رواية وابقى بدون لقاء الفصل الثاني 2 - بقلم حور طه
أسر بحدة وصرامة:: الطفل ده لازم ينزل.
بشري بدهشة وألم:: انت بتقول إيه..؟
أسر بصوت عالٍي::اللي سمعتيه! اللي في بطنك ده هينزل، وكفاية قوي إنك عملتيها من ورايا.
بشري وعيونها تدمع، بتوسل::اللي في بطني ده ابنك، ابنك يا أسر!
أسر بانفعال وجفاء:: وأنا مش عايزه! مش عايز أتحمل مسؤولية حاجة ما اتفقناش عليها.
كاميليا بنبرة هادئة، تحاول تهدئة الجو:: أهدي يا أسر، خلينا نتفاهم بهدوء.. مش كده.
أسر بعصبية، ينظر لكاميليا:: ما فيش تفاهم! أنا قراري واضح.
بشري بصوت مختنق وموجوع:: يعني انت كمان مش مصدق إنه مش.ابنك؟ زي أمك صح؟…
أسر ينظر إليها ببرود، وكأنه يحاول أن يتجاهل ألمها.
بحدة:: اللي في بطنك ده هينزل، ده قراري.
بشري تقترب منه، ودموعها تملأ عينيها، تتساءل في أعماقها كيف أصبح الشخص الذي أحبته بهذه القسوة:: وقرارك ده مبني على إيه؟ على شكوك؟ على كلام أمك اللي دايمًا كانت ضدي؟
أسر بجمود:: القرار ده مبني على إن حياتنا مش جاهزة لده، مش محتاج أبرر أكتر من كده.
بشري تهز رأسها بأسى، تبتعد عنه بخطوات ثقيلة، وكأنها تجر قلبها معها، وتهمس لنفسها بصوت ضعيف::وأنا مش هنزله.. مش هسمحلك تحرمني من ابني!
تنهي كلامها وتدخل غرفتها، مغلقة الباب خلفها بعصبية.
أسر بغضب، ينظر نحو باب غرفتها:: يبقى انتي ما خليتيش قدامي حل تاني.
كاميليا بتوتر:: أسر، انت ناوي على إيه؟
أسر بصوت حازم وتحذير::صاحبتك دي لازم تفهم، اللي في بطنها ده لازم ينزل.
كاميليا بنبرة مهدئة::طيب، اهدي شويه. الأمور ما تتحلش بالطريقة دي. خليها تهدى الأول، وأنا هكلمها بنفسي.
أسر ينظر نحو باب غرفتها بحدة، يشير بإصبعه بإصرار بتحذير:: لازم تفهم، لأني مش هتحمل الوضع ده أكتر من كده.
كاميليا تنظر إلى أسر، تدرك أن الأمور وصلت إلى حد خطير.بتوسل:: أسر، فكر شويه. بشري مش هتسيب الطفل ده بسهولة، الموضوع حساس بالنسبة لها.
أسر يتنفس بعمق، يحاول السيطرة على غضبه:: هي اللي حطتني في الموقف ده. ومش هسيبها تاخد القرار ده من غيري.
كاميليا بنبرة لطيفة، محاولة تهدئة الوضع:: طب اديني فرصة أتكلم معاها. يمكن اقنعها، بس الموضوع محتاج وقت، ومحتاج منك شوية تفهم.
أسر يتنهد وينظر بعيدًا:: ماشي، بس هي لازم تفهم ان صبري ليه حدود.
كاميليا تهز رأسها وتذهب إلى غرفة بشري، تطرق الباب بلطف.
كاميليا بهدوء:: بشري، افتحي الباب. عايزة أتكلم معاكي.
بشري تفتح الباب بعينين متورمتين من البكاء، تشعر بالضعف ولكنها تحاول الثبات.:: لو جايه تقولي لي أنزل الطفل، يبقى وفري كلامك.
كاميليا تضع يدها على كتف بشري بلطف:: لا، مش جايه أقولك كده. جايه أسمعك، وأفهم اللي حاسه بيه. أنا هنا عشان أساعدك، يا بشري.
بشري تترك نفسها تنهار في أحضان كاميليا، تشعر بعبء الألم والخوف، بينما كاميليا تحاول مواساتها بصمت.
*********************
عفاف تقف أمام باب شقتها في انتظار نزول أسر. يقترب منها أسر وهو يتحدث في الهاتف، ويبدو عليه الانزعاج.
أسر على الهاتف::كارم، اسمعني.. مش هرجع الفندق ده تاني، أنا عايز أرجع شغلي في المبيعات، وبسرعة.”
كارم::طب اهدي بس يا أسر، حصل إيه؟”
أسر بانفعال::المجنونة اللي اسمها صافي دي مش عايزة تسيبني في حالي! حطاني في دماغها، وأنا راجل متجوز وبحب مراتي، مش ناقص وجع دماغ ده!”
كارم::طيب خلاص، هكلم الأستاذ محمود يشوف لك مكان في المبيعات وترجع تاني.”
يقفل أسر الهاتف فجأة عندما تشده عفاف من يده.
أسر بتعجب:: ماما، في إيه؟”
عفاف بنظرة حادة:: الهانم اللي فوق دي.. لازم تروح تعمل تحليل، عشان نعرف اللي في بطنها ده ابنك ولا ابن مين.”
أسر بنبرة ضيق:: يا ماما، خمس سنين وأنا بسمع نفس الكلام! قلت إنك هتتعودي عليها وهتحبيها، بس ما شاء الله عليكي، كل يوم نفس الشكوك ونفس التصرفات. انتي ما بتتعبيش.”
عفاف بغضب:: لأن الحقيقة باينة، وإنت اللي مش عايز تشوفها! بشري دي مش من مستوانا ولا تستاهلك.”
أسر بغضب مكتوم:: أنا اخترت بشري، واخترتها بقلبي. هي مراتي، واللي في بطنها ابني.. وأنا مش هسمح لأي حد يهينها، حتى لو كان أمي.”
عفاف بتهكم::طيب يا أبو قلب كبير، هتاخدها امتى للدكتور؟”
أسر بحزم::بصي يا ماما، عشان أريحك.. تصرفاتك دي هتاخدنا لطريق أنا وإنتِ مش عايزينه. اللي بيني وبين بشري واضح، وأنا مش هضيع حياتي عشان شوية شكوك مالهاش أساس.”
عفاف بصوت منخفض::خلاص، خليك وراها، بس لما تكتشف الحقيقة ما تلومش إلا نفسك.”
أسر يمشي بدون ما يرد عليها، تاركًا عفاف تغلي من الداخل، بينما هو يزداد تمسكًا بقراره.
*********************
«في منزل سامر »
****************
سامر ورحمه يجلسان في الغرفه، محاطان بالصمت. الأنوار خافتة، ويظهر التعب والقلق على وجهيهما.
سامر يتحدث بصوت منخفض:: فيه حاجة غلط، يا رحمة. مش قادر أستوعب اللي حصل.
رحمه تتجنب النظر إليه، وتلعب بأصابعها:: أنا حاسة إننا ضيعنا حاجه مهم.. لكن مش عارفة إيه.؟
سامر يومئ برأسه::كل حاجة كانت غريبة. الأصوات اللي سمعناها.. والمشاعر الغريبة اللي حسيناها. كأننا في حلم، أو كابوس.
رحمه تنظر إلى النافذة:: كنت حاسة إن فيه حد. بيفصلنا عن؟.. عن حاجه كانت معانا. كأننا.. كنا في عالم تاني.
سامر يقترب منها::كان فيه حاجه بتجذبنا، لكن كان فيه حاجه ثاني بتبعدنا. أشخاص أو ظلال.. حسيت إنهم مراقبيننا.
رحمه تتحدث بنبرة متوترة:: يمكن كان فيه حد مستني الفرصة، ويستغل غفلتنا.. لكن ليه؟
سامر يضع يده على جبهته::ليه؟دائمًا فيه حاجة مخفيه؟ ليه الإحساس بعدم الأمان؟ كل حاجه وكأنه مقصود.
رحمه تتذكر اللحظة:: اللحظة اللي كنا فيها معًاه.. كانت. كأنها فخ. وكل حاجه بقت ضبابي، فجأة.. اختفى.
سامر بتردد:: يمكن يكون جهلنا هو السبب. ما انتبهناش للعلامات اللي كانت حوالينا.
رحمه تبتعد عنه قليلاً:: بس حتى لو عرفنا، كان ممكن نغير حاجه؟ يمكن كان لازم نكون أكثر حذرًا.
سامر يضع يده على قلبه:: إذا كان فيه حاجه محاطه بنا، احنا مش هنقف. لازم نفهم.
رحمه بصوت متقطع:: لكن اذا رجعنا لنفس المكان تفتكر هنواجه نفس الغموض.ونفس الخطر؟
سامر بحزم:: لازم نواجهه. كل ما غبنا كل ما زاد الغموض. الحل في مواجهة المجهول.
رحمه تتنهد::لو كانت العودة هي الحل، لازم نكون مستعدين لكل حاجه. حتى لو كان. مرعبه.
___________________
سامر ورحمة ما كانوا مجرد وجوه عابرة في حياة الشخصيات الأخرى؛ خلفهما سرٌ دفين لم يُكشف بعد، وقد تعود آثاره لتطارد الجميع. مع تصاعد الأحداث، ستنكشف خيوط الماضي وتظهر حكايتهم وحده وحده، لتكشف أسرارًا لم يكن يتوقعها أحد.؟”
************************
في غرفة مظلمة مضاءة بشموع خافتة، كان الـ ـدجال يجلس على حصيرة مليئة بالرموز الغامضة، يحمل خرزة سوداء بين أصابعه ويغمض عينيه. في الخارج، كانت عاصفة تضرب نوافذ منزله، وكأن الطبيعة تستجيب لطقوسه.
الـ ـدجال بصوت هامس مخيف:: أرواح الظلام.. اجتمعوا حولي. اجعلوا كل خطوة في حياة بشري مُعرّضة للخطر.. زعزعوا ثقتها في كل من حولها، واقطعوا كل أمل تظنه.
يهز الخرزة السوداء في يده، وكأنه يرسل طاقتها عبر الهواء، ثم يتمتم بكلمات غريبة بلغة قديمة لا يفهمها أحد سوى الأرواح التي يخاطبها.
في تلك اللحظة، بينما كانت بشري جالسة في غرفتها، شعرت ببرودة غريبة تلفّ المكان، وكأن هناك من يراقبها. بدأت تشعر بثقل في جسدها، وصورة لأطفالها الذين فقدتهم تتجسد أمام عينيها.بصوت مرتجف وهي تنظر حولها:: مين هناك؟!
تتسارع دقات قلبها، ويزداد شعورها بالقلق والخوف، وكأن هناك لعنة تحيط بها. تضع يدها على بطنها محاولة حماية جنينها، ولكن شعورًا داخليًا بالخوف من أن تفقده مثل المرات السابقة يسيطر عليها.
**************************
أسر يقف في زاوية مظلمة مع رجل غريب، يتناول منه علبة صغيرة بإحكام، وينظر إليها بتردد.::إنت متأكد إن ده هيخليها تنام وما تحسش بأي حاجة؟”
الشخص::طبعا، ده مخدر قوي، أول ما تاخده مش هتحس بحاجة خالص. بس انت اللي متأكد من اللي عايز تعمله، صح؟”
أسر ينظر إلى العلبة بقلق، يحاول يخفي اضطرابه::ما عنديش حل تاني.. لازم أعمل كده.”
الشخص بابتسامة غامضة::ربنا معاك.. بس خليك حذر.”
أسر يأخذ نفسًا عميقًا، يحس بثقل المسؤولية لكنه يمضي للأمام، وكأنه يهرب من شبح يطارده.
****************************
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية وابقى بدون لقاء) اسم الرواية