رواية جوازة ابريل الفصل الثالث و العشرون 23 - بقلم نورهان محسن
أنتِ من عبثتِ بالنار ، والآن لا يمكنكِ فعل أي شيء سوى الرقص معي فوق اللهب الحارق ، إما أن تحترقِ بناري أو أكون رماداً بين يديك ، ويزداد جنوني كلما اشتعل غضبكِ أكثر تجاهي أيتها الأنثى المشتعلة ، سأستكمل هذه اللعبة الخطيرة معكِ حتى أن وقعت قتيلكِ ، ستكون نهايتي مثيرة أكثر من نهاية أي رجل أخر لأنني حظيت بكِ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فى الحفلة
يرقصون معاً في مبنى يسمى "التعريشة"، مكون من أربعة أعمدة معدنية تدعم سقفًا مصنوعًا من أجزاء متشابكة ، تنمو عليها نباتات متسلقة لتستقر فوقها مصابيح تشع أضواء ملونة متحركة.
تتحرك أبريل معه بشكل غير مريح ، وهم يرقصون على إيقاع الموسيقى الهادئة ، وتضع يدها فوق مرفقه بسبب فارق الطول الكبير بينهما ، أما باسم فكان يحتضن كف يدها الأخرى بيده ، وذراعه يعانق خصرها ، وهي تفكر بسخرية ، فمن الطبيعي أن يؤدي الرقص في هذه الأجواء الرومانسية إلى خلق الانسجام والاسترخاء بين من يرقصون معاً ، وهذا عكس مشاعرها تماماً.
ضغط باسم على كفها بخفة ، وهمس بالقرب من أذنها بصوت مليء بالتحذير ، ليخرجها من دوامة أفكارها : طبعا مش محتاج اقولك انك المفروض تبتسمي .. عشان ماينفعش ان حد يلاحظ ان الموضوع في حاجة غلط
هزت إبريل رأسها بالموافقة بابتسامة صفراء ، بينما عيناها اللتان ارتفعتا متلألئتين بالغيظ ، لتقابل بهم نظراته المليئة بالفضة الذائبة ، قبل أن تتمتم بانزعاج خفيف : انت ازاي تعمل كدا؟
رفع باسم حاجبه الإيسر ، مجيبا إياها بإستفزاز : عملت نفس اللي عملتيه برا
تابع باسم حديثه بلهجة إعجابا نظرا لسرعة خطواتها التي تطابقت مع إيقاع حركاته أثناء رقصهم : باين عليكي بتعرفي ترقصي كويس .. شكلك متعددة المواهب كذب وتمثيل ورقص و لسان طويل
أنهى باسم كلامه بغمزة عابثة من رماديتيه ، لتلقى عليه نظرات حادة لردعه عن مضايقتها ، وكأنها تهرب بالغضب من إستحضار ذكريات أصبحت تكرهها الآن بسبب حنقها من شقيقها الذي علمها الرقص حتى تتمكن من مجاراة خطيبها السابق في الزفاف المزعوم ، قبل أن تزمجر بصوت تحذيري صارم : حاسب علي كلامك وماتغلطش
قطب باسم حاجبيه ، وضغط كفها الناعم أكثر بين أصابعه الخشنة ، ليتمتم بإغتياظ : يعني حطتيني قدام الامر الواقع و كمان عايزاني اسكت وماتكلمش
نظرت إليه أبريل كما لو كان له رأسان ، عاقفة حاجبيها بغرابة ، وقالت مستفسرة : هو مين اللي حط مين!! انت اتقدمتلي قدام اهلي والناس دي كلها؟
أنهت أبريل جملتها ، ورسمت علي وجهها ابتسامة خادعة ، وهي تسحب أصابعها من أسر كفه الدافئ لتستقر فوق قلبه النابض بإرتباك ، عندما لاحظت نظرات والدها تتجه نحوها من بعيد ، ثم تابعت بنبرة باردة تتناقض مع احتدام النار المشتعل فى قلبها : ازاي تسمح لنفسك تعمل كدا؟
تساءل باسم بكل برود ولؤم وهو يجارى حركاتها ، ويلف ذراعيه حول خصرها أكثر ، ويضغط بأطراف أصابعه على ظهرها ليدفعها نحوه بسهولة ، متكئًا بجبهته على جبهتها ، لم يكن هناك سوى مسافة صغيرة بين وجوههم ، وباتت أنفاسه الساخنة تلامس ملامحها الغاضبة : وانتي مارفضتيش ليه؟
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى الحديقة الخلفية لفيلا الشندويلي
تحديدا عند عز
أنهت منى حديثها بتنهيدة ناعمة من حرارة جسده المشتعل التي انتقلت إليها لتربك حواسها ، فيما اعتبر عز ما قالته استخفافاً منها ، فتقلصت ملامحه بالاشمئزاز ، وهو يهدر بغضب وغيرة عمياء : دا انا اللي مكبر الموضوع ولا انتي اللي مابقتيش حاسة بنفسك يا مدام مش ملاحظة انك تخنتي مش شايفة شكل بطنك وصدرك بقو عملين ازاي وفي حاجات مابقاش ينفع تتلبس ولا تليق عليكي
بصق عز كلماته القاسية ، وهو يشاهد اتساع عيناها بصدمة بعد أن أهانها بشكل مباشر في صميم أنوثتها ، فإجتاحه الندم على ما اقترفه بسبب تسرعه وغضبه الجحيمي ، وظل صامتًا ، وكان هناك صوت بداخله بدأ ليلومه كثيرًا ، وقبل أن يتمكن من إصلاح ما كسره بداخلها ، أخذت الأمر على عاتقها وتحدثت بهدوء : اللي ملاحظاه فعلا انك بقيت بتمسك في اقل تفصيلة فيا وتنتقدها .. بقيت تتعمد تجرحني بتنمرك علي جسمي وشكلي
_معلش لو ماكنوش عجبينك .. بس انت يا باشمهندس شكلك نسيت انا تخنت زي مابتقول كدا من ايه؟!
رفعت مني إحدى حاجبيها بسخرية ، وحثته على الكلام ، لكنه لم يخترق غلاف الصمت الذي حصن به نفسه ، فتابعت منى الكلام بنفس الهدوء اللاذع ، على عكس الجمرة المشتعلة في ثنايا قلبها : مش برده الادوية اللي باخدها عشان احمل هي اللي بهدلت جسمي كدا!! بس طبعا هتفتكر ازاي وهو انت اصلا تعبان في ايه؟!
قالت منى كلماتها الأخيرة بضيق شديد على الأمر برمته ، وقد استفزها صمته أكثر ، ظناً منها أنه غير مبالٍ ، فارتدت قدميها تلقائياً ، تنوي الهرب منه ، لكن سرعان ما تحرك قابضاً علي ذراعيها مانعاً إياها من الابتعاد ، ليهزها بقوة وهو يسألها بسخط : رايحة فين .. احنا لسه مخلصناش كلمنا؟!
صرخت به منى بهيستيريا وحدية ، وهي تدفعه بقوة بعيدًا عنها، وكم آلمه ذلك بشدة : اوعي .. ماتمسكنيش كدا .. فاهم!!!
زمجر عز بصراخ مماثل ، وقبضتيه تشد بعناد حول ذراعيها : لا مش فاهم .. مش فاهم غير حاجة واحدة بس .. انك بقيتي بتستقصدي تستفزيني في كل فرصة .. مع اني قولتلك قبل كدا وحذرتك بس اظاهر ان مافيش فايدة!!!
اجابت مني على سؤاله بسؤال يفوح منه التعجب : عملت ايه انا لكل الكلام دا .. عملتلك ايه يعني؟
فجأة تركها عز ، وأغمض عينيه وهو يتنفس بصعوبة ، بينما يمسح علي صفحة وجهه بكلتا يديه من أجل تهدئة أعصابه قدر الإمكان ، ثم نظر إليها مرة أخرى بعيون جاحظة عن كثب ، وقال لها بمنتهى السخرية : ابدا ولا حاجة معملتيش حاجة .. لابسة بس فستان غير اللي نقناه مع بعض عناد فيا .. وغنيتي في الحفلة ولا كأني موجود ولا فكرتي تاخدي اذن الطرطور اللي معاكي حتي
تجاهلت منى كل كلامه ، وركزت أفكارها على نقطة واحدة ، مما دفعها لطرح سؤال عليه بارتياب : هو احنا مش اتفقنا اني هرجع لشغلي بالأوبرا ووعدتني بتفكر !!
خرج منه تأوهً حاداً ينم عن مدي ضجره فى تلك اللحظة من هذه السيرة : يووووه
اهتزت عيناها مستنفزة من عصبيته الزائدة ، دون أن تفهم سببا واضحا لانزعاجه الواضح ، وأشارت إليه بإصبعها ، وبصوت مرتعش سألته : انت ليه كل ما نفتح الموضوع دا تتعصب عليا؟
تصلب فك عز بقسوه ، قبل أن يتشدق مجيبا عليها بغضب منزعج : لانك عارفة كويس رأيي فيه .. بس بتتعمدي تحرقي دمي عن قصد
رفعت منى كتفيها إلى الأعلى ، هزت رأسها بقوة ، وهي ترد عليه نافية التهمة الموجهة إليها : معملتش كدا يا عز .. انا احترمت كلامك لما قولتلي بلاش تنشري اي فيديوهات علي التيك توك والانستا .. لكن انا عايزة ارجع لشغلي اللي سيبته سنين عشانك .. يمكن نفسيتي تتحسن .. ايه المشكلة يعني لما اغني دي خطوبة بنت عمك .. ماقدرتش اكسفها لما طلبت
ظهرت على وجهه علامات السخط ، وهو يسأل بقسوة : وانتي مالكيش جوز تستأذنيه قبل ما تعملي كدا؟!
سألت منى بإندفاع : يعني اذا كنت استأذنتك كنت هتوافق ولا كنت هتقلبها خناقة؟!
رفع عز أحد حاجبيه ، وبلغ غضبه عنان السماء ، وكشر عن أنيابه ليخاطبها بصوت خشن قاسٍ معبرًا عن استيائه : يعني عارفة اهو ان دا كان هيسبب مشكلة مابينا ورغم كدا نفذتي اللي في دماغك
أطرقت مني نظرها إلى الأرض ، وهمست بصوت مخنوق محاولة تبرير فعلتها : جايز اكون غلطت لما ماقولتش ليك .. بس كانت نيتي اعملهالكو مفاجأة مش اكتر واجامل هالة .. كنت بغني مش برقص عشرة بلدي .. احب افكرك باتفاقنا اننا هنتناقش بهدوء في الخلافات .. بس رجعت تاني تثور عليا زي عوايدك ..
توقفت مني عن الحديث لوهلة ، ثم تطلعت إليه ببطء ، وسألته سؤالاً يكتنفه غيرة قاتلة ، مما جعله يتوقف أمامها ، متجمدًا في مكانه دون تعبير مقروء : السؤال هنا انت ايه اللي خلاك تتنرفز اوي كدا ها .. ايه غيران عليها عشان بتتخطب بعد ما كنت بتفكر تخطبها زمان
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
داخل الحفلة ، تحديدا عند باسم
_وانتي مارفضتيش ليه؟
أطال باسم النظر في عينيها متحديا إياها بعد سؤاله ، شعرت أبريل على الفور بالضيق بسبب أنفاسه العطرة التي باتت تتنفسها الآن ، لتتشكل إمارات هذا الضيق على وجهها ، وارتبكت للحظات ، وهي تشيح ببصرها بعيدًا ، لتقر بصوت متوتر : انا صحيح اتهورت واللي عملته برا كان غلطة كبيرة .. بس اش عرفني اننا هنوصل لكدا انا مقصدش كدا خا..
قاطع باسم تبريرها ، مغمغما بنبرة مليئة بالغرور والتخابث : وليه ماتقوليش انك في عقلك اللاوعي معجبة بيا و يمكن مارفضتيش عشان عجبك حضني مش محتمل برده؟
أقرن باسم عبارته اللئيمة بغمزة من إحدى عينيه الرماديتين ، التي أضاءت بنظرة شقية ، حالما رأى الغضب ينطلق كالسهام من عينيها نحوه ، منتظرا ردها اللاذع عليه ، لكنها خالفت توقعاته عندما التزمت الصمت على مضض ، ولم تدعه يستفزها ليضيع ما خططت له ، فأضاف بدهشة زائفة : سكتي يعني!! معندكيش رد ولا عجبك حضني بجد!!
اتسعت مقلتا عينيها في ارتباك ، وصرّت على أسنانها ، لتوبخه بإنفعال هامس : الزم حدودك بدل ما افضحك قدام الناس اللي بيبصوا علينا و بيصورونا وماتفتكرتش عشان سكتالك هسيبك تتمادي مفهوم
همهم باسم باعتراض ، وطوق ذراعيه حول خصرها أكثر ، يتمايل معها في انسجام ، قائلا بابتسامة هازئة إحتلت جانب فمه : وهو انا كنت جبرتك علي حاجة ما كان قدامك فرصة ترفضي وتقولي الحقيقة ماستغلتيهاش ليه ؟!
نكست أبريل رأسها إلى الأسفل ، ولم تتمكن من مجاراته فى لعبته المسلية له ، ثم ابتسمت بتوتر حتى لا يلاحظ أحد ما يدور بينهما من حديث مستهجن من طرفها وخبيث من طرفه ، وتوالت أسئلته الواحدة تلو الأخرى بإصرار : ليه اكدتي علي كلامي ؟ ليه قولتي انك بتحبيني وعايزة تكملي حياتك معايا ؟
تطلع باسم مباشرة فى عينيها متابعاً بوقاحة : ثم ماتنسيش انتي اللي تعتبري خطبتيني الاول علي فكرة..
كانت إبريل تستمع إليه ، وهي تستشعر أنفاسه العذبة تداعب وجهها ، مما جعل أنفاسها تنقبض من داخل صدرها بسبب الغضب المفرط الذي تشعر به تجاه هذا الشخص المثير للأعصاب ، لتدفعه بحركة مفاجئة ، فتسكته عن الكلام ، وإرتاحت قليلاً حينما أصبحت المسافة بينهما شبه معقولة ، لتدمدم بصوت مهتاج مليئ بالتحذير : كلمة كمان وها هد المعبد علي دماغنا احنا الاتنين
باسم ضغط خصرها بكفيه ، وما زال متشبثاً بها بعناد يشبه نظراتها إليه ، وسرعان ما أفلتت منه ضحكة مسلية عندما تذكر كيف سبق لها أن دفعته بنفس الطريقة فى المرحاض ، بينما استنكرت تصرفاته الغريبة بشدة ، وتصلبت فيروزيتها على وجهه عندما همس أمام وجهها بنوع من التحدي : ممكن تكوني انتي اللي كتبتي مشهد البداية .. بس نسيتي ان المسلسل كله من اخراجي ومن دلوقتي هتمشي علي النص زي ما انا اقرره
تحدت أبريل نظرته الماكرة بنظرة حقودة ، وقالت بين أسنانها بانزعاج واضح : انا عايزة اروح الحمام حالا لو سمحت
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
خلال ذلك الوقت
عند عز
احتد تنفسه من سخافة سؤالها من وجهة نظره ، قائلا بصوت حاد غليظ : ايه التخريف دا .. لا انتي شكلك اجننتي علي الاخر!
هزت منى رأسها في يأس على تصرفاته ، وردود فعله عليها ، ثم سألته بقنوط : انا اللي اتجننت!!
ضيق عز عينيه غضب مؤكداً بفظاظة : ايوه .. بقيتي باردة ونكدية وبتتفنني تطلعي اسوأ ما فيا
صمتت منى تستمع إليه ، وكم آذاها بقسوة كلامه الذي تهاوى علي روحها مثل السوط الحاد يلسعها بلا رحمة ، فقالت بصعوبة : واضح اني تعباك بتصرفاتي كلها ومابقتش بعمل اي حاجة تعجبك .. بقيت تقفلي علي الوحدة كأنك بتحاول تمهد لطريق المشاكل عشان نطلق يا عز
بتنهيدة حارة خرجت من ضلوعه ، تضاهى حماوة حديثهما المشحون بالغضب الناري ، وتمتم عز بإمتعاض وهو يضع يده على خصره : وهو عشان بتناقش معاكي يبقي مش عجبني تصرفاتك و عايز نطلق..
لم تتغير ردة فعلها الهازئة ، وهى تجهر بإستنكار : وانت من امتي اتناقشت او كنت مهتم يا باشمهندس .. ما انت بقيت بتغرق نفسك في الشغل عشان تفضل بعيد عني .. ولو كنت في البيت مابتتهرب من قعادك معايا
رد عز بإنفعال : اقعد عشان نقول نفس الكلام .. ومين اللي وصلنا للحالة دي؟! مين اللي حول حياتنا لجحيم
ظلت منى تنظر إليه في صمت ، وهذا أثار استفزازه بقوة ، فاقترب منها خطوة ، وأمسكها بقبضتيه ، وهزها بعنف كالورقة البالية ، يحثها على الرد بضراوة وحشية : ها .. ماتردي!
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
عند لميس فى دورة المياه داخل الجيم
ظلت تصفع وجهها بالماء البارد ، وهي منحنية فوق المغسلة ، حتى أحست بالهدوء ينتشر في خلاياها من جديد ، إنها قادرة على تسكين آلام الحيوانات الضعيفة ، ولن تفشل في علاج روحها ، لم تعد صغيرة على إنكار الواقع أو الهروب منه ، بل ستعمل جاهدة للسيطرة على مشاعرها ، ولن تضيعها هباءً لمن لا يشعر بها ، إمتزجت أفكارها بقولها بصوت عالٍ بتشجيع : باسم غالي عندي وبدل ما انا هنا قاهرة نفسي زي الهبلة المفروض اباركله واكون مبسوطة عشانه عادي معاه مهما حصل هو ابن عمك ومالوش ذنب اني صدقت وهم اخترعته في خيالي وهو مايعرفش عنه حاجة اصلا
أغمضت لميس عينيها ، وأخذت نفساً طويلاً ، وزفرته ببطء ، راضية بالشعور الإيجابي الذي نقلته لنفسها ، وفجأة تجسدت صورة خالد في مخيلتها بعينيه اللامعتين ، وابتسامته الساحرة ، وصوته العميق ، فتحت جفنيها على الفور وابتسمت برقة خجولة وهي متعجبة من ذاتها ، ثم فتحت بسرعة باب الحمام المتصل بصالة الألعاب الرياضية ، وسارت عبر الممر الصغير باتجاه باب الخروج.
تلاشت الابتسامة عن وجهها ، لتحتل الصدمة قسمات وجهها ، بمجرد سماعها صوت أنثوي هامس يتردد في المكان : صلاح!!
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في ذات الوقت
عند باسم
كانت إبريل تسير بجوار باسم ، تنظر حولها ، وكأنها تبحث عن منقذ لها من براثنه ، ليدخل معها إلى الفيلا حتى يرشدها إلى دورة مياه الضيوف ، وعندما وصلوا إلى حيث كانوا ذاهبين ، لمع في ذهنه سؤال لم يتردد في طرحه للحظة عليها بصوت هادئ : ازاي تبقي مخطوبة وتقولي انك خطيبتي قدام الصحافة مش غريبة دي!!؟
لوت ابريل شدقها بتفكر لوهلة ، قبل أن تجيبه بمراوغة : وقولت كمان اني فسخت خطوبتي السابقة
تمتم باسم بسخرية ، غير مصدقاً ما سردته أمام عائلته : عايزة تقنعيني انك ماكنتيش عارفة ان مصطفي متجوز لما خطبك؟
عقدت إبريل ذراعيها تحت صدرها ، رافعةً ذقنها في حركة غير مبالية ، لتخاطبه بجدية واقتضاب : وانت يخصك في ايه !! ما عنك ما اقتنعت .. تفتكر اني مهتمة برأيك اوي .. ولا تكون بجد صدقت المسلسل اللي انت اخترعته من شوية عليهم
رمق باسم تلك الفتاة العنيدة بردود أفعالها اللاذعة معه بعينين ثاقبتين ، ثم أصلح عبارتها بلهجته الرجولية الثقيلة متحديا إياها أن تتجادل معه : اللي احنا اخترعنا .. وللاسف انا فعلا دلوقتي في حكم خطيبك .. لما طلبتك من ابوكي وماعترضتش يعني اتورطنا احنا الاتنين زي بعض يا بندقة .. ومن حقي مابقاش عامل زي الاطرش في الزفة
ابتسمت ابريل ابتسامة باردة ممزوجة بالشماتة ، وهي تشعر بتشتت أفكاره وتزايد حيرته فى أمرها ، ثم ردت بتحدي : وانا معنديش حاجة اقولها
حالما قالت ابريل ذلك دخلت الحمام فوراً ، وأغلقت الباب على حالها ، دون أن تترك له المجال ليمنعها ، ثم استندت عليه بظهرها ، بينما صدرها يرتفع وينخفض ، وأصبح التنفس بانتظام صعبا وشاق عليها ، لقد صبرت على هذا الشخص الوقح أكثر مما المحتمل ، فحاولت تهدئة عقلها ، وأغمضت عينيها لتصفى ذهنها حتى تفكر في حل للخروج من المأزق الجديد الذي وقعت فيه بسبب غبائها وتهورها.
أما باسم في الخارج ، فضرب الحائط بقبضته ، مفرغاً غضبه من تمردها المستفز ، فأغمض عينيه يصر على أسنانه من الألم فى أصابعه ، ثم التفت ليتفاجأ بخالد الذي كان يقف خلفه مباشرة بملامح حادة قاتمة.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى نفس الوقت
داخل غرفة الجيم المصممة على الطراز الحديث والمريح ، بالإضافة إلى قطع أثاث أنيقة مع خزائن للحفاظ على الغرفة منظمة ومرتبة ، مع وجود بعض المرايا في زوايا الغرفة.
_صلاح
التفت صلاح نحو الصوت الأنثوي الرقيق بهدوء ، فاتسعت عيناه بمجرد رؤيتها محدّقاً لثوانٍ في فستانها الأخضر الفاتن ، الذي أذهله منذ أن رآها فيه في الحفلة.
اقترب منها كالمسحور ، فأغمضت عينيها ، واتسعت ابتسامتها بعذوبة عندما اختلطت أنفاسهما ، ليهمس بصوت مثير أمام شفتيها : يا روح صلاح
بدأ معدل تنفسها يرتفع من حرارة أنفاسه ، ثم طوقت رقبته بذراعيها ، وقبلت شفتيه المضمومتين برقة ، وبنفس الهمس تكلمت بلهفة : اتأخرت عليا اوي
سرعان ما تحولت القبلة الصغيرة إلى سلسلة من القبلات الخاطفة بشوق ، ليبادلها إليها بنفس الحرارة ، قبل أن يتمتم ويضحك بصوت عابث : وحشتك اوي كدا يا ديدو؟!
أومأت دعاء بتأكيد ، لتقول بصوت خافت مثقل بالعاطفة : بشكل فظيع وحشتني موت
مال صلاح على خدودها الناعمة ، مبدلا قبلاته بينهما بشغف ليقول بصوته الرخيم : براحة شوية ماتنسيش احنا حوالينا ناس
هزت دعاء رأسها نفياً ، وهي تغمس أناملها في شعره الناعم مم جعله يقترب إليها ، وجبهتها على جبهته ، بينما كان يداعب ظهرها بلطف ، لتهمس بالقرب من أذنه في استرخاء تام : احنا بعيد عنهم بمسافة كبيرة .. ثم انت نسيت الكاميرات هنا متعطلة ومين هيجي صالة الجيم دلوقتي .. يعني خلينا ناخد راحتنا شوية مع بعض بقالي كتير مش عارفة اشوفك يا صلاح
تنهد صلاح بحرارة ، ثم قبّل أسفل أذنها بنعومة أذابتها ، قبل أن يتمتم بصوت رجولي جذاب ممزوج بالتمني : كان نفسي اوي يا حياتي افضل .. بس مقدرش اتأخر علي الضيوف و ممكن وسام تلاحظ غيابي اكيد هي متوترة دلوقتي
ابتسمت دعاء بدلال ، وهي تنظر في عينيه بولهً وأخبرته بثقة : مش هتلاحظ هي مشغولة بولادها وضيوفها
كان على وشك الرد عليها ، فأسكتته مطبقة على شفتيه بخاصته وقبلته بشغف واشتياق ، لتتصاعد الرغبة في عروقه من حلاوة شفتيها فهى منذ زمن طويل ، أثارت بداخله مشاعر سحرية لم يستطع مقاومتها حتى الآن.
استمروا في تقبيل بعضهم البعض بنهم كبير حتى قرر فصل القبلة ، حالما خطر في باله أن هذا المكان ليس آمنًا ، فهو دائماً يراعي التفاصيل الصغير قبل الكبيرة ، وخاصة في شؤونه معها ، حتى لا ينكشف سره ، لذا فأنه شديد الحرص.
سيطر على نفسه بصعوبة ، وهو يبتعد عنها ، ويتمتم بصوت جدي لاهث : خلينا نأجلها شوية وأوعدك في اقرب فرصة هكون عندك وناخد راحتنا
أطرقت دعاء رأسها أرضا ، وهي تحاول التملص من ذراعيه لتقول بنبرة منزعجة : طيب يا صلاح اللي تشوفه
سألها صلاح مستغربا وهو يلف ذراعه حولها بسرعة حتى لا تبتعد عنه : ايه دا انتي زعلتي ولا ايه؟!
رفعت دعاء رموشها لتنظر في عينيه ، مستغربة من دهشته ، لتقول باللوم والغيرة الشديدة المصحوبة بالسخرية من النفس : عادي يعني هزعل ليه المفروض أني اتعودت .. مش انا اللي وافقت على كدا من الأول يبقي لازم افضل ساكتة .. وكالعادة هي اللي بتحضر معاك الحفلات وايدها في ايدك قدام كل الناس وانا واقفة اتفرج عليكو من بعيد .. مش برده دي حدود العشيقة
كل هذا الحديث دار بينهما دون أن يعرفا شيئاً عن لميس التي اتسعت عيناها البنيتان من الصدمة القوية وهى تستمع إلى كلامهم ، ، شاهدة على هذه الجريمة المنشودة ، والخيانة المأساوية فى حق الجميع.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في غضون ذلك
عند باسم
التفت باسم ليتفاجأ بخالد الذي يقف خلفه مباشرة بملامح حادة قاتمة ، فتحدث باسم بدهشة : في ايه!!
أخرج خالد الهاتف من جيبه ، وأعطاه إياه على مضض : انا اللي جاي افهم في ايه؟!
أخبره باسم بإيجاز : موضوع طويل هشرحلك كل حاجة بس هات موبايلك هعمل مكالمة ضروري
أخرج خالد الهاتف من جيبه ، وأعطاه إياه على مضض.
نقر عليها باسم عدة مرات ، ثم وضعها على أذنه منتظراً رد مدير أعماله الذي جاء سريعاً ، فقال باسم على الفور : ايوه يا تيمو .. ركز في الكلام اللي هقوله كويس مفيش وقت!!
(تيمور) مدير أعمال باسم ، شخصية هادئة جاد فى العمل ، لديه مهارات اتصال بالتكنولوجيا ممتازة ، ويتمتع بالقدرة على إدراة مهام متعددة في آن واحد ، ويقوم بأداء جميع الاعمال الموكلة إليه من باسم بنجاح وكفاءة عالية لذا يعتمد عليه كثيراً لإخلاصه وأمانته ، وهم أصدقاء بشدة.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
عند ابريل داخل المرحاض
تحركت ابريل بخطوات بطيئة نحو حوض الماء ، وبدأت بفتح الصنبور لتملأ كفيها بكمية منهم ثم ضربت الماء البارد على وجهها عدة مرات متتالية ، لتمحى الحرارة المشتعلة به.
أمسكت بعدة مناشف ورقية ، لتجففه ببطء حتى تجلب الهدوء إلى نفسها التي كانت مشتتة تمامًا بسبب قربه المهلك منها طوال هذا الوقت ، دون أن تملك القدرة على دفعه بعيدًا عنها.
فتحت أبريل فيروزيتها لتواجه انعكاس صورتها في المرآة المعلقة متوسطة الحجم أمامها ، ثم نهرت حالها بصوت حاد في انزعاج كبير : جيت اخرج نفسي من حفرة وقعت في بير مالوش قرار .. بقي انا اهزئه من كام يوم عشان افتكرته بيلعب بمشاعر واحدة بنت .. وانهاردة اقول عليه خطيبي واورط نفسي معاه
غليت دماء أبريل في عروقها باستهجان ، حالما تذكرت لقاءهما الأول ، فرفعت قبضتها تلقائيا ، وضربت رأسها عدة ضربات متتالية بحنق بالغ ، فكيف سمحت لنفسها ، في لحظة من الزمن ، أن تصدقه أو تثق به؟ لتردد بتأنيب لذاتها : غبية .. غبية .. غبية
تنهدت ابريل بقوة ، وهي تحاول تنظيم تنفسها حتى هدأت قليلا ، ثم نظرت في المرآة مرة أخرى وبدأت تفكر بصوت عالٍ وهي ترفع يديها بقلة حيلة : بس كان ايه البديل ومعملتوش .. ماقدرتش اسكت علي حبسهم ليا .. كنت المفروض ايه يحصل اوافق اتجوز واحد كداب ومنافق انا ماستحملتش الاهانة دي علي كرامتي .. كانوا كلهم بيلعبو بيا .. بأي حق يقرروا حياتي تمشي ازاي .. عايزين يضيعوا كل حاجة تعبت فيها ..
ولت ظهرها إلى المرآة ، واستندت على المغسلة بكلتا كفيها ، تجعدت ملامحها من الحزن ، ثم همست بتيه : اعمل ايه انا محتجاكي يا ستي؟! كان المفروض اسافرها .. بس ازاي بعد اللي قاله الغبي اللي برا قدام الناس
أدارت إبريل رأسها إلى أنعكاسها قاطبة الحاجبين ، وهتفت في استنكار لنفسها : ايه!! لسه تاني عايزة تسيبي ناس يمشولك حياتك ماتعلمتيش من اللي بيحصلك
إخيراً اتخذت القرار بأنها ستسافر إلى جدتها ، تاركة الجميع هنا ليضربوا رؤوسهم فى أكبر حائط ، فلا أحد يستحق أن تجعل حياتها مرهونة عليه ، ثم زفرت بقوة وهى تفرك شعرها ، فمن المستحيل أن تمر من الباب الرئيسي للفيلا أمام الجميع ، إذ لن يتركوا لها مجالاً لتفعل ما تنوي عليه.
إذن ماذا عليها أن تفعل الآن؟ يجب عليها أن تجد أي طريقة ممكنة في أسرع وقت ممكن.
استدارت ابريل بجسدها ، متكئة على الحوض مرة أخرى وعينيها تبحث تلقائيًا عن مخرج آخر ، حتى ثبتت عينيها على نافذة الحمام الزجاجية ، فإذ فكرة شيطانية تلمع في ذهنها ، بينما ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتيها.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى نفس الوقت
عند عز
هزها عز كقطعة ورق مهترئة بعنف بين يديه ، يحثها على الرد بضراوة متوحشة : ها .. ماتردي!
ردد عز بصوت غاضب ، والغيره تفتك به : مش انتي اللي مش عايزاني اقرب منك بتستفزيني ليه بالطريقة دي ليه؟
فجأة صاحت منى بصوت مليئ بالكثير من الغضب والقهر ، متشبثة بكفيه فوق ظهر يده على ذراعيها : بتقرب مني لما تكون ليك مزاج في كدا .. غير كدا مابتهتمش انا حاسة بإيه .. مابتسألنيش مالك ايه حصل انهاردة في يومك في حاجة مزعلاكي ولالا؟! ولما بصدك في السرير من كسرة خاطري منك بتتقلب عليا
سقطت يدي عز من كتفيها من الصدمة ، وهي تردف بنبرة معذبة وسخرية ممزوجة بالدموع التي تنهمر من مقلتيها لا شعوريا : بس معاك حق هو ليه مثلا تقدر اللي انا فيه وتكون حنين ومتفاهم معايا!! الاسهل تفكر اني من تعب جسمي ونفسيتي اني مش عايزاك تقربلي .. لا وكمان ابقي بقرف من لمستك زي مابتقول .. برافو يا باشمهندس تحليل رائع الحقيقة .. وانا اللي محولة حياتك جحيم يا عز .. انت حتي مابتحاولش تعرف اي حاجة عن من اللي بحس بيه؟!
أخرج عز نفسه من صدمته المؤقتة ، ليغمغم بمكابرة : مني انتي بأسلوبك دا هتوصلينا لحيطة سد مع بعض
هسهست منى بشراسة وجنون ، وهي تضربه بقبضتها في منتصف صدره عدة مرات متتالية : انا .. انا .. انا!!
استأنفت مني حديثها بصوت حانق ، لتفرغ أخيرا ما فى جعبتها بعد أن خرجت من شرنقة الخرس الزوجي ، الذي ظلت عالقة فيه لفترة طويلة ، فانفجرت الآن دون أن تأخذ في الاعتبار العواقب الوخيمة التي ستلحق بهم بعد ذلك : كل حاجة انا السبب فيها كل حاجة انا اللي بعملها .. انت مابتعملش حاجة خالص .. انت ماتعرفش حاجة اصلا عني .. انا تعبت من اسئلة الناس البايخة ليا في كل مناسبة بكون فيها معاك .. عشان لسه ماخلفتش واللي بتعرف اني اتأخرت في الحمل مع ان معندناش مشكلة بتمصمص في شفيفها وبتواسيني بشفقة .. وامك اللي دايما عايزاك تتجوز عشان يكون ليك اطفال وامي اللي من خوفها انك تطلقني كل يوم والتاني توديني لدكتور شكل وافضل احاول واحاول .. مابطلش محاولة عشان ماتفكرش تتجوز عليا .. وسايب افعالك وماسك في ردود فعلي انا !!!
تابعت منى صائحة بثورة غضب كثيفة الدخان : انت ايه يا اخي!! مابتحسش!! نازل فيا انا اتهامات وعمال تحاسب وتلوم فيا وانت مابتعملش حاجة .. خلاص انا تعبت ومابقتش قادرة استحمل العيشة .. مش قادرة تعبت منك و جبت اخري خلاص
ظل عز واقفًا بجسد متيبس ، ووجهه متصلب غير مصدق ، ثم سيطر على نفسه وتنحنح وهو يردد بهدوء مريب ، وقد تحولت نيران الغضب المشتعل بداخله إلى رماد : لدرجة دي مابقتيش طيقاني طيب وانا هريحك..!!!
رمشت منى بإضطراب ، وبدأت نبضات قلبها تتزايد بعنف من التوتر ، وشعرت بعدم الارتياح من نبرة صوته الجليدية ، وتردد داخلها صوت يشبه نعيب الغراب ، كما لو كان حدسها يتنبأها بأن كارثة ستحل بهم ، متأكدة أن ما سيخبرها إياه بعد لحظة هى ليست على إستعداد له.
عز :...
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية جوازة ابريل) اسم الرواية