رواية مسك الليل الفصل السابع و العشرون 27 - بقلم سارة طارق
٩_ نجاة
" أبوس يدك يا علون ،. رجعلى ابنى ، رجعهولى وأنا أعيش خدامة تحت رجليك العمر كله بس رجعهولى ، أحب على جذمتك هاتلى ضنايا " كانت تبكى بقهر وهى تنحنى برأسها عند قدميه تقبلها وبعدها وجدت جسدها يلقى على الأرض أثر ركلت زوجها لها
أرتمت على الأرض ووقع شالها من على رأسها وانفرد شعرها الطويل على ظهرها ولكن وجدته يمسك شعرها ويلفه حول يديه ويجرجرها ورائه ولا يعى لصرخاتها وأستغاثتها تلك بإن يتركها ولم يعبئ بإنها مازلت فى مرحلة النفاس مابعد الولادة
صاح علوان وتحدث بغضب
" ابنك ده تنسيه خالص ، ولو مجروحه جوى هاتى غيره " قالها وهو يلقيها فى الغرفة على الأرض الصلبة ويغلق الباب بالمفتاح وابتسم ابتسامه صفراء برزت منها أسنانه السوداء من أثر التدخين ، لم يعبئ بصراخها وتركها وخرج من البيت كله وهو ويرقص ويهز كتفيه وجسده بخفه ويخرج المال من جيبه يرفض به
"يا وبور ياولع دوج الفحم وأنا أجولك ولع تدوج الفحم "
ظلت تصرخ وتضرب بكل قوتها على الباب حتى يفتح لها ولكن لا حياة لمن تنادي وسمعت صوت باب البيت يقفل وعلمت أنه تركها كالعادة وهنا انهارت على الأرض الارض وظلت تلطم على صدرها وتندب حظها
" هاتولى ابنى ، هاتولى ابنى ياكفره ، حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم ، اه يابنى يا اللى ملحقتش أفرح بيك زى ما معرفتش أفرح بنفسي ولا بشبابى ، اه ياضنايا خدوك من حضنى غصب ، ياولدااااااى ، ياحتة من جلبى ، أبوك داس عليا وخدك غصب
يارب رجعلى ابنى لحضنى يارب "
ظلت هكذا حتى فقدت وعيها كالعادة من شدة التعب فهى من بعد والدتها وخطف ابنها ، وهى تصرخ وتبكى وتستنجد بزوجها ليجلب لها ابنها ولكن كالعادة لا يهتم لها ، ولا يشعر بذنب ابدا بل يحبسها ويخرج للهو ولا كأنها كلب ما فى البيت وليست زوجته ويجدها كل يوم ملقاه على الأرض فاقدة للوعي يحملها ويضعها على الفراش ولا كأن شىء حصل من الأساس
وهنا خرجت تلك الصغيرة التى تخبئ نفسها فى زاوية بعيدة حتى لا يراها ابيها خوفا من أن يبيعها مثل أخيها فقد أهداها عقلها الصغير لتلك الفكرة ظنن منها أنها كهذا تختبئ منه وأنه لن يجدها وهى تختبئ فى زاوية بين أريكتين موجودين فى بهو البيت ،. كان جسدها الصغير. يرتعش وتملك الرعب من قلبها حتى أصبح جسدها عبارة عن قطعة من الثلج المجمده من شدة خوفها ، تريد أن تذهب لترى أمها ولكن تخشى أن يراها والدها ويبيعها أيضا
ولكن لم تتحمل صرخات والدتها وذهبت لتراها حاولت الخروج من تلك الفتحة الصغيرة بصعوبة لأنها ضيقة بعض الشئ ولكن فى النهاية نجحت وتحركت لغرفة أمها لتراها لأن صوتها هدأ مرة واحدة وهنا علمت أنها فقدت وعيها مثل كل يوم
فتحت الغرفة بالمفتاح بالنسخة التى. تخبئها معها
وجدت والدتها ملقاه على الأرض مثل كل يوم تحركت بعيدا عنها لتجلب الماء لتيقظها به
جلبت الماء وجثت أمام والدتها و رشت البعض منه على وجهها لتفيق ولكن لم تنجح تلك المحاولة رشة مرة أخرى عليها ولكن ازادت الماء بيدها ، وقد نجحت وفاقت والدتها
نظرة تلك السيدة التى تدعى إخلاص وهى فى حالة تتقطع لها الألباب ( القلوب) من شدة همها وحزنها على فقيدها ، فتحت إخلاص عيونها ونظرت لابنتها
بحزن ملاء قلبها لأعوام كثيرة منذ أن تزوجت من هذا الذى يدعى رجل أمام الناس فقط وهو بلأصل ذكر عديم الشرف و الأمانة والمسئولية
وجدت إخلاص ابنتها نجاة التى لايتعدى عمرها الخامسة عشر عاما رغم جسدها الصغير هذا
نطقت إخلاص وهى تلهث بصعوبة وتمسك بابنتها مأنها طوق نجاة لقلبها
" نجاة ، هاتى اخوكى لحضنك يابنتى ، هاتي اخوكى لحضنك رجعيه وعرفيه مين أهله ياضنايا ، ابعدى عن أبوكى يانجاة أهربى دورى على اخوكى دورى عليه ورجعيه يابنتي متسبهوش للغريب يربيه "
هزت نجاة رأسها بخوف من حالة. والدتها
" حاضر ياما حاضر ، هرجعه حاضر متخافيش ، احتضنت أمها ،وحاولت أن تهداها حتى هدأت وسكتت عن وصياها لها أن تجد أخيها
اخرجت نجاة أمها من بين أحضانها وجدتها لاتتحرك
وعيونها متجمدة فى مكان واحد ولا تتحرك هزت نجاة أمها ولكن دون فائدة
" أما ، ياما ، أما فوجى ياما بالله عليكى، مالك بس ، ياما اصحى والله هروح لشيخ الچامع وأخليه ينادم عليه فى المكرفون عشان الناس اللى خدوه يرجعوه متخافيش ، بس انتى فوجى لنفسك أكده ،بصى انا هسيبك وهروح لشيخ أحمد ينادم عليه فى الجامع الكبير عشان الناس كلها تسمع وهرجعلك "
" بتعملى ايه يا مزغوده عنديكى ، وازاى دخلتى أهنه وانا معايا المفتاح انطجى ...... ولكن صمت عندما وجد جسد زوجته ملقى أمام و لونه غريب كأن النور يشع منه اقترب ولمس وجهها وجده بارد وظل يحرك فيها حتى. علم أن الروح فارقت الجسد
جحظت عينيه من هول الصدمه وكأن جسده شل
" هى أمى مالها يابا عامله أكده ليه "
نطق بصدمه
" امك ماتت ''
أطلقت تلك الصغيرة صرخة قوية تحتضن أمها
" لاه امى لاه ، امي مامتتش ، أمى تعبانه بس وهتفوج تانى ياما فوجى ياما جومى متسبنيش لوحدى مليش غيرك يامااااا عيشي عشان خاطرى ارچعى تانى أبوس يدك "
ظلت كهذا تبكى لترجع من أمها أن تعود ولكن لم تجبها ولم تعود ،. نظرت لوالدها الذى يتابع ما يحصل بصدمه وصرخت فى وجهه
" أنت اللى جتلتها انتى اللى موتها بجهرتها على نفسها ، وعلى أخويا اللى بعته وخدت فلوس مكانه ، انا هفضحك انا هخلى الناس كلها تعرف "
امسك بها وكمم فمها خوفا أن تنفذ تهديدها له وقال
". أجفلى خشمك ده ، لأحسن أجتلك مكانك أهنه ، اياكى أسمع ليكى حس والا هخليكى تحصلى المرحومه أمك فاهمه "
زاد بكائها بين يديه وانفاسها بدأت فى التقطيع من أثر ضغط يديه على وجهها ، ألقاها على الأرض ونظر لها بشر واقترب لإخلاص وحملها و ضعها فى الفراش وغطى جسدها و وجهها وأمسك ابنتها من خصلات شعرها والقها بجانب أمها
" خليكى جنبيها اهنه لحد ماشوف هجيب مين يغسلها " ثم نظر لجسد زوجته
" الله يرحمك يا إخلاص كنتى مره تعشج الحزن والبكى "
هنا صرخت نجاة فيه بقهر
" ماهو من اللى بتشوفه منك ، ربنا يرجدك رجدتها دى ومتلجبيش اللى يدفنك "
" اخرسي يا تربية المره " قالها وهو يصفعها على وجهها
نطقت من بين بكائها
" أهى تربيتك أنت "
هنا تجخظت عينيه من وقاحتها عليه وأمسك شعرها وظل يضرب فيها ويسبها
" بجا انا مره يابنت ٱخلاص طب أنا بجا هخليكى تروح لأمك بجد وهنا أمسكها من رقبتها وحاول أن يخنقها وهى بين يديه تجاهد أن تعيش وتحاول الهرب منه ولكن دون فائدة كان ملقاه على الأرض وهو فوقها يخنقها بكلتا يديه، ولكن وجدت قطعة المرأة الخاصة بوالدتها وأمسكتها وإصابته بجرح كبيرة فى جانبه الأيمن وهنا أطلق عاكف صرخة قوية وابتعد عن نجاة ليرعى جرحه وأن بقوة فجرحه كبير. وعميق ولكن نظر لمكان ابنته وجدها تمسك بحجر كبير تضربه به فى جبهته وبعدها خر واقعاً والدماء تسيل من جسده
_________________________________________
فى بيت كبير فى الصعيد كما يقولون عنها (فيلا )
كانت تجلس فى أحد غرف هذا البيت وأكبرها
فتاة جميلة عمرها لا يتعدى الاثنين وعشرون عاماً ، ترسم على محياها ضحكة صغيرة وهى تداعب هذا الطفل الصغير بين يديها وترسم له تعبير مضحكه على وجهها لتضحكه ، بين الحين و الأخر تداعب خصلات شعره الطويل الناعم فهو من الأطفال التى تولد بشعر كثيف ، ظلت تداعبه حتى تثائب وأغلق عيونه لنوم ، ظلت تتأمله بحب كبير ، فهى تمنت تلك اللحظه حتى أن تأتى وكان عندها أمل ويقين أن تشفى وتنجب مثل النساء ولكن كان للقدر رأى أخر وعلمت أنها لن تصبح أم طوال عمرها ، كم هو شعور صعب أن تفقد جزء مهم فى حياتها وهى أن تصبح أم لطفل واحد كانت تتمنا طفل واحد ولا تريد أكثر ولكن انتقطع الأمل ولكن الله كان له رأى أخر عندما أهداها هذا الطفل ، وأثناء انشغالها فى ذكرياتها لم تشعر بدخول زوجها عليها الغرفة وهو يستند على الباب ، يتأمل كل حركة تفعلها مع الطفل بسعادة كبيرة ،. فهو فى قمة سعادته أنه جعلها تبتسم مرة أخرى بعد أن ظن أنها نسيت الضحك من كثرة حزنها
" الظاهر أن الباشا جه خدك منى خالص لدرجة أنك
انك محستيش بوجودى " يتحدث وهو يقترب منها يقبلها من رأسها
استقبلته الآخرى بإبتسامة هادئه ، وأشارت له بعلامة السكوت حتى يخفض صوته
" ششش ، هتصحيه "
اخفض صوته
" حاضر هوطى صوتى ، بس قوليلى الاول مُتيم عامل ايه " قالها وهو ينحنى لصغير يقبله
استغربت ما قاله وجعدة حاجبيها قائلا
" مُتيم ، أنت سميته كده "
هز رأسه بنعم وأخرج شهادة ميلاده وهو يفتحها ويريها لها
أمسكت الورقة وفرحة لحفر إسمها بها فى خانة الأم ، وأيضا اسم زوجها يكتب فى خانة الأب يونس
جث على ركبتيه أمامها يقول بسعادة وهو يلصق جبهته بجبهتها
" متيم يونس الهوارى "'
سعدت كثيراً لهذا ولكن نطقت بتسأول
" اشمعنا سميته مُتيم "
داعب أنفها ليقول
" حتى يصف مافى قلبى لكي "
مد يده وأخذ الطفل وتحرك به ناحية الفراش ليضعه عليه وبعدها تحرك ناحيتها وامسكها من يدها وتحرك ناحية الوجه المحببه لديهم وهى الشرفة التى تطل على حديقة زوجته التى تزرع فيها الورود وتعتنى بها
وقفها أمام الشرفة واحضنها ويبتسم يشاهد جهد زوجته فى الحديقة فهى التى تحب أن تعتنى بها وحدها ولا تريد. أن يساعدها أحد
تحدثت هنا وهى تريح رأسها على كتفه
" عجبك الورد الجديد اللى زرعته "
قبل يدها بعشق يملاء قلبه لها
جميل ياحببتى ،. شبهك "
مسحت وجهها فى كتفه كالقطة تقول
" لاء أنا أحلا "
ضحك ملاء فمه على جملتها وهذا جعلها تغضب منه
" بتضحك على ايه ، أنا أحلا ولا الورد يايونس "
ارجعها لمكانها مرة آخره وأراح رأسها على كتفه وقال
" عارفة يانوارة أيه هى اكتر حاجه شدتنى ليكى "
نطقت بغرور
" اكيد حلوتى "
نطق وهو ينظر للحديقه
" لاء ، مش حلوتك اللى شدتنى ليكى لو على الحلاوة فهى مليا الدنيا والبنات فى كل حتة بس مش ده اللى عجبنى "
" أومال ايه يا أخ يونس اللى عجبك فيا "
نظر لعينيها
_ معنى اسمك يا نوارة ، اسمك معانه النور الواحد ، وأنا أول ما عرفتك حسيت أن أنتى فعلا الوحيدة اللى ممكن تكون نور العمر بتاعى يانوارة ، يعنى
أنا من غيرك عمرى مضلم ، فبلاش فى يوم تفكرى تمشى وتسبينى لأنى عمرى ماحبيت الضلمة طول عمرى بحب أعيش فى النور لأنو بيدينى أمل لبكره
وأنتى نورى وأملى لبكرة ، فهمانى يا نوارتى ، انت الحب اللى استودعته عند. ربنا بعد ما وكأنه أمرا ، والله بعتك ليا بكل رضى "
هزت رأسها بنعم رغم عدم فهمها لم يتحدث هكذا وهو يعلم أنها لا يمكنها الرحيل لأن روحها متعلقة به
لم ترد أن تسأله لماذا يقول هذا لأنها تخشي الإجابة فنطقت لتطمئنه
" الروح مابتبعدش عن الجسد الا بإذن ربها يايونس "
قبل رأسها قائلا بتمنى
" بعد الشر عليكى ، ياخد من قلبى يديكى يانوارة البيت "
" إسمها من عمرى يايونس "
" تؤ من قلبى ، لأن عمر القلب اكتر من العمر المكتوب "
_________________________________________
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية مسك الليل) اسم الرواية