رواية مسك الليل الفصل الرابع و العشرون 24 - بقلم سارة طارق
٦- استعداد لبداية جديدة
________________________
يجلس جابر أمام هذا الضيف الذى أتى خصيصا لزوجة ولده و يصر على. عدم الحديث إلا أمام مسك
" أسمع يا ... جولتلى أسمك أيه "
اجاب الأخر
" عيس سليمان يا جابر بيه "
هز الآخر رأسه
" أسمع يا أستاذ عيس سليمان احنا حرمنا مبيجعدوش مع غرب.... فياريت تجول عاوز منها أيه
وأنا بنفسي هبلغها " تحدث جابر بإحترام رغم عدم الراحه التى يشعر بها لهذا الرجل منذ أن رائه
انزل عيس فنجان قهوته التى يحتسيها و أسر على وجود مسك فى تلك الجلسة
" مش هينفع والله يا جابر بيه لازم أشوفها دى أمامنه ووصية ميت وأنت راجل سيد العارفين وبتفهم فى الأصول واكيد هتفهمنى وهتقدر طلبى زى ما أنا قدرت و جاى انفذ الوصية "
رغم أن رده هذا وضع جابر فى موقف محرج وظن عيسى نفسه ذكياً بعد جملتة الأخيرة إلا أنا جابر ردها علية بذكاء يفوق ذكائه لانه فهم لعبته بالحديث
" بس هو اللى بيفهم فى الأصول ده بيروح لبيوت
الناس يسأل عن حرمهم ويطلب أنه يشوفهم ويجعد معاهم جبل ما يسأل عن راچل البيت ويستأذن منه جبلها ( قبلها ) مش المفروض تشوف راچلها رأيه أيه ولا حد جالك أنها زريبه "
حمحم عيس وشعر بالحرج الشديد ولكنه حاول
تبرير فعلته بإى حديث
" معلش يا حاج جابر العيشه فى القاهرة بتنسي الواحد عداتكم فى الصعيد أصل أحنا عندنا عادى الستات تقابل رجالة طلما فى شغل أو مسأله مهمه
"
رد عليه جابر بصرامه ولكنها هادئه
" لاه . معلش يا استاذ عيسى مش كل العيل ( العائلات) أكده فى ناس برده عارفه الصح من الغلط رغم انهم برده. عايشين فى القاهرة أو فى اى بلد أو قرية عموما الحلال بين والحرام بين
ومعرفة أن أى ست يتقابل راجل من وره راجلها أو بيتاقبله بدون علمه أو فى اى مكان مقفول يبجا حرام وخصوصا لو بدون محرم فى. وسطيهم "
" بس... أنا ... مش "
أشار. له بيده أن يصمت وأكمل
" احنا مش فى محكمة عشان تبرر موقفك انا خابر كيف الحياة عندكم فى القاهرة بس انت لازم تاخد بالك أنك فى الصعيد ... وهخليك تشوفها بس مش هنسبكم لوحدكم اظن أكده كلامى واضح و وصيتك الغريبة دى نعرفها من مين أمها الله يرحمها كانت على جد حالها محلتهاش الا بيتها " قال جابر ما يدور فى عقله لأنه ظن أن هذا المحامى قادم من ناحية والدة مسك وان الوصية التى معه هى وصية تقسيم البيت بينها وبين ابنتها مثلا حتى لا يشاركون خالهم فيها هذا ما توصل له عقله حتى الأن ويتمنا أن يكون هكذا فهو غير مرتاح لتلك الجلسة
وأثناء حديثهم دخل رضوان كاثور الهائج وأمسك عيسى من تلابيب ملابسه وصرخ فيه وجهه حتى جعل الأخر من كثرة خوفه منه جعله كاد يتبول على نفسه كاد صوت رضوان يصم أذنيه
" اسمع يا جدع أنت ، انت تاخد بعضك وتغور منها برجليك الاتنين احسن اقسم بالله الواحد الأحد لخليك تخرج على نقاله ... يلا غور " رماه رضوان من يده ناحية الباب ولم يعي رضوان بوجود والده وكأن الغيرة تأكله لدرجة أنه لم يرى والده من الأساس
كاد عيس يركض من أمامهم ولكن وجد والده يصرخ وينادى عيسى ويطلب منه الجلوس وظل يعتذر وصرخ فى ابنه
" انت أكيد اتچنيت ازاى تعمل فى الرجل أكده وهو ضيفك ... مفيش أى احترام لوجودى "
" أبا أنت وجودك على عينى و راسي ... بس البنى أدم ده لازم يخرج وكلمتى لازم تمشى "
تلك الجملة الأخيرة جعلت غضب جابر يزيد أكثر على رضوان الذى وقف أمام والده و فى المنتصف كان يقف عيس يرتعش بينهم
" كلمت مين يا جليل الحيه اللى تمشى ، كلمتك دى تمشيها على مراتك ، لكن طلما أنا موچود فى البيت ده كلمتى و هى اللى هتمشى على الكبير والصغير أهنه وصوتك ده لو عالي تانى هطردك من البيت كله يلا روح هات مراتك "
جحظت عين رضوان لأول مره يسمع هذا الكلام من أبيه ورغم حزنه الا أنه رفض وجود مسك وعاند أبيه
" وأنا قولت هيخرج يابا ومسك مش هتقابل حد ودا يغور فى ستين داهي ...... " ولكن لم يكمل كلمته وابتلعها ولم يستطع حتى تكملتها
" بس أنى هجبله يارضوان ... "
التفت لها بصدمه وجز على أسنانه وأردف بغضب
" أطلعى فوق دلوقتى أحسلك "
رغم خوفها منه ولكنها أصرت
" سبنى بس أشوفه محتاج منى أيه ويعرفنى منين"
صرخ بها حتى جعل جسدها كله ينتفض
" قولتك غورى على فوق ورجلك متخطيش بره الزفت الأوضه والا هكسرهالك ... غورى انتى هتفرجى عليه " ينهج بسبب صراخه القوى وكاد الدماء تنفجر من وجهه من كثرة غضبه
وهى تراجعت للخلف بقدميها برعب من هيئته حتى والده صدم من ردة فعله الغير طبيعية فلأول مره يرى رضوان بتلك الهيئه فولده دائما هادئ ويتحدث
بعقلانيه وشخصيته هادئة جدا وكان نادرا ما يراه غاضبا ولكن حتى لم تصل لتلك الدرجة
هرولت من أمامه بسرعه خائفه منه ولكن تجمدت بأرضها عندما سمعت عيس يقول
" أنا جاى من طرف بلال " وعندما وجدها توقفت اكمل بسرعه
" بلال كتبلك ٢٠٪من ورثه ليكى " انتهز عيسى فرصة وجودها واخبرها بما يريد رغم العواقب التى سيراها من رضوان
" ارتعش بدنها عند ذكر أسمه وايضا اندهشت من تلك المفاجأة الأخرى هل فعلا فعل بلال لها هذا
اغمض رضوان عينيه وضغط على يديه فقد حصل ما أراد أن يخفيه ليس عنها فقط بل على أبيه أيضا الذى أستغرب من حديث عيسى والذى وجه حديثه له
" وأيه دخل بلال بمرات ابنى وايه اللى يخليه يكتب جزء من ورثه ليها "
هنا توتر رضوان ودب الرعب فى قلبه هو حاول أن يطرد هذا الحقير حتى لا يعرف أبيه أى شئ
" أبا ... أبا .. أنا هقولك بعدين ... بس "
" أنا مسألتكش أنت " يقولها وهو ينظر بإتجاه عيسى ومسك التى كانت اقتربت من رضوان وعيسى
ولكنها لأول مره تختبئ خلف رضوان من نظرة جابر لها التى كادت تحرقها تمسكت مسك بقميص رضوان بيد مرتعشة وأختبئت خلف ظهره تحتمى فيه
التفت لها برأسه ونظر له ليطمئنها قائلا " متخافيش " لم ترد بل هزت رأسها له وظلت متشبثه فى قميصه
هنا نطق عيسى ليهرب من تلك الحرب الصامتة الان لكنها بعد قليل ستسوء وأراد الهرب قبل أن يسوء الوضع أكثر
فنطق بسرعه وهو يخرج الاوراق من حقيبته
" مدام مسك دى أوراق الوصية اللى بتملكك ٢٠٪ من ورث الدكتور بلال المنسي وكمان معاها جواب خاصة ليكى من الدكتور بلال واتمنا تقرأيه لانه وصانى عليه اكتر من ورق الورق نفسه "
مد يده بلأوراق فنظرت له ونظرت لرضوان ،. كانت عيون رضوان كلها أمل أن ترفض أخذه أى شىء يخص بلال كان عنده أمل أن تختاره هو و ليس بلال .. ولكن خذلته كالعادة واختارت بلال فمدت يدها لعيسى وامسكت الاوراق من وبعدها هرول بسرعه للخارج ولكن وجد من ينتظره أمام الباب وأخذوه كما أمرهم رضوان
أما هى فظلت خلف رضوان تنظر للأوراق التى بين يدها وبعدها سمعت صوت رضوان بهدوء عكس صراخه قبل قليل
" أطلعى فوق يا مسك ومتنزليش غير لما ابعتلك "
كادت تخطو ولكن منعها جابر بعد أن أمسك بيدها بقوة وصرخ
" مش هتتحرك منهنه غير لما أعرف ايه صلتها بلال المنسي "
اقترب رضوان وأمسك بيد والده يحاول أن يبعدها عن مسك ولكن دون أن يضغط عليه بقوة
" سبها يابا ميصحش كده "
نهره والده " اخرس أنت متكلمش ليك عين تكلم بعد ما جبتلنا عجربه ( عقربه ) كانت مع جاتل اخوك والله اعلم أيه اللى كان بنهم "
" أبا " صرخ بها رضوان وهو ينزع يد والده بقوة من على مسك التى تبكى حتى كاد يغشى عليها من الخوف
جحظت عين جابر من فعلت رضوان ونظر ليده التى شدها رضوان بقوة لدرجة أن أصابع رضوان طبعت على يده من قوة الشدة
" أطلعى فوق يلا " قالها لها رضوان حتى يخرجها من تلك اللحظه لأن والده ممكن أن يهينها أكثر من هذا ركضت الآخرى هاربه من أمام عينيه للخارج
تنهد رضوان وحاول أخذ نفس عميق ليستطيع أن يتحدث مع والده ويخبره بكل شئ أخفاه عنه ولكن
" اطلع بره ... بره بيتى يا عاق ، بره بجولك" صاح جابر بأخر كلمة
ولكن رفض رضوان التحرك
" يابا اسمعنى لأول وبعد كده اعمل اللى انت عاوزه "
ظل جابر يطرده للخارج ويدفعه ناحية الباب
" بره أنت والتعلبه اللى دخلتها بيتى وخلتها بجت سته وفى الاخر تطلع مصاحبة بلال اللى جتل اخوك تلجيها مدبره العمليه معاه تلجيها دبرت كل حاچه عشان متطلعش خسرانه ولو واحد أتجتل التانى يسد مكانه مش أكده "
رد رضوان على والده " لاه يابا مسك اشرف من أشرف بنت عرفتها وأطهر من كده بكتير مش مسك يابا اللى تشارك فى دم حد برئ ولا حتى شيطان دى أجبن من كده بكتير يابا .... " انخفض ليد والده وحاول تقبيلها وهو يقول " ورحمة رشاد ياحاج ورحمة رشا لتمسعنى للآخر بعد كده مش هتشوف وشي تانى هنا فى الدار بس أسمعنى "
بعد حلفانه برحمة أخيه رضخ جابر ليسمعه ولكنه وافق ليستمع له ليس بسبب رشاد فقط بل لأجل ذلك الغلاف الشفاف الذى ظهر فى عين رضوان يوحى بإنهياره لو لم يسمعه
قص له رضوان كل شئ يخص مسك وعلاقتها السابقة ببلال ولكن لم يذكر أنها أخبرته أنها ليست عذراء حتى لا يزيد الطين باله بالفعل كان والده يعرف انها تريد الزواج من شخص معين و والدتها ترفضه دائما ولكن لم يذكر لوالده اسمه هذا الشخص خوفا من ردت فعله وان يكره مسك قبل
أن يراها ، ولكن ما جعل جابر. يهدء قليلا
بعد أن عرف انها هى من تخلصت منه
وكان لها جزء كبير من رد حق ابنه وفرحتهم
بهذا
تنهد رضوان
" بس يابا أدى كل اللى حصل انا عارف انها غلطانه بس هى اعترفت بغلطها ده والحمدلله انها فهمت فى الوقت المناسب قبل ما الموضوع يطور عن كده ، وطلما عرفت غلطها يابا تبقا تستحق دنيا جديدة
وانا كمان يابا حابب أعيش حياة ودنيا جديد ومش هعشها من غير مسك فايتختارها وتخترنى يا نمشى
أنا هقعد يبقا هى تقعد قبل منى دى خلاص بقت مرات. يعنى كرامتها من كرمتى وراحتها من راحتي "
نظر جابر له يحاول التفكير فى حديث رضوان ويقلب الحديث فى رأسه ولكن انتفض
عندما وجد رضوان يركض للخارج ويصرخ وينادى مسك
رأى رضوان النار خلف نافذة المكتب كانت نيران قويه جدا تأكل أي شئ يقترب منها
ظل يركض بكل سرعته حتى وجد ما جعله يتوقف رائها وهى تبكى أمام النار وتمسك بمظروف والأوراق التى أعطاها لها عيسى من بلال وهى تمسكهم وتقطعهم لقطع صغيرة وكل قطعة تلقيها بقوة فى النيران وكأنها لاتمزق الاوراق بل تمزق ذكرياتها مع بلال وتلقى فى النيران لتحرقها تشعر أنها تمزق كل صفحة فى كتاب حياتها كتب فيه اسم بلال وتحرقه لكى تنساه وتعيش من حديد
اقترب منها ورأى حالتها الحزينه وكأنها تائها وتريد قشة النجاة وكأنه هو تلك القشه لا لبس قشة ولن يقبل أن يكون مجرد قشة ضعيفة تريد التعلق بها بل يريد أن يكون لها مركب النجاة التى تبحر معها وتحميها حتى لاتغرق فى بحر الحياة الغدار
عندما شعرت بلمسته أرتمت فى أحضانه تبكى وتبكى بكاءً لو انك حجر كنت لنت وادمعت من بعد سماعها يكفيك فقط شهقاتها التى تخرج من قلبها كأنها كأنها تكويه لتجدد خلاياه وتجعله يبدأ من جديد هاهى. تعاقب على ما فعلته ولكن من رحمة الله عليها هونه واعطاها فرصة جديده لأن الله يعلم نقاء قلبها وأنها أدركت خطأها وتريد التوبه عنه ولكن يجب أن تدفع ثمن ما فعلته وها هى دفعت الثمن
ركض جابر خلف ابنه للحديقة الخلفية ورأى حالتها تلك رغم كل غضبه منه وكل الأفكار السيئه التى جمعها شيطانه فى عقله من ناحيتها ألا انا صوت بكائها شق قلبه وجعله يرق لها من جديد وأخذ وعد أنه لن يتدخل فى حياة. رضوان وخصوصا عندما يكون يخص زوجته فله اختياره ويتحمل نتيجته أين كانت النتيجة لصالحه ام ضده ولكن يكفيه المحاولة معها لعل وجوده معها مقدر من عند الله
وعندما رأى دموع ابنه تهبط على خديه
علم أن ابنه وقع فى المحظور وهو ( العشق )
لم ينطق بكلمة معها بل تركها تخرج كل ما بداخله
فى أحضانه يضمها بقوة كأنه يريد أن يدخلها فى قلبه ويحميها من أى شئ ، ضعف هو الآخر وظل يبكى وأخرج كل ما بداخله من ضيق كتمان وجعه
طوال تلك الفترة وأخرج كل معانه فى أحضانها وهى فعلة مثله وأخرجت كل ما بداخلها وكأنهم يغسلون
قلوبهم من كل ألم عاشوه ليعودوا من جديد
ظلو على تلك الحالة فترة كبير لا يعلمان عددها
وبعدها حملها رضوان بين يديه وسار بها حتى دخل البيت وتخطى والده ولم ينظر له بل لم يرى اى شئ غير وجهها الذى تخبئه بين أحضانه وصعد بها للأعلى
ودخل غرفتة واقترب من الفراش و وضعها عليه وأمسك قدمها وخلع حذائها وهى تخبئ وجهها داخل الوسادة دموعها توقفت عن الهطول ولكن لم تتوقف شهقاتها عن الخروج فظلت تشهق حتى شعرت أن روحها سوف تخرج من أستمرار شهقاتها تلك
نام بجانبها بعد أن عدل وضعية نومها ليريح جسدها وجلب لها الماء وجعلها ترتشف منه القليل ولكن لم تستطع الشرب بسبب شهقاته القاتلة لقلبه تلك
حاول أن يجعلها تشرب القليل وبعدها ضمها له وظل يردد آيات قرأنية حتى تهدأ وهو يضمها ويمسح بيده على رأسها وهو يتلو القرآن و الرقية الشرعية أيضا ظل يرددها لها حتى شعر بثقل رأسها على صدره فعرف أنها قد غفت وعدل من وضعيتها مرة أخرى وبعدها نام و هو أيضا وهى بين أحضانه ليريح رأسها
على صدره ولكن قبل أن تغفو عيونه قبلها من رأسها ودعى الله لها براحة القلب والنفس والبدن وراحة العقل
وبعدها غفت عينيه بعد أن أخذ قرار أن يبدأ معها حياة جديد وسيجعلها تعيش معه أجمل أيام حياتها وعاهد نفسه أنه سوف يجعلها تحبه لدرجة كبيرة وسيكون قلبها ملكه فى أقرب وقت ليساعدها على ترميم قلبها من جديد .
_________________________________________
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية مسك الليل) اسم الرواية