رواية زواج السوشيال ميديا الفصل الثاني والعشرون 22 - بقلم سهام احمد
seham Ahmed:
البارت الثاني والعشرون
عندما تتلاقى الاجساد تتلاقى الارواح ايضا، هناك رابط خفي لا يعلمه سوى خالقه، عندما يغمر الجسد الدفء والرغبة معا، ويغمر القلب العشق المجنون، تتخلل مشاعر خفيه إلى القلوب وتسكنها حتى الممات.
في ليلة سهيلة الاولى في عش الزوجية، استطاعت أن تمنح نفسها السعادة بالرغم مما قاسته، فاجتماعها مع آثر في نهاية الأمر هو ما تمنته.
عندما علم آثر أن سهيلة مستعدة للقائهما الاول، قفز فرحا من سعادته، اتجهت سهيلة إلى الطعام وتركت آثر في نار الحيرة، ثم اخبرته انها جاهزة بعد تفكير للحظات، إنه مهما مر الوقت هذا سيحدث، تناولت الطعام مع آثر وقضت ليلتها الاولى في هناء وسعادة.
استيقظت صباحا وهي جانب آثر على فراش واحد، نظر إليها عند استيقاظها يتأملها، فهو يراها كأنه يراها للمرة الأولى في حياته، لقد اصبحت ملكه بعد معاناة وعذاب، اقترب منها يقبل كتفها ثم عنقها يدغدغها، حتى اصدرت صوت ضحكاتهم.
كانت سعادة ايامهم الاولى معا جعلتها تنسى ماهي به وما مرت به، لقد مضى ثلاثة أيام على زواجها، ارادت سهيلة إن تنظف الملابس خاضتها وخاصته، لكن كيف لها أن تفعل ذلك ومازالت الغسالة لم تتوصل بوصلات المياه والكهرباء بعد، استدعت سهيلة آثر من الغرفة وقالت:
-آثر يا آثر؟
قدم إليها وقال:
-اجل يا سهيلة ماذا هناك؟
-اريد إن اغسل تلك الملابس، نحتاج إليها ومازالت الغسالة لا تعمل، اتصل بالمهندس من فضلك يأتي لتركيبها.
قال آثر بهدوء:
-وهل سيأخذ هذا المهندس مال؟
-لا اعلم ربما، دعنا نتصل برقم الشركة ونستعلم عن الامر؟
-حسنا كم الرقم؟
-ها هو مكتوب على كرتونة الغسالة.
اتصل آثر بشركة الغسالات وعلم أن تركيب الغسالة سيتكلف مائة وخمسون جنيهاً، فقال لخدمة العملاء:
-حسنا سنتصل بكم لاحقاً شكراً.
تعجبت سهيلة من رفضه وقالت:
-ما الامر لم لم تخبرهم أن يأتون؟
بصوت منفعل قال آثر:
-يحتاح قدومهم إلى مائة وخمسون جنيهاً، تعليمات اني لا املك المال الكافي الآن، دعيها فيما بعد نقوم بتركيبها.
-وكيف ساغسل تلك الملابس انا؟
-ساجلب لكِ مسحوق الغسيل، واغسليها بيديكِ يا سهيلة، او اتركيها حتى تركب الغسالة.
تعجبت سهيلة مما يقوله، إنه مبلغ بسيط ليس بالامر الصعب وهو يمتلك هذا المبلغ لكنه لا يريد دفعه الآن، كيف ستغسل تلك الملابس على يديها؟ انها كثيرة، وإن تركتها ربما تتضرر الملابس من الركنة.
استسلمت سهيله للامر الواقع وجلست على الارض تضع أمامها اطباق بلاستيكية تغسل بها، كانت الاطباق صغيرة الحجم قليلاً، ليست بالحجم الكافي لغسل الملابس، لقد تضررت من هذا الوضع وطأطأت رأسها حزنا وكسرة على حالها، ماذا ستفعل؟ مازالت تريد تحضير الطعام ومازال الموقد لم يتم تركيبه بعد.
بعدما انتهت سهيلة من غسيل الملابس وقامت بنشر جزء منها، تبقى جزء آخر لم يسعه المكان، جلست على فراشها بعد ترتيب المكان وتنظيم الشقة، لقد كانت متعبة للغاية وجائعة، كان آثر قد خرج وعاد بعدما انتهت ومعه طعام، دخل وقال:
-سهيلة؟
إجابته من داخل الغرفة:
-انا هنا يا آثر.
دخل الغرفة وجدها مستلقية ومجهدة، قال وهو يقف على باب الغرفة:
-هيا قومي لقد جلبت الطعام.
-لا استطيع الحراك يا آثر انا متعبة للغاية، اغسل الملابس منذ الصباح حتى تورمت يداي.
قال لها يتهكم:
-الن تتناولي الطعام اذا؟
تعجبت سهيلة من طريقة كلامه، قالت بانفعال:
-وما دخل تناول طعامي بتعبي يا آثر؟
-تقولين أنك لا تستطيعين القيام، اقول لكِ جلبت الطعام تقولين متعبة.
تحدثت سهيلة بحزن:
-آثر انا حقا متعبة، الا يمكنك وضع الطعام؟ لا اريد ان اكل إن كان هذا ما يريحك.
قامت سهيلة لتذهب إلى غرفة نومها بالداخل، امسك بها آثر من زراعتها وقال بلطف:
-لا تغضبي مني انا اعتذر منكِ.
سالت دموع سهيلة كالمطر، تصعب عليها نفسها مما تعانيه وتتحمله، فقالت باكية:
-انا حقا لا احتمل هذا الوضع، لقد فاق الامر طاقة تحملي، اخبرتك إن تقوم بتركيب الغسالة، والموقد، لا نستطيع عيش حياة طبيعية هكذا يا آثر.
ضمها إليه وقال:
-حسنا لا تغضبي هيا اغسلي وجهك وتعالي نتناول الطعام سويا.
دخلت سهيلة تغسل وجهها وجلست مع آثر لتناول الطعام، بعد الإنتهاء قامت سهيلة وجلبت لآثر خمسون جنيهاً واعطته إياها، نظر إليها وهو يجلس على فراشه وقال:
-ما هذه يا سهيلة؟
جلست جواره وقالت:
-انا ما تبقى لدي من اموال الزفاف التي اعطاني إياها عمي، خذها واكمل عليها واتصل بشركة الغسالات، وعندما يتيسر الحال نقوم بتركيب الموقد، لو نظرت إلى الامر من جهة أخرى نحن نصرف المال يومياً في جلب الطعام الجاهز، لتوفر هذا المال ونطهو طعامنا في المنزل.
فكر آثر في كلامها قليلاً ثم قال:
-اجل لديكِ حق، حسنا انا معي مائة جنيه ساضعها على الخمسون وتتصل بشركة الغسالات، اما بالنسبة إلى الموقد ستجلب شخصا يقوم بتركيبه.
-ليس اي شخص يا آثر، تلك الأجهزة تحتاج إلى مهندس مختص، لقد جلبها لي ابي كهدية زواجي، اخاف أن يفسدها احد.
نفر من حديثها عما جلبه والدها وقال:
-لا تقلقي لن يحدث لها شيئاً، وإن حدث سارسل لوالدك المال ليجلب لكِ غيرها.
تعجبت سهيلة من طريقته واسلوبه السيء في الحديث، قام بعد القاء حديثه ليدخل إلى غرفة النوم، فقالت له عندما وصل للباب:
-ولم لم تفعلها من قبل؟
وقف آثر مكانه، اردف ينظر إليه بغضب، وعاد إليها ثم قال بانفعال:
-ماذا تقصدين بحديثكِ هذا؟
طأطأت سهيلة رأسها وقالت:
-لا شيء.
ظل ينظر إليها بغضب وضيق ثم وقف معتدلاً وذهب إلى الداخل، ظلت سهيلة تضرب الارض بقدمها من ضيقها، ثم قالت لنفسها:
-سحقا لهذه الحياة، هل هذا ما اردتي عيشه ايتها الغبية؟
عم المساء ودخلت سهيلة تستحم، انتظر آثر خروجها فوجدته يستعد للنزول، فقالت باستغراب:
-أين ستذهب؟
-انا انزل الى المقهى لبعض الوقت.
-انتظرني وخذني معك، اريد الخروج لتنفس بعض الهواء النقي.
نظر إليها بصمت، ظلت تتدلل عليه وتقول:
-رجاءا يا آثر رجاءا، ما زلنا في بداية زواجنا، ستنزل وتتركني هنا وحيدة.
ابتسم قائلاً:
-حسنا هيا ارتدي ملابسكِ.
هلت سهيلة كالاطفال ودخلت مسرعة ترتدي ملابسها، ونزلت برفقة آثر، بدأ يريها بعض الاماكن التي يجلس فيها في العادة، وقال لها:
-ما رأيكِ أن نذهب الى منال.
-ولم نذهب الى هناك، لقد خرجنا بعض الوقت لنذهب من منزل إلى منزل، مرة اخرى دعنا نتناول العشاء خارجاً، نجلس في مطعم او حديقة او ما شابه.
لم يرد آثر طلبها، بالفعل جلب لها الدجاج المشوي و الكفتة المشوية، واخذها إلى حديقة عامة، بينما كانوا يجلسون كان آثر يتصفح رسائله على الواتس آب، فقالت سهيلة:
-ماذا تفعل، لم تمسك الهاتف ونحن سويا؟!
لمحت سهيلة بطرف عينها انه يقوم بحذف بعض المحادثات، لكنها لم تتمكن من رؤيتها جيدا، فقال آثر:
-لا شيء فقط كنت اتحدث إلى أكرم.
باستغراب قالت:
-اكرم؟! ولم؟ انت تراه كل يوم لساعات، ما الداعي للحديث معه الآن؟
شعرت سهيلة أن هناك شيئاً يخفيه آثر، لكنها لا تعلم ماهو فقررت أن تخبرها بطلبها الهاتف منه:
-اعطني هاتفك يا آثر، عماذا تتحدث انت واكرم ارني.
لكنه رفض إن يريدها المحادثات بالرغم من تحدثها بمزاح، اصرت سهيلة ان تحصل على هاتفه فقال لها:
-حسنا ارني هاتفك ايضا.
امسكت سهيلة هاتفها بكل ثقة ووضعته امامه، هي لا تفعل ما يجعلها تخاف من رؤيته إليه، نظر إليه وقال:
-حسنا يا سهيلة انا الرجل، انا من ارى هاتفك وليس انتِ.
وقفت سهيلة ووضعت يداها على الطاولة وقالت بنبرة تهديد:
-ان لم تعطني الهاتف الآن ساعود إلى المنزل.
ضحك آثر وظن انها تمزح، فهي لن تستطيع العودة وحدها، لا تعلم الطرق جيدا، ولا تعلم طريق العودة، لكنها تعرف اسم الشارع الذي تسكن به ورقم المنزل، فقال آثر:
-حقا؟! حسنا هل تعرفين كيف تصلين إلى المنزل؟ اذهبي.
لم تتردد سهيلة لحظة في إن تتركه وتذهب إلى خارج الحديقة، احيانا يتفاجأ من جرأتها وشجاعتها، تلك ليست هي الفتاة ذاتها التي كان يتحكم بها كيفما يشاء ويفعل بها مايريد، ربما اصبح الامر مختلفا الآن بعدما تعرفت عليه وعلى عائلته عن قرب.
اخبر آثر العامل في الحديقة ان يحفظ الطعام وباقي الاشياء حتى عودته، خرج مسرعا ورائها وامسك بزراعتها وسط الشارع يشدها بغضب:
-ماذا تفعلين ايتها الحمقاء هيا الى الداخل.
دفعت بيده وقالت له:
-اترك يدي، لن ادخل حتى تعطيني الهاتف وتخبرني بما تخفيه.
-لا تجعلني اسبة وسط الشارع هيا الى الداخل، بالفعل انت لا خروج لك من المنزل بعد الآن حسنا، سنرى ماسنفعله بعد العودة.
دفعت بيديه إلى الخلف بانفعال وذهبت تكمل طريقها، فقال لها:
-حسنا هيا ادخلي ساعطيك إياه، لقد اصبحنا فرجة للناس، هيا ادخلي.
دخلت سهيلة إلى الحديقة وجلست على الطاولة واعطاها آثر الهاتف، لكنه كان قد قام بحذف محادثات لم تراها سهيلة، وعندما وصلت إلى محادثته مع اكرم، سحب منها الهاتف بحجة انهم شباب ويمزحون مع بعضهم بالفاظ لا يمكنها قراءتها او سماعها.
جعلته سهيلة يرى انها اقتنعت بحديثه ومررت الامر، لكن ما زال في بالها ما فعله آثر وتلك المحادثات التي قام بحذفها.
جلست معه وتناولت الطعام سويا وهم في طريقهم إلى العودة، قالت سهيلة:
-هيا لنذهب إلى منال، نجلس معها بعض الوقت قبل ان نصعد إلى المنزل.
نظر إليها باستغراب وقال:
-الم تقولي انك لا تريدين؟
-لا لم اقل ذلك قلت اني اريد استنشاق بعض الهواء النقي اولا، ونذهب إليها لاحقاً.
ضحك آثر وقال:
-اقسم اني تزوجت من طفلة، لهذا تخلى عنك اهلك بسهولة، لو اخبروني انك مجنونة لما كنت تزوجت بكِ.
ضحكت بسخرية على حديثه وقالت:
-اجل بالفعل لقد تخلوا عني بسهولة والدليل على ذلك ما عانيته لتحصل علي، اليس كذلك، انتم الرجال تتنمرون دائما بعد الحصول علينا، اما قبل ذلك فتتوددون كالاطفال لتحصلوا علينا.
ضحكوا سويا وصعدوا إلى منال، وجدوا خطيبة شقيقه الاكبر هناك، وشهد ومنال، دخلت ورحبت بهم جميعاً، وجلست هي وآثر في جانب منفرد، جلبت لهم منال اكواب عصير، ثم جلست معهم تتبادل الاحاديث مع سهيلة، رن هاتف سهيلة بمكالمة واردة من والدتها.
اجابت سهيلة وكانت الكلمة الاولى التي سمعتها منها عندما فتحت الخط هي:
-لقد اشتقت إليكِ كثيراً يا سهيلة.
تلك الكلمات جعلت سهيلة تدمع وهي تقف عبر النافذة، اجابت والدتها بنبرة مهزوزة تحاول تمالك نفسها:
-وانتم ايضاً اشتقت اليكم كثيرا يا امي.
-اخبريني كيف حالكم؟
-حمدا لله نحن بخير لا تقلقي، نحن بالخارج الآن، ذهبنا انا وآثر لتناول العشاء بالخارج، ونحن الآن عند شقيقته منال.
قالت سهيلة تلك الاحاديث لوالدتها حتى تجعلها تطمئن انها بخير ولا تشغل بالها قلقا عليها، اطمئنت عليها والدتها عندما سمعت صوتها سعيدة واغلقت الخط معها، آتي آثر من خلفها يطوقها بزراعه قائلاً:
-هل كانت هذه والدتكِ؟
-اجل انها هي.
-هل اوصلتي لها سلامي؟
-انا ترسل السلام اليك ايضاً، لقد اشتقت إليها كثرا.
-ساجعلك تذهبين لزيارتها في اقرب وقت، فقط تتعدل الاحوال المادية وادعك تذهبين.
-حقا يا آثر؟!
-بالطبع يا عزيزتي.
جلست سهيلة وآثر لبعض الوقت وغادروا إلى شقتهم، وخلدوا للنوم دون خلافات اليوم.
في اليوم التالي استيقظ آثر وقال لها دون إلحاح منها إنه سيذهب لجلب شخص ما يقوم بتركيب الموقد بالغاز، تعجبت سهيلة من حماسه وسعيه لقضاء حوائج المنزل دون إلحاح منها.
وبعد فترة زمنية تقرب الساعة اتى آثر وقال لها إن شقيقه محمد سيجلبه له في المساء، تناولوا الفطور سويا وانتظروا حتى حل المساء، نزل آثر واخبرها إنه سيجلب محمد والمصلح ويأتي، وتفاجأت سهيلة عندما انى آثر وليس برفقته المصلح، بل اتت معه منال وشهد وابنة منال الصغيرة وشقيقه محمد.
تعجبت عندما فتحت الباب، لكن ليس عليها سوى الترحيب بهم، بعد دخولهم وجلوسهم، اخذت آثر إلى الداخل وقالت:
-لم لم تخبرني بانهم قادمون يا آثر؟
تفاجأت من رده قائلاً:
-ولم اخبركِ؟ وإن اخبرتك هل كنتِ سترفضين قدومهم، إنه منزلي يا سهيلة وهؤلاء هم عائلتي.
-انا لم اقل ذلك يا آثر لكن كنت اريد الاستعداد لاستقبالهم، ماذا سيشربون ليس لدينا شيء يتناولونه.
-لا تقلقي سياتي مصلح الموقد بعد قليل وحضري لهم بعض الشاي، سهيلة اريد أن اسألك شيئاً.
-ماذا؟
البارت الثاني والعشرون
عندما تتلاقى الاجساد تتلاقى الارواح ايضا، هناك رابط خفي لا يعلمه سوى خالقه، عندما يغمر الجسد الدفء والرغبة معا، ويغمر القلب العشق المجنون، تتخلل مشاعر خفيه إلى القلوب وتسكنها حتى الممات.
في ليلة سهيلة الاولى في عش الزوجية، استطاعت أن تمنح نفسها السعادة بالرغم مما قاسته، فاجتماعها مع آثر في نهاية الأمر هو ما تمنته.
عندما علم آثر أن سهيلة مستعدة للقائهما الاول، قفز فرحا من سعادته، اتجهت سهيلة إلى الطعام وتركت آثر في نار الحيرة، ثم اخبرته انها جاهزة بعد تفكير للحظات، إنه مهما مر الوقت هذا سيحدث، تناولت الطعام مع آثر وقضت ليلتها الاولى في هناء وسعادة.
استيقظت صباحا وهي جانب آثر على فراش واحد، نظر إليها عند استيقاظها يتأملها، فهو يراها كأنه يراها للمرة الأولى في حياته، لقد اصبحت ملكه بعد معاناة وعذاب، اقترب منها يقبل كتفها ثم عنقها يدغدغها، حتى اصدرت صوت ضحكاتهم.
كانت سعادة ايامهم الاولى معا جعلتها تنسى ماهي به وما مرت به، لقد مضى ثلاثة أيام على زواجها، ارادت سهيلة إن تنظف الملابس خاضتها وخاصته، لكن كيف لها أن تفعل ذلك ومازالت الغسالة لم تتوصل بوصلات المياه والكهرباء بعد، استدعت سهيلة آثر من الغرفة وقالت:
-آثر يا آثر؟
قدم إليها وقال:
-اجل يا سهيلة ماذا هناك؟
-اريد إن اغسل تلك الملابس، نحتاج إليها ومازالت الغسالة لا تعمل، اتصل بالمهندس من فضلك يأتي لتركيبها.
قال آثر بهدوء:
-وهل سيأخذ هذا المهندس مال؟
-لا اعلم ربما، دعنا نتصل برقم الشركة ونستعلم عن الامر؟
-حسنا كم الرقم؟
-ها هو مكتوب على كرتونة الغسالة.
اتصل آثر بشركة الغسالات وعلم أن تركيب الغسالة سيتكلف مائة وخمسون جنيهاً، فقال لخدمة العملاء:
-حسنا سنتصل بكم لاحقاً شكراً.
تعجبت سهيلة من رفضه وقالت:
-ما الامر لم لم تخبرهم أن يأتون؟
بصوت منفعل قال آثر:
-يحتاح قدومهم إلى مائة وخمسون جنيهاً، تعليمات اني لا املك المال الكافي الآن، دعيها فيما بعد نقوم بتركيبها.
-وكيف ساغسل تلك الملابس انا؟
-ساجلب لكِ مسحوق الغسيل، واغسليها بيديكِ يا سهيلة، او اتركيها حتى تركب الغسالة.
تعجبت سهيلة مما يقوله، إنه مبلغ بسيط ليس بالامر الصعب وهو يمتلك هذا المبلغ لكنه لا يريد دفعه الآن، كيف ستغسل تلك الملابس على يديها؟ انها كثيرة، وإن تركتها ربما تتضرر الملابس من الركنة.
استسلمت سهيله للامر الواقع وجلست على الارض تضع أمامها اطباق بلاستيكية تغسل بها، كانت الاطباق صغيرة الحجم قليلاً، ليست بالحجم الكافي لغسل الملابس، لقد تضررت من هذا الوضع وطأطأت رأسها حزنا وكسرة على حالها، ماذا ستفعل؟ مازالت تريد تحضير الطعام ومازال الموقد لم يتم تركيبه بعد.
بعدما انتهت سهيلة من غسيل الملابس وقامت بنشر جزء منها، تبقى جزء آخر لم يسعه المكان، جلست على فراشها بعد ترتيب المكان وتنظيم الشقة، لقد كانت متعبة للغاية وجائعة، كان آثر قد خرج وعاد بعدما انتهت ومعه طعام، دخل وقال:
-سهيلة؟
إجابته من داخل الغرفة:
-انا هنا يا آثر.
دخل الغرفة وجدها مستلقية ومجهدة، قال وهو يقف على باب الغرفة:
-هيا قومي لقد جلبت الطعام.
-لا استطيع الحراك يا آثر انا متعبة للغاية، اغسل الملابس منذ الصباح حتى تورمت يداي.
قال لها يتهكم:
-الن تتناولي الطعام اذا؟
تعجبت سهيلة من طريقة كلامه، قالت بانفعال:
-وما دخل تناول طعامي بتعبي يا آثر؟
-تقولين أنك لا تستطيعين القيام، اقول لكِ جلبت الطعام تقولين متعبة.
تحدثت سهيلة بحزن:
-آثر انا حقا متعبة، الا يمكنك وضع الطعام؟ لا اريد ان اكل إن كان هذا ما يريحك.
قامت سهيلة لتذهب إلى غرفة نومها بالداخل، امسك بها آثر من زراعتها وقال بلطف:
-لا تغضبي مني انا اعتذر منكِ.
سالت دموع سهيلة كالمطر، تصعب عليها نفسها مما تعانيه وتتحمله، فقالت باكية:
-انا حقا لا احتمل هذا الوضع، لقد فاق الامر طاقة تحملي، اخبرتك إن تقوم بتركيب الغسالة، والموقد، لا نستطيع عيش حياة طبيعية هكذا يا آثر.
ضمها إليه وقال:
-حسنا لا تغضبي هيا اغسلي وجهك وتعالي نتناول الطعام سويا.
دخلت سهيلة تغسل وجهها وجلست مع آثر لتناول الطعام، بعد الإنتهاء قامت سهيلة وجلبت لآثر خمسون جنيهاً واعطته إياها، نظر إليها وهو يجلس على فراشه وقال:
-ما هذه يا سهيلة؟
جلست جواره وقالت:
-انا ما تبقى لدي من اموال الزفاف التي اعطاني إياها عمي، خذها واكمل عليها واتصل بشركة الغسالات، وعندما يتيسر الحال نقوم بتركيب الموقد، لو نظرت إلى الامر من جهة أخرى نحن نصرف المال يومياً في جلب الطعام الجاهز، لتوفر هذا المال ونطهو طعامنا في المنزل.
فكر آثر في كلامها قليلاً ثم قال:
-اجل لديكِ حق، حسنا انا معي مائة جنيه ساضعها على الخمسون وتتصل بشركة الغسالات، اما بالنسبة إلى الموقد ستجلب شخصا يقوم بتركيبه.
-ليس اي شخص يا آثر، تلك الأجهزة تحتاج إلى مهندس مختص، لقد جلبها لي ابي كهدية زواجي، اخاف أن يفسدها احد.
نفر من حديثها عما جلبه والدها وقال:
-لا تقلقي لن يحدث لها شيئاً، وإن حدث سارسل لوالدك المال ليجلب لكِ غيرها.
تعجبت سهيلة من طريقته واسلوبه السيء في الحديث، قام بعد القاء حديثه ليدخل إلى غرفة النوم، فقالت له عندما وصل للباب:
-ولم لم تفعلها من قبل؟
وقف آثر مكانه، اردف ينظر إليه بغضب، وعاد إليها ثم قال بانفعال:
-ماذا تقصدين بحديثكِ هذا؟
طأطأت سهيلة رأسها وقالت:
-لا شيء.
ظل ينظر إليها بغضب وضيق ثم وقف معتدلاً وذهب إلى الداخل، ظلت سهيلة تضرب الارض بقدمها من ضيقها، ثم قالت لنفسها:
-سحقا لهذه الحياة، هل هذا ما اردتي عيشه ايتها الغبية؟
عم المساء ودخلت سهيلة تستحم، انتظر آثر خروجها فوجدته يستعد للنزول، فقالت باستغراب:
-أين ستذهب؟
-انا انزل الى المقهى لبعض الوقت.
-انتظرني وخذني معك، اريد الخروج لتنفس بعض الهواء النقي.
نظر إليها بصمت، ظلت تتدلل عليه وتقول:
-رجاءا يا آثر رجاءا، ما زلنا في بداية زواجنا، ستنزل وتتركني هنا وحيدة.
ابتسم قائلاً:
-حسنا هيا ارتدي ملابسكِ.
هلت سهيلة كالاطفال ودخلت مسرعة ترتدي ملابسها، ونزلت برفقة آثر، بدأ يريها بعض الاماكن التي يجلس فيها في العادة، وقال لها:
-ما رأيكِ أن نذهب الى منال.
-ولم نذهب الى هناك، لقد خرجنا بعض الوقت لنذهب من منزل إلى منزل، مرة اخرى دعنا نتناول العشاء خارجاً، نجلس في مطعم او حديقة او ما شابه.
لم يرد آثر طلبها، بالفعل جلب لها الدجاج المشوي و الكفتة المشوية، واخذها إلى حديقة عامة، بينما كانوا يجلسون كان آثر يتصفح رسائله على الواتس آب، فقالت سهيلة:
-ماذا تفعل، لم تمسك الهاتف ونحن سويا؟!
لمحت سهيلة بطرف عينها انه يقوم بحذف بعض المحادثات، لكنها لم تتمكن من رؤيتها جيدا، فقال آثر:
-لا شيء فقط كنت اتحدث إلى أكرم.
باستغراب قالت:
-اكرم؟! ولم؟ انت تراه كل يوم لساعات، ما الداعي للحديث معه الآن؟
شعرت سهيلة أن هناك شيئاً يخفيه آثر، لكنها لا تعلم ماهو فقررت أن تخبرها بطلبها الهاتف منه:
-اعطني هاتفك يا آثر، عماذا تتحدث انت واكرم ارني.
لكنه رفض إن يريدها المحادثات بالرغم من تحدثها بمزاح، اصرت سهيلة ان تحصل على هاتفه فقال لها:
-حسنا ارني هاتفك ايضا.
امسكت سهيلة هاتفها بكل ثقة ووضعته امامه، هي لا تفعل ما يجعلها تخاف من رؤيته إليه، نظر إليه وقال:
-حسنا يا سهيلة انا الرجل، انا من ارى هاتفك وليس انتِ.
وقفت سهيلة ووضعت يداها على الطاولة وقالت بنبرة تهديد:
-ان لم تعطني الهاتف الآن ساعود إلى المنزل.
ضحك آثر وظن انها تمزح، فهي لن تستطيع العودة وحدها، لا تعلم الطرق جيدا، ولا تعلم طريق العودة، لكنها تعرف اسم الشارع الذي تسكن به ورقم المنزل، فقال آثر:
-حقا؟! حسنا هل تعرفين كيف تصلين إلى المنزل؟ اذهبي.
لم تتردد سهيلة لحظة في إن تتركه وتذهب إلى خارج الحديقة، احيانا يتفاجأ من جرأتها وشجاعتها، تلك ليست هي الفتاة ذاتها التي كان يتحكم بها كيفما يشاء ويفعل بها مايريد، ربما اصبح الامر مختلفا الآن بعدما تعرفت عليه وعلى عائلته عن قرب.
اخبر آثر العامل في الحديقة ان يحفظ الطعام وباقي الاشياء حتى عودته، خرج مسرعا ورائها وامسك بزراعتها وسط الشارع يشدها بغضب:
-ماذا تفعلين ايتها الحمقاء هيا الى الداخل.
دفعت بيده وقالت له:
-اترك يدي، لن ادخل حتى تعطيني الهاتف وتخبرني بما تخفيه.
-لا تجعلني اسبة وسط الشارع هيا الى الداخل، بالفعل انت لا خروج لك من المنزل بعد الآن حسنا، سنرى ماسنفعله بعد العودة.
دفعت بيديه إلى الخلف بانفعال وذهبت تكمل طريقها، فقال لها:
-حسنا هيا ادخلي ساعطيك إياه، لقد اصبحنا فرجة للناس، هيا ادخلي.
دخلت سهيلة إلى الحديقة وجلست على الطاولة واعطاها آثر الهاتف، لكنه كان قد قام بحذف محادثات لم تراها سهيلة، وعندما وصلت إلى محادثته مع اكرم، سحب منها الهاتف بحجة انهم شباب ويمزحون مع بعضهم بالفاظ لا يمكنها قراءتها او سماعها.
جعلته سهيلة يرى انها اقتنعت بحديثه ومررت الامر، لكن ما زال في بالها ما فعله آثر وتلك المحادثات التي قام بحذفها.
جلست معه وتناولت الطعام سويا وهم في طريقهم إلى العودة، قالت سهيلة:
-هيا لنذهب إلى منال، نجلس معها بعض الوقت قبل ان نصعد إلى المنزل.
نظر إليها باستغراب وقال:
-الم تقولي انك لا تريدين؟
-لا لم اقل ذلك قلت اني اريد استنشاق بعض الهواء النقي اولا، ونذهب إليها لاحقاً.
ضحك آثر وقال:
-اقسم اني تزوجت من طفلة، لهذا تخلى عنك اهلك بسهولة، لو اخبروني انك مجنونة لما كنت تزوجت بكِ.
ضحكت بسخرية على حديثه وقالت:
-اجل بالفعل لقد تخلوا عني بسهولة والدليل على ذلك ما عانيته لتحصل علي، اليس كذلك، انتم الرجال تتنمرون دائما بعد الحصول علينا، اما قبل ذلك فتتوددون كالاطفال لتحصلوا علينا.
ضحكوا سويا وصعدوا إلى منال، وجدوا خطيبة شقيقه الاكبر هناك، وشهد ومنال، دخلت ورحبت بهم جميعاً، وجلست هي وآثر في جانب منفرد، جلبت لهم منال اكواب عصير، ثم جلست معهم تتبادل الاحاديث مع سهيلة، رن هاتف سهيلة بمكالمة واردة من والدتها.
اجابت سهيلة وكانت الكلمة الاولى التي سمعتها منها عندما فتحت الخط هي:
-لقد اشتقت إليكِ كثيراً يا سهيلة.
تلك الكلمات جعلت سهيلة تدمع وهي تقف عبر النافذة، اجابت والدتها بنبرة مهزوزة تحاول تمالك نفسها:
-وانتم ايضاً اشتقت اليكم كثيرا يا امي.
-اخبريني كيف حالكم؟
-حمدا لله نحن بخير لا تقلقي، نحن بالخارج الآن، ذهبنا انا وآثر لتناول العشاء بالخارج، ونحن الآن عند شقيقته منال.
قالت سهيلة تلك الاحاديث لوالدتها حتى تجعلها تطمئن انها بخير ولا تشغل بالها قلقا عليها، اطمئنت عليها والدتها عندما سمعت صوتها سعيدة واغلقت الخط معها، آتي آثر من خلفها يطوقها بزراعه قائلاً:
-هل كانت هذه والدتكِ؟
-اجل انها هي.
-هل اوصلتي لها سلامي؟
-انا ترسل السلام اليك ايضاً، لقد اشتقت إليها كثرا.
-ساجعلك تذهبين لزيارتها في اقرب وقت، فقط تتعدل الاحوال المادية وادعك تذهبين.
-حقا يا آثر؟!
-بالطبع يا عزيزتي.
جلست سهيلة وآثر لبعض الوقت وغادروا إلى شقتهم، وخلدوا للنوم دون خلافات اليوم.
في اليوم التالي استيقظ آثر وقال لها دون إلحاح منها إنه سيذهب لجلب شخص ما يقوم بتركيب الموقد بالغاز، تعجبت سهيلة من حماسه وسعيه لقضاء حوائج المنزل دون إلحاح منها.
وبعد فترة زمنية تقرب الساعة اتى آثر وقال لها إن شقيقه محمد سيجلبه له في المساء، تناولوا الفطور سويا وانتظروا حتى حل المساء، نزل آثر واخبرها إنه سيجلب محمد والمصلح ويأتي، وتفاجأت سهيلة عندما انى آثر وليس برفقته المصلح، بل اتت معه منال وشهد وابنة منال الصغيرة وشقيقه محمد.
تعجبت عندما فتحت الباب، لكن ليس عليها سوى الترحيب بهم، بعد دخولهم وجلوسهم، اخذت آثر إلى الداخل وقالت:
-لم لم تخبرني بانهم قادمون يا آثر؟
تفاجأت من رده قائلاً:
-ولم اخبركِ؟ وإن اخبرتك هل كنتِ سترفضين قدومهم، إنه منزلي يا سهيلة وهؤلاء هم عائلتي.
-انا لم اقل ذلك يا آثر لكن كنت اريد الاستعداد لاستقبالهم، ماذا سيشربون ليس لدينا شيء يتناولونه.
-لا تقلقي سياتي مصلح الموقد بعد قليل وحضري لهم بعض الشاي، سهيلة اريد أن اسألك شيئاً.
-ماذا؟
•تابع الفصل التالي "رواية زواج السوشيال ميديا" اضغط على اسم الرواية