شفتيه ، ليحمحم بخشونة قائلا بنبرة هادئة تحتوي فى ثناياها على التلاعب والمكر : مش مستهلة كل العصبية دي يا حياة



انفرجت شفتاها وهي ترفرف بأهدابها بسرعة من الارتباك الذي اجتاحها ، حينما لاحظت تغيير في نبرة صوته.



ضحكت حياة بخفة وهي تهز رأسها بلامبالاة مزيفة ، وتلوح بكلتا يديها في حالة إنكار قائلة بسخرية : انا مش متعصبة خالص .. اقولك حاجة .. لما اشوفها مرة تانية هبقي اعتذرلها علي مقاطعتي ليها وهي بتتأمل في سيادتك براحتها انشالله تاكلك حتي ماليش دعوة



ختمت كلماتها وهي تعقد ذراعيها على صدرها ، مدركة أنها تلوح بهما كثيرًا ، ليقهقه بدر بخفة مماثلة ، ملاحظٍ كلامها المتذبذب وحركات يديها غير المستقرة ، مما يدل على كذبها ، بينما رقص قلبه بفرح وسعادة بهذا الإرتباك شديد الوضوح عليها فى حين نظرت إليه بغيظ و قهر.



حدقوا إلى بعضهم البعض لبضع لحظات قبل أن يقاطعهم طرق على الباب ، لينظروا إليه في نفس اللحظة ، و بدا كلاهما متفاجئًا تمامًا عندما فتح الباب.



: مساء الخير يا حياة



نطقت إحدى الممرضات بابتسامة بشوشة لتبادلها حياة الابتسامة ، وقالت بلطف : مساء النور يا ريم عاملة ايه؟



أخذت ريم نفسا عميقا وقالت برقة : بخير و انتي!!



تحركت حياة عيناها إلى ما تحمله الآخرى في يديها ، لتسألها بحيرة : الحمدلله .. لمين الورد الجميل دا؟



ظلت ريم صامتة لبعض الوقت قبل أن تفرك جبينها في حرج ، ثم أجابت ببساطة : دا لأستاذ بدر .. دكتور مازن وصاني اوصله لحد أوضته .. بس قالي ان جواه كارت ليكي انتي



: ليا انا!!



جعدت حياة بين حاجبيها بدهشة استمرت لثوان ، ثم خطت صوبها عدة خطوات ، والتقطت باقة الورد بلطف ، لتردف بهدوء : ماشي يا ريم .. ميرسي يا قمر



ابتسمت لها ريم واستدارت نحو الباب ، لتغادر بخطوات هادئة.



: كارت و ورد جو ابيض واسود جدا



قال بدر بسخرية تامة خلفها عندما تتحرك ، لتضع الورود على الطاولة.



أردف ، عندما لم يتلق ردًا منها ، بينما كانت نظرته مثبتة على الورقة بين أصابعها : افتحي الكارت يا حياة



شعرت بشكل غريزي أن المدون في هذه الورقة لن يرضيه على الإطلاق ، فهزت رأسها رافضة ، وقالت بابتسامة مرتبكة ، حيث استدارت تنظر إليه بحذر : اكيد هفتحه .. بس مش دلوقتي



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 
  
google-playkhamsatmostaqltradent