رواية صعود امرأة الفصل الرابع و العشرون 24 - بقلم اية طه
…بيراقبنا، بس متقلقيش، أنا هتصرف.”
نجاة كانت واقفة قدامه وهي متوترة جدًا، نظرتها كلها خوف وقلق. قالت بصوت مهزوز: “فيصل، مين ممكن يكون ورا الرسالة دي؟”
فيصل تنهد، وحاول يخفف من توترها: “متأكديش من حاجة دلوقتي، ممكن حد بيحاول يلعب علينا أو يضغط، بس أنا هتحرى عن الموضوع. المهم إنك تكوني هادية.”
نجاة حاولت تبتسم، لكنها ما قدرتش تخفي خوفها: “طيب، بس متسبنيش لوحدي… حاسة إن في حاجة غلط.”
فيصل قعدها على الكرسي جنب السرير وقال بحنان: “طبعًا مش هسيبك، إحنا مع بعض في كل حاجة. وصدقيني، مفيش حاجة هتحصل طول ما أنا معاكِ.”
نجاة بصت له بعينين مليانة ثقة، بس القلق لسه كان مسيطر عليها.فيصل كان قاعد في الأوضة اللي فتحها في الشقة اللي خدها في إسكندرية، بيحاول يرتاح بعد يوم طويل من الشغل في النيابة. لسه بيحاول ينسى شوية من المشاكل اللي لاحقاه، بس فجأة سمع صوت الباب بيتفتح. كانت نجاة، دايما حريصة إنها متزعجوش، بس النهارده باين عليها القلق.
نجاة بصتله وقالت: “فيصل، وعد مش في الأوضة بتاعتها، مفيش حد شافها من الصبح!”
فيصل قام بسرعة: “إيه؟ يعني إيه مش موجودة؟ وعد ما بتعملش كده!”
حاولوا يدوّروا في الشقة كلها، من غير فايدة. كل الأماكن اللي ممكن تكون فيها مفيهاش أي أثر ليها. نجاة كانت قلبها بيدق بسرعة: “أنا خايفة يكون حد خدها يا فيصل!”
فيصل بدأ يحس بالتوتر، ورجع قعد على الكرسي وحط إيده على وشه: “اللي حصل ده مش طبيعي… أنا لازم أفكر. هي وعد في حد في حياتها ممكن يكون عايز يعمل كده؟”
نجاة هزت رأسها: “مش عارفة، بس مش لازم نسيب الموضوع يعدي، لازم نتحرك بسرعة قبل ما الوقت يضيع.”
وفجأة، رنة الموبايل قطعت التوتر اللي في الأوضة. فيصل بص في تليفونه، وكان فيه رسالة تانية من نفس الرقم المجهول اللي كان بعد له أول رسالة. فتح الرسالة بصوت متوتر، وقرأ بصوت مسموع: “دلوقتي جه الدور إنك انت اللي تدور عليا.”
الرسالة دي كان ليها وقع غريب على قلبه. بص لنجاة وحاول يربط الأحداث: “معقول؟ الشخص ده بيلعب بينا… وبيهددنا من الأول!”
نجاة: “لازم نبلغ الشرطة، مش ممكن نقعد مستنيين اللي جاي!”
فيصل وقف بسرعة: “مش هينفع نبلغ حد دلوقتي، مش عايزهم يعرفوا حاجة. ده شخص بيلعب على أعصابنا… وأنا مش هسيب حد يلعب بيا أو بيك. هنلاقي وعد، وهنعرف مين الشخص ده.”
رجع فيصل بذاكرته لآخر مرة شاف وعد فيها، وافتكر إنها كانت مبسوطة وبتتكلم عن الأماكن اللي عايزة تزورها في إسكندرية. لكنه حس إن في حاجة كانت مضايقاها، حاجة مخبيها ومش عايزة تتكلم فيها.
نجاة كانت بتبصله بقلق: “أنا حاسة إن في حاجة كبيرة مخبيينها علينا… بس إيه؟ وعد ما قالتش حاجة طول الفترة اللي فاتت.”
فيصل خرج من الأوضة بسرعة وقال: “أنا هتحرك على طول، هنزل أدور في كل الأماكن اللي ممكن تكون راحتها. انتِ خليكي هنا، لو جات أي معلومة، قوليلي على طول.”
نجاة كانت عايزة تنزل معاه، بس هي عارفة إن وجودها هيزود التوتر: “ماشي، بس خلي بالك من نفسك يا فيصل.”
نزل فيصل بسرعة، وساب وراه في دماغه مليون سؤال. كان بيدور في الشوارع اللي قريبة من الشقة، وكل ما يقرب من البحر، حس إنه بيلف في دايرة مش قادر يخرج منها.
وفي وسط الضلمة اللي في الشوارع، لمحت عينه ظل بيتحرك قدامه. كان ظل حد صغير في الحجم، شبه وعد، لكنه لما قرب، ما لقاش حد. الصوت الوحيد اللي سمعه هو صوت الموج بيضرب في الصخور.
فيصل وقف ورفع راسه للسماء، حاول يهدي أعصابه: “لازم أكون هادي، مفيش فايدة من الجنون.”
وفجأة، الموبايل رن تاني، رسالة جديدة جاتله. فتحها بسرعة، وكان مكتوب فيها: “فاكر لما قلتلك إن الدنيا دوارة؟ دلوقتي جه الوقت إنك تدور عليا بنفسك.”
فيصل حس إن الرسالة دي بتفتحله باب لأكبر تحدي في حياته. هو مش قدامه غير إنه يكمل في اللعبة اللي الشخص المجهول ده بيحاول يفرضها عليه.
رجع للشقة وهو حاسس إنه لازم يركز، لازم يخطط ويعرف أكتر عن اللي بيحصل. لما وصل، لقى نجاة قاعدة على الكنبة، وعينيها مليانة دموع: “لقيت حاجة؟”
هز رأسه: “لأ، بس فيه حاجة بتحصل ورا الكواليس، وأنا مش هرتاح غير لما أعرف مين اللي بيلعب بينا.”
نجاة: “أنا مش قادرة أتحمل فكرة إنها ممكن تكون في خطر يا فيصل. وعد أكتر من أخت ليا، وده بيقتلني.”
فيصل قرب منها وقال بصوت هادي: “أنا فاهم، وإحنا مش هنسكت لحد ما نرجعها. بس لازم نبقى أذكياء ونعرف نتحرك صح.”
وبعد ما عادوا تفكيرهم في كل التفاصيل اللي حصلت اليوم، فيصل اتخذ قرار: “بكره الصبح هروح النيابة وأبدأ أسأل في كل مكان ممكن أستدل منه على اللي بيحصل. وأنا متأكد إن الحل هيجي من هناك.”
لكن في الليلة دي، مفيش نوم جالهم. كل واحد فيهم كان بيحاول يلاقي معنى للرسائل اللي جات لفيصل، ويحاول يتخيل مين الشخص اللي واقف ورا كل ده.
الصبح جه بسرعة، فيصل كان صاحي من قبل الفجر. قرر يروح النيابة ويبدأ يسأل الناس اللي يعرفهم. بعد ما ساب الشقة، نجاة فضلت لوحدها بتفكر في كل اللي حصل. كانت قاعدة في البلكونة، بتحاول تستنشق الهوا النقي، وفجأة لمحت حاجة ملفوفة تحت باب الشقة.
قامت بسرعة وفتحت الباب، لقت ورقة صغيرة مكتوب عليها: “دلوقتي جه الوقت إنك تتحركي، الدنيا مش هتستناك.”
الخوف اتملك نجاة، لكنها عرفت إنها ما تقدرش تستسلم. مسكت الموبايل وكلمت فيصل: “فيصل، فيه ورقة تانية لقيتها قدام الباب، مش عارفة أعمل إيه!”
فيصل رد عليها وهو في العربية: “اوعي تتحركي من مكانك، أنا جاي دلوقتي حالًا.”
قعدت نجاة مستنية، قلبها مليان توتر وخوف من اللي جاي. بعد نص ساعة، كان فيصل وصل، وبص في الورقة بعناية. “واضح إنهم مش بيلعبوا، الموضوع كبر يا نجاة، لازم نكون مستعدين.”
لكن قبل ما يلحق يفكر في الخطوة اللي جاية، الموبايل رن تاني، رسالة جديدة جات.فيصل بص للرسالة الجديدة اللي جاتله، وبعد لحظات من الصمت، قال: “الرسالة دي مش هتعدي بالساهل. واضح إن اللي بيعمل كده عارف إحنا بنفكر في إيه وبيحاول يسبقنا بخطوة.”
نجاة قعدت قدامه وهي متوترة وقالت: “طب يعني هنفضل مستنيين اللي جاي؟ مش لازم نتحرك ونعمل حاجة؟”
فيصل اتنهد وحاول يسيطر على غضبه: “أنا هتصرف، بس لازم نتحرك بعقل. لو تصرفنا بسرعة من غير ما نفكر هنقع في الفخ اللي عايزيننا نقع فيه.”
نجاة بملامحها الحزينة قالت: “بس وعد يا فيصل… وعد لسه مش موجودة. الوقت بيعدي وأنا مش عارفة أتحمل أكتر من كده.”
فيصل قرب منها وحط إيده على كتفها بحنان: “فاهم يا نجاة، فاهم. بس ثقي فيا، إحنا مش هنسيب وعد في خطر. هنلاقيها مهما كان الثمن.”
وفجأة، الموبايل رن تاني. فيصل رفع التليفون بقلق، ونجاة قربت منه عشان تسمع. الرسالة كانت قصيرة بس مليانة تهديد: “دلوقتي جه وقت القرار… إما تختار إنك تدور عليا أو على وعد.”
فيصل حس إن الدم بيتجمد في عروقه، بص لنجاة بعينين مليانين غضب وخوف: “واضح إنهم عايزين يلعبوا لعبة خطيرة… بس أنا مش هسيبهم ينتصروا.”
نجاة بصوت متوتر: “يعني إيه؟ مين الشخص ده وليه بيعمل كده؟”
فيصل وقف فجأة وهو ماسك الموبايل بإيد قوية: “مش مهم دلوقتي ليه، المهم نعرف مين. وأنا مش هرتاح غير لما أجيب اللي ورا ده.”
نجاة وهي بتقاوم دموعها قالت: “بس إزاي هنعرف؟ مفيش أي دليل على أي حاجة، كأنهم أشباح.”
فيصل بص لها بثقة: “أشباح أو بني آدمين، مش هيفرق معايا. هفضل أدور لحد ما ألاقيهم.”
بدأ يفكر في خطوته الجاية، وقرر إنه لازم يروح النيابة ويحاول يستغل كل العلاقات اللي عنده عشان يوصل لأي طرف خيط. قال لنجاة وهو بيلبس جاكتته: “اسمعيني كويس، أنا رايح النيابة دلوقتي. هحاول أدور في سجلات أي حد ممكن يكون ليه علاقة باللي بيحصل ده. انتِ خليكي هنا، أوعي تتحركي من البيت.”
نجاة كانت لسه خايفة بس هزت راسها وقالت: “ماشي، بس لو حصل أي حاجة كلمني على طول.”
فيصل طلع بسرعة من الشقة ونزل على السلالم بخطوات سريعة. كان عارف إن الوقت بيمر وإن كل دقيقة بتعدي بتزيد من خطر اختفاء وعد. وصل للعربية وشغلها بسرعة، دماغه كان مليان أفكار وأسئلة بدون إجابات.
وهو في العربية، فضل يفكر في كل الناس اللي تعامل معاهم الفترة اللي فاتت. حاول يربط الأحداث، بس مفيش حاجة كانت واضحة قدامه. كل اللي كان واضح هو إن الشخص اللي بيهددهم عنده خطة محكمة، وخطة هدفها إنه يخليهم يتصرفوا بتوتر واندفاع.
وصل فيصل النيابة، دخل بسرعة وقابل زميله اللي شغال معاه. قال له بصوت هادي بس فيه توتر: “أنا محتاج أطلع على ملفات لأشخاص معينين. أي حد كان ليه علاقة بالقضايا اللي اتعاملنا معاها الفترة اللي فاتت.”
زميله بص له بتساؤل: “إيه الموضوع؟ حصل حاجة؟”
فيصل حاول يخبي قلقه وقال: “مجرد شكوك، محتاج أتأكد منها. مش عايز أقول أي حاجة لحد ما أكون متأكد.”
بعد وقت طويل من البحث في الملفات، فيصل ما لاقاش حاجة جديدة تفيده. كل الأسماء اللي فكر فيها ما كانش ليهم أي علاقة بالموضوع.
رجع البيت وهو محبط، بس ما كانش عنده نية للاستسلام. فتح الباب ودخل، لقى نجاة لسه قاعدة على الكنبة مستنياه، عينينها مليانة قلق. سألته: “لقيت حاجة؟”
فيصل هز راسه وقال بصوت هادي: “للأسف لا، بس ده مش معناه إننا مش هنلاقي حل. الموضوع هيحتاج صبر وعقل.”
قبل ما يكمل كلامه، الموبايل رن تاني. الرسالة دي كانت مختلفة. مكتوب فيها: “الوقت بيخلص يا فيصل… القرار مش هيستنى أكتر من كده.”
نجاة مسكت إيده وقالت بتوتر: “فيصل، لازم ناخد خطوة سريعة، الوقت فعلا بيعدي.”
فيصل اتنهد وقال: “هنعمل اللي نقدر عليه، بس مش هنستسلم، ولازم نفكر كويس.”
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية صعود امرأة ) اسم الرواية