رواية ظلمها عشقا الفصل الثامن و العشرون 28 - بقلم فرح صالح
.♡ الفصل _ الثامن والعشرون ♡
مرت عليه عدة ساعات مرهقة حتى استطاع أخيراً الرجوع الى المنزل واليها يحتاج الى دفن ارهاقه وتعبه بين ذراعيها واحضانها ، فقد تلقى الان صدمة معرفة ان خالها مليجى هو صاحب البلاغ عنه للشرطة..
قد استطاع عادل معرفة تلك المعلومة ليقوم بأخباره اياها بعد تردد منه فى وجود شقيقه حسن والذى ما ان عرف حتى هاج وثار وتمكن هو بصعوبة من السيطرة عليه واستخراج بصعوبة وعد منه بالا يخرج هذا الخبر عنهم هم الثلاثة ، خوفا من صدمة وشدة هذا الخبر عليها وحتى أيضاً لا يقوم احد من اهل المنزل بمضايقتها بأى طريقة قد تمسها او تألمها حتى يتمكن من حل هذا الامر بعيدا عن الجميع...
دخل الى شقتهم يغلق خلفه الباب ولكنه توقف يتطلع حوله مستغربا وقد وجد ان الشقة يسودها الهدوء وعلى عكس توقعه فقد ظن انها ستهرع اليه كالعاصفة حتى تستقبله كعادتها معه كل ليلة..
يتقدم للداخل بحثا عنها بلهفة حتى قادته خطواته الى غرفة نومهم ليجدها أخيراً تجلس فوق فراشهم وهى تحنى رأسها وخصلات شعرها تتساقط حول وجهها تخفيه عنه فيناديها بنعومة ينبهها لحضوره ، لكنها وعلى غير العادة تجاهلت ندائه تظل على وضعها..
ليسقط قلبه هلعا وقد ظن بها خطب ما يجرى نحوها قاطعا المسافة بينهم فى غمضة عين ثم يجلس عل عقبيه امامها يمد يده يزيح خصلات شعرها بعيدا عن وجهها حتى يستطيع رؤية ملامحها يسألها بلهفة وقلق
: فرح مالك ... قاعدة ليه كده؟
لم تجيبه بل ظلت على وضعها تخفض وجهها بعيدا عنه ليتملكه القلق اكثر واكثر يسألها ثانياً وهو يقوم بأحاطة وجنتيها بكفيه يرفع وجهها نحوه ليصدمه شحوب وجهها الشديد وعينيها فارغة النظرات يرى التية والصدمة داخلهما ورعشة شفتيها وهى تحاول التحدث ، لكن لا يخرج من بينهم سوى همهمات غير مفهومة انتظرها هو بصبر يحثها بعينيه على التماسك.
حتى استطاعت أخيراً ان تتحدث تسأله بخفوت وتلعثم
:عرفت... مين .. اللى .. بلغ عنك؟
زفر صالح براحة وقد قفزت الى ذهنه فى تلك الثوانى المعدودة الاف الاشياء المريعة ترعبه عليها يجيبها بمرح وهو يتلمس بأبهاميه بشرة وجنتيها بحنان
:بقى ده اللى عامل فيكى كدهز... يا شيخة وقعتى قلبى من الخوف.
نهض على قدميه واقفا ويوقفها معه يحيط بذراعيه خصرها يقربها منه قائلا بحنان
: يا قلبى من جوه متشغليش بالك انتى بالموضوع ده .. ولا تفكرى فيه خالص...
فتحت شفتيها تهم بالحديث لكنه لم يملها الفرصة ينحنى عليها يحتضن شفتيها بشفتيه يقبلها بتمهل شديد لكنها كانت تقف بين ذراعيه متجمدة شفتيها ترتعش تحت شفتيه ولكن ليس بأستجابة كما ظن فى بادئ الامر بل من محاولتها السيطرة على تلك الدموع والتى تساقطت رغما عنها فتتذوقها شفتيه ، ليبتعد عنها فوراً يتطلع اليها بذهول قلق هامسا
: ليه يا فرح كل ده .. صدقينى يا قلبى الموضوع مش مستاهل كل اللى انتى فيه ده كله.
انفجرت كالبركان صارخة وصوتها مختنق بالبكاء
: لا يا صالح يستاهل .. لما يبقى خالى هو اللى بلغ عنك يبقى يستاهل.
تجمد فى مكانه تضيق نظراته فوقها وهو يسألها بأقتضاب
:وانتى عرفتى منين الكلام ده؟
حاولت ابتلاع غصة بكاء حتى تجيبه وهى تشهق باكية كطفلة صغيرة قائلة
: سمااح .. اتصلت من شوية .. وقالت ليا .
عقد ما بين حاجبيه بشدة وقد اظلمت عينيه بطريقة ارعبتها وهو يسألها ببطء حذر
:وسماح ايه اللى عرفها بحاجة زى دى .. اذا كان عادل نفسه مقدرش يعرف الا من شوية.
اتسعت عينيها بخوف وصدمة تتلعثم اكثر فى كلماتها
:يعنى .. انت كنت عارف .. انه خالى .. اللى عمل كده؟
هتف بها بحدة جعلتها تهب فزعا منه قائلا
:اختك عرفت منين يا فرح ردى عليا.
ازدردت لعابها بصعوبة يزداد شحوبها اكثر واكثر بطريقة جعلت قلبه يرق شفقة عليها ، لكنه ظل على وجوم وجهه لا يتراجع فهو بحاجة لاجابتها تلك حتى تتضح له كل الصورة لا يحاول مقاطعتها حين قالت بصوت متقطع خائف
:سماح قالت ليا انها سمعت .. انها سمعت...
لم تستطع اخباره وعينيها فى عينيه تشعر بالخجل والعار يلف بحباله حول عنقها فيختنق صوتها اكثر فأكثر لكنه لم يحتمل الصبر حتى تكمل يصرخ بها وقد توتر كل عصب به
: سمعت ايه يا فرح انطقى .. وخلصينى.
قفزت الكلمات من جوفها بسرعة بعد صراخه الحاد عليها تلقيها بأنفاس متقطعة كأنها حمم تحرقها ومعها شهقات بكائها
:سمعت كريمة وهى بتتكلم مع خالى بتترجاه انه ميجبش سيرتها للبوليس ان هى اللى كانت هتحط ليك المخدرات.
ساد الصمت التام المكان تقف امامه ترتعش اوصالها فى انتظار عاصفة غضبه والتى كان له كل الحق بها لكن وقف كالصنم لا يتحرك به شيئ حتى عينيه وقد سلط نظراته المظلمة فوقها وهى تقف امامه كمن فى انتظار النطق بحكم اعدامه تمر عليها اللحظات بطيئة قاتلة ، حتى تحدث أخيراً بخشونة وحدة
: روحى البسى حالا .. علشان هننزل على بيت اهلك.
انطلقت كلماته كالرصاص تستقر فى قلبها ينزف بين اضلعها وهو يئن بألم.
تحركت من مكانها باتجاه خزانتها ببطء تجرجر قدميها تحت انظاره المراقبة لا تستطيع الافراج عن صرخة واحدة تعبر بها عن المها فى تلك اللحظة ، وقد علمت بانها النهاية بينهم فليس هناك من يستطيع ان يغفر تلك الفعلة او يتخطاها بسهولة تقف امام الخزينة وعيونها تغشاها الدموع تختطف من داخلها اول ما طالته يدها المرتعشة تهم بأرتدائه لكن اتت يديه من خلفها يمسك بها يوقفها وهو يهمس فى اذنيها بحنان
: فرح .. انت فاهمة انا عوزك معايا ليه وانا رايح هناك صح .. اصل ميصحش انى اروح لوحدى هناك كده ولا ايه؟
وثب قلبها بفرحة فى صدرها تبتسم ببلاهة وعينيها تلتمع بعد ان كلماته تلك وقد اراد بها ان يوضح لها سبب طلبه لذهابها معه حتى لا يقفز الى عقلها الى شيىء اخر كعادته معها.
يشعر بصحة قراره بعد ان التفت له تلف ذراعيها حول عنقه بسعادة طاغية تحتضنه بقوة جعلته يبتسم بحنان يضمها اليه هو الاخر بقوة وهو يهمس لها
: عارف انك مجنونة وعقلك صغير .. بس مش لدرجة تخليكى تفكرى ان ممكن استغنى عنك ولو للحظة حتى ولو خالك ومراته عاملوا ايه...
ابعدها عنه يضع جبهته فوق جبهتها وانامله تزيح دموعها يكمل يختفى من عينيه اى اثر لظلامها السابق تشرق بالعشق لها قائلا بصوت اجش متحشرج
: عارفة حتى لو كنت اتسجنت بسببهم .. برضه عمرى ما كنت أبداً هسيبك .. انتى روحى يا فرح روحى اللى ردت ليا أخيراً .. روحى الا عمرى ما هفارقها الا فى حالة واحدة بس وهى الموت.
شهقت بفزع تضع يدها فوق شفتيه توقفه عن الكلام تهتف بلوعة
:متقولش كده ان شالله اللى يكرهك ويتمنى ليك الوحش .. دانا عايشة فى الدنيا دى علشانك انت وبس يا روح وقلب ونن عين فرح من جوه...
لم يجد القدرة على مقاومتها قد اختطفته وجعلته يقع اسيرها واسير كلماتها تلك ينحنى عليها يقبلها بكل شوق ولهفة يسرق معها لحظات من العمر سيظل يتغنى لها قلبه وعمره بأكمله حتى نفذت منهم الانفاس فيبتعد عنها بصعوبة قائلا بأنفاس متلاحقة سريعة لم تكن انفاسها بأبطأ منها
: يلا البسى .. علشان ننزل .. وما نرجع بسرعة علشان نكمل كلمنا فى الموضوع ده ونشوف مين فينا اللى يبقى روح التانى اكتر.
شع وجهها بالسعادة تومأ له بسرعة وهى تسرع فى ارتداء ملابسها لا يهمها بعد الان اى شيئ فهى على استعداد لمواجهة العالم كله طالما معه ويدها بيده لا يهمها ماهو اتى مهما كان.
وبالفعل بعد نصف الساعة كانت تقف هى وهو داخل الشقة الخاصة اهلها تقف امامهم كريمة تتصبب عرقا وهى تقص على مسامعهم كل ما حدث واتفاقها المخزى مع انور عليهم قائلة برجاء ودموعها تتسابق على وجنتيها تخاطب فرح
:غصب عنى الفلوس كانت كتير والشيطان ضحك عليا .. بس والله يا فرح ما كنت ناوية اعمل كده .. انا كنت هاخد الفلوس وامشى من هنا...
تطلعت اليها فرح واحتقار العالم فى نظراتها تمسك نفسها بصعوبة حتى تقوم بالهجوم عليها ونهشها باسنانها تمزقها اربا لكنها اشاحت بوجهها بعيدا عنها لا تطيق حتى النظر نحوها لتلفت كريمة الى سماح والتى جلست محنية الرأس واكتافها متهدلة بخزى قائلة برجاء
:قولى لهم يا سماح انا قولتلك ايه لما عرفتى .. مش قولت انى هعترف بكل حاجة لسى صالح .. وحتى هعطى لهم الفلوس ومش عاوزة منها حاجة صح يا سماح .. صح!
لكنها لم تجد من سماح استجابة هى الاخرى لتسرع نحو صالح الواقف مستندا بكتفه على الحائط بعد ان اختطفت من فوق الطاولة كيس من البلاستيك اسود اللون تمد يدها به نحوه تهتف بلهفة
:اهى ياسى صالح الفلوس والحاجة بتاعت ظاظا خدهم انا مش عوزاهم .. بس والغالى عندك تقولهم يسامحونى.
اعتدل صالح فى وقفته يمسك بالكيس من يدها يفتحه ببط تحت انظار الجميع المهتمة ياخد من داخله رزمة المال ويلقى بها فوق الطاولة قائلا بصوت حازم قوى
: لا يا ام امير الفلوس متلزمنيش وهى عندك اهى اعملى فيهم ما بدى لك.
لوح امام عينى كريمة المنتبهة باللفافة داخل الكيس بحجمها الكبير وهو يكمل
: انا اللى يلزمنى الحاجة دى وبس ..
اما بخصوص اللى بينك وبين فرح وسماح فى دى حاجة تخصهم لوحدهم مقدرش ادخل فيها .. كل اللى اقدر اقوله انك تحمدى ربنا علشان لولاهم انا كنت دفنتك حية مكانك.
تغيرت لهجته فى كلماته الاخيرة لتصبح قاسية عنيفة وقد توحشت نظراته لدرجة جعلت كريمة تتراجع للخلف بعدة خطوات عنه تكاد ان تتعثر وقد شحب وجهها بشدة تتسع عينيها بخوف وارتعاب من تهديده العنيف.
ثم فتح صالح بعدها الباب يخرج من المكان فى الحال بعد ان طلب من فرح ان تتبعه ، لتنهض سريعا نحو شقيقتها تقبلها وهى تطلب منها برجاء
: علشان خاطرى تعالى معايا .. متقعديش هنا معاها.
هزت سماح لها رأسها بالرفض قائلة بأرهاق وخفوت
:مش هينفع انت عارفة .. وبعدين متخفيش عليا هيحصل ايه تانى اكتر من اللى بيحصل لنا.
ربتت سماح فوق وجنتها هامسة بحنان
:روحى انتى يلا على بيتك متسبيش جوزك تحت مستنى وانا بكرة هكلمك.
وقفت فرح مكانها يظهرالتردد عليها ورفضها لترك شقيقتها لكن اسرعت سماح تحثها على المغادرة ثانية بحزم اطاعته فرح تغادر بعدها بعد ان رمقت كريمة بنظرة محتقرة كارهة تغلق خلفها الباب ، ليسود الصمت بعدها قطعته كريمة تنادى بأسم سماح برجاء لنتهض سماح من مكانها تتجه لغرفتها تترك لها المكان كله لكنها وقفت بعد خطوات قائلة لها بحزم وشدة
:الفلوس اللى بعتينا علشانها مرمية عندك اهى يا كريمة .. ياريت بقى اقوم الصبح ملقكيش هنا .. واظن انت كنتى ناوية على كده من الاول يبقى ياريت تنفذى .. وكفاية علينا لحد كده منك ومن جوزك.
دخلت غرفتها تغلق الباب خلفها بعنف بينما وقفت كريمة مكانها عينيها تقع فوق المال الملقى فوق الطاولة ولسان حالها يتسأل هل كان هذا المال يستحق كل ما فعلته من اجله... هل كل كان يستحق كل ما ضحت به من اجل الفوز به .. تمضى بها الدقائق والساعة دون ان يصل عقلها او تريحه اجابة .
***********************
: تمام ياعادل .. يعنى ادامك اد ايه وتخلص..!
قالها صالح وهو يحمل هاتفه يتحدث من خلاله الى صديقه بعد عودتهم من منزل اهلها على الفور بينما تقف هى لا تعلم عن اى شيئ يدور حديثهم بعد ان تأخرت فى الصعود خلفه وقد استوقفتها والدته تسألها عدة اسئلة فضولية تحاول ان تستوضح بها عن سبب خروجهم فى هذا التوقيت حتى استطاعت أخيراً الفكاك منها بصعوبة تصعد ورائه على الفور.
لتجده فى منتصف حديثه الغامض هذا لا تفقه منه شيئ وهى تسمعه يكمل
: كويس اووى .. بس قبلها تعرفنى قبل الجماعة ما تتحرك .. علشان اكون رتبت كل حاجة.
تلوت معدتها من شدة توترها وقلقها يخبرها حدسهاا انه يدبر لامر ما تسرع نحوه تسأله باضطراب وقلق فور ان انهى حديثه فى الهاتف يغلقه بعدها
:انت ناوى على ايه يا صالح .. وجماعة ايه دى اللى بتتكلم عنهم؟
التفت نحوها ببطء لتشحب بشدة وقد صدمها ما رأته من ظلام وغضب نظراته لكن سرعان ما تبدد كأنه لم يكن بطريقة جعلتها تشك فيما رأته وهو يتقدم منها وعلى شفتيه ترتسم ابتسامة فوق شفتيه وهو يهتف بمرح صاخب يشير اليها قائلا
: معانا ومعاكم فرح هانم .. ملكة الدراما الاولى.
يكمل بعدها بجدية برغم ابتسامته المرحة
: هكون ناوى على ايه يا بنتى... ده مكالمة عن الشغلانة اللى كنت قولتلك عليها وبكلم عادل يخلص اوراقها .
تطلعت نحوه بشك تسأله بتوتر وارتباك
:يعنى انت مش بتدبر حاجة لانور ترد له القلم بيها..!
صدحت ضحكة صالح عالية وهو يجذبها نحوها يلصقها به قائلا بصعوبة وبصوت يتخلله الضحك
:مش بقولك غاوية دراما ونكد .. بطلى فرجة على افلام عربى يا فرحة قلبى اللى خلاص اكلت دماغ دى.
رفعت كفها تحيط وجنته بها تتلمس خشونتها تحت اصابعها وهى تهمس له بخوف ورجاء
: طب ريح قلب فرحتك وقولى ناوى لانور على ايه .. واخدت من كريمة لفة الحشيش ليه؟
ابتعد عنها فجأة يعطى لها ظهرها صائحا بأستياء
:هكون ناوى على ايه يعنى يا فرح .. ولا اى حاجة .. كل الحكاية ان هروح اتكلم معاه ونخلص الموضوع بينا وبين بعض ونقفله لحد كده.
اسرعت بأحتضانه من الخلف تريح رأسها على ظهره وهى تضع راحتيها فوق صدره هاتفة بسعادة
:بجد يا صالح .. متعرفش انت ريحت قلبى اد ايه دلوقت.
امسك بأحدى كفيها يرفعها الى شفتيه يقبلها برقة قائلا بهدوء يناقض شراسة ملامحه والغضب الذى امتلئت به عينيه
: اطمنى يا قلب صالح ومتقلقيش .. مفيش حاجة هتحصل تستاهل قلقك علشانها أبداً.
_______________
•تابع الفصل التالي "رواية ظلمها عشقا" اضغط على اسم الرواية