Ads by Google X

رواية شبح حياتي الفصل الخامس و العشرون 25 - بقلم نورهان محسن

الصفحة الرئيسية

   

رواية شبح حياتي الفصل الخامس و العشرون 25 - بقلم نورهان محسن

 
مثل طائر جريح تائه في الطرقات المظلمة ، ليجدها هى المأوى لكل جراحه ، تسعى لإنقاذ روحه الضالة بإستماته ، أنها بمثابة بزوغ فجر جديد لحياته ، أضاءت سماءه بنورها بعد ظلمة طويلة.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



في الصَّباح الباكِر



داخل غرفة المستشفى



مستلقي على سرير وحيد محاطًا بالمعدات الطبية ، والصمت سائد من حوله.



حرك جفنيه ، محاولاً فتحهما ببطء ، لينجح بعد عدة محاولات ، تزامنًا مع دخول الممرضة التي توجهت مباشرة لفتح النافذة حتى يتمكن ضوء الشمس الساطع من التسلل إلى الغرفة.



أغمض عينيه بانزعاج ، وهو يقطب حاجبيه ثم حاول فتحهما مرة أخرى بتريث ، محاولًا أن يعتاد على الضوء ليرى ملامح المكان ، لكن عقله كان فارغًا ومشوشًا لمدة دقيقة ، ثم بدأ يستفيق بينما اقتربت منه الممرضة لتفقد علاماته الحيوية كالمعتاد.



وقعت عيناها عليه وهو ينظر إليها بهدوء ، رفرفت رموشها عدة مرات متتالية في حالة صدمة ، وعلى الفور تحولت إلى ضحكة لتقول بسرعة : استاذ بدر .. حضرتك مفتح عينيك بجد ولا انا عشان مطبقة من امبارح بقي بيتهيألى حاجات!!



ظهر شبح ابتسامة على فمه ، ولكن سرعان ما تلاشت عندما شعر ببعض الألم ، محاولًا إخراج صوته المتهدج بتقطع ، بسبب جفاف حلقه : عايز .. اشرب 



ابتسمت ريم بسعادة ، وهي تمد يدها لقياس نبضه قائلة بلطف : حاضر حاضر .. بس لحظة واحدة هنادي للدكتور و راجعة علي طول



★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••



فى منزل بدر



رن جرس الهاتف في جميع أنحاء الغرفة بلا توقف.



تملمت حياة تحت الغطاء بانزعاج ، في محاولة فاشلة لتجاهل الصوت والاستمتاع بنوم هادئ ، لكن إصرار المتصل لم يساعدها على ذلك.



رفعت رأسها عن الوسادة ، وعيناها ما زالتا مغلقتين في نعاس ، ثم مدّت يدها بشكل عشوائي إلى الطاولة ، والتقطت الهاتف تحدق فيه بنصف عينين مفتوحتين لترى اسم المتصل ، ودون تردد أجابت ، وهى تعتدل على السرير : الو .. حصل حاجة يا شذى؟



تثاءبت وهي تفرك محجر عينها بإصبعها قائلة بإبتسامة : ماشى .. صباح الخير الاول يا ستي 


    
                
حياة وهى تمطى جسدها بتكاسل ، محاولة التخلص من آثار النوم ، لكن حركتها توقفت فجأة بينما تستمع للطرف الآخر ، ثم تمتمت بعدم فهم : بدر ماله!! عيدي اللي قولتيه تانى؟



اتسعت عيناها من الصدمة ، و رددت بإنشداه : فاق!!!



اختلطت بداخلها مشاعر كثيرة تبكي وتضحك في نفس الوقت من أثر المفاجأة ، ثم تنفست بعمق وقالت بتردد طفيف : ماشى .. هلبس علي طول و جاية



هبت من السرير وبدأت تجوب الأرض ذهابًا وإيابًا حافية القدمين من التوتر البالغ الذي طغى على كيانها ، ولتهدئة روعها شرعت التحدث إلى نفسها : هعمل ايه .. لما اشوفه هقوله ايه؟ طيب هو هيقولي ايه؟ ياربي دماغى سخنة كدا ليه؟ اهدى يا حياة .. اهدى بدر فاق و هتشوفيه و يشوفك



ركضت بسرعة لتلتقط ملابسها بعناية فائقة ، ثم ذهبت إلى الحمام ، يترقص قلبها بفرح وشوق لرؤيته ، ولكن اهدأ أيها القلب ، لا تطير مثل طائرة ورقية عندما تراه عليك أن تتريث.



★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••



بعد فترة من الزمن



سارت حياة بخطوات هادئة في المستشفى ، عكس نبضها المضطرب ، داخل الردهة الطويلة المؤدية إلى غرفته.



: حياة .. صباح الفل يا حبيبتي



أستدارت برأسها نحو الصوت ورأت شذى تأتي إليها مبتسمة ببشاشة ، لتبادلها أياها قائلة برقة : صباح النور



اتسعت ابتسامة شذى ، لتقول بمرح مع غمزة بعينها : ايه الحلاوة دي كلها .. من أولها كدا !! طب خفى شوية دا الراجل لسه في النقاهة 



تلاشت ابتسامتها تدريجياً ، بينما تفرك بكفها على بنطالها ، لتقول بإرتباك : حلاوة ايه !! انا رجلي مش شيلاني و قلقانة اوي



رفعت شذى حاجبيها بدهشة من توتر الآخرى ، وقالت بنبرة هادئة وهي تربت على ذراعها : من ايه بس!! اهدى كدا .. مالك متوترة ليه؟



أخذت حياة نفسا عميقا ، وثم زفرته بثقل ، لتقول بإرتجافة : امبارح كانت اكتر ليلة مرعبة مرت عليا في حياتي يا شذي .. كنت هموت من الخوف عليه وفجأة اقوم من النوم علي الخبر دا .. اعصابي بقت مهلبية علي الاخر



أومأت شذى برأسها متفهمة قبل أن تسأل : هو فاق امتى؟



اتكأت حياة على الحائط ورائها ، وعيناها مثبتتان على باب الغرفة التي مازال يحرسها الجندي ، وهى تتذكر مكالمتها للممرضة واستفسرت عن حالته ، ثم ردت بابتسامة : ريم بتقول الصبح دخلت عليه لاقته مفتح عينيه .. في الاول ماكنش مركز وبعدين وحدة وحدة صحصح




        
          
                
تنهدت شذى بارتياح وعلى شفتيها ابتسامة جميلة تقولها بحرج : يلا الحمدلله علي سلامته .. ماعرفتش اجي الا دلوقتي .. كلمتك وانا في البيت عشان بدي الدوا لبابا بنفسي الصبح و اللي قالي الخبر جاسر في التليفون



أشارت حياة بأهدابها فى تفهم دون أن تعقب ، لأنها رأت جاسر يأتي إليهم من الجانب الآخر ، ليقول بابتسامة جذابة : صباحو يا حياة



اتسعت ابتسامته ، وهو ينظر إلى شذى مردفًا : صباح الخير علي الحلو المنور



تمتمت شذى بخجل محبب لقلبه : صباح العسل يا حبيبي



وزعت حياة نظراتها بينهما ، وقالت بضحكة محرجة وهي تفرك أنفها برفق : نحن هنا راعو مشاعري شوية



اكتفى جاسر برسم ابتسامة مرحة دون تعقيب ، فأردفت حياة متسائلة : ها يا جاسر طمني ايه اخباره دلوقتي؟



وضع يده في جيب بنطاله وأجاب بهدوء : الحمدلله الدكتور عملو شوية فحوصات وقال كله تمام .. بس عايزو يفضل فترة في المستشفي عشان يطمن اكتر..



سألته شذى بابتسامة ، وهي تراقب عيون حياة التي لم تفارق باب الغرفة : مش هتخليها تدخل تشوفه؟



لوى شفتيه ساخرا ليقول باستياء : انا نفسي مش عارف اشوفه عشان وكيل النيابة معه جوا من نص ساعة رغم اني المحامي بتاعه واخوه 



التفتت إليه حياة بنظرة مندهشة سرعان ما تحولت إلى غيظ قائلة بعبوس طفولي : يعني هشوفه امتي يعني!!



وكزتها شذى على ذراعها برفق ، وهمست بضحكة مرحة : خبي الشوق دا شوية كدا المتر يشوف نفسه عليكي



ضحكت حياة رغماً عنها على مزحة شذى ، وسرعان ما تلاشت الابتسامات من وجوههم عندما تحدث جاسر بعفوية : احسن حاجة عملتيها انك روحتي تستريحي شوفتي راجعة وشك مورد و زي القمر ازاي



حدقت فيه شذى شرزاً ، ودمدمت بعبوس لطيف مؤنبة اياه ، وهى تتحرك بسرعة للوقوف بجانبه ، ثم لكمته في صدره بخفة : انا جنبك علي فكرة



كتمت حياة ضحكاتها من نظرة جاسر المتوترة لغضب خطيبته التى اثار غيرتها رغم أنه لم يقصد ما اعتقدته ، فحاول اختيار كلمات أنسب قائلا : قصدي يعني .. كانت مصلحة ليها لو شافها بمنظرها المتبهدل بتاع امبارح .. انا متأكد انه هيرجع لغيبوبته تاني



اتسعت عينا حياة ذهولاً ، وعلى الفور اتخذت خطوة لتتشاجر معه ، وهى تنبس بتهديد مضحكًا : واضح كدا انك عايز تاخدلك سرير جنب اخوك و تقعد في الجبس ست اشهر



وقفت شذى حائل بينهما ترفع يديها في الهواء ، وهى بالكاد تمنع ضحكاتها بصعوبة ، قائلة بتوسل وبنظرات مترجية : لا في عرضك انا فرحي بعد كام شهر و ماعنديش استعداد اتزف في المستشفي




        
          
                
فور أن أنهت كلامها ، رنَّت أصوات ضحكاتهم مرحًا.



سكتوا جميعًا عندما سمعوا صوت معاذ الذي خرج لتوه من غرفة بدر : صباح الخير



أضاف دون أن ينتظر منهم أن يقولوا تحية الصباح : وكيل النيابة اخد افادته بس قال محتاج يقعد معه تاني لما يركز شوية اكتر .. عشان لسه عقله مشوش من أثار الغيبوبة



ابتسم جاسر بامتنان وتحدث بجدية : متشكرين جدا يا معاذ باشا على تعبك معانا



ظهرت ابتسامة صغيرة على جانب فمه ، وأجاب ببحة صوته المميزة : ولا يهمك دا شغلي



تأبطت شذى ذراع جاسر ، ومنحته نظرة ذات مغزى قبل أن تقول برقة : عن اذنكم احنا هنروح نطمن علي بدر 



فرك معاذ جبهته بإرهاق وصمت ينتظرها حتى تتكلم ، ليسمع صوتها الخافت بعد ثوان : شكلك تعبان يا معاذ .. شكرا علي وقفتك معاهم



سحب نفسا عميقا وملأ رئتيه ، ليبدأ في التحدث بصوت ثابت مثل نظراته المحدقة فى عينيها ، و داخلهما تروى الكثير من المشاعر : انا عملت كدا عشانك انتي و مش عايز حاجة غير انك تبقي مبسوطة ومرتاحة يا حياة ..



ساد الصمت لحظات قليلة قبل أن يشعر باليأس من عدم ردها على كلماته ، ليقول ببرود : على فكرة انا راجع اسكندرية انهاردة في حاجات هناك لازم اخلصها



أطرقت رأسها للحظة قبل أن تنظر إليه ، وقالت بابتسامة لطيفة وهي تمد يدها لتصافحه : تمام .. خد بالك علي نفسك وتوصل بالسلامة..



نظر إليها معاذ مليًا قبل أن يصافحها ​​، قائلاً بهدوء نسبي : تسلمي .. سلام



★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••



داخل غرفة بدر



: حمدلله علي سلامتك يا متر



ابتسم بدر لها بلطف ، وهمس بصوت أجش : الله يسلمك يا شذي



وجه بصره إلى شقيقه الواقف بجانب شذى ، ليكمل كلامه بسؤال : امتي هخرج من هنا يا جاسر؟



تغضنت ملامح جاسر بدهشة وهو يرى الضجر مرتسم على وجهه ، ليقول بغرابة : تخرج فين يا بدر!! انت لسه فايق من غيبوبة بقالك فيها اسابيع يا راجل



هتف بدر فى سأم ، غير مباليًا بتاتًا بمشاكسة جاسر له في نهاية كلامه : اتخنقت من المستشفي و التحقيقات ماشوفتش غير ظباط وعساكر من وقت ما فتحت عيني.. 



هز جاسر رأسه نفيًا ، وكرر كلماته بإصرار وجدية : الدكتور قال ان لازملك كام يوم تحت الملاحظة عشان نطمن علي حالتك بعد كدا ابقي اخرج براحتك




        
          
                
استنشق بدر الهواء بقوة ، وأغمض عينيه فى استسلام ، ثم رفع يده نحو ذقنه يمسده بعفوية ، ليعيد فتح جفنيه قائلاً بنوع من الحيرة : هي ذقني مالها خفيفة كدا وانا بقالي اسابيع نايم .. ايه كانت مابتطولش ولا ايه؟



: لا دي ح...



انقطعت كلمات شذى عندما سمعوا قرع على الباب ، فهتف جاسر للسماح للطارق بالدخول ، طلت حياة من خلف الباب برأسها فى تردد قبل أن تدخل بجسدها كله ، حيث كانت واقفة بالخارج لبضع دقائق بعد مغادرة معاذ.



تحاول جمع شجاعتها ، حيث تشعر أن الثواني قد تباطأت كأنها ساعات بسبب اضطرابها وحماسها في نفس الوقت.



تقدمت إلى الداخل وهي ترتدي ثيابًا ثقيلة نوعًا ما بسبب الطقس البارد ، لكنها أنيقة جدًا ومتناسقة ، على رأسها هناك قبعة صوفية تحميها من البرد ، وتحمل في يديها باقة كبيرة رائعة من الورود ، لتقول بنبرة هادئة ومرتبكة مثل دقات قلبها التي تنبض بعنف في صدرها بسبب لقاءها الأول به بعد أن استعاد وعيه الكامل : سلامو عليكو!!



رد الجميع بصوت هادئ : وعليكم السلام



ألقى بدر نظرة فاحصة عليها ، عندما نظرت إليه وقالت بابتسامة رقيقة ، وهي تتخذ عدة خطوات بسيطة حتى جاءت أمامه وقدمت له الورد : حمدلله علي سلامتك



استقام على السرير أكثر ، قائلا بابتسامة وهو يمد يديه ليأخذها منها دون أن ينظر إليها : الله يسلمك متشكر علي الورد .. عايز اشرب ممكن تنوليني الميه دي؟



أومأت حياة بالموافقة ، تدير ظهرها إليه وصبت إليه بعض الماء من الزجاجة على الطاولة وهي تبتلع لعابها بتوجس من أسلوبه الغامض و الجاف نوعا ما ، حيث أنها لا تستطيع قراءة تعابير وجهه الجامدة.



قال جاسر بدهشة وهو يرفع حاجبه الأيمن : انت مخلص تلت ازايز مية لحد دلوقتي يا بدر!!



ابتسم بدر بصمت ، وتناول الكوب منها ، ليقطب حاجبيه بدهشة حينما لاحظ ارتعاش يدها الممدودة تجاهه ، ليحدجها بنظرة غريبة ، بينما بدأت حياة تشعر بالتوتر من تلك النظرات الثاقبة.



سرعان ما تحول شعورها إلى صدمة ، وتراجعت قليلاً عندما قال بصوت عميق : ياريت تناديلي الدكتور عشان اكلم معه يا انسة من فضلك



نظر جاسر وشذى إلى بعضهما البعض بدهشة ، ثم وزع الأول نظراته بين بدر وحياة ، التى تجمدت في مكانها حرفياً ، ممَ جعله يقترب منهما ليسأل بتوجس : بدر .. هو انت مش عارفها؟



اتسعت عينا بدر مصدومًا من كلام شقيقه ، ليقول في اشارة الى نفسه : هو انا اعرفها!!




        
          
                
صُدمت حياة و بهتت بشرتها بشدة ، وكأن دلو مليء بالثلج قد سكب على رأسها بسبب ما سمعته للتو ، وتمنت لو لم تأت قط.



كيف فاتها هذا الأمر ، منذ أن نظرت في عينيه الباردتين وهى قلقة ، حتى تعابير وجهه وصوته ، يؤكدان من أنه يرآها لأول مرة ، ولا يتذكر من تكون أو بالأحرى لا يبدو أنه يعرفها البتة.



تمكنت بمعجزة قبل أن يتطور الأمر ، وتصبح في وضع لا تحسد عليه أن تتظاهر بالضحك فى مرح ، لتقول بكذب : لا يا استاذ جاسر .. المتر هيعرفني ازاي و هو كان في غيبوبة كذا اسبوع..؟



أستطردت الحديث بإبتسامة زائفة : انا كنت ممرضة بتاعت حضرتك و لما عرفت انك قومت بالسلامة جيت اطمن عليك و هرجع علي شغلي عن اذنكم



جعد حاجبيه بضعة لحظات وهو يحدق إليها ، ثم هز رأسه بإيماءة خفيفة ، مبتسمًا بفهم وهو يرفع الكوب إلى شفتيه ، وهو يرتشف قليلاً منه. 



اطرقت رأسها هربًا من عينيه الغامضتين ، مبتسمة ابتسامة لا تخلو من الحزن ، ثم أطلقت الريح لساقيها ، واندفعت خارج الغرفة ، تحت أعين الجميع ، شاكرة الله أن قلبها لم يفضحها بسبب خفقاته العنيفة أمامه ، ليتحدث جاسر فور مغادرتها : هروح انادي الدكتور يا بدر ريح انت شوية



ركض جاسر و شذى خلف حياة التي كانت على وشك دخول المصعد ، لكن صوته أوقفها وهو نادى عليها متسائلاً بتعجب : انتي ليه قولتي كدا ؟ و رايحة علي فين ؟ خلينا نروح نكلم مع الدكتور ممكن يكون في مضاعفات بسبب الغيبوبة..



تجمعت العبرات في مقل عينيها ، و تبخرت أخر ذرة من المقاومة الواهية التي لم تكن موجودة ، محاولة ابتلاع تلك الغصة الحارقة في حلقها ، ثم قالت بخفوت : لا هو فعلا مايعرفنيش ولا قابلني من سنين طويلة يا جاسر



اغرورقت الدموع عينيها أمام نظراتهما المذهولة للغاية ، ليهتف جاسر بغرابة : انا مش فاهم اي حاجة..؟



تنهدت حياة بقوة ، وأغمضت عينيها لبضع ثوان لتجمع رباطة جأشها ، وفتحتهما ، تهمس بحزن وقلب يئن من الألم : هفهمك كل حاجة بس قبل ما اقول ارجوك ماتجبلوش سيرتي خالص 



★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••



بعد مرور أسبوع



تساءلت حياة كيف مروا تلك الأيام عليها دون رؤيته ، لكنها كانت تصبر نفسها وهى تطمئن على حالته وتطور صحته عبر جاسر وشذى التى أقامت في منزلها بشكل مؤقت ، حيث رفضت الذهاب إلى شقة بدر منذ آخر مرة رأته فيها.



أيضًا ، خلال هذا الأسبوع ، عادت إلى المدرسة بعد أن أوضحت بإيجاز لمديرة المدرسة أسباب غيابها ، وبدأت في الحضور بانتظام ، وتسعى جاهدة للتعود على غيابه في حياتها ، لكن ما لا تستطيع السيطرة عليه هو ذلك الحنين إليه و التفكير الدائم فيه.




        
          
                
لم تنكر إحساسها بفرح كبير لعودة بدر إلى الحياة من جديد ، لكنه بالمقابل سلب قلبها منها مدى الدهر.



مر يوم آخر على نفس المنوال



دخلت حياة منزل شذى بالمفتاح الذي أعطتها إياها ، لتتفاجأ بأن جاسر كان ينتظرها في غرفة المعيشة لتقول بابتسامة جميلة : ازيك يا جاسر!!



قال جاسر ، وهو باسم الثغر : انا الحمدلله .. انتي عاملة ايه؟



ردت حياة بإيجاز ، وهي تجلس على مقعد منفرد : ماشي حالي



وضع جاسر فنجان القهوة على المنضدة ، مائلًا إلى الأمام قليلاً ، وشبك أصابعه معًا ، ثم بابتسامة واثقة تحدث : انا قولت اجي اقولك علي الخبر دا بنفسي



هزت حياة رأسها ، تحثه على الاكمال ، فأردف بذات الابتسامة : كرم اتقبض عليه



اتسعت عيناها بذهول ، وهي تكرر سؤالاً خلفه : اتقبض عليه .. ازاي!!



شرع في الحديث مباشرة ، بصوت هادئ ومتوازن : في بلاغ اتقدم من مجهول عن مكانه في الاسماعلية .. التحريات اثبتت ان المكان بتاع وحدة متجوزها عرفى وهى اللي بلغت عنه و هربت بعد ما سرقت الفلوس اللي كانت معه



حدقت حياة فيه باهتمام وسألته بريبة : وهو جاب الفلوس دي منين؟



أخبرها بما حدث قائلاً بابتسامة ساخرة : اعترف في التحقيقات قال ان اميرة هي اللي وزته علي فك فرامل العربية و اديته مبلغ كبير وقتها .. لما اتصلت بيه وسألته عن مكان بدر تقريبا بعد مكالمته معها وساعتها بدر كان في العمارة بتاعته



احتد غيظه في نهاية حديثه ، رغم خفوت صوته ، حرصًا منه لكى لا يلفت انتباهه والد شذى النائم في الغرفة المجاورة ، لتكمل شذى الكلام بصوت حزين ناعم ، اثناء جلوسها على الكنبة : ربنا كبير بيسلط ناس علي ناس .. شوفوا اللي اسمه كرم دا بسبب طمعه وقع في وحدة جشعة .. لما راح استخبي عندها و ساب مراته وبناته .. طمعت في الفلوس اللي معه سرقته و بلغت عنه و طفشت .. يستاهل



جعدت حياة حاجبيها ، وأطلقت زفيرًا حارًا ، لتقول بدهشة ممزوجة بالعتاب : ليه يعمل كدا في بدر ؟ و اهله خير بدر عليهم كتير!!



فرك زوايا عينيه بأصابعه ، ليجيب عليها بجدية : زي ما قالت شذي الطمع بيغير النفوس يا حياة و اميرة زغللت عينه بالفلوس



سألت حياة بترقب وقلب ينبض بسرعة : و كريم مافيش اي خبر عنه ؟



هز جاسر رأسه نفيًا قبل أن يرد باقتضاب : لحد دلوقتي لا




        
          
                
هتفت حياة بصوت مذهول لا يخلو من الحزن : وبدر عرف كل دا؟



نظر إليها جاسر مليًا ، وقال بنبرة غامضة : طبعا و كمان هيخرج من المستشفي بعد يومين



أومأت حياة إليه بفهم ، وقالت بخجل وهى تفرك رقبتها بخفة : تمام يا جاسر .. بعد اذنك انا هبقي اروح شقة بدر بكرا عشان الم حاجاتي اللي عنده قبل ما يخرج



قطب جاسر جبينه متسائلاً باهتمام : لسه مصممة علي كلامك و مش عايزة تقابليه برده؟



حدقت حياة به ، ثم تومضت عيناها بحزن لتجيب بضيق : لا يا جاسر مش هقدر اواجهه .. هقوله ايه اصلا!! ولو سمحت خليك عند وعدك ليا و ماتقولش أي حاجة عني



هزّ جاسر رأسه متفهّمًا ووقف يهندم قميصه قائلاً بهدوء : اللي تشوفيه يا حياة .. انا ماشي بقي سلام



ابتسمت حياة وقالت بصوت خفيض ، بينما نهضت شذى خلف جاسر تمشي معه نحو باب المنزل : مع السلامة



★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••



كان على وشك الخروج ، ليشعر بلمسة يدها على ذراعه ، فالتفت إليها برقبته عاقدًا بين حاجبيه ، لتقول بتوجس : كنت حاسة انك مش علي بعضك جوه في ايه ؟



استدار جاسر إليها تمامًا ، وابتلع لعابه وهو ينظر خلفها بحذر ، ثم حدق بها مرة أخرى ، وأجاب بتوتر بعض الشيء : بدر في التحقيقات جابوا معاه اسم حياة كتير



اتسعت عيناها وفغرت فاهها الذي سرعان ما غطته بكفها ، لتغمغم بإنشداه : يا خبر ابيض .. وبعدين؟



تنهد جاسر بعمق ، ثم أجابها بصوت منخفض : انا حاولت اراوغ بس بدر كل شوية بيسأل و انا بزوغ من الكلام .. بس انا خلاص لاقيت الحل



أنهى كلماته بثقة ، لتسأل شذى بصوت هامس وعيون متلألئة بترقب : ايه هو؟



رفع جاسر يده ، وهو يقرص مقدمة أنفها بمشاغبة ، وقال بابتسامة مرحة : هقولك عليه بليل .. كلميني قبل ما تنامي



تدلى حاجبيها وابتسمت قائلة بحب : حاضر حبيبي



★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••



عادت شذى إلى الداخل بعد أن أغلقت الباب خلف جاسر ، لتعقد حاجبيها بتساءل عندما لم تجد حياة في غرفة المعيشة ، لتتجه نحو الغرفة التي تقطن فيها منذ أن وافقت على الجلوس معها في منزلها حتى تدبر شؤونها.



نبست شذى بلوم عندما رأت حياة جالسة على السرير وركبتيها تضمها على صدرها ، والدموع تنهمر من عينيها في صمت : لما انتي بتحبيه اوي كدا يا حياة ليه العناد دا بس ؟




        
          
                
رفعت حياة وجهها نحو شذى ، وأنفها ملطخ بحمرة البكاء ، وقالت بصوت متهدج : عشان ماقدرش افرض نفسي علي حياته يا شذي



اقتربت منها شذى لتجلس على حافة السرير مقابل لها بعد أن رق قلبها حزنًا عليها ، وتابعت كلامها بنبرة هادئة : مين قال كدا بس!! حاولي تقربي منه .. ممكن يفتكر و يعرفك يا حياة اللي عملتيه عشانه يستاهل منك محاولة



عقدت حياة حاجبيها وهي تربع قدميها ، وتهز رأسها رافضًا ، لتهمس بحزن : اللي عيشته معه كأنه كان حلم او قصة خيالية مستحيل هيصدقها



نهضت شذى من مكانها لتستلقي بجانبها ، متكئة على جنبها حتى تستطيع رؤيتها جيدًا ، وهى مبتسمة قائلة بخفوت : تعرفى كأنك كنتي بتحكي لنا مسلسل يا حياة .. لولا ان فعلا حاجات كتير قولتيها محدش يعرفها ماكنش هنصدقك بأمانة



ظلت حياة صامتة للحظة ، قبل أن تنظر إليها وقلبها يتألم ، ونبست بصوت منفعل يشوبه البكاء : ولا انا لحد دلوقتي اصلا مصدقة .. بس كل ما اسمع دقات قلبي .. اول ما افكر في ايامه القليلة معايا بتأكد اني حبيته وبحس انه وحشني اوي



عبّرت ملامح شذى عن حزنها على حالة تلك العنيدة ، لتقول بنبرة حنونة : طيب يا بنتي ليه العذاب دا ماتقوليلو اللي حصل ؟



قهقهت حياة بمرارة وهي تبسط يديها بعجز قائلة بسخرية : مش هيصدقني هيقول عليا بخرف و احتمال يرميني بإيده في العباسية



قالتها وهي تضع ذراعيها على بطنها فوق بعضهما البعض وتسترخي على ظهر السرير ، كانت شذى تحدق بها بتأثر ، ولم تمنع عبراتها من السقوط ، وتمتمت بحزن : يعني جيتي تخرجيه من ازمته كعبلتي نفسك في ازمة!!



ازدادت دموعها لأنها اشتقت إليه حقًا ، رغم أنه لم يمر وقت طويل منذ آخر مرة رأته فيها ، شهقت بقوة قبل أن تواصل بصوت حزين : هو كان محتاج حد يرجعلو حياته و خلاص بمجرد ما رجع انتهت كل حاجة مالحقتش تحصل بينا



أخذت شذى نفسًا عميقًا للسيطرة على عواطفها ، وهي تمسح بأصابعها على خديها المبللة ، وأجابت بجدية : بلاش التشاؤم دا يا حياة .. انتي لازم تحاولي ماضيعهوش من ايدك بسهولة كدا



ردت حياة بتنهيدة هادئة على عكس حالة قلبها المتعثر داخل ثنايا صدرها ، تحاول السيطرة على حالتها وطرد الطاقة السلبية الحزينة التي خيمت من حولهم : اللي في النصيب هشوفه يا شذي .. قوليلي بس امتي اقدر اشوف الشقة اللي قولتيلي عليها؟



فهمت شذى محاولتها لتغيير الموضوع ، لترفع عينيها للسقف تدعى التفكير ، ثم أجابت عليها بابتسامة : ممكن نروح نشوفها بكرا بليل لو عايزة




        
          
                
اتسعت ابتسامة حياة ، ثم فجأة تحولت نبرتها إلى الحماس وهى تلتفت لها برأسها : حلو جدا بكرا مفيش مدرسة .. يعني هبقي فاضية النهار كله يعني فرصة اروح اجيب حاجتي و ارتب الشقة قبل ما يرجع من المستشفي ويتخض من منظرها الملخبط دا



★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••



فى اليوم التالى



ولجت إلى العمارة بأقدام مترددة ، وهي تنظر حولها ، لكنها لم تجد أثرًا لأسرة حمزة في الرواق ، ولم تتفاجأ بغيابهم كثيرًا ، على الأرجح غادروا المكان بعد ما حدث.



تنهدت بعمق وأسى على حالتهم ، ثم صعدت إلى الشقة بخطوات سريعة ، هناك الكثير من العمل ينتظرها في الطابق العلوي.



بعد فترة طويلة من الزمن ، أثناء ما كانت منهمكة فى التنظيف ، سمعت رنين هاتفها من الردهة ، وسرعان ما أجابت : الو .. فينك يا شوشو؟



ردت شذى عليها من الطرف الآخر بلهجة رقيقة : كنت عند وحدة صحبتي و لسه ماشية من عندها دلوقتي



تمتمت حياة بفهم ، ثم قالت بنزق بعد أن أسندت مرفقيها على الأريكة من الخلف : طيب انا بقالي ست ساعات بروق وانضف و حاسة ان الدنيا مقلوبة لسه مع اني نفضت معظم البيت



ردت شذى موضحة باهتمام : خدي نفس كدا و اهدي .. مالك اعصابك مشدودة كدا ليه؟



تنهدت حياة بعمق ، واستدارت إلى النافذة ، ثم ردت بصوت خافت : انا كويسة والله .. قوليلي هنتقابل علي امتي بقي الدنيا ضلمت ؟



أنهت كلامها بسؤال ، لترد على الأخرى بعد عدة ثوان من الصمت بنوع من التردد : انا كنت بتصل اصلا عشان اقولك ان صاحب العمارة اللي هنشوف فيها الشقة اعتذر عن معاده انهاردة وبكرا الصبح هنروحلو



تجعد حاجبا حياة بدهشة ، ثم تساءلت بغرابة : الصبح امتي والمدرسة يا شذي؟ دي استاذة ميرفت فاضلها تكة و تذنبني في حوش المدرسة زي العيال عشان الغياب



قهقهت شذى على كلماتها المضحكة ، ونبرة صوتها المتحسرة ، ثم قالت بلطف بعد أن هدأت ضحكاتها : خلاص ماتزعليش هكلمو تاني و اخلي المعاد بعد الظهر



ابتسمت حياة بإتساع ، ورفعت خصلات شعرها المتمردة عن عينيها قائلة بامتنان : اذا كان كدا ماشي .. تسلمي يا شوشو تعباكي معايا



ردت شذى بابتسامة حلوة وودودة : ولا يهمك حبيبتي .. المهم هتعملي ايه دلوقتي؟



رفعت حياة رأسها لأعلى ، وهى تبرم شفتيها بعبوس ، ثم غمغمت في تفكير : في حاجات كتير ماخلصتش هسهر اعملها انتي عارفة عم حمزة مادخلش الشقة بقالو كام يوم و محسوبتك مكنتش سايبة حاجة في مكانها الطبيعي




        
          
                
استطردت حديثها ، بينما تتحرك بشكل عشوائي ، تلمس بعض الأشياء دون وعي ، بعد أن بدأ التوتر يطغى عليها داخليا من هذا الفكر : هبات هنا انهاردة و الصبح هروح علي المدرسة و بعديها نتقابل



ارتسمت شذى ابتسامة عريضة على شفتيها ثم قالت برضا : ماشي يا روحي .. تصبحي علي خير



نظرت حياة إلى الجانب الأيمن ، وشردت باللا شيء ، قائلة في استسلام : وانتي من اهل الخير يا حبي سلام



★★★



أغلقت الخط ، ثم فركت شعرها بأطراف أصابعها ، مخاطبة نفسها بتنهيدة عالية ، وهي تنحني لالتقاط القط من الأرض : الليلة باينها طويلة يا استاذ ميجو .. عارف انك هتوحشني اوي .. هتفضل فاكرني و لا هتعمل زي صحبك و تنساني اوام؟



أضافت بضحكة خافتة ، وهي تداعب رأسه برفق وتقبله بحب ، قبل أن تتجه صوب المطبخ : يلا بينا نروح نعمل لينا عشاء خفيف كدا و نتابع فيلم .. بعديها اكمل تنظيف عشان لما يرجع يلاقي كل حاجة زي ما سابها بالظبط



★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••



فى سيارة جاسر



ضغط على بعض الأزرار ليضع الهاتف على أذنه ، ومرت بضع ثوان ، حتى جاء صوتها الناعم إليه بمرح : ايوه يا جسوره



ارتفع حاجبه الأيسر غيظًا ، ثم رد بتوبيخ مزيف : اظبطي يا بت هو انا في بوقي مصاصة



همست شذى بصدمة : يخربيت فقرك دا انا بدلعك



قال جاسر ضاحكًا ، وهو يخلل أصابع يده اليمنى بخصلات شعر : الله اموت انا في لسانك الطويل



اختتم كلماته مهمهمًا بعشق ، بينما توسعت ابتسامتها بحب وهي تتجول في غرفتها ، ثم سألته على الفور بجدية : مش وقته .. فين بدر؟



زفر جاسر بحنق ثم تحدث متنهدًا ، وهو ينظر من النافذة المفتوحة بجانبه : لسه طالع قدامي علي السلالم حسيت اني ندل شويتين سيبته يطلع خمس ادوار علي رجليه لوحده



ضحكت شذى ساخرة قبل أن تنبس بتهكم : صراحة هي ندالة منك فعلا



زم جاسر شفتيه قائلا في استياء : هروقك لما اشوفك يا شذي



غمغمت شذى بدلع ، ثم تابعت حديثها بحماس : حبيب قلبي .. خلينا في المهم حياة لسه مكلماني و ناوية تبات في الشقة



اتسعت ابتسامته ، وومضت عيناه بمكر قائلا بنبرة واثقة : تمام اوي يبقي زمانهم اتقابلو و بكدا خطتنا تبقي نجحت



ابتلعت لعابها بتوتر ، ثم برزت شفتيها للخارج ، قائلةً بسخط : دي خطة شريرة انا معرفش ازاي طوعتك عليها كدبت عشروميت كدبة في يومين



زفر جاسر بعمق ، شاردًا في نقطة ما ، ثم نطق بتفكير : معلش بقي لأجل الورد ينسقي العليق



ضحكت شذى على كلماته ، ثم هتفت مازحة : يا حكمك يا متر .. انا خايفة اخوك يفتكرها حرامية و يعمل فيها حاجة؟



شاركها الضحك ثم أجاب ساخرًا ، وهو ينظر إلى ساعته : انا واقف مستني اهو حد منهم ينزل او يقع من البلكونة بس الهدوء سيد العمارة



جلست على حافة السرير ، تقضم أظافرها في التفكير ، ثم نبست بخوف : انا مش مطمنة اطلع شوفهم يا جاسر



هتف جاسر بتذمر بعد أن انتقل له شعور القلق والأفكار السيئة : طيب اقفلي انتي قلقتيني هطلع اشوف و اكلمك سلام



★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••



فى الأعلى عند حياة



أنهت عملها في بضع دقائق ، وأمسكت بكوب العصير في يدها اليمنى ، وصحن به بعض السندويشات سريعة التحضير في اليد الأخرى ، مغادرة المطبخ وخلفها يموء القط بلا توقف ، ويحوم تحت قدميها.



جعدت حاجبيها بتساءل ، وهتفت بصوت عالٍ متذمر ، وعيناها تتجهان نحو الأسفل : والمصحف هتاكل معايا يا طفس .. اهمد شوية هتوقع الكوباية من ايدي ي...



بترت باقي كلامها بصدمة يشوبها ذعر ، وعيناها مثبتتان على حذاء أسود ، وهناك صرخة ماتت في مهدها عندما ارتفع رأسها تدريجيًا نحو الذي يرتدي بنطال الأسود و كنزة زرقاء داكنة ، وعيناه البنيتان الغامقتان مليئتان بالأسئلة ، يقف شامخًا أمامها ، على بعد متر واحد فقط.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 
google-playkhamsatmostaqltradent