رواية زواج السوشيال ميديا الفصل الرابع والعشرون 24 - بقلم سهام احمد
seham Ahmed:
البارت الرابع والعشرون
مقاساة الحياة لا تنتهي، تخرج من واحدة تدخل في الاخرى، نحن نعيش فيها نعافر لأجل البقاء والاستمرار، نتحمل الكثير من الألم والاوجاع والمعاناة، فقط لأجل الاستمرار وعلى أمل بأن الحياة ستكون أفضل لاحقاً.
نتنازل عن أشياء عديدة املاً أن نعوض بأفضل منها، ربما نكون هنا خسرناها للابد ولن نحصل عليها ولا على أفضل منها، ربما نحصل على ماهو اسوأ؛ لتنازلنا عما هو ملك لنا في الاصل، فلن يكون هناك شيئا يعوض المرأة عن حق هو ملك لها في الأصل عندما تتنازل عنه برغبتها لأجل رجل.
قبل أن نتنازل عن حقوقنا علينا أن نعلم جيدا إن كان هناك من يستحق هذا التنازل أم لا، وعلينا أن نقتنع بأسباب التنازل حتى لانعود باللوم على أنفسنا لاحقاً، وتكون الخسارة حليفتنا والندم رفيقنا، ولن يفيد شيئاً ولن يعيد ما كان.
ظلت حياة سهيلة غير مستقرة بعد الزواج لفترة طويلة، طباع مختلفة كلياً، تتعامل معها بصعوبة، تحاول التأقلم مع الأمر.
عندما توفر المال مع آثر طلبت منه سهيلة أن تشتري بعض اواني الطهي وتعيد الأواني خاصة منال التي ظلت لديها حوالى الاسبوع، تعلم انها فتاة وقحة ولا تريد التشابك معها لأمر كهذا، ظل يماطل آثر ليومين حتى اتصلت به منال وقالت له أن يجلب لها الأواني، عندما سمعته سهيلة اشطاطت غضبا وقالت وهو يتحدث معها:
-اخبرها أن الأواني خاصتها مركونة هنا منذ يومين ولم استخدمها، أخبرتك مرارا أن تأخذها لها هل كنت منتظرا حتى تطلبهم مني، لم تضعني في هذه المواقف؟
قال آثر بانفعال:
-اخبرتك اني ساخذهم إليها يكفي انتهى الامر.
ازداد انفعالها وقالت بغضب:
-حقا ستأخذهم إليها الآن بعدما قامت بطلبهم، حسنا أن لم تأخذني الان لشراء نواقص منزلي لن ابقى بالمنزل دقيقة واحدة بعد.
صرخت في وجهه وقالت:
-يكفي الى هنا لقد تحملت الكثير وعانيت الكثير وانت لا تهتم، لقد غسلت الملابس على يداي حتى تورمت، تحملت ضيق الشقة والمطبخ الذي اقف فيه بصعوبة حتى تألم ظهري، اجلس على بلاط المنزل دون فراش، لا استطيع فتح النوافذ من الجيران فلا ستائر تداريني، حتى أنني اتصبب عرقا في اليوم ألف مرة؛ لانه لا توجد مراوح أو مبرد هواء، ماذا اتحمل اكثر من ذلك؟
اقترب آثر منها خطوتان وهو يقول:
-حسنا اهدأي.
بكل انفعال تراجعت وهي تصرخ وتقول:
-لن اهدأ لقد وعدتني أن تكون شقتي افضل من جميع فتيات عائلتي، هل هذا هو الافضل؟! لقد أصبحت بفضلك أقل منهن جميعاً.
تكاثرت دموعها بقلب منكسر وهي تقول:
-حتى زفافي لم يكن الزفاف الذي استحقه، انا سهيلة الفتاة التي كانت ينتظر الجميع كيف سيكون عرسها وشقتها وحياتها، تكون هذه هي نهايتي؟
فقدت سهيلة أعصابها وجلست أرضا وهي تبكي حسرة على نفسها، جلس آثر جوارها يهدأ من حالتها:
-حسنا يا سهيلة يكفي هكذا رجاءا، ماذا أفعل أنا تعلمين اني عندما امتلك المال سافعل لك كل ما تريدينه، هل تجرحين مشاعري بهذا الكلام وانت تعلمين ماهي ظروفي، انا أعتذر منك انا المتسبب بكل هذا واعدك اني سافعل كل ما استطيع فعله لارضائك، هيا قومي ارتدي ملابسكِ، سنذهب لشراء بعض الأواني.
قامت سهيلة وارتدت ملابسها ونزلت مع آثر لشراء بعض الأواني المنزلية، عندما تغضب سهيلة وتكاد أن تفقد السيطرة على نفسها من شدة الغضب يهدأ آثر ويتعامل معها بهدوء تام، وعندما تكون هادئة تظهر قسوته عليها ومعاملته السيئة، وكأنه يقوى بضعفها ويضعف بقوتها.
عندما تقوى المرأة يضعف الرجل أمام قوتها ويتراجع عما يقدم على فعله من اذى، وعندما تضعف المرأة يستمد الرجل قوته من ضعفها فيتمادى عليها بقسوته، لا اعلم إن كانت هذه هي طباع الرجال ام لا، ولكن هنا بدأ الأمر واضحا في كل خلاف يحدث بين سهيلة وآثر، عندما تتعامل مع الأمر بهدوء يتمادى هو وعندما تغضب وتنفعل يتراجع هو، مع مرور الوقت اكتشفت سهيلة أن هذه هي طباعه جميعاً.
بعد مرور عدة أشهر ظهرت نتيجة العام الدراسي لسهيلة الذي خاضت امتحاناته قبل زواجها، علمت أنها رسبت للمرة الثانية وذلك بفضل آثر وافعاله، حزنت كثيرا ولكن اصرت أن تكمل دراستها مهما كلفها الأمر.
بعد مرور عدة أشهر كان قد اقترب موعد ولادة شهد زوجة أكرم، حدثت بينهم وبين منال عدة خلافات وقامت بطردهم من المنزل، كان اكرم لا يقارن بأحد في بجاحته وبروده، كان يذهب إلى منزل آثر وزوجته دون موعد سابق، كان يتناول الطعام لديهم دون خجل، واحيانا كان يبقى وينام لديهم دون استئذان أو خجل.
ملت سهيلة من هولاء الأشخاص وبدأت تعاملهم بمعاملتهم، تتشاجر مع آثر باستمرار حتى تغيره وتغير من هذه الطباع، استطاعت أن تغير بعض الأمور لصالحها، لن يأت احد دون إذن مسبق، ولا نوم لديها لأحد كل منهم ينام في منزله، ولا طعام لاحد دون عزومة سابقة.
بالفعل استطاعت أن تفعل هذه الأشياء مع مرور الوقت ويعتاد الجميع على طباعها، لكن كرههم لها كان يزداد، كان يرونها متكبرة ولا تطاق، بالرغم من أنها كانت تتحدث بالأصول دائما، لكن لا تعجبهم الأصول لأنهم لا يعرفونها جيداً.
في يوم ما في الصباح الباكر اتصل اكرم بآثر وهو في خلوة حميمة مع سهيلة، قاطع خلوتهم اتصاله، اجابه بضيق قائلاً:
-ماذا يا أكرم. مازال الوقت باكراً.
-ستلد شهد اليوم يا آثر، اريد مبلغا من المال كسلفة حتى احصل على المال من عملي.
-حقا ستلد، حسنا اين أنتم الآن؟
-نحن في طريقنا إلى المشفى.
-حسنا سنأتي اليكم على الفور.
قام آثر من جانب سهيلة بسرعة، مازالت سهيلة تنظر إليه باستغراب، لاحظ ذلك وقال لها:
-ما الامر؟ لم تنظرين الي هكذا هيا قومي ارتدي ملابسك سنذهب إليهم.
قالت رهف وهي تمسك بالغطاء ترفعه على صدرها، وشعرها المسدول الى اسفل ظهرها، تتعجب وترفع رأسها قائلة:
-لم انظر اليك؟! هل بتلك البساطة تتركني وتذهب لأجل شقيقك وزوجته.
-ألا تفهمين؟ يقول انها تلد في المشفى.
خرج آثر من الغرفة إلى الحمام، تزفر سهيلة بضيق وتقول:
-يا لاكرم وزوجته، انهم حظك السيء في الحياة يا سهيلة، لا فائدة.
قامت سهيلة إلى الحمام تستحم، وبدلت ملابسها وخرجت مع آثر للمشفى، وصلوا إلى هناك وانتظروا حتى دخلت شهد الى المشفى، نظرت سهيلة إلى حالة المشفى المزرية، أنه مشفى عام قمة الإهمال، لكن أكرم اخذها إليه؛ لانه لن يدفع جنيها واحداً في ولادتها فهم يحددون مواعيد الولادة المجانية من الساعة الثامنة صباحا حتى الواحدة ظهراً، دخلت شهد وخرجت بعد نصف ساعة وقالت إن الطبيب أخبرها انها ليست حالة ولادة ومازال لديها يومان.
فقال أكرم بكل برود ودون استئذان:
-حسنا لتبقي عند سهيلة الليلة وتأتي الى هنا غدا برفقتها.
رمقته سهيلة بنظرات التعجب والزهول، يا لهذه البشر تقرر ما سيفعله غيرها، فقالت سهيلة:
-شهد اتصلي بوالدتكِ هي أحق بأن تكون معكِ في هذا اليوم، انا لن افهم بهذه الاسدشياء قدرها يمكنها الاعتناء بك أكثر مني.
قال اكرم:
-ألا تريدينها أن تبقى لديك يا سهيلة؟
-ليس هذا ماقصدته يا اكرم، لكني مثلي مثلها لا افهم شيئاً في هذه الأمور، إن كان على هذه الليلة مقدور عليها.
نظر اكرم إلى سهيلة بوجه خشن، وعاود النظر إلى آثر، فقالت سهيلة:
-هيا يا آثر.
تحرك الجميع سويا وقال آثر ليغير من حدة مزاجهم:
-ماذا ستسمونها يا اكرم؟
قال اكرم:
-نسميها على اسم والدتك رحمها الله.
-حقا اصيل يا أكرم، فعلا أنه أفضل اسم.
فقالت سهيلة تضحك بسخرية:
-وهل هذا ما يجعله أصيلاً؟! الم يكن كذلك من قبل؟
قام آثر بوخذها في زراعها وخذة خفيفة حتى تتوقف عن إثارة الجدل بينها وبين أكرم، فقال:
-اجل انا أيضاً ساسمي ابنتي على اسم امي.
قالت سهيلة:
-ولم لا اسميها على اسم امي انا هل ستكون ابنتك وحدك؟
فقالت شهد تنهي هذا النقاش:
-حسنا فقط انتظروا حتى تأتي اولا بسلام.
سكت الجميع ثم قال اكرم لشهد:
-هل لديك مانع يا حبيبتي في أن اسميها على اسم امي؟
قالت شهد بخوف:
-بالطبع لا يا حبيبي.
نظرت إليهم سهيلة بقرف، علاقة مقززة كل منهما يدعي حب الآخر ويتحدث عنه في ظهره، علاقة ليس فيها ماهو صادق سوى المعاشرة الجسدية، أجساد بلا أرواح.
قالت سهيلة عندما لاحظت أن شهد لا تريد تسميتها بهذا الإسم، حاولت إقناع الجميع بطريقة مختلفة:
-من المفترض ألا نربط اطفالنا بأحد في تسميتهم، ما المختلف في أن اسمي ابنتي على امي او على امه، فهي ليست هي ولن تصبح مثلها، هما شخصان مختلفان، انا لا أحبذ هذه الأشياء.
فقال آثر مؤيدا لها:
-اجل بالفعل وانا اتفق معكِ، انا من سيسميها، ما رأيكم في اسم "چنى"؟
وافق عليه آثر واكرم وشهد أحبته أيضاً، وأصبح هذا هو الاسم المفروض للطفلة المنتظرة.
مر اليوم وأتى اليوم التالي والذي من المقرر أن يكون يوم ولادة شهد، استيقظ الجميع في شقة آثر وتناولوا الفطور ثم استعدوا للنزول للذهاب إلى المشفى، فقالت سهيلة:
-آثر أخبرتك عدة مرات بأن تأخذ القمامة معك لرميها، هل تعجبك هذه الرائحة؟
قال آثر يتهكم:
-ولم لا ترميها انت بدلا من تركها تتعفن هكذا؟
-وهل انا اعرف اين يكون مكان رميها؟ ارني اين هو لاحقاً وسارميها انا.
فقال آثر يريد أن يظهر أمام اخية وزوجته رجل مسيطر يهين زوجته امام الجميع، تلك هي الرجولة في نظره:
-خذوا يدل على نظافتكِ، انظروا الى القمامة يلتم الناموس حولها من عفانتها.
فقالت سهيلة بغضب:
-عفانة من؟ من تقصد بذلك؟ لم تتحدث كثيراً؟ واجهني بما تريد قوله لاعرف كيف اجيبك.
فقال آثر بانفعال:
-انا عفانتكِ انت.
فأجابته بنفس رده:
-بلى هي عفانتك، ولن ارمي قمامة ولن أخذها، لتحليل عليك كل يوم حتى تأخذها معك، لا يوجد ركن بهذا القبر الذي اسكنتني فيه لا يبدوا نظيفا بفضل نظافتي واهتمامي، هل كانت هذه شقة؟! لقد جعلتها منزلا مرتبا ومنظما يليق بك لكنك لست معتادا على هذا.
استفزته سهيلة بتلك الكلمات واقترب منها يريد ضربها فوقفت شهد بينهما تخلصهم وقالت:
-لاجلي انا يا آثر، الا تحترمون وجودي بينكم.
قال آثر بتهديد:
-اقسم لك يا سهيلة لولا شهد لكنت قسمتكِ إلى نصفين.
ضحكت سهيلة بسخرية وقالت:
-حقا؟! ابتعدي يا شهد لأرى كيف سانقسم إلى نصفين.
قالت شهد:
-اصمتي يا سهيلة وكفى، سآخذ انا القمامة.
اقسم آثر أن لا احد سيأخذ القمامة غير سهيلة واقيمت سهيلة أنها لن تأخذ القمامة. ولا لن تخرج من المنزل، لكن عندما رأت شهد وغضبها مما يحدث، تنازلت سهيلة وأخذت القمامة تقديرا لها ولحالتها، لكن ما جعل سهيلة تستفز أكثر، أن آثر أعطى شهد مصاريف المواصلات إلى المشفى ولم يعطيها لزوجته، مهما حدث من خلافات بينهما تظل هي زوجته ولها الحق في كل ذلك.
هل اذا صار خلاف بين الزوجين يعطي حقوقها لأخرى، ربما لأنه شخص غريب الأطوار في كل شيء فلن تقف على هذه التفاصيل، لكنها ستعاتبه لاحقاً على أفعاله.
البارت الرابع والعشرون
مقاساة الحياة لا تنتهي، تخرج من واحدة تدخل في الاخرى، نحن نعيش فيها نعافر لأجل البقاء والاستمرار، نتحمل الكثير من الألم والاوجاع والمعاناة، فقط لأجل الاستمرار وعلى أمل بأن الحياة ستكون أفضل لاحقاً.
نتنازل عن أشياء عديدة املاً أن نعوض بأفضل منها، ربما نكون هنا خسرناها للابد ولن نحصل عليها ولا على أفضل منها، ربما نحصل على ماهو اسوأ؛ لتنازلنا عما هو ملك لنا في الاصل، فلن يكون هناك شيئا يعوض المرأة عن حق هو ملك لها في الأصل عندما تتنازل عنه برغبتها لأجل رجل.
قبل أن نتنازل عن حقوقنا علينا أن نعلم جيدا إن كان هناك من يستحق هذا التنازل أم لا، وعلينا أن نقتنع بأسباب التنازل حتى لانعود باللوم على أنفسنا لاحقاً، وتكون الخسارة حليفتنا والندم رفيقنا، ولن يفيد شيئاً ولن يعيد ما كان.
ظلت حياة سهيلة غير مستقرة بعد الزواج لفترة طويلة، طباع مختلفة كلياً، تتعامل معها بصعوبة، تحاول التأقلم مع الأمر.
عندما توفر المال مع آثر طلبت منه سهيلة أن تشتري بعض اواني الطهي وتعيد الأواني خاصة منال التي ظلت لديها حوالى الاسبوع، تعلم انها فتاة وقحة ولا تريد التشابك معها لأمر كهذا، ظل يماطل آثر ليومين حتى اتصلت به منال وقالت له أن يجلب لها الأواني، عندما سمعته سهيلة اشطاطت غضبا وقالت وهو يتحدث معها:
-اخبرها أن الأواني خاصتها مركونة هنا منذ يومين ولم استخدمها، أخبرتك مرارا أن تأخذها لها هل كنت منتظرا حتى تطلبهم مني، لم تضعني في هذه المواقف؟
قال آثر بانفعال:
-اخبرتك اني ساخذهم إليها يكفي انتهى الامر.
ازداد انفعالها وقالت بغضب:
-حقا ستأخذهم إليها الآن بعدما قامت بطلبهم، حسنا أن لم تأخذني الان لشراء نواقص منزلي لن ابقى بالمنزل دقيقة واحدة بعد.
صرخت في وجهه وقالت:
-يكفي الى هنا لقد تحملت الكثير وعانيت الكثير وانت لا تهتم، لقد غسلت الملابس على يداي حتى تورمت، تحملت ضيق الشقة والمطبخ الذي اقف فيه بصعوبة حتى تألم ظهري، اجلس على بلاط المنزل دون فراش، لا استطيع فتح النوافذ من الجيران فلا ستائر تداريني، حتى أنني اتصبب عرقا في اليوم ألف مرة؛ لانه لا توجد مراوح أو مبرد هواء، ماذا اتحمل اكثر من ذلك؟
اقترب آثر منها خطوتان وهو يقول:
-حسنا اهدأي.
بكل انفعال تراجعت وهي تصرخ وتقول:
-لن اهدأ لقد وعدتني أن تكون شقتي افضل من جميع فتيات عائلتي، هل هذا هو الافضل؟! لقد أصبحت بفضلك أقل منهن جميعاً.
تكاثرت دموعها بقلب منكسر وهي تقول:
-حتى زفافي لم يكن الزفاف الذي استحقه، انا سهيلة الفتاة التي كانت ينتظر الجميع كيف سيكون عرسها وشقتها وحياتها، تكون هذه هي نهايتي؟
فقدت سهيلة أعصابها وجلست أرضا وهي تبكي حسرة على نفسها، جلس آثر جوارها يهدأ من حالتها:
-حسنا يا سهيلة يكفي هكذا رجاءا، ماذا أفعل أنا تعلمين اني عندما امتلك المال سافعل لك كل ما تريدينه، هل تجرحين مشاعري بهذا الكلام وانت تعلمين ماهي ظروفي، انا أعتذر منك انا المتسبب بكل هذا واعدك اني سافعل كل ما استطيع فعله لارضائك، هيا قومي ارتدي ملابسكِ، سنذهب لشراء بعض الأواني.
قامت سهيلة وارتدت ملابسها ونزلت مع آثر لشراء بعض الأواني المنزلية، عندما تغضب سهيلة وتكاد أن تفقد السيطرة على نفسها من شدة الغضب يهدأ آثر ويتعامل معها بهدوء تام، وعندما تكون هادئة تظهر قسوته عليها ومعاملته السيئة، وكأنه يقوى بضعفها ويضعف بقوتها.
عندما تقوى المرأة يضعف الرجل أمام قوتها ويتراجع عما يقدم على فعله من اذى، وعندما تضعف المرأة يستمد الرجل قوته من ضعفها فيتمادى عليها بقسوته، لا اعلم إن كانت هذه هي طباع الرجال ام لا، ولكن هنا بدأ الأمر واضحا في كل خلاف يحدث بين سهيلة وآثر، عندما تتعامل مع الأمر بهدوء يتمادى هو وعندما تغضب وتنفعل يتراجع هو، مع مرور الوقت اكتشفت سهيلة أن هذه هي طباعه جميعاً.
بعد مرور عدة أشهر ظهرت نتيجة العام الدراسي لسهيلة الذي خاضت امتحاناته قبل زواجها، علمت أنها رسبت للمرة الثانية وذلك بفضل آثر وافعاله، حزنت كثيرا ولكن اصرت أن تكمل دراستها مهما كلفها الأمر.
بعد مرور عدة أشهر كان قد اقترب موعد ولادة شهد زوجة أكرم، حدثت بينهم وبين منال عدة خلافات وقامت بطردهم من المنزل، كان اكرم لا يقارن بأحد في بجاحته وبروده، كان يذهب إلى منزل آثر وزوجته دون موعد سابق، كان يتناول الطعام لديهم دون خجل، واحيانا كان يبقى وينام لديهم دون استئذان أو خجل.
ملت سهيلة من هولاء الأشخاص وبدأت تعاملهم بمعاملتهم، تتشاجر مع آثر باستمرار حتى تغيره وتغير من هذه الطباع، استطاعت أن تغير بعض الأمور لصالحها، لن يأت احد دون إذن مسبق، ولا نوم لديها لأحد كل منهم ينام في منزله، ولا طعام لاحد دون عزومة سابقة.
بالفعل استطاعت أن تفعل هذه الأشياء مع مرور الوقت ويعتاد الجميع على طباعها، لكن كرههم لها كان يزداد، كان يرونها متكبرة ولا تطاق، بالرغم من أنها كانت تتحدث بالأصول دائما، لكن لا تعجبهم الأصول لأنهم لا يعرفونها جيداً.
في يوم ما في الصباح الباكر اتصل اكرم بآثر وهو في خلوة حميمة مع سهيلة، قاطع خلوتهم اتصاله، اجابه بضيق قائلاً:
-ماذا يا أكرم. مازال الوقت باكراً.
-ستلد شهد اليوم يا آثر، اريد مبلغا من المال كسلفة حتى احصل على المال من عملي.
-حقا ستلد، حسنا اين أنتم الآن؟
-نحن في طريقنا إلى المشفى.
-حسنا سنأتي اليكم على الفور.
قام آثر من جانب سهيلة بسرعة، مازالت سهيلة تنظر إليه باستغراب، لاحظ ذلك وقال لها:
-ما الامر؟ لم تنظرين الي هكذا هيا قومي ارتدي ملابسك سنذهب إليهم.
قالت رهف وهي تمسك بالغطاء ترفعه على صدرها، وشعرها المسدول الى اسفل ظهرها، تتعجب وترفع رأسها قائلة:
-لم انظر اليك؟! هل بتلك البساطة تتركني وتذهب لأجل شقيقك وزوجته.
-ألا تفهمين؟ يقول انها تلد في المشفى.
خرج آثر من الغرفة إلى الحمام، تزفر سهيلة بضيق وتقول:
-يا لاكرم وزوجته، انهم حظك السيء في الحياة يا سهيلة، لا فائدة.
قامت سهيلة إلى الحمام تستحم، وبدلت ملابسها وخرجت مع آثر للمشفى، وصلوا إلى هناك وانتظروا حتى دخلت شهد الى المشفى، نظرت سهيلة إلى حالة المشفى المزرية، أنه مشفى عام قمة الإهمال، لكن أكرم اخذها إليه؛ لانه لن يدفع جنيها واحداً في ولادتها فهم يحددون مواعيد الولادة المجانية من الساعة الثامنة صباحا حتى الواحدة ظهراً، دخلت شهد وخرجت بعد نصف ساعة وقالت إن الطبيب أخبرها انها ليست حالة ولادة ومازال لديها يومان.
فقال أكرم بكل برود ودون استئذان:
-حسنا لتبقي عند سهيلة الليلة وتأتي الى هنا غدا برفقتها.
رمقته سهيلة بنظرات التعجب والزهول، يا لهذه البشر تقرر ما سيفعله غيرها، فقالت سهيلة:
-شهد اتصلي بوالدتكِ هي أحق بأن تكون معكِ في هذا اليوم، انا لن افهم بهذه الاسدشياء قدرها يمكنها الاعتناء بك أكثر مني.
قال اكرم:
-ألا تريدينها أن تبقى لديك يا سهيلة؟
-ليس هذا ماقصدته يا اكرم، لكني مثلي مثلها لا افهم شيئاً في هذه الأمور، إن كان على هذه الليلة مقدور عليها.
نظر اكرم إلى سهيلة بوجه خشن، وعاود النظر إلى آثر، فقالت سهيلة:
-هيا يا آثر.
تحرك الجميع سويا وقال آثر ليغير من حدة مزاجهم:
-ماذا ستسمونها يا اكرم؟
قال اكرم:
-نسميها على اسم والدتك رحمها الله.
-حقا اصيل يا أكرم، فعلا أنه أفضل اسم.
فقالت سهيلة تضحك بسخرية:
-وهل هذا ما يجعله أصيلاً؟! الم يكن كذلك من قبل؟
قام آثر بوخذها في زراعها وخذة خفيفة حتى تتوقف عن إثارة الجدل بينها وبين أكرم، فقال:
-اجل انا أيضاً ساسمي ابنتي على اسم امي.
قالت سهيلة:
-ولم لا اسميها على اسم امي انا هل ستكون ابنتك وحدك؟
فقالت شهد تنهي هذا النقاش:
-حسنا فقط انتظروا حتى تأتي اولا بسلام.
سكت الجميع ثم قال اكرم لشهد:
-هل لديك مانع يا حبيبتي في أن اسميها على اسم امي؟
قالت شهد بخوف:
-بالطبع لا يا حبيبي.
نظرت إليهم سهيلة بقرف، علاقة مقززة كل منهما يدعي حب الآخر ويتحدث عنه في ظهره، علاقة ليس فيها ماهو صادق سوى المعاشرة الجسدية، أجساد بلا أرواح.
قالت سهيلة عندما لاحظت أن شهد لا تريد تسميتها بهذا الإسم، حاولت إقناع الجميع بطريقة مختلفة:
-من المفترض ألا نربط اطفالنا بأحد في تسميتهم، ما المختلف في أن اسمي ابنتي على امي او على امه، فهي ليست هي ولن تصبح مثلها، هما شخصان مختلفان، انا لا أحبذ هذه الأشياء.
فقال آثر مؤيدا لها:
-اجل بالفعل وانا اتفق معكِ، انا من سيسميها، ما رأيكم في اسم "چنى"؟
وافق عليه آثر واكرم وشهد أحبته أيضاً، وأصبح هذا هو الاسم المفروض للطفلة المنتظرة.
مر اليوم وأتى اليوم التالي والذي من المقرر أن يكون يوم ولادة شهد، استيقظ الجميع في شقة آثر وتناولوا الفطور ثم استعدوا للنزول للذهاب إلى المشفى، فقالت سهيلة:
-آثر أخبرتك عدة مرات بأن تأخذ القمامة معك لرميها، هل تعجبك هذه الرائحة؟
قال آثر يتهكم:
-ولم لا ترميها انت بدلا من تركها تتعفن هكذا؟
-وهل انا اعرف اين يكون مكان رميها؟ ارني اين هو لاحقاً وسارميها انا.
فقال آثر يريد أن يظهر أمام اخية وزوجته رجل مسيطر يهين زوجته امام الجميع، تلك هي الرجولة في نظره:
-خذوا يدل على نظافتكِ، انظروا الى القمامة يلتم الناموس حولها من عفانتها.
فقالت سهيلة بغضب:
-عفانة من؟ من تقصد بذلك؟ لم تتحدث كثيراً؟ واجهني بما تريد قوله لاعرف كيف اجيبك.
فقال آثر بانفعال:
-انا عفانتكِ انت.
فأجابته بنفس رده:
-بلى هي عفانتك، ولن ارمي قمامة ولن أخذها، لتحليل عليك كل يوم حتى تأخذها معك، لا يوجد ركن بهذا القبر الذي اسكنتني فيه لا يبدوا نظيفا بفضل نظافتي واهتمامي، هل كانت هذه شقة؟! لقد جعلتها منزلا مرتبا ومنظما يليق بك لكنك لست معتادا على هذا.
استفزته سهيلة بتلك الكلمات واقترب منها يريد ضربها فوقفت شهد بينهما تخلصهم وقالت:
-لاجلي انا يا آثر، الا تحترمون وجودي بينكم.
قال آثر بتهديد:
-اقسم لك يا سهيلة لولا شهد لكنت قسمتكِ إلى نصفين.
ضحكت سهيلة بسخرية وقالت:
-حقا؟! ابتعدي يا شهد لأرى كيف سانقسم إلى نصفين.
قالت شهد:
-اصمتي يا سهيلة وكفى، سآخذ انا القمامة.
اقسم آثر أن لا احد سيأخذ القمامة غير سهيلة واقيمت سهيلة أنها لن تأخذ القمامة. ولا لن تخرج من المنزل، لكن عندما رأت شهد وغضبها مما يحدث، تنازلت سهيلة وأخذت القمامة تقديرا لها ولحالتها، لكن ما جعل سهيلة تستفز أكثر، أن آثر أعطى شهد مصاريف المواصلات إلى المشفى ولم يعطيها لزوجته، مهما حدث من خلافات بينهما تظل هي زوجته ولها الحق في كل ذلك.
هل اذا صار خلاف بين الزوجين يعطي حقوقها لأخرى، ربما لأنه شخص غريب الأطوار في كل شيء فلن تقف على هذه التفاصيل، لكنها ستعاتبه لاحقاً على أفعاله.
•تابع الفصل التالي "رواية زواج السوشيال ميديا" اضغط على اسم الرواية